وَأَمَّا قَوْله : { كَذَلِكَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : ثُمَّ اِتَّبَعَ سَبَبًا كَذَلِكَ , حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلَع الشَّمْس ; وَكَذَلِكَ : مِنْ صِلَة أَتْبَعَ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا , حَتَّى بَلَغَ مَطْلَع الشَّمْس , كَمَا أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى بَلَغَ مَغْرِبهَا.
وَقَوْله : { وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خَبَرًا } يَقُول : وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا عِنْد مَطْلَع الشَّمْس عِلْمًا , لَا يَخْفَى عَلَيْنَا مَا هُنَا لَك مِنْ الْخَلْق وَأَحْوَالهمْ وَأَسْبَابهمْ , وَلَا مِنْ غَيْرهمْ , شَيْء . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الْخَبَر , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17576 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { خُبْرًا } قَالَ : عِلْمًا . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17577 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا } قَالَ : عِلْمًا .
وَقَوْله : { وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خَبَرًا } يَقُول : وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا عِنْد مَطْلَع الشَّمْس عِلْمًا , لَا يَخْفَى عَلَيْنَا مَا هُنَا لَك مِنْ الْخَلْق وَأَحْوَالهمْ وَأَسْبَابهمْ , وَلَا مِنْ غَيْرهمْ , شَيْء . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الْخَبَر , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17576 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { خُبْرًا } قَالَ : عِلْمًا . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17577 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا } قَالَ : عِلْمًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ سَارَ طُرُقًا وَمَنَازِل , وَسَلَكَ سُبُلًا .
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا ↓
{ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السَّدَّيْنِ } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ : " حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السُّدَّيْنِ " بِضَمِّ السِّين وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا فِي الْقُرْآن مِنْ ذَلِكَ بِضَمِّ السِّين . وَكَانَ بَعْض قُرَّاء الْمَكِّيِّينَ يَقْرَؤُهُ بِفَتْحِ ذَلِكَ كُلّه . وَكَانَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء يَفْتَح السِّين فِي هَذِهِ السُّورَة , وَيَضُمّ السِّين فِي يس , وَيَقُول : السَّدّ بِالْفَتْحِ : هُوَ الْحَاجِز بَيْنك وَبَيْن الشَّيْء ; وَالسُّدّ بِالضَّمِّ : مَا كَانَ مِنْ غِشَاوَة فِي الْعَيْن . وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَإِنَّ قِرَاءَة عَامَّتهمْ فِي جَمِيع الْقُرْآن بِفَتْحِ السِّين غَيْر قَوْله : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السُّدَّيْنِ } فَإِنَّهُمْ ضَمُّوا السِّين فِي ذَلِكَ خَاصَّة . وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَة فِي ذَلِكَ مَا : 17578 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : مَا كَانَ مِنْ صَنْعَة بَنِي آدَم فَهُوَ السَّدّ , يَعْنِي بِالْفَتْحِ , وَمَا كَانَ مِنْ صُنْع اللَّه فَهُوَ السُّدّ . وَكَانَ الْكِسَائِيّ يَقُول : هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , وَلُغَتَانِ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى غَيْر مُخْتَلِفَة , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , وَلَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الَّذِي ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء , وَعِكْرِمَة بَيْن السَّدّ وَالسُّدّ , لِأَنَّا لَمْ نَجِد لِذَلِكَ شَاهِدًا يُبَيِّن عَنْ فُرْقَان مَا بَيْن ذَلِكَ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْهُمَا . وَمَا يُبَيِّن ذَلِكَ أَنَّ جَمِيع أَهْل التَّأْوِيل الَّذِي رُوِيَ لَنَا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْل , لَمْ يَحْكِ لَنَا عَنْ أَحَد مِنْهُمْ تَفْصِيل بَيْن فَتْح ذَلِكَ وَضَمّه , وَلَوْ كَانَا مُخْتَلِفِي الْمَعْنَى لَنُقِلَ الْفَصْل مَعَ التَّأْوِيل إِنْ شَاءَ اللَّه , وَلَكِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ كَانَ عِنْدهمْ غَيْر مُفْتَرِق , فَيُفَسَّر الْحَرْف بِغَيْرِ تَفْصِيل مِنْهُمْ بَيْن ذَلِكَ . وَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنْ عِكْرِمَة فِي ذَلِكَ , فَإِنَّ الَّذِي نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَيُّوب وَهَارُون , وَفِي نَقْله نَظَر , وَلَا نَعْرِف ذَلِكَ عَنْ أَيُّوب مِنْ رِوَايَة ثِقَات أَصْحَابه . وَالسَّدّ وَالسُّدّ جَمِيعًا : الْحَاجِز بَيْن الشَّيْئَيْنِ , وَهُمَا هَهُنَا فِيمَا ذُكِرَ جَبَلَانِ سُدَّ مَا بَيْنهمَا , فَرَدَمَ ذُو الْقَرْنَيْنِ حَاجِزًا بَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَمِنْ وَرَاءَهُمْ , لِيَقْطَع مَادّ غَوَائِلهمْ وَعَيْثهمْ عَنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17579 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس " حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السَّدَّيْنِ " قَالَ : الْجَبَلَيْنِ الرَّدْم الَّذِي بَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج , أُمَّتَيْنِ مِنْ وَرَاء رَدْم ذِي الْقَرْنَيْنِ , قَالَ : الْجَبَلَانِ : أَرْمِينِيَّة وَأَذْرَبِيجَان . 17580 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة " حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السَّدَّيْنِ " وَهُمَا جَبَلَانِ . 17581 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : " بَيْن السَّدَّيْنِ " يَعْنِي بَيْن جَبَلَيْنِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : " بَيْن السَّدَّيْنِ " قَالَ : هُمَا جَبَلَانِ .
وَقَوْله { وَجَدَ مِنْ دُونهمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَجَدَ مِنْ دُون السَّدَّيْنِ قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْل قَائِل سِوَى كَلَامهمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { يَفْقَهُونَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة { يَفْقَهُونَ قَوْلًا } بِفَتْحِ الْقَاف وَالْيَاء , مِنْ فَقِهَ الرَّجُل يَفْقَه فِقْهًا . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة " يُفْقِهُونَ قَوْلًا " بِضَمِّ الْيَاء وَكَسْر الْقَاف : مِنْ أَفْقَهْت فُلَانًا كَذَا أُفَقِّههُ إِفْقَاهًا : إِذَا فَهَّمْته ذَلِكَ . وَالصَّوَاب عِنْدِي مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , غَيْر دَافِعَة إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ; وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْم الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ هَذَا الْخَبَر جَائِز أَنْ يَكُونُوا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا لِغَيْرِهِمْ عَنْهُمْ , فَيَكُون صَوَابًا الْقِرَاءَة بِذَلِكَ . وَجَائِز أَنْ يَكُونُوا مَعَ كَوْنهمْ كَذَلِكَ كَانُوا لَا يَكَادُونَ أَنْ يَفْقَهُوا غَيْرهمْ لِعِلَلٍ : إِمَّا بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَإِمَّا بِمَنْطِقِهِمْ , فَتَكُون الْقِرَاءَة بِذَلِكَ أَيْضًا صَوَابًا.
وَقَوْله { وَجَدَ مِنْ دُونهمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَجَدَ مِنْ دُون السَّدَّيْنِ قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْل قَائِل سِوَى كَلَامهمْ . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { يَفْقَهُونَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة { يَفْقَهُونَ قَوْلًا } بِفَتْحِ الْقَاف وَالْيَاء , مِنْ فَقِهَ الرَّجُل يَفْقَه فِقْهًا . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة " يُفْقِهُونَ قَوْلًا " بِضَمِّ الْيَاء وَكَسْر الْقَاف : مِنْ أَفْقَهْت فُلَانًا كَذَا أُفَقِّههُ إِفْقَاهًا : إِذَا فَهَّمْته ذَلِكَ . وَالصَّوَاب عِنْدِي مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , غَيْر دَافِعَة إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ; وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْم الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ هَذَا الْخَبَر جَائِز أَنْ يَكُونُوا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا لِغَيْرِهِمْ عَنْهُمْ , فَيَكُون صَوَابًا الْقِرَاءَة بِذَلِكَ . وَجَائِز أَنْ يَكُونُوا مَعَ كَوْنهمْ كَذَلِكَ كَانُوا لَا يَكَادُونَ أَنْ يَفْقَهُوا غَيْرهمْ لِعِلَلٍ : إِمَّا بِأَلْسِنَتِهِمْ , وَإِمَّا بِمَنْطِقِهِمْ , فَتَكُون الْقِرَاءَة بِذَلِكَ أَيْضًا صَوَابًا.
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ↓
وَقَوْله : { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج } فَقَرَأَتْ الْقُرَّاء مِنْ أَهْل الْحِجَاز وَالْعِرَاق وَغَيْرهمْ : " إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج " بِغَيْرِ هَمْز عَلَى فَاعُول مِنْ يَجَجْت وَمَجَجْت , وَجَعَلُوا الْأَلِفَيْنِ فِيهِمَا زَائِدَتَيْنِ , غَيْر عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود وَالْأَعْرَج , فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُمَا قَرَآ ذَلِكَ بِالْهَمْزِ فِيهِمَا جَمِيعًا , وَجَعَلَا الْهَمْز فِيهِمَا مِنْ أَصْل الْكَلَام , وَكَأَنَّهُمَا جَعَلَا يَأْجُوج : يَفْعُول مِنْ أَجَّجْت , وَمَأْجُوج : مَفْعُول . وَالْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ الْقِرَاءَة الصَّحِيحَة عِنْدنَا , أَنَّ { يَاجُوج وَمَاجُوج } بِأَلِفٍ بِغَيْرِ هَمْز لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , وَأَنَّهُ الْكَلَام الْمَعْرُوف عَلَى أَلْسُن الْعَرَب ; وَمِنْهُ قَوْل رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج . لَوْ أَنَّ يَاجُوج وَمَاجُوج مَعًا وَعَادَ عَادُوا وَاِسْتَجَاشُوا تُبَّعَا وَهُمْ أُمَّتَانِ مِنْ وَرَاء السَّدّ .
وَقَوْله : { مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْإِفْسَاد الَّذِي وَصَفَ اللَّه بِهِ هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانُوا يَأْكُلُونَ النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17582 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن أَيُّوب الْخُوزَانِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز يَقُول فِي قَوْله { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } قَالَ : كَانُوا يَأْكُلُونَ النَّاس . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج سَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , لَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَوْمئِذٍ يُفْسِدُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَذَكَرَ صِفَة اِتِّبَاع ذِي الْقَرْنَيْنِ الْأَسْبَاب الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , وَذَكَرَ سَبَب بِنَائِهِ لِلرَّدْمِ : 17583 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني بَعْض مَنْ يَسُوق أَحَادِيث الْأَعَاجِم مِنْ أَهْل الْكِتَاب , مِمَّنْ قَدْ أَسْلَمَ , مِمَّا تَوَارَثُوا مِنْ عِلْم ذِي الْقَرْنَيْنِ , أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْل مِصْر اِسْمه مرزبا بْن مردبة الْيُونَانِيّ , مِنْ وَلَد يونن بْن يافث بْن نُوح . 17584 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ ثَوْر بْن يَزِيد , عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان الْكُلَاعِيّ , وَكَانَ خَالِد رَجُلًا قَدْ أَدْرَكَ النَّاس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ : " مَلِك مَسَحَ الْأَرْض مِنْ تَحْتهَا بِالْأَسْبَابِ " قَالَ خَالِد : وَسَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَجُلًا يَقُول : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ غَفْرًا , أَمَا رَضِيتُمْ أَنْ تُسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء , حَتَّى تُسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَة ؟ فَإِنْ كَانَ رَسُول اللَّه قَالَ ذَلِكَ , فَالْحَقّ مَا قَالَ , وَالْبَاطِل مَا خَالَفَهُ . 17585 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : فَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ , وَكَانَ لَهُ عِلْم بِالْأَحَادِيثِ الْأَوَّل , أَنَّهُ كَانَ يَقُول : ذُو الْقَرْنَيْنِ رَجُل مِنْ الرُّوم . اِبْن عَجُوز مِنْ عَجَائِزهمْ , لَيْسَ لَهَا وَلَد غَيْره , وَكَانَ اِسْمه الْإِسْكَنْدَر . وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَّ صَفْحَتَيْ رَأْسه كَانَتَا مِنْ نُحَاس , فَلَمَّا بَلَغَ وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنِّي بَاعِثك إِلَى أُمَم الْأَرْض , وَهِيَ أُمَم مُخْتَلِفَة أَلْسِنَتهمْ , وَهُمْ جَمِيع أَهْل الْأَرْض ; وَمِنْهُمْ أُمَّتَانِ بَيْنهمَا طُول الْأَرْض كُلّه , وَمِنْهُمْ أُمَّتَانِ بَيْنهمَا عَرْض الْأَرْض كُلّه , وَأُمَم فِي وَسَط الْأَرْض مِنْهُمْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج . فَأَمَّا الْأُمَّتَانِ اللَّتَانِ بَيْنهمَا طُول الْأَرْض : فَأُمَّة عِنْد مَغْرِب الشَّمْس , يُقَال لَهَا : ناسك . وَأَمَّا الْأُخْرَى : فَعِنْد مَطْلَعهَا يُقَال لَهَا : مَنْسَك . وَأَمَّا اللَّتَانِ بَيْنهمَا عَرْض الْأَرْض , فَأُمَّة فِي قُطْر الْأَرْض الْأَيْمَن , يُقَال لَهَا : هاويل . وَأَمَّا الْأُخْرَى الَّتِي فِي قُطْر الْأَرْض الْأَيْسَر , فَأُمَّة يُقَال لَهَا : تاويل ; فَلَمَّا قَالَ اللَّه لَهُ ذَلِكَ , قَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ : إِلَهِي إِنَّك قَدْ نَدَبْتنِي لِأَمْرٍ عَظِيم لَا يُقَدِّر قَدْره إِلَّا أَنْتَ , فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي بَعَثْتنِي إِلَيْهَا , بِأَيِّ قُوَّة أُكَابِرهُمْ , وَبِأَيِّ جَمْع أُكَاثِرُهُمْ , وَبِأَيِّ حِيلَة أُكَايِدهُمْ , وَبِأَيِّ صَبْر أُقَاسِيهِمْ , وَبِأَيِّ لِسَان أُنَاطِقُهُمْ , وَكَيْف لِي بِأَنْ أَفْقَه لُغَاتهمْ , وَبِأَيِّ سَمْع أَعِي قَوْلهمْ , وَبِأَيِّ بَصَر أَنْفُذهُمْ , وَبِأَيِّ حُجَّة أُخَاصِمهُمْ , وَبِأَيِّ قَلْب أَعْقِل عَنْهُمْ , وَبِأَيِّ حِكْمَة أُدَبِّر أَمْرهمْ , وَبِأَيِّ قِسْط أَعْدِل بَيْنهمْ , وَبِأَيِّ حِلْم أُصَابِرهُمْ , وَبِأَيِّ مَعْرِفَة أَفْصِل بَيْنهمْ , وَبِأَيِّ عِلْم أُتْقِن أُمُورهمْ , وَبِأَيِّ يَد أَسْطُو عَلَيْهِمْ , وَبِأَيِّ رِجْل أَطَؤُهُمْ , وَبِأَيِّ طَاقَة أَخْصَمهمْ , وَبِأَيِّ جُنْد أُقَاتِلهُمْ , وَبِأَيِّ رِفْق أَسْتَأْلِفُهُمْ , فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي يَا إِلَهِي شَيْء مِمَّا ذَكَرْت يَقُوم لَهُمْ , وَلَا يَقْوَى عَلَيْهِمْ وَلَا يُطِيقُهُمْ , وَأَنْتَ الرَّبّ الرَّحِيم , الَّذِي لَا يُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا , وَلَا يُحَمِّلهَا إِلَّا طَاقَتهَا , وَلَا يُعَنِّتهَا وَلَا يَفْدَحهَا , بَلْ أَنْتَ تَرْأَفهَا وَتَرْحَمهَا . قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : إِنِّي سَأُطَوِّقُك مَا حَمَّلْتُك , أَشْرَح لَك صَدْرك , فَيَسَع كُلّ شَيْء وَأَشْرَح لَك فَهْمك فَتَفْقَه كُلّ شَيْء , وَأَبْسُط لَك لِسَانك , فَتَنْطِق بِكُلِّ شَيْء , وَأَفْتَح لَك سَمْعك فَتَعِي كُلّ شَيْء , وَأَمُدّ لَك بَصَرك , فَتَنْفُذ كُلّ شَيْء , وَأُدَبِّر لَك أَمْرك فَتُتْقِن كُلّ شَيْء , وَأُحْصِي لَك فَلَا يَفُوتك شَيْء , وَأَحْفَظ عَلَيْك فَلَا يَعْزُب عَنْك شَيْء , وَأَشُدّ لَك ظَهْرك , فَلَا يَهُدّك شَيْء , وَأَشُدّ لَك رُكْنك فَلَا يَغْلِبك شَيْء , وَأَشُدّ لَك قَلْبك فَلَا يُرَوِّعك شَيْء , وَأُسَخِّر لَك النُّور وَالظُّلْمَة , فَأَجْعَلهُمَا جُنْدًا مِنْ جُنُودك , يَهْدِيك النُّور أَمَامك , وَتَحُوطك الظُّلْمَة مِنْ وَرَائِك , وَأَشُدّ لَك عَقْلك فَلَا يَهُولك شَيْء , وَأَبْسُط لَك مِنْ بَيْن يَدَيْك , فَتَسْطُو فَوْق كُلّ شَيْء , وَأَشُدّ لَك وَطْأَتك , فَتَهُدّ كُلّ شَيْء , وَأُلْبِسك الْهَيْبَة فَلَا يَرُومُك شَيْء . وَلَمَّا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ , اِنْطَلَقَ يَؤُمّ الْأُمَّة الَّتِي عِنْد مَغْرِب الشَّمْس , فَلَمَّا بَلَغَهُمْ , وَجَدَ جَمْعًا وَعَدَدًا لَا يُحْصِيه إِلَّا اللَّه , وَقُوَّة وَبَأْسًا لَا يُطِيقهُ إِلَّا اللَّه , وَأَلْسِنَة مُخْتَلِفَة وَأَهْوَاء مُتَشَتِّتَة , وَقُلُوبًا مُتَفَرِّقَة ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ كَاثَرَهُمْ بِالظُّلْمَةِ , فَضَرَبَ حَوْلهمْ ثَلَاثَة عَسَاكِر مِنْهَا , فَأَحَاطَتْهُمْ مِنْ كُلّ مَكَان , وَحَاشَتْهُمْ حَتَّى جَمَعَتْهُمْ فِي مَكَان وَاحِد , ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمْ بِالنُّورِ , فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّه وَإِلَى عِبَادَته , فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ لَهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ , فَعَمَدَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا عَنْهُ , فَأَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الظُّلْمَة . فَدَخَلَتْ فِي أَفْوَاههمْ وَأُنُوفهمْ وَآذَانهمْ وَأَجْوَافهمْ , وَدَخَلَتْ فِي بُيُوتهمْ وَدُورهمْ , وَغَشِيَتْهُمْ مِنْ فَوْقهمْ , وَمِنْ تَحْتهمْ وَمِنْ كُلّ جَانِب مِنْهُمْ , فَمَاجُوا فِيهَا وَتَحَيَّرُوا ; فَلَمَّا أَشْفَقُوا أَنْ يَهْلَكُوا فِيهَا عَجُّوا إِلَيْهِ بِصَوْتٍ وَاحِد , فَكَشَفَهَا عَنْهُمْ وَأَخَذَهُمْ عَنْوَة , فَدَخَلُوا فِي دَعْوَته , فَجُنْد مِنْ أَهْل الْمَغْرِب أُمَمًا عَظِيمَة , فَجَعَلَهُمْ جُنْدًا وَاحِدًا , ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِمْ يَقُودهُمْ , وَالظُّلْمَة تَسُوقهُمْ مِنْ خَلْفهمْ وَتَحْرُسهُمْ مِنْ حَوْلهمْ , وَالنُّور أَمَامهمْ يَقُودهُمْ وَيَدُلّهُمْ , وَهُوَ يَسِير فِي نَاحِيَة الْأَرْض الْيُمْنَى , وَهُوَ يُرِيد الْأُمَّة الَّتِي فِي قُطْر الْأَرْض الْأَيْمَن الَّتِي يُقَال لَهَا هاويل , وَسَخَّرَ اللَّه لَهُ يَده وَقَلْبه وَرَأْيه وَعَقْله وَنَظَره وَائْتِمَاره , فَلَا يُخْطِئ إِذَا اِئْتَمَرَ , وَإِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَتْقَنَهُ . فَانْطَلَقَ يَقُود تِلْكَ الْأُمَم وَهِيَ تَتْبَعهُ , فَإِذَا اِنْتَهَى إِلَى بَحْر أَوْ مَخَاضَة بَنَى سُفُنًا مِنْ أَلْوَاح صِغَار أَمْثَال النِّعَال , فَنَظَّمَهَا فِي سَاعَة , ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا جَمِيع مَنْ مَعَهُ مِنْ تِلْكَ الْأُمَم وَتَلِك الْجُنُود , فَإِذَا قَطَعَ الْأَنْهَار وَالْبِحَار فَتَقَهَا , ثُمَّ دَفَعَ إِلَى كُلّ إِنْسَان لَوْحًا فَلَا يَكْرُثهُ حَمْله , فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ دَأْبه حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى هاويل , فَعَمِلَ فِيهَا كَعَمَلِهِ فِي ناسك . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا مَضَى عَلَى وَجْهه فِي نَاحِيَة الْأَرْض الْيُمْنَى حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَنْسَك عِنْد مَطْلَع الشَّمْس , فَعَمِلَ فِيهَا وَجَنَّدَ مِنْهَا جُنُودًا , كَفِعْلِهِ فِي الْأُمَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلهَا , ثُمَّ كَرَّ مُقْبِلًا فِي نَاحِيَة الْأَرْض الْيُسْرَى , وَهُوَ يُرِيد تَأْوِيل وَهِيَ الْأُمَّة الَّتِي بِحِيَالِ هاويل , وَهُمَا مُتَقَابِلَتَانِ بَيْنهمَا عَرْض الْأَرْض كُلّه ; فَلَمَّا بَلَغَهَا عَمِلَ فِيهَا , وَجَنَّدَ مِنْهَا كَفِعْلِهِ فِيمَا قَبْلهَا ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَطَفَ مِنْهَا إِلَى الْأُمَم الَّتِي وَسَط الْأَرْض مِنْ الْجِنّ وَسَائِر النَّاس , وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج ; فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْض الطَّرِيق مَا يَلِي مُنْقَطِع التَّرْك نَحْو الْمَشْرِق , قَالَتْ لَهُ أُمَّة مِنْ الْإِنْس صَالِحَة : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ , إِنَّ بَيْن هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ خَلْقًا مِنْ خَلْق اللَّه , وَكَثِير مِنْهُمْ مُشَابِه لِلْإِنْسِ , وَهُمْ أَشْبَاه الْبَهَائِم , يَأْكُلُونَ الْعُشْب , وَيَفْتَرِسُونَ الدَّوَابّ وَالْوُحُوش كَمَا تَفْتَرِسهَا السِّبَاع , وَيَأْكُلُونَ خَشَاش الْأَرْض كُلّهَا مِنْ الْحَيَّات وَالْعَقَارِب , وَكُلّ ذِي رُوح مَا خَلْق اللَّه فِي الْأَرْض , وَلَيْسَ لِلَّهِ خَلْق يَنْمُو نَمَاءَهُمْ فِي الْعَام الْوَاحِد , وَلَا يَزْدَاد كَزِيَادَتِهِمْ , وَلَا يَكْثُر كَكَثْرَتِهِمْ , فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّة عَلَى مَا نَرَى مِنْ نَمَائِهِمْ وَزِيَادَتهمْ , فَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ سَيَمْلَئُونَ الْأَرْض , وَيُجْلُونَ أَهْلهَا عَنْهَا وَيَظْهَرُونَ عَلَيْهَا فَيُفْسِدُونَ فِيهَا , وَلَيْسَتْ تَمْر بِنَا سَنَة مُنْذُ جَاوَرْنَاهُمْ إِلَّا وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُهُمْ , وَنَنْتَظِر أَنْ يَطْلُع عَلَيْنَا أَوَائِلهمْ مِنْ بَيْن هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ { فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنهمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } أَعِدُّوا إِلَيَّ الصُّخُور وَالْحَدِيد وَالنُّحَاس حَتَّى أَرْتَاد بِلَادهمْ , وَأَعْلَم عِلْمهمْ , وَأَقِيس مَا بَيْن جَبَلَيْهِمْ . ثُمَّ اِنْطَلَقَ يَؤُمّهُمْ حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهِمْ وَتَوَسَّطَ بِلَادهمْ , فَوَجَدَهُمْ عَلَى مِقْدَار وَاحِد , ذَكَرهمْ وَأُنْثَاهُمْ , مَبْلَغ طُول الْوَاحِد مِنْهُمْ مِثْل نِصْف الرَّجُل الْمَرْبُوع مِنَّا , لَهُمْ مَخَالِب فِي مَوْضِع الْأَظْفَار مِنْ أَيْدِينَا , وَأَضْرَاس وَأَنْيَاب كَأَضْرَاسِ السِّبَاع وَأَنْيَابهَا , وَأَحْنَاك كَأَحْنَاك الْإِبِل قُوَّة تَسْمَع لَهَا حَرَكَة إِذَا أَكَلُوا كَحَرَكَةِ الْجَرَّة مِنْ الْإِبِل , أَوْ كَقَضْمِ الْفَحْل الْمُسِنّ , أَوْ الْفَرَس الْقَوِيّ , وَهُمْ هُلْب , عَلَيْهِمْ مِنْ الشَّعْر فِي أَجْسَادهمْ مَا يُوَارِيهِمْ , وَمَا يَتَّقُونَ بِهِ الْحَرّ وَالْبَرْد إِذَا أَصَابَهُمْ ; وَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمْ أُذُنَانِ عَظِيمَتَانِ : إِحْدَاهُمَا وَبَرَة ظَهْرهَا وَبَطْنهَا , وَالْأُخْرَى زَغَبَة ظَهْرهَا وَبَطْنهَا , تَسَعَانِهِ إِذَا لَبِسَهُمَا , يَلْتَحِف إِحْدَاهُمَا , وَيَفْتَرِش الْأُخْرَى , وَيُصَيِّف فِي إِحْدَاهُمَا , وَيُشَتِّي فِي الْأُخْرَى , وَلَيْسَ مِنْهُمْ ذِكْر وَلَا أُنْثَى إِلَّا وَقَدْ عَرَفَ أَجَله الَّذِي يَمُوت فِيهِ , وَمُنْقَطَع عُمْره , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَمُوت مَيِّت مِنْ ذُكُورهمْ حَتَّى يَخْرُج مِنْ صُلْبه أَلْف وَلَد , وَلَا تَمُوت الْأُنْثَى حَتَّى يَخْرُج مِنْ رَحِمهَا أَلْف وَلَد , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ , وَهُمْ يُرْزَقُونَ التِّنِّين أَيَّام الرَّبِيع , وَيَسْتَمْطِرُونَه إِذَا تَحَيَّنُوهُ كَمَا نَسْتَمْطِرُ الْغَيْث لِحِينِهِ , فَيَقْذِفُونَ مِنْهُ كُلّ سَنَة بِوَاحِدٍ , فَيَأْكُلُونَهُ عَامهمْ كُلّه إِلَى مِثْله مِنْ الْعَام الْقَابِل , فَيُغْنِيهِمْ عَلَى كَثْرَتهمْ وَنَمَائِهِمْ , فَإِذَا أُمْطِرُوا وَأَخْصَبُوا وَعَاشُوا وَسَمِنُوا , وَرُئِيَ أَثَره عَلَيْهِمْ , فَدَرَّتْ عَلَيْهِمْ الْإِنَاث , وَشَبِقَتْ مِنْهُمْ الرِّجَال الذُّكُور , وَإِذَا أَخْطَأَهُمْ هَزَلُوا وَأَجْدَبُوا , وَجَفَرَتْ الذُّكُور , وَحَالَتْ الْإِنَاث , وَتَبَيَّنَ أَثَر ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَهُمْ يَتَدَاعَوْنَ تَدَاعِي الْحَمَام , وَيَعْوُونَ عُوَاء الْكِلَاب , وَيَتَسَافَدُونَ حَيْثُ اِلْتَقَوْا تَسَافُد الْبَهَائِم . فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ اِنْصَرَفَ إِلَى مَا بَيْن الصَّدَفَيْنِ , فَقَاسَ مَا بَيْنهمَا وَهُوَ فِي مُنْقَطَع أَرْض التُّرْك مَا يَلِي مَشْرِق الشَّمْس , فَوَجَدَ بَعْد مَا بَيْنهمَا مِائَة فَرْسَخ ; فَلَمَّا أَنْشَأَ فِي عَمَله , حَفَرَ لَهُ أَسَاسًا حَتَّى بَلَغَ الْمَاء , ثُمَّ جَعَلَ عَرْضه خَمْسِينَ فَرْسَخًا , وَجَعَلَ حَشْوه الصُّخُور , وَطِينه النُّحَاس , يُذَاب ثُمَّ يُصَبّ عَلَيْهِ , فَصَارَ كَأَنَّهُ عِرْق مِنْ جَبَل تَحْت الْأَرْض , ثُمَّ عَلَاهُ وَشَرَّفَهُ بِزُبَرِ الْحَدِيد وَالنُّحَاس الْمُذَاب , وَجَعَلَ خِلَاله عِرْقًا مِنْ نُحَاس أَصْفَر , فَصَارَ كَأَنَّهُ بُرْد مُحَبَّر مِنْ صُفْرَة النُّحَاس وَحُمْرَته وَسَوَاد الْحَدِيد ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ وَأَحْكَمَهُ . اِنْطَلَقَ عَامِدًا إِلَى جَمَاعَة الْإِنْس وَالْجِنّ ; فَبَيْنَا هُوَ يَسِير , دُفِعَ إِلَى أُمَّة صَالِحَة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ , فَوَجَدَ أُمَّة مُقْسِطَة مُقْتَصِدَة , يَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ , وَيَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ , وَيَتَآسَوْنَ وَيَتَرَاحَمُونَ , حَالهمْ وَاحِدَة , وَكَلِمَتهمْ وَاحِدَة , وَأَخْلَاقهمْ مُشْتَبِهَة , وَطَرِيقَتهمْ مُسْتَقِيمَة , وَقُلُوبهمْ مُتَأَلِّفَة , وَسِيرَتهمْ حَسَنَة , وَقُبُورهمْ بِأَبْوَابِ بُيُوتهمْ , وَلَيْسَ عَلَى بُيُوتهمْ أَبْوَاب , وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أُمَرَاء , وَلَيْسَ بَيْنهمْ قُضَاة , وَلَيْسَ بَيْنهمْ أَغْنِيَاء , وَلَا مُلُوك , وَلَا أَشْرَاف , وَلَا يَتَفَاوَتُونَ , وَلَا يَتَفَاضَلُونَ , وَلَا يَخْتَلِفُونَ , وَلَا يَتَنَازَعُونَ , وَلَا يَسْتَبُّونَ , وَلَا يَقْتَتِلُونَ , وَلَا يَقْحَطُونَ , وَلَا يَحْرِدُونَ , وَلَا تُصِيبهُمْ الْآفَات الَّتِي تُصِيب النَّاس , وَهُمْ أَطْوَل النَّاس أَعْمَارًا , وَلَيْسَ فِيهِمْ مِسْكِين , وَلَا فَقِير , وَلَا فَظّ , وَلَا غَلِيظ ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ أَمْرهمْ , عَجِبَ مِنْهُ ! وَقَالَ : أَخْبِرُونِي , أَيّهَا الْقَوْم خَبَركُمْ , فَإِنِّي قَدْ أَحْصَيْت الْأَرْض كُلّهَا بَرّهَا وَبَحْرهَا , وَشَرْقهَا وَغَرْبهَا , وَنُورهَا وَظُلْمَتهَا , فَلَمْ أَجِد مِثْلكُمْ , فَأَخْبِرُونِي خَبَركُمْ ; قَالُوا : نَعَمْ , فَسَلْنَا عَمَّا تُرِيد , قَالَ : أَخْبِرُونِي , مَا بَال قُبُور مَوْتَاكُمْ عَلَى أَبْوَاب بُيُوتكُمْ ؟ قَالُوا : عَمْدًا فَعَلْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا نَنْسَى الْمَوْت , وَلَا يَخْرُج ذِكْره مِنْ قُلُوبنَا ; قَالَ : فَمَا بَال بُيُوتكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَاب ؟ قَالُوا : لَيْسَ فِينَا مُتَّهَم , وَلَيْسَ مِنَّا إِلَّا أَمِين مُؤْتَمَن ; قَالَ : فَمَا لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاء ؟ قَالُوا : لَا نَتَظَالَم ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ حُكَّام ؟ قَالُوا : لَا نَخْتَصِم ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ أَغْنِيَاء ؟ قَالُوا : لَا نَتَكَاثَر ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مُلُوك ؟ قَالُوا : لَا نَتَكَابَر ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَتَنَازَعُونَ وَلَا تَخْتَلِفُونَ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أُلْفَة قُلُوبنَا وَصَلَاح ذَات بَيْننَا ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَسْتَبُّونَ . وَلَا تَقْتَتِلُونَ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَا غَلَبْنَا طَبَائِعنَا بِالْعَزْمِ , وَسُسْنَا أَنْفُسنَا بِالْأَحْلَامِ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ كَلِمَتكُمْ وَاحِدَة , وَطَرِيقَتكُمْ مُسْتَقِيمَة مُسْتَوِيَة ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا لَا نَتَكَاذَب , وَلَا نَتَخَادَع , وَلَا يَنْتَاب بَعْضنَا بَعْضًا ; قَالَ : فَأَخْبِرُونِي مِنْ أَيْنَ تَشَابَهَتْ قُلُوبكُمْ , وَاعْتَدَلَتْ سِيرَتكُمْ ؟ قَالُوا : صَحَّتْ صُدُورنَا , فَنُزِعَ بِذَلِكَ الْغِلّ وَالْحَسَد مِنْ قُلُوبنَا ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مِسْكِين وَلَا فَقِير ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا نَقْتَسِم بِالسَّوِيَّةِ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ فَظّ وَلَا غَلِيظ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل الذُّلّ وَالتَّوَاضُع ; قَالَ : فَمَا جَعَلَكُمْ أَطْوَل النَّاس أَعْمَارًا ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا نَتَعَاطَى الْحَقّ وَنَحْكُم بِالْعَدْلِ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَقْحَطُونَ ؟ قَالُوا : لَا نَغْفُل عَنْ الِاسْتِغْفَار ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَحْرِدُونَ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا وَطَّأْنَا أَنْفُسنَا لِلْبَلَاءِ مُنْذُ كُنَّا , وَأَحْبَبْنَاهُ وَحَرَصْنَا عَلَيْهِ , فَعَرِينَا مِنْهُ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تُصِيبكُمْ الْآفَات كَمَا تُصِيب النَّاس ؟ قَالُوا : لَا نَتَوَكَّل عَلَى غَيْر اللَّه , وَلَا نَعْمَل بِالْأَنْوَاءِ وَالنُّجُوم ; قَالَ : حَدَّثُونِي أَهَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ يَفْعَلُونَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا يَرْحَمُونَ مَسَاكِينهمْ , وَيُوَاسُونَ فُقَرَاءَهُمْ , وَيَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ , وَيُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ , وَيَحْلُمُونَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْهِمْ , وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ سَبَّهُمْ , وَيَصِلُونَ أَرْحَامهمْ , وَيُؤَدُّونَ أَمَانَاتهمْ , وَيَحْفَظُونَ وَقْتهمْ لِصَلَاتِهِمْ , وَيُوفُونَ بِعُهُودِهِمْ , وَيَصْدُقُونَ فِي مَوَاعِيدهمْ , وَلَا يَرْغَبُونَ عَنْ أَكْفَائِهِمْ , وَلَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْ أَقَارِبهمْ , فَأَصْلَحَ اللَّه لَهُمْ بِذَلِكَ أَمْرهمْ , وَحَفِظَهُمْ مَا كَانُوا أَحْيَاء , وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّه أَنْ يَحْفَظهُمْ فِي تَرِكَتهمْ . 17586 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج يَحْفِرُونَ السَّدّ كُلّ يَوْم , حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاع الشَّمْس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ اِرْجِعُوا فَتَحْفِرُونَهُ غَدًا , فَيُعِيدهُ اللَّه وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم تَرَكُوهُ , حَتَّى إِذَا جَاءَ الْوَقْت قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّه , فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاس , فَيُنْشِفُونَ الْمِيَاه , وَيَتَحَصَّن النَّاس فِي حُصُونهمْ , فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاء , فَيَرْجِع فِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاء , فَيَقُولُونَ : قَهَرْنَا أَهْل الْأَرْض , وَعَلَوْنَا أَهْل السَّمَاء , فَيَبْعَث اللَّه عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَتَقْتُلهُمْ " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابّ الْأَرْض لَتَسْمَن وَتَشْكُر مِنْ لُحُومهمْ " . 17587 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة الْأَنْصَارِيّ ثُمَّ الظَّفَرِيّ , عَنْ مَحْمُود بْن لَبِيد أَخِي بَنِي عَبْد الْأَشْهَل , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " يُفْتَح يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاس كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَب يَنْسِلُونَ } 21 96 فَيَغْشَوْنَ الْأَرْض , وَيَنْحَاز الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ إِلَى مَدَائِنهمْ وَحُصُونهمْ , وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيهمْ , فَيَشْرَبُونَ مِيَاه الْأَرْض , حَتَّى إِنَّ بَعْضهمْ لِيَمُرّ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهِ , حَتَّى يَتْرُكُوهُ يَابِسًا , حَتَّى إِنَّ مَنْ بَعْدهمْ لَيَمُرّ بِذَلِكَ النَّهَر , فَيَقُول : لَقَدْ كَانَ هَا هُنَا مَاء مَرَّة , حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ النَّاس أَحَد إِلَّا اِنْحَازَ إِلَى حِصْن أَوْ مَدِينَة , قَالَ قَائِلهمْ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْأَرْض قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ , بَقِيَ أَهْل السَّمَاء , قَالَ : ثُمَّ يَهُزّ أَحَدهمْ حَرْبَته , ثُمَّ يَرْمِي بِهَا إِلَى السَّمَاء , فَتَرْجِع إِلَيْهِ مُخَضَّبَة دَمًا لِلْبَلَاءِ وَالْفِتْنَة . فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ , بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ دُودًا فِي أَعْنَاقهمْ كَالنَّغَفِ , فَتَخْرُج فِي أَعْنَاقهمْ فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى , لَا يُسْمَع لَهُمْ حِسّ , فَيَقُول الْمُسْلِمُونَ : أَلَا رَجُل يَشْرِي لَنَا نَفْسه , فَيَنْظُر مَا فَعَلَ الْعَدُوّ , قَالَ : فَيَتَجَرَّد رَجُل مِنْهُمْ لِذَلِكَ مُحْتَسِبًا لِنَفْسِهِ , قَدْ وَطَّنَهَا عَلَى أَنَّهُ مَقْتُول , فَيَنْزِل فَيَجِدهُمْ مَوْتَى , بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , فَيُنَادِي : يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ , أَلَا أَبْشِرُوا , فَإِنَّ اللَّه قَدْ كَفَاكُمْ عَدُوّكُمْ , فَيَخْرُجُونَ مِنْ مَدَائِنهمْ وَحُصُونهمْ , وَيُسَرِّحُونَ مَوَاشِيهمْ , فَمَا يَكُون لَهَا رَعْي إِلَّا لُحُومهمْ , فَتَشْكُر عَنْهُمْ أَحْسَن مَا شَكَرَتْ عَنْ شَيْء مِنْ النَّبَات أَصَابَتْ قَطُّ " . 17588 - حَدَّثَنِي بَحْر بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّة وَشُرَيْح بْن عُبَيْد : أَنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثَلَاثَة أَصْنَاف : صِنْف طُولهمْ كَطُولِ الْأَرُزّ , وَصِنْف طُوله وَعَرْضه سَوَاء , وَصِنْف يَفْتَرِش أَحَدهمْ أُذُنه وَيَلْتَحِف بِالْأُخْرَى فَتُغَطِّي سَائِر جَسَده . 17589 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنَى أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } قَالَ : كَانَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُول : إِنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَمُوت رَجُل مِنْهُمْ حَتَّى يُولَد لِصُلْبِهِ أَلْف رَجُل " قَالَ : وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَعْجَب مِنْ كَثْرَتهمْ وَيَقُول : لَا يَمُوت مِنْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج أَحَد حَتَّى يُولَد لَهُ أَلْف رَجُل مِنْ صُلْبه . فَالْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه فِي قِصَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج , يَدُلّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا لِذِي الْقَرْنَيْنِ { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } إِنَّمَا أَعْلَمُوهُ خَوْفهمْ مَا يَحْدُث مِنْهُمْ مِنْ الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض , لَا أَنَّهُمْ شَكَوْا مِنْهُمْ فَسَادًا كَانَ مِنْهُمْ فِيهِمْ أَوْ فِي غَيْرهمْ , وَالْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ سَيَكُونُ مِنْهُمْ الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض , وَلَا دَلَالَة فِيهَا أَنَّهُمْ قَدْ كَانَ مِنْهُمْ قَبْل إِحْدَاث ذِي الْقَرْنَيْنِ السَّدّ الَّذِي أَحْدَثَهُ بَيْنهمْ وَبَيْن مِنْ دُونهمْ مِنْ النَّاس فِي النَّاس غَيْرهمْ إِفْسَاد . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِاَلَّذِي بَيَّنَّا , فَالصَّحِيح مِنْ تَأْوِيل قَوْله { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج سَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض .
وَقَوْله { فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرْجًا } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَجَا } كَأَنَّهُمْ نَحَوْا بِهِ نَحْو الْمَصْدَر مِنْ خَرْج الرَّأْس . وَذَلِكَ جَعْله . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " بِالْأَلِفِ , وَكَأَنَّهُمْ نَحَوْا بِهِ نَحْو الِاسْم , وَعَنَوْا بِهِ أُجْرَة عَلَى بِنَائِك لَنَا سَدًّا بَيْننَا وَبَيْن هَؤُلَاءِ الْقَوْم . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " بِالْأَلِفِ , لِأَنَّ الْقَوْم فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمَا , إِنَّمَا عَرَضُوا عَلَى ذِي الْقَرْنَيْنِ أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ أَمْوَالهمْ مَا يَسْتَعِين بِهِ عَلَى بِنَاء السَّدّ , وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } وَلَمْ يَعْرِضُوا عَلَيْهِ جِزْيَة رُءُوسهمْ . وَالْخَرَاج عِنْد الْعَرَب : هُوَ الْغَلَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17590 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " قَالَ : أَجْرًا { عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنهمْ سَدًّا } 17591 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " قَالَ : أَجْرًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " قَالَ : أَجْرًا .
وَقَوْله : { عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنهمْ سَدًّا } يَقُول : قَالُوا لَهُ : هَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا حَتَّى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج حَاجِزًا يَحْجِز بَيْننَا وَبَيْنهمْ , وَيَمْنَعهُمْ مِنْ الْخُرُوج إِلَيْنَا . وَهُوَ السَّدّ .
وَقَوْله : { مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْإِفْسَاد الَّذِي وَصَفَ اللَّه بِهِ هَاتَيْنِ الْأُمَّتَيْنِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانُوا يَأْكُلُونَ النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17582 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن أَيُّوب الْخُوزَانِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز يَقُول فِي قَوْله { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } قَالَ : كَانُوا يَأْكُلُونَ النَّاس . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج سَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , لَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَوْمئِذٍ يُفْسِدُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ , وَذَكَرَ صِفَة اِتِّبَاع ذِي الْقَرْنَيْنِ الْأَسْبَاب الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , وَذَكَرَ سَبَب بِنَائِهِ لِلرَّدْمِ : 17583 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني بَعْض مَنْ يَسُوق أَحَادِيث الْأَعَاجِم مِنْ أَهْل الْكِتَاب , مِمَّنْ قَدْ أَسْلَمَ , مِمَّا تَوَارَثُوا مِنْ عِلْم ذِي الْقَرْنَيْنِ , أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْل مِصْر اِسْمه مرزبا بْن مردبة الْيُونَانِيّ , مِنْ وَلَد يونن بْن يافث بْن نُوح . 17584 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ ثَوْر بْن يَزِيد , عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان الْكُلَاعِيّ , وَكَانَ خَالِد رَجُلًا قَدْ أَدْرَكَ النَّاس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ : " مَلِك مَسَحَ الْأَرْض مِنْ تَحْتهَا بِالْأَسْبَابِ " قَالَ خَالِد : وَسَمِعَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَجُلًا يَقُول : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ , فَقَالَ : اللَّهُمَّ غَفْرًا , أَمَا رَضِيتُمْ أَنْ تُسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء , حَتَّى تُسَمُّوا بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَة ؟ فَإِنْ كَانَ رَسُول اللَّه قَالَ ذَلِكَ , فَالْحَقّ مَا قَالَ , وَالْبَاطِل مَا خَالَفَهُ . 17585 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : فَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه الْيَمَانِيّ , وَكَانَ لَهُ عِلْم بِالْأَحَادِيثِ الْأَوَّل , أَنَّهُ كَانَ يَقُول : ذُو الْقَرْنَيْنِ رَجُل مِنْ الرُّوم . اِبْن عَجُوز مِنْ عَجَائِزهمْ , لَيْسَ لَهَا وَلَد غَيْره , وَكَانَ اِسْمه الْإِسْكَنْدَر . وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَّ صَفْحَتَيْ رَأْسه كَانَتَا مِنْ نُحَاس , فَلَمَّا بَلَغَ وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنِّي بَاعِثك إِلَى أُمَم الْأَرْض , وَهِيَ أُمَم مُخْتَلِفَة أَلْسِنَتهمْ , وَهُمْ جَمِيع أَهْل الْأَرْض ; وَمِنْهُمْ أُمَّتَانِ بَيْنهمَا طُول الْأَرْض كُلّه , وَمِنْهُمْ أُمَّتَانِ بَيْنهمَا عَرْض الْأَرْض كُلّه , وَأُمَم فِي وَسَط الْأَرْض مِنْهُمْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج . فَأَمَّا الْأُمَّتَانِ اللَّتَانِ بَيْنهمَا طُول الْأَرْض : فَأُمَّة عِنْد مَغْرِب الشَّمْس , يُقَال لَهَا : ناسك . وَأَمَّا الْأُخْرَى : فَعِنْد مَطْلَعهَا يُقَال لَهَا : مَنْسَك . وَأَمَّا اللَّتَانِ بَيْنهمَا عَرْض الْأَرْض , فَأُمَّة فِي قُطْر الْأَرْض الْأَيْمَن , يُقَال لَهَا : هاويل . وَأَمَّا الْأُخْرَى الَّتِي فِي قُطْر الْأَرْض الْأَيْسَر , فَأُمَّة يُقَال لَهَا : تاويل ; فَلَمَّا قَالَ اللَّه لَهُ ذَلِكَ , قَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ : إِلَهِي إِنَّك قَدْ نَدَبْتنِي لِأَمْرٍ عَظِيم لَا يُقَدِّر قَدْره إِلَّا أَنْتَ , فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي بَعَثْتنِي إِلَيْهَا , بِأَيِّ قُوَّة أُكَابِرهُمْ , وَبِأَيِّ جَمْع أُكَاثِرُهُمْ , وَبِأَيِّ حِيلَة أُكَايِدهُمْ , وَبِأَيِّ صَبْر أُقَاسِيهِمْ , وَبِأَيِّ لِسَان أُنَاطِقُهُمْ , وَكَيْف لِي بِأَنْ أَفْقَه لُغَاتهمْ , وَبِأَيِّ سَمْع أَعِي قَوْلهمْ , وَبِأَيِّ بَصَر أَنْفُذهُمْ , وَبِأَيِّ حُجَّة أُخَاصِمهُمْ , وَبِأَيِّ قَلْب أَعْقِل عَنْهُمْ , وَبِأَيِّ حِكْمَة أُدَبِّر أَمْرهمْ , وَبِأَيِّ قِسْط أَعْدِل بَيْنهمْ , وَبِأَيِّ حِلْم أُصَابِرهُمْ , وَبِأَيِّ مَعْرِفَة أَفْصِل بَيْنهمْ , وَبِأَيِّ عِلْم أُتْقِن أُمُورهمْ , وَبِأَيِّ يَد أَسْطُو عَلَيْهِمْ , وَبِأَيِّ رِجْل أَطَؤُهُمْ , وَبِأَيِّ طَاقَة أَخْصَمهمْ , وَبِأَيِّ جُنْد أُقَاتِلهُمْ , وَبِأَيِّ رِفْق أَسْتَأْلِفُهُمْ , فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي يَا إِلَهِي شَيْء مِمَّا ذَكَرْت يَقُوم لَهُمْ , وَلَا يَقْوَى عَلَيْهِمْ وَلَا يُطِيقُهُمْ , وَأَنْتَ الرَّبّ الرَّحِيم , الَّذِي لَا يُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا , وَلَا يُحَمِّلهَا إِلَّا طَاقَتهَا , وَلَا يُعَنِّتهَا وَلَا يَفْدَحهَا , بَلْ أَنْتَ تَرْأَفهَا وَتَرْحَمهَا . قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : إِنِّي سَأُطَوِّقُك مَا حَمَّلْتُك , أَشْرَح لَك صَدْرك , فَيَسَع كُلّ شَيْء وَأَشْرَح لَك فَهْمك فَتَفْقَه كُلّ شَيْء , وَأَبْسُط لَك لِسَانك , فَتَنْطِق بِكُلِّ شَيْء , وَأَفْتَح لَك سَمْعك فَتَعِي كُلّ شَيْء , وَأَمُدّ لَك بَصَرك , فَتَنْفُذ كُلّ شَيْء , وَأُدَبِّر لَك أَمْرك فَتُتْقِن كُلّ شَيْء , وَأُحْصِي لَك فَلَا يَفُوتك شَيْء , وَأَحْفَظ عَلَيْك فَلَا يَعْزُب عَنْك شَيْء , وَأَشُدّ لَك ظَهْرك , فَلَا يَهُدّك شَيْء , وَأَشُدّ لَك رُكْنك فَلَا يَغْلِبك شَيْء , وَأَشُدّ لَك قَلْبك فَلَا يُرَوِّعك شَيْء , وَأُسَخِّر لَك النُّور وَالظُّلْمَة , فَأَجْعَلهُمَا جُنْدًا مِنْ جُنُودك , يَهْدِيك النُّور أَمَامك , وَتَحُوطك الظُّلْمَة مِنْ وَرَائِك , وَأَشُدّ لَك عَقْلك فَلَا يَهُولك شَيْء , وَأَبْسُط لَك مِنْ بَيْن يَدَيْك , فَتَسْطُو فَوْق كُلّ شَيْء , وَأَشُدّ لَك وَطْأَتك , فَتَهُدّ كُلّ شَيْء , وَأُلْبِسك الْهَيْبَة فَلَا يَرُومُك شَيْء . وَلَمَّا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ , اِنْطَلَقَ يَؤُمّ الْأُمَّة الَّتِي عِنْد مَغْرِب الشَّمْس , فَلَمَّا بَلَغَهُمْ , وَجَدَ جَمْعًا وَعَدَدًا لَا يُحْصِيه إِلَّا اللَّه , وَقُوَّة وَبَأْسًا لَا يُطِيقهُ إِلَّا اللَّه , وَأَلْسِنَة مُخْتَلِفَة وَأَهْوَاء مُتَشَتِّتَة , وَقُلُوبًا مُتَفَرِّقَة ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ كَاثَرَهُمْ بِالظُّلْمَةِ , فَضَرَبَ حَوْلهمْ ثَلَاثَة عَسَاكِر مِنْهَا , فَأَحَاطَتْهُمْ مِنْ كُلّ مَكَان , وَحَاشَتْهُمْ حَتَّى جَمَعَتْهُمْ فِي مَكَان وَاحِد , ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمْ بِالنُّورِ , فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّه وَإِلَى عِبَادَته , فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ لَهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ , فَعَمَدَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا عَنْهُ , فَأَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الظُّلْمَة . فَدَخَلَتْ فِي أَفْوَاههمْ وَأُنُوفهمْ وَآذَانهمْ وَأَجْوَافهمْ , وَدَخَلَتْ فِي بُيُوتهمْ وَدُورهمْ , وَغَشِيَتْهُمْ مِنْ فَوْقهمْ , وَمِنْ تَحْتهمْ وَمِنْ كُلّ جَانِب مِنْهُمْ , فَمَاجُوا فِيهَا وَتَحَيَّرُوا ; فَلَمَّا أَشْفَقُوا أَنْ يَهْلَكُوا فِيهَا عَجُّوا إِلَيْهِ بِصَوْتٍ وَاحِد , فَكَشَفَهَا عَنْهُمْ وَأَخَذَهُمْ عَنْوَة , فَدَخَلُوا فِي دَعْوَته , فَجُنْد مِنْ أَهْل الْمَغْرِب أُمَمًا عَظِيمَة , فَجَعَلَهُمْ جُنْدًا وَاحِدًا , ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِمْ يَقُودهُمْ , وَالظُّلْمَة تَسُوقهُمْ مِنْ خَلْفهمْ وَتَحْرُسهُمْ مِنْ حَوْلهمْ , وَالنُّور أَمَامهمْ يَقُودهُمْ وَيَدُلّهُمْ , وَهُوَ يَسِير فِي نَاحِيَة الْأَرْض الْيُمْنَى , وَهُوَ يُرِيد الْأُمَّة الَّتِي فِي قُطْر الْأَرْض الْأَيْمَن الَّتِي يُقَال لَهَا هاويل , وَسَخَّرَ اللَّه لَهُ يَده وَقَلْبه وَرَأْيه وَعَقْله وَنَظَره وَائْتِمَاره , فَلَا يُخْطِئ إِذَا اِئْتَمَرَ , وَإِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَتْقَنَهُ . فَانْطَلَقَ يَقُود تِلْكَ الْأُمَم وَهِيَ تَتْبَعهُ , فَإِذَا اِنْتَهَى إِلَى بَحْر أَوْ مَخَاضَة بَنَى سُفُنًا مِنْ أَلْوَاح صِغَار أَمْثَال النِّعَال , فَنَظَّمَهَا فِي سَاعَة , ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا جَمِيع مَنْ مَعَهُ مِنْ تِلْكَ الْأُمَم وَتَلِك الْجُنُود , فَإِذَا قَطَعَ الْأَنْهَار وَالْبِحَار فَتَقَهَا , ثُمَّ دَفَعَ إِلَى كُلّ إِنْسَان لَوْحًا فَلَا يَكْرُثهُ حَمْله , فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ دَأْبه حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى هاويل , فَعَمِلَ فِيهَا كَعَمَلِهِ فِي ناسك . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا مَضَى عَلَى وَجْهه فِي نَاحِيَة الْأَرْض الْيُمْنَى حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَنْسَك عِنْد مَطْلَع الشَّمْس , فَعَمِلَ فِيهَا وَجَنَّدَ مِنْهَا جُنُودًا , كَفِعْلِهِ فِي الْأُمَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلهَا , ثُمَّ كَرَّ مُقْبِلًا فِي نَاحِيَة الْأَرْض الْيُسْرَى , وَهُوَ يُرِيد تَأْوِيل وَهِيَ الْأُمَّة الَّتِي بِحِيَالِ هاويل , وَهُمَا مُتَقَابِلَتَانِ بَيْنهمَا عَرْض الْأَرْض كُلّه ; فَلَمَّا بَلَغَهَا عَمِلَ فِيهَا , وَجَنَّدَ مِنْهَا كَفِعْلِهِ فِيمَا قَبْلهَا ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَطَفَ مِنْهَا إِلَى الْأُمَم الَّتِي وَسَط الْأَرْض مِنْ الْجِنّ وَسَائِر النَّاس , وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج ; فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْض الطَّرِيق مَا يَلِي مُنْقَطِع التَّرْك نَحْو الْمَشْرِق , قَالَتْ لَهُ أُمَّة مِنْ الْإِنْس صَالِحَة : يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ , إِنَّ بَيْن هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ خَلْقًا مِنْ خَلْق اللَّه , وَكَثِير مِنْهُمْ مُشَابِه لِلْإِنْسِ , وَهُمْ أَشْبَاه الْبَهَائِم , يَأْكُلُونَ الْعُشْب , وَيَفْتَرِسُونَ الدَّوَابّ وَالْوُحُوش كَمَا تَفْتَرِسهَا السِّبَاع , وَيَأْكُلُونَ خَشَاش الْأَرْض كُلّهَا مِنْ الْحَيَّات وَالْعَقَارِب , وَكُلّ ذِي رُوح مَا خَلْق اللَّه فِي الْأَرْض , وَلَيْسَ لِلَّهِ خَلْق يَنْمُو نَمَاءَهُمْ فِي الْعَام الْوَاحِد , وَلَا يَزْدَاد كَزِيَادَتِهِمْ , وَلَا يَكْثُر كَكَثْرَتِهِمْ , فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ مُدَّة عَلَى مَا نَرَى مِنْ نَمَائِهِمْ وَزِيَادَتهمْ , فَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ سَيَمْلَئُونَ الْأَرْض , وَيُجْلُونَ أَهْلهَا عَنْهَا وَيَظْهَرُونَ عَلَيْهَا فَيُفْسِدُونَ فِيهَا , وَلَيْسَتْ تَمْر بِنَا سَنَة مُنْذُ جَاوَرْنَاهُمْ إِلَّا وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُهُمْ , وَنَنْتَظِر أَنْ يَطْلُع عَلَيْنَا أَوَائِلهمْ مِنْ بَيْن هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ { فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنهمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } أَعِدُّوا إِلَيَّ الصُّخُور وَالْحَدِيد وَالنُّحَاس حَتَّى أَرْتَاد بِلَادهمْ , وَأَعْلَم عِلْمهمْ , وَأَقِيس مَا بَيْن جَبَلَيْهِمْ . ثُمَّ اِنْطَلَقَ يَؤُمّهُمْ حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهِمْ وَتَوَسَّطَ بِلَادهمْ , فَوَجَدَهُمْ عَلَى مِقْدَار وَاحِد , ذَكَرهمْ وَأُنْثَاهُمْ , مَبْلَغ طُول الْوَاحِد مِنْهُمْ مِثْل نِصْف الرَّجُل الْمَرْبُوع مِنَّا , لَهُمْ مَخَالِب فِي مَوْضِع الْأَظْفَار مِنْ أَيْدِينَا , وَأَضْرَاس وَأَنْيَاب كَأَضْرَاسِ السِّبَاع وَأَنْيَابهَا , وَأَحْنَاك كَأَحْنَاك الْإِبِل قُوَّة تَسْمَع لَهَا حَرَكَة إِذَا أَكَلُوا كَحَرَكَةِ الْجَرَّة مِنْ الْإِبِل , أَوْ كَقَضْمِ الْفَحْل الْمُسِنّ , أَوْ الْفَرَس الْقَوِيّ , وَهُمْ هُلْب , عَلَيْهِمْ مِنْ الشَّعْر فِي أَجْسَادهمْ مَا يُوَارِيهِمْ , وَمَا يَتَّقُونَ بِهِ الْحَرّ وَالْبَرْد إِذَا أَصَابَهُمْ ; وَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمْ أُذُنَانِ عَظِيمَتَانِ : إِحْدَاهُمَا وَبَرَة ظَهْرهَا وَبَطْنهَا , وَالْأُخْرَى زَغَبَة ظَهْرهَا وَبَطْنهَا , تَسَعَانِهِ إِذَا لَبِسَهُمَا , يَلْتَحِف إِحْدَاهُمَا , وَيَفْتَرِش الْأُخْرَى , وَيُصَيِّف فِي إِحْدَاهُمَا , وَيُشَتِّي فِي الْأُخْرَى , وَلَيْسَ مِنْهُمْ ذِكْر وَلَا أُنْثَى إِلَّا وَقَدْ عَرَفَ أَجَله الَّذِي يَمُوت فِيهِ , وَمُنْقَطَع عُمْره , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَمُوت مَيِّت مِنْ ذُكُورهمْ حَتَّى يَخْرُج مِنْ صُلْبه أَلْف وَلَد , وَلَا تَمُوت الْأُنْثَى حَتَّى يَخْرُج مِنْ رَحِمهَا أَلْف وَلَد , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ , وَهُمْ يُرْزَقُونَ التِّنِّين أَيَّام الرَّبِيع , وَيَسْتَمْطِرُونَه إِذَا تَحَيَّنُوهُ كَمَا نَسْتَمْطِرُ الْغَيْث لِحِينِهِ , فَيَقْذِفُونَ مِنْهُ كُلّ سَنَة بِوَاحِدٍ , فَيَأْكُلُونَهُ عَامهمْ كُلّه إِلَى مِثْله مِنْ الْعَام الْقَابِل , فَيُغْنِيهِمْ عَلَى كَثْرَتهمْ وَنَمَائِهِمْ , فَإِذَا أُمْطِرُوا وَأَخْصَبُوا وَعَاشُوا وَسَمِنُوا , وَرُئِيَ أَثَره عَلَيْهِمْ , فَدَرَّتْ عَلَيْهِمْ الْإِنَاث , وَشَبِقَتْ مِنْهُمْ الرِّجَال الذُّكُور , وَإِذَا أَخْطَأَهُمْ هَزَلُوا وَأَجْدَبُوا , وَجَفَرَتْ الذُّكُور , وَحَالَتْ الْإِنَاث , وَتَبَيَّنَ أَثَر ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَهُمْ يَتَدَاعَوْنَ تَدَاعِي الْحَمَام , وَيَعْوُونَ عُوَاء الْكِلَاب , وَيَتَسَافَدُونَ حَيْثُ اِلْتَقَوْا تَسَافُد الْبَهَائِم . فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ اِنْصَرَفَ إِلَى مَا بَيْن الصَّدَفَيْنِ , فَقَاسَ مَا بَيْنهمَا وَهُوَ فِي مُنْقَطَع أَرْض التُّرْك مَا يَلِي مَشْرِق الشَّمْس , فَوَجَدَ بَعْد مَا بَيْنهمَا مِائَة فَرْسَخ ; فَلَمَّا أَنْشَأَ فِي عَمَله , حَفَرَ لَهُ أَسَاسًا حَتَّى بَلَغَ الْمَاء , ثُمَّ جَعَلَ عَرْضه خَمْسِينَ فَرْسَخًا , وَجَعَلَ حَشْوه الصُّخُور , وَطِينه النُّحَاس , يُذَاب ثُمَّ يُصَبّ عَلَيْهِ , فَصَارَ كَأَنَّهُ عِرْق مِنْ جَبَل تَحْت الْأَرْض , ثُمَّ عَلَاهُ وَشَرَّفَهُ بِزُبَرِ الْحَدِيد وَالنُّحَاس الْمُذَاب , وَجَعَلَ خِلَاله عِرْقًا مِنْ نُحَاس أَصْفَر , فَصَارَ كَأَنَّهُ بُرْد مُحَبَّر مِنْ صُفْرَة النُّحَاس وَحُمْرَته وَسَوَاد الْحَدِيد ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ وَأَحْكَمَهُ . اِنْطَلَقَ عَامِدًا إِلَى جَمَاعَة الْإِنْس وَالْجِنّ ; فَبَيْنَا هُوَ يَسِير , دُفِعَ إِلَى أُمَّة صَالِحَة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ , فَوَجَدَ أُمَّة مُقْسِطَة مُقْتَصِدَة , يَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ , وَيَحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ , وَيَتَآسَوْنَ وَيَتَرَاحَمُونَ , حَالهمْ وَاحِدَة , وَكَلِمَتهمْ وَاحِدَة , وَأَخْلَاقهمْ مُشْتَبِهَة , وَطَرِيقَتهمْ مُسْتَقِيمَة , وَقُلُوبهمْ مُتَأَلِّفَة , وَسِيرَتهمْ حَسَنَة , وَقُبُورهمْ بِأَبْوَابِ بُيُوتهمْ , وَلَيْسَ عَلَى بُيُوتهمْ أَبْوَاب , وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أُمَرَاء , وَلَيْسَ بَيْنهمْ قُضَاة , وَلَيْسَ بَيْنهمْ أَغْنِيَاء , وَلَا مُلُوك , وَلَا أَشْرَاف , وَلَا يَتَفَاوَتُونَ , وَلَا يَتَفَاضَلُونَ , وَلَا يَخْتَلِفُونَ , وَلَا يَتَنَازَعُونَ , وَلَا يَسْتَبُّونَ , وَلَا يَقْتَتِلُونَ , وَلَا يَقْحَطُونَ , وَلَا يَحْرِدُونَ , وَلَا تُصِيبهُمْ الْآفَات الَّتِي تُصِيب النَّاس , وَهُمْ أَطْوَل النَّاس أَعْمَارًا , وَلَيْسَ فِيهِمْ مِسْكِين , وَلَا فَقِير , وَلَا فَظّ , وَلَا غَلِيظ ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ أَمْرهمْ , عَجِبَ مِنْهُ ! وَقَالَ : أَخْبِرُونِي , أَيّهَا الْقَوْم خَبَركُمْ , فَإِنِّي قَدْ أَحْصَيْت الْأَرْض كُلّهَا بَرّهَا وَبَحْرهَا , وَشَرْقهَا وَغَرْبهَا , وَنُورهَا وَظُلْمَتهَا , فَلَمْ أَجِد مِثْلكُمْ , فَأَخْبِرُونِي خَبَركُمْ ; قَالُوا : نَعَمْ , فَسَلْنَا عَمَّا تُرِيد , قَالَ : أَخْبِرُونِي , مَا بَال قُبُور مَوْتَاكُمْ عَلَى أَبْوَاب بُيُوتكُمْ ؟ قَالُوا : عَمْدًا فَعَلْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا نَنْسَى الْمَوْت , وَلَا يَخْرُج ذِكْره مِنْ قُلُوبنَا ; قَالَ : فَمَا بَال بُيُوتكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَاب ؟ قَالُوا : لَيْسَ فِينَا مُتَّهَم , وَلَيْسَ مِنَّا إِلَّا أَمِين مُؤْتَمَن ; قَالَ : فَمَا لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاء ؟ قَالُوا : لَا نَتَظَالَم ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ حُكَّام ؟ قَالُوا : لَا نَخْتَصِم ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ أَغْنِيَاء ؟ قَالُوا : لَا نَتَكَاثَر ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مُلُوك ؟ قَالُوا : لَا نَتَكَابَر ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَتَنَازَعُونَ وَلَا تَخْتَلِفُونَ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أُلْفَة قُلُوبنَا وَصَلَاح ذَات بَيْننَا ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَسْتَبُّونَ . وَلَا تَقْتَتِلُونَ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَا غَلَبْنَا طَبَائِعنَا بِالْعَزْمِ , وَسُسْنَا أَنْفُسنَا بِالْأَحْلَامِ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ كَلِمَتكُمْ وَاحِدَة , وَطَرِيقَتكُمْ مُسْتَقِيمَة مُسْتَوِيَة ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا لَا نَتَكَاذَب , وَلَا نَتَخَادَع , وَلَا يَنْتَاب بَعْضنَا بَعْضًا ; قَالَ : فَأَخْبِرُونِي مِنْ أَيْنَ تَشَابَهَتْ قُلُوبكُمْ , وَاعْتَدَلَتْ سِيرَتكُمْ ؟ قَالُوا : صَحَّتْ صُدُورنَا , فَنُزِعَ بِذَلِكَ الْغِلّ وَالْحَسَد مِنْ قُلُوبنَا ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ مِسْكِين وَلَا فَقِير ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا نَقْتَسِم بِالسَّوِيَّةِ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ فَظّ وَلَا غَلِيظ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل الذُّلّ وَالتَّوَاضُع ; قَالَ : فَمَا جَعَلَكُمْ أَطْوَل النَّاس أَعْمَارًا ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا نَتَعَاطَى الْحَقّ وَنَحْكُم بِالْعَدْلِ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَقْحَطُونَ ؟ قَالُوا : لَا نَغْفُل عَنْ الِاسْتِغْفَار ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تَحْرِدُونَ ؟ قَالُوا : مِنْ قِبَل أَنَّا وَطَّأْنَا أَنْفُسنَا لِلْبَلَاءِ مُنْذُ كُنَّا , وَأَحْبَبْنَاهُ وَحَرَصْنَا عَلَيْهِ , فَعَرِينَا مِنْهُ ; قَالَ : فَمَا بَالكُمْ لَا تُصِيبكُمْ الْآفَات كَمَا تُصِيب النَّاس ؟ قَالُوا : لَا نَتَوَكَّل عَلَى غَيْر اللَّه , وَلَا نَعْمَل بِالْأَنْوَاءِ وَالنُّجُوم ; قَالَ : حَدَّثُونِي أَهَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ يَفْعَلُونَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا يَرْحَمُونَ مَسَاكِينهمْ , وَيُوَاسُونَ فُقَرَاءَهُمْ , وَيَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ , وَيُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ , وَيَحْلُمُونَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْهِمْ , وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ سَبَّهُمْ , وَيَصِلُونَ أَرْحَامهمْ , وَيُؤَدُّونَ أَمَانَاتهمْ , وَيَحْفَظُونَ وَقْتهمْ لِصَلَاتِهِمْ , وَيُوفُونَ بِعُهُودِهِمْ , وَيَصْدُقُونَ فِي مَوَاعِيدهمْ , وَلَا يَرْغَبُونَ عَنْ أَكْفَائِهِمْ , وَلَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْ أَقَارِبهمْ , فَأَصْلَحَ اللَّه لَهُمْ بِذَلِكَ أَمْرهمْ , وَحَفِظَهُمْ مَا كَانُوا أَحْيَاء , وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّه أَنْ يَحْفَظهُمْ فِي تَرِكَتهمْ . 17586 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي رَافِع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج يَحْفِرُونَ السَّدّ كُلّ يَوْم , حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاع الشَّمْس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ اِرْجِعُوا فَتَحْفِرُونَهُ غَدًا , فَيُعِيدهُ اللَّه وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم تَرَكُوهُ , حَتَّى إِذَا جَاءَ الْوَقْت قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّه , فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاس , فَيُنْشِفُونَ الْمِيَاه , وَيَتَحَصَّن النَّاس فِي حُصُونهمْ , فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاء , فَيَرْجِع فِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاء , فَيَقُولُونَ : قَهَرْنَا أَهْل الْأَرْض , وَعَلَوْنَا أَهْل السَّمَاء , فَيَبْعَث اللَّه عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَتَقْتُلهُمْ " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابّ الْأَرْض لَتَسْمَن وَتَشْكُر مِنْ لُحُومهمْ " . 17587 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة الْأَنْصَارِيّ ثُمَّ الظَّفَرِيّ , عَنْ مَحْمُود بْن لَبِيد أَخِي بَنِي عَبْد الْأَشْهَل , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " يُفْتَح يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاس كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَب يَنْسِلُونَ } 21 96 فَيَغْشَوْنَ الْأَرْض , وَيَنْحَاز الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ إِلَى مَدَائِنهمْ وَحُصُونهمْ , وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيهمْ , فَيَشْرَبُونَ مِيَاه الْأَرْض , حَتَّى إِنَّ بَعْضهمْ لِيَمُرّ بِالنَّهَرِ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهِ , حَتَّى يَتْرُكُوهُ يَابِسًا , حَتَّى إِنَّ مَنْ بَعْدهمْ لَيَمُرّ بِذَلِكَ النَّهَر , فَيَقُول : لَقَدْ كَانَ هَا هُنَا مَاء مَرَّة , حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ النَّاس أَحَد إِلَّا اِنْحَازَ إِلَى حِصْن أَوْ مَدِينَة , قَالَ قَائِلهمْ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْأَرْض قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُمْ , بَقِيَ أَهْل السَّمَاء , قَالَ : ثُمَّ يَهُزّ أَحَدهمْ حَرْبَته , ثُمَّ يَرْمِي بِهَا إِلَى السَّمَاء , فَتَرْجِع إِلَيْهِ مُخَضَّبَة دَمًا لِلْبَلَاءِ وَالْفِتْنَة . فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ , بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ دُودًا فِي أَعْنَاقهمْ كَالنَّغَفِ , فَتَخْرُج فِي أَعْنَاقهمْ فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى , لَا يُسْمَع لَهُمْ حِسّ , فَيَقُول الْمُسْلِمُونَ : أَلَا رَجُل يَشْرِي لَنَا نَفْسه , فَيَنْظُر مَا فَعَلَ الْعَدُوّ , قَالَ : فَيَتَجَرَّد رَجُل مِنْهُمْ لِذَلِكَ مُحْتَسِبًا لِنَفْسِهِ , قَدْ وَطَّنَهَا عَلَى أَنَّهُ مَقْتُول , فَيَنْزِل فَيَجِدهُمْ مَوْتَى , بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , فَيُنَادِي : يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ , أَلَا أَبْشِرُوا , فَإِنَّ اللَّه قَدْ كَفَاكُمْ عَدُوّكُمْ , فَيَخْرُجُونَ مِنْ مَدَائِنهمْ وَحُصُونهمْ , وَيُسَرِّحُونَ مَوَاشِيهمْ , فَمَا يَكُون لَهَا رَعْي إِلَّا لُحُومهمْ , فَتَشْكُر عَنْهُمْ أَحْسَن مَا شَكَرَتْ عَنْ شَيْء مِنْ النَّبَات أَصَابَتْ قَطُّ " . 17588 - حَدَّثَنِي بَحْر بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّة وَشُرَيْح بْن عُبَيْد : أَنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثَلَاثَة أَصْنَاف : صِنْف طُولهمْ كَطُولِ الْأَرُزّ , وَصِنْف طُوله وَعَرْضه سَوَاء , وَصِنْف يَفْتَرِش أَحَدهمْ أُذُنه وَيَلْتَحِف بِالْأُخْرَى فَتُغَطِّي سَائِر جَسَده . 17589 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنَى أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } قَالَ : كَانَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُول : إِنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَمُوت رَجُل مِنْهُمْ حَتَّى يُولَد لِصُلْبِهِ أَلْف رَجُل " قَالَ : وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَعْجَب مِنْ كَثْرَتهمْ وَيَقُول : لَا يَمُوت مِنْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج أَحَد حَتَّى يُولَد لَهُ أَلْف رَجُل مِنْ صُلْبه . فَالْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه فِي قِصَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج , يَدُلّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا لِذِي الْقَرْنَيْنِ { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } إِنَّمَا أَعْلَمُوهُ خَوْفهمْ مَا يَحْدُث مِنْهُمْ مِنْ الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض , لَا أَنَّهُمْ شَكَوْا مِنْهُمْ فَسَادًا كَانَ مِنْهُمْ فِيهِمْ أَوْ فِي غَيْرهمْ , وَالْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ سَيَكُونُ مِنْهُمْ الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض , وَلَا دَلَالَة فِيهَا أَنَّهُمْ قَدْ كَانَ مِنْهُمْ قَبْل إِحْدَاث ذِي الْقَرْنَيْنِ السَّدّ الَّذِي أَحْدَثَهُ بَيْنهمْ وَبَيْن مِنْ دُونهمْ مِنْ النَّاس فِي النَّاس غَيْرهمْ إِفْسَاد . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِاَلَّذِي بَيَّنَّا , فَالصَّحِيح مِنْ تَأْوِيل قَوْله { إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض } إِنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج سَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض .
وَقَوْله { فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرْجًا } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَجَا } كَأَنَّهُمْ نَحَوْا بِهِ نَحْو الْمَصْدَر مِنْ خَرْج الرَّأْس . وَذَلِكَ جَعْله . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " بِالْأَلِفِ , وَكَأَنَّهُمْ نَحَوْا بِهِ نَحْو الِاسْم , وَعَنَوْا بِهِ أُجْرَة عَلَى بِنَائِك لَنَا سَدًّا بَيْننَا وَبَيْن هَؤُلَاءِ الْقَوْم . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " بِالْأَلِفِ , لِأَنَّ الْقَوْم فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمَا , إِنَّمَا عَرَضُوا عَلَى ذِي الْقَرْنَيْنِ أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ أَمْوَالهمْ مَا يَسْتَعِين بِهِ عَلَى بِنَاء السَّدّ , وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } وَلَمْ يَعْرِضُوا عَلَيْهِ جِزْيَة رُءُوسهمْ . وَالْخَرَاج عِنْد الْعَرَب : هُوَ الْغَلَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17590 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " قَالَ : أَجْرًا { عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنهمْ سَدًّا } 17591 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " قَالَ : أَجْرًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : " فَهَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا " قَالَ : أَجْرًا .
وَقَوْله : { عَلَى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْنهمْ سَدًّا } يَقُول : قَالُوا لَهُ : هَلْ نَجْعَل لَك خَرَاجًا حَتَّى أَنْ تَجْعَل بَيْننَا وَبَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج حَاجِزًا يَحْجِز بَيْننَا وَبَيْنهمْ , وَيَمْنَعهُمْ مِنْ الْخُرُوج إِلَيْنَا . وَهُوَ السَّدّ .
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } يَقُولهُ تَعَالَى ذِكْره : قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : الَّذِي مَكَّنَنِي فِي عَمَل مَا سَأَلْتُمُونِي مِنْ السَّدّ بَيْنكُمْ وَبَيْن هَؤُلَاءِ الْقَوْم رَبِّي وَوَطَّأَهُ لِي , وَقَوَّانِي عَلَيْهِ , خَيْر مِنْ جَعْلكُمْ , وَالْأُجْرَة الَّتِي تَعْرِضُونَهَا عَلَيَّ لِبِنَاءِ ذَلِكَ , وَأَكْثَر وَأَطْيَب , وَلَكِنْ أَعِينُونِي مِنْكُمْ بِقُوَّةٍ , أَعِينُونِي بِفَعَلَةٍ وَصُنَّاع يُحْسِنُونَ الْبِنَاء وَالْعَمَل . كَمَا : 17592 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } قَالَ : بِرِجَالٍ { أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } وَقَالَ مَا مَكَّنِّي , فَأُدْغِمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْأُخْرَى , وَإِنَّمَا هُوَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ . وَقَوْله : { أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } يَقُول : أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج رَدْمًا . وَالرَّدْم : حَاجِز الْحَائِط وَالسَّدّ , إِلَّا أَنَّهُ أَمْنَع مِنْهُ وَأَشَدّ , يُقَال مِنْهُ : قَدْ رَدَمَ فُلَان مَوْضِع كَذَا يَرْدِمهُ رَدْمًا وَرُدَامًا وَيُقَال أَيْضًا : رَدَّمَ ثَوْبه يُرَدِّمهُ , وَهُوَ ثَوْب مُرَدَّم : إِذَا كَانَ كَثِير الرِّقَاع ; وَمِنْهُ قَوْل عَنْتَرَة : هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاء مِنْ مُتَرَدَّم أَمْ هَلْ عَرَفْت الدَّار بَعْد تَوَهُّم وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17593 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } قَالَ : هُوَ كَأَشَدّ الْحِجَاب . 17594 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه قَدْ رَأَيْت سَدَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج , قَالَ : " اِنْعَتْهُ لِي " , قَالَ : كَأَنَّهُ الْبُرْد الْمُحَبَّر , طَرِيقَة سَوْدَاء , وَطَرِيقَة حَمْرَاء , قَالَ : " قَدْ رَأَيْته " .
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } يَقُول عَزَّ ذِكْره : قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ لِلَّذِينَ سَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَل بَيْنهمْ وَبَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج سَدًّا { آتُونِي } أَيْ جِيئُونِي بِزُبَرِ الْحَدِيد , وَهِيَ جَمْع زُبْرَة , وَالزُّبْرَة : الْقِطْعَة مِنْ الْحَدِيد . كَمَا : 17595 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { زُبَر الْحَدِيد } يَقُول : قِطَع الْحَدِيد . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } قَالَ : قِطَع الْحَدِيد . 17596 - حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن سَيْف , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن مُسْهِر , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , قَوْله : { زُبَر الْحَدِيد } قَالَ : قِطَع الْحَدِيد . 17597 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } قَالَ : قِطَع الْحَدِيد . 17598 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } : أَيْ فَلَق الْحَدِيد . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } قَالَ : قِطَع الْحَدِيد . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { آتُونِي زُبَر الْحَدِيد } قَالَ : قِطَع الْحَدِيد .
وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْن الصَّدَفَيْنِ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَآتَوْهُ زُبَر الْحَدِيد , فَجَعَلَهَا بَيْن الصَّدَفَيْنِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْن الْجَبَلَيْنِ بِمَا جَعَلَ بَيْنهمَا مِنْ زُبَر الْحَدِيد , وَيُقَال : سَوَّى . وَالصَّدَفَانِ : مَا بَيْن نَاحِيَتِي الْجَبَلَيْنِ وَرُءُوسهمَا ; وَمِنْهُ قَوْله الرَّاجِز : قَدْ أَخَذَتْ مَا بَيْن عَرْض الصُّدُفَيْنِ نَاحِيَتَيْهَا وَأَعَالِي الرُّكْنَيْنِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17599 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { بَيْن الصَّدَفَيْنِ } يَقُول : بَيْن الْجَبَلَيْنِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد , بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السَّدَّيْنِ } قَالَ : هُوَ سَدّ كَانَ بَيْن صَدَفَيْنِ , وَالصَّدَفَانِ : الْجَبَلَانِ . 17600 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الصَّدَفَيْنِ } رُءُوس الْجَبَلَيْنِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17601 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { بَيْن الصَّدَفَيْنِ } يَعْنِي الْجَبَلَيْنِ , وَهُمَا مِنْ قِبَل أَرْمِينِيَّة وَأَذْرَبِيجَان . 17602 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْن الصَّدَفَيْنِ } وَهُمَا الْجَبَلَانِ . 17603 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قَرَأَهَا : { بَيْن الصَّدَفَيْنِ } مَنْصُوبَة الصَّاد وَالدَّال , وَقَالَ : بَيْن الْجَبَلَيْنِ . وَلِلْعَرَبِ فِي الصَّدَفَيْنِ : لُغَات ثَلَاث , وَقَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهَا جَمَاعَة مِنْ الْقُرَّاء : الْفَتْح فِي الصَّاد وَالدَّال , وَذَلِكَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْكُوفَة . وَالضَّمّ فِيهِمَا , وَهِيَ قِرَاءَة أَهْل الْبَصْرَة . وَالضَّمّ فِي الصَّاد وَتَسْكِين الدَّال , وَذَلِكَ قِرَاءَة بَعْض أَهْل مَكَّة وَالْكُوفَة . وَالْفَتْح فِي الصَّاد وَالدَّال أَشْهَر هَذِهِ اللُّغَات , وَالْقِرَاءَة بِهَا أَعْجَب إِلَيَّ , وَإِنْ كُنْت مُسْتَجِيزًا الْقِرَاءَة بِجَمِيعِهَا , لِاتِّفَاقِ مَعَانِيهَا . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت الْفَتْح فِيهِمَا لِمَا ذَكَرْت مِنْ الْعِلَّة .
وَقَوْله : { قَالَ اُنْفُخُوا } يَقُول عَزَّ ذِكْره , قَالَ لِلْفَعَلَةِ : اُنْفُخُوا النَّار عَلَى هَذِهِ الزُّبُر مِنْ الْحَدِيد . وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا } وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك , وَهُوَ فَنَفَخُوا , حَتَّى إِذَا جَعَلَ مَا بَيْن الصَّدَفَيْنِ مِنْ الْحَدِيد نَارًا { قَالَ آتُونِي أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } فَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة , وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { قَالَ آتُونِي } بِمَدِّ الْأَلِف مِنْ { آتُونِي } بِمَعْنَى : أَعْطُونِي قِطْرًا أُفْرِغ عَلَيْهِ . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة , قَالَ : " اِئْتُونِي " بِوَصْلِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : جِيئُونِي قِطْرًا أُفْرِغ عَلَيْهِ , كَمَا عَلَيْهِ : أَخَذْت الْخِطَام , وَأَخَذْت بِالْخِطَامِ , وَجِئْتُك زَيْدًا , وَجِئْتُك بِزَيْدٍ . وَقَدْ يَتَوَجَّه مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ إِلَى مَعْنَى أَعْطُونِي , فَيَكُون كَأَنَّ قَارِئَهُ أَرَادَ مَدَّ الْأَلِف مِنْ آتُونِي , فَتَرَكَ الْهَمْزَة الْأُولَى مِنْ آتُونِي , وَإِذَا سَقَطَتْ الْأُولَى هَمَزَ الثَّانِيَة .
وَقَوْله : { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } يَقُول : أَصُبّ عَلَيْهِ قِطْرًا , وَالْقِطْر : النُّحَاس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17604 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } قَالَ : الْقِطْر : النُّحَاس . 17605 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 17606 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } : يَعْنِي النُّحَاس . 17607 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } أَيْ النُّحَاس لِيَلْزَمهُ بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } قَالَ : نُحَاسًا . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : الْقِطْر : الْحَدِيد الْمُذَاب , وَيُسْتَشْهَد لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : حُسَامًا كَلَوْنِ الْمِلْح صَافٍ حَدِيده جَزَّارًا مِنْ أَقْطَار الْحَدِيد الْمُنَعَّتِ
وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْن الصَّدَفَيْنِ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَآتَوْهُ زُبَر الْحَدِيد , فَجَعَلَهَا بَيْن الصَّدَفَيْنِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْن الْجَبَلَيْنِ بِمَا جَعَلَ بَيْنهمَا مِنْ زُبَر الْحَدِيد , وَيُقَال : سَوَّى . وَالصَّدَفَانِ : مَا بَيْن نَاحِيَتِي الْجَبَلَيْنِ وَرُءُوسهمَا ; وَمِنْهُ قَوْله الرَّاجِز : قَدْ أَخَذَتْ مَا بَيْن عَرْض الصُّدُفَيْنِ نَاحِيَتَيْهَا وَأَعَالِي الرُّكْنَيْنِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17599 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { بَيْن الصَّدَفَيْنِ } يَقُول : بَيْن الْجَبَلَيْنِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد , بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْن السَّدَّيْنِ } قَالَ : هُوَ سَدّ كَانَ بَيْن صَدَفَيْنِ , وَالصَّدَفَانِ : الْجَبَلَانِ . 17600 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الصَّدَفَيْنِ } رُءُوس الْجَبَلَيْنِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17601 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { بَيْن الصَّدَفَيْنِ } يَعْنِي الْجَبَلَيْنِ , وَهُمَا مِنْ قِبَل أَرْمِينِيَّة وَأَذْرَبِيجَان . 17602 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْن الصَّدَفَيْنِ } وَهُمَا الْجَبَلَانِ . 17603 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قَرَأَهَا : { بَيْن الصَّدَفَيْنِ } مَنْصُوبَة الصَّاد وَالدَّال , وَقَالَ : بَيْن الْجَبَلَيْنِ . وَلِلْعَرَبِ فِي الصَّدَفَيْنِ : لُغَات ثَلَاث , وَقَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهَا جَمَاعَة مِنْ الْقُرَّاء : الْفَتْح فِي الصَّاد وَالدَّال , وَذَلِكَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْكُوفَة . وَالضَّمّ فِيهِمَا , وَهِيَ قِرَاءَة أَهْل الْبَصْرَة . وَالضَّمّ فِي الصَّاد وَتَسْكِين الدَّال , وَذَلِكَ قِرَاءَة بَعْض أَهْل مَكَّة وَالْكُوفَة . وَالْفَتْح فِي الصَّاد وَالدَّال أَشْهَر هَذِهِ اللُّغَات , وَالْقِرَاءَة بِهَا أَعْجَب إِلَيَّ , وَإِنْ كُنْت مُسْتَجِيزًا الْقِرَاءَة بِجَمِيعِهَا , لِاتِّفَاقِ مَعَانِيهَا . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت الْفَتْح فِيهِمَا لِمَا ذَكَرْت مِنْ الْعِلَّة .
وَقَوْله : { قَالَ اُنْفُخُوا } يَقُول عَزَّ ذِكْره , قَالَ لِلْفَعَلَةِ : اُنْفُخُوا النَّار عَلَى هَذِهِ الزُّبُر مِنْ الْحَدِيد . وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا } وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك , وَهُوَ فَنَفَخُوا , حَتَّى إِذَا جَعَلَ مَا بَيْن الصَّدَفَيْنِ مِنْ الْحَدِيد نَارًا { قَالَ آتُونِي أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } فَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة , وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة : { قَالَ آتُونِي } بِمَدِّ الْأَلِف مِنْ { آتُونِي } بِمَعْنَى : أَعْطُونِي قِطْرًا أُفْرِغ عَلَيْهِ . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة , قَالَ : " اِئْتُونِي " بِوَصْلِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : جِيئُونِي قِطْرًا أُفْرِغ عَلَيْهِ , كَمَا عَلَيْهِ : أَخَذْت الْخِطَام , وَأَخَذْت بِالْخِطَامِ , وَجِئْتُك زَيْدًا , وَجِئْتُك بِزَيْدٍ . وَقَدْ يَتَوَجَّه مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ إِلَى مَعْنَى أَعْطُونِي , فَيَكُون كَأَنَّ قَارِئَهُ أَرَادَ مَدَّ الْأَلِف مِنْ آتُونِي , فَتَرَكَ الْهَمْزَة الْأُولَى مِنْ آتُونِي , وَإِذَا سَقَطَتْ الْأُولَى هَمَزَ الثَّانِيَة .
وَقَوْله : { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } يَقُول : أَصُبّ عَلَيْهِ قِطْرًا , وَالْقِطْر : النُّحَاس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17604 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } قَالَ : الْقِطْر : النُّحَاس . 17605 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 17606 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } : يَعْنِي النُّحَاس . 17607 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } أَيْ النُّحَاس لِيَلْزَمهُ بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } قَالَ : نُحَاسًا . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : الْقِطْر : الْحَدِيد الْمُذَاب , وَيُسْتَشْهَد لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : حُسَامًا كَلَوْنِ الْمِلْح صَافٍ حَدِيده جَزَّارًا مِنْ أَقْطَار الْحَدِيد الْمُنَعَّتِ
وَقَوْله : { فَمَا اِسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَمَا اِسْطَاعَ يَأْجُوج وَمَأْجُوج أَنْ يَعْلُوَا الرَّدْم الَّذِي جَعَلَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ حَاجِزًا بَيْنهمْ , وَبَيْن مِنْ دُونهمْ مِنْ النَّاس , فَيَصِيرُوا فَوْقه وَيَنْزِلُوا مِنْهُ إِلَى النَّاس . يُقَال مِنْهُ : ظَهَرَ فُلَان فَوْق الْبَيْت : إِذَا عَلَاهُ ; وَمِنْهُ قَوْل النَّاس : ظَهَرَ فُلَان عَلَى فُلَان : إِذَا قَهَرَهُ وَعَلَاهُ . { وَمَا اِسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } يَقُول : وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَنْقُبُوهُ مِنْ أَسْفَله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17608 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَمَا اِسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } مِنْ قَوْله : { وَمَا اِسْتَطَاعُوا لَا نَقْبًا } : أَيْ مِنْ أَسْفَله . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { فَمَا اِسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } قَالَ : مَا اِسْتَطَاعُوا أَنْ يَنْزِعُوهُ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَمَا اِسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } قَالَ : أَنْ يَرْتَقُوهُ { وَمَا اِسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } 17609 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَى حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , { فَمَا اِسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } قَالَ : أَنْ يَرْتَقُوهُ { وَمَا اِسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { فَمَا اِسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } قَالَ : يَعْلُوهُ { وَمَا اِسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } : أَيْ يَنْقُبُوهُ مِنْ أَسْفَله . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه حَذْف التَّاء مِنْ قَوْله : { فَمَا اِسْطَاعُوا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ لُغَة الْعَرَب أَنْ تَقُول : اِسْطَاعَ يَسْطِيع , يُرِيدُونَ بِهَا : اِسْتَطَاعَ يَسْتَطِيع , وَلَكِنْ حَذَفُوا التَّاء إِذَا جُمِعَتْ مَعَ الطَّاء وَمَخْرَجهمَا وَاحِد . قَالَ : وَقَالَ بَعْضهمْ : اِسْتَاع , فَحَذَفَ الطَّاء لِذَلِكَ . وَقَالَ بَعْضهمْ : أَسْطَاعَ يَسْطِيع , فَجَعَلَهَا مِنْ الْقَطْع كَأَنَّهَا أَطَاعَ يُطِيع , فَجَعَلَ السِّين عِوَضًا مِنْ إِسْكَان الْوَاو . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هَذَا حَرْف اُسْتُعْمِلَ فَكَثُرَ حَتَّى حُذِفَ .
قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ هَذَا رَحْمَة مِنْ رَبِّي } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَلَمَّا رَأَى ذُو الْقَرْنَيْنِ أَنَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَظْهَرُوا مَا بَنَى مِنْ الرَّدْم , وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى نَقْبه , قَالَ : هَذَا الَّذِي بَنَيْته وَسَوَّيْته حَاجِزًا بَيْن هَذِهِ الْأُمَّة , وَمِنْ دُون الرَّدْم رَحْمَة مِنْ رَبِّي رَحِمَ بِهَا مِنْ دُون الرَّدْم مِنْ النَّاس , فَأَعَانَنِي بِرَحْمَتِهِ لَهُمْ حَتَّى بَنَيْته وَسَوَّيْته لِيَكُفّ بِذَلِكَ غَائِلَة هَذِهِ الْأُمَّة عَنْهُمْ .
وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء } يَقُول : فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي الَّذِي جَعَلَهُ مِيقَاتًا لِظُهُورِ هَذِهِ الْأُمَّة وَخُرُوجهَا مِنْ وَرَاء هَذَا الرَّدْم لَهُمْ , جَعَلَهُ دَكَّاء , يَقُول : سَوَّاهُ بِالْأَرْضِ , فَأَلْزَقَهُ بِهَا , مِنْ قَوْلهمْ : نَاقَة دَكَّاء : مُسْتَوِيَة الظَّهْر لَا سَنَام لَهَا . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : جَعَلَهُ مَدْكُوكًا , فَقِيلَ : دَكَّاء . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 17610 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء } قَالَ : لَا أَدْرِي الْجَبَلَيْنِ يَعْنِي بِهِ , أَوْ مَا بَيْنهمَا . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُون كَذَلِكَ بَعْد قَتْل عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام الدَّجَّال . ذُكِرَ الْخَبَر بِذَلِكَ . 17611 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثنا هُشَيْم بْن بَشِير , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ جَبَلَة بْن سُحَيْم , عَنْ مُؤْثِر , وَهُوَ اِبْن عَفَازَة الْعَبْدِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقِيت لَيْلَة الْإِسْرَاء إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَذَاكَرُوا أَمْر السَّاعَة , وَرَدُّوا الْأَمْر إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ إِبْرَاهِيم : لَا عِلْم لِي بِهَا , فَرَدُّوا الْأَمْر إِلَى مُوسَى , فَقَالَ مُوسَى : لَا عِلْم لِي بِهَا , فَرَدُّوا الْأَمْر إِلَى عِيسَى ; قَالَ عِيسَى : أَمَّا قِيَام السَّاعَة لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , وَلَكِنَّ رَبِّي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِمَا هُوَ كَائِن دُون وَقْتهَا , عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ الدَّجَّال خَارِج , وَأَنَّهُ مُهْبِطِي إِلَيْهِ , فَذَكَرَ أَنَّ مَعَهُ قَصَبَتَيْنِ , فَإِذَا رَآنِي أَهْلَكَهُ اللَّه , قَالَ : فَيَذُوب كَمَا يَذُوب الرَّصَاص , حَتَّى إِنَّ الْحَجَر وَالشَّجَر لِيَقُولَ : يَا مُسْلِم هَذَا كَافِر فَاقْتُلْهُ , فَيُهْلِكهُمْ اللَّه , وَيَرْجِع النَّاس إِلَى بِلَادهمْ وَأَوْطَانهمْ فَيَسْتَقْبِلهُمْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مِنْ كُلّ حَدَب يَنْسِلُونَ , لَا يَأْتُونَ عَلَى شَيْء إِلَّا أَكَلُوهُ , وَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَاء إِلَّا شَرِبُوهُ , فَيَرْجِع النَّاس إِلَيَّ , فَيَشْكُونَهُمْ , فَأَدْعُو اللَّه عَلَيْهِمْ فَيُمِيتهُمْ حَتَّى تَجْوَى الْأَرْض مِنْ نَتِن رِيحهمْ , فَيَنْزِل الْمَطَر , فَيَجُرّ أَجْسَادهمْ , فَيُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْر , ثُمَّ يَنْسِف الْجِبَال حَتَّى تَكُون الْأَرْض كَالْأَدِيمِ , فَعَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ السَّاعَة مِنْهُمْ كَالْحَامِلِ الْمُتِمّ الَّتِي لَا يَدْرِي أَهْلهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادِهَا , لَيْلًا أَوْ نَهَارًا " . 17612 - حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ أَصْبَع بْن زَيْد , عَنْ الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ جَبَلَة بْن سُحَيْم , عَنْ مُؤْثِر بْن عَفَازَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِلْتَقَى هُوَ وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمْ السَّلَام . فَتَذَاكَرُوا أَمْر السَّاعَة . فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ عَنْ هُشَيْم , وَزَادَ فِيهِ : قَالَ الْعَوَّام بْن حَوْشَب : فَوَجَدْت تَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَب يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْد الْحَقّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَة أَبْصَار الَّذِينَ كَفَرُوا } 21 96 : 97 وَقَالَ : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْد رَبِّي حَقًّا } يَقُول : وَكَانَ وَعْد رَبِّي الَّذِي وَعَدَ خَلْقه فِي دَكّ هَذَا الرَّدْم , وَخُرُوج هَؤُلَاءِ الْقَوْم عَلَى النَّاس , وَعَيْثهمْ فِيهِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ وَعْده حَقًّا , لِأَنَّهُ لَا يُخْلِف الْمِيعَاد فَلَا يَقَع غَيْر مَا وَعَدَ أَنَّهُ كَائِن.
وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء } يَقُول : فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي الَّذِي جَعَلَهُ مِيقَاتًا لِظُهُورِ هَذِهِ الْأُمَّة وَخُرُوجهَا مِنْ وَرَاء هَذَا الرَّدْم لَهُمْ , جَعَلَهُ دَكَّاء , يَقُول : سَوَّاهُ بِالْأَرْضِ , فَأَلْزَقَهُ بِهَا , مِنْ قَوْلهمْ : نَاقَة دَكَّاء : مُسْتَوِيَة الظَّهْر لَا سَنَام لَهَا . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : جَعَلَهُ مَدْكُوكًا , فَقِيلَ : دَكَّاء . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 17610 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء } قَالَ : لَا أَدْرِي الْجَبَلَيْنِ يَعْنِي بِهِ , أَوْ مَا بَيْنهمَا . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُون كَذَلِكَ بَعْد قَتْل عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام الدَّجَّال . ذُكِرَ الْخَبَر بِذَلِكَ . 17611 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثنا هُشَيْم بْن بَشِير , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ جَبَلَة بْن سُحَيْم , عَنْ مُؤْثِر , وَهُوَ اِبْن عَفَازَة الْعَبْدِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقِيت لَيْلَة الْإِسْرَاء إِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى فَتَذَاكَرُوا أَمْر السَّاعَة , وَرَدُّوا الْأَمْر إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ إِبْرَاهِيم : لَا عِلْم لِي بِهَا , فَرَدُّوا الْأَمْر إِلَى مُوسَى , فَقَالَ مُوسَى : لَا عِلْم لِي بِهَا , فَرَدُّوا الْأَمْر إِلَى عِيسَى ; قَالَ عِيسَى : أَمَّا قِيَام السَّاعَة لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , وَلَكِنَّ رَبِّي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِمَا هُوَ كَائِن دُون وَقْتهَا , عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ الدَّجَّال خَارِج , وَأَنَّهُ مُهْبِطِي إِلَيْهِ , فَذَكَرَ أَنَّ مَعَهُ قَصَبَتَيْنِ , فَإِذَا رَآنِي أَهْلَكَهُ اللَّه , قَالَ : فَيَذُوب كَمَا يَذُوب الرَّصَاص , حَتَّى إِنَّ الْحَجَر وَالشَّجَر لِيَقُولَ : يَا مُسْلِم هَذَا كَافِر فَاقْتُلْهُ , فَيُهْلِكهُمْ اللَّه , وَيَرْجِع النَّاس إِلَى بِلَادهمْ وَأَوْطَانهمْ فَيَسْتَقْبِلهُمْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج مِنْ كُلّ حَدَب يَنْسِلُونَ , لَا يَأْتُونَ عَلَى شَيْء إِلَّا أَكَلُوهُ , وَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَاء إِلَّا شَرِبُوهُ , فَيَرْجِع النَّاس إِلَيَّ , فَيَشْكُونَهُمْ , فَأَدْعُو اللَّه عَلَيْهِمْ فَيُمِيتهُمْ حَتَّى تَجْوَى الْأَرْض مِنْ نَتِن رِيحهمْ , فَيَنْزِل الْمَطَر , فَيَجُرّ أَجْسَادهمْ , فَيُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْر , ثُمَّ يَنْسِف الْجِبَال حَتَّى تَكُون الْأَرْض كَالْأَدِيمِ , فَعَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ السَّاعَة مِنْهُمْ كَالْحَامِلِ الْمُتِمّ الَّتِي لَا يَدْرِي أَهْلهَا مَتَى تَفْجَؤُهُمْ بِوِلَادِهَا , لَيْلًا أَوْ نَهَارًا " . 17612 - حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ أَصْبَع بْن زَيْد , عَنْ الْعَوَّام بْن حَوْشَب , عَنْ جَبَلَة بْن سُحَيْم , عَنْ مُؤْثِر بْن عَفَازَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِلْتَقَى هُوَ وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمْ السَّلَام . فَتَذَاكَرُوا أَمْر السَّاعَة . فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ عَنْ هُشَيْم , وَزَادَ فِيهِ : قَالَ الْعَوَّام بْن حَوْشَب : فَوَجَدْت تَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَب يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْد الْحَقّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَة أَبْصَار الَّذِينَ كَفَرُوا } 21 96 : 97 وَقَالَ : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْد رَبِّي حَقًّا } يَقُول : وَكَانَ وَعْد رَبِّي الَّذِي وَعَدَ خَلْقه فِي دَكّ هَذَا الرَّدْم , وَخُرُوج هَؤُلَاءِ الْقَوْم عَلَى النَّاس , وَعَيْثهمْ فِيهِ , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ وَعْده حَقًّا , لِأَنَّهُ لَا يُخْلِف الْمِيعَاد فَلَا يَقَع غَيْر مَا وَعَدَ أَنَّهُ كَائِن.
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَرَكْنَا بَعْضهمْ يَوْمئِذٍ يَمُوج فِي بَعْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتَرَكْنَا عِبَادنَا يَوْم يَأْتِيهِمْ وَعْدنَا الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ , بِأَنَّا نَدُكّ الْجِبَال وَنَنْسِفهَا عَنْ الْأَرْض نَسْفًا , فَنَذَرهَا قَاعًا صَفْصَفًا , بَعْضهمْ يَمُوج فِي بَعْض , يَقُول : يَخْتَلِط جِنّهمْ بِإِنْسِهِمْ . كَمَا : 17613 - ثنا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ هَارُون بْن عَنْتَرَة , عَنْ شَيْخ مِنْ بَنِي فَزَارَة , فِي قَوْله : { وَتَرَكْنَا بَعْضهمْ يَوْمئِذٍ يَمُوج فِي بَعْض } قَالَ : إِذَا مَاجَ الْجِنّ وَالْإِنْس , قَالَ إِبْلِيس : فَأَنَا أَعْلَم لَكُمْ عِلْم هَذَا الْأَمْر , فَيَظْعَن إِلَى الْمَشْرِق , فَيَجِد الْمَلَائِكَة قَدْ قَطَعُوا الْأَرْض , ثُمَّ يَظْعَن إِلَى الْمَغْرِب , فَيَجِد الْمَلَائِكَة قَدْ قَطَعُوا الْأَرْض , ثُمَّ يَصْعَد يَمِينًا وَشِمَالًا إِلَى أَقْصَى الْأَرْض , فَيَجِد الْمَلَائِكَة قَطَعُوا الْأَرْض , فَيَقُول : مَا مِنْ مَحِيص , فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ , إِذْ عُرِضَ لَهُ طَرِيق كَالشِّرَاكِ , فَأَخَذَ عَلَيْهِ هُوَ وَذُرِّيَّته , فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَيْهِ , إِذْ هَجَمُوا عَلَى النَّار , فَأَخْرَجَ اللَّه خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ النَّار , قَالَ : يَا إِبْلِيس أَلَمْ تَكُنْ لَك الْمَنْزِلَة عِنْد رَبّك , أَلَمْ تَكُنْ فِي الْجِنَان ؟ فَيَقُول : لَيْسَ هَذَا يَوْم عِتَاب , لَوْ أَنَّ اللَّه فَرَضَ عَلَيَّ فَرِيضَة لَعَبَدْته فِيهَا عِبَادَة لَمْ يَعْبُدهُ مِثْلهَا أَحَد مِنْ خَلْقه , فَيَقُول : فَإِنَّ اللَّه قَدْ فَرَضَ عَلَيْك فَرِيضَة , فَيَقُول : مَا هِيَ ؟ فَيَقُول : يَأْمُرك أَنْ تَدْخُل النَّار , فَيَتَلَكَّأ عَلَيْهِ , فَيَقُول بِهِ وَبِذُرِّيَّتِهِ بِجَنَاحَيْهِ , فَيَقْذِفهُمْ فِي النَّار , فَتَزْفِر النَّار زَفْرَة فَلَا يَبْقَى مَلَك مُقَرَّب , وَلَا نَبِيّ مُرْسَل إِلَّا جَثَى لِرُكْبَتَيْهِ . 17614 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَتَرَكْنَا بَعْضهمْ يَوْمئِذٍ يَمُوج فِي بَعْض } قَالَ : هَذَا أَوَّل الْقِيَامَة , ثُمَّ نُفِخَ فِي الصُّور عَلَى أَثَر ذَلِكَ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا .
{ وَنُفِخَ فِي الصُّور } قَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى فِي الصُّور , وَمَا هُوَ , وَمَا عُنِيَ بِهِ . وَاخْتَرْنَا الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر فِي ذَلِكَ الْمَوْضِع مِنْ الْأَخْبَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثنا أَسْلَمَ , عَنْ بِشْر بْن شَغَاف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَهُ عَنْ الصُّور , قَالَ : " قَرْن يُنْفَخ فِيهِ " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ الْعِجْلِيّ , عَنْ بِشْر بْن شَغَاف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . 17616 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَارِث الْقَنْطَرِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , قَالَ : كُنْت فِي جِنَازَة عُمَر بْن ذَرّ فَلَقِيت مَالِك بْن مِغْوَل , فَحَدَّثْنَا عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ وَحَنَى الْجَبْهَة , وَأَصْغَى بِالْأُذُنِ مَتَى يُؤْمَر " فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " قُولُوا حَسْبنَا اللَّه وَعَلَى اللَّه تَوَكَّلْنَا , وَلَوْ اِجْتَمَعَ أَهْل مِنًى مَا أَقَالُوا ذَلِكَ الْقَرْن " كَذَا قَالَ , وَإِنَّمَا هُوَ مَا أَقَلُّوا . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن , وَحَنَى ظَهْره وَجَحَظَ بِعَيْنَيْهِ " , قَالُوا : مَا نَقُول يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " قُولُوا : حَسْبنَا اللَّه , تَوَكَّلْنَا عَلَى اللَّه " . 17617 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن , وَحَنَى جَبْهَته يَسْتَمِع مَتَى يُؤْمَر يَنْفُخ فِيهِ " , فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَكَيْف نَقُول ؟ قَالَ : " تَقُولُونَ : حَسْبنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل , تَوَكَّلْنَا عَلَى اللَّه " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَالْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَا : ثنا أَسْبَاط , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا شُعَيْب بْن حَرْب , قَالَ : ثنا خَالِد أَبُو الْعَلَاء , قَالَ : ثنا عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن وَحَنَى الْجَبْهَة , وَأَصْغَى بِالْأُذُنِ مَتَى يُؤْمَر أَنْ يَنْفُخ , وَلَوْ أَنَّ أَهْل مِنًى اِجْتَمَعُوا عَلَى الْقَرْن عَلَى أَنْ يُقِلُّوهُ مِنْ الْأَرْض , مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ " قَالَ : فَأُبْلِسَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَقَّ عَلَيْهِمْ , قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُولُوا : حَسْبنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل , عَلَى اللَّه تَوَكَّلْنَا " . 17618 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع الْمَدَنِيّ , عَنْ يَزِيد بْن فُلَان , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمَّا فَرَغَ اللَّه مِنْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض , خَلَقَ الصُّور , فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيل , فَهُوَ وَضَعَهُ عَلَى فِيهِ شَاخِص بَصَره إِلَى الْعَرْش يَنْتَظِر مَتَى يُؤْمَر " . قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : يَا رَسُول اللَّه , مَا الصُّور ؟ قَالَ : " قَرْن " . قَالَ : وَكَيْف هُوَ ؟ قَالَ : " قَرْن عَظِيم يَنْفُخ فِيهِ ثَلَاث نَفَخَات : الْأُولَى : نَفْخَة الْفَزَع , وَالثَّانِيَة : نَفْخَة الصَّعْق , وَالثَّالِثَة : نَفْخَة الْقِيَام لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " . وَقَوْله : { فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا } يَقُول : فَجَمَعْنَا جَمِيع الْخَلْق حِينَئِذٍ لِمَوْقِفِ الْحِسَاب جَمِيعًا .
{ وَنُفِخَ فِي الصُّور } قَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى فِي الصُّور , وَمَا هُوَ , وَمَا عُنِيَ بِهِ . وَاخْتَرْنَا الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر فِي ذَلِكَ الْمَوْضِع مِنْ الْأَخْبَار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثنا أَسْلَمَ , عَنْ بِشْر بْن شَغَاف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَهُ عَنْ الصُّور , قَالَ : " قَرْن يُنْفَخ فِيهِ " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ الْعِجْلِيّ , عَنْ بِشْر بْن شَغَاف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . 17616 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَارِث الْقَنْطَرِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر , قَالَ : كُنْت فِي جِنَازَة عُمَر بْن ذَرّ فَلَقِيت مَالِك بْن مِغْوَل , فَحَدَّثْنَا عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ وَحَنَى الْجَبْهَة , وَأَصْغَى بِالْأُذُنِ مَتَى يُؤْمَر " فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " قُولُوا حَسْبنَا اللَّه وَعَلَى اللَّه تَوَكَّلْنَا , وَلَوْ اِجْتَمَعَ أَهْل مِنًى مَا أَقَالُوا ذَلِكَ الْقَرْن " كَذَا قَالَ , وَإِنَّمَا هُوَ مَا أَقَلُّوا . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن , وَحَنَى ظَهْره وَجَحَظَ بِعَيْنَيْهِ " , قَالُوا : مَا نَقُول يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " قُولُوا : حَسْبنَا اللَّه , تَوَكَّلْنَا عَلَى اللَّه " . 17617 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن , وَحَنَى جَبْهَته يَسْتَمِع مَتَى يُؤْمَر يَنْفُخ فِيهِ " , فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَكَيْف نَقُول ؟ قَالَ : " تَقُولُونَ : حَسْبنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل , تَوَكَّلْنَا عَلَى اللَّه " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَالْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَا : ثنا أَسْبَاط , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا شُعَيْب بْن حَرْب , قَالَ : ثنا خَالِد أَبُو الْعَلَاء , قَالَ : ثنا عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْف أَنْعَمَ وَصَاحِب الْقَرْن قَدْ اِلْتَقَمَ الْقَرْن وَحَنَى الْجَبْهَة , وَأَصْغَى بِالْأُذُنِ مَتَى يُؤْمَر أَنْ يَنْفُخ , وَلَوْ أَنَّ أَهْل مِنًى اِجْتَمَعُوا عَلَى الْقَرْن عَلَى أَنْ يُقِلُّوهُ مِنْ الْأَرْض , مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ " قَالَ : فَأُبْلِسَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَقَّ عَلَيْهِمْ , قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُولُوا : حَسْبنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل , عَلَى اللَّه تَوَكَّلْنَا " . 17618 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع الْمَدَنِيّ , عَنْ يَزِيد بْن فُلَان , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمَّا فَرَغَ اللَّه مِنْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض , خَلَقَ الصُّور , فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيل , فَهُوَ وَضَعَهُ عَلَى فِيهِ شَاخِص بَصَره إِلَى الْعَرْش يَنْتَظِر مَتَى يُؤْمَر " . قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : يَا رَسُول اللَّه , مَا الصُّور ؟ قَالَ : " قَرْن " . قَالَ : وَكَيْف هُوَ ؟ قَالَ : " قَرْن عَظِيم يَنْفُخ فِيهِ ثَلَاث نَفَخَات : الْأُولَى : نَفْخَة الْفَزَع , وَالثَّانِيَة : نَفْخَة الصَّعْق , وَالثَّالِثَة : نَفْخَة الْقِيَام لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " . وَقَوْله : { فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا } يَقُول : فَجَمَعْنَا جَمِيع الْخَلْق حِينَئِذٍ لِمَوْقِفِ الْحِسَاب جَمِيعًا .
وَقَوْله : { وَعَرَضْنَا جَهَنَّم يَوْمئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا } يَقُول : وَأَبْرَزْنَا جَهَنَّم يَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور , فَأَظْهَرْنَاهَا لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ , حَتَّى يَرَوْهَا وَيُعَايِنُوهَا كَهَيْئَةِ السَّرَاب ; وَلَوْ جُعِلَ الْفِعْل لَهَا قِيلَ : أَعْرَضَتْ إِذَا اِسْتَبَانَتْ , كَمَا قَالَ عَمْرو بْن كُلْثُوم : وَأَعْرَضَتْ الْيَمَامَة وَاشْمَخَرَّتْ كَأَسْيَافِ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17619 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ , قَالَ : ثنا أَبُو الزَّعْرَاء , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : يَقُوم الْخَلْق لِلَّهِ إِذَا نُفِخَ فِي الصُّور , قِيَام رَجُل وَاحِد , ثُمَّ يَتَمَثَّل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِلْخَلْقِ فَمَا يَلْقَاهُ أَحَد مِنْ الْخَلَائِق كَانَ يَعْبُد مِنْ دُون اللَّه شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ مَرْفُوع لَهُ يَتْبَعهُ , قَالَ : فَيَلْقَى الْيَهُود فَيَقُول : مَنْ تَعْبُدُونَ ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : نَعْبُد عُزَيْرًا , قَالَ : فَيَقُول : هَلْ يَسُرّكُمْ الْمَاء ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ , فَيُرِيهِمْ جَهَنَّم وَهِيَ كَهَيْئَةِ السَّرَاب , ثُمَّ قَرَأَ { وَعَرَضْنَا جَهَنَّم يَوْمئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا } ثُمَّ يَلْقَى النَّصَارَى فَيَقُول : مَنْ تَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعْبُد الْمَسِيح , فَيَقُول : هَلْ يَسُرّكُمْ الْمَاء , فَيَقُولُونَ نَعَمْ , قَالَ : فَيُرِيهِمْ جَهَنَّم وَهِيَ كَهَيْئَةِ السَّرَاب , ثُمَّ كَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ يَعْبُد مِنْ دُون اللَّه شَيْئًا , ثُمَّ قَرَأَ عَبْد اللَّه { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ } 37 24
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنهمْ فِي غِطَاء عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } يَقُول تَعَالَى : وَعَرَضْنَا جَهَنَّم يَوْمئِذٍ لِلْكَافِرِينَ الَّذِينَ كَانُوا لَا يَنْظُرُونَ فِي آيَات اللَّه , فَيَتَفَكَّرُونَ فِيهَا وَلَا يَتَأَمَّلُونَ حُجَجه , فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا , فَيَتَذَكَّرُونَ وَيُنِيبُونَ إِلَى تَوْحِيد اللَّه , وَيَنْقَادُونَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيه , { وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } يَقُول . وَكَانُوا لَا يُطِيقُونَ أَنْ يَسْمَعُوا ذِكْر اللَّه الَّذِي ذَكَرَهُمْ بِهِ , وَبَيَانه الَّذِي بَيَّنَهُ لَهُمْ فِي آي كِتَابه , بِخِذْلَانِ اللَّه إِيَّاهُمْ , وَغَلَبَة الشَّقَاء عَلَيْهِمْ , وَشَغَلَهُمْ بِالْكُفْرِ بِاَللَّهِ وَطَاعَة الشَّيْطَان , فَيَتَّعِظُونَ بِهِ , وَيَتَدَبَّرُونَ , فَيَعْرِفُونَ الْهُدَى مِنْ الضَّلَالَة , وَالْكُفْر مِنْ الْإِيمَان . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 17620 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا زَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } قَالَ : لَا يَعْقِلُونَ . 17621 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } قَالَ : لَا يَعْلَمُونَ . 17622 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنهمْ فِي غِطَاء عَنْ ذِكْرَى } الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْكُفْر .
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاء } يَقُول عَزَّ ذِكْره : أَفَطِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَبَدَة الْمَلَائِكَة وَالْمَسِيح , أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي الَّذِينَ عَبَدُوهُمْ مِنْ دُون اللَّه أَوْلِيَاء , يَقُول كَلَّا بَلْ هُمْ لَهُمْ أَعْدَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17623 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاء } قَالَ : يَعْنِي مَنْ يَعْبُد الْمَسِيح اِبْن مَرْيَم وَالْمَلَائِكَة , وَهُمْ عِبَاد اللَّه , وَلَمْ يَكُونُوا لِلْكُفَّارِ أَوْلِيَاء . وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَة , أَعْنِي بِكَسْرِ السِّين مِنْ { أَفَحَسِبَ } بِمَعْنَى الظَّنّ قَرَأَتْ هَذَا الْحَرْف قُرَّاء الْأَمْصَار . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَعِكْرِمَة وَمُجَاهِد أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ { أَفَحَسْب الَّذِينَ كَفَرُوا } بِتَسْكِينِ السِّين , وَرَفْع الْحَرْف بَعْدهَا , بِمَعْنَى : أَفَحَسْبهمْ ذَلِكَ : أَيْ أَفَكَأَنَّهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاء مِنْ عِبَادَاتِي وَمُوَالَاتِي . كَمَا : 17624 - حُدِّثْت عَنْ إِسْحَاق بْن يُوسُف الْأَزْرَق , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ عِكْرِمَة { أَفَحَسْب الَّذِينَ كَفَرُوا } قَالَ : أَفَحَسْبهمْ ذَلِكَ . وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَقْرَؤُهَا هِيَ الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ } بِكَسْرِ السِّين , بِمَعْنَى أَفَظَنَّ , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .
وَقَوْله : { إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّم لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا } يَقُول : أَعْدَدْنَا لِمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ جَهَنَّم مَنْزِلًا .
وَقَوْله : { إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّم لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا } يَقُول : أَعْدَدْنَا لِمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ جَهَنَّم مَنْزِلًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْغُونَ عَنَتك وَيُجَادِلُونَك بِالْبَاطِلِ , وَيُحَاوِرُونَك بِالْمَسَائِلِ مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ : الْيَهُود , وَالنَّصَارَى { هَلْ نُنَبِّئكُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } يَعْنِي بِاَلَّذِينَ أَتْعَبُوا أَنْفُسهمْ فِي عَمَل يَبْغُونَ بِهِ رِبْحًا وَفَضْلًا , فَنَالُوا بِهِ عَطَبًا وَهَلَاكًا وَلَمْ يُدْرِكُوا طَلَبًا , كَالْمُشْتَرِي سِلْعَة يَرْجُو بِهَا فَضْلًا وَرِبْحًا , فَخَابَ رَجَاؤُهُ . وَخَسِرَ بَيْعه , وَوُكِسَ فِي الَّذِي رَجَا فَضْله . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِينَ عُنُوا بِذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ الرُّهْبَان وَالْقُسُوس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 17625 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا الْمَقْبُرِيّ , قَالَ : ثنا حَيْوَة بْن شُرَيْح , قَالَ : أَخْبَرَنِي السَّكَن بْن أَبِي كَرِيمَة , أَنَّ أُمّه أَخْبَرْته أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَا خَمِيصَة عَبْد اللَّه بْن قَيْس يَقُول : سَمِعْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة { قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } : هُمْ الرُّهْبَان الَّذِينَ حَبَسُوا أَنْفُسهمْ فِي الصَّوَامِع . * - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَمِعْت حَيْوَة يَقُول : ثني السَّكَن بْن أَبِي كَرِيمَة , عَنْ أُمّه أَخْبَرْته أَنَّهَا سَمِعَتْ عَبْد اللَّه بْن قَيْس يَقُول : سَمِعْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب يَقُول , فَذَكَرَ نَحْوه . 17626 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , قَالَ : قُلْت لِأَبِي : { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } أَهُمْ الْحَرُورِيَّة ؟ قَالَ : هُمْ أَصْحَاب الصَّوَامِع . 17627 - حَدَّثَنَا فَضَالَة بْن الْفَضْل , قَالَ : قَالَ بَزِيع : سَأَلَ رَجُل الضَّحَّاك عَنْ هَذِهِ الْآيَة { قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } قَالَ : هُمْ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَان . 17628 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , قَالَ : قَالَ سَعْد : هُمْ أَصْحَاب الصَّوَامِع . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ اِبْن سَعْد , قَالَ : قُلْت لِسَعْدٍ : يَا أَبَتِ { هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } أَهُمْ الْحَرُورِيَّة , فَقَالَ : لَا , وَلَكِنَّهُمْ أَصْحَاب الصَّوَامِع , وَلَكِنَّ الْحَرُورِيَّة قَوْم زَاغُوا فَأَزَاغَ اللَّه قُلُوبهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ جَمِيع أَهْل الْكِتَابَيْنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17629 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثْنِي , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ ثنا شُعْبَة , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد , قَالَ : سَأَلْت أَبِي عَنْ هَذِهِ الْآيَة { قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } أَهُمْ الْحَرُورِيَّة ؟ قَالَ : لَا , هُمْ أَهْل الْكِتَاب , الْيَهُود وَالنَّصَارَى . أَمَّا الْيَهُود فَكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ . وَأَمَّا النَّصَارَى فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَقَالُوا : لَيْسَ فِيهَا طَعَام وَلَا شَرَاب , وَلَكِنَّ الْحَرُورِيَّة { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْد اللَّه مِنْ بَعْد مِيثَاقه وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض أُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ } 2 27 فَكَانَ سَعْد يُسَمِّيهِمْ الْفَاسِقِينَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي حَرَّة عَنْ مُصْعَب بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص , عَنْ أَبِيهِ , فِي قَوْله { قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } قَالَ : هُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى . 17630 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ أَبِي حَرْب بْن أَبِي الْأَسْوَد عَنْ زَاذَان , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله : { قُلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } قَالَ : هُمْ كَفَرَة أَهْل الْكِتَاب ; كَانَ أَوَائِلهمْ عَلَى حَقّ , فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ , وَابْتَدَعُوا فِي دِينهمْ , الَّذِي يَجْتَهِدُونَ فِي الْبَاطِل , وَيَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقّ , وَيَجْتَهِدُونَ فِي الضَّلَالَة , وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى , فَضَلَّ سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ; ثُمَّ رَفَعَ صَوْته , فَقَالَ : وَمَا أَهْل النَّار مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُمْ الْخَوَارِج . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16731 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان بْن سَلَمَة , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن الْكَوَّاء عَلِيًّا عَنْ قَوْله : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } قَالَ : أَنْتُمْ يَا أَهْل حَرُورَاء . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ أَبِي صَخْر , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ , عَنْ أَبِي الصَّهْبَاء الْبَكْرِيّ , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , أَنَّ اِبْن الْكَوَّاء سَأَلَهُ , عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } فَقَالَ عَلِيّ : أَنْتَ وَأَصْحَابك . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : قَامَ اِبْن الْكَوَّاء إِلَى عَلِيّ , فَقَالَ : مَنْ الْأَخْسَرِينَ . أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا , قَالَ : وَيْلك أَهْل حَرُورَاء مِنْهُمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن يَعْقُوب بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَى أَبُو الْحُوَيْرِث , عَنْ نَافِع بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم , قَالَ : قَالَ اِبْن الْكَوَّاء لِعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب : مَا الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ؟ قَالَ : أَنْتَ وَأَصْحَابك . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا , أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنَى بِقَوْلِهِ : { هَلْ نُنَبِّئكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا } كُلّ عَامِل عَمَلًا يَحْسَبهُ فِيهِ مُصِيبًا , وَأَنَّهُ لِلَّهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مُطِيع مَرَض , وَهُوَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ لِلَّهِ مُسْخِط , وَعَنْ طَرِيق أَهْل الْإِيمَان بِهِ جَائِر كَالرَّهَابِنَةِ وَالشَّمَامِسَة وَأَمْثَالهمْ مِنْ أَهْل الِاجْتِهَاد فِي ضَلَالَتهمْ , وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ وَاجْتِهَادهمْ بِاَللَّهِ كَفَرَة , مِنْ أَهْل أَيّ دِين كَانُوا . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه نَصْب قَوْله { أَعْمَالًا } , فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : نُصِبَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُدْخِلَ الْأَلِف وَاللَّام وَالنُّون فِي الْأَخْسَرِينَ لَمْ يُوصَل إِلَى الْإِضَافَة , وَكَانَتْ الْأَعْمَال مِنْ الْأَخْسَرِينَ فَلِذَلِكَ نُصِبَ . وَقَالَ غَيْره : هَذَا بَاب الْأَفْعَل وَالْفُعْلَى , مِثْل الْأَفْضَل وَالْفُضْلَى , وَالْأَخْسَر وَالْخُسْرَى , وَلَا تَدْخُل فِيهِ الْوَاو , وَلَا يَكُون فِيهِ مُفَسَّر , لِأَنَّهُ قَدْ اِنْفَصَلَ بِمَنْ هُوَ كَقَوْلِهِ الْأَفْضَل وَالْفُضْلَى , وَإِذَا جَاءَ مَعَهُ مُفَسَّر كَانَ لِلْأَوَّلِ وَالْآخِر , وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : مَرَرْت بِرَجُلٍ حَسَن وَجْهًا , فَيَكُون الْحُسْن لِلرَّجُلِ وَالْوَجْه , وَكَذَلِكَ كَبِير عَقْلًا , وَمَا أَشْبَهَهُ قَالَ : وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْأَخْسَرِينَ , لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى الْأَفْعَل وَالْأَفْعَلَة . قَالَ : وَسَمِعْت الْعَرَب تَقُول : الْأُولَات دُخُولًا , وَالْآخِرَات خُرُوجًا , فَصَارَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَسَائِرِ الْبَاب قَالَ : وَعَلَى هَذَا يُقَاس .
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ↓
وَقَوْله : { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : هُمْ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ عَمَلهمْ الَّذِي عَمِلُوهُ فِي حَيَاتهمْ الدُّنْيَا عَلَى هُدًى وَاسْتِقَامَة , بَلْ كَانَ عَلَى جَوْر وَضَلَالَة , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِغَيْرِ مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ بَلْ عَلَى كُفْر مِنْهُمْ بِهِ , { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } يَقُول : وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ لِلَّهِ مُطِيعُونَ , وَفِيمَا نَدَبَ عِبَاده إِلَيْهِ مُجْتَهِدُونَ , وَهَذَا مِنْ أَدِلَّة الدَّلَائِل عَلَى خَطَأ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفُر بِاَللَّهِ أَحَد إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَقْصِد إِلَى الْكُفْر بَعْد الْعِلْم بِوَحْدَانِيِّتِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة , أَنَّ سَعْيهمْ الَّذِي سَعَوْا فِي الدُّنْيَا ذَهَبَ ضَلَالًا , وَقَدْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ فِي صُنْعهمْ ذَلِكَ , وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ . وَلَوْ كَانَ الْقَوْل كَمَا قَالَ الَّذِي زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَكْفُر بِاَللَّهِ أَحَد إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَعْلَم , لَوَجَبَ أَنْ يَكُون هَؤُلَاءِ الْقَوْم فِي عَمَلهمْ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْسَبُونَ فِيهِ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعه , كَانُوا مُثَابِينَ مَأْجُورِينَ عَلَيْهَا , وَلَكِنَّ الْقَوْل بِخِلَافِ مَا قَالُوا , فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ بِاَللَّهِ كَفَرَة , وَأَنَّ أَعْمَالهمْ حَابِطَة . وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } عَمَلًا , وَالصُّنْع وَالصَّنْعَة وَالصَّنِيع وَاحِد , يُقَال : فَرَس صَنِيع بِمَعْنَى مَصْنُوع .
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ↑
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ وَلِقَائِهِ فَحَبَطَتْ أَعْمَالهمْ فَلَا نُقِيم لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْنَا صِفَتهمْ , الْأَخْسَرُونَ أَعْمَالًا , الَّذِينَ كَفَرُوا بِحُجَجِ رَبّهمْ وَأَدِلَّته , وَأَنْكَرُوا لِقَاءَهُ { فَحَبَطَتْ أَعْمَالهمْ } يَقُول : فَبَطَلَتْ أَعْمَالهمْ , فَلَمْ يَكُنْ لَهَا ثَوَاب يَنْفَع أَصْحَابهَا فِي الْآخِرَة , بَلْ لَهُمْ مِنْهَا عَذَاب وَخِزْي طَوِيل { فَلَا نُقِيم لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا نَجْعَل لَهُمْ ثِقَلًا . وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ : أَنَّهُمْ لَا تَثْقُل بِهِمْ مَوَازِينهمْ , لِأَنَّ الْمَوَازِين إِنَّمَا تُعْقَل بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة , وَلَيْسَ لِهَؤُلَاءِ شَيْء مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة , فَتُثَقَّل بِهِ مَوَازِينهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر , عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ كَعْب , قَالَ : يُؤْتَى يَوْم الْقِيَامَة بِرَجُلٍ عَظِيم طَوِيل , فَلَا يَزِن عِنْد اللَّه جَنَاح بَعُوضَة , اِقْرَءُوا : { فَلَا نُقِيم لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا } 17633 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن الصَّلْت , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُؤْتِي بِالْأَكُولِ الشَّرُوب الطَّوِيل , فَيُوزَن فَلَا يَزِن جَنَاح بَعُوضَة " ثُمَّ قَرَأَ { فَلَا نُقِيم لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا }
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّم بِمَا كَفَرُوا وَاِتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أُولَئِكَ ثَوَابهمْ جَهَنَّم بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ , وَاِتِّخَاذهمْ آيَات كِتَابه , وَحُجَج رُسُله سِخْرِيًّا , وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِرُسُلِهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات كَانَتْ لَهُمْ جَنَّات الْفِرْدَوْس } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ صَدَقُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَأَقَرُّوا بِتَوْحِيدِ اللَّه وَمَا أَنْزَلَ مِنْ كُتُبه وَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ , كَانَتْ لَهُمْ بَسَاتِين الْفِرْدَوْس , وَالْفِرْدَوْس : مُعْظَم الْجَنَّة , كَمَا قَالَ أُمَيَّة : كَانَتْ مَنَازِلهمْ إِذْ ذَاكَ ظَاهِرَة فِيهَا الْفَرَادِيس وَالْفُومَانِ وَالْبَصَل وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْفِرْدَوْس ; فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِهِ أَفْضَل الْجَنَّة وَأَوْسَطهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : الْفِرْدَوْس : رَبْوَة الْجَنَّة وَأَوْسَطهَا وَأَفْضَلهَا . 17635 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا الْهَيْثَم أَبُو بِشْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَرَج بْن فَضَالَة , عَنْ لُقْمَان , عَنْ عَامِر , قَالَ : سُئِلَ أَبُو أُسَامَة عَنْ الْفِرْدَوْس , فَقَالَ : هِيَ سُرَّة الْجَنَّة . 17636 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي سُرَيْج , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن عَمْرو النَّصِيبِيّ , عَنْ أَبِي عَلِيّ , عَنْ كَعْب , قَالَ : لَيْسَ فِي الْجِنَان جَنَّة أَعْلَى مِنْ جَنَّة الْفِرْدَوْس , وَفِيهَا الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ , وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَر . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْبُسْتَان بِالرُّومِيَّةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17637 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْفِرْدَوْس : بُسْتَان بِالرُّومِيَّةِ . * - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْبُسْتَان الَّذِي فِيهِ الْأَعْنَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17638 - حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث , عَنْ كَعْب , قَالَ : جَنَّات الْفِرْدَوْس الَّتِي فِيهَا الْأَعْنَاب . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ , مَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَلِكَ مَا : 17639 - حَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَد بْن أَبِي سُرَيْج , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْجَنَّة مِائَة دَرَجَة , مَا بَيْن كُلّ دَرَجَتَيْنِ مَسِيرَة عَام وَالْفِرْدَوْس أَعْلَاهَا دَرَجَة , وَمِنْهَا الْأَنْهَار الْأَرْبَعَة , وَالْفِرْدَوْس مِنْ فَوْقهَا , فَإِذَا سَأَلْتُمْ اللَّه فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْس " . * - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن سَهْل , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن دَاوُدَ , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْجَنَّة مِائَة دَرَجَة مَا بَيْن كُلّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , أَعْلَاهَا الْفِرْدَوْس , وَمِنْهَا تُفَجَّر أَنْهَار الْجَنَّة الْأَرْبَعَة , فَإِذَا سَأَلْتُمْ اللَّه فَاسْأَلُوا الْفِرْدَوْس " . 17640 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني أَبُو يَحْيَى بْن سُلَيْمَان , عَنْ هِلَال بْن أُسَامَة , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَوْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِذَا سَأَلْتُمْ اللَّه فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْس , فَإِنَّهَا أَوْسَط الْجَنَّة وَأَعْلَى الْجَنَّة , وَفَوْقهَا عَرْش الرَّحْمَن تَبَارَكَ وَتَعَالَى , وَمِنْهُ تُفَجَّر أَنْهَار الْجَنَّة " . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا فُلَيْح , عَنْ هِلَال , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : " وَسَط الْجَنَّة " وَقَالَ أَيْضًا : " وَمِنْهُ تُفَجَّر أَوْ تَتَفَجَّر " . 17641 - حَدَّثَنِي عَمَّار بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن صَالِح , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ فِي الْجَنَّة مِائَة دَرَجَة , مَا بَيْن كُلّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , وَالْفِرْدَوْس أَعْلَى الْجَنَّة وَأَوْسَطهَا , وَفَوْقهَا عَرْش الرَّحْمَن , وَمِنْهَا تُفَجَّر أَنْهَار الْجَنَّة , فَإِذَا سَأَلْتُمْ اللَّه فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْس " . 17642 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا الْحَارِث بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جَنَّات الْفِرْدَوْس أَرْبَعًا , اِثْنَتَانِ مِنْ ذَهَب حِلْيَتهمَا وَآنِيَتهمَا , وَمَا فِيهِمَا مِنْ شَيْء , وَاثْنَتَانِ مِنْ فِضَّة حِلْيَتهمَا وَآنِيَتهمَا , وَمَا فِيهِمَا مِنْ شَيْء " . 17643 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي سُرَيْج , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو قُدَامَة , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد اللَّه بْن قَيْس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جَنَّات الْفِرْدَوْس أَرْبَع : ثِنْتَانِ مِنْ ذَهَب حُلِيّهمَا وَآنِيَتهمَا وَمَا فِيهِمَا , وَثِنْتَانِ مِنْ فِضَّة حِلْيَتهمَا وَآنِيَتهمَا وَمَا فِيهِمَا " . 17644 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ حَفْص , عَنْ شِمْر , قَالَ : خَلَقَ اللَّه جَنَّة الْفِرْدَوْس بِيَدِهِ , فَهُوَ يَفْتَحهَا فِي كُلّ يَوْم خَمِيس , فَيَقُول : اِزْدَادِي طِيبًا لِأَوْلِيَائِي , اِزْدَادِي حُسْنًا لِأَوْلِيَائِي . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَابْن الدَّرَاوَرْدِيّ , قَالَا : ثنا زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَة دَرَجَة , كُلّ دَرَجَة مِنْهَا كَمَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , أَعْلَى دَرَجَة مِنْهَا الْفِرْدَوْس " . 17645 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى الصُّوفِيّ , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْفَرَج الطَّافِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ سَمُرَة بْن جُنْدُب , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْفِرْدَوْس مِنْ رَبْوَة الْجَنَّة , هِيَ أَوْسَطهَا وَأَحْسَنهَا " . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , قَالَ : أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم , عَنْ الْحَسَن , عَنْ سَمُرَة بْن جُنْدُب , قَالَ : أَخْبَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّ الْفِرْدَوْس هِيَ أَعْلَى الْجَنَّة وَأَحْسَنهَا وَأَرْفَعهَا " . 17646 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَرْزُوق , قَالَ : ثنا رَوْح بْن عُبَادَة , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ لِلرُّبَيِّعِ اِبْنَة النَّضْر : " يَا أُمّ حَارِثَة , إِنَّهَا جِنَان , وَإِنَّ اِبْنك أَصَابَ الْفِرْدَوْس الْأَعْلَى " . وَالْفِرْدَوْس : رَبْوَة الْجَنَّة وَأَوْسَطهَا وَأَفْضَلهَا .
وَقَوْله : { نُزُلًا } يَقُول : مَنَازِل وَمَسَاكِن , وَالْمَنْزِل : مِنْ النُّزُول , وَهُوَ مِنْ نُزُول بَعْض النَّاس عَلَى بَعْض . وَأَمَّا النُّزُل : فَهُوَ الرِّيع , يُقَال : مَا لِطَعَامِكُمْ هَذَا نُزُل , يُرَاد بِهِ الرِّيع , وَمَا وَجَدْنَا عِنْدكُمْ نُزُلًا : أَيْ نُزُولًا .
وَقَوْله : { نُزُلًا } يَقُول : مَنَازِل وَمَسَاكِن , وَالْمَنْزِل : مِنْ النُّزُول , وَهُوَ مِنْ نُزُول بَعْض النَّاس عَلَى بَعْض . وَأَمَّا النُّزُل : فَهُوَ الرِّيع , يُقَال : مَا لِطَعَامِكُمْ هَذَا نُزُل , يُرَاد بِهِ الرِّيع , وَمَا وَجَدْنَا عِنْدكُمْ نُزُلًا : أَيْ نُزُولًا .
وَقَوْله : { خَالِدِينَ } يَقُول : لَابِثِينَ فِيهَا أَبَدًا { لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا } يَقُول : لَا يُرِيدُونَ عَنْهَا تَحَوُّلًا , وَهُوَ مَصْدَر تَحَوَّلْت , أُخْرِجَ إِلَى أَصْله , كَمَا يُقَال : صَغُرَ يَصْغُر صِغَرًا , وَعَاج يَعُوج عِوَجًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا } قَالَ : مُتَحَوَّلًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . 17648 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت مَخْلَد بْن الْحُسَيْن يَقُول : وَسُئِلَ عَنْهَا , قَالَ : سَمِعْت بَعْض أَصْحَاب أَنَس يَقُول : قَالَ : " يَقُول أَوَّلهمْ دُخُولًا إِنَّمَا أَدْخَلَنِي اللَّه أَوَّلهمْ , لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَد أَفْضَل مِنِّي , وَيَقُول آخِرهمْ دُخُولًا : إِنَّمَا أَخَّرَنِي اللَّه , لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَد أَعْطَاهُ اللَّه مِثْل الَّذِي أَعْطَانِي " .
قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْر قَبْل أَنْ تَنْفَد كَلِمَات رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد : { لَوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا ل } لِقَلَمِ الَّذِي يَكْتُب بِهِ { كَلِمَات رَبِّي لَنَفِدَ } مَاء { الْبَحْر قَبْل أَنْ تَنْفَد كَلِمَات رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } يَقُول : وَلَوْ مَدَدْنَا الْبَحْر بِمِثْلِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَاء مَدَدًا , مِنْ قَوْل الْقَائِل : جِئْتُك مَدَدًا لَك , وَذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الزِّيَادَة . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضهمْ : وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا , كَأَنَّ قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَرَادَ لَنَفِدَ الْبَحْر قَبْل أَنْ تَنْفَد كَلِمَات رَبِّي , وَلَوْ زِدْنَا بِمِثْلِ مَا فِيهِ مِنْ الْمِدَاد الَّذِي يُكْتَب بِهِ مِدَادًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17649 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " وَحَدَّثَنِي الْحَارِث قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي } لِلْقَلَمِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17650 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي } يَقُول : إِذَا لَنَفِدَ مَاء الْبَحْر قَبْل أَنْ تَنْفَد كَلِمَات اللَّه وَحُكْمه .
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَر مِثْلكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهكُمْ إِلَه وَاحِد فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاء رَبّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد : إِنَّمَا أَنَا بَشَر مِثْلكُمْ مِنْ بَنِي آدَم لَا عِلْم لِي إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّه وَإِنَّ اللَّه يُوحِي إِلَيَّ أَنَّ مَعْبُودكُمْ الَّذِي يَجِب عَلَيْكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , مَعْبُود وَاحِد لَا ثَانِي لَهُ , وَلَا شَرِيك { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّه } يَقُول : فَمَنْ يَخَاف رَبّه يَوْم لِقَائِهِ , وَيُرَاقِبهُ عَلَى مَعَاصِيه , وَيَرْجُو ثَوَابه عَلَى طَاعَته { فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا } يَقُول : فَلْيُخْلِصْ لَهُ الْعِبَادَة , وَلْيُفْرِدْ لَهُ الرُّبُوبِيَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17651 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الرَّبِيع بْن أَبِي رَاشِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّه } قَالَ : ثَوَاب رَبّه .
وَقَوْله : { وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } يَقُول : وَلَا يَجْعَل لَهُ شَرِيكًا فِي عِبَادَته إِيَّاهُ , وَإِنَّمَا يَكُون جَاعِلًا لَهُ شَرِيكًا بِعِبَادَتِهِ إِذَا رَاءَى بِعَمَلِهِ الَّذِي ظَاهِره أَنَّهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُرِيد بِهِ غَيْره . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17652 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عُبَيْد , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } 17653 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان { وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } قَالَ : لَا يُرَائِي . 17654 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ , عَنْ طَاوُس , قَالَ : جَاءَ رَجُل , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه إِنِّي أُحِبّ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه , وَأُحِبّ أَنْ يُرَى مَوْطِنِي وَيُرَى مَكَانِي , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } 17655 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد وَمُسْلِم بْن خَالِد الزِّنْجِيّ عَنْ صَدَقَة بْن يَسَار , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه , وَزَادَ فِيهِ : وَإِنِّي أَعْمَل الْعَمَل وَأَتَصَدَّق وَأُحِبّ أَنْ يَرَاهُ النَّاس وَسَائِر الْحَدِيث نَحْوه . 17656 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ الْأَعْمَش , قَالَ : ثنا حَمْزَة أَبُو عُمَارَة مَوْلَى بَنِي هَاشِم , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عُبَادَة بْن الصَّامِت , فَسَأَلَهُ فَقَالَ : أَنْبِئْنِي عَمَّا أَسْأَلك عَنْهُ , أَرَأَيْت رَجُلًا يُصَلِّي يَبْتَغِي وَجْه اللَّه وَيُحِبّ أَنْ يُحْمَد وَيَصُوم وَيَبْتَغِي وَجْه اللَّه وَيُحِبّ أَنْ يُحْمَد , فَقَالَ عُبَادَة : لَيْسَ لَهُ شَيْء , أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول : أَنَا خَيْر شَرِيك , فَمَنْ كَانَ لَهُ مَعِيَ شَرِيك فَهُوَ لَهُ كُلّه , لَا حَاجَة لِي فِيهِ . 17657 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِر إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو السَّكُونِيّ , قَالَ : ثنا هِشَام بْن عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن عَيَّاش , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس الْكِنْدِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } وَقَالَ : إِنَّهَا آخِر آيَة أُنْزِلَتْ مِنْ الْقُرْآن . آخِر تَفْسِير سُورَة الْكَهْف
وَقَوْله : { وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } يَقُول : وَلَا يَجْعَل لَهُ شَرِيكًا فِي عِبَادَته إِيَّاهُ , وَإِنَّمَا يَكُون جَاعِلًا لَهُ شَرِيكًا بِعِبَادَتِهِ إِذَا رَاءَى بِعَمَلِهِ الَّذِي ظَاهِره أَنَّهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُرِيد بِهِ غَيْره . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17652 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عُبَيْد , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } 17653 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان { وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } قَالَ : لَا يُرَائِي . 17654 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ , عَنْ طَاوُس , قَالَ : جَاءَ رَجُل , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه إِنِّي أُحِبّ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه , وَأُحِبّ أَنْ يُرَى مَوْطِنِي وَيُرَى مَكَانِي , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } 17655 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد وَمُسْلِم بْن خَالِد الزِّنْجِيّ عَنْ صَدَقَة بْن يَسَار , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه , وَزَادَ فِيهِ : وَإِنِّي أَعْمَل الْعَمَل وَأَتَصَدَّق وَأُحِبّ أَنْ يَرَاهُ النَّاس وَسَائِر الْحَدِيث نَحْوه . 17656 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ الْأَعْمَش , قَالَ : ثنا حَمْزَة أَبُو عُمَارَة مَوْلَى بَنِي هَاشِم , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عُبَادَة بْن الصَّامِت , فَسَأَلَهُ فَقَالَ : أَنْبِئْنِي عَمَّا أَسْأَلك عَنْهُ , أَرَأَيْت رَجُلًا يُصَلِّي يَبْتَغِي وَجْه اللَّه وَيُحِبّ أَنْ يُحْمَد وَيَصُوم وَيَبْتَغِي وَجْه اللَّه وَيُحِبّ أَنْ يُحْمَد , فَقَالَ عُبَادَة : لَيْسَ لَهُ شَيْء , أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول : أَنَا خَيْر شَرِيك , فَمَنْ كَانَ لَهُ مَعِيَ شَرِيك فَهُوَ لَهُ كُلّه , لَا حَاجَة لِي فِيهِ . 17657 - حَدَّثَنَا أَبُو عَامِر إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو السَّكُونِيّ , قَالَ : ثنا هِشَام بْن عَمَّار , قَالَ : ثنا اِبْن عَيَّاش , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن قَيْس الْكِنْدِيّ , أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِك بِعِبَادَةِ رَبّه أَحَدًا } وَقَالَ : إِنَّهَا آخِر آيَة أُنْزِلَتْ مِنْ الْقُرْآن . آخِر تَفْسِير سُورَة الْكَهْف