أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّات عَدْن تَجْرِي مِنْ تَحْتهمْ الْأَنْهَار يُحَلُّونَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِر مِنْ ذَهَب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات جَنَّات عَدْن , يَعْنِي بَسَاتِين إِقَامَة فِي الْآخِرَة . { تَجْرِي مِنْ تَحْتهمْ الْأَنْهَار } يَقُول : تَجْرِي مِنْ دُونهمْ وَمِنْ أَيْدِيهمْ الْأَنْهَار . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مِنْ تَحْتهمْ } , وَمَعْنَاهُ : مِنْ دُونهمْ وَبَيْن أَيْدِيهمْ , { يُحَلُّونَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِر } يَقُول : يَلْبَسُونَ فِيهَا مِنْ الْحُلِيّ أَسَاوِر مِنْ ذَهَب , وَالْأَسَاوِر : جَمَعَ إِسْوَار .
وَقَوْله : { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُس } وَالسُّنْدُس : جَمْع وَاحِدهَا سُنْدُسَة , وَهِيَ مَا رَقَّ مِنْ الدِّيبَاج . وَالْإِسْتَبْرَق : مَا غَلُظَ مِنْهُ وَثَخُنَ ; وَقِيلَ : إِنَّ الْإِسْتَبْرَق : هُوَ الْحَرِير ; وَمِنْهُ قَوْل الْمُرَقَّش : تَرَاهُنَّ يَلْبَسْنَ الْمَشَاعِر مَرَّة وَإِسْتَبْرَق الدِّيبَاج طَوْرًا لِبَاسهَا يَعْنِي : وَغَلِيظ الدِّيبَاج .
وَقَوْله : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك } يَقُول : مُتَّكِئِينَ فِي جَنَّات عَدْن عَلَى الْأَرَائِك , وَهِيَ السُّرَر فِي الْحِجَال , وَاحِدَتهَا : أَرِيكَة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : خُدُودًا جَفَّتْ فِي السَّيْر حَتَّى كَأَنَّمَا يُبَاشِرْنَ بِالْمَعْزَاءِ مَسَّ الْأَرَائِك وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : بَيْن الرِّوَاق وَجَانِب مِنْ سِتْرهَا مِنْهَا وَبَيْن أَرِيكَة الْأَنْضَاد وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17378 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { عَلَى الْأَرَائِك } قَالَ : هِيَ الْحِجَال . قَالَ مَعْمَر , وَقَالَ غَيْره : السُّرَر فِي الْحِجَال .
وَقَوْله : { نِعْمَ الثَّوَاب } يَقُول : نِعْمَ الثَّوَاب جَنَّات عَدْن , وَمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلِمُوا الصَّالِحَات . { وَحَسُنْت مُرْتَفَقًا } يَقُول : وَحَسُنَتْ هَذِهِ الْأَرَائِك فِي هَذِهِ الْجِنَان الَّتِي وَصَفَ تَعَالَى ذِكْره فِي هَذِهِ الْآيَة مُتَّكَأ . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } فَأَنَّثَ الْفِعْل بِمَعْنَى : وَحَسُنَتْ هَذِهِ الْأَرَائِك مُرْتَفَقًا , وَلَوْ ذُكِرَ لِتَذْكِيرِ الْمُرْتَفَق كَانَ صَوَابًا , لِأَنَّ نِعْمَ وَبِئْسَ إِنَّمَا تُدْخِلهُمَا الْعَرَب فِي الْكَلَام لِتَدُلَّا عَلَى الْمَدْح وَالذَّمّ لَا لِلْفِعْلِ , فَلِذَلِكَ تُذَكِّرهُمَا مَعَ الْمُؤَنَّث , وَتُوَحِّدهُمَا مَعَ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَة .
وَقَوْله : { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُس } وَالسُّنْدُس : جَمْع وَاحِدهَا سُنْدُسَة , وَهِيَ مَا رَقَّ مِنْ الدِّيبَاج . وَالْإِسْتَبْرَق : مَا غَلُظَ مِنْهُ وَثَخُنَ ; وَقِيلَ : إِنَّ الْإِسْتَبْرَق : هُوَ الْحَرِير ; وَمِنْهُ قَوْل الْمُرَقَّش : تَرَاهُنَّ يَلْبَسْنَ الْمَشَاعِر مَرَّة وَإِسْتَبْرَق الدِّيبَاج طَوْرًا لِبَاسهَا يَعْنِي : وَغَلِيظ الدِّيبَاج .
وَقَوْله : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِك } يَقُول : مُتَّكِئِينَ فِي جَنَّات عَدْن عَلَى الْأَرَائِك , وَهِيَ السُّرَر فِي الْحِجَال , وَاحِدَتهَا : أَرِيكَة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : خُدُودًا جَفَّتْ فِي السَّيْر حَتَّى كَأَنَّمَا يُبَاشِرْنَ بِالْمَعْزَاءِ مَسَّ الْأَرَائِك وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : بَيْن الرِّوَاق وَجَانِب مِنْ سِتْرهَا مِنْهَا وَبَيْن أَرِيكَة الْأَنْضَاد وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17378 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { عَلَى الْأَرَائِك } قَالَ : هِيَ الْحِجَال . قَالَ مَعْمَر , وَقَالَ غَيْره : السُّرَر فِي الْحِجَال .
وَقَوْله : { نِعْمَ الثَّوَاب } يَقُول : نِعْمَ الثَّوَاب جَنَّات عَدْن , وَمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلِمُوا الصَّالِحَات . { وَحَسُنْت مُرْتَفَقًا } يَقُول : وَحَسُنَتْ هَذِهِ الْأَرَائِك فِي هَذِهِ الْجِنَان الَّتِي وَصَفَ تَعَالَى ذِكْره فِي هَذِهِ الْآيَة مُتَّكَأ . وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } فَأَنَّثَ الْفِعْل بِمَعْنَى : وَحَسُنَتْ هَذِهِ الْأَرَائِك مُرْتَفَقًا , وَلَوْ ذُكِرَ لِتَذْكِيرِ الْمُرْتَفَق كَانَ صَوَابًا , لِأَنَّ نِعْمَ وَبِئْسَ إِنَّمَا تُدْخِلهُمَا الْعَرَب فِي الْكَلَام لِتَدُلَّا عَلَى الْمَدْح وَالذَّمّ لَا لِلْفِعْلِ , فَلِذَلِكَ تُذَكِّرهُمَا مَعَ الْمُؤَنَّث , وَتُوَحِّدهُمَا مَعَ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَة .
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنهمَا زَرْعًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاضْرِبْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ , الَّذِينَ سَأَلُوك أَنْ تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه , { مَثَلًا } مَثَل { رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ } أَيْ جَعَلْنَا لَهُ بَسَاتِين مِنْ كُرُوم { وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } يَقُول : وَأَطَفْنَا هَذَيْنِ الْبَسَاتِين بِنَخْلٍ . وَقَوْله : { وَجَعَلْنَا بَيْنهمَا زَرْعًا } يَقُول : وَجَعَلْنَا وَسَط هَذَيْنِ الْبَسَاتِين زَرْعًا .
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا ↓
وَقَوْله : { كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلهَا } يَقُول : كِلَا الْبُسْتَانَيْنِ أَطْعَمَ ثَمَره وَمَا فِيهِ مِنْ الْغُرُوس مِنْ النَّخْل وَالْكَرْم وَصُنُوف الزَّرْع . وَقَالَ : كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : آتَتْ , فَوَحَّدَ الْخَبَر , لِأَنَّ كِلْتَا لَا يُفْرَد وَاحِدَتهَا , وَأَصْله كُلّ , وَقَدْ تُفْرِد الْعَرَب كِلْتَا أَحْيَانًا , وَيَذْهَبُونَ بِهَا وَهِيَ مُفْرَدَة إِلَى التَّثْنِيَة ; قَالَ بَعْض الرُّجَّاز فِي ذَلِكَ : فِي كِلْت رِجْلَيْهَا سُلَامَى وَاحِدَهْ كِلْتَاهُمَا مَقْرُونَة بِزَائِدَهْ يُرِيد بِكِلْت : كِلْتَا , وَكَذَلِكَ تَفْعَل بِكِلْتَا وَكِلَا وَكُلّ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى مَعْرِفَة , وَجَاءَ الْفِعْل بَعْدهنَّ وَيُجْمَع وَيُوَحَّد .
وَقَوْله : { وَلَمْ تَظْلِم مِنْهُ شَيْئًا } يَقُول : وَلَمْ تَنْقُص مِنْ الْأَكْل شَيْئًا , بَلْ آتَتْ ذَلِكَ تَامًّا كَامِلًا , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : ظَلَمَ فُلَان فُلَانًا حَقّه : إِذَا بَخَسَهُ وَنَقَصَهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : تَظَلَّمَنِي مَا لِي كَذَا وَلَوَى يَدِي لَوَى يَده اللَّه الَّذِي هُوَ غَالِبُهْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17379 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمْ تَظْلِم مِنْهُ شَيْئًا } : أَيْ لَمْ تَنْقُص , مِنْهُ شَيْئًا .
وَقَوْله : { وَفَجَّرْنَا خِلَالهمَا نَهَرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَيَّلْنَا خِلَال هَذَيْنِ الْبُسْتَانَيْنِ نَهَرًا , يَعْنِي بَيْنهَا وَبَيْن أَشْجَارهمَا نَهَرًا . وَقِيلَ : { وَفَجَّرْنَا } فَثَقَّلَ الْجِيم مِنْهُ , لِأَنَّ التَّفْجِير فِي النَّهَر كُلّه , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَمِيد مَاء فَيَسِيل بَعْضه بَعْضًا .
وَقَوْله : { وَلَمْ تَظْلِم مِنْهُ شَيْئًا } يَقُول : وَلَمْ تَنْقُص مِنْ الْأَكْل شَيْئًا , بَلْ آتَتْ ذَلِكَ تَامًّا كَامِلًا , وَمِنْهُ قَوْلهمْ : ظَلَمَ فُلَان فُلَانًا حَقّه : إِذَا بَخَسَهُ وَنَقَصَهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : تَظَلَّمَنِي مَا لِي كَذَا وَلَوَى يَدِي لَوَى يَده اللَّه الَّذِي هُوَ غَالِبُهْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17379 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَمْ تَظْلِم مِنْهُ شَيْئًا } : أَيْ لَمْ تَنْقُص , مِنْهُ شَيْئًا .
وَقَوْله : { وَفَجَّرْنَا خِلَالهمَا نَهَرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَسَيَّلْنَا خِلَال هَذَيْنِ الْبُسْتَانَيْنِ نَهَرًا , يَعْنِي بَيْنهَا وَبَيْن أَشْجَارهمَا نَهَرًا . وَقِيلَ : { وَفَجَّرْنَا } فَثَقَّلَ الْجِيم مِنْهُ , لِأَنَّ التَّفْجِير فِي النَّهَر كُلّه , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَمِيد مَاء فَيَسِيل بَعْضه بَعْضًا .
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا ↓
وَقَوْله : { وَكَانَ لَهُ ثَمَر } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق : " وَكَانَ لَهُ ثُمُر " بِضَمِّ الثَّاء وَالْمِيم . وَاخْتَلَفَ قَارِئُو ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ لَهُ ذَهَب وَفِضَّة , وَقَالُوا : ذَلِكَ هُوَ الثَّمَر , لِأَنَّهَا أَمْوَال مُثَمَّرَة , يَعْنِي مُكَثَّرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17380 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَكَانَ لَهُ ثَمَر } قَالَ : ذَهَب وَفِضَّة , وَفِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { بِثُمُرِهِ } قَالَ : هِيَ أَيْضًا ذَهَب وَفِضَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { ثَمَر } قَالَ : ذَهَبَ وَفِضَّة . قَالَ : وَقَوْله : { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } 18 42 هِيَ هِيَ أَيْضًا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ : الْمَال الْكَثِير مِنْ صُنُوف الْأَمْوَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17381 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ هَارُون , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَرَأَهَا اِبْن عَبَّاس : " وَكَانَ لَهُ ثُمُر " بِالضَّمِّ , وَقَالَ : يَعْنِي أَنْوَاع الْمَال . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : " وَكَانَ لَهُ ثَمَر " يَقُول : مَال . 17382 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد . قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : " وَكَانَ لَهُ ثَمَر " يَقُول : مِنْ كُلّ الْمَال . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } قَالَ : الثَّمَر مِنْ الْمَال كُلّه يَعْنِي الثَّمَر , وَغَيْره مِنْ الْمَال كُلّه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : " الثَّمَر " الْمَال كُلّه , قَالَ : وَكُلّ مَال إِذَا اِجْتَمَعَ فَهُوَ ثَمَر إِذَا كَانَ مِنْ لَوْن الثَّمَرَة وَغَيْرهَا مِنْ الْمَال كُلّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهِ الْأَصْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17383 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : " وَكَانَ لَهُ ثَمَر " الثَّمَر الْأَصْل . قَالَ { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } قَالَ : بِأَصْلِهِ . وَكَأَنَّ الَّذِينَ وَجَّهُوا مَعْنَاهَا إِلَى أَنَّهَا أَنْوَاع مِنْ الْمَال , أَرَادُوا أَنَّهَا جَمْع ثِمَار جَمْع ثَمَر , كَمَا يُجْمَع الْكِتَاب كُتُبًا , وَالْحِمَار حُمُرًا . وَقَدْ قَرَأَ بَعْض مَنْ وَافَقَ هَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَة " ثُمْر " بِضَمِّ الثَّاء وَسُكُون الْمِيم , وَهُوَ يُرِيد الضَّمّ فِيهَا غَيْر أَنَّهُ سَكَّنَهَا طَلَبَ التَّخْفِيف . وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ بِهَا جَمْع ثَمَرَة , كَمَا تُجْمَع الْخَشَبَة خَشَبًا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَدَنِيِّينَ : { وَكَانَ لَهُ ثَمَر } بِفَتْحِ الثَّاء وَالْمِيم , بِمَعْنَى جَمْع الثَّمَرَة , كَمَا تُجْمَع الْخَشَبَة خَشَبًا . وَالْقَصَبَة قَصَبًا . وَأَوْلَى الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ { وَكَانَ لَهُ ثَمَر } بِضَمِّ الثَّاء وَالْمِيم لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ جَمْع ثِمَار , كَمَا الْكُتُب جَمْع كِتَاب . وَمَعْنَى الْكَلَام : { وَفَجَّرْنَا خِلَالهمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ } مِنْهُمَا { ثَمَر } بِمَعْنَى مِنْ جَنَّتَيْهِ أَنْوَاع مِنْ الثِّمَار . وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ , قَوْله : { جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنهمَا زَرْعًا } ثُمَّ قَالَ : وَكَانَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الْكُرُوم وَالنَّخْل وَالزَّرْع ثَمَر .
وَقَوْله : { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرهُ } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : فَقَالَ هَذَا الَّذِي جَعَلْنَا لَهُ جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب , لِصَاحِبِهِ الَّذِي لَا مَال لَهُ وَهُوَ يُخَاطِبهُ : { أَنَا أَكْثَر مِنْك مَالًا وَأَعَزّ نَفَرًا } يَقُول : وَأَعَزّ عَشِيرَة وَرَهْطًا , كَمَا قَالَ عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَحْنُ سَادَات الْعَرَب , وَأَرْبَاب الْأَمْوَال , فَنَحِّ عَنَّا سَلْمَان وَخَبَّابًا وَصُهَيْبًا , اِحْتِقَارًا لَهُمْ , وَتَكَبُّرًا عَلَيْهِمْ , كَمَا : 17384 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرهُ أَنَا أَكْثَر مِنْك مَالًا وَأَعَزّ نَفَرًا } وَتِلْكَ وَاَللَّه أُمْنِيَة الْفَاجِر : كَثْرَة الْمَال , وَعِزَّة النَّفَر .
وَقَوْله : { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرهُ } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : فَقَالَ هَذَا الَّذِي جَعَلْنَا لَهُ جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب , لِصَاحِبِهِ الَّذِي لَا مَال لَهُ وَهُوَ يُخَاطِبهُ : { أَنَا أَكْثَر مِنْك مَالًا وَأَعَزّ نَفَرًا } يَقُول : وَأَعَزّ عَشِيرَة وَرَهْطًا , كَمَا قَالَ عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَحْنُ سَادَات الْعَرَب , وَأَرْبَاب الْأَمْوَال , فَنَحِّ عَنَّا سَلْمَان وَخَبَّابًا وَصُهَيْبًا , اِحْتِقَارًا لَهُمْ , وَتَكَبُّرًا عَلَيْهِمْ , كَمَا : 17384 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرهُ أَنَا أَكْثَر مِنْك مَالًا وَأَعَزّ نَفَرًا } وَتِلْكَ وَاَللَّه أُمْنِيَة الْفَاجِر : كَثْرَة الْمَال , وَعِزَّة النَّفَر .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَدَخَلَ جَنَّته وَهُوَ ظَالِم لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي جَعَلْنَا لَهُ جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب { دَخَلَ جَنَّته } وَهِيَ بُسْتَانه { وَهُوَ ظَالِم لِنَفْسِهِ } وَظُلْمه نَفْسه : كُفْره بِالْبَعْثِ , وَشَكّه فِي قِيَام السَّاعَة , وَنِسْيَانه الْمَعَاد إِلَى اللَّه تَعَالَى , فَأَوْجَبَ لَهَا بِذَلِكَ سَخَط اللَّه وَأَلِيم عِقَابه . وَقَوْله : { قَالَ مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ لَمَّا عَايَنَ جَنَّته , وَرَآهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَشْجَار وَالثِّمَار وَالزُّرُوع وَالْأَنْهَار الْمُطَّرِدَة شَكًّا فِي الْمَعَاد إِلَى اللَّه : مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ الْجَنَّة أَبَدًا , وَلَا تَفْنَى وَلَا تَخْرَب .
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ↓
وَمَا أَظُنّ السَّاعَة الَّتِي وَعَدَ اللَّه خَلْقه الْحَشْر فِيهَا تَقُوم فَتَحْدُث , ثُمَّ تَمَنَّى أَمْنِيَّة أُخْرَى عَلَى شَكّ مِنْهُ , فَقَالَ : { وَلَئِنْ رُدِدْت إِلَى رَبِّي } فَرَجَعْت إِلَيْهِ , وَهُوَ غَيْر مُوقِن أَنَّهُ رَاجِع إِلَيَّ { لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } يَقُول : لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِي هَذِهِ عِنْد اللَّه إِنْ رُدِدْت إِلَيْهِ مَرْجِعًا وَمَرَدًّا , يَقُول : لَمْ يُعْطِنِي هَذِهِ الْجَنَّة فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَلِي عِنْده أَفْضَل مِنْهَا فِي الْمَعَاد إِنْ رُدِدْت إِلَيْهِ . كَمَا : 17385 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا أَظُنّ السَّاعَة قَائِمَة } قَالَ : شَكَّ , ثُمَّ قَالَ : { وَلَئِنْ } كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ { رُدِدْت إِلَى رَبِّي لَأَجِدَن خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } مَا أَعْطَانِي هَذِهِ إِلَّا وَلِي عِنْده خَيْر مِنْ ذَلِكَ . 17386 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَدَخَلَ جَنَّته وَهُوَ ظَالِم لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنّ السَّاعَة قَائِمَة } كَفُور لِنِعَمِ رَبّه , مُكَذِّب بِلِقَائِهِ , مُتَمَنٍّ عَلَى اللَّه .
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ لَهُ صَاحِبه وَهُوَ يُحَاوِرهُ أَكَفَرْت بِاَلَّذِي خَلَقَك مِنْ تُرَاب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوَّاك رَجُلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ لِصَاحِبِ الْجَنَّتَيْنِ صَاحِبه الَّذِي هُوَ أَقَلّ مِنْهُ مَالًا وَوَلَدًا , { وَهُوَ يُحَاوِرهُ } : يَقُول : وَهُوَ يُخَاطِبهُ وَيُكَلِّمهُ : { أَكَفَرْت بِاَلَّذِي خَلَقَك مِنْ تُرَاب } يَعْنِي خَلَقَ أَبَاك آدَم مِنْ تُرَاب { ثُمَّ مِنْ نُطْفَة } يَقُول : ثُمَّ أَنْشَأَك مِنْ نُطْفَة الرَّجُل وَالْمَرْأَة , { ثُمَّ سَوَّاك رَجُلًا } يَقُول : ثُمَّ عَدَلَك بَشَرًا سَوِيًّا رَجُلًا , ذَكَرًا لَا أُنْثَى , يَقُول : أَكَفَرْت بِمَنْ فَعَلَ بِك هَذَا أَنْ يُعِيدك خَلْقًا جَدِيدًا بَعْد مَا تَصِير رُفَاتًا .
{ لَكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي } يَقُول : أَمَّا أَنَا فَلَا أَكْفُر بِرَبِّي , وَلَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّه رَبِّي , مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقُول : وَلَكِنْ أَنَا أَقُول : هُوَ اللَّه رَبِّي { وَلَا أُشْرِك بِرَبِّي أَحَدًا } . وَفِي قِرَاءَة ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا لَكِنَّ هُوَ اللَّه رَبِّي بِتَشْدِيدِ النُّون وَحَذْف الْأَلِف فِي حَال الْوَصْل , كَمَا يُقَال : أَنَا قَائِم فَتُحْذَف الْأَلِف مِنْ أَنَا , وَذَلِكَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْعِرَاق . وَأَمَّا فِي الْوَقْف فَإِنَّ الْقِرَاءَة كُلّهَا تَثْبُت فِيهَا الْأَلِف , لِأَنَّ النُّون إِنَّمَا شُدِّدَتْ لِانْدِغَام النُّون مِنْ لَكِنَّ , وَهِيَ سَاكِنَة فِي النُّون الَّتِي مِنْ أَنَا , إِذْ سَقَطَتْ الْهَمْزَة الَّتِي فِي أَنَا , فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهَا ظَهَرَتْ الْأَلِف الَّتِي فِي أَنَا , فَقِيلَ : لَكِنَّا , لِأَنَّهُ يُقَال فِي الْوَقْف عَلَى أَنَا بِإِثْبَاتِ الْأَلِف لَا بِإِسْقَاطِهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْحِجَاز : { لَكِنَّا } بِإِثْبَاتِ الْأَلِف فِي الْوَصْل وَالْوَقْف , وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُنْطَق بِهِ فِي ضَرُورَة الشِّعْر , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَنَا سَيْف الْعَشِيرَة فَاعْرِفُونِي حُمَيْدًا قَدْ تَذَرَّيْت السَّنَامَا فَأَثْبَتَ الْأَلِف فِي أَنَا , فَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْفَصِيحِ مِنْ الْكَلَام , وَالْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ الْقِرَاءَة الصَّحِيحَة عِنْدنَا مَا ذَكَرْنَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ , وَهُوَ حَذْف الْأَلِف مِنْ " لَكِنَّ " فِي الْوَصْل , وَإِثْبَاتهَا فِي الْوَقْف .
وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالا وَوَلَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْت جَنَّتك قُلْت مَا شَاءَ اللَّه لَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَهَلَّا إِذْ دَخَلْت بُسْتَانك , فَأَعْجَبَك مَا رَأَيْت مِنْهُ , قُلْت مَا شَاءَ اللَّه كَانَ ; وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ , وَهُوَ جَوَاب الْجَزَاء , وَذَلِكَ كَانَ . وَإِذَا وَجْه الْكَلَام إِلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا كَانَتْ " مَا " نَصْبًا بِوُقُوعِ فِعْل اللَّه عَلَيْهِ , وَهُوَ شَاءَ ; وَجَازَ طَرْح الْجَوَاب , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام مَعْرُوف , كَمَا قِيلَ : فَإِنْ اِسْتَطَعْت أَنْ تَبْتَغِي نَفَقًا فِي الْأَرْض , وَتَرْك الْجَوَاب , إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول " مَا " مِنْ قَوْله : { مَا شَاءَ اللَّه } فِي مَوْضِع رَفْع بِإِضْمَارِ هُوَ , كَأَنَّهُ قِيلَ : قُلْت هُوَ مَا شَاءَ اللَّه { لَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ } يَقُول : لَا قُوَّة عَلَى مَا نُحَاوِل مِنْ طَاعَته إِلَّا بِهِ .
وَقَوْله : { إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلّ مِنْك مَالًا وَوَلَدًا } وَهُوَ قَوْل الْمُؤْمِن الَّذِي لَا مَال لَهُ , وَلَا عَشِيرَة , مِثْل صَاحِب الْجَنَّتَيْنِ وَعَشِيرَته , وَهُوَ مِثْل سَلْمَان وَصُهَيْب وَخَبَّاب , يَقُول : قَالَ الْمُؤْمِن لِلْكَافِرِ : إِنْ تَرَنِ أَيّهَا الرَّجُل أَنَا أَقَلّ مِنْك مَالًا وَوَلَدًا ; فَإِذَا جَعَلْت أَنَا عِمَادًا نَصَبْت أَقَلّ , وَبِهِ الْقِرَاءَة عِنْدنَا , لِأَنَّ عَلَيْهِ قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَإِذَا جَعَلْته اِسْمًا رَفَعْت أَقَلّ .
وَقَوْله : { إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلّ مِنْك مَالًا وَوَلَدًا } وَهُوَ قَوْل الْمُؤْمِن الَّذِي لَا مَال لَهُ , وَلَا عَشِيرَة , مِثْل صَاحِب الْجَنَّتَيْنِ وَعَشِيرَته , وَهُوَ مِثْل سَلْمَان وَصُهَيْب وَخَبَّاب , يَقُول : قَالَ الْمُؤْمِن لِلْكَافِرِ : إِنْ تَرَنِ أَيّهَا الرَّجُل أَنَا أَقَلّ مِنْك مَالًا وَوَلَدًا ; فَإِذَا جَعَلْت أَنَا عِمَادًا نَصَبْت أَقَلّ , وَبِهِ الْقِرَاءَة عِنْدنَا , لِأَنَّ عَلَيْهِ قِرَاءَة الْأَمْصَار , وَإِذَا جَعَلْته اِسْمًا رَفَعْت أَقَلّ .
فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتك وَيُرْسِل عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل الْمُؤْمِن الْمُوقِن لِلْمَعَادِ إِلَى اللَّه لِلْكَافِرِ الْمُرْتَاب فِي قِيَام السَّاعَة : إِنْ تَرَنِ أَيّهَا الرَّجُل أَنَا أَقَلّ مِنْك مَالًا وَوَلَدًا فِي الدُّنْيَا , فَعَسَى رَبِّي أَنْ يَرْزُقنِي خَيْرًا مِنْ بُسْتَانك هَذَا { وَيُرْسِل عَلَيْهَا } يَعْنِي عَلَى جَنَّة الْكَافِر الَّتِي قَالَ لَهَا : مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا { حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاء } يَقُول : عَذَابًا مِنْ السَّمَاء تَرْمِي بِهِ رَمْيًا , وَتَقْذِف . وَالْحُسْبَان : جَمْع حُسْبَانَةٍ , وَهِيَ الْمَرَامِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17387 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوْ يُرْسِل عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاء } عَذَابًا . 17388 - حُدِّثْت عَنْ مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : عَذَابًا . 17389 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوْ يُرْسِل عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاء } . قَالَ : عَذَابًا , قَالَ : الْحُسْبَان : قَضَاء مِنْ اللَّه يَقْضِيه . 17390 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنْي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْحُسْبَان : الْعَذَاب . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاء } قَالَ : عَذَابًا .
وَقَوْله : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَتُصْبِح جَنَّتك هَذِهِ أَيّهَا الرَّجُل أَرْضًا مَلْسَاء لَا شَيْء فِيهَا , قَدْ ذَهَبَ كُلّ مَا فِيهَا مِنْ غَرْس وَنَبْت , وَعَادَتْ خَرَابًا بَلَاقِع , زَلَقًا , لَا يَثْبُت فِي أَرْضهَا قَدَم لَا مَلْسَاسهَا , وَدُرُوس مَا كَانَ نَابِتًا فِيهَا . 17391 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } : أَيْ قَدْ حُصِدَ مَا فِيهَا فَلَمْ يُتْرَك فِيهَا شَيْء . 17392 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } قَالَ : مِثْل الْجُرُز . 17393 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } قَالَ : صَعِيدًا زَلَقًا وَصَعِيدًا جُرُزًا وَاحِد لَيْسَ فِيهَا شَيْء مِنْ النَّبَات .
وَقَوْله : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَتُصْبِح جَنَّتك هَذِهِ أَيّهَا الرَّجُل أَرْضًا مَلْسَاء لَا شَيْء فِيهَا , قَدْ ذَهَبَ كُلّ مَا فِيهَا مِنْ غَرْس وَنَبْت , وَعَادَتْ خَرَابًا بَلَاقِع , زَلَقًا , لَا يَثْبُت فِي أَرْضهَا قَدَم لَا مَلْسَاسهَا , وَدُرُوس مَا كَانَ نَابِتًا فِيهَا . 17391 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } : أَيْ قَدْ حُصِدَ مَا فِيهَا فَلَمْ يُتْرَك فِيهَا شَيْء . 17392 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } قَالَ : مِثْل الْجُرُز . 17393 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } قَالَ : صَعِيدًا زَلَقًا وَصَعِيدًا جُرُزًا وَاحِد لَيْسَ فِيهَا شَيْء مِنْ النَّبَات .
وَقَوْله : { أَوْ يُصْبِح مَاؤُهَا غَوْرًا } يَقُول : أَوْ يُصْبِح مَاؤُهَا غَائِرًا ; فَوَضَعَ الْغَوْر وَهُوَ مَصْدَر مَكَان الْغَائِر , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : تَظَلّ جِيَاده نَوْحًا عَلَيْهِ مُقَلَّدَة أَعِنَّتهَا صُفُونَا بِمَعْنَى نَائِحَة ; وَكَمَا قَالَ الْآخَر : هَرِيقِي مِنْ دُمُوعهمَا سَجَامًا ضُبَاع وَجَاوِبِي نَوْحًا قِيَامَا وَالْعَرَب تُوَحِّد الْغَوْر مَعَ الْجَمْع وَالِاثْنَيْنِ , وَتُذَكِّر مَعَ الْمُذَكَّر وَالْمُؤَنَّث , تَقُول : مَاء غَوْر , وَمَاءَانِ غَوْر وَمِيَاه غَوْر . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { غَوْرًا } ذَاهِبًا قَدْ غَارَ فِي الْأَرْض , فَذَهَبَ فَلَا تَلْحَقهُ الرِّشَاء , كَمَا : 17394 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوْ يُصْبِح مَاؤُهَا غَوْرًا } أَيْ ذَاهِبًا قَدْ غَارَ فِي الْأَرْض .
وَقَوْله : { فَلَنْ تَسْتَطِيع لَهُ طَلَبًا } يَقُول : فَلَنْ تُطِيق أَنْ تُدْرِك الْمَاء الَّذِي كَانَ فِي جَنَّتك بَعْد غَوْره , بِطَلَبِك إِيَّاهُ .
وَقَوْله : { فَلَنْ تَسْتَطِيع لَهُ طَلَبًا } يَقُول : فَلَنْ تُطِيق أَنْ تُدْرِك الْمَاء الَّذِي كَانَ فِي جَنَّتك بَعْد غَوْره , بِطَلَبِك إِيَّاهُ .
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّب كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا وَيَقُول يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِك بِرَبِّي أَحَدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَحَاطَ الْهَلَاك وَالْجَوَائِح بِثَمَرِهِ , وَهِيَ صُنُوف ثِمَار جَنَّته الَّتِي كَانَ يَقُول لَهَا : { مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا } فَأَصْبَحَ هَذَا الْكَافِر صَاحِب هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ , يُقَلِّب كَفَّيْهِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ , تَلَهُّفًا وَأَسَفًا عَلَى ذَهَاب نَفَقَته الَّتِي أَنْفَقَ فِي جَنَّته { وَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا } يَقُول : وَهِيَ خَالِيَة عَلَى نَبَاتهَا وَبُيُوتهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17395 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَصْبَحَ يُقَلِّب كَفَّيْهِ } : أَيْ يُصَفِّق { كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا } مُتَلَهِّفًا عَلَى مَا فَاتَهُ . { و } هُوَ { يَقُول يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِك بِرَبِّي أَحَدًا } وَيَقُول : يَا لَيْتَنِي , يَقُول : يَتَمَنَّى هَذَا الْكَافِر بَعْد مَا أُصِيبَ بِجَنَّتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَانَ أَشْرَكَ بِرَبِّهِ أَحَدًا , يَعْنِي بِذَلِكَ : هَذَا الْكَافِر إِذَا هَلَكَ وَزَالَتْ عَنْهُ دُنْيَاهُ وَانْفَرَدَ بِعَمَلِهِ , وَدَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَلَا أُشْرِك بِهِ شَيْئًا .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ فِئَة , وَهُمْ الْجَمَاعَة ; كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : كَمَا يَحُوز الْفِئَة الْكَمِيّ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَإِنْ خَالَفَ بَعْضهمْ فِي الْعِبَارَة عَنْهُ عِبَارَتنَا , فَإِنَّ مَعْنَاهُمْ نَظِير مَعْنَانَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17396 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : عَشِيرَته . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17397 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه } : أَيْ جُنْد يَنْصُرُونَهُ . وَقَوْله : { يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول : يَمْنَعُونَهُ مِنْ عِقَاب اللَّه وَعَذَاب اللَّه إِذَا عَاقَبَهُ وَعَذَّبَهُ .
وَقَوْله { وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا مِنْ عَذَاب اللَّه إِذَا عَذَّبَهُ , كَمَا : 17398 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا } : أَيْ مُمْتَنِعًا .
وَقَوْله { وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا } يَقُول : وَلَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا مِنْ عَذَاب اللَّه إِذَا عَذَّبَهُ , كَمَا : 17398 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا } : أَيْ مُمْتَنِعًا .
وَقَوْله : { هُنَالِكَ الْوَلَايَة لِلَّهِ الْحَقّ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : ثُمَّ وَذَلِكَ حِين حَلَّ عَذَاب اللَّه بِصَاحِبِ الْجَنَّتَيْنِ فِي الْقِيَامَة . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : الْوِلَايَة , فَقَرَأَ بَعْض أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَالْكُوفَة { هُنَالِكَ الْوَلَايَة } بِفَتْحِ الْوَاو مِنْ الْوِلَايَة , يَعْنُونَ بِذَلِكَ هُنَالِكَ الْمُوَالَاة لِلَّهِ , كَقَوْلِ اللَّه : { اللَّه وَلِيّ الَّذِينَ آمَنُوا } 2 257 وَكَقَوْلِهِ : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّه مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا } 47 11 يَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى الْوِلَايَة فِي الدِّين . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : " هُنَالِكَ الْوِلَايَة " بِكَسْرِ الْوَاو : مِنْ الْمُلْك وَالسُّلْطَان , مِنْ قَوْل الْقَائِل : وَلِيت عَمَل كَذَا , أَوْ بَلْدَة كَذَا أَلِيه وِلَايَة . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِكَسْرِ الْوَاو , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَقَّبَ ذَلِكَ خَبَره عَنْ مُلْكه وَسُلْطَانه , وَأَنَّ مَنْ أَحَلَّ بِهِ نِقْمَته يَوْم الْقِيَامَة فَلَا نَاصِر لَهُ يَوْمئِذٍ , فَاتِّبَاع ذَلِكَ الْخَبَر عَنْ اِنْفِرَاده بِالْمَمْلَكَةِ وَالسُّلْطَان أَوْلَى مِنْ الْخَبَر عَنْ الْمُوَالَاة الَّتِي لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْر وَلَا مَعْنَى , لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : لَا يُسَمَّى سُلْطَان اللَّه وِلَايَة , وَإِنَّمَا يُسَمَّى ذَلِكَ سُلْطَان الْبَشَر , لِأَنَّ الْوِلَايَة مَعْنَاهَا أَنَّهُ يَلِي أَمْر خَلْقه مُنْفَرِدًا بِهِ دُون جَمِيع خَلْقه , لَا أَنَّهُ يَكُون أَمِيرًا عَلَيْهِمْ . وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قِرَاءَة قَوْله { الْحَقّ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق خَفْضًا , عَلَى تَوْجِيهه إِلَى أَنَّهُ مِنْ نَعْت اللَّه , وَإِلَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : هُنَالِكَ الْوِلَايَة لِلَّهِ الْحَقّ أُلُوهِيَّته , لَا الْبَاطِل بِطُولِ أُلُوهِيَّته الَّتِي يَدْعُونَهَا الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ آلِهَة . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة وَبَعْض مُتَأَخِّرِي الْكُوفِيِّينَ : " لِلَّهِ الْحَقّ " بِرَفْعِ الْحَقّ تَوْجِيهًا مِنْهُمَا إِلَى أَنَّهُ مِنْ نَعْت الْوِلَايَة , وَمَعْنَاهُ : هُنَالِكَ الْوِلَايَة الْحَقّ , لَا الْبَاطِل لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ خَفْضًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ نَعْت اللَّه , وَأَنَّ مَعْنَاهُ مَا وَصَفْت عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ .
وَقَوْله : { هُوَ خَيْر ثَوَابًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : خَيْر لِلْمُنِيبِينَ فِي الْعَاجِل وَالْآجِل ثَوَابًا { وَخَيْر عُقْبًا } يَقُول : وَخَيْرهمْ عَاقِبَة فِي الْآجِل إِذَا صَارَ إِلَيْهِ الْمُطِيع لَهُ , الْعَامِل بِمَا أَمَرَهُ اللَّه , وَالْمُنْتَهِي عَمَّا نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ . وَالْعَقِب هُوَ الْعَاقِبَة , يُقَال : عَاقِبَة أَمْر كَذَا وَعُقْبَاهُ وَعُقُبُهُ , وَذَلِكَ آخِره وَمَا يَصِير إِلَيْهِ مُنْتَهَاهُ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { عُقْبًا } بِضَمِّ الْعَيْن وَتَسْكِين الْقَاف . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا . أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَقَوْله : { هُوَ خَيْر ثَوَابًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : خَيْر لِلْمُنِيبِينَ فِي الْعَاجِل وَالْآجِل ثَوَابًا { وَخَيْر عُقْبًا } يَقُول : وَخَيْرهمْ عَاقِبَة فِي الْآجِل إِذَا صَارَ إِلَيْهِ الْمُطِيع لَهُ , الْعَامِل بِمَا أَمَرَهُ اللَّه , وَالْمُنْتَهِي عَمَّا نَهَاهُ اللَّه عَنْهُ . وَالْعَقِب هُوَ الْعَاقِبَة , يُقَال : عَاقِبَة أَمْر كَذَا وَعُقْبَاهُ وَعُقُبُهُ , وَذَلِكَ آخِره وَمَا يَصِير إِلَيْهِ مُنْتَهَاهُ . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { عُقْبًا } بِضَمِّ الْعَيْن وَتَسْكِين الْقَاف . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا . أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَات الْأَرْض فَأَصْبَحَ هُشَيْمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاح } يَقُول عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاضْرِبْ لِحَيَاةِ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَكْبِرِينَ الَّذِينَ قَالُوا لَك : اُطْرُدْ عَنْك هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ , إِذَا نَحْنُ جِئْنَاك الدُّنْيَا مِنْهُمْ مَثَلًا ; يَقُول : شَبَهًا { كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء } يَقُول : كَمَطَرٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء { فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَات الْأَرْض } يَقُول : فَاخْتَلَطَ بِالْمَاءِ نَبَات الْأَرْض { فَأَصْبَحَ هُشَيْمًا } يَقُول : فَأَصْبَحَ نَبَات الْأَرْض يَابِسًا مُتَفَتِّتًا { تَذْرُوهُ الرِّيَاح } يَقُول تُطَيِّرهُ الرِّيَاح وَتُفَرِّقهُ ; يُقَال مِنْهُ : ذَرَتْهُ الرِّيح تَذْرُوهُ ذَرْوًا , وَذَرَتْهُ ذَرْيًا , وَأَذْرَتْهُ تُذْرِيه إِذْرَاء ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَقُلْت لَهُ صَوِّبْ وَلَا تُجْهِدَنهُ فَيُذْرِكَ مِنْ أُخْرَى الْقَطَاة فَتَزْلَق يُقَال : أَذْرَيْت الرَّجُل عَنْ الدَّابَّة وَالْبَعِير : إِذَا أَلْقَيْته عَنْهُ .
وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقْتَدِرًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه عَلَى تَخْرِيب جَنَّة هَذَا الْقَائِل حِين دَخَلَ جَنَّته : { مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنّ السَّاعَة قَائِمَة } وَإِهْلَاك أَمْوَال ذِي الْأَمْوَال الْبَاخِلِينَ بِهَا عَنْ حُقُوقهَا , وَإِزَالَة دُنْيَا الْكَافِرِينَ بِهِ عَنْهُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَشَاء قَادِر , لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يُعْيِيه أَمْر أَرَادَهُ , يَقُول : فَلَا يَفْخَر ذُو الْأَمْوَال بِكَثْرَةِ أَمْوَاله , وَلَا يَسْتَكْبِر عَلَى غَيْره بِهَا , وَلَا يَغْتَرَّن أَهْل الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ , فَإِنَّمَا مَثَلهَا مَثَل هَذَا النَّبَات الَّذِي حَسُنَ اِسْتِوَاؤُهُ بِالْمَطَرِ , فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا رَيْث أَنْ اِنْقَطَعَ عَنْهُ الْمَاء , فَتَنَاهَى نِهَايَته , عَادَ يَابِسًا تَذْرُوهُ الرِّيَاح , فَاسِدًا , تَنْبُو عَنْهُ أَعْيُن النَّاظِرِينَ , وَلَكِنْ لِيَعْمَل لِلْبَاقِي الَّذِي لَا يَفْنَى , وَالدَّائِم الَّذِي لَا يَبِيد وَلَا يَتَغَيَّر .
وَقَوْله : { وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقْتَدِرًا } يَقُول : وَكَانَ اللَّه عَلَى تَخْرِيب جَنَّة هَذَا الْقَائِل حِين دَخَلَ جَنَّته : { مَا أَظُنّ أَنْ تَبِيد هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنّ السَّاعَة قَائِمَة } وَإِهْلَاك أَمْوَال ذِي الْأَمْوَال الْبَاخِلِينَ بِهَا عَنْ حُقُوقهَا , وَإِزَالَة دُنْيَا الْكَافِرِينَ بِهِ عَنْهُمْ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَشَاء قَادِر , لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ , وَلَا يُعْيِيه أَمْر أَرَادَهُ , يَقُول : فَلَا يَفْخَر ذُو الْأَمْوَال بِكَثْرَةِ أَمْوَاله , وَلَا يَسْتَكْبِر عَلَى غَيْره بِهَا , وَلَا يَغْتَرَّن أَهْل الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ , فَإِنَّمَا مَثَلهَا مَثَل هَذَا النَّبَات الَّذِي حَسُنَ اِسْتِوَاؤُهُ بِالْمَطَرِ , فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا رَيْث أَنْ اِنْقَطَعَ عَنْهُ الْمَاء , فَتَنَاهَى نِهَايَته , عَادَ يَابِسًا تَذْرُوهُ الرِّيَاح , فَاسِدًا , تَنْبُو عَنْهُ أَعْيُن النَّاظِرِينَ , وَلَكِنْ لِيَعْمَل لِلْبَاقِي الَّذِي لَا يَفْنَى , وَالدَّائِم الَّذِي لَا يَبِيد وَلَا يَتَغَيَّر .
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر أَمَلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْمَال وَالْبَنُونَ أَيّهَا النَّاس الَّتِي يَفْخَر بِهَا عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع , وَيَتَكَبَّرَانِ بِهَا عَلَى سَلْمَان وَخَبَّاب وَصُهَيْب , مِمَّا يُتَزَيَّن بِهِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَلَيْسَا مِنْ عِدَاد الْآخِرَة { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا } يَقُول : وَمَا يَعْمَل سَلْمَان وَخَبَّاب وَصُهَيْب مِنْ طَاعَة اللَّه , وَدُعَائِهِمْ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه , الْبَاقِي لَهُمْ مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة بَعْد فَنَاء الْحَيَاة الدُّنْيَا , خَيْر يَا مُحَمَّد عِنْد رَبّك ثَوَابًا مِنْ الْمَال وَالْبَنِينَ الَّتِي يَفْتَخِر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِهَا , الَّتِي تَفْنَى , فَلَا تَبْقَى لِأَهْلِهَا { وَخَيْر أَمَلًا } يَقُول : وَمَا يُؤْمَل مِنْ ذَلِكَ سَلْمَان وَصُهَيْب وَخَبَّاب , خَيْر مِمَّا يُؤَمِّل عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع مِنْ أَمْوَالهمَا وَأَوْلَادهمَا . وَهَذِهِ الْآيَات مِنْ لَدُنْ قَوْله : { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْك مِنْ كِتَاب رَبّك } إِلَى هَذَا الْمَوْضِع , ذُكِرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17399 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن عَمْرو الْعَنْقَزِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا أَسْبَاط بْن نَصْر , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي سَعِيد الْأَزْدِيّ , وَكَانَ قَارِئ الْأَزْد , عَنْ أَبِي الْكَنُود , عَنْ خَبَّاب فِي قَوْله : { وَلَا تَطْرُد الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ } 6 52 ثُمَّ ذَكَرَ الْقِصَّة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي سُورَة الْأَنْعَام فِي قِصَّة عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع , إِلَى قَوْله : { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبه عَنْ ذِكْرنَا } 18 28 قَالَ : عُيَيْنَة وَالْأَقْرَع { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ } قَالَ : قَالَ : ثُمَّ قَالَ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ , وَمَثَل الْحَيَاة الدُّنْيَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَات , اِخْتِلَافهمْ فِي الْمَعْنَى بِالدُّعَاءِ الَّذِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ الَّذِينَ نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ طَرْدهمْ , وَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ مَعَهُمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الصَّلَوَات الْخَمْس . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ ذِكْر اللَّه بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيس وَالتَّهْلِيل , وَنَحْو ذَلِكَ . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه . وَقَالَ بَعْضهمْ : الْكَلَام الطَّيِّب . ذِكْر مَنْ قَالَ : هِيَ الصَّلَوَات الْخَمْس : 17400 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثنا يَعْقُوب بْن كَاسِب , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه الْأُمَوِيّ قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن يَزِيد بْن هُرْمُز , يُحَدِّث عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُتْبَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : الْبَاقِيَات الصَّالِحَات : الصَّلَوَات الْخَمْس . 17401 - حَدَّثَنِي زُرَيْق بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا قَبِيصَة عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس . 17402 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَمْرو بْن شُرَحْبِيل فِي هَذِهِ الْآيَة { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : هِيَ الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَات . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الْبَاقِيَات الصَّالِحَات : الصَّلَوَات الْخَمْس . 17403 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان عَنْ الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ { الْبَاقِيَات الصَّالِحَات } الصَّلَوَات الْخَمْس . 17404 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس . ذِكْر مَنْ قَالَ : هُنَّ ذِكْر اللَّه بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيد وَنَحْو ذَلِكَ : 17405 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد وَمُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالُوا : ثنا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عُقَيْل زَهْرَة بْن مَعْبَد الْقُرَشِيّ مِنْ بَنِي تَيْم مِنْ رَهْط أَبِي بَكْر الصِّدِّيق , أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِث مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان , يَقُول : قِيلَ لِعُثْمَان : مَا الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ؟ قَالَ : هُنَّ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَاَللَّه أَكْبَر , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . * - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبُو زُرْعَة , قَالَ : ثنا حَيْوَة , قَالَ : ثنا أَبُو عُقَيْل زَهْرَة بْن مَعْبَد , أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِث مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان يَقُول : قِيلَ لِعُثْمَان بْن عَفَّان : مَا الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ؟ قَالَ : هِيَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَسُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ , وَاَللَّه أَكْبَر , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . * - حَدَّثَنِي اِبْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثنا نَافِع بْن يَزِيد وَرِشْدِين بْن سَعْد , قَالَا : ثنا زَهْرَة بْن مَعْبَد , قَالَ : سَمِعْت الْحَارِث مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان يَقُول : قَالُوا لِعُثْمَان : مَا الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ؟ فَذَكَرَ مِثْله . 17406 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا طَلْق بْن غَنَّام , عَنْ زَائِدَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 17407 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ عُمَارَة بْن عَبْد اللَّه بْن صَيَّاد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيَّب , قَالَ : { الْبَاقِيَات الصَّالِحَات } : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . 17408 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ نَافِع بْن سَرْجِسَ , أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ اِبْن عُمَر عَنْ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَسُبْحَان اللَّه , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . قَالَ اِبْن جُرَيْج , وَقَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح مِثْل ذَلِكَ . 17409 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْبَاقِيَات الصَّالِحَات : 0 سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . 17410 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني أَبُو صَخْر : أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن , مَوْلَى سَالِم بْن عَبْد اللَّه , حَدَّثَهُ قَالَ : أَرْسَلَنِي سَالِم بْن مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , فَقَالَ : قُلْ لَهُ اِلْقَنِي عِنْد زَاوِيَة الْقَبْر , فَإِنَّ لِي إِلَيْك حَاجَة , قَالَ : فَالْتَقَيَا , فَسَلَّمَ أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , ثُمَّ قَالَ سَالِم : مَا تَعُدّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ؟ فَقَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَسُبْحَان اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ , فَقَالَ لَهُ سَالِم : مَتَى جَعَلْت فِيهَا لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ؟ فَقَالَ : مَا زِلْت أَجْعَلهَا , قَالَ : فَرَاجَعَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَمْ يَنْزِع . قَالَ : فَأَثْبَتَ , قَالَ سَالِم : أَجَلْ , فَأَثْبَتَ فَإِنَّ أَبَا أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول : " عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاء فَأُرِيت إِبْرَاهِيم , فَقَالَ : يَا جِبْرِيل مَنْ هَذَا مَعَك ؟ فَقَالَ : مُحَمَّد , فَرَحَّبَ بِي وَسَهَّلَ , ثُمَّ قَالَ : مُرْ أُمَّتك فَلْتُكْثِرْ مِنْ غِرَاس الْجَنَّة , فَإِنَّ تُرْبَتهَا طَيِّبَة , وَأَرْضهَا وَاسِعًا , فَقُلْت : وَمَا غِرَاس الْجَنَّة ؟ قَالَ : لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ " . 17411 - وَجَدْت فِي كِتَابِي عَنْ الْحَسَن بْن الصَّبَّاح الْبَرَّار , عَنْ أَبِي نَصْر التَّمَّار , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن مُسْلِم , عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان , عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر مِنْ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات " . 17412 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وقَتَادَة , فِي قَوْله : { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر } قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَسُبْحَان اللَّه , هُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات . 17413 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث , أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْح حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اِسْتَكْثِرُوا مِنْ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات " , قِيلَ : وَمَا هِيَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " الْمِلَّة " , قِيلَ : وَمَا هِيَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " التَّكْبِير وَالتَّهْلِيل وَالتَّسْبِيح , وَالْحَمْد , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ " . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِك , عَنْ عُمَارَة بْن صَيَّاد , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيد بْن الْمُسَيَّب يَقُول فِي الْبَاقِيَات الصَّالِحَات : إِنَّهَا قَوْل الْعَبْد : اللَّه أَكْبَر , وَسُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب , قَالَ : ثني اِبْن عَجْلَان , عَنْ عُمَارَة بْن صَيَّاد , قَالَ : سَأَلَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيَّب , عَنْ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , فَقُلْت : الصَّلَاة وَالصِّيَام , قَالَ : لَمْ تُصِبْ ; فَقُلْت : الزَّكَاة وَالْحَجّ , فَقَالَ : لَمْ تُصِبْ , وَلَكِنَّهُنَّ الْكَلِمَات الْخَمْس : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَسُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ : هِيَ الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . 17414 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر أَمَلًا } قَالَ : الْأَعْمَال الصَّالِحَة : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : هِيَ ذِكْر اللَّه قَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , وَسُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَتَبَارَكَ اللَّه , وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ , وَاسْتَغْفِرْ اللَّه , وَصَلَّى اللَّه عَلَى رَسُول اللَّه وَالصِّيَام وَالصَّلَاة وَالْحَجّ وَالصَّدَقَة وَالْعِتْق وَالْجِهَاد وَالصِّلَة , وَجَمِيع أَعْمَال الْحَسَنَات , وَهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , الَّتِي تَبْقَى لِأَهْلِهَا فِي الْجَنَّة مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض . 17415 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَأَكْثَر أَمَلًا } قَالَ : الْأَعْمَال الصَّالِحَة . ذِكْر مَنْ قَالَ : هِيَ الْكَلِم الطَّيِّب : 17416 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات } قَالَ : الْكَلَام الطَّيِّب . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : هُنَّ جَمِيع أَعْمَال الْخَيْر , كَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , لِأَنَّ ذَلِكَ كُلّه مِنْ الصَّالِحَات الَّتِي تَبْقَى لِصَاحِبِهَا فِي الْآخِرَة , وَعَلَيْهَا يُجَازَى وَيُثَاب , وَإِنَّ اللَّه عَزَّ ذِكْره لَمْ يَخْصُصْ مِنْ قَوْله { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا } بَعْضًا دُون بَعْض فِي كِتَاب , وَلَا بِخَبَرٍ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوص بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ , وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَرَدَ بِأَنَّ قَوْل : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر , هُنَّ مِنْ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , وَلَمْ يَقُلْ : هُنَّ جَمِيع الْبَاقِيَات الصَّالِحَات , وَلَا كُلّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ; وَجَائِز أَنْ تَكُون هَذِهِ بَاقِيَات صَالِحَات , وَغَيْرهَا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ أَيْضًا بَاقِيَات صَالِحَات .
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل تَعَالَى : { وَيَوْم نُسَيِّر الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَيَوْم نُسَيِّر الْجِبَال } عَنْ الْأَرْض , فَنَبُسّهَا بَسًّا , وَنَجْعَلهَا هَبَاء مُنْبَثًّا { وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة } ظَاهِرَة , وَظُهُورهَا لِرَأْيِ أَعْيُن النَّاظِرِينَ مِنْ غَيْر شَيْء يَسْتُرهَا مِنْ جَبَل وَلَا شَجَر هُوَ بُرُوزهَا . وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ جِمَاع مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17417 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة } قَالَ : لَا خَمْر فِيهَا وَلَا غَيَابَة وَلَا بِنَاء , وَلَا حَجَر فِيهَا . * - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17418 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَتَرَى الْأَرْض بَارِزَة } لَيْسَ عَلَيْهَا بِنَاء وَلَا شَجَر . وَقِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَتَرَى الْأَرْض بَارِزًا أَهْلهَا الَّذِينَ كَانُوا فِي بَطْنهَا , فَصَارُوا عَلَى ظَهْرهَا.
وَقَوْله { وَحَشَرْنَاهُمْ } يَقُول : جَمَعْنَاهُمْ إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب { فَلَمْ نُغَادِر مِنْهُمْ أَحَدًا } , يَقُول : فَلَمْ نَتْرُك , وَلَمْ نُبْقِ مِنْهُمْ تَحْت الْأَرْض أَحَدًا , يُقَال مِنْهُ : مَا غَادَرْت مِنْ الْقَوْم أَحَدًا , وَمَا أَغْدَرْت مِنْهُمْ أَحَدًا , وَمِنْ أَغْدَرْت قَوْل الرَّاجِز : هَلْ لَك وَالْعَارِض مِنْك عَائِض فِي هَجْمَة يُغْدِر مِنْهَا الْقَابِض
وَقَوْله { وَحَشَرْنَاهُمْ } يَقُول : جَمَعْنَاهُمْ إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب { فَلَمْ نُغَادِر مِنْهُمْ أَحَدًا } , يَقُول : فَلَمْ نَتْرُك , وَلَمْ نُبْقِ مِنْهُمْ تَحْت الْأَرْض أَحَدًا , يُقَال مِنْهُ : مَا غَادَرْت مِنْ الْقَوْم أَحَدًا , وَمَا أَغْدَرْت مِنْهُمْ أَحَدًا , وَمِنْ أَغْدَرْت قَوْل الرَّاجِز : هَلْ لَك وَالْعَارِض مِنْك عَائِض فِي هَجْمَة يُغْدِر مِنْهَا الْقَابِض
وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا ↓
وَقَوْله : { وَعُرِضُوا عَلَى رَبّك صَفًّا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَعُرِضَ الْخَلْق عَلَى رَبّك يَا مُحَمَّد صَفًّا . { لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّل مَرَّة } يَقُول عَزَّ ذِكْره : يُقَال لَهُمْ إِذْ عُرِضُوا عَلَى اللَّه : لَقَدْ جِئْتُمُونَا أَيّهَا النَّاس أَحْيَاء كَهَيْئَتِكُهُمْ حِين خَلَقْنَاكُمْ أَوَّل مَرَّة ; وَحَذَفَ يُقَال مِنْ الْكَلَام لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِأَنَّهُ مُرَاد فِي الْكَلَام .
وَقَوْله : { بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَل لَكُمْ مَوْعِدًا } وَهَذَا الْكَلَام خَرَجَ مَخْرَج الْخَبَر عَنْ خِطَاب اللَّه بِهِ الْجَمِيع , وَالْمُرَاد مِنْهُ الْخُصُوص , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَرِد الْقِيَامَة خَلْق مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , وَالْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله وَبِالْبَعْثِ . وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا يُقَال يَوْمئِذٍ لِمَنْ وَرَدَهَا مِنْ أَهْل التَّصْدِيق بِوَعْدِ اللَّه فِي الدُّنْيَا , وَأَهْل الْيَقِين فِيهَا بِقِيَامِ السَّاعَة , بَلْ زَعَمْتُمْ أَنْ لَنْ نَجْعَل لَكُمْ الْبَعْث بَعْد الْمَمَات , وَالْحَشْر إِلَى الْقِيَامَة مَوْعِدًا , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُقَال لِمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُكَذِّبًا بِالْبَعْثِ وَقِيَام السَّاعَة .
وَقَوْله : { بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَل لَكُمْ مَوْعِدًا } وَهَذَا الْكَلَام خَرَجَ مَخْرَج الْخَبَر عَنْ خِطَاب اللَّه بِهِ الْجَمِيع , وَالْمُرَاد مِنْهُ الْخُصُوص , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَرِد الْقِيَامَة خَلْق مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , وَالْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله وَبِالْبَعْثِ . وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا يُقَال يَوْمئِذٍ لِمَنْ وَرَدَهَا مِنْ أَهْل التَّصْدِيق بِوَعْدِ اللَّه فِي الدُّنْيَا , وَأَهْل الْيَقِين فِيهَا بِقِيَامِ السَّاعَة , بَلْ زَعَمْتُمْ أَنْ لَنْ نَجْعَل لَكُمْ الْبَعْث بَعْد الْمَمَات , وَالْحَشْر إِلَى الْقِيَامَة مَوْعِدًا , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُقَال لِمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُكَذِّبًا بِالْبَعْثِ وَقِيَام السَّاعَة .
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَوُضِعَ الْكِتَاب فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلنَا مَالِ هَذَا الْكِتَاب لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أَحْصَاهَا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَوَضَعَ اللَّه يَوْمئِذٍ كِتَاب أَعْمَال عِبَاده فِي أَيْدِيهمْ , فَأَخَذَ وَاحِد بِيَمِينِهِ وَأَخَذَ وَاحِد بِشِمَالِهِ { فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ مُشْفِقِينَ , يَقُول : خَائِفِينَ وَجِلِينَ مِمَّا فِيهِ مَكْتُوب مِنْ أَعْمَالهمْ السَّيِّئَة الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا أَنْ يُؤَاخَذُوا بِهَا { وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتنَا مَا لِهَذَا الْكِتَاب لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أَحْصَاهَا } يَعْنِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِذَا قَرَءُوا كِتَابهمْ , وَرَأَوْا مَا قَدْ كُتِبَ عَلَيْهِمْ فِيهِ مِنْ صَغَائِر ذُنُوبهمْ وَكَبَائِرهَا , نَادَوْا بِالْوَيْلِ حِين أَيْقَنُوا بِعَذَابِ اللَّه , وَضَجُّوا مِمَّا قَدْ عَرَفُوا مِنْ أَفْعَالهمْ الْخَبِيثَة الَّتِي قَدْ أَحْصَاهَا كِتَابهمْ , وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُنْكِرُوا صِحَّتهَا ; كَمَا : 17419 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَا لِهَذَا الْكِتَاب لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أَحْصَاهَا } اِشْتَكَى الْقَوْم كَمَا تَسْمَعُونَ الْإِحْصَاء , وَلَمْ يَشْتَكِ أَحَد ظُلْمًا , " فَإِيَّاكُمْ وَالْمُحَقَّرَات مِنْ الذُّنُوب , فَإِنَّهَا تَجْتَمِع عَلَى صَاحِبهَا حَتَّى تُهْلِكهُ " . ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضْرِب لَهَا مَثَلًا , يَقُول كَمَثَلِ قَوْم اِنْطَلَقُوا يَسِيرُونَ حَتَّى نَزَلُوا بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْض , وَحَضَرَ صَنِيع الْقَوْم , فَانْطَلَقَ كُلّ رَجُل يَحْتَطِب , فَجَعَلَ الرَّجُل يَجِيء بِالْعُودِ , وَيَجِيء الْآخَر بِالْعُودِ , حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا كَثِيرًا وَأَجَّجُوا نَارًا , فَإِنَّ الذَّنْب الصَّغِير يَجْتَمِع عَلَى صَاحِبه حَتَّى يُهْلِكهُ . وَقِيلَ : إِنَّهُ عَنَى بِالصَّغِيرَةِ فِي هَذَا الْمَوْضُوع : الضَّحِك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17420 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن دَاوُدَ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُوسَى , عَنْ الزَّيَّال بْن عَمْرو , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة } قَالَ : الضَّحِك . 17421 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : حَدَّثَتْنِي أُمِّي حَمَادَة اِبْنَة مُحَمَّد , قَالَ : سَمِعْت أَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { مَا لِهَذَا الْكِتَاب لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أَحْصَاهَا } قَالَ : الصَّغِيرَة : الضَّحِك . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مَا لِهَذَا الْكِتَاب } : مَا شَأْن هَذَا الْكِتَاب { لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة } يَقُول : لَا يَبْقَى صَغِيرَة مِنْ ذُنُوبنَا وَأَعْمَالنَا وَلَا كَبِيرَة مِنْهَا { إِلَّا أَحْصَاهَا } يَقُول : إِلَّا حَفِظَهَا . { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا } فِي الدُّنْيَا مِنْ عَمَل { حَاضِرًا } فِي كِتَابهمْ ذَلِكَ مَكْتُوبًا مُثْبَتًا , فَجُوزُوا بِالسَّيِّئَةِ مِثْلهَا , وَالْحَسَنَة مَا اللَّه جَازِيهمْ بِهَا { وَلَا يَظْلِم رَبّك أَحَدًا } يَقُول : وَلَا يُجَازِي رَبّك أَحَدًا يَا مُحَمَّد بِغَيْرِ مَا هُوَ أَهْله , لَا يُجَازِي بِالْإِحْسَانِ إِلَّا أَهْل الْإِحْسَان , وَلَا بِالسَّيِّئَةِ إِلَّا أَهْل السَّيِّئَة , وَذَلِكَ هُوَ الْعَدْل .
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل تَعَالَى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُذَكِّرًا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ حَسَدَ إِبْلِيس أَبَاهُمْ وَمُعَلِّمهمْ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ كِبْره وَاسْتِكْبَاره عَلَيْهِ حِين أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ , وَأَنَّهُ مِنْ الْعَدَاوَة وَالْحَسَد لَهُمْ عَلَى مِثْل الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ لِأَبِيهِمْ : { و } اُذْكُرْ يَا مُحَمَّد { إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس } الَّذِي يُطِيعهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ وَيَتَّبِعُونَ أَمْره , وَيُخَالِفُونَ أَمْر اللَّه , فَإِنَّهُ لَمْ يَسْجُد لَهُ اِسْتِكْبَارًا عَلَى اللَّه , وَحَسَدًا لِآدَم { كَانَ مِنْ الْجِنّ } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { كَانَ مِنْ الْجِنّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّهُ كَانَ مِنْ قَبِيلَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة , فَنُسِبَ إِلَى الْجَنَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ قِيلَ مِنْ الْجِنّ , لِأَنَّهُ مِنْ الْجِنّ الَّذِينَ اِسْتَجْنَوْا عَنْ أَعْيُن بَنِي آدَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17422 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ خَلَّاد بْن عَطَاء , عَنْ طَاوُس , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ اِسْمه قَبْل أَنْ يَرْكَب الْمَعْصِيَة عَزَازِيل , وَكَانَ مِنْ سُكَّان الْأَرْض , وَكَانَ مِنْ أَشَدّ الْمَلَائِكَة اِجْتِهَادًا وَأَكْثَرهمْ عِلْمًا , فَذَلِكَ هُوَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْكِبْر , وَكَانَ مِنْ حَيّ يُسَمَّى جِنًّا . 17423 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , عَنْ بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ إِبْلِيس مِنْ حَيّ مِنْ أَحْيَاء الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ , خُلِقُوا مِنْ نَار السَّمُوم مِنْ بَيْن الْمَلَائِكَة , وَكَانَ اِسْمه الْحَارِث . قَالَ : وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة . قَالَ : وَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ نُور غَيْر هَذَا الْحَيّ . قَالَ : وَخُلِقَتْ الْجِنّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآن مِنْ مَارِج مِنْ نَار , وَهُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يَكُون فِي طَرَفهَا إِذَا اِلْتَهَبَتْ . 17424 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني شَيْبَان , قَالَ : ثنا سَلَّام بْن مِسْكِين , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيَّب , قَالَ : كَانَ إِبْلِيس رَئِيس مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } قَالَ : كَانَ إِبْلِيس مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة , وَكَانَ يُدَبِّر أَمْر سَمَاء الدُّنْيَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ إِبْلِيس مِنْ أَشْرَاف الْمَلَائِكَة وَأَكْرَمهمْ قَبِيلَة . وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَان , وَكَانَ لَهُ سُلْطَان السَّمَاء الدُّنْيَا , وَكَانَ لَهُ سُلْطَان الْأَرْض , وَكَانَ فِيمَا قَضَى اللَّه أَنَّهُ رَأَى أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ شَرَفًا وَعَظَمَة عَلَى أَهْل السَّمَاء , فَوَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي قَلْبه كِبْر لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه ; فَمَا كَانَ عِنْد السُّجُود حِين أَمَرَهُ أَنْ يَسْجُد لِآدَم اِسْتَخْرَجَ اللَّه كِبْره عِنْد السُّجُود , فَلَعَنَهُ وَأَخَّرَهُ إِلَى يَوْم الدِّين . قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَقَوْله : { كَانَ مِنْ الْجِنّ } إِنَّمَا سُمِّيَ بِالْجِنَانِ أَنَّهُ كَانَ خَازِنًا عَلَيْهَا , كَمَا يُقَال لِلرَّجُلِ : مَكِّيّ , وَمَدَنِيّ , وَكُوفِيّ , وَبَصْرِيّ , قَالَهُ اِبْن جُرَيْج . وَقَالَ آخَرُونَ : هُمْ سِبْط مِنْ الْمَلَائِكَة قَبِيلَة , وَكَانَ اِسْم قَبِيلَته الْجِنّ : 17425 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة , وَشَرِيك بْن أَبِي نَمِر أَحَدهمَا أَوْ كِلَاهُمَا , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِنَّ مِنْ الْمَلَائِكَة قَبِيلَة مِنْ الْجِنّ , وَكَانَ إِبْلِيس مِنْهَا , وَكَانَ يَسُوس مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , فَعَصَى , فَسَخِطَ اللَّه عَلَيْهِ فَمَسَخَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا , لَعَنَهُ اللَّه مَمْسُوخًا . قَالَ : وَإِذَا كَانَتْ خَطِيئَة الرَّجُل فِي كِبْر فَلَا تَرْجُهُ , وَإِذَا كَانَتْ خَطِيئَته فِي مَعْصِيَة فَارْجُهُ , وَكَانَتْ خَطِيئَة آدَم فِي مَعْصِيَة , وَخَطِيئَة إِبْلِيس فِي كِبْر . 17426 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } قَبِيل مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَلَائِكَة لَمْ يُؤْمَر بِالسُّجُودِ , وَكَانَ عَلَى خِزَانَة السَّمَاء الدُّنْيَا . قَالَ : وَكَانَ قَتَادَة يَقُول : جِنّ عَنْ طَاعَة رَبّه . وَكَانَ الْحَسَن يَقُول : أَلْجَأَهُ اللَّه إِلَى نَسَبه . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } قَالَ : كَانَ مِنْ قَبِيل مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ . 17427 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : مَا كَانَ إِبْلِيس مِنْ الْمَلَائِكَة طُرْفَة عَيْن قَطُّ , وَإِنَّهُ لِأَصْلِ الْجِنّ , كَمَا أَنَّ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام أَصْل الْإِنْس . 17428 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : كَانَ إِبْلِيس عَلَى السَّمَاء الدُّنْيَا وَعَلَى الْأَرْض وَخَازِن الْجِنَان . * - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ } : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : إِنَّ إِبْلِيس كَانَ مِنْ أَشْرَاف الْمَلَائِكَة وَأَكْرَمهمْ قَبِيلَة , وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَان , وَكَانَ لَهُ سُلْطَان السَّمَاء الدُّنْيَا وَسُلْطَان الْأَرْض , وَكَانَ مِمَّا سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسه مِنْ قَضَاء اللَّه أَنَّهُ رَأَى أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ شَرَفًا عَلَى أَهْل السَّمَاء , فَوَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي قَلْبه كِبْر لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , فَاسْتَخْرَجَ اللَّه ذَلِكَ الْكِبْر مِنْهُ حِين أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لِآدَم , فَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ , فَذَلِكَ قَوْله لِلْمَلَائِكَةِ : { إِنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } 2 33 يَعْنِي : مَا أَسَرَّ إِبْلِيس فِي نَفْسه مِنْ الْكِبْر . وَقَوْله : { كَانَ مِنْ الْجِنّ } كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : قَالَ اللَّه { كَانَ مِنْ الْجِنّ } لِأَنَّهُ كَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَان , كَمَا يُقَال لِلرَّجُلِ : مَكِّيّ , وَمَدَنِيّ , وَبَصْرِيّ , وَكُوفِيّ . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ اِسْم قَبِيلَة إِبْلِيس الْجِنّ , وَهُمْ سِبْط مِنْ الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ , فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { كَانَ مِنْ الْجِنّ } فَنَسَبَهُ إِلَى قَبِيلَته . 17429 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد , فِي قَوْله { كَانَ مِنْ الْجِنّ } قَالَ : مِنْ الْجَنَانَيْنِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْجِنَان . 17430 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو سَعِيد الْيَحْمَدِيّ إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثني سَوَّار بْن الْجَعْد الْيَحْمَدِيّ , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , قَوْله : { مِنْ الْجِنّ } قَالَ : كَانَ إِبْلِيس مِنْ الْجِنّ الَّذِينَ طَرَدَتْهُمْ الْمَلَائِكَة , فَأَسَرَهُ بَعْض الْمَلَائِكَة , فَذَهَبَ بِهِ إِلَى السَّمَاء . 17431 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثَنْي عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } قَالَ : كَانَ خَازِن الْجِنَان فَسُمِّيَ بِالْجِنَانِ . 17432 - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن بَشِير , عَنْ سُفْيَان بْن أَبِي الْمِقْدَام , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : كَانَ إِبْلِيس مِنْ خَزَنَة الْجَنَّة . وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا وَذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .
وَقَوْله : { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } يَقُول : فَخَرَجَ عَنْ أَمْر رَبّه , وَعَدَلَ عَنْهُ وَمَالَ , كَمَا قَالَ رُؤْبَة : يَهْوِينَ فِي نَجْد وَغَوْرًا غَائِرًا فَوَاسِقًا عَنْ قَصْدهَا جَوَائِرَا يَعْنِي بِالْفَوَاسِقِ : الْإِبِل الْمُنْعَدِلَة عَنْ قَصْد نَجْد , وَكَذَلِكَ الْفِسْق فِي الدِّين إِنَّمَا هُوَ الِانْعِدَال عَنْ الْقَصْد , وَالْمَيْل عَنْ الِاسْتِقَامَة . وَيُحْكَى عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا : فَسَقَتْ الرُّطَبَة مِنْ قِشْرهَا : إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ , وَفَسَقَتْ الْفَأْرَة : إِذَا خَرَجَتْ مِنْ جُحْرهَا . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : إِنَّمَا قِيلَ : { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } لِأَنَّهُ مُرَاد بِهِ : فَفَسَقَ عَنْ رَدّه أَمْر اللَّه , كَمَا تَقُول الْعَرَب : اِتَّخَمْت عَنْ الطَّعَام , بِمَعْنَى : اِتَّخَمْت لَمَّا أَكَلْته . وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْل فِي ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ : عَدَلَ وَجَارَ عَنْ أَمْر اللَّه , وَخَرَجَ عَنْهُ . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب : مَعْنَى الْفِسْق : الِاتِّسَاع . وَزَعَمَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : فَسَقَ فِي النَّفَقَة : بِمَعْنَى اِتَّسَعَ فِيهَا . قَالَ : وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْفَاسِق فَاسِقًا , لِاتِّسَاعِهِ فِي مَحَارِم اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17433 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } قَالَ : فِي السُّجُود لِآدَم . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } قَالَ : عَصَى فِي السُّجُود لِآدَم .
وَقَوْله : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَتُوَالُونَ يَا بَنِي آدَم مَنْ اِسْتَكْبَرَ عَلَى أَبِيكُمْ وَحَسَدَهُ , وَكَفَرَ نِعْمَتِي عَلَيْهِ , وَغَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْجَنَّة وَنَعِيم عَيْشه فِيهَا إِلَى الْأَرْض وَضِيق الْعَيْش فِيهَا , وَتُطِيعُونَهُ وَذُرِّيَّته مِنْ دُون اللَّه مَعَ عَدُوَّاته لَكُمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا , وَتَتْرُكُونَ طَاعَة رَبّكُمْ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ وَأَكْرَمكُمْ , بِأَنْ أَسْجَدَ لِوَالِدِكُمْ مَلَائِكَته , وَأَسْكَنَهُ جَنَّاته , وَآتَاكُمْ مِنْ فَوَاضِل نِعَمه مَا لَا يُحْصَى عَدَده , وَذُرِّيَّة إِبْلِيس : الشَّيَاطِين الَّذِينَ يَغُرُّونَ بَنِي آدَم . كَمَا : 17434 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي } قَالَ : ذُرِّيَّته : هُمْ الشَّيَاطِين , وَكَانَ يَعِدهُمْ " زلنبور " صَاحِب الْأَسْوَاق وَيَضَع رَايَته فِي كُلّ سُوق مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , و " ثبر " صَاحِب الْمَصَائِب , و " الْأَعْوَر " صَاحِب الزِّنَا و " مسوط " صَاحِب الْأَخْبَار , يَأْتِي بِهَا فَيُلْقِيهَا فِي أَفْوَاه النَّاس , وَلَا يَجِدُونَ لَهَا أَصْلًا , و " داسم " الَّذِي إِذَا دَخَلَ الرَّجُل بَيْته وَلَمْ يُسَلِّم وَلَمْ يَذْكُر اللَّه بَصَره مِنْ الْمَتَاع مَا لَمْ يَرْفَع , وَإِذَا أَكَلَ وَلَمْ يَذْكُر اِسْم اللَّه أَكَلَ مَعَهُ . 17435 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , قَالَ : سَمِعْت الْأَعْمَش يَقُول : إِذَا دَخَلْت الْبَيْت وَلَمْ أُسَلِّم , رَأَيْت مَطْهَرَة , فَقُلْت : اِرْفَعُوا اِرْفَعُوا , وَخَاصَمْتهمْ , ثُمَّ أَذْكُر فَأَقُول : داسم داسم . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُمْ أَرْبَعَة ثبر , وداسم , وزلنبور , وَالْأَعْوَر , ومسوط : أَحَدهَا . 17436 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي } . ... الْآيَة , وَهُمْ يَتَوَالَدُونَ كَمَا تَتَوَالَد بَنُو آدَم , وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ . 17437 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ } وَهُوَ أَبُو الْجِنّ كَمَا آدَم أَبُو الْإِنْس . وَقَالَ : قَالَ اللَّه لِإِبْلِيس : إِنِّي لَا أَذْرَأ لِآدَم ذُرِّيَّة إِلَّا ذَرَأْت لَك مِثْلهَا , فَلَيْسَ مِنْ وَلَد آدَم أَحَد إِلَّا لَهُ شَيْطَان قَدْ قُرِنَ بِهِ .
وَقَوْله : { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : بِئْسَ الْبَدَل لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ اِتِّخَاذ إِبْلِيس وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُون اللَّه , وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ مِنْ تَرْكهمْ اِتِّخَاذ اللَّه وَلِيًّا بِاتِّبَاعِهِمْ أَمْره وَنَهْيه , وَهُوَ الْمُنْعِم عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَبِيهِمْ آدَم مِنْ قَبْلهمْ , الْمُتَفَضِّل عَلَيْهِمْ مِنْ الْفَوَاضِل مَا لَا يُحْصَى بَدَلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17438 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } بِئْسَمَا اِسْتَبْدَلُوا بِعِبَادَةِ رَبّهمْ إِذْ أَطَاعُوا إِبْلِيس .
وَقَوْله : { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } يَقُول : فَخَرَجَ عَنْ أَمْر رَبّه , وَعَدَلَ عَنْهُ وَمَالَ , كَمَا قَالَ رُؤْبَة : يَهْوِينَ فِي نَجْد وَغَوْرًا غَائِرًا فَوَاسِقًا عَنْ قَصْدهَا جَوَائِرَا يَعْنِي بِالْفَوَاسِقِ : الْإِبِل الْمُنْعَدِلَة عَنْ قَصْد نَجْد , وَكَذَلِكَ الْفِسْق فِي الدِّين إِنَّمَا هُوَ الِانْعِدَال عَنْ الْقَصْد , وَالْمَيْل عَنْ الِاسْتِقَامَة . وَيُحْكَى عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا : فَسَقَتْ الرُّطَبَة مِنْ قِشْرهَا : إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ , وَفَسَقَتْ الْفَأْرَة : إِذَا خَرَجَتْ مِنْ جُحْرهَا . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : إِنَّمَا قِيلَ : { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } لِأَنَّهُ مُرَاد بِهِ : فَفَسَقَ عَنْ رَدّه أَمْر اللَّه , كَمَا تَقُول الْعَرَب : اِتَّخَمْت عَنْ الطَّعَام , بِمَعْنَى : اِتَّخَمْت لَمَّا أَكَلْته . وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْل فِي ذَلِكَ , وَأَنَّ مَعْنَاهُ : عَدَلَ وَجَارَ عَنْ أَمْر اللَّه , وَخَرَجَ عَنْهُ . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب : مَعْنَى الْفِسْق : الِاتِّسَاع . وَزَعَمَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : فَسَقَ فِي النَّفَقَة : بِمَعْنَى اِتَّسَعَ فِيهَا . قَالَ : وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْفَاسِق فَاسِقًا , لِاتِّسَاعِهِ فِي مَحَارِم اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17433 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } قَالَ : فِي السُّجُود لِآدَم . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه } قَالَ : عَصَى فِي السُّجُود لِآدَم .
وَقَوْله : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَتُوَالُونَ يَا بَنِي آدَم مَنْ اِسْتَكْبَرَ عَلَى أَبِيكُمْ وَحَسَدَهُ , وَكَفَرَ نِعْمَتِي عَلَيْهِ , وَغَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْجَنَّة وَنَعِيم عَيْشه فِيهَا إِلَى الْأَرْض وَضِيق الْعَيْش فِيهَا , وَتُطِيعُونَهُ وَذُرِّيَّته مِنْ دُون اللَّه مَعَ عَدُوَّاته لَكُمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا , وَتَتْرُكُونَ طَاعَة رَبّكُمْ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ وَأَكْرَمكُمْ , بِأَنْ أَسْجَدَ لِوَالِدِكُمْ مَلَائِكَته , وَأَسْكَنَهُ جَنَّاته , وَآتَاكُمْ مِنْ فَوَاضِل نِعَمه مَا لَا يُحْصَى عَدَده , وَذُرِّيَّة إِبْلِيس : الشَّيَاطِين الَّذِينَ يَغُرُّونَ بَنِي آدَم . كَمَا : 17434 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي } قَالَ : ذُرِّيَّته : هُمْ الشَّيَاطِين , وَكَانَ يَعِدهُمْ " زلنبور " صَاحِب الْأَسْوَاق وَيَضَع رَايَته فِي كُلّ سُوق مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , و " ثبر " صَاحِب الْمَصَائِب , و " الْأَعْوَر " صَاحِب الزِّنَا و " مسوط " صَاحِب الْأَخْبَار , يَأْتِي بِهَا فَيُلْقِيهَا فِي أَفْوَاه النَّاس , وَلَا يَجِدُونَ لَهَا أَصْلًا , و " داسم " الَّذِي إِذَا دَخَلَ الرَّجُل بَيْته وَلَمْ يُسَلِّم وَلَمْ يَذْكُر اللَّه بَصَره مِنْ الْمَتَاع مَا لَمْ يَرْفَع , وَإِذَا أَكَلَ وَلَمْ يَذْكُر اِسْم اللَّه أَكَلَ مَعَهُ . 17435 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , قَالَ : سَمِعْت الْأَعْمَش يَقُول : إِذَا دَخَلْت الْبَيْت وَلَمْ أُسَلِّم , رَأَيْت مَطْهَرَة , فَقُلْت : اِرْفَعُوا اِرْفَعُوا , وَخَاصَمْتهمْ , ثُمَّ أَذْكُر فَأَقُول : داسم داسم . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُمْ أَرْبَعَة ثبر , وداسم , وزلنبور , وَالْأَعْوَر , ومسوط : أَحَدهَا . 17436 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي } . ... الْآيَة , وَهُمْ يَتَوَالَدُونَ كَمَا تَتَوَالَد بَنُو آدَم , وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ . 17437 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ } وَهُوَ أَبُو الْجِنّ كَمَا آدَم أَبُو الْإِنْس . وَقَالَ : قَالَ اللَّه لِإِبْلِيس : إِنِّي لَا أَذْرَأ لِآدَم ذُرِّيَّة إِلَّا ذَرَأْت لَك مِثْلهَا , فَلَيْسَ مِنْ وَلَد آدَم أَحَد إِلَّا لَهُ شَيْطَان قَدْ قُرِنَ بِهِ .
وَقَوْله : { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : بِئْسَ الْبَدَل لِلْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ اِتِّخَاذ إِبْلِيس وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُون اللَّه , وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ مِنْ تَرْكهمْ اِتِّخَاذ اللَّه وَلِيًّا بِاتِّبَاعِهِمْ أَمْره وَنَهْيه , وَهُوَ الْمُنْعِم عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَبِيهِمْ آدَم مِنْ قَبْلهمْ , الْمُتَفَضِّل عَلَيْهِمْ مِنْ الْفَوَاضِل مَا لَا يُحْصَى بَدَلًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17438 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } بِئْسَمَا اِسْتَبْدَلُوا بِعِبَادَةِ رَبّهمْ إِذْ أَطَاعُوا إِبْلِيس .
مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَا أَشْهَدْتهمْ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَا خَلْق أَنْفُسهمْ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : مَا أَشْهَدْت إِبْلِيس وَذُرِّيَّته { خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض } يَقُول : مَا أَحْضَرْتهمْ ذَلِكَ فَأَسْتَعِين بِهِمْ عَلَى خَلْقهَا { وَلَا خَلْق أَنْفُسهمْ } يَقُول : وَلَا أَشْهَدْت بَعْضهمْ أَيْضًا خَلْق بَعْض مِنْهُمْ , فَأَسْتَعِين بِهِ عَلَى خَلْقه , بَلْ تَفَرَّدْت بِخَلْقِ جَمِيع ذَلِكَ بِغَيْرِ مُعِين وَلَا ظَهِير , يَقُول : فَكَيْف اِتَّخَذُوا عَدُوّهُمْ أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي , وَهُمْ خَلْق مِنْ خَلْق أَمْثَالهمْ , وَتَرَكُوا عِبَادَتِي وَأَنَا الْمُنْعِم عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَسْلَافهمْ , وَخَالِقهمْ وَخَالِق مَنْ يُوَالُونَهُ مِنْ دُونِي مُنْفَرِدًا بِذَلِكَ مِنْ غَيْر مُعِين وَلَا ظَهِير .
وَقَوْله : { وَمَا كُنْت مُتَّخِذ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } يَقُول : وَمَا كُنْت مُتَّخِذ مَنْ لَا يَهْدِي إِلَى الْحَقّ , وَلَكِنَّهُ يُضِلّ , فَمَنْ تَبِعَهُ يَجُور بِهِ عَنْ قَصْد السَّبِيل أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا ; وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : فُلَان يُعْضَد فُلَانًا إِذَا كَانَ يُقَوِّيه وَيُعِينهُ . وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17439 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت مُتَّخِذ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } : أَيْ أَعْوَانًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيس وَذُرِّيَّته يُضِلُّونَ بَنِي آدَم عَنْ الْحَقّ , وَلَا يُهْدُونَهُمْ لِلرَّشَدِ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَنَى بِالْمُضِلِّينَ الَّذِينَ هُمْ أَتْبَاع عَلَى الضَّلَالَة , وَأَصْحَاب عَلَى غَيْر هُدًى .
وَقَوْله : { وَمَا كُنْت مُتَّخِذ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } يَقُول : وَمَا كُنْت مُتَّخِذ مَنْ لَا يَهْدِي إِلَى الْحَقّ , وَلَكِنَّهُ يُضِلّ , فَمَنْ تَبِعَهُ يَجُور بِهِ عَنْ قَصْد السَّبِيل أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا ; وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : فُلَان يُعْضَد فُلَانًا إِذَا كَانَ يُقَوِّيه وَيُعِينهُ . وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17439 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت مُتَّخِذ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } : أَيْ أَعْوَانًا . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيس وَذُرِّيَّته يُضِلُّونَ بَنِي آدَم عَنْ الْحَقّ , وَلَا يُهْدُونَهُمْ لِلرَّشَدِ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَنَى بِالْمُضِلِّينَ الَّذِينَ هُمْ أَتْبَاع عَلَى الضَّلَالَة , وَأَصْحَاب عَلَى غَيْر هُدًى .
وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يَقُول نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره ; { وَيَوْم يَقُول } اللَّه عَزَّ ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد { نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ } يَقُول لَهُمْ : اُدْعُوا الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ شُرَكَائِي فِي الْعِبَادَة لِيَنْصُرُوكُمْ وَيَمْنَعُوكُمْ مِنِّي { فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ } يَقُول : فَاسْتَغَاثُوا بِهِمْ فَلَمْ يُغِيثُوهُمْ { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } فَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَجَعَلْنَا بَيْن هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَمَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه شُرَكَاء فِي الدُّنْيَا يَوْمئِذٍ عَدَاوَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17440 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْل اللَّه : { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : جَعَلَ بَيْنهمْ عَدَاوَة يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : عَدَاوَة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : وَجَعَلْنَا فِعْلهمْ ذَلِكَ لَهُمْ مُهْلِكًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17441 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : مَهْلِكًا . 17442 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { مَوْبِقًا } قَالَ : هَلَاكًا . 17443 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : الْمَوْبِق : الْمُهْلِك , الَّذِي أَهْلَكَ بَعْضهمْ بَعْضًا فِيهِ , أَوْبَقَ بَعْضهمْ بَعْضًا . وَقَرَأَ { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } 17444 - حُدِّثْت عَنْ مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك { مَوْبِقًا } قَالَ : هَلَاكًا . 17445 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ عَرْفَجَة , فِي قَوْله { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : مَهْلِكًا . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اِسْم وَادٍ فِي جَهَنَّم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17446 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَمْرو الْبِكَالِيّ : { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : وَادٍ عَمِيق فُصِلَ بِهِ بَيْن أَهْل الضَّلَالَة وَأَهْل الْهُدَى , وَأَهْل الْجَنَّة , وَأَهْل النَّار . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَمْرًا الْبِكَالِيّ حَدَّثَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : هُوَ وَادٍ عَمِيق فُرِقَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة بَيْن أَهْل الْهُدَى وَأَهْل الضَّلَالَة . 17447 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُمَر بْن عُبَيْد , عَنْ الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : وَادِيًا فِي النَّار . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : وَادِيًا فِي جَهَنَّم . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17448 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن دِرْهَم , قَالَ : سَمِعْت أَنَس بْن مَالِك يَقُول فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَجَعَلْنَا بَيْنهمْ مَوْبِقًا } قَالَ : وَادٍ فِي جَهَنَّم مِنْ قَيْح وَدَم . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَمَنْ وَافَقَهُ فِي تَأْوِيل الْمَوْبِق : أَنَّهُ الْمَهْلِك , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول فِي كَلَامهَا : قَدْ أَوْبَقْت فُلَانًا : إِذَا أَهْلَكْته . وَمِنْهُ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { أَوْ يُوبِقهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } 42 34 بِمَعْنَى : يُهْلِكهُنَّ . وَيُقَال لِلْمُهْلِكِ نَفْسه : قَدْ وَبَقَ فُلَان فَهُوَ يُوبَق وَبْقًا . وَلُغَة بَنِي عَامِر : يَابَق بِغَيْرِ هَمْز . وَحُكِيَ عَنْ تَمِيم أَنَّهَا تَقُول : يَبِيق . وَقَدْ حُكِيَ وَبَقَ يَبِق وُبُوقًا , حَكَاهَا الْكِسَائِيّ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : الْمَوْبِق : الْوَعْد , وَيَسْتَشْهِد لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : وَحَادَ شَرَوْرَى فَالسِّتَار فَلَمْ يَدَعْ تِعَارًا لَهُ وَالْوَادِيَيْنِ بِمَوْبِقِ وَيَتَأَوَّلهُ بِمَوْعِدِ . وَجَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْمَهْلِك الَّذِي جَعَلَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيْن هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ , هُوَ الْوَادِي الَّذِي ذُكِرَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , وَجَائِز أَنْ يَكُون الْعَدَاوَة الَّتِي قَالَهَا الْحَسَن .
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ↓
وَقَوْله : { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّار } يَقُول : وَعَايَنَ الْمُشْرِكُونَ النَّار يَوْمئِذٍ { فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا } يَقُول : فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ دَاخِلُوهَا , كَمَا : 17449 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا } قَالَ : عَلِمُوا . 17450 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ دَرَّاج , عَنْ أَبِي الْهَيْثَم عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ الْكَافِر يَرَى جَهَنَّم فَيَظُنّ أَنَّهَا مُوَاقِعَته مِنْ مَسِيرَة أَرْبَعِينَ سَنَة " .
وَقَوْله : { وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } يَقُول : وَلَمْ يَجِدُوا عَنْ النَّار الَّتِي رَأَوْا مَعْدِلًا يَعْدِلُونَ عَنْهَا إِلَيْهِ . يَقُول : لَمْ يَجِدُوا مِنْ مُوَاقَعَتهَا بُدًّا , لِأَنَّ اللَّه قَدْ حَتَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ . وَمِنْ الْمَصْرِف بِمَعْنَى الْمَعْدِل قَوْل أَبِي كَبِير الْهُذَلِيّ : أَزُهَيْر هَلْ عَنْ شَيْبَة مِنْ مَصْرِف أَمْ لَا خُلُود لِبَاذِلٍ مُتَكَلِّف
وَقَوْله : { وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } يَقُول : وَلَمْ يَجِدُوا عَنْ النَّار الَّتِي رَأَوْا مَعْدِلًا يَعْدِلُونَ عَنْهَا إِلَيْهِ . يَقُول : لَمْ يَجِدُوا مِنْ مُوَاقَعَتهَا بُدًّا , لِأَنَّ اللَّه قَدْ حَتَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ . وَمِنْ الْمَصْرِف بِمَعْنَى الْمَعْدِل قَوْل أَبِي كَبِير الْهُذَلِيّ : أَزُهَيْر هَلْ عَنْ شَيْبَة مِنْ مَصْرِف أَمْ لَا خُلُود لِبَاذِلٍ مُتَكَلِّف
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآن لِلنَّاسِ مِنْ كُلّ مَثَل وَكَانَ الْإِنْسَان أَكْثَر شَيْء جَدَلًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَلَقَدْ مَثَّلْنَا فِي هَذَا الْقُرْآن لِلنَّاسِ مِنْ كُلّ مَثَل , وَوَعَظْنَاهُمْ فِيهِ مِنْ كُلّ عِظَة , وَاحْتَجَجْنَا عَلَيْهِمْ فِيهِ بِكُلِّ حُجَّة لِيَتَذَكَّرُوا فَيُنِيبُوا , وَيَعْتَبِرُوا فَيَتَّعِظُوا , وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ الشِّرْك بِاَللَّهِ وَعِبَادَة الْأَوْثَان { وَكَانَ الْإِنْسَان أَكْثَر شَيْء جَدَلًا } يَقُول : وَكَانَ الْإِنْسَان أَكْثَر شَيْء مِرَاء وَخُصُومَة , لَا يُنِيب لِحَقٍّ , وَلَا يَنْزَجِر لِمَوْعِظَةٍ , كَمَا : 17451 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَكَانَ الْإِنْسَان أَكْثَر شَيْء جَدَلًا } قَالَ : الْجَدَل : الْخُصُومَة , خُصُومَة الْقَوْم لِأَنْبِيَائِهِمْ , وَرَدّهُمْ عَلَيْهِمْ مَا جَاءُوا بِهِ . وَقَرَأَ : { مَا هَذَا إِلَّا بَشَر مِثْلكُمْ يَأْكُل مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَب مِمَّا تَشْرَبُونَ } . 23 33 وَقَرَأَ : { يُرِيد أَنْ يَتَفَضَّل عَلَيْكُمْ } . 23 24 وَقَرَأَ : { حَتَّى تُوَفَّى } . ... الْآيَة : { وَلَوْ نْزَّلْنَا عَلَيْك كِتَابًا فِي قِرْطَاس } . ... 6 7 الْآيَة . وَقَرَأَ : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ السَّمَاء فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ } 15 14 قَالَ : هُمْ لَيْسَ أَنْتَ { لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارنَا بَلْ نَحْنُ قَوْم مَسْحُورُونَ } 15 15
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ↑
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا مَنَعَ النَّاس أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبّهمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّة الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب قُبُلًا } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَمَا مَنَعَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد الْإِيمَان بِاَللَّهِ إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى بَيَان اللَّه , وَعَلِمُوا صِحَّة مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ وَحَقِيقَته , وَالِاسْتِغْفَار مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ شِرْكهمْ , إِلَّا مَجِيئُهُمْ سُنَّتنَا فِي أَمْثَالهمْ مِنْ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة رُسُلهَا قَبْلهمْ , أَوْ إِتْيَانهمْ الْعَذَاب قُبُلًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب فَجْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17452 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب قُبُلًا } قَالَ فَجْأَة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب عِيَانًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17453 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله { أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب قُبُلًا } قَالَ : قُبُلًا مُعَايَنَة ذَلِكَ الْقُبُل . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ جَمَاعَة ذَات عَدَد { أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب قُبُلًا } بِضَمِّ الْقَاف وَالْبَاء , بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ مِنْ الْعَذَاب أَلْوَان وَضُرُوب , وَوَجَّهُوا الْقُبُل إِلَى جَمْع قَبِيل , كَمَا يُجْمَع الْقَتِيل الْقُتُل , وَالْجَدِيد الْجُدُد . وَقَرَأَ جَمَاعَة أُخْرَى : " أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب قِبَلًا " بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْبَاء , بِمَعْنَى أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب عِيَانًا مِنْ قَوْلهمْ : كَلَّمْته قِبَلًا . وَقَدْ بَيَّنْت الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِي سُورَة الْأَنْعَام بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا نُرْسِل الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِل الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَمَا نُرْسِل إِلَّا لِيُبَشِّرُوا أَهْل الْإِيمَان وَالتَّصْدِيق بِإِلَلِهِ بِجَزِيلِ ثَوَابه فِي الْآخِرَة , وَلِيُنْذِرُوا أَهْل الْكُفْر بِهِ وَالتَّكْذِيب عَظِيم عِقَابه , وَأَلِيم عَذَابه , فَيَنْتَهُوا عَنْ الشِّرْك بِاَللَّهِ , وَيَنْزَجِرُوا عَنْ الْكُفْر بِهِ وَمَعَاصِيه { وَيُجَادِل الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقّ } يَقُول : وَيُخَاصِم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله بِالْبَاطِلِ , ذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْبِرْنَا عَنْ حَدِيث فِتْيَة ذَهَبُوا فِي أَوَّل الدَّهْر لَمْ يُدْرَ مَا شَأْنهمْ , وَعَنْ الرَّجُل الَّذِي بَلَغَ مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا , وَعَنْ الرُّوح , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا كَانُوا يُخَاصِمُونَهُ بِهِ , يَبْتَغُونَ إِسْقَاطه , تَعْنِيتًا لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ اللَّه لَهُمْ : إِنَّا لَسْنَا نَبْعَث إِلَيْكُمْ رُسُلنَا لِلْجِدَالِ وَالْخُصُومَات , وَإِنَّمَا نَبْعَثهُمْ مُبَشِّرِينَ أَهْل الْإِيمَان بِالْجَنَّةِ , وَمُنْذِرِينَ أَهْل الْكُفْر بِالنَّارِ , وَأَنْتُمْ تُجَادِلُونَهُمْ بِالْبَاطِلِ طَلَبًا مِنْكُمْ بِذَلِكَ أَنْ تُبْطِلُوا الْحَقّ الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ رَسُولِي .
وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقّ } لِيُبْطِلُوا بِهِ الْحَقّ وَيُزِيلُوهُ وَيَذْهَبُوا بِهِ . يُقَال مِنْهُ : دَحَضَ الشَّيْء : إِذَا زَالَ وَذَهَبَ , وَيُقَال : هَذَا مَكَان دَحْض : أَيْ مُزِلّ مُزْلِق لَا يَثْبُت فِيهِ خُفّ وَلَا حَافِر وَلَا قَدَم ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : رَدِيت وَنَجَّى الْيَشْكُرِيَّ حِذَارُه وَحَادَ كَمَا حَادَ الْبَعِير عَنْ الدَّحْض وَيُرْوَى : وَنَحَّى , وَأَدْحَضْته أَنَا : إِذَا أَذْهَبْته وَأَبْطَلْته .
وَقَوْله : { وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا } يَقُول : وَاتَّخَذُوا الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ حُجَجه الَّتِي اِحْتَجَّ بِهَا عَلَيْهِمْ , وَكِتَابه الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهِمْ , وَالنُّذُر الَّتِي أَنْذَرَهُمْ بِهَا سِخْرِيًّا يَسْخَرُونَ بِهَا , يَقُولُونَ : { أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَة وَأَصِيلًا } 25 5 و { لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْل هَذَا } 8 31
وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقّ } لِيُبْطِلُوا بِهِ الْحَقّ وَيُزِيلُوهُ وَيَذْهَبُوا بِهِ . يُقَال مِنْهُ : دَحَضَ الشَّيْء : إِذَا زَالَ وَذَهَبَ , وَيُقَال : هَذَا مَكَان دَحْض : أَيْ مُزِلّ مُزْلِق لَا يَثْبُت فِيهِ خُفّ وَلَا حَافِر وَلَا قَدَم ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : رَدِيت وَنَجَّى الْيَشْكُرِيَّ حِذَارُه وَحَادَ كَمَا حَادَ الْبَعِير عَنْ الدَّحْض وَيُرْوَى : وَنَحَّى , وَأَدْحَضْته أَنَا : إِذَا أَذْهَبْته وَأَبْطَلْته .
وَقَوْله : { وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا } يَقُول : وَاتَّخَذُوا الْكَافِرُونَ بِاَللَّهِ حُجَجه الَّتِي اِحْتَجَّ بِهَا عَلَيْهِمْ , وَكِتَابه الَّذِي أَنْزَلَهُ إِلَيْهِمْ , وَالنُّذُر الَّتِي أَنْذَرَهُمْ بِهَا سِخْرِيًّا يَسْخَرُونَ بِهَا , يَقُولُونَ : { أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَة وَأَصِيلًا } 25 5 و { لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْل هَذَا } 8 31
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبّه فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } يَقُول عَزَّ ذِكْره : وَأَيّ النَّاس أَوْضَع لِلْإِعْرَاضِ وَالصَّدّ فِي غَيْر مَوْضِعهمَا مِمَّنْ ذَكَّرَهُ بِآيَاتِهِ وَحُجَجه , فَدَلَّهُ بِهَا عَلَى سَبِيل الرَّشَاد , وَهَدَاهُ بِهَا إِلَى طَرِيق النَّجَاة , فَأَعْرَضَ عَنْ آيَاته وَأَدِلَّته الَّتِي فِي اِسْتِدْلَاله بِهَا الْوُصُول إِلَى الْخَلَاص مِنْ الْهَلَاك { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } يَقُول : وَنَسِيَ مَا أَسْلَفَ مِنْ الذُّنُوب الْمُهْلِكَة فَلَمْ يَتُبْ , وَلَمْ يُنِبْ ; كَمَا : 17454 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } : أَيْ نَسِيَ مَا سَلَفَ مِنْ الذُّنُوب .
وَقَوْله : { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبهمْ أَكِنَّة أَنْ يَفْقَهُوهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ آيَات اللَّه إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا أَغْطِيَة لِئَلَّا يَفْقَهُوهُ , لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَفْقَهُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ .
وَقَوْله : { وَفِي آذَانهمْ وَقْرًا } يَقُول : فِي آذَانهمْ ثِقَلًا لِئَلَّا يَسْمَعُوهُ { وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى } يَقُول عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ تَدْعُ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ آيَات اللَّه عِنْد التَّذْكِير بِهَا إِلَى الِاسْتِقَامَة عَلَى مَحَجَّة الْحَقّ وَالْإِيمَان بِاَللَّهِ , وَمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك { فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } يَقُول : فَلَنْ يَسْتَقِيمُوا إِذًا أَبَدًا عَلَى الْحَقّ , وَلَنْ يُؤْمِنُوا بِمَا دَعَوْتهمْ إِلَيْهِ , لِأَنَّ اللَّه قَدْ طَبَعَ عَلَى قُلُوبهمْ , وَسَمْعهمْ وَأَبْصَارهمْ .
وَقَوْله : { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبهمْ أَكِنَّة أَنْ يَفْقَهُوهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ آيَات اللَّه إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا أَغْطِيَة لِئَلَّا يَفْقَهُوهُ , لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَفْقَهُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ .
وَقَوْله : { وَفِي آذَانهمْ وَقْرًا } يَقُول : فِي آذَانهمْ ثِقَلًا لِئَلَّا يَسْمَعُوهُ { وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى } يَقُول عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ تَدْعُ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ آيَات اللَّه عِنْد التَّذْكِير بِهَا إِلَى الِاسْتِقَامَة عَلَى مَحَجَّة الْحَقّ وَالْإِيمَان بِاَللَّهِ , وَمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك { فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } يَقُول : فَلَنْ يَسْتَقِيمُوا إِذًا أَبَدًا عَلَى الْحَقّ , وَلَنْ يُؤْمِنُوا بِمَا دَعَوْتهمْ إِلَيْهِ , لِأَنَّ اللَّه قَدْ طَبَعَ عَلَى قُلُوبهمْ , وَسَمْعهمْ وَأَبْصَارهمْ .
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَبّك الْغَفُور ذُو الرَّحْمَة لَوْ يُؤَاخِذهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَاب بَلْ لَهُمْ مَوْعِد لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه مَوْئِلًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَرَبّك السَّاتِر يَا مُحَمَّد عَلَى ذُنُوب عِبَاده بِعَفْوِهِ عَنْهُمْ إِذَا تَابُوا مِنْهُمْ { ذُو الرَّحْمَة بِهِمْ لَوْ يُؤَاخِذهُمْ بِمَا كَسَبُوا } هَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ آيَاته إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا بِمَا كَسَبُوا مِنْ الذُّنُوب وَالْآثَام , { لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَاب } وَلَكِنَّهُ لِرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ غَيْر فَاعِل ذَلِكَ بِهِمْ إِلَى مِيقَاتهمْ وَآجَالهمْ , { بَلْ لَهُمْ مَوْعِد } يَقُول : لَكِنْ لَهُمْ مَوْعِد , وَذَلِكَ مِيقَات مَحَلّ عَذَابهمْ , وَهُوَ يَوْم بَدْر { لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه مَوْئِلًا } يَقُول تَعَالَى : ذِكْره : لَنْ يَجِد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , وَإِنْ لَمْ يُعَجَّل لَهُمْ الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا مِنْ دُون الْمَوْعِد الَّذِي جَعَلْته مِيقَاتًا لِعَذَابِهِمْ , مِمَّا يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ , وَمَنْجًى يَنْجُونَ مَعَهُ , يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ مَعْقِلًا يَعْتَقِلُونَ بِهِ مِنْ عَذَاب اللَّه ; يُقَال مِنْهُ : وَأَلْت مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا , أَئِل وُؤُولًا , مِثْل وُعُولًا ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : لَا وَاءَلَتْ نَفْسك خَلَّيْتهَا لِلْعَامِرِيَّيْنِ وَلَمْ تُكْلَم يَقُول : لَا نَجَتْ ; وَقَوْل الْأَعْشَى : وَقَدْ أُخَالِس رَبّ الْبَيْت غَفْلَته وَقَدْ يُحَاذِر مِنِّي ثُمَّ مَا يَئِل وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَوْئِلًا } قَالَ : مُحْرَزًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17456 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه مَوْئِلًا } : يَقُول : مَلْجَأ . 17457 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه مَوْئِلًا } : أَيْ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه وَلِيًّا وَلَا مَلْجَأ . 17458 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونه مَوْئِلًا } قَالَ : لَيْسَ مِنْ دُونه مَلْجَأ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَتِلْكَ الْقُرَى مِنْ عَادٍ وَثَمُود وَأَصْحَاب الْأَيْكَة أَهْلَكْنَا أَهْلهَا لَمَّا ظَلَمُوا , فَكَفَرُوا بِاَللَّهِ وَآيَاته , { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } يَعْنِي مِيقَاتًا وَأَجَلًا , حِين بَلَغُوهُ جَاءَهُمْ عَذَاب فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِهِ , يَقُول : فَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِك أَبَدًا مَوْعِدًا , إِذَا جَاءَهُمْ ذَلِكَ الْمَوْعِد أَهْلَكْنَاهُمْ سُنَّتنَا فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ مِنْ ضُرَبَائِهِمْ ; كَمَا : 17459 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى " ح " ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } قَالَ : أَجَلًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { لِمَهْلِكِهِمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق : " لِمُهْلَكِهِمْ " بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح اللَّام عَلَى تَوْجِيه ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ مَصْدَر مِنْ أُهْلِكُوا إِهْلَاكًا . وَقَرَأَهُ عَاصِم : " لِمَهْلَكِهِمْ " بِفَتْحِ الْمِيم وَاللَّام إِلَى تَوْجِيهه إِلَى الْمَصْدَر مِنْ هَلَكُوا هَلَاكًا وَمَهْلَكًا . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : " لِمُهْلَكِهِمْ " بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح اللَّام لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , وَاسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ } فَأَنْ يَكُون الْمَصْدَر مِنْ أَهْلَكْنَا , إِذْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْله أَوْلَى . وَقِيلَ : أَهْلَكْنَاهُمْ , وَقَدْ قَالَ قَبْل : { وَتِلْكَ الْقُرَى } , لِأَنَّ الْهَلَاك إِنَّمَا حَلَّ بِأَهْلِ الْقُرَى , فَعَادَ إِلَى الْمَعْنَى , وَأَجْرَى الْكَلَام عَلَيْهِ دُون اللَّفْظ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : قَالَ : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } يَعْنِي أَهْلهَا , كَمَا قَالَ : { وَاسْأَلْ الْقَرْيَة } 12 82 وَلَمْ يَجِيء بِلَفْظِ الْقُرَى , وَلَكِنْ أَجْرَى اللَّفْظ عَلَى الْقَوْم , وَأَجْرَى اللَّفْظ فِي الْقَرْيَة عَلَيْهَا إِلَى قَوْله { الَّتِي كُنَّا فِيهَا } , وَقَالَ : { أَهْلَكْنَاهُمْ } وَلَمْ يَقُلْ : أَهْلَكْنَاهَا , حَمَلَهُ عَلَى الْقَوْم , كَمَا قَالَ : جَاءَتْ تَمِيم , وَجَعَلَ الْفِعْل لِبَنِي تَمِيم , وَلَمْ يَجْعَلهُ لِتَمِيمٍ , وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَقَالَ : جَاءَ تَمِيم , وَهَذَا لَا يَحْسُن فِي نَحْو هَذَا , لِأَنَّهُ قَدْ أَرَادَ غَيْر تَمِيم فِي نَحْو هَذَا الْمَوْضِع , فَجَعَلَهُ اِسْمًا , وَلَمْ يَحْتَمِل إِذَا اِعْتَلَّ أَنْ يُحْذَف مَا قَبْله كُلّه مَعْنَى التَّاء مِنْ جَاءَتْ مَعَ بَنِي تَمِيم , وَتُرِكَ الْفِعْل عَلَى مَا كَانَ لِيُعْلَم أَنَّهُ قَدْ حَذَفَ شَيْئًا قَبْل تَمِيم . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا جَازَ أَنْ يُقَال : تِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ , لِأَنَّ الْقَرْيَة قَامَتْ مَقَام الْأَهْل , فَجَازَ أَنْ تَرِد عَلَى الْأَهْل مَرَّة وَعَلَيْهَا مَرَّة , وَلَا يَجُوز ذَلِكَ فِي تَمِيم , لِأَنَّ الْقَبِيلَة تُعْرَف بِهِ وَلَيْسَ تَمِيم هُوَ الْقَبِيلَة , وَإِنَّمَا عُرِفَتْ الْقَبِيلَة بِهِ , وَلَوْ كَانَتْ الْقَبِيلَة قَدْ سُمِّيَتْ بِالرَّجُلِ لَجَرَتْ عَلَيْهِ , كَمَا تَقُول : وَقَعْت فِي هُود , تُرِيد فِي سُورَة هُود وَلَيْسَ هُود اِسْمًا لِلسُّورَةِ وَإِنَّمَا عُرِفَتْ السُّورَة بِهِ , فَلَوْ سُمِّيَتْ السُّورَة بِهُودٍ لَمْ يَجْرِ , فَقُتِلَ : وَقَعَتْ فِي هُود يَا هَذَا , فَلَمْ يَجْرِ , وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى بَنِي تَمِيم تَمِيمًا لَقِيلَ : هَذِهِ تَمِيم قَدْ أَقْبَلَتْ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَتَلِك الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا , وَجَعَلْنَا لِإِهْلَاكِهِمْ مَوْعِدًا .
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَح حَتَّى أَبْلُغ مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } يَقُول عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ مُوسَى بْن عِمْرَان لِفَتَاهُ يُوشَع : { لَا أَبْرَح } يَقُول : لَا أَزَالَ أَسِير { حَتَّى أَبْلُغ مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } , كَمَا : 17460 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَا أَبْرَح } قَالَ : لَا أَنْتَهِي . وَقِيلَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : { مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } اِجْتِمَاع بَحْر فَارِس وَالرُّوم , وَالْمَجْمَع : مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : جَمَعَ يَجْمَع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17461 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { حَتَّى أَبْلُغ مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } وَالْبَحْرَانِ : بَحْر فَارِس وَبَحْر الرُّوم , وَبَحْر الرُّوم مِمَّا يَلِي الْمَغْرِب , وَبَحْر فَارِس مِمَّا يَلِي الْمَشْرِق . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } قَالَ : بَحْر فَارِس , وَبَحْر الرُّوم . 17462 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } قَالَ : بَحْر الرُّوم , وَبَحْر فَارِس , أَحَدهمَا قِبَل الْمَشْرِق , وَالْآخَر قِبَل الْمَغْرِب . 17463 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثَنْي عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : { مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } 17464 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن الضَّرِيس , قَالَ : ثنا أَبُو مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , فِي قَوْله : { لَا أَبْرَح حَتَّى أَبْلُغ مَجْمَع الْبَحْرَيْنِ } قَالَ : طَنْجَة .
وَقَوْله : { أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا } يَقُول : أَوْ أَسِير زَمَانًا وَدَهْرًا , وَهُوَ وَاحِد , وَيُجْمَع كَثِيره وَقَلِيله : أَحْقَاب . وَقَدْ تَقُول الْعَرَب : كُنْت عِنْده حُقْبَة مِنْ الدَّهْر : وَيَجْمَعُونَهَا حُقُبًا . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّه تَأْوِيل قَوْله { لَا أَبْرَح } : أَيْ لَا أَزُول , وَيُسْتَشْهَد لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِبَيْتِ الْفَرَزْدَق : فَمَا بَرِحُوا حَتَّى تَهَادَتْ نِسَاؤُهُمْ بِبَطْحَاء ذِي قَار عِيَاب اللَّطَائِم يَقُول : مَا زَالُوا . وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب , أَنَّ الْحُقُب فِي لُغَة قَيْس : سَنَة . فَأَمَّا أَهْل التَّأْوِيل فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ مَا أَنَا ذَاكِره , وَهُوَ أَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ ثَمَانُونَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17465 - حَدَّثَنَا عَنْ هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بَلَج , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : الْحُقُب : ثَمَانُونَ سَنَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ سَبْعُونَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17466 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { أَوْ أَمْضِي حُقُبًا } قَالَ : سَبْعِينَ خَرِيفًا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ , بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17467 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوْ أَمْضِي حُقُبًا } قَالَ : دَهْرًا . 17468 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { حُقُبًا } قَالَ : الْحُقُب : زَمَان . 17468 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوْ أَمْضِي حُقُبًا } قَالَ : الْحُقُب : الزَّمَان .
وَقَوْله : { أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا } يَقُول : أَوْ أَسِير زَمَانًا وَدَهْرًا , وَهُوَ وَاحِد , وَيُجْمَع كَثِيره وَقَلِيله : أَحْقَاب . وَقَدْ تَقُول الْعَرَب : كُنْت عِنْده حُقْبَة مِنْ الدَّهْر : وَيَجْمَعُونَهَا حُقُبًا . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّه تَأْوِيل قَوْله { لَا أَبْرَح } : أَيْ لَا أَزُول , وَيُسْتَشْهَد لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِبَيْتِ الْفَرَزْدَق : فَمَا بَرِحُوا حَتَّى تَهَادَتْ نِسَاؤُهُمْ بِبَطْحَاء ذِي قَار عِيَاب اللَّطَائِم يَقُول : مَا زَالُوا . وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب , أَنَّ الْحُقُب فِي لُغَة قَيْس : سَنَة . فَأَمَّا أَهْل التَّأْوِيل فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ مَا أَنَا ذَاكِره , وَهُوَ أَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِيهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ ثَمَانُونَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17465 - حَدَّثَنَا عَنْ هُشَيْم , قَالَ : ثنا أَبُو بَلَج , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : الْحُقُب : ثَمَانُونَ سَنَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ سَبْعُونَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17466 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { أَوْ أَمْضِي حُقُبًا } قَالَ : سَبْعِينَ خَرِيفًا . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ , بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17467 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوْ أَمْضِي حُقُبًا } قَالَ : دَهْرًا . 17468 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { حُقُبًا } قَالَ : الْحُقُب : زَمَان . 17468 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوْ أَمْضِي حُقُبًا } قَالَ : الْحُقُب : الزَّمَان .