يشير الباري تعالى إشارة, تدل على التعظيم لآيات الكتاب المبين البين الواضح, الدال على جميع المطالب الإلهية, والمقاصد الشرعية, بحيث لا يبقى عند الناظر فيه, شك ولا شبهة فيما أخبر به, أو حكم به, لوضوحه, ودلالته على أشرف المعاني, وارتباط الأحكام بحكمها, وتعليقها بمناسبها.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينذر به الناس, ويهدي به الصراط المستقيم.
فيهتدي بذلك عباد الله المتقون, ويعرض عنه من كتب عليه الشقاء - فكان يحزن حزنا شديدا, على عدم إيمانهم, حرصا منه على الخير, ونصحا لهم.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينذر به الناس, ويهدي به الصراط المستقيم.
فيهتدي بذلك عباد الله المتقون, ويعرض عنه من كتب عليه الشقاء - فكان يحزن حزنا شديدا, على عدم إيمانهم, حرصا منه على الخير, ونصحا لهم.
فلهذا قال تعالى لنبيه " لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ " أي: مهلكها وشاقا عليها.
" أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " أي: فلا تفعل, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, فإن الهداية بيد الله, وقد أديت ما عليك من التبليغ.
وليس فوق هذا القرآن المبين, آية, حتى ننزلها, ليؤمنوا بها, فإنه كاف شاف, لمن يريد الهداية, ولهذا قال:
" أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " أي: فلا تفعل, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, فإن الهداية بيد الله, وقد أديت ما عليك من التبليغ.
وليس فوق هذا القرآن المبين, آية, حتى ننزلها, ليؤمنوا بها, فإنه كاف شاف, لمن يريد الهداية, ولهذا قال:
" إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً " أي: من آيات الاقتراح.
" فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ " أي: أعناق المكذبين " لَهَا خَاضِعِينَ " ولكن لا حاجة إلى ذلك, ولا مصلحة فيه, فإنه إذ ذاك الوقت, يكون الإيمان غير نافع.
وإنما الإيمان النافع, هو الإيمان بالغيب, كما قال تعالى: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا " الآية.
" فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ " أي: أعناق المكذبين " لَهَا خَاضِعِينَ " ولكن لا حاجة إلى ذلك, ولا مصلحة فيه, فإنه إذ ذاك الوقت, يكون الإيمان غير نافع.
وإنما الإيمان النافع, هو الإيمان بالغيب, كما قال تعالى: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا " الآية.
" وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ " يأمرهم وينهاهم, ويذكرهم ما ينفعهم ويضرهم.
" إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ " بقلوبهم وأبدانهم.
هذا إعراضهم عن الذكر المحدث, الذي جرت العادة, أنه يكون موقعه, أبلغ من غيره, فكيف بإعراضهم عن غيره.
وهذا, لأنهم لا خير فيهم, ولا تنجع فيهم المواعظ, ولهذا قال:
" إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ " بقلوبهم وأبدانهم.
هذا إعراضهم عن الذكر المحدث, الذي جرت العادة, أنه يكون موقعه, أبلغ من غيره, فكيف بإعراضهم عن غيره.
وهذا, لأنهم لا خير فيهم, ولا تنجع فيهم المواعظ, ولهذا قال:
" فَقَدْ كَذَّبُوا " أي: بالحق, وصار التكذيب لهم سجية, لا تتغير ولا تتبدل.
" فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " أي: سيقع بهم العذاب, ويحل بهم, ما كذبوا به, فإنهم قد حقت عليهم, كلمة العذاب.
قال الله منبها على التفكر, الذي ينفع صاحبه:
" فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " أي: سيقع بهم العذاب, ويحل بهم, ما كذبوا به, فإنهم قد حقت عليهم, كلمة العذاب.
قال الله منبها على التفكر, الذي ينفع صاحبه:
" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ " من جميع أصناف النباتات, حسنة المنظر, كريمة في نفعها.
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً " على إحياء الله الموتى بعد موتهم, كما أحيا الأرض بعد موتها " وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " كما قال تعالى " وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " .
" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي قد قهر كل مخلوق, ودان له العالم العلوي والسفلي.
" الرَّحِيمِ " الذي وسعت رحمته كل شيء, ووصل جوده إلى كل حي, العزيز الذي أهلك الأشقياء بأنواع العقوبات, الرحيم بالسعداء, حيث أنجاهم من كل شر وبلاء.
" الرَّحِيمِ " الذي وسعت رحمته كل شيء, ووصل جوده إلى كل حي, العزيز الذي أهلك الأشقياء بأنواع العقوبات, الرحيم بالسعداء, حيث أنجاهم من كل شر وبلاء.
أعاد الباري تعالى, قصة موسى وثناها في القرآن, ما لم يثن غيرها, لكونها مشتملة على حكم عظيمة, وعبر, وفيها نبأه مع الظالمين والمؤمنين.
وهو صاحب الشريعة الكبرى, وصاحب التوراة, أفضل الكتب بعد القرآن فقال: واذكر حالة موسى الفاضلة, وقت نداء الله إياه, حين كلمه, ونبأه وأرسله فقال: " أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " الذين تكبروا في الأرض, وعلوا على أهلها وادعى كبيرهم الربوبية.
وهو صاحب الشريعة الكبرى, وصاحب التوراة, أفضل الكتب بعد القرآن فقال: واذكر حالة موسى الفاضلة, وقت نداء الله إياه, حين كلمه, ونبأه وأرسله فقال: " أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " الذين تكبروا في الأرض, وعلوا على أهلها وادعى كبيرهم الربوبية.
" قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ " أي: قل لهم, بلين قول, ولطف عبارة " أَلَا تَتَّقُونَ " الله الذي خلقكم ورزقكم, فتتركون ما أنتم عليه من الكفر.
فقال موسى عليه السلام, معتذرا من ربه, ومبينا لعذره, وسائلا له المعونة على هذا الحمل الثقيل: " قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي " .
وقال " رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي " .
" فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ " .
فأجاب الله طلبته, ونبأ أخاه, كما نبأه " فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا " .
أي: معاونا لي على أمري.
وقال " رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي " .
" فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ " .
فأجاب الله طلبته, ونبأ أخاه, كما نبأه " فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا " .
أي: معاونا لي على أمري.
" وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ " أي: في قتل القبطي " فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ " .
" قَالَ كَلَّا " أي: لا يتمكنون من قتلك, فإنا سنجعل لكما سلطانا, فلا يصلون إليكما أنتما, ومن اتبعكما الغالبون.
ولهذا لم يتمكن فرعون, من قتل موسى, مع منابذته له غاية المنابذ, وتسفيه رأيه, وتضليله وقومه.
" فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا " الدالة على صدقكما, وصحة ما جئتما به.
" إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ " أحفظكما وأكلؤكما.
ولهذا لم يتمكن فرعون, من قتل موسى, مع منابذته له غاية المنابذ, وتسفيه رأيه, وتضليله وقومه.
" فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا " الدالة على صدقكما, وصحة ما جئتما به.
" إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ " أحفظكما وأكلؤكما.
" فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ " أي: أرسلنا إليك, لتؤمن به وبنا, وتنقاد لعبادته, وتذعن لتوحيده.
" أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ " فكف عنهم عذابك, وارفع عنهم يدك ليعبدوا ربهم, ويقيموا أمر دينهم.
فلما جاء فرعون, وقالا له, ما قال الله لهما, لم يؤمن فرعون, ولم يلن, وجعل يعارض موسى بقوله " قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا " أي: ألم ننعم عليك, ونقم بتربيتك, منذ كنت وليدا في مهدك, ولم تزل كذلك.
" وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ " وهي قتل موسى للقبطي, حين استغاثه الذي من شيعته, على الذي من عدوه " فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ " الآية.
" وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ " أي: وأنت, إذ ذاك طريقك طريقنا, وسبيلك سبيلنا, في الكفر, فأقر على نفسه بالكفر, من حيث لا يدري.
" وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ " وهي قتل موسى للقبطي, حين استغاثه الذي من شيعته, على الذي من عدوه " فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ " الآية.
" وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ " أي: وأنت, إذ ذاك طريقك طريقنا, وسبيلك سبيلنا, في الكفر, فأقر على نفسه بالكفر, من حيث لا يدري.
فقال: موسى " فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ " أي: عن غير كفر, وإنما كان عن ضلال وسفه, فاستغفرت ربي فغفر لي.
" فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " حين تراجعتم بقتلي, فهربت إلى مدين, ومكثت سنين, ثم جئتكم.
" فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ " .
فالحاصل أن اعتراض فرعرن على موسى, اعتراض جاهل أو متجاهل.
فإنه جعل المانع من كونه رسولا, أن جرى منه القتل.
فبين له موسى, أن قتله كان على وجه الضلال والخطأ, الذي لم يقصد نفس القتل.
وأن فضل الله تعالى غير ممنوع منه أحد, فلم منعتم ما منحني الله, من الحكم والرسالة؟.
بقي عليك يا فرعون, إدلاؤك بقولك: " أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا " وعند التحقيق, يتبين أن لا منة لك فيها, ولهذا قال موسى:
" فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ " .
فالحاصل أن اعتراض فرعرن على موسى, اعتراض جاهل أو متجاهل.
فإنه جعل المانع من كونه رسولا, أن جرى منه القتل.
فبين له موسى, أن قتله كان على وجه الضلال والخطأ, الذي لم يقصد نفس القتل.
وأن فضل الله تعالى غير ممنوع منه أحد, فلم منعتم ما منحني الله, من الحكم والرسالة؟.
بقي عليك يا فرعون, إدلاؤك بقولك: " أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا " وعند التحقيق, يتبين أن لا منة لك فيها, ولهذا قال موسى:
" وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " أي: تدلي علي بهذه المنة لأني سخرت بني إسرائيل, وجعلتهم لك بمنزلة العبيد.
وأنا قد أسلمتني من تعبيدك وتسخيرك, وجعلتها علي نعمة.
فعند التصور, يتبين أن الحقيقة, أنك ظلمت هذا الشعب الفاضل, وعذبتهم, وسخرتهم بأعمالك.
وأنا, قد سلمني الله من أذاك, مع وصول أذاك لقومي.
فما هذه المنة, التي تمن بها, وتدلي بها؟
وأنا قد أسلمتني من تعبيدك وتسخيرك, وجعلتها علي نعمة.
فعند التصور, يتبين أن الحقيقة, أنك ظلمت هذا الشعب الفاضل, وعذبتهم, وسخرتهم بأعمالك.
وأنا, قد سلمني الله من أذاك, مع وصول أذاك لقومي.
فما هذه المنة, التي تمن بها, وتدلي بها؟
" قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ " وهذا إنكار منه لربه, ظلما وعلوا مع تيقن صحة ما دعاه إليه موسى فقال:
" رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا " أي: الذي خلق العالم العلوي والسفلي, ودبره بأنواع التدبير, ورباه بأنواع التربية.
ومن جملة ذلك, أنتم أيها المخاطبون, فكيف تنكرون خالق المخلوقات, وفاطر الأرض والسماوات " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " .
فقال فرعون متجرهما, ومعجبا بقوله:
ومن جملة ذلك, أنتم أيها المخاطبون, فكيف تنكرون خالق المخلوقات, وفاطر الأرض والسماوات " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " .
فقال فرعون متجرهما, ومعجبا بقوله:
" أَلَا تَسْتَمِعُونَ " ما يقول هذا الرجل.
فقال موسى " رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ " تعجبتم أم لا, استكبرتم, أم أذعنتم.
فقال فرعون معاندا للحق,, قادحا بمن جاء به: " إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ " حيث قال خلاف ما نحن عليه, وخالفنا فيما ذهبنا إليه.
فالعقل عنده وأهل العقل, من زعموا أنهم لم يخلقوا, أو أن السماوات والأرض, ما زالتا موجودتين من غير موجد وأنهم, بأنفسهم, خلقوا من غير خالق.
والعقل عنده, أن يعبد المخلوق الناقص, من جميع الوجوه.
والجنون عنده, أن يثبت الرب الخالق للعالم العلوي والسفلي, المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة, ويدعى إلى عبادته.
وزين لقومه هذا القول, وكانوا سفهاء الأحلام, خفيفي العقول " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " .
فقال موسى عليه السلام, مجيبا لإنكار فرعون وتعطيله لرب العالمين:
فالعقل عنده وأهل العقل, من زعموا أنهم لم يخلقوا, أو أن السماوات والأرض, ما زالتا موجودتين من غير موجد وأنهم, بأنفسهم, خلقوا من غير خالق.
والعقل عنده, أن يعبد المخلوق الناقص, من جميع الوجوه.
والجنون عنده, أن يثبت الرب الخالق للعالم العلوي والسفلي, المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة, ويدعى إلى عبادته.
وزين لقومه هذا القول, وكانوا سفهاء الأحلام, خفيفي العقول " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " .
فقال موسى عليه السلام, مجيبا لإنكار فرعون وتعطيله لرب العالمين:
" رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا " من سائر المخلوقات " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " .
فقد أديت لكم من البيان والتبيين, ما يفهمه كل من له أدنى مسكة من عقل.
فما بالكم تتجاهلون فيما أخاطبكم به؟.
وفيه إيماء وتنبيه إلى أن الذي رميتم به موسى من الجنون, أنه داؤكم فرميتم أزكى الخلق عقلا, وأكملهم علما.
والحال أنكم, أنتم المجانين, حيث ذهبت عقولكم إلى إنكار أظهر الموجودات, خالق الأرض والسماوات وما بينهما, فإذا جحدتموه, فأي شيء تثبتون؟.
وإذا جهلتموه, فأي شيء تعلمون؟.
وإذا لم تؤمنوا به وبآياته, فبأي شيء - بعد الله وآياته - تؤمنون؟.
تالله, إن المجانين الذين بمنزلة البهائم, أعقل منكم, وإن الأنعام السارحة, أهدى منكم.
فقد أديت لكم من البيان والتبيين, ما يفهمه كل من له أدنى مسكة من عقل.
فما بالكم تتجاهلون فيما أخاطبكم به؟.
وفيه إيماء وتنبيه إلى أن الذي رميتم به موسى من الجنون, أنه داؤكم فرميتم أزكى الخلق عقلا, وأكملهم علما.
والحال أنكم, أنتم المجانين, حيث ذهبت عقولكم إلى إنكار أظهر الموجودات, خالق الأرض والسماوات وما بينهما, فإذا جحدتموه, فأي شيء تثبتون؟.
وإذا جهلتموه, فأي شيء تعلمون؟.
وإذا لم تؤمنوا به وبآياته, فبأي شيء - بعد الله وآياته - تؤمنون؟.
تالله, إن المجانين الذين بمنزلة البهائم, أعقل منكم, وإن الأنعام السارحة, أهدى منكم.
فلما خنقت فرعون الحجة, وعجزت قدرته وبيانه عن المعارضة " قَالَ " متوعدا لموسى بسلطانه " لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ " .
زعم - قبحه الله - أنه قد طمع في إضلال موسى, وأن لا يتخذ إلها غيره, وإلا فقد تقرر أنه, هو ومن معه, على بصيرة من أمرهم.
زعم - قبحه الله - أنه قد طمع في إضلال موسى, وأن لا يتخذ إلها غيره, وإلا فقد تقرر أنه, هو ومن معه, على بصيرة من أمرهم.
فقال له موسى: " أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ " أي: آية ظاهرة جلية, على صحة ما جئت به, من خوارق العادات.