وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ↓
"وَ " اُذْكُرْ يَا مُحَمَّد "إِذْ غَدَوْت مِنْ أَهْلك" مِنْ الْمَدِينَة "تُبَوِّئ" تُنْزِل "الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِد" مَرَاكِز يَقِفُونَ فِيهَا "لِلْقِتَالِ وَاَللَّه سَمِيع" لِأَقْوَالِكُمْ "عَلِيم" بِأَحْوَالِكُمْ وَهُوَ يَوْم أُحُد خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفٍ أَوْ إلَّا خَمْسِينَ رَجُلًا وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَة آلَاف وَنَزَلَ بِالشِّعْبِ يَوْم السَّبْت سَابِع شَوَّال سَنَة ثَلَاث مِنْ الْهِجْرَة وَجَعَلَ ظَهْره وَعَسْكَره إلَى أُحُد وَسَوَّى صُفُوفهمْ وَأَجْلَسَ جَيْشًا مِنْ الرُّمَاة وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْد اللَّه بْن جُبَيْر بِسَفْحِ الْجَبَل وَقَالَ : انْضَحُوا عَنَّا بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُوا مِنْ وَرَائِنَا وَلَا تَبْرَحُوا غُلِبْنَا أَوْ نُصِرْنَا
إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ↓
"إذْ" بَدَل مِنْ إذْ قَبْله "هَمَّتْ" بَنُو سَلَمَة وَبَنُو حَارِثَة جَنَاحَا الْعَسْكَر "طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا" تَجْبُنَا عَنْ الْقِتَال وَتَرْجِعَا لَمَّا رَجَعَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيٍّ الْمُنَافِق وَأَصْحَابه وَقَالَ : عَلَام نَقْتُل أَنْفُسنَا وَأَوْلَادنَا وَقَالَ لِأَبِي جَابِر السُّلَمِيّ الْقَائِل لَهُ أَنْشُدكُمْ اللَّه فِي نَبِيّكُمْ وَأَنْفُسكُمْ لَوْ نَعْلَم قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ فَثَبَّتَهُمَا اللَّه وَلَمْ يَنْصَرِفَا "وَاَللَّه وَلِيّهمَا" نَاصِرهمَا "وَعَلَى اللَّه فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ" لِيَثِقُوا بِهِ دُون غَيْره
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ↓
وَنَزَلَ لَمَّا هُزِمُوا تَذْكِيرًا لَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّه "وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّه بِبَدْرٍ" مَوْضِع بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة "وَأَنْتُمْ أَذِلَّة" بِقِلَّةِ الْعَدَد وَالسِّلَاح "فَاتَّقُوا اللَّه لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" نِعَمه
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاثَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ ↓
"إذْ" ظَرْف لِنَصْرِكُمْ "تَقُول لِلْمُؤْمِنِينَ" تُوعِدهُمْ تَطْمِينًا "أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَنْ يُمِدّكُمْ" يُعِينكُمْ "رَبّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَاف مِنْ الْمَلَائِكَة مُنْزَلِينَ" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد
بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ↓
"بَلَى" يَكْفِيكُمْ ذَلِكَ وَفِي الْأَنْفَال بِأَلْفٍ لِأَنَّهُ أَمَدَّهُمْ أَوَّلًا بِهَا ثُمَّ صَارَتْ ثَلَاثَة ثُمَّ صَارَتْ خَمْسَة كَمَا قَالَ تَعَالَى "إنْ تَصْبِرُوا" عَلَى لِقَاء الْعَدُوّ "وَتَتَّقُوا" اللَّه فِي الْمُخَالَفَة "وَيَأْتُوكُمْ" أَيْ الْمُشْرِكُونَ "مِنْ فَوْرهمْ" وَقْتهمْ "هَذَا يَمْدُدْكُمْ رَبّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَاف مِنْ الْمَلَائِكَة مُسَوِّمِينَ" بِكَسْرِ الْوَاو وَفَتْحهَا أَيْ مُعَلَّمِينَ وَقَدْ صَبَرُوا وَأَنْجَزَ اللَّه وَعْده بِأَنْ قَاتَلَتْ مَعَهُمْ الْمَلَائِكَة عَلَى خَيْل بُلْق عَلَيْهِمْ عَمَائِم صُفْر أَوْ بِيض أَرْسَلُوهَا بَيْن أَكْتَافهمْ
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ↓
"وَمَا جَعَلَهُ اللَّه" أَيْ الْإِمْدَاد "إلَّا بُشْرَى لَكُمْ" بِالنَّصْرِ "وَلِتَطْمَئِنّ" تَسْكُن "قُلُوبكُمْ بِهِ" فَلَا تَجْزَع مِنْ كَثْرَة الْعَدُوّ وَقِلَّتكُمْ "وَمَا النَّصْر إلَّا مِنْ عِنْد اللَّه الْعَزِيز الْحَكِيم" يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء وَلَيْسَ بِكَثْرَةِ الْجُنْد
"لِيَقْطَع" مُتَعَلِّق بنَصَرَكُمْ أَيْ لِيُهْلِك "طَرَفًا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا" بِالْقَتْلِ وَالْأَسْر "أَوْ يَكْبِتهُمْ" يُذِلّهُمْ بِالْهَزِيمَةِ "فَيَنْقَلِبُوا" يَرْجِعُوا "خَائِبِينَ" لَمْ يَنَالُوا مَا رَامُوهُ
لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ↓
وَنَزَلَتْ لَمَّا كُسِرَتْ رُبَاعِيَّته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشُجَّ وَجْهه يَوْم أُحُد وَقَالَ : (كَيْفَ يَفْلَح قَوْم خَضَّبُوا وَجْه نَبِيّهمْ بِالدَّمِ) "لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْر شَيْء" بَلْ الْأَمْر لِلَّهِ فَاصْبِرْ "أَوْ" بِمَعْنَى إلَى أَنْ "يَتُوب عَلَيْهِمْ" بِالْإِسْلَامِ "أَوْ يُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ" بِالْكُفْرِ
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ↓
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض" مُلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا "يَغْفِر لِمَنْ يَشَاء" الْمَغْفِرَة لَهُ "وَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء" تَعْذِيبه "وَاَللَّه غَفُور" لِأَوْلِيَائِهِ "رَحِيم" بِأَهْلِ طَاعَته
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَة" بِأَلْفٍ وَدُونهَا بِأَنْ تَزِيدُوا فِي الْمَال عِنْد حُلُول الْأَجَل وَتُؤَخِّرُوا الطَّلَب "وَاتَّقُوا اللَّه" بِتَرْكِهِ "لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" تَفُوزُونَ
"وَاتَّقُوا النَّار الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ" أَنْ تُعَذَّبُوا بِهَا
وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ↓
"وَسَارِعُوا" بِوَاوٍ وَدُونهَا "إلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ وَجَنَّة عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض عَرْضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض" أَيْ كَعَرْضِهِمَا لَوْ وُصِلَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَالْعَرْض السِّعَة "أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" اللَّه بِعَمَلِ الطَّاعَات وَتَرْك الْمَعَاصِي
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ↓
"الَّذِينَ يُنْفِقُونَ" فِي طَاعَة اللَّه "فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء" الْيُسْر وَالْعُسْر "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظ" الْكَافِينَ عَنْ إمْضَائِهِ مَعَ الْقُدْرَة "وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاس" مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ أَيْ التَّارِكِينَ عُقُوبَتهمْ "وَاَللَّه يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ" بِهَذِهِ الْأَفْعَال أَيْ يُثِيبهُمْ
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ↓
"وَاَلَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَة" ذَنْبًا قَبِيحًا كَالزِّنَا "أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ" بِمَا دُونه كَالْقُبْلَةِ "ذَكَرُوا اللَّه" أَيْ وَعِيده "فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ" أَيْ لَا "يَغْفِر الذُّنُوب إلَّا اللَّه وَلَمْ يُصِرُّوا" يُدَاوِمُوا "عَلَى مَا فَعَلُوا" بَلْ أَقْلَعُوا عَنْهُ "وَهُمْ يَعْلَمُونَ" أَنَّ الَّذِي أَتَوْهُ مَعْصِيَة
أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ↓
"أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَة مِنْ رَبّهمْ وَجَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا" حَال مُقَدَّرَة أَيْ مُقَدَّرِينَ الْخُلُود فِيهَا إذَا دَخَلُوهَا "وَنِعْمَ أَجْر الْعَامِلِينَ" بِالطَّاعَةِ هَذَا الْأَجْر
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ↓
وَنَزَلَ فِي هَزِيمَة أُحُد "قَدْ خَلَتْ" مَضَتْ . "مِنْ قَبْلكُمْ سُنَن" طَرَائِق فِي الْكُفَّار بِإِمْهَالِهِمْ ثُمَّ أَخَذَهُمْ "فَسِيرُوا" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ "فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُكَذِّبِينَ" الرُّسُل أَيْ آخِر أَمْرهمْ مِنْ الْهَلَاك فَلَا تَحْزَنُوا لِغَلَبَتِهِمْ فَأَنَا أُمْهِلهُمْ لِوَقْتِهِمْ
"هَذَا" الْقُرْآن "بَيَان لِلنَّاسِ" كُلّهمْ "وَهُدًى" مِنْ الضَّلَالَة "وَمَوْعِظَة لِلْمُتَّقِينَ" مِنْهُمْ
"وَلَا تَهِنُوا" تَضْعُفُوا عَنْ قِتَال الْكُفَّار "وَلَا تَحْزَنُوا" عَلَى مَا أَصَابَكُمْ بِأُحُدٍ "وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ" بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهِمْ "إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" حَقًّا وَجَوَابه دَلَّ عَلَيْهِ مَجْمُوع مَا قَبْله
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ↓
"إنْ يَمْسَسْكُمْ" يُصِبْكُمْ بِأُحُدٍ "قَرْح" بِفَتْحِ الْقَاف وَضَمّهَا جَهْد مِنْ جُرْح وَنَحْوه "فَقَدْ مَسَّ الْقَوْم" الْكُفَّار "قَرْح مِثْله" بِبَدْرٍ "وَتِلْكَ الْأَيَّام نُدَاوِلهَا" نُصَرِّفهَا "بَيْن النَّاس" يَوْمًا لِفِرْقَةٍ وَيَوْمًا لِأُخْرَى لِيَتَّعِظُوا "وَلِيَعْلَم اللَّه" عِلْم ظُهُور "الَّذِينَ آمَنُوا" أَخْلَصُوا فِي إيمَانهمْ مِنْ غَيْرهمْ "وَيَتَّخِذ مِنْكُمْ شُهَدَاء" يُكْرِمهُمْ بِالشَّهَادَةِ "وَاَللَّه لَا يُحِبّ الظَّالِمِينَ" الْكَافِرِينَ أَيْ يُعَاقِبهُمْ وَمَا يُنْعِم بِهِ عَلَيْهِمْ اسْتِدْرَاج
"وَلِيُمَحِّص اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا" يُطَهِّرهُمْ مِنْ الذُّنُوب بِمَا يُصِيبهُمْ "وَيَمْحَق" يُهْلِك
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ↑
"أَمْ" بَلْ "حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا" وَلَمْ "يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ" عِلْم ظُهُور "وَيَعْلَم الصَّابِرِينَ" فِي الشَّدَائِد
وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ↓
"وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ" فِيهِ حَذْف إحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأَصْل "الْمَوْت مِنْ قَبْل أَنْ تَلْقَوْهُ" حَيْثُ قُلْتُمْ لَيْتَ لَنَا يَوْمًا كَيَوْمِ بَدْر لِنَنَالَ مَا نَالَ شُهَدَاؤُهُ "فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ" أَيْ سَبَبه الْحَرْب "وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ" أَيْ بُصَرَاء تَتَأَمَّلُونَ الْحَال كَيْفَ هِيَ فَلِمَ انْهَزَمْتُمْ ؟ وَنَزَلَ فِي هَزِيمَتهمْ لَمَّا أُشِيعَ أَنَّ النَّبِيّ قُتِلَ وَقَالَ لَهُمْ الْمُنَافِقُونَ إنْ كَانَ قُتِلَ فَارْجِعُوا إلَى دِينكُمْ
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ↓
"وَمَا مُحَمَّد إلَّا رَسُول قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْله الرُّسُل أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ" كَغَيْرِهِ "انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ" رَجَعْتُمْ إلَى الْكُفْر وَالْجُمْلَة الْأَخِيرَة مَحَلّ الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ أَيْ مَا كَانَ مَعْبُودًا فَتَرْجِعُوا "وَمَنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللَّه شَيْئًا" وَإِنَّمَا يَضُرّ نَفْسه "وَسَيَجْزِي اللَّه الشَّاكِرِينَ" نِعَمه بِالثَّبَاتِ
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ↓
"وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوت إلَّا بِإِذْنِ اللَّه" بِقَضَائِهِ "كِتَابًا" مَصْدَر أَيْ : كَتَبَ اللَّه ذَلِكَ "مُؤَجَّلًا" مُؤَقَّتًا لَا يَتَقَدَّم وَلَا يَتَأَخَّر فَلِمَ انْهَزَمْتُمْ ! وَالْهَزِيمَة لَا تَدْفَع الْمَوْت وَالثَّبَات لَا يَقْطَع الْحَيَاة "وَمَنْ يُرِدْ" بِعَمَلِهِ "ثَوَاب الدُّنْيَا" أَيْ جَزَاءَهُ مِنْهَا "نُؤْتِهِ مِنْهَا" مَا قُسِمَ لَهُ وَلَا حَظّ لَهُ فِي الْآخِرَة "وَمَنْ يُرِدْ ثَوَاب الْآخِرَة نُؤْتِهِ مِنْهَا" أَيْ مِنْ ثَوَابهَا
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ↓
"وَكَأَيِّنْ" كَمْ "مِنْ نَبِيّ قُتِلَ" وَفِي قِرَاءَة قَاتَلَ وَالْفَاعِل ضَمِيره "مَعَهُ" خَبَر مُبْتَدَؤُهُ "رِبِّيُّونَ كَثِير" جُمُوع كَثِيرَة "فَمَا وَهَنُوا" جَبُنُوا "لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيل اللَّه" مِنْ الْجِرَاح وَقَتْل أَنْبِيَائِهِمْ وَأَصْحَابهمْ "وَمَا ضَعُفُوا" عَنْ الْجِهَاد "وَمَا اسْتَكَانُوا" خَضَعُوا لِعَدُوِّهِمْ كَمَا فَعَلْتُمْ حِين قِيلَ قُتِلَ النَّبِيّ "وَاَللَّه يُحِبّ الصَّابِرِينَ" عَلَى الْبَلَاء أَيْ يُثِيبهُمْ
وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ↓
"وَمَا كَانَ قَوْلهمْ" عِنْد قَتْل نَبِيّهمْ مَعَ ثَبَاتهمْ وَصَبْرهمْ "إلَّا أَنْ قَالُوا رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبنَا وَإِسْرَافنَا" تَجَاوُزنَا الْحَدّ "فِي أَمْرنَا" إيذَانًا بِأَنَّ مَا أَصَابَهُمْ لِسُوءِ فِعْلهمْ وَهَضْمًا لِأَنْفُسِهِمْ "وَثَبِّتْ أَقْدَامنَا" بِالْقُوَّةِ عَلَى الْجِهَاد
"فَآتَاهُمْ اللَّه ثَوَاب الدُّنْيَا" النَّصْر وَالْغَنِيمَة "وَحُسْن ثَوَاب الْآخِرَة" أَيْ الْجَنَّة وَحُسْنه : التَّفَضُّل فَوْق الِاسْتِحْقَاق
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا" فِيمَا يَأْمُرُونَكُمْ بِهِ "يَرُدُّوكُمْ" إلَى الْكُفْر
"بَلْ اللَّه مَوْلَاكُمْ" نَاصِركُمْ "وَهُوَ خَيْر النَّاصِرِينَ" فَأَطِيعُوهُ دُونهمْ