وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ↓
ويدخل تحت هذا المنهي عنه, ما ذكر عليه اسم غير الله كالذي يذبح للأصنام, وآلهة المشركين.
فإن هذا, مما أهل لغير الله به, المحرم بالنص عليه خصوصا.
ويدخل في ذلك, متروك التسمية, مما ذبح الله, كالضحايا, والهدايا, أو للحم والأكل, إذا كان الذابح متعمدا ترك التسمية, عند كثير من العلماء.
ويخرج من هذا العموم, الناسي بالنصوص الأخر, الدالة على دفع الحرج عنه.
ويدخل في هذه الآية, ما مات بغير ذكاة من الميتات, فإنها مما لم يذكر اسم الله عليه.
ونص الله عليها بخصوصها, في قوله: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ " ولعلها سبب نزول الآية, لقوله " وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ " .
بغير علم.
فإن المشركين - حين سمعوا تحريم الله ورسوله الميتة, وتحليله للمذكاة, وكانوا يستحلون أكل الميتة - قالوا - معاندة لله ورسوله, ومجادلة بغير حجة ولا برهان - أتأكلون ما قتلتم, ولا تأكلون ما قتل الله؟ يعنون بذلك: الميتة.
وهذا رأي فاسد, لا يستند على حجة ولا دليل بل يستند إلى آرائهم الفاسدة التي لو كان الحق تبعا لها, لفسدت السماوات والأرض, ومن فيهن.
فتبا لمن قدم هذه العقول, على شرع الله وأحكامه, الموافقة للمصالح العامة, والمنافع الخاصة.
ولا يستغرب هذا منهم, فإن هذه الآراء وأشباهها, صادرة عن وحي أوليائهم من الشياطين, الذين يريدون أن يضلوا الخلق عن دينهم, ويدعوهم ليكونوا من أصحاب السعير.
" وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ " في شركهم, وتحليلهم الحرام, وتحريمهم الحلال " إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ " لأنكم اتخذتموهم أولياء من دون الله, ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين, فلذلك كان طريقكم, طريقهم.
ودلت هذه الآية الكريمة, على أن ما يقع في القلوب, من الإلهامات, والكشوف, التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم, لا تدل - بمجردها على أنها حق, ولا تصدق حتى تعرض على كتاب الله وسنة رسوله.
فإن شهدا لها بالقبول, قبلت, وإن ناقضتهما, ردت, وإن لم يعلم شيء من ذلك, توقف فيها, ولم تصدق, ولم تكذب.
لأن الوحي والإلهام, يكون من الشيطان, فلا بد من التمييز بينهما.
والفرقان وبعدم التقريق بين الأمرين, حصل من الغلط والضلال, ما لا يحصيه إلا الله.
فإن هذا, مما أهل لغير الله به, المحرم بالنص عليه خصوصا.
ويدخل في ذلك, متروك التسمية, مما ذبح الله, كالضحايا, والهدايا, أو للحم والأكل, إذا كان الذابح متعمدا ترك التسمية, عند كثير من العلماء.
ويخرج من هذا العموم, الناسي بالنصوص الأخر, الدالة على دفع الحرج عنه.
ويدخل في هذه الآية, ما مات بغير ذكاة من الميتات, فإنها مما لم يذكر اسم الله عليه.
ونص الله عليها بخصوصها, في قوله: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ " ولعلها سبب نزول الآية, لقوله " وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ " .
بغير علم.
فإن المشركين - حين سمعوا تحريم الله ورسوله الميتة, وتحليله للمذكاة, وكانوا يستحلون أكل الميتة - قالوا - معاندة لله ورسوله, ومجادلة بغير حجة ولا برهان - أتأكلون ما قتلتم, ولا تأكلون ما قتل الله؟ يعنون بذلك: الميتة.
وهذا رأي فاسد, لا يستند على حجة ولا دليل بل يستند إلى آرائهم الفاسدة التي لو كان الحق تبعا لها, لفسدت السماوات والأرض, ومن فيهن.
فتبا لمن قدم هذه العقول, على شرع الله وأحكامه, الموافقة للمصالح العامة, والمنافع الخاصة.
ولا يستغرب هذا منهم, فإن هذه الآراء وأشباهها, صادرة عن وحي أوليائهم من الشياطين, الذين يريدون أن يضلوا الخلق عن دينهم, ويدعوهم ليكونوا من أصحاب السعير.
" وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ " في شركهم, وتحليلهم الحرام, وتحريمهم الحلال " إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ " لأنكم اتخذتموهم أولياء من دون الله, ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين, فلذلك كان طريقكم, طريقهم.
ودلت هذه الآية الكريمة, على أن ما يقع في القلوب, من الإلهامات, والكشوف, التي يكثر وقوعها عند الصوفية ونحوهم, لا تدل - بمجردها على أنها حق, ولا تصدق حتى تعرض على كتاب الله وسنة رسوله.
فإن شهدا لها بالقبول, قبلت, وإن ناقضتهما, ردت, وإن لم يعلم شيء من ذلك, توقف فيها, ولم تصدق, ولم تكذب.
لأن الوحي والإلهام, يكون من الشيطان, فلا بد من التمييز بينهما.
والفرقان وبعدم التقريق بين الأمرين, حصل من الغلط والضلال, ما لا يحصيه إلا الله.
أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ↓
يقول تعالى: " أَوَمَنْ كَانَ " من قبل هداية الله له " مَيْتًا " في ظلمات الكفر, والجهل, والمعاصي.
" فَأَحْيَيْنَاهُ " بنور العلم والإيمان والطاعة, فصار يمشي بين الناس في النور, متبصرا في أموره, مهتديا لسبيله, عارفا للخير, مؤثرا له, مجتهدا في تنفيذه في نفسه.
وغيره عارفا بالشر, مبغضا له, مجتهدا في تركه, وإزالته عن نفسه وعن غيرة.
فيستوي هذا بمن هو في الظلمات, ظلمات الجهل والغي, والكفر والمعاصي.
" لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا " قد التبست عليه الطرق, وأظلمت عليه المسالك, فحضره الهم والغم والحزن والشقاء.
فنبه تعالى, العقول بما تدركه وتعرفه, أنه لا يستوي هذا ولا هذا كما لا يستوي الليل والنهار, والضياء والظلمة, والأحياء والأموات.
فكأنه قيل: فكيف يؤثر من له أدنى مسكة من عقل, وأن يكون بهذه الحالة, وأن يبقى في الظلمات متحيرا: فأجاب بأنه " زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " فلم يزل الشيطان يحسن لهم أعمالهم, ويزينها في قلوبهم, حتى استحسنوها, ورأوها حقا.
وصار ذلك عقيدة في قلوبهم, وصفة راسخة ملازمة لهم.
فلذلك رضوا بما هم عليه من الشر والقبائح.
وهؤلاء, الذين في الظلمات يعمهون, وفي باطلهم يترددون, غير متساوين.
فمنهم: القادة, والرؤساء, والمتبوعون, ومنهم: التابعون المرءوسون.
والأولون, منهم الذين فازوا بأشقى الأحوال, ولهذا قال:
" فَأَحْيَيْنَاهُ " بنور العلم والإيمان والطاعة, فصار يمشي بين الناس في النور, متبصرا في أموره, مهتديا لسبيله, عارفا للخير, مؤثرا له, مجتهدا في تنفيذه في نفسه.
وغيره عارفا بالشر, مبغضا له, مجتهدا في تركه, وإزالته عن نفسه وعن غيرة.
فيستوي هذا بمن هو في الظلمات, ظلمات الجهل والغي, والكفر والمعاصي.
" لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا " قد التبست عليه الطرق, وأظلمت عليه المسالك, فحضره الهم والغم والحزن والشقاء.
فنبه تعالى, العقول بما تدركه وتعرفه, أنه لا يستوي هذا ولا هذا كما لا يستوي الليل والنهار, والضياء والظلمة, والأحياء والأموات.
فكأنه قيل: فكيف يؤثر من له أدنى مسكة من عقل, وأن يكون بهذه الحالة, وأن يبقى في الظلمات متحيرا: فأجاب بأنه " زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " فلم يزل الشيطان يحسن لهم أعمالهم, ويزينها في قلوبهم, حتى استحسنوها, ورأوها حقا.
وصار ذلك عقيدة في قلوبهم, وصفة راسخة ملازمة لهم.
فلذلك رضوا بما هم عليه من الشر والقبائح.
وهؤلاء, الذين في الظلمات يعمهون, وفي باطلهم يترددون, غير متساوين.
فمنهم: القادة, والرؤساء, والمتبوعون, ومنهم: التابعون المرءوسون.
والأولون, منهم الذين فازوا بأشقى الأحوال, ولهذا قال:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ↓
" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا " أي: الرؤساء الذين قد كبر جرمهم, واشتد طغيانهم " لِيَمْكُرُوا فِيهَا " بالخديعة والدعوة إلى سبيل الشيطان, ومحاربة الرسل وأتباعهم, بالقول والفعل.
وإنما مكرهم وكيدهم, يعود على أنفسهم, لأنهم يمكرون, ويمكر الله, والله خير الماكرين.
وكذلك يجعل الله كبار أئمة الهدى وأفاضلهم, يناضلون هؤلاء المجرمين, ويردون عليهم أقوالهم ويجاهدونهم في سبيل الله, ويسلكون بذلك, السبل الموصلة إلى ذلك, ويعينهم الله, ويسدد رأيهم, ويثبت أقدامهم, ويداول الأيام بينهم وبين أعدائهم, حتى يدول الأمر في عاقبته, بنصرهم وظهورهم, والعاقبة للمتقين.
وإنما مكرهم وكيدهم, يعود على أنفسهم, لأنهم يمكرون, ويمكر الله, والله خير الماكرين.
وكذلك يجعل الله كبار أئمة الهدى وأفاضلهم, يناضلون هؤلاء المجرمين, ويردون عليهم أقوالهم ويجاهدونهم في سبيل الله, ويسلكون بذلك, السبل الموصلة إلى ذلك, ويعينهم الله, ويسدد رأيهم, ويثبت أقدامهم, ويداول الأيام بينهم وبين أعدائهم, حتى يدول الأمر في عاقبته, بنصرهم وظهورهم, والعاقبة للمتقين.
وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ ↓
وإنما ثبت أكابر المجرمين على باطلهم, وقاموا برد الحق الذي جاءت به الرسل, حسدا منهم وبغيا, فقالوا: " لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ " من النبوة والرسالة.
وفي هذا اعتراض منهم على الله, وعجب بأنفسهم, وتكبر على الحق الذي أنزله على أيدي رسله, وتحجر على فضل الله وإحسانه.
فرد الله عليهم اعتراضهم الفاسد, وأخبر أنهم لا يصلحون للخير, ولا فيهم ما يوجب أن يكونوا من عباد الله الصالحين, فضلا أن يكونوا من النبيين والمرسلين: فقال: " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " فيمن علمه يصلح لها, ويقوم بأعبائها, وهو متصف بكل خلق جميل, ومتبرئ من كل خلق دنيء, أعطاه الله ما تقتضيه حكمته أصلا, وتبعا.
ومن لم يكن كذلك, لم يطع أفضل مواهبه, عند من لا يستأهله, ولا يزكو عنده.
وفي هذة الآية, دليل على كمال حكمة الله تعالى, لأنه, وإن كان تعالى رحيما, واسع الجود, كثير الإحسان, فإنه حكيم لا يضع جوده إلا عند أهله.
ثم توعد المجرمين فقال: " سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ " أي: إهانة وذل, كما تكبروا على الحق, أذلهم الله.
" وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ " أي: بسبب مكرهم, لا ظلما منه تعالى.
" فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ "
يقول تعالى - مبينا لعباده علامة سعادة العبد وهدايته, وعلامة شقاوته وضلاله-: إن من انشرح صدره للإسلام, أي: اتسع وانفسح, فاستنار بنور الإيمان, وحيى بضوء اليقين, فاطمأنت بذلك نفسه, وأحب الخير, وطوعت له نفسه فعله, متلذذا له - غير مستثقل - فإن هذا, علامة, على أن الله قد هداه, ومن عليه بالتوفيق, وسلوك أقوم الطريق.
وأن علامة - من يرد الله أن يضله, أن يجعل صدره ضيقا حرجا.
أي:: في غاية الضيق عن الإيمان والعلم واليقين.
قد انغمس قلبه في الشبهات والشهوات, فلا يصل إليه خير, ولا ينشرح قلبه لفعل الخير كأنه من ضيقه وشدته, يكاد يصعد في السماء, أي: كأنه يكلف الصعود إلى السماء, الذي لا حيلة فيه.
وهذا سببه, عدم إيمانهم, فهو الذي أوجب أن يجعل الله الرجس عليهم, لأنهم سدوا على أنفسهم باب الرحمة والإحسان.
وهذا ميزان لا يعول, وطريق لا يتغير.
قإن من أعطى واتقى, وصدق بالحسنى, ييسره الله لليسرى.
ومن بخل واستغنى وكذب بالحسنى, فسييسره للعسرى.
وفي هذا اعتراض منهم على الله, وعجب بأنفسهم, وتكبر على الحق الذي أنزله على أيدي رسله, وتحجر على فضل الله وإحسانه.
فرد الله عليهم اعتراضهم الفاسد, وأخبر أنهم لا يصلحون للخير, ولا فيهم ما يوجب أن يكونوا من عباد الله الصالحين, فضلا أن يكونوا من النبيين والمرسلين: فقال: " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " فيمن علمه يصلح لها, ويقوم بأعبائها, وهو متصف بكل خلق جميل, ومتبرئ من كل خلق دنيء, أعطاه الله ما تقتضيه حكمته أصلا, وتبعا.
ومن لم يكن كذلك, لم يطع أفضل مواهبه, عند من لا يستأهله, ولا يزكو عنده.
وفي هذة الآية, دليل على كمال حكمة الله تعالى, لأنه, وإن كان تعالى رحيما, واسع الجود, كثير الإحسان, فإنه حكيم لا يضع جوده إلا عند أهله.
ثم توعد المجرمين فقال: " سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ " أي: إهانة وذل, كما تكبروا على الحق, أذلهم الله.
" وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ " أي: بسبب مكرهم, لا ظلما منه تعالى.
" فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ "
يقول تعالى - مبينا لعباده علامة سعادة العبد وهدايته, وعلامة شقاوته وضلاله-: إن من انشرح صدره للإسلام, أي: اتسع وانفسح, فاستنار بنور الإيمان, وحيى بضوء اليقين, فاطمأنت بذلك نفسه, وأحب الخير, وطوعت له نفسه فعله, متلذذا له - غير مستثقل - فإن هذا, علامة, على أن الله قد هداه, ومن عليه بالتوفيق, وسلوك أقوم الطريق.
وأن علامة - من يرد الله أن يضله, أن يجعل صدره ضيقا حرجا.
أي:: في غاية الضيق عن الإيمان والعلم واليقين.
قد انغمس قلبه في الشبهات والشهوات, فلا يصل إليه خير, ولا ينشرح قلبه لفعل الخير كأنه من ضيقه وشدته, يكاد يصعد في السماء, أي: كأنه يكلف الصعود إلى السماء, الذي لا حيلة فيه.
وهذا سببه, عدم إيمانهم, فهو الذي أوجب أن يجعل الله الرجس عليهم, لأنهم سدوا على أنفسهم باب الرحمة والإحسان.
وهذا ميزان لا يعول, وطريق لا يتغير.
قإن من أعطى واتقى, وصدق بالحسنى, ييسره الله لليسرى.
ومن بخل واستغنى وكذب بالحسنى, فسييسره للعسرى.
فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ↓
أي: معتدلا, موصلا إلى الله, وإلى دار كرامته, قد بينت أحكامه, وفصلت شرائعه, وميز الخير من الشر.
ولكن هذا التفصيل والبيان, ليس لكل أحد, إنما هو " لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ " فإنهم الذين علموا, فانتفعوا بعلمهم, وأعد لهم الجزاء الجزيل, والأجر الجميل.
فلهذا قال:
ولكن هذا التفصيل والبيان, ليس لكل أحد, إنما هو " لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ " فإنهم الذين علموا, فانتفعوا بعلمهم, وأعد لهم الجزاء الجزيل, والأجر الجميل.
فلهذا قال:
" لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ " .
وسميت الجنة دار السلام, لسلامتها من كل عيب, وآفة وكدر, وهم وغم, وغير ذلك من المنغصات.
ويلزم من ذلك, أن يكون نعيمها: في غاية الكمال, ونهاية التمام.
بحيث لا يقدر على وصفه الواصفون, ولا يتمنى فوقه المتمنون, من نعيم الروح, والقلب, والبدن.
ولهم فيها, ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, وهم فيها خالدون.
" وَهُوَ وَلِيُّهُمْ " الذي يتولى تدبيرهم وتربيتهم, ولطف بهم في جميع أمورهم, وأعانهم على طاعته, ويسر لهم كل سبب موصل إلى محبته.
وإنما تولاهم, بسبب أعمالهم الصالحة, ومقدماتهم التي قصدوا بها رضا مولاهم.
بخلاف من أعرض عن مولاه, واتبع هواه.
فإنه سلط عليه الشيطان فتولاه, فأفسد عليه دينه ودنياه.
وسميت الجنة دار السلام, لسلامتها من كل عيب, وآفة وكدر, وهم وغم, وغير ذلك من المنغصات.
ويلزم من ذلك, أن يكون نعيمها: في غاية الكمال, ونهاية التمام.
بحيث لا يقدر على وصفه الواصفون, ولا يتمنى فوقه المتمنون, من نعيم الروح, والقلب, والبدن.
ولهم فيها, ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, وهم فيها خالدون.
" وَهُوَ وَلِيُّهُمْ " الذي يتولى تدبيرهم وتربيتهم, ولطف بهم في جميع أمورهم, وأعانهم على طاعته, ويسر لهم كل سبب موصل إلى محبته.
وإنما تولاهم, بسبب أعمالهم الصالحة, ومقدماتهم التي قصدوا بها رضا مولاهم.
بخلاف من أعرض عن مولاه, واتبع هواه.
فإنه سلط عليه الشيطان فتولاه, فأفسد عليه دينه ودنياه.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ↓
يقول تعالى " وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا " أي: جميع الثقلين, من الإنس والجن, من ضل منهم, ومن أضل غيره.
فيقول موبخا للجن, الذين أضلوا الإنس, وزينوا لهم الشر, وآزوهم إلى المعاصي: " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ " أي: من إضلالهم, وصدهم عن سبيل الله.
فكيف أقدمتم على محارمي, وتجرأتم على معاندة رسلي؟ وقمتم محاربين لله, ساعين في صد عباد الله عن سبيله, إلى سبيل الجحيم؟ فاليوم حقت عليكم لعنتي, ووجبت لكم نقمتي وسنزيدكم من العذاب بحسب كفركم, وإضلالكم لغيركم.
وليس لكم عذر به تعتذرون, ولا ملجأ إليه تلجأون, ولا شافع يشفع ولا دعاء يسمع.
فلا تسأل حينئذ, عما يحل بهم من النكال, والخزي والوبال, ولهذا لم يذكر الله لهم اعتذارا.
وأما أولياؤهم من الإنس, فأبدو عذرا غير مقبول فقالوا: " رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ " أي تمتع كل من الجني والإنسي, بصاحبه, وانتفع به.
فالجني يستمتع بطاعة الإنسي له, وعبادته, وتعظيمه, واستعاذته به.
والإنسي, يستمتع بنيل أغراضه, وبلوغه, بحسب خدمة الجني له, بعض شهواته.
فإن الإنسي يعبد الجني, فيخدمه الجني, ويحصل له بعض الحوائج الدنيوية.
أي: حصل منا, من الذنوب, ما حصل, ولا يمكن رد ذلك.
" وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا " أي: وقد وصلنا المحل الذي نجازي فيه بالأعمال.
فافعل بنا الآن, ما تشاء, واحكم فينا, بما تريد.
قد انقطعت حجتنا, ولم يبق لنا عذر, والأمر أمرك, والحكم حكمك.
وكان في هذا الكلام منهم, نوع تضرع وترقق, ولكن في غير أوانه.
ولهذا حكم فيهم بحكمه العادل, الذي لا جور فيه فقال: " النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا " .
ولما كان هذا الحكم, من مقتضى حكمته وعلمه, ختم الآية بقوله: " إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ " .
فكما أن علمه وسع الأشياء كلها وعمها, فحكمته الغائية, شملت الأشياء وعمتها ووسعتها.
فيقول موبخا للجن, الذين أضلوا الإنس, وزينوا لهم الشر, وآزوهم إلى المعاصي: " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ " أي: من إضلالهم, وصدهم عن سبيل الله.
فكيف أقدمتم على محارمي, وتجرأتم على معاندة رسلي؟ وقمتم محاربين لله, ساعين في صد عباد الله عن سبيله, إلى سبيل الجحيم؟ فاليوم حقت عليكم لعنتي, ووجبت لكم نقمتي وسنزيدكم من العذاب بحسب كفركم, وإضلالكم لغيركم.
وليس لكم عذر به تعتذرون, ولا ملجأ إليه تلجأون, ولا شافع يشفع ولا دعاء يسمع.
فلا تسأل حينئذ, عما يحل بهم من النكال, والخزي والوبال, ولهذا لم يذكر الله لهم اعتذارا.
وأما أولياؤهم من الإنس, فأبدو عذرا غير مقبول فقالوا: " رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ " أي تمتع كل من الجني والإنسي, بصاحبه, وانتفع به.
فالجني يستمتع بطاعة الإنسي له, وعبادته, وتعظيمه, واستعاذته به.
والإنسي, يستمتع بنيل أغراضه, وبلوغه, بحسب خدمة الجني له, بعض شهواته.
فإن الإنسي يعبد الجني, فيخدمه الجني, ويحصل له بعض الحوائج الدنيوية.
أي: حصل منا, من الذنوب, ما حصل, ولا يمكن رد ذلك.
" وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا " أي: وقد وصلنا المحل الذي نجازي فيه بالأعمال.
فافعل بنا الآن, ما تشاء, واحكم فينا, بما تريد.
قد انقطعت حجتنا, ولم يبق لنا عذر, والأمر أمرك, والحكم حكمك.
وكان في هذا الكلام منهم, نوع تضرع وترقق, ولكن في غير أوانه.
ولهذا حكم فيهم بحكمه العادل, الذي لا جور فيه فقال: " النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا " .
ولما كان هذا الحكم, من مقتضى حكمته وعلمه, ختم الآية بقوله: " إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ " .
فكما أن علمه وسع الأشياء كلها وعمها, فحكمته الغائية, شملت الأشياء وعمتها ووسعتها.
" وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " .
أي: وكما ولينا الجن المردة, وسلطناهم على إضلال أوليائهم من الإنس وعقدنا بينهم عقد الموالاة والموافقة, بسبب كسبهم وسعيهم بذلك.
كذلك من سنتنا, أن نولي كل ظالم ظالما مثل, يؤزه إلى الشر, ويحثه عليه, ويزهده في الخير, وينفره عنه, وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها, البليغ خطرها.
والذنب ذنب الظالم, فهو الذي أدخل الضرر على نفسه, وعلى نفسه جنى " وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .
ومن ذلك, أن العباد, إذا كثر ظلمهم وفسادهم, ومنعهم الحقوق الواجبة, ولى عليهم ظلمة, يسومونهم سوء العذاب, ويأخذون منهم, بالظلم والجور, أضعاف ما منعوا من حقوق الله, وحقوق عباده, على وجه غير مأجورين فيه, ولا محتسبين.
كما أن العباد, إذا صلحوا واستقاموا, أصلح الله رعاتهم, وجعلهم أئمة عدل وإنصاف, لا ولاة ظلم واعتساف.
أي: وكما ولينا الجن المردة, وسلطناهم على إضلال أوليائهم من الإنس وعقدنا بينهم عقد الموالاة والموافقة, بسبب كسبهم وسعيهم بذلك.
كذلك من سنتنا, أن نولي كل ظالم ظالما مثل, يؤزه إلى الشر, ويحثه عليه, ويزهده في الخير, وينفره عنه, وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها, البليغ خطرها.
والذنب ذنب الظالم, فهو الذي أدخل الضرر على نفسه, وعلى نفسه جنى " وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " .
ومن ذلك, أن العباد, إذا كثر ظلمهم وفسادهم, ومنعهم الحقوق الواجبة, ولى عليهم ظلمة, يسومونهم سوء العذاب, ويأخذون منهم, بالظلم والجور, أضعاف ما منعوا من حقوق الله, وحقوق عباده, على وجه غير مأجورين فيه, ولا محتسبين.
كما أن العباد, إذا صلحوا واستقاموا, أصلح الله رعاتهم, وجعلهم أئمة عدل وإنصاف, لا ولاة ظلم واعتساف.
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ↓
ثم وبخ الله, جميع من أعرض عن الحق ورده, من الجن والإنس, وبين خطأهم, فاعترفوا بذلك, فقال: " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي " الواضحات البينات, التي فيها تفاصيل الأمر والنهي, والخير والشر, والوعد والوعيد.
" وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا " ويعلمونكم أن النجاة فيه, والفوز إنما هو بامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وأن الشقاء والخسران في تضييع ذلك.
فأقروا بذلك واعترفوا, فـ " قالوا " " شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها, وزخرفها, ونعيمها فاطمأنوا بها, ورضوا بها, وألهتهم عن الآخرة.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " فقامت عليهم حجة الله, وعلم حينئذ, كل أحد, حتى هم بأنفسهم.
عدل الله فيهم.
فقال لهم: حاكما عليهم بالعذاب الأليم: " ادْخُلُوا فِي " جملة " أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " صنعوا كصنيعكم, واستمتعوا بخلاقهم, كما استمعتم, وخاضوا بالباطل كما خضتم, إنهم كانوا خاسرين.
أي:: الأولون من هؤلاء والآخرون.
وأي خسران أعظم, من خسران جنات النعيم, وحرمان جوار أكرم الأكرمين؟!! ولكنهم, وإن اشتركوا في الخسران, فإنهم يتفاوتون في مقداره, تفاوتا عظيما.
" وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا " ويعلمونكم أن النجاة فيه, والفوز إنما هو بامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وأن الشقاء والخسران في تضييع ذلك.
فأقروا بذلك واعترفوا, فـ " قالوا " " شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها, وزخرفها, ونعيمها فاطمأنوا بها, ورضوا بها, وألهتهم عن الآخرة.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " فقامت عليهم حجة الله, وعلم حينئذ, كل أحد, حتى هم بأنفسهم.
عدل الله فيهم.
فقال لهم: حاكما عليهم بالعذاب الأليم: " ادْخُلُوا فِي " جملة " أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " صنعوا كصنيعكم, واستمتعوا بخلاقهم, كما استمعتم, وخاضوا بالباطل كما خضتم, إنهم كانوا خاسرين.
أي:: الأولون من هؤلاء والآخرون.
وأي خسران أعظم, من خسران جنات النعيم, وحرمان جوار أكرم الأكرمين؟!! ولكنهم, وإن اشتركوا في الخسران, فإنهم يتفاوتون في مقداره, تفاوتا عظيما.
" وَلِكُلٍّ " منهم " دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا " بحسب أعمالهم, لا يجعل قليل الشر منهم, ككثيره, ولا التابع كالمتبوع, ولا المرءوس كالرئيس.
كما أن أهل الثواب والجنة, وإن اشتركوا في الربح والفلاح ودخول.
الجنة, فإن بينهم من الفرق, ما لا يعلمه إلا الله, مع أنهم كلهم, رضوا بما آتاهم مولاهم, وقنعوا بما حباهم.
فنسأله تعالى, أن يجعلنا من أهل الفردوس الأعلى, التي أعدها الله للمقربين من عباده, والمصطفين من خلقه, وأهل الصفوة, أهل وداده.
" وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ " فيجازي كلا بحسب علمه, وبما يعلمه من مقصده.
وإنما أمر الله العباد بالأعمال الصالحة, ونهاهم عن الأعمال السيئة, رحمة بهم, وقصدا لمصالحهم.
كما أن أهل الثواب والجنة, وإن اشتركوا في الربح والفلاح ودخول.
الجنة, فإن بينهم من الفرق, ما لا يعلمه إلا الله, مع أنهم كلهم, رضوا بما آتاهم مولاهم, وقنعوا بما حباهم.
فنسأله تعالى, أن يجعلنا من أهل الفردوس الأعلى, التي أعدها الله للمقربين من عباده, والمصطفين من خلقه, وأهل الصفوة, أهل وداده.
" وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ " فيجازي كلا بحسب علمه, وبما يعلمه من مقصده.
وإنما أمر الله العباد بالأعمال الصالحة, ونهاهم عن الأعمال السيئة, رحمة بهم, وقصدا لمصالحهم.
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ↓
وإلا, فهو الغني بذاته, عن جميع مخلوقاته, فلا تنفعه طاعة الطائعين, كما لا تضره معصية العاصين.
" إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ " بالإهلاك " وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ " .
فإذا عرفتم بأنكم, لا بد أن تنتقلوا من هذه الدار, كما انتقل غيركم, وترحلون منها, وتخلونها لمن بعدكم, كما رحل عنها من قبلكم, وخلوها لكم.
فلم اتخذتموها قرارا؟ وتوطنتم بها, ونسيتم أنها دار ممر لا دار مقر.
وأن أمامكم دارا, هي الدار التي جمعت كل نعيم وسلمت من كل آفة ونقص؟ وهي الدار التي يسعى إليها الأولون والآخرون, ويرتحل نحوها, السابقون واللاحقون.
التي إذا وصلوها, فثم الخلود الدائم, والإقامة اللازمة, والغاية التي لا غاية وراءها, والمطلوب الذي ينتهي إليه كل مطلوب, والمرغوب الذي يضمحل دونه كل مرغوب.
هنالك, والله, ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, ويتنافس فيه المتنافسون, من لذة الأرواح, وكثرة الأفراح, ونعيم الأبدان والقلوب, والقرب من علام الغيوب.
فلله همة, تعلقت بتلك الكرامات, وإرادة سمت إلى أعلى الدرجات!! وما أبخس حظ من رضي بالدون, وأدنى همة من اختار صفقة المغبون!! ولا يستبعد المعرض الغافل, سرعة الوصول إلى هذه الدار.
" إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ " بالإهلاك " وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ " .
فإذا عرفتم بأنكم, لا بد أن تنتقلوا من هذه الدار, كما انتقل غيركم, وترحلون منها, وتخلونها لمن بعدكم, كما رحل عنها من قبلكم, وخلوها لكم.
فلم اتخذتموها قرارا؟ وتوطنتم بها, ونسيتم أنها دار ممر لا دار مقر.
وأن أمامكم دارا, هي الدار التي جمعت كل نعيم وسلمت من كل آفة ونقص؟ وهي الدار التي يسعى إليها الأولون والآخرون, ويرتحل نحوها, السابقون واللاحقون.
التي إذا وصلوها, فثم الخلود الدائم, والإقامة اللازمة, والغاية التي لا غاية وراءها, والمطلوب الذي ينتهي إليه كل مطلوب, والمرغوب الذي يضمحل دونه كل مرغوب.
هنالك, والله, ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, ويتنافس فيه المتنافسون, من لذة الأرواح, وكثرة الأفراح, ونعيم الأبدان والقلوب, والقرب من علام الغيوب.
فلله همة, تعلقت بتلك الكرامات, وإرادة سمت إلى أعلى الدرجات!! وما أبخس حظ من رضي بالدون, وأدنى همة من اختار صفقة المغبون!! ولا يستبعد المعرض الغافل, سرعة الوصول إلى هذه الدار.
" إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ " لله, فارين من عقابه, فإن نواصيكم تحت قبضته, وأنتم تحت تدبيره وتصرفه.
قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ↓
" قُلْ " يا أيها الرسول لقومك: إذا دعوتهم إلى الله, وبينت لهم ما لهم وما عليهم من حقوقه, فامتنعوا من الانقياد لأمره, واتبعوا أهواءهم, واستمروا على شركهم: " يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ " أي: على حالتكم التي أنتم عليها, ورضيتموها لأنفسكم.
" إِنِّي عَامِلٌ " على أمر الله, ومتبع لمراضى الله.
" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ " أنا أو أنتم.
وهذا من الإنصاف, بموضع عظيم حيث بين الأعمال وعامليها, وجعل الجزاء مقرونا بنظر البصير, ضاربا فيه صفحا, عن التصريح الذي, يغني عنه التلويح.
وقد علم أن العاقبة الحسنة, في الدنيا والآخرة, للمتقين.
وأن المؤمنين لهم عقبى الدار, وأن كل معرض عن ما جاءت به الرسل, عاقبته سوء وشر, ولهذا قال: " إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ " فكل ظالم, وإن تمتع في الدنيا بما تمتع به, فنهايته فيه, الاضمحلال والتلف " إن الله ليملي للظالم, حتى إذا أخذه لم يفلته " .
" إِنِّي عَامِلٌ " على أمر الله, ومتبع لمراضى الله.
" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ " أنا أو أنتم.
وهذا من الإنصاف, بموضع عظيم حيث بين الأعمال وعامليها, وجعل الجزاء مقرونا بنظر البصير, ضاربا فيه صفحا, عن التصريح الذي, يغني عنه التلويح.
وقد علم أن العاقبة الحسنة, في الدنيا والآخرة, للمتقين.
وأن المؤمنين لهم عقبى الدار, وأن كل معرض عن ما جاءت به الرسل, عاقبته سوء وشر, ولهذا قال: " إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ " فكل ظالم, وإن تمتع في الدنيا بما تمتع به, فنهايته فيه, الاضمحلال والتلف " إن الله ليملي للظالم, حتى إذا أخذه لم يفلته " .
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ↓
يخبر تعالى, عما عليه المشركون المكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم, من سفاهة العقل, وخفة الأحلام, والجهل البليغ.
وعدد تبارك وتعالى شيئا من خرافاتهم, لينبه بذلك, على ضلالهم, والحذر منهم, وأن معارضة أمثال هؤلاء السفهاء للحق, الذي جاء به الرسول, لا تقدح فيه أصلا فإنهم لا أهلية, لهم في مقابلة الحق.
فذكر من ذلك أنهم جعلوا " لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا " ولشركائهم من ذلك نصيبا.
والحال أن الله تعالى, الذي ذرأه للعباد, وأوجده رزقا, فجمعوا بين محذورين محظورين بل ثلاثة محاذير.
منتهم على الله, في جعلهم له نصيبا, مع اعتقادهم أن ذلك منهم, تبرع.
وإشراك الشركاء, الذين لم يرزقوهم, ولم يوجدوا لهم شيئا في ذلك.
وحكمهم الجائر, في أن ما كان لله, لم يبالوا به, ولم يهتموا, ولو كان واصلا إلى الشركاء.
وما كان لشركائهم اعتنوا به, واحتفظوا به, لم يصل إلى الله, منه شيء.
وذلك أنهم إذا حصل لهم - من زروعهم وثمارهم وأنعامهم, التي أوجدها الله لهم - شيء جعلوه قسمين: قسما قالوا: هذا لله بقولهم وزعمهم, وإلا فالله لا يقبل إلا ما كان خالصا لوجهه, ولا يقبل عمل من أشرك به.
وقسما, جعلوه حصة شركائهم من الأوثان والأنداد.
قإن وصل شيء مما جعلوه لله, واختلط بما جعلوه لغيره, لم يبالوا بذلك.
وقالوا: الله غني عنه, فلا يردونه.
وإن وصل شيء مما جعلوه لآلهتهم إلى ما جعلوه لله, ردوه إلى محله.
وقالوا: إنها فقيرة, لا بد من رد نصيبها.
فهل أسوأ من هذا الحكم.
وأظلم؟!! حيث جعلوا ما للمخلوق, يجتهد فيه وينصح, ويحفظ, أكثر مما يفعل بحق الله.
ويحتمل أن تأويل الآية الكريمة, ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الله تعالى أنه قال: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من أشرك معي شيئا تركته وشركه " .
وأن معنى الآية أن ما جعلوه, وتقربوا به لأوثانهم, فهو تقرب خالص لغير الله, ليس لله منه شيء.
وما جعلوه لله - على زعمهم - فإنه لا يصل إليه لكونه شركا, بل يكون حظ الشركاء والأنداد, لأن الله غني عنه, لا يقبل العمل الذي أشرك به معه أحد من الخلق.
وعدد تبارك وتعالى شيئا من خرافاتهم, لينبه بذلك, على ضلالهم, والحذر منهم, وأن معارضة أمثال هؤلاء السفهاء للحق, الذي جاء به الرسول, لا تقدح فيه أصلا فإنهم لا أهلية, لهم في مقابلة الحق.
فذكر من ذلك أنهم جعلوا " لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا " ولشركائهم من ذلك نصيبا.
والحال أن الله تعالى, الذي ذرأه للعباد, وأوجده رزقا, فجمعوا بين محذورين محظورين بل ثلاثة محاذير.
منتهم على الله, في جعلهم له نصيبا, مع اعتقادهم أن ذلك منهم, تبرع.
وإشراك الشركاء, الذين لم يرزقوهم, ولم يوجدوا لهم شيئا في ذلك.
وحكمهم الجائر, في أن ما كان لله, لم يبالوا به, ولم يهتموا, ولو كان واصلا إلى الشركاء.
وما كان لشركائهم اعتنوا به, واحتفظوا به, لم يصل إلى الله, منه شيء.
وذلك أنهم إذا حصل لهم - من زروعهم وثمارهم وأنعامهم, التي أوجدها الله لهم - شيء جعلوه قسمين: قسما قالوا: هذا لله بقولهم وزعمهم, وإلا فالله لا يقبل إلا ما كان خالصا لوجهه, ولا يقبل عمل من أشرك به.
وقسما, جعلوه حصة شركائهم من الأوثان والأنداد.
قإن وصل شيء مما جعلوه لله, واختلط بما جعلوه لغيره, لم يبالوا بذلك.
وقالوا: الله غني عنه, فلا يردونه.
وإن وصل شيء مما جعلوه لآلهتهم إلى ما جعلوه لله, ردوه إلى محله.
وقالوا: إنها فقيرة, لا بد من رد نصيبها.
فهل أسوأ من هذا الحكم.
وأظلم؟!! حيث جعلوا ما للمخلوق, يجتهد فيه وينصح, ويحفظ, أكثر مما يفعل بحق الله.
ويحتمل أن تأويل الآية الكريمة, ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الله تعالى أنه قال: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من أشرك معي شيئا تركته وشركه " .
وأن معنى الآية أن ما جعلوه, وتقربوا به لأوثانهم, فهو تقرب خالص لغير الله, ليس لله منه شيء.
وما جعلوه لله - على زعمهم - فإنه لا يصل إليه لكونه شركا, بل يكون حظ الشركاء والأنداد, لأن الله غني عنه, لا يقبل العمل الذي أشرك به معه أحد من الخلق.
وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ↓
ومن سفه المشركين وضلالهم, أنه زين لكثير من المشركين شركاؤهم - أي: رؤساؤهم وشياطينهم - قتل أولادهم, وهو: الوأد, الذين يدفنون أولادهم وهم وأحياء خشية الافتقار, والإناث خشية العار.
وكل هذا من خدع الشياطين الذين يريدون أن يردوهم بالهلاك, ويلبسوا عليهم دينهم, فيفعلون الأفعال التي في غاية القبح.
ولا يزال شركاؤهم يزينونها لهم, حتى تكون عندهم من الأمور الحسنة والخصال المستحسنة.
ولو شاء الله أن يمنعهم, ويحول بينهم وبين هذه الأفعال, ويمنع أولادهم عن قتال الأبوين لهم, ما فعلوه.
ولكن اقتضت حكمته, للتخلية بينهم وبين أفعالهم, استدراجا منه لهم, وإمهالا لهم, وعدم مبالاة بما هم عليه, ولهذا قال: " فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " أي: دعهم مع كذبهم وافترائهم, ولا تحزن عليهم, فإنهم لن يضروا الله شيئا.
وكل هذا من خدع الشياطين الذين يريدون أن يردوهم بالهلاك, ويلبسوا عليهم دينهم, فيفعلون الأفعال التي في غاية القبح.
ولا يزال شركاؤهم يزينونها لهم, حتى تكون عندهم من الأمور الحسنة والخصال المستحسنة.
ولو شاء الله أن يمنعهم, ويحول بينهم وبين هذه الأفعال, ويمنع أولادهم عن قتال الأبوين لهم, ما فعلوه.
ولكن اقتضت حكمته, للتخلية بينهم وبين أفعالهم, استدراجا منه لهم, وإمهالا لهم, وعدم مبالاة بما هم عليه, ولهذا قال: " فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " أي: دعهم مع كذبهم وافترائهم, ولا تحزن عليهم, فإنهم لن يضروا الله شيئا.
وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ↓
ومن أنواع سفاهتهم أن الأنعام التي أحلها الله لهم عموما, وجعلها رزقا ورحمة, يتمتعون بها, وينتفعون, قد اخترعوا فيها بدعا وأقوالا, من تلقاء أنفسهم.
فعندهم اصطلاح في بعض الأنعام والحرث أنهم يقولون فيها: " هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ " أي: محرم " لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ " أي: لا يجوز أن يطعمه أحد, إلا من أردنا أن يطعمه, أو وصفناه بوصف من عندنا.
وكل هذا - بزعمهم - لا مستند لهم ولا حجة, إلا أهويتهم, وآراؤهم الفاسدة.
وأنعام ليست محرمة من كل وجه, بل يحرمون ظهورها, أي: بالركوب والحمل عليها, ويحمون ظهرها, ويسمونها الحام.
وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها, بل يذكرون اسم أصنامهم, وما كانوا يعبدون من دون الله عليها, وينسبون تلك الأفعال إلى الله, وهم كذبة فجار في ذلك.
" سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " على الله, من إحلال الشرك, وتحريم الحلال, من الأكل, والمنافع.
فعندهم اصطلاح في بعض الأنعام والحرث أنهم يقولون فيها: " هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ " أي: محرم " لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ " أي: لا يجوز أن يطعمه أحد, إلا من أردنا أن يطعمه, أو وصفناه بوصف من عندنا.
وكل هذا - بزعمهم - لا مستند لهم ولا حجة, إلا أهويتهم, وآراؤهم الفاسدة.
وأنعام ليست محرمة من كل وجه, بل يحرمون ظهورها, أي: بالركوب والحمل عليها, ويحمون ظهرها, ويسمونها الحام.
وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها, بل يذكرون اسم أصنامهم, وما كانوا يعبدون من دون الله عليها, وينسبون تلك الأفعال إلى الله, وهم كذبة فجار في ذلك.
" سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " على الله, من إحلال الشرك, وتحريم الحلال, من الأكل, والمنافع.
وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ↓
ومن آرائهم السخيفة أنهم يجعلون بعض الأنعام, ويعينونها - محرما ما في بطنها, على الإناث دون الذكور, فيقولون: " مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا " أي: حلال لهم, لا يشاركهم فيها النساء.
" وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا " أي: نسائنا, هذا إذا ولد حيا.
وإن يكن ما في بطنها يولد ميتا, فهم فيه شركاء, أي: فهو حلال للذكور والإناث.
" سَيَجْزِيهِمْ " الله " وَصْفَهُمْ " حين وصفوا ما أحله الله, بأنه حرام, ووصفوا الحرام بالحلال, فناقضوا شرع الله, وخالفوه, ونسبوا ذلك إلى الله.
" إِنَّهُ حَكِيمٌ " حيث أمهل لهم, ومكنهم مما هم فيه من الضلال.
" عَلِيمٌ " بهم, لا تخفى عليه خافية, وهو تعالى, يعلم بهم وبما قالوه عليه وافتروه, وهو يعافيهم, ويرزقهم, جل جلاله.
" وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا " أي: نسائنا, هذا إذا ولد حيا.
وإن يكن ما في بطنها يولد ميتا, فهم فيه شركاء, أي: فهو حلال للذكور والإناث.
" سَيَجْزِيهِمْ " الله " وَصْفَهُمْ " حين وصفوا ما أحله الله, بأنه حرام, ووصفوا الحرام بالحلال, فناقضوا شرع الله, وخالفوه, ونسبوا ذلك إلى الله.
" إِنَّهُ حَكِيمٌ " حيث أمهل لهم, ومكنهم مما هم فيه من الضلال.
" عَلِيمٌ " بهم, لا تخفى عليه خافية, وهو تعالى, يعلم بهم وبما قالوه عليه وافتروه, وهو يعافيهم, ويرزقهم, جل جلاله.
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاء عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ↓
ثم بين خسرانهم وسفاهة عقولهم فقال: " قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ " أي: خسروا دينهم وأولادهم, وعقولهم, وصار وصفهم - بعد العقول.
الرزينة - السفه المردي, والضلال.
" وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ " أي: ما جعله رحمة لهم, وساقه رزقا لهم.
فردوا كرامة ربهم, ولم يكتفوا بذلك, بل وصفوها بأنها حرام, وهي من أحل الحلال.
وكل هذا " افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ " أي: كذب يكذب به كل معاند كفار.
" قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ " أي: قد ضلوا ضلالا بعيدا, ولم يكونوا مهتدين في شيء من أمورهم.
الرزينة - السفه المردي, والضلال.
" وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ " أي: ما جعله رحمة لهم, وساقه رزقا لهم.
فردوا كرامة ربهم, ولم يكتفوا بذلك, بل وصفوها بأنها حرام, وهي من أحل الحلال.
وكل هذا " افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ " أي: كذب يكذب به كل معاند كفار.
" قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ " أي: قد ضلوا ضلالا بعيدا, ولم يكونوا مهتدين في شيء من أمورهم.
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ↓
لما ذكر تعالى تصرف المشركين في كثير مما أحله الله لهم, من الحروث والأنعام, ذكر تبارك وتعالى, نعمته عليهم بذلك, ووظيفتهم اللازمة عليهم, في الحروث والأنعام فقال: " وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ " أي: بساتين, فيها أنواع الأشجار المتنوعة, والنباتات المختلفة.
" مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ " أي: بعض تلك الجنات, مجعول لها عرش, تنتشر عليه الأشجار, ويعاونها في النهوض عن الأرض.
وبعضها خال من العروش, تنبت على ساق, أو تنفرش في الأرض.
وفي هذا تنبيه على كثرة منافعها, وخيراتها, وأنه تعالى, علم العباد كيف يعرشونها, وينمونها.
وأنشأ تعالى النخل " وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ " أي: كله في محل واحد, ويشرب من ماء واحد, ويفضل الله بعضه على بعض في الأكل.
وخص تعالى, النخل, والزرع على اختلاف أنواعه, لكثرة منافعها, ولكونها هي القوت لأكثر الخلق.
وأنشأ تعالى الزيتون " وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا " في شجره " وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ " في ثمره وطعمه.
كأنه قيل: لأي شيء أنشأ الله هذه الجنات, وما عطف عليها؟ فأخبر أنه أنشأها لمنافع العباد فقال: " كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ " أي: النخل والزرع " إِذَا أَثْمَرَ " .
" وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ " أي: أعطوا حق الزرع, وهو الزكاة ذات الأنصباء المقدرة في الشرع.
أمرهم أن يعطوها يوم حصادها, وذلك لأن حصاد الزرع, بمنزلة حولان الحول.
لأنه الوقت, الذي تتشوف إليه نفوس الفقراء, ويسهل حينئذ إخراجه على أهل الزرع, ويكون الأمر فيها ظاهرا, لمن أخرجها, حتى يتميز المخرج ممن لا يخرج.
وقوله: " وَلَا تُسْرِفُوا " يعم النهي عن الإسراف في الأكل, وهو: مجاوزة الحد والعادة, وأن يأكل صاحب الزرع أكلا يضر بالزكاة, والإسراف في إخراج حق الزرع, بحيث يخرج فوق الواجب عليه, أو يضر نفسه أو عائلته أو غرماءه.
فكل هذا, من الإسراف الذي نهى الله عنه, الذي لا يحبه الله, بل يبغضه ويمقت عليه.
وفي هذه الآية, دليل على وجوب الزكاة في الثمار, وأنه لا حول لها, بل حولها, حصادها في الزروع, وجذاذ النخيل.
وأنه لا تتكرر فها الزكاة, لو مكثت عند العبد أحوالا كثيرة, إذا كانت لغير التجارة, لأن الله لم يأمر بالإخراج منه, إلا وقت حصاده.
وأنه لو أصابها آفه قبل ذلك بغير تفريط من صاحب الزرع والثمر, أنه لا يضمنها, وأنه يجوز الأكل من النخل والزرع, قبل إخراج الزكاة منه, وأنه لا يحسب ذلك من الزكاة, بل يزكي المال الذي يبق بعده.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم, يبعث خارصا, يخرص للناس ثمارهم, ويأمره أن يدع لأهلها الثلث, أو الربع, بحسب ما يعتريها من الأكل وغيره, من أهلها, وغيرهم.
" مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ " أي: بعض تلك الجنات, مجعول لها عرش, تنتشر عليه الأشجار, ويعاونها في النهوض عن الأرض.
وبعضها خال من العروش, تنبت على ساق, أو تنفرش في الأرض.
وفي هذا تنبيه على كثرة منافعها, وخيراتها, وأنه تعالى, علم العباد كيف يعرشونها, وينمونها.
وأنشأ تعالى النخل " وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ " أي: كله في محل واحد, ويشرب من ماء واحد, ويفضل الله بعضه على بعض في الأكل.
وخص تعالى, النخل, والزرع على اختلاف أنواعه, لكثرة منافعها, ولكونها هي القوت لأكثر الخلق.
وأنشأ تعالى الزيتون " وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا " في شجره " وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ " في ثمره وطعمه.
كأنه قيل: لأي شيء أنشأ الله هذه الجنات, وما عطف عليها؟ فأخبر أنه أنشأها لمنافع العباد فقال: " كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ " أي: النخل والزرع " إِذَا أَثْمَرَ " .
" وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ " أي: أعطوا حق الزرع, وهو الزكاة ذات الأنصباء المقدرة في الشرع.
أمرهم أن يعطوها يوم حصادها, وذلك لأن حصاد الزرع, بمنزلة حولان الحول.
لأنه الوقت, الذي تتشوف إليه نفوس الفقراء, ويسهل حينئذ إخراجه على أهل الزرع, ويكون الأمر فيها ظاهرا, لمن أخرجها, حتى يتميز المخرج ممن لا يخرج.
وقوله: " وَلَا تُسْرِفُوا " يعم النهي عن الإسراف في الأكل, وهو: مجاوزة الحد والعادة, وأن يأكل صاحب الزرع أكلا يضر بالزكاة, والإسراف في إخراج حق الزرع, بحيث يخرج فوق الواجب عليه, أو يضر نفسه أو عائلته أو غرماءه.
فكل هذا, من الإسراف الذي نهى الله عنه, الذي لا يحبه الله, بل يبغضه ويمقت عليه.
وفي هذه الآية, دليل على وجوب الزكاة في الثمار, وأنه لا حول لها, بل حولها, حصادها في الزروع, وجذاذ النخيل.
وأنه لا تتكرر فها الزكاة, لو مكثت عند العبد أحوالا كثيرة, إذا كانت لغير التجارة, لأن الله لم يأمر بالإخراج منه, إلا وقت حصاده.
وأنه لو أصابها آفه قبل ذلك بغير تفريط من صاحب الزرع والثمر, أنه لا يضمنها, وأنه يجوز الأكل من النخل والزرع, قبل إخراج الزكاة منه, وأنه لا يحسب ذلك من الزكاة, بل يزكي المال الذي يبق بعده.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم, يبعث خارصا, يخرص للناس ثمارهم, ويأمره أن يدع لأهلها الثلث, أو الربع, بحسب ما يعتريها من الأكل وغيره, من أهلها, وغيرهم.
وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ↓
أي: وخلق وأنشأ من " الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا " أي: بعضها, تحملون عليه وتركبونه, وبعضها, لا تصلح للحمل والركوب عليها, لصغرها, كالفصلان ونحوها, وهي الفرش.
فهي من جهة الحمل والركوب, تنقسم إلى هذين القسمين.
وأما من جهة الأكل, وأنواع الانتفاع, فإنها كلها, تؤكل, وينتفع بها.
ولهذا قال: " كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ " أي: طرقه وأعماله, التي من جملتها, أن تحرموا بعض ما رزقكم الله.
" إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " فلا يأمركم إلا بما فيه مضرتكم وشقاؤكم الأبدي.
فهي من جهة الحمل والركوب, تنقسم إلى هذين القسمين.
وأما من جهة الأكل, وأنواع الانتفاع, فإنها كلها, تؤكل, وينتفع بها.
ولهذا قال: " كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ " أي: طرقه وأعماله, التي من جملتها, أن تحرموا بعض ما رزقكم الله.
" إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " فلا يأمركم إلا بما فيه مضرتكم وشقاؤكم الأبدي.
ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ↑
وهذه الأنعام التي امتن الله بها على عباده, وجعلها كلها حلالا طيبا, فصلها بأنها: " ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ " ذكر وأنثى " وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ " كذلك.
فهذه أربعة, كلها داخلة فيما أحل الله, لا فرق بين شيء منها.
فقل لهؤلاء المتكلفين, الذين يحرمون منها شيئا دون شيء, أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور, ملزما لهم بعدم وجود الفرق, بين ما أباحوا منها, وحرموا: " آلذَّكَرَيْنِ " من الضأن والمعز " حَرَّمَ " الله, فلستم تقولون بذلك وتطردونه.
" أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ " حرم الله من الضأن والمعز, فليس هذا قولكم, لا تحريم الذكور الخالص, ولا الإناث الخلص من الصنفين.
بقي إذا كان الرحم مشتملا, على ذكر وأنثى, أو على مجهول فقال: " أَمْ " تحرمون ما " اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ " أي: أنثى الضأن, وأنثى المعز, من غير فرق, بين ذكر وأنثى, فلستم تقولون أيضا بهذا القول.
فإذا كنتم لا تقولون بأحد هذه الأقوال الثلاثة, التي حصرت الأقسام الممكنة في ذلك, فإلى أي شيء تذهبون؟.
" نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " في قولكم ودعواكم.
ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولا سائغا في العقل, إلا واحدا من هذه الثلاثة.
وهم لا ويقولون بشيء منها إنما يقولون: إن بعض الأنعام التي يصطلحون عليها اصطلاحات من عند أنفسهم, حرام على الإناث, دون الذكور, أو محرمة في وقت من الأوقات, أو نحو ذلك من الأقوال.
التي يعلم علما لا شك فيه, أن مصدرها, من الجهل المركب, والعقول المختلفة المنحرفة, والآراء الفاسدة, وأن الله, ما أنزل - بما قالوه - من سلطان, ولا لهم عليه, حجة, ولا برهان.
فهذه أربعة, كلها داخلة فيما أحل الله, لا فرق بين شيء منها.
فقل لهؤلاء المتكلفين, الذين يحرمون منها شيئا دون شيء, أو يحرمون بعضها على الإناث دون الذكور, ملزما لهم بعدم وجود الفرق, بين ما أباحوا منها, وحرموا: " آلذَّكَرَيْنِ " من الضأن والمعز " حَرَّمَ " الله, فلستم تقولون بذلك وتطردونه.
" أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ " حرم الله من الضأن والمعز, فليس هذا قولكم, لا تحريم الذكور الخالص, ولا الإناث الخلص من الصنفين.
بقي إذا كان الرحم مشتملا, على ذكر وأنثى, أو على مجهول فقال: " أَمْ " تحرمون ما " اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ " أي: أنثى الضأن, وأنثى المعز, من غير فرق, بين ذكر وأنثى, فلستم تقولون أيضا بهذا القول.
فإذا كنتم لا تقولون بأحد هذه الأقوال الثلاثة, التي حصرت الأقسام الممكنة في ذلك, فإلى أي شيء تذهبون؟.
" نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " في قولكم ودعواكم.
ومن المعلوم أنهم لا يمكنهم أن يقولوا قولا سائغا في العقل, إلا واحدا من هذه الثلاثة.
وهم لا ويقولون بشيء منها إنما يقولون: إن بعض الأنعام التي يصطلحون عليها اصطلاحات من عند أنفسهم, حرام على الإناث, دون الذكور, أو محرمة في وقت من الأوقات, أو نحو ذلك من الأقوال.
التي يعلم علما لا شك فيه, أن مصدرها, من الجهل المركب, والعقول المختلفة المنحرفة, والآراء الفاسدة, وأن الله, ما أنزل - بما قالوه - من سلطان, ولا لهم عليه, حجة, ولا برهان.
وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ↓
ثم ذكر في الإبل والبقر مثل ذلك.
فلما بين بطلان قولهم, وفساده, قال لهم قولا, لا حيلة لهم في الخررج من تبعته, إلا في اتباع شرع الله.
" أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا " أي: لم يبق عليكم إلا دعوى, لا سبيل لكم إلى صدقها وصحتها.
وهي: أن تقولوا: إن الله وصانا بذلك, وأوحى إلينا كما أوحى إلى رسله.
بل أوحى إلينا وحيا مخالفا لما دعت إليه الرسل, ونزلت به الكتب وهذا افتراء لا يجهله أحد, ولهذا قال: " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ " أي: مع كذبه وافترائه على الله, قصده بذلك, ضلال عباد الله عن سبيل الله, بغير بينة منه ولا برهان, ولا عقل ولا نقل.
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " الذين لا إرادة لهم, في غير الظلم والجور, والافتراء على الله.
فلما بين بطلان قولهم, وفساده, قال لهم قولا, لا حيلة لهم في الخررج من تبعته, إلا في اتباع شرع الله.
" أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا " أي: لم يبق عليكم إلا دعوى, لا سبيل لكم إلى صدقها وصحتها.
وهي: أن تقولوا: إن الله وصانا بذلك, وأوحى إلينا كما أوحى إلى رسله.
بل أوحى إلينا وحيا مخالفا لما دعت إليه الرسل, ونزلت به الكتب وهذا افتراء لا يجهله أحد, ولهذا قال: " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ " أي: مع كذبه وافترائه على الله, قصده بذلك, ضلال عباد الله عن سبيل الله, بغير بينة منه ولا برهان, ولا عقل ولا نقل.
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " الذين لا إرادة لهم, في غير الظلم والجور, والافتراء على الله.
قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ↓
لما ذكر تعالى ذم المشركين, على ما حرموا من الحلال, ونسبوه إلى الله, وأبطل قولهم.
أمر تعالى رسوله, أن يبين للناس, ما حرمه الله عليهم, ليعلموا أن ما عدا ذلك حلال.
من نسب تحريمه إلى الله, فهو كاذب مبطل, لأن التحريم لا يكون, إلا من عند الله على لسان رسوله, وقد قال رسوله: " قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ " أي: محرما أكله, بقطع النظر عن تحريم الأنتفاع بغير الأكل وعدمه.
" إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً " والميتة: ما مات بغير ذكاة شرعية, فإن ذلك لا يحل.
كما قال تعالى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ " .
" أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا " وهو: الدم الذي لا يخرج من الذبيحة عند ذكاتها, فإنه الدم الذي يضر احتباسه في البدن, فإذا خرج من البدن, زال الضرر بأكل اللحم.
ومفهوم هذا اللفظ, أن الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح, أنه حلال طاهر.
" أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ " أي: فإن هذه الأشياء الثلاثة, رجس, أي: خبث نجس مضر, حرمه الله, لطفا بكم, ونزاهة لكم عن مقاربة الخبائث.
" أَوْ " إلا أن تكون الذبيحة مذبوحة لغير الله, من الأوثان, والآلهة التي يعبدها المشركون, فإن هذا, من الفسق الذي هو الخروج عن طاعة الله إلى معصيته.
" فَمَنِ اضْطُرَّ " أي: ومع هذا, فهذه الأشياء المحرمات, من اضطر إليها, أي: حملته الحاجة والضرورة إلى أكل شيء منها, بأن لم يكن عنده شيء, وخاف على نفسه التلف.
" غَيْرَ بَاغٍ " أي: مريد لأكلها, من غير اضطرار.
" وَلَا عَادٍ " أي: متجاوز للحد, بأن يأكل زيادة عن حاجته.
" فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " أي: فالله قد سامح من كان بهذه الحال.
واختلف العلماء رحمهم الله في هذا الحصر المذكور, في هذه الآية, مع أن ثم محرمات لم تذكر فيها, كالسباع, وكل ذي مخلب من الطير ونحو ذلك.
فقال بعضهم: إن هذه الآية, نازلة قبل, تحريم ما زاد, على ما ذكر فيها.
فلا ينافي هذا الحصر المذكور فيها, التحريم المتأخر بعد ذلك, لأنه لم يجده فيما أوحى إليه في ذلك الوقت.
وقال بعضهم: إن هذه الآية مشتملة على سائر المحرمات, بعضها صريحا, وبعضها يؤخذ من المعنى وعموم العلة.
فإن قوله تعالى في تعليل الميتة والدم ولحم الخنزير, أو الأخير منها فقط: " فَإِنَّهُ رِجْسٌ " وصف شامل لكل محرم.
فإن المحرمات كلها, رجس, وخبث, وهي من أخبث الخبائث المستقذرة, التي حرمها الله على عباده, صيانة لهم, وتكرمة عن مباشرة الخبيث الرجس.
ويؤخذ تفاصيل الرجس المحرم, من السنة, فإنها تفسر القرآن, وتبين المقصود منه.
فإذا كان الله تعالى, لم يحرم من المطاعم, إلا ما ذكر, والتحريم لا يكون مصدره, إلا شرع الله - دل ذلك على أن المشركين, الذين حرموا ما رزقهم الله, مفترون على الله, متقولون عليه ما لم يقل.
وفي الآية احتمال قوي, لولا أن الله ذكر فيها الخنزير.
وهو: أن السياق في نقض أقوال المشركين المتقدمة, في تحريمهم لما أحله الله, وخوضهم بذلك, بحسب ما سولت لهم أنفسهم, وذلك في بهيمة الأنعام خاصة.
وليس منها, محرم إلا ما ذكر في الآية: الميتة منها, وما أهل لغير الله به, وما سوى ذلك, فحلال.
ولعل مناسبة ذكر الخنزير هنا, على هذا الاحتمال, أن بعض الجهال, قد يدخله في بهيمة الأنعام, وأنه نوع من أنواع الغنم, كما قد يتوهمه جهلة النصارى وأشباههم, فينمونها, كما ينمون المواشي, ويستحلونها, ولا يفرقون بينها وبين الأنعام.
فهذا المحرم على هذه الأمة كلها, من باب التنزيه لهم والصيانة.
أمر تعالى رسوله, أن يبين للناس, ما حرمه الله عليهم, ليعلموا أن ما عدا ذلك حلال.
من نسب تحريمه إلى الله, فهو كاذب مبطل, لأن التحريم لا يكون, إلا من عند الله على لسان رسوله, وقد قال رسوله: " قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ " أي: محرما أكله, بقطع النظر عن تحريم الأنتفاع بغير الأكل وعدمه.
" إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً " والميتة: ما مات بغير ذكاة شرعية, فإن ذلك لا يحل.
كما قال تعالى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ " .
" أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا " وهو: الدم الذي لا يخرج من الذبيحة عند ذكاتها, فإنه الدم الذي يضر احتباسه في البدن, فإذا خرج من البدن, زال الضرر بأكل اللحم.
ومفهوم هذا اللفظ, أن الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح, أنه حلال طاهر.
" أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ " أي: فإن هذه الأشياء الثلاثة, رجس, أي: خبث نجس مضر, حرمه الله, لطفا بكم, ونزاهة لكم عن مقاربة الخبائث.
" أَوْ " إلا أن تكون الذبيحة مذبوحة لغير الله, من الأوثان, والآلهة التي يعبدها المشركون, فإن هذا, من الفسق الذي هو الخروج عن طاعة الله إلى معصيته.
" فَمَنِ اضْطُرَّ " أي: ومع هذا, فهذه الأشياء المحرمات, من اضطر إليها, أي: حملته الحاجة والضرورة إلى أكل شيء منها, بأن لم يكن عنده شيء, وخاف على نفسه التلف.
" غَيْرَ بَاغٍ " أي: مريد لأكلها, من غير اضطرار.
" وَلَا عَادٍ " أي: متجاوز للحد, بأن يأكل زيادة عن حاجته.
" فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " أي: فالله قد سامح من كان بهذه الحال.
واختلف العلماء رحمهم الله في هذا الحصر المذكور, في هذه الآية, مع أن ثم محرمات لم تذكر فيها, كالسباع, وكل ذي مخلب من الطير ونحو ذلك.
فقال بعضهم: إن هذه الآية, نازلة قبل, تحريم ما زاد, على ما ذكر فيها.
فلا ينافي هذا الحصر المذكور فيها, التحريم المتأخر بعد ذلك, لأنه لم يجده فيما أوحى إليه في ذلك الوقت.
وقال بعضهم: إن هذه الآية مشتملة على سائر المحرمات, بعضها صريحا, وبعضها يؤخذ من المعنى وعموم العلة.
فإن قوله تعالى في تعليل الميتة والدم ولحم الخنزير, أو الأخير منها فقط: " فَإِنَّهُ رِجْسٌ " وصف شامل لكل محرم.
فإن المحرمات كلها, رجس, وخبث, وهي من أخبث الخبائث المستقذرة, التي حرمها الله على عباده, صيانة لهم, وتكرمة عن مباشرة الخبيث الرجس.
ويؤخذ تفاصيل الرجس المحرم, من السنة, فإنها تفسر القرآن, وتبين المقصود منه.
فإذا كان الله تعالى, لم يحرم من المطاعم, إلا ما ذكر, والتحريم لا يكون مصدره, إلا شرع الله - دل ذلك على أن المشركين, الذين حرموا ما رزقهم الله, مفترون على الله, متقولون عليه ما لم يقل.
وفي الآية احتمال قوي, لولا أن الله ذكر فيها الخنزير.
وهو: أن السياق في نقض أقوال المشركين المتقدمة, في تحريمهم لما أحله الله, وخوضهم بذلك, بحسب ما سولت لهم أنفسهم, وذلك في بهيمة الأنعام خاصة.
وليس منها, محرم إلا ما ذكر في الآية: الميتة منها, وما أهل لغير الله به, وما سوى ذلك, فحلال.
ولعل مناسبة ذكر الخنزير هنا, على هذا الاحتمال, أن بعض الجهال, قد يدخله في بهيمة الأنعام, وأنه نوع من أنواع الغنم, كما قد يتوهمه جهلة النصارى وأشباههم, فينمونها, كما ينمون المواشي, ويستحلونها, ولا يفرقون بينها وبين الأنعام.
فهذا المحرم على هذه الأمة كلها, من باب التنزيه لهم والصيانة.
وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ↓
وأما ما حرم على أهل الكتاب, فبعضه طيب, ولكنه حرم عليهم, عقوبة لهم ولهذا قال: " وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ " وذلك كالإبل, وما أشبهها.
" وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ " بعض أجزائها, وهو: " شُحُومَهُمَا " .
وليس المحرم جميع الشحوم منها, بل شحم الإلية والثرب, ولهذا استثنى الشحم الحلال من ذلك فقال: " إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا " أي: الشحم المخالط للأمعاء " أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ " .
" ذَلِكَ " التحريم على اليهود " جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ " أي: ظلمهم وتعديهم في حقوق الله وحقوق عباده فحرم الله عليهم هذه الأشياء: عقوبة لهم, ونكالا.
" وَإِنَّا لَصَادِقُونَ " في كل ما نقول, ونفعل, ونحكم به.
ومن أصدق من الله حديثا ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
" وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ " بعض أجزائها, وهو: " شُحُومَهُمَا " .
وليس المحرم جميع الشحوم منها, بل شحم الإلية والثرب, ولهذا استثنى الشحم الحلال من ذلك فقال: " إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا " أي: الشحم المخالط للأمعاء " أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ " .
" ذَلِكَ " التحريم على اليهود " جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ " أي: ظلمهم وتعديهم في حقوق الله وحقوق عباده فحرم الله عليهم هذه الأشياء: عقوبة لهم, ونكالا.
" وَإِنَّا لَصَادِقُونَ " في كل ما نقول, ونفعل, ونحكم به.
ومن أصدق من الله حديثا ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ↓
أي: فإن كذبك هؤلاء المشركون, فاستمر على دعوتهم, بالترغيب والترهيب, وأخبرهم بأن الله " ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ " أي: عامة شاملة لجميع المخلوقات كلها.
فسارعوا إلى رحمته بأسبابها, التي رأسها وأساسها ومادتها, تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.
" وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ " أي: الذين كثر إجرامهم وذنوبهم.
فاحذروا الجرائم الموصلة, لبأس الله, التي أعظمها ورأسها, تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم.
فسارعوا إلى رحمته بأسبابها, التي رأسها وأساسها ومادتها, تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.
" وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ " أي: الذين كثر إجرامهم وذنوبهم.
فاحذروا الجرائم الموصلة, لبأس الله, التي أعظمها ورأسها, تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم.
سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ ↓
هذا إخبار من الله, أن المشركين سيحتجون على شركهم وتحريمهم, ما أحل الله بالقضاء والقدر, ويجعلون مشيئة الله الشاملة لكل شيء, من الخير والشر حجة لهم في دفع اللوم عنهم.
وقد قالوا ما أخبر الله أنهم سيقولونه, كما قال في الآية الأخرى: " وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ " الآية.
فأخبر تعالى أن هذة الحجة, لم تزل الأمم المكذبة, تدفع بها عنهم دعوة الرسل, ويحتجون بها, فلم تجد فيهم شيئا, ولم تنفعهم, فلم يزل هذا دأبهم, حتى أهكلهم الله, وأذاقهم بأسه.
فلو كانت حجة صحيحة, لدفعت عنهم العقاب, ولما أحل الله بهم العذاب, لأنه لا يحل بأسه إلا بمن استحقه.
فعلم أنها حجة فاسدة, وشبهة كاسدة, من عدة أوجه: منها: ما ذكر الله من أنها لو كانت صحيحة, لم تحل بهم العقوبة.
ومنها: أن الحجة, لا بد أن تكون حجة مستندة إلى العلم والبرهان.
فأما إذا كانت مستندة إلى مجرد الظن والخرص, الذي لا يغني من الحق شيئا, فإنها باطلة, ولهذا قال: " قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا " فلو كان لهم علم - وهم خصوم ألداء - لأخرجوه, فلما لم يخرجوه علم أنه, لا علم عندهم.
" إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ " ومن بنى حججه على الخرص والظن, فهو مبطل خاسر.
فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟
وقد قالوا ما أخبر الله أنهم سيقولونه, كما قال في الآية الأخرى: " وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ " الآية.
فأخبر تعالى أن هذة الحجة, لم تزل الأمم المكذبة, تدفع بها عنهم دعوة الرسل, ويحتجون بها, فلم تجد فيهم شيئا, ولم تنفعهم, فلم يزل هذا دأبهم, حتى أهكلهم الله, وأذاقهم بأسه.
فلو كانت حجة صحيحة, لدفعت عنهم العقاب, ولما أحل الله بهم العذاب, لأنه لا يحل بأسه إلا بمن استحقه.
فعلم أنها حجة فاسدة, وشبهة كاسدة, من عدة أوجه: منها: ما ذكر الله من أنها لو كانت صحيحة, لم تحل بهم العقوبة.
ومنها: أن الحجة, لا بد أن تكون حجة مستندة إلى العلم والبرهان.
فأما إذا كانت مستندة إلى مجرد الظن والخرص, الذي لا يغني من الحق شيئا, فإنها باطلة, ولهذا قال: " قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا " فلو كان لهم علم - وهم خصوم ألداء - لأخرجوه, فلما لم يخرجوه علم أنه, لا علم عندهم.
" إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ " ومن بنى حججه على الخرص والظن, فهو مبطل خاسر.
فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟
ومنها: أن لله الحجة البالغة, التي لم تبق لأحد عذرا, التي اتفقت عليها الأنبياء والمرسلون, والكتب الإلهية, والآثار النبوية, والعقول الصحيحة, والفطر المستقيمة, والأخلاق القويمة.
فعلم بذلك, أن كل ما خالف هذه الآية القاطعة, باطل, لأن نقيض الحق, لا يكون إلا باطلا.
ومنها: أن الله تعالى, أعطى كل مخلوق, قدرة, وإرادة, يتمكن بها, من فعل ما كلف به.
فما أوجب الله على أحد, ما لا يقدر على فعله, ولا حرم على أحد, ما لا يتمكن من تركه.
فالاحتجاج - بعد هذا - بالقضاء والقدر, ظلم محض, وعناد صرف.
ومنها: أن الله تعالى, لم يجبر العباد على أفعالهم, بل جعل أفعالهم, تبعا لاختيارهم.
فإن شاءوا, فعلوا, وإن شاءوا, كفوا.
وهذا أمر مشاهد, لا ينكره إلا من كابر, وأنكر المحسوسات.
فإن كل أحد يفرق بين الحركة الاختيارية, والحركة القسرية, وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله, ومندرجا تحت إرادته.
ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر, يتناقضون في ذلك.
فإنهم لا يمكنهم, أن يطردوا ذلك, بل لو أساء إليهم مسيء, بضرب, أو أخذ مال, أو نحو ذلك, واحتج بالقضاء والقدر, لما قبلوا منه هذا الاحتجاج, ولغضبوا من ذلك, أشد الغضب.
فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه.
ولا يرضون من أحد, أن يحتج به, في مقابلة مساخطهم؟!! ومنها: أن احتجاجهم بالقضاء والقدر, ليس مقصودا, ويعلمون أنه ليس بحجة.
وإنما المقصود منه, دفع الحق, ويرون أن الحق بمنزلة الصائل.
فهم يدفعونه, بكل ما يخطر ببالهم, من الكلام المصيب عندهم, والمخطئ.
فعلم بذلك, أن كل ما خالف هذه الآية القاطعة, باطل, لأن نقيض الحق, لا يكون إلا باطلا.
ومنها: أن الله تعالى, أعطى كل مخلوق, قدرة, وإرادة, يتمكن بها, من فعل ما كلف به.
فما أوجب الله على أحد, ما لا يقدر على فعله, ولا حرم على أحد, ما لا يتمكن من تركه.
فالاحتجاج - بعد هذا - بالقضاء والقدر, ظلم محض, وعناد صرف.
ومنها: أن الله تعالى, لم يجبر العباد على أفعالهم, بل جعل أفعالهم, تبعا لاختيارهم.
فإن شاءوا, فعلوا, وإن شاءوا, كفوا.
وهذا أمر مشاهد, لا ينكره إلا من كابر, وأنكر المحسوسات.
فإن كل أحد يفرق بين الحركة الاختيارية, والحركة القسرية, وإن كان الجميع داخلا في مشيئة الله, ومندرجا تحت إرادته.
ومنها: أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر, يتناقضون في ذلك.
فإنهم لا يمكنهم, أن يطردوا ذلك, بل لو أساء إليهم مسيء, بضرب, أو أخذ مال, أو نحو ذلك, واحتج بالقضاء والقدر, لما قبلوا منه هذا الاحتجاج, ولغضبوا من ذلك, أشد الغضب.
فيا عجبا كيف يحتجون به على معاصي الله ومساخطه.
ولا يرضون من أحد, أن يحتج به, في مقابلة مساخطهم؟!! ومنها: أن احتجاجهم بالقضاء والقدر, ليس مقصودا, ويعلمون أنه ليس بحجة.
وإنما المقصود منه, دفع الحق, ويرون أن الحق بمنزلة الصائل.
فهم يدفعونه, بكل ما يخطر ببالهم, من الكلام المصيب عندهم, والمخطئ.
قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ↓
أي: قل لمن حرم ما أحل الله, ونسب ذلك إلى الله: أحضروا شهداءكم, الذين يشهدون أن الله حرم هذا.
فإذا قيل لهم هذا الكلام, فهم بين أمرين: إما: أن لا يحضروا أحدا يشهد بهذا, فتكون دعواهم, إذا باطلة, خلية من الشهود والبرهان.
وإما: أن يحضروا أحدا, يشهد لهم بذلك, ولا يمكن أن يشهد بهذا إلا كل أفاك أثيم, غير مقبول الشهادة.
وليس هذا, من الأمور التي يصح أن يشهد بها العدول, ولهذا قال تعالى - ناهيا نبيه, وأتباعه عن هذه الشهادة-: " فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ " أي: يسوون به غيره من الأنداد والأوثان.
فإذا كانوا كافرين باليوم الآخر, غير موحدين الله, كانت أهواءهم, مناسبة لعقيدتهم, وكانت دائرة, بين الشرك والتكذيب بالحق.
فحري بهوى, هذا شأنه, أن ينهى الله خيار خلقه, عن اتباعه, وعن الشهادة مع أربابه.
وعلم حينئذ, أن تحريمهم لما أحل الله, صادر عن تلك الأهواء المضلة.
فإذا قيل لهم هذا الكلام, فهم بين أمرين: إما: أن لا يحضروا أحدا يشهد بهذا, فتكون دعواهم, إذا باطلة, خلية من الشهود والبرهان.
وإما: أن يحضروا أحدا, يشهد لهم بذلك, ولا يمكن أن يشهد بهذا إلا كل أفاك أثيم, غير مقبول الشهادة.
وليس هذا, من الأمور التي يصح أن يشهد بها العدول, ولهذا قال تعالى - ناهيا نبيه, وأتباعه عن هذه الشهادة-: " فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ " أي: يسوون به غيره من الأنداد والأوثان.
فإذا كانوا كافرين باليوم الآخر, غير موحدين الله, كانت أهواءهم, مناسبة لعقيدتهم, وكانت دائرة, بين الشرك والتكذيب بالحق.
فحري بهوى, هذا شأنه, أن ينهى الله خيار خلقه, عن اتباعه, وعن الشهادة مع أربابه.
وعلم حينئذ, أن تحريمهم لما أحل الله, صادر عن تلك الأهواء المضلة.