سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ↓
"سَنُلْقِي فِي قُلُوب الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْب" بِسُكُونِ الْعِين وَضَمّهَا الْخَوْف وَقَدْ عَزَمُوا بَعْد ارْتِحَالهمْ مِنْ أُحُد عَلَى الْعَوْد وَاسْتِئْصَال الْمُسْلِمِينَ فَرَعَبُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا "بِمَا أَشْرَكُوا" بِسَبَبِ إشْرَاكهمْ "بِاَللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا" حُجَّة عَلَى عِبَادَته وَهُوَ الْأَصْنَام "وَمَأْوَاهُمْ النَّار وَبِئْسَ مَثْوَى" مَأْوَى "الظَّالِمِينَ" الْكَافِرِينَ هِيَ
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ↓
"وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّه وَعْده" إيَّاكُمْ بِالنَّصْرِ "إذْ تَحُسُّونَهُمْ" تَقْتُلُونَهُمْ "بِإِذْنِهِ" بِإِرَادَتِهِ "حَتَّى إذَا فَشِلْتُمْ" جَبُنْتُمْ عَنْ الْقِتَال وَجَوَاب إذَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله أَيْ مَنَعَكُمْ نَصْره "وَتَنَازَعْتُمْ" اخْتَلَفْتُمْ "فِي الْأَمْر" أَيْ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُقَامِ فِي سَفْح الْجَبَل لِلرَّمْيِ فَقَالَ بَعْضكُمْ : نَذْهَب فَقَدْ نُصِرَ أَصْحَابنَا وَبَعْضكُمْ : لَا نُخَالِف أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَعَصَيْتُمْ" أَمْره فَتَرَكْتُمْ الْمَرْكَز لِطَلَبِ الْغَنِيمَة "مِنْ بَعْد مَا أَرَاكُمْ" اللَّه "مَا تُحِبُّونَ" مِنْ النَّصْر "مِنْكُمْ مَنْ يُرِيد الدُّنْيَا" فَتَرَكَ الْمَرْكَز لِلْغَنِيمَةِ "وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيد الْآخِرَة" فَثَبَتَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ كَعَبْدِ اللَّه بْن جُبَيْر وَأَصْحَابه "ثُمَّ صَرَفَكُمْ" عَطْف عَلَى جَوَاب إذَا الْمُقَدَّر رَدَّكُمْ لِلْهَزِيمَةِ "عَنْهُمْ" أَيْ الْكُفَّار "لِيَبْتَلِيَكُمْ" لِيَمْتَحِنكُمْ فَيَظْهَر الْمُخْلِص مِنْ غَيْره "وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ" مَا ارْتَكَبْتُمُوهُ "وَاَللَّه ذُو فَضْل عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" بِالْعَفْوِ
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ↓
"إذْ تُصْعِدُونَ" إذْ تَبْعُدُونَ فِي الْأَرْض هَارِبِينَ "وَلَا تَلْوُونَ" تَعْرُجُونَ "عَلَى أَحَد وَالرَّسُول يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ" أَيْ مِنْ وَرَائِكُمْ يَقُول إلَيَّ عِبَاد اللَّه "فَأَثَابَكُمْ" فَجَازَاكُمْ "غَمًّا" بِالْهَزِيمَةِ "بِغَمٍّ" بِسَبَبِ غَمّكُمْ لِلرَّسُولِ بِالْمُخَالَفَةِ وَقِيلَ الْبَاء بِمَعْنَى عَلَى أَيْ مُضَاعَفًا عَلَى غَمّ فَوْت الْغَنِيمَة "لِكَيْلَا" مُتَعَلِّق ب عَفَا أَوْ بأَثَابَكُمْ فَلَا زَائِدَة "تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ" مِنْ الْغَنِيمَة "وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" مِنْ الْقَتْل وَالْهَزِيمَة
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ↓
"ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْنَا مِنْ بَعْد الْغَمّ أَمَنَة" أَمْنًا "نُعَاسًا" بَدَل "يَغْشَى" بِالْيَاءِ وَالتَّاء "طَائِفَة مِنْكُمْ" وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ فَكَانُوا يَمِيدُونَ تَحْت الحجف وَتَسْقُط السُّيُوف مِنْهُمْ "وَطَائِفَة قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهمْ" أَيْ حَمَلَتْهُمْ عَلَى الْهَمّ فَلَا رَغْبَة لَهُمْ إلَّا نَجَاتهَا دُون النَّبِيّ وَأَصْحَابه فَلَمْ يَنَامُوا وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ "يَظُنُّونَ بِاَللَّهِ" ظَنًّا "غَيْر" الظَّنّ "الْحَقّ ظَنَّ" أَيْ كَظَنِّ "الْجَاهِلِيَّة" حَيْثُ اعْتَقَدُوا أَنَّ النَّبِيّ قُتِلَ أَوْ لَا يُنْصَر "يَقُولُونَ هَلْ" مَا "لَنَا مِنْ الْأَمْر" أَيْ النَّصْر الَّذِي وُعِدْنَاهُ "مِنْ شَيْء قُلْ" لَهُمْ "إنَّ الْأَمْر كُلّه" بِالنَّصْبِ تَوْكِيدًا وَالرَّفْع مُبْتَدَأ وَخَبَره "لِلَّهِ" أَيْ الْقَضَاء لَهُ يَفْعَل مَا يَشَاء "يُخْفُونَ فِي أَنْفُسهمْ مَا لَا يُبْدُونَ" يُظْهِرُونَ "لَك يَقُولُونَ" بَيَان لِمَا قَبْله "لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْر شَيْء مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا" أَيْ لَوْ كَانَ الِاخْتِيَار إلَيْنَا لَمْ نَخْرُج فَلَمْ نُقْتَل لَكِنْ أُخْرِجنَا كَرْهًا "قُلْ" لَهُمْ "لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتكُمْ" وَفِيكُمْ مَنْ كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِ الْقَتْل "لَبَرَزَ" خَرَجَ "الَّذِينَ كُتِبَ" قُضِيَ "عَلَيْهِمْ الْقَتْل" مِنْكُمْ "إلَى مَضَاجِعهمْ" مَصَارِعهمْ فَيُقْتَلُوا وَلَمْ يُنْجِهِمْ قُعُودهمْ لِأَنَّ قَضَاءَهُ تَعَالَى كَائِن لَا مَحَالَة "و" فَعَلَ مَا فَعَلَ بِأُحُدٍ "لِيَبْتَلِيَ" يَخْتَبِر "اللَّه مَا فِي صُدُوركُمْ" قُلُوبكُمْ مِنْ الْإِخْلَاص وَالنِّفَاق "وَلِيُمَحِّص" يُمَيِّز "مَا فِي قُلُوبكُمْ وَاَللَّه عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" بِمَا فِي الْقُلُوب لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء وَإِنَّمَا يَبْتَلِي لِيُظْهِر لِلنَّاسِ .
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ↓
"إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ" عَنْ الْقِتَال "يَوْم الْتَقَى الْجَمْعَانِ" جَمْع الْمُسْلِمِينَ وَجَمْع الْكُفَّار بِأُحُدٍ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا "إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ" أَزَلّهمْ "الشَّيْطَان" بِوَسْوَسَتِهِ "بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا" مِنْ الذُّنُوب وَهُوَ مُخَالَفَة أَمْر النَّبِيّ "وَلَقَدْ عَفَا اللَّه عَنْهُمْ إنَّ اللَّه غَفُور" لِلْمُؤْمِنِينَ "حَلِيم" لَا يُعَجِّل عَلَى الْعُصَاة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ كَفَرُوا" أَيْ الْمُنَافِقِينَ "وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ" أَيْ فِي شَأْنهمْ "إذَا ضَرَبُوا" سَافَرُوا "فِي الْأَرْض" فَمَاتُوا "أَوْ كَانُوا غُزًّى" جَمْع غَازٍ فَقُتِلُوا "لَوْ كَانُوا عِنْدنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا" أَيْ لَا تَقُولُوا كَقَوْلِهِمْ "لِيَجْعَل اللَّه ذَلِكَ" الْقَوْل فِي عَاقِبَة أَمْرهمْ "حَسْرَة فِي قُلُوبهمْ وَاَللَّه يُحْيِي وَيُمِيت" فَلَا يَمْنَع عَنْ الْمَوْت قُعُود "وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "بَصِير" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ↓
"وَلَئِنْ" لَام قَسَم "قُتِلْتُمْ فِي سَبِيل اللَّه" أَيْ الْجِهَاد "أَوْ مُتُّمْ" بِضَمِّ الْمِيم وَكَسْرهَا مِنْ مَاتَ يَمُوت أَيْ أَتَاكُمْ الْمَوْت فِيهِ "لَمَغْفِرَة" كَائِنَة "مِنْ اللَّه" لِذُنُوبِكُمْ "وَرَحْمَة" مِنْهُ لَكُمْ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّام وَمَدْخُولهَا جَوَاب الْقَسَم وَهُوَ فِي مَوْضِع الْفِعْل مُبْتَدَأ خَبَره "خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ" مِنْ الدُّنْيَا بِالتَّاءِ وَالْيَاء
"وَلَئِنْ" لَام قَسَم "مُتُّمْ" بِالْوَجْهَيْنِ "أَوْ قُتِلْتُمْ" فِي الْجِهَاد وَغَيْره "لَإِلَى اللَّه" لَا إلَى غَيْره "تُحْشَرُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِيكُمْ
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ↓
"فَبِمَا رَحْمَة مِنْ اللَّه لِنْت" يَا مُحَمَّد "لَهُمْ" أَيْ سَهَّلْت أَخْلَاقك إذْ خَالَفُوك "وَلَوْ كُنْت فَظًّا" سَيِّئ الْخُلُق "غَلِيظ الْقَلْب" جَافِيًا فَأَغْلَظْت لَهُمْ "لَانْفَضُّوا" تَفَرَّقُوا "مِنْ حَوْلك فَاعْفُ" تَجَاوَزْ "عَنْهُمْ" مَا أَتَوْهُ "وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ" ذُنُوبهمْ حَتَّى أَغْفِر لَهُمْ "وَشَاوِرْهُمْ" اسْتَخْرِجْ آرَاءَهُمْ "فِي الْأَمْر" أَيْ شَأْنك مِنْ الْحَرْب وَغَيْره تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِيُسْتَنّ بِك وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِير الْمُشَاوَرَة لَهُمْ "فَإِذَا عَزَمْت" عَلَى إمْضَاء مَا تُرِيد بَعْد الْمُشَاوَرَة "فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه" ثِقْ بِهِ لَا بِالْمُشَاوَرَةِ "إنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَوَكِّلِينَ" عَلَيْهِ
إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ↓
"إنْ يَنْصُركُمْ اللَّه" يُعِنْكُمْ عَلَى عَدُوّكُمْ كَيَوْمِ بَدْر "فَلَا غَالِب لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلكُمْ" يَتْرُك نَصْركُمْ كَيَوْمِ أُحُد "فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُركُمْ مِنْ بَعْده" أَيْ بَعْد خِذْلَانه أَيْ لَا نَاصِر لَكُمْ "وَعَلَى اللَّه" لَا غَيْره "فَلْيَتَوَكَّلْ" لِيَثِق
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ↓
وَنَزَلَتْ لَمَّا فُقِدَتْ قَطِيفَة حَمْرَاء يَوْم أُحُد فَقَالَ بَعْض النَّاس : لَعَلَّ النَّبِيّ أَخَذَهَا "وَمَا كَانَ" وَمَا يَنْبَغِي , "لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ" يَخُون فِي الْغَنِيمَة فَلَا تَظُنُّوا بِهِ ذَلِكَ وَفِي قِرَاءَة بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَنْ يُنْسَب إلَى الْغُلُول "وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْم الْقِيَامَة" حَامِلًا لَهُ عَلَى عُنُقه "ثُمَّ تُوَفَّى كُلّ نَفْس" الْغَالّ وَغَيْره جَزَاء "مَا كَسَبَتْ" عَمِلَتْ "وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" شَيْئًا
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاء بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ↓
"أَفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَان اللَّه" فَأَطَاعَ وَلَمْ يَغُلّ "كَمَنْ بَاءَ" رَجَعَ "بِسَخَطٍ مِنْ اللَّه" لِمَعْصِيَتِهِ وَغُلُوله "وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمَصِير" الْمَرْجِع هِيَ
"هُمْ دَرَجَات" أَيْ أَصْحَاب دَرَجَات "عِنْد اللَّه" أَيْ مُخْتَلِفُو الْمَنَازِل فَلِمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانه الثَّوَاب وَلِمَنْ بَاءَ بِسَخَطِهِ الْعِقَاب "وَاَللَّه بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ" فَيُجَازِيهِمْ بِهِ
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ↓
"لَقَدْ مَنَّ اللَّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسهمْ" أَيْ عَرَبِيًّا مِثْلهمْ لِيَفْهَمُوا عَنْهُ وَيَشْرُفُوا بِهِ لَا مَلَكًا وَلَا عَجَمِيًّا "يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاته" الْقُرْآن "وَيُزَكِّيهِمْ" يُطَهِّرهُمْ مِنْ الذُّنُوب "وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" السُّنَّة "وَإِنْ" مُخَفَّفَة أَيْ إنَّهُمْ "كَانُوا مِنْ قَبْل" أَيْ قَبْل بَعْثه "لَفِي ضَلَال مُبِين" بَيِّن
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ↓
"أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَة" بِأُحُدٍ بِقَتْلِ سَبْعِينَ مِنْكُمْ "قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا" بِبَدْرٍ بِقَتْلِ سَبْعِينَ وَأَسْر سَبْعِينَ مِنْهُمْ "قُلْتُمْ" مُتَعَجِّبِينَ "أَنَّى" مِنْ أَيْنَ لَنَا "هَذَا" الْخِذْلَان وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ وَرَسُول اللَّه فِينَا وَالْجُمْلَة الْأَخِيرَة مَحَلّ الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ "قُلْ" لَهُمْ "هُوَ مِنْ عِنْد أَنْفُسكُمْ" لِأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ الْمَرْكَز فَخُذِلْتُمْ "إنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ النَّصْر وَمَنْعه وَقَدْ جَازَاكُمْ بِخِلَافِكُمْ
"وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْم الْتَقَى الْجَمْعَانِ" بِأُحُدٍ "فَبِإِذْنِ اللَّه" بِإِرَادَتِهِ "وَلِيَعْلَم" عِلْم ظُهُور "الْمُؤْمِنِينَ" حَقًّا
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ↓
"وَلِيَعْلَم الَّذِينَ نَافَقُوا" وَاَلَّذِينَ "قِيلَ لَهُمْ" لَمَّا انْصَرَفُوا عَنْ الْقِتَال وَهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيٍّ وَأَصْحَابه "تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه" أَعْدَاءَهُ "أَوْ ادْفَعُوا" عَنَّا الْقَوْم بِتَكْثِيرِ سَوَادكُمْ إنْ لَمْ تُقَاتِلُوا "قَالُوا لَوْ نَعْلَم" نُحْسِن "قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ" قَالَ تَعَالَى تَكْذِيبًا لَهُمْ "هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمئِذٍ أَقْرَب مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ" بِمَا أَظْهَرُوا مِنْ خِذْلَانهمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَكَانُوا قَبْل أَقْرَب إلَى الْإِيمَان مِنْ حَيْثُ الظَّاهِر "يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهمْ" وَلَوْ عَلِمُوا قِتَالًا لَمْ يَتَّبِعُوكُمْ "وَاَللَّه أَعْلَم بِمَا يَكْتُمُونَ" مِنْ النِّفَاق
الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ↓
"الَّذِينَ" بَدَل مِنْ الَّذِينَ قَبْله أَوْ نَعْت "قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ" فِي الدِّين "و" قَدْ "قَعَدُوا" عَنْ الْجِهَاد "لَوْ أَطَاعُونَا" أَيْ شُهَدَاء أُحُد أَوْ إخْوَاننَا فِي الْقُعُود قُلْ" لَهُمْ "فَادْرَءُوا" ادْفَعُوا "عَنْ أَنْفُسكُمْ الْمَوْت إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِي أَنَّ الْقُعُود يُنْجِي مِنْهُ
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ↓
وَنَزَلَ فِي الشُّهَدَاء "وَلَا تَحْسَبَن الَّذِينَ قُتِلُوا" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "فِي سَبِيل اللَّه" أَيْ لِأَجْلِ دِينه "أَمْوَاتًا بَلْ" هُمْ "أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ" أَرْوَاحهمْ فِي حَوَاصِل طُيُور خُضْر تَسْرَح فِي الْجَنَّة حَيْثُ شَاءَتْ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيث "يُرْزَقُونَ" يَأْكُلُونَ مِنْ ثِمَار الْجَنَّة
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ↓
"فَرِحِينَ" حَال مِنْ ضَمِير يُرْزَقُونَ "بِمَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله" " وَ" هُمْ "يَسْتَبْشِرُونَ" يَفْرَحُونَ "بِاَلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفهمْ" مِنْ إخْوَانهمْ الْمُؤْمِنِينَ وَيُبْدَل مِنْ الَّذِينَ "أَنْ" أَيْ بِأَنْ " لَا خَوْف عَلَيْهِمْ" الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ "وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" فِي الْآخِرَة الْمَعْنَى يَفْرَحُونَ بِأَمْنِهِمْ وَفَرَحهمْ
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ↓
"يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ" ثَوَاب "مِنْ اللَّه وَفَضْل" زِيَادَة عَلَيْهِ "وَأَنَّ" بِالْفَتْحِ عَطْفًا عَلَى نِعْمَة وَبِالْكَسْرِ اسْتِئْنَافًا "اللَّه لَا يُضِيع أَجْر الْمُؤْمِنِينَ" بَلْ يَأْجُرهُمْ
الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ↑
"الَّذِينَ" مُبْتَدَأ "اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول" دُعَاءَهُ بِالْخُرُوجِ لِلْقِتَالِ لَمَّا أَرَادَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه الْعَوْد تَوَاعَدُوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُوق بَدْر الْعَام الْمُقْبِل مِنْ يَوْم أُحُد "مِنْ بَعْد مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح" بِأُحُدٍ وَخَبَر الْمُبْتَدَأ "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ" بِطَاعَتِهِ "وَاتَّقَوْا" مُخَالَفَته "أَجْر عَظِيم" هُوَ الْجَنَّة
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ↓
"الَّذِينَ" بَدَل مِنْ الَّذِينَ قَبْله أَوْ نَعْت "قَالَ لَهُمْ النَّاس" أَيْ نَعِيم بْن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ "إنَّ النَّاس" أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه "قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ" الْجُمُوع ليستأصلوكم "فَاخْشَوْهُمْ" وَلَا تَأْتُوهُمْ "فَزَادَهُمْ" ذَلِكَ الْقَوْل "إيمَانًا" تَصْدِيقًا بِاَللَّهِ وَيَقِينًا "وَقَالُوا حَسْبنَا اللَّه" كَافِينَا أَمْرهمْ "وَنِعْمَ الْوَكِيل" الْمُفَوَّض إلَيْهِ الْأَمْر هُوَ وَخَرَجُوا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَوْا سُوق بَدْر وَأَلْقَى اللَّه الرُّعْب فِي قَلْب أَبِي سُفْيَان وَأَصْحَابه فَلَمْ يَأْتُوا وَكَانَ مَعَهُمْ تِجَارَات فَبَاعُوا وَرَبِحُوا
فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ↓
"فَانْقَلَبُوا" رَجَعُوا مِنْ بَدْر "بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّه وَفَضْل" بِسِلَامَةٍ وَرِبْح "لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء" مِنْ قَتْل أَوْ جُرْح "وَاتَّبَعُوا رِضْوَان اللَّه" بِطَاعَتِهِ وَطَاعَة رَسُوله فِي الْخُرُوج "وَاَللَّه ذُو فَضْل عَظِيم" عَلَى أَهْل طَاعَته
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ↓
"إنَّمَا ذَلِكُمْ" أَيْ الْقَائِل لَكُمْ إنَّ النَّاس إلَخْ "الشَّيْطَان يُخَوِّف" الشَّيْطَان يُخَوِّفكُمْ "أَوْلِيَاءَهُ" الْكُفَّار "فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي" فِي تَرْك أَمْرِي "إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" حَقًّا
وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ↓
"وَلَا يَحْزُنك" بِضَمِّ الْيَاء , وَكَسْر الزَّاي وَبِفَتْحِهَا وَضَمّ الزَّاي مِنْ : أَحْزَنَهُ "الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر" يَقَعُونَ فِيهِ سَرِيعًا بِنُصْرَتِهِ وَهُمْ أَهْل مَكَّة أَوْ الْمُنَافِقُونَ أَيْ لَا تَهْتَمّ لِكُفْرِهِمْ " إنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّه شَيْئًا " بِفِعْلِهِمْ وَإِنَّمَا يَضُرُّونَ أَنْفُسهمْ " يُرِيد اللَّه أَلَّا يَجْعَل لَهُمْ حَظًّا " نَصِيبًا " فِي الْآخِرَة " أَيْ الْجَنَّة فَلِذَلِكَ خَذَلَهُمْ اللَّه "وَلَهُمْ عَذَاب عَظِيم" فِي النَّار
إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ↓
"إنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْكُفْر بِالْإِيمَانِ" أَيْ أَخَذُوهُ بَدَله "لَنْ يَضُرُّوا اللَّه" بِكُفْرِهِمْ "شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ↓
"وَلَا يَحْسَبَن" بِالْيَاءِ وَالتَّاء "الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي" أَيْ إمْلَاءَنَا "لَهُمْ" بِتَطْوِيلِ الْأَعْمَار وَتَأْخِيرهمْ "خَيْر لِأَنْفُسِهِمْ" وَأَنَّ وَمَعْمُولَاهَا سَدَّتْ مَسَدّ الْمَفْعُولَيْنِ فِي قِرَاءَة التَّحْتَانِيَّة وَمَسَدّ الثَّانِي فِي الْأُخْرَى "إنَّمَا نُمْلِي" نُمْهِل "لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمًا" بِكَثْرَةِ الْمَعَاصِي "وَلَهُمْ عَذَاب مُهِين" ذُو إهَانَة فِي الْآخِرَة
مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ↓
"مَا كَانَ اللَّه لِيَذَر" لِيَتْرُك "الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ" أَيّهَا النَّاس "عَلَيْهِ" مِنْ اخْتِلَاط الْمُخْلِص بِغَيْرِهِ "حَتَّى يَمِيز" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد يَفْصِل "الْخَبِيث" الْمُنَافِق "مِنْ الطَّيِّب" الْمُؤْمِن بِالتَّكَالِيفِ الشَّاقَّة الْمُبَيِّنَة لِذَلِكَ فَفَعَلَ ذَلِكَ يَوْم أُحُد "وَمَا كَانَ اللَّه لِيُطْلِعكُمْ عَلَى الْغَيْب" فَتَعْرِفُوا الْمُنَافِق مِنْ غَيْره قَبْل التَّمْيِيز "وَلَكِنَّ اللَّه يَجْتَبِي" يَخْتَار "مِنْ رُسُله مَنْ يَشَاء" فَيُطْلِعهُ عَلَى غَيْبه كَمَا أَطْلَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَال الْمُنَافِقِينَ "فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا" النِّفَاق
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ↓
"وَلَا يَحْسَبَن" بِالْيَاءِ وَالتَّاء "الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله" أَيْ بِزَكَاتِهِ "هُوَ" أَيْ بُخْلهمْ "خَيْرًا لَهُمْ" مَفْعُول ثَانٍ وَالضَّمِير لِلْفَصْلِ وَالْأَوَّل بُخْلهمْ مُقَدَّرًا قَبْل الْمَوْصُول عَلَى الْفَوْقَانِيَّة وَقَبْل الضَّمِير عَلَى التَّحْتَانِيَّة "بَلْ هُوَ شَرّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ" أَيْ بِزَكَاتِهِ مِنْ الْمَال "يَوْم الْقِيَامَة" بِأَنْ يُجْعَل حَيَّة فِي عُنُقه تَنْهَشهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيث "وَلِلَّهِ مِيرَاث السَّمَاوَات وَالْأَرْض" يَرِثهُمَا بَعْد فَنَاء أَهْلهمَا "وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "خَبِير" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ