الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَسورة الشعراء الآية رقم 181
وكانوا - مع شركهم - يبخسون المكاييل والموازين, فلذلك قال لهم: " أَوْفُوا الْكَيْلَ " أي: أتموه وأكملوه " وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ " الذين ينقصون الناس أموالهم ويسلبونها, ببخس المكيال والميزان.
وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِسورة الشعراء الآية رقم 182
" وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ " أي: بالميزان العادل, الذي لا يميل
وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَسورة الشعراء الآية رقم 183
وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَسورة الشعراء الآية رقم 184
" وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ " أي: الخليقة الأولين.
فكما انفرد بخلقكم, وخلق من قبلكم من غير مشاركة له في ذلك, فأفردوه بالعبادة والتوحيد.
وكما أنعم عليهم بالإيجاد والإمداد بالنعم, فقابلوه بشكره.
قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَسورة الشعراء الآية رقم 185
قالوا له, مكذبين له, رادين لقوله: " إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ " فأنت تهذى وتتكلم كلام المسحور, الذي غايته, أن لا يؤاخذ به.
وَمَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَسورة الشعراء الآية رقم 186
" وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا " فليس فيك فضيلة, اختصصت بها علينا, حتى تدعونا إلى اتباعك.
وهذا مثل قول من قبلهم ومن بعدهم, ممن, عارضوا الرسل بهذه الشبهة التي لم يزالوا, يدلون بها ويصولون, ويتفقون عليها, لاتفاقهم على الكفر, وتشابه قلوبهم.
وقد أجابت عنها الرسل بقولهم: " إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده " .
" وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ " وهذا جراءة منهم وظلم, وقول زور, قد انطووا على خلافه.
فإنه ما من رسول من الرسل, واجه قومه ودعاهم, وجادلهم وجادلوه, إلا وقد أظهر الله على يديه من الآيات, ما به يتيقنون صدقه وأمانته, خصوصا شعيبا عليه السلام, الذي يسمى خطيب الأنبياء, لحسن مراجعته قومه, ومجادلتهم بالتي هي أحسن.
فإن قومه قد تيقنوا صدقه, وأن ما جاء به حق, ولكن إخبارهم عن ظن كذبه, كذب منهم.
فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَسورة الشعراء الآية رقم 187
" فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ " أي: قطع عذاب تستأصلنا.
" إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " كقول إخوانهم " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك, فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " .
أو أنهم طلبوا بعض آيات الاقتراح, التي لا يلزم تتميم مطلوب من سألها.
قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَسورة الشعراء الآية رقم 188
" قَالَ " شعيب عليه السلام: " رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ " أي: نزول العذاب, ووقوع آيات الاقتراح, لست أنا الذي آتي بها وأنزلها بكم, وليس علي إلا تبليغكم ونصحكم وقد فعلت.
وإنما الذي يأتي بها, ربي العالم بأعمالكم وأحوالكم, الذي يجازيكم ويحاسبكم.
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍسورة الشعراء الآية رقم 189
" فَكَذَّبُوهُ " أي: صار التكذيب لهم, وصفا والكفر لهم ديدنا, بحيث لا تفيدهم الآيات, وليس بهم حيلة إلا نزول العذاب.
" فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ " أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين, لظلها غير الظليل, فأحرقهم بالعذاب, فظلوا تحهتا خامدين, ولديارهم مفارقين, وبدار الشقاء والعذاب نازلين.
" إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " لا كرة لهم إلى الدنيا, فيستأنفوا العمل ولا يفتر عنهم العذاب ساعة, ولا هم ينظرون.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَسورة الشعراء الآية رقم 190
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً " دالة على صدق شعيب, وصحة ما دعا إليه, وبطلان رد قومه عليه.
" وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " مع رؤيتهم الآيات, لأنهم لا زكاء فيهم, ولا خير لديهم " وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُسورة الشعراء الآية رقم 191
" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي امتنع بقدرته, عن إدراك أحد, وقهر كل مخلوق.
" الرَّحِيمِ " الذي, الرحمة وصفه ومن آثارها, جميع الخيرات في الدنيا والآخرة, من حين أوجد الله العالم إلى ما لا نهايه له.
ومن عزته, أن أهلك أعداءه حين كذبوا رسله.
ومن رحمته, أن نجى أولياءه ومن معهم من المؤمنين.
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَسورة الشعراء الآية رقم 192
لما ذكر قصص الأنبياء مع أممهم, وكيف دعوهم, وما ردوا عليهم به; وكيف أهلك الله أعداءهم, وصارت لهم العاقبة.
ذكر هذا الرسول الكريم, والنبي المصطفى العظيم وما جاء به من الكتاب, الذي فيه هداية لأولي الألباب فقال: " وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " فالذي أنزله, فاطر الأرض والسماوات, المربي جميع العالم, العلوي والسفلي.
وكما أنه رباهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وأبدانهم, فإنه يربيهم أيضا, بهدايتهم لمصالح دينهم وأخراهم.
ومن أعظم ما رباهم به, إنزال هذا الكتاب الكريم, الذي اشتمل على الخير الكثير, والبر الغزير.
وفيه من الهداية, لمصالح الدارين, والأخلاق الفاضلة, ما ليس في غيره في قوله: " وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " من تعظيمه وشدة الاهتمام به, من كونه نزل من الله, لا من غيره, مقصودا فيه نفعكم وهدايتكم.
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُسورة الشعراء الآية رقم 193
" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ " وهو: جبريل عليه السلام, الذي هو أفضل الملائكة وأقواهم " الْأَمِينُ " الذي قد أمن أن يزيد فيه أو ينقص.
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَسورة الشعراء الآية رقم 194
" عَلَى قَلْبِكَ " يا محمد " لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ " تهدي به إلى طريق الرشاد, وتنذر به عن طريق الغي.
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍسورة الشعراء الآية رقم 195
" بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ " وهو أفضل الألسنة, بلغة من بعث إليهم, وباشر دعوتهم أصلا, اللسان البين الواضح.
وتأمل كيف اجتمعت هذه الفضائل الفاخرة في هذا الكتاب الكريم.
فإنه أفضل الكتب, نزل به أفضل الملائكة, على أفضل الخلق, على أفضل أمة أخرجت للناس, بأفضل الألسنة وأفصحها, وأوسعها, وهو: اللسان العربي المبين.
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَسورة الشعراء الآية رقم 196
" وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ " أي: قد بشرت به كتب الأولين وصدقته.
وهو لما نزل, طبق ما أخبرت به, صدقها, بل جاء بالحق, وصدق المرسلين.
أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَسورة الشعراء الآية رقم 197
" أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً " على صحته, وأنه من الله " أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ " الذين قد انتهى إليهم العلم, وصاروا أعلم الناس, وهم أهل الصنف.
فإن كل شيء يحصل به اشتباه, يرجع فيه إلى أهل الخبرة والدراية, فيكون قولهم حجة على غيرهم.
كما عرف السحرة الذين مهروا في علم السحر, صدق معجزة موسى, وأنه ليس بسحر.
فقول الجاهلين بعد هذا, لا يؤبه به.
وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَسورة الشعراء الآية رقم 198
" وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ " الذين لا يفقهون لسانهم, ولا يقدرون على التعبير كما ينبغي " فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ " يقولون: ما نفقه ما يقول, ولا ندري ما يدعو إليه.
فليحمدوا ربهم, أن جاءهم على لسان أفصح الخلق, وأقدرهم على التعبير عن المقاصد, بالعبارات الواضحة, وأنصحهم.
وليبادروا إلى التصديق به, وتلقيه بالتسليم والقبول.
ولكن تكذيبهم له من غير شبهة, إن هو إلا محض الكفر والعناد, وأمر قد توارثته الأمم المكذبة, فلهذا قال:
فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَسورة الشعراء الآية رقم 199
كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَسورة الشعراء الآية رقم 200
" كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ " , أي: أدخلنا التكذيب, ونظمناه في قلوب أهل الإجرام, كما يدخل السلك في الإبرة, فتشربته, وصار وصفا لها.
لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَسورة الشعراء الآية رقم 201
وذلك بسبب ظلمهم وجرمهم, فلذلك " لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ " على تكذيبهم.
فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَسورة الشعراء الآية رقم 202
" فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " أي: يأتيهم على حين غفلة, وعدم إحساس منهم, ولا استشعار بنزوله, ليكون أبلغ في عقوبتهم والنكال بهم.
فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَسورة الشعراء الآية رقم 203
" فَيَقُولُوا " إذ ذاك: " هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ " أي: يطلبون أن ينظروا ويمهلوا.
والحال إنه قد فات الوقت, وحل بهم العذاب, الذي لا يرفع عنهم, ولا يفتر ساعة.
أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَسورة الشعراء الآية رقم 204
يقول تعالى: " أَفَبِعَذَابِنَا " وهو العذاب الأليم العظيم, الذي لا يستهان به, ولا يحتقر.
" يَسْتَعْجِلُونَ " فما الذي غرهم؟ هل فيهم قوة وطاقة, للصبر عليه؟.
أم عندهم قوة يقدرون بها على دفعه, أو رفعه, إذا نزل؟.
أم يعجزوننا, ويظنون أننا, لا نقدر على ذلك؟.
أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَسورة الشعراء الآية رقم 205
" أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ " .
أي: أفرأيت إذا لم نستعجل عليهم, بإنزال العذاب, وأمهلناهم عدة سنين, يتمتعون في الدنيا " ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ " من العذاب.
ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَسورة الشعراء الآية رقم 206
مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَسورة الشعراء الآية رقم 207
" مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ " من اللذات, والشهوات.
أي: أي شيء يغني عنهم, ويفيدهم, وقد مضت اللذات وبطلت, واضمحلت, وأعقبت تبعا لها, وضوعف لهم العذاب عند طول المدة.
القصد أن الحذر, من وقوع العذاب, واستحقاقهم له.
وأما تعجيله وتأخيره, فلا أهمية تحته, ولا جدوى عنده.
وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَسورة الشعراء الآية رقم 208
يخبر تعالى عن كمال عدله, في إهلاك المكذبين, وأنه ما أوقع بقرية, هلاكا وعذابا, إلا بعد أن يعذر بهم, ويبعث فيهم النذر بالآيات البينات, فيدعونهم إلى الهدى, وينهونهم عن الردى, ويذكرونهم بآيات الله, وينهونهم على أيامه في نعمه ونقمه.
ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَسورة الشعراء الآية رقم 209
" ذِكْرَى " لهم وإقامة حجة عليهم.
" وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ " فنهلك القرى, قبل أن ننذرهم, ونأخذهم, وهم غافلون عن النذر, كما قال تعالى " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا " " رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ " .
وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُسورة الشعراء الآية رقم 210
ولما بين تعالى, كمال القرآن وجلالته, نزهه عن كل صفة نقص, وحماه - وقت نزوله, وبعد نزوله - من شياطين الجن والإنس فقال: " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ " أي: لا يليق بحالهم ولا يناسبهم " وَمَا يَسْتَطِيعُونَ " ذلك.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8