لمثل هذا النعيم الكامل, والخلود الدائم, والفوز العظيم, فليعمل العاملون في الدنيا; ليصيروا إليه في الآخرة.
أذلك الذي سبق وصفه من نعيم الجنة خير ضيافة وعطاء من الله, أم شجرة الزقوم الخبيثة الملعونة, طعام أهل النار؟
إنا جعلناها فتنة افتتن بها الظالمون لأنفسهم بالكفر والمعاصي, وقالوا مستنكرين: إن صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة, والنار تأكل الشجر.
إنها شجرة تنبت في قعر جهنم,
ثمرها قبيح المنظر كأنه رؤوس الشياطين, فإذا كانت كذلك فلا تسأل بعد هذا عن طعمها,
فإن المشركين لأكلون من تلك الشجرة فمالثون منها بطونهم.
ثم إنهم بعد الأكل منها لشاربون شرابا خليطا قبيحا حارا,
ثم إن مردهم بعد هذا العذاب إلى عذاب النار.
إنهم, جدوا آباءهم على الشرك والضلال,
فسارعوا إلى متابعتهم على ذلك.
ولقد ضل عن الحق فبل قومك -يا محمد- أكثر الأمم السابقة.
ولقد أرسلنا في تلك الأمم مرسلين أنذروهم بالعذاب فكفروا.
فتأمل كيف كانت نهاية تلك الأمم التي أنذرت, فكفرت؟ فقد عذبت,, وصارت للناس عبرة.
إلا عباد الله الذين أخلصهم الله, وخصهم برحمته لإخلاصهم له.
ولقد نادانا نبينا نوح; لننصره على قومه, فلنعم المجيبون له نحن.
ونجيناه وأهله والمؤمنين معه من أذى المشركين, ومن الغرق بالطوفان العظيم.
وجعلنا ذرية نوح هم الباقين بعد غرق قومه.
وأبقينا له ذكرا جميلا وثناء حسنا فمن جاء بعده من الناس يذكرونه به.
أمان لنوح وسلامة له من أن يذكر بسوء في الآخرين, بل تثني عليه الأجيال من بعد.
مثل جزاء نوح نجزي كل من أحسن من العباد في طاعة الله.
إن نوحا من عبادنا المصدقين المخلصين.
ثم أغرقنا الآخرين المكذبين من قومه بالطوفان, فلم تبق منهم عين تطرف.
وإن من أشياع نوح على منهاجه وملته نبي الله إبراهيم,
حين جاء ربه بقلب بريء من كل اعتقاد باطل وخلق ذميم,
حين قال لأبيه وقومه منكرا عليهم: ما الذي تعبدونه من دون الله؟
أتريدون آلهة مختلفة تعبدونها, وتتركون عبادة الله المستحق للعبادة وحده؟
فما ظنكم برب العالمين أنه فاعل بكم إذا أشركتم به وعبدتم معه غيره؟
فنظر إبراهيم نظرة في النجوم متفكرا فيما يعتذر به عن الخروج معهم إلى أعيادهم,
فقال لهم: إني مريض.
وهذا تعريض منه.
وهذا تعريض منه.
فتركوه وراء ظهورهم.