قال الله تعالى - مبينا أن هذا الإيمان في هذه الحالة غير نافع له-: " آلْآنَ " تؤمن, وتقر برسول الله " وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ " أي: بارزت بالمعاصي, والكفر والتكذيب " وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ " فلا ينفعك الإيمان كما جرت عادة الله, أن الكفار إذا وصلوا إلى هذه الحالة الاضطرارية, أنه لا ينفعهم إيمانهم, لأن إيمانهم, صار إيمانا مشاهدا كإيمان من ورد القيامة, والذي ينفع, إنما هو الإيمان بالغيب.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ↓
" فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً " .
قال المفسرون: إن بني إسرائيل لما في قلوبهم من الرعب العظيم, من فرعون, كأنهم لم يصدقوا بإغراقه, وشكوا في ذلك.
فأمر الله البحر أن يلقيه على نجوة مرتفعة ببدنه, ليكون لهم عبرة وآية.
" وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ " فلذلك تمر عليهم وتتكرر فلا ينتفون بها, لعدم إقبالهم عليها.
وأما من له عقل وقلب حاضر, فإنه يرى من آيات الله ما هو أكبر دليل على صحة ما أخبرت به الرسل.
قال المفسرون: إن بني إسرائيل لما في قلوبهم من الرعب العظيم, من فرعون, كأنهم لم يصدقوا بإغراقه, وشكوا في ذلك.
فأمر الله البحر أن يلقيه على نجوة مرتفعة ببدنه, ليكون لهم عبرة وآية.
" وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ " فلذلك تمر عليهم وتتكرر فلا ينتفون بها, لعدم إقبالهم عليها.
وأما من له عقل وقلب حاضر, فإنه يرى من آيات الله ما هو أكبر دليل على صحة ما أخبرت به الرسل.
وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ↓
" وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ " أي: أنزلهم الله وأسكنهم في مساكن آل فرعون, وأورثهم أرضهم وديارهم.
" وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ " من المطاعم والمشارب وغيرهما " فَمَا اخْتَلَفُوا " في الحق " حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ " الموجب لاجتماعهم وائتلافهم.
ولكن بغى بعضهم على بعض, وصار لكثير منهم أهوية وأغراض تخالف الحق, فحصل بينهم من الاختلاف شيء كثير.
" إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " بحكمة العدل الناشئ على علمه التام, وقدرته الشاملة.
وهذا هو الداء, الذي يعرض لأهل الدين الصحيح.
وهو: أن الشيطان إذا أعجزه أن يطيعوه في ترك الدين بالكلية, سعى في التحريش بينهم, وإلقاء العداوة والبغضاء, فحصل من الاختلاف ما هو موجب ذلك.
ثم حصل من تضليل بعضهم لبعض, وعداوة بعضهم لبعض, ما هو قرة عين اللعين.
وإلا فإذا كان ربهم واحدا, ورسولهم واحدا, ودينهم واحدا, ومصالحهم العامة متفقة, فلأي شيء يختلفون اختلافا, يفرق شملهم, ويشتت أمرهم, ويحل رابطتهم ونظامهم, فيفوت من مصالحهم الدينية والدنيوية ما يفوت, ويموت من دينهم, بسبب ذلك ما يموت؟.
فنسألك اللهم, لطفا بعبادك المؤمنين, يجمع شملهم ويرأب صدعهم, ويرد قاصيهم على دانيهم, يا ذا الجلال والإكرام.
" وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ " من المطاعم والمشارب وغيرهما " فَمَا اخْتَلَفُوا " في الحق " حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ " الموجب لاجتماعهم وائتلافهم.
ولكن بغى بعضهم على بعض, وصار لكثير منهم أهوية وأغراض تخالف الحق, فحصل بينهم من الاختلاف شيء كثير.
" إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " بحكمة العدل الناشئ على علمه التام, وقدرته الشاملة.
وهذا هو الداء, الذي يعرض لأهل الدين الصحيح.
وهو: أن الشيطان إذا أعجزه أن يطيعوه في ترك الدين بالكلية, سعى في التحريش بينهم, وإلقاء العداوة والبغضاء, فحصل من الاختلاف ما هو موجب ذلك.
ثم حصل من تضليل بعضهم لبعض, وعداوة بعضهم لبعض, ما هو قرة عين اللعين.
وإلا فإذا كان ربهم واحدا, ورسولهم واحدا, ودينهم واحدا, ومصالحهم العامة متفقة, فلأي شيء يختلفون اختلافا, يفرق شملهم, ويشتت أمرهم, ويحل رابطتهم ونظامهم, فيفوت من مصالحهم الدينية والدنيوية ما يفوت, ويموت من دينهم, بسبب ذلك ما يموت؟.
فنسألك اللهم, لطفا بعبادك المؤمنين, يجمع شملهم ويرأب صدعهم, ويرد قاصيهم على دانيهم, يا ذا الجلال والإكرام.
فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ↓
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ " هل هو صحيح, أم غير صحيح؟.
" فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ " أي: اسأل أهل الكتب المنصفين, والعلماء الراسخين, فإنهم سيقرون لك بصدق ما أخبرت به, وموافقته لما معهم.
فإن قيل: إن كثيرا من أهل الكتاب, من اليهود والنصارى, بل ربما كان أكثرهم ومعظمهم, كذبوا رسول الله, وعاندوه, وردوا عليه دعوته.
والله تعالى أمر رسوله أن يستشهد بهم, وجعل شهادتهم حجة لما جاء به, وبرهانا على صدقه, فكيف يكون ذلك؟ فالجواب عن هذا, من عدة أوجه.
منها: أن الشهادة, إذا أضيفت إلى طائفة, أو أهل مذهب, أو بلد ونحوهم, فإنها إنما تتناول العدول الصادقين منهم.
وأما من عداهم, فلو كانوا أكثر من غيرهم, فلا عبرة فيهم, لأن الشهادة مبنية على العدالة والصدق, وقد حصل ذلك بإيمان كثير من أحبارهم الربانيين, كـ " عبد الله بن سلام " وأصحابه, وكثير ممن أسلم في وقت النبي صلى الله عليه وسلم, وخلفائه, ومن بعدهم.
ومنها: أن شهادة أهل الكتاب للرسول, مبنية على كتابهم التوراة الذي ينتسبون إليه.
فإذا كان موجودا في التوراة, ما يوافق القرآن ويصدقه, ويشهد له بالصحة, فلو اتفقوا من أولهم لآخرهم, على إنكار ذلك, لم يقدح بما جاء به الرسول.
ومنها: أن الله تعالى أمر رسوله, أن يستشهد بأهل الكتاب على صحة ما جاءه, وظهر ذلك, وأعلنه على رءوس الأشهاد.
ومن المعلوم أن كثيرا منهم, من أحرص الناس على إبطال دعوة الرسول, محمد صلى الله عليه وسلم.
فلو كان عندهم ما يرد ما ذكره الله, لأبدوه, وأظهروه وبينوه.
فلما لم يكن شيء من ذلك, كان عدم رد المعادي, وإقرار المستجيب, من أدل الأدلة على صحة هذا القرآن وصدقه.
ومنها: أنه ليس أكثر أهل الكتاب, رد دعوة الرسول, بل أكثرهم استجاب لها, وانقاد طوعا واختيارا, فإن الرسول بعث, وأكثر أهل الأرض المتدينين, أهل الكتاب.
فلم يمكث دينه مدة غير كثيرة, حتى انقاد للإسلام, أكثر أهل الشام, ومصر, والعراق, وما جاورها من البلدان, التي هي مقر دين أهل الكتاب.
فلم يبق إلا أهل الرياسات, الذين آثروا رياساتهم على الحق, ومن تبعهم من العوام الجهلة, ومن تدين بدينهم اسما لا معنى, كالإفرنج, الذين حقيقة أمرهم, أنهم دهرية, منحلون عن جميع أديان الرسل.
وإنما انتسبوا للدين المسيحي, ترويجا لملكهم, وتمويها لباطلهم, كما يعرف ذلك من عرف أحوالهم البينة الظاهرة.
وقوله: " لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ " أي: الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه " مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " كقوله تعالى " كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ " .
" فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ " أي: اسأل أهل الكتب المنصفين, والعلماء الراسخين, فإنهم سيقرون لك بصدق ما أخبرت به, وموافقته لما معهم.
فإن قيل: إن كثيرا من أهل الكتاب, من اليهود والنصارى, بل ربما كان أكثرهم ومعظمهم, كذبوا رسول الله, وعاندوه, وردوا عليه دعوته.
والله تعالى أمر رسوله أن يستشهد بهم, وجعل شهادتهم حجة لما جاء به, وبرهانا على صدقه, فكيف يكون ذلك؟ فالجواب عن هذا, من عدة أوجه.
منها: أن الشهادة, إذا أضيفت إلى طائفة, أو أهل مذهب, أو بلد ونحوهم, فإنها إنما تتناول العدول الصادقين منهم.
وأما من عداهم, فلو كانوا أكثر من غيرهم, فلا عبرة فيهم, لأن الشهادة مبنية على العدالة والصدق, وقد حصل ذلك بإيمان كثير من أحبارهم الربانيين, كـ " عبد الله بن سلام " وأصحابه, وكثير ممن أسلم في وقت النبي صلى الله عليه وسلم, وخلفائه, ومن بعدهم.
ومنها: أن شهادة أهل الكتاب للرسول, مبنية على كتابهم التوراة الذي ينتسبون إليه.
فإذا كان موجودا في التوراة, ما يوافق القرآن ويصدقه, ويشهد له بالصحة, فلو اتفقوا من أولهم لآخرهم, على إنكار ذلك, لم يقدح بما جاء به الرسول.
ومنها: أن الله تعالى أمر رسوله, أن يستشهد بأهل الكتاب على صحة ما جاءه, وظهر ذلك, وأعلنه على رءوس الأشهاد.
ومن المعلوم أن كثيرا منهم, من أحرص الناس على إبطال دعوة الرسول, محمد صلى الله عليه وسلم.
فلو كان عندهم ما يرد ما ذكره الله, لأبدوه, وأظهروه وبينوه.
فلما لم يكن شيء من ذلك, كان عدم رد المعادي, وإقرار المستجيب, من أدل الأدلة على صحة هذا القرآن وصدقه.
ومنها: أنه ليس أكثر أهل الكتاب, رد دعوة الرسول, بل أكثرهم استجاب لها, وانقاد طوعا واختيارا, فإن الرسول بعث, وأكثر أهل الأرض المتدينين, أهل الكتاب.
فلم يمكث دينه مدة غير كثيرة, حتى انقاد للإسلام, أكثر أهل الشام, ومصر, والعراق, وما جاورها من البلدان, التي هي مقر دين أهل الكتاب.
فلم يبق إلا أهل الرياسات, الذين آثروا رياساتهم على الحق, ومن تبعهم من العوام الجهلة, ومن تدين بدينهم اسما لا معنى, كالإفرنج, الذين حقيقة أمرهم, أنهم دهرية, منحلون عن جميع أديان الرسل.
وإنما انتسبوا للدين المسيحي, ترويجا لملكهم, وتمويها لباطلهم, كما يعرف ذلك من عرف أحوالهم البينة الظاهرة.
وقوله: " لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ " أي: الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه " مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " كقوله تعالى " كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ " .
" وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
وحاصل هذا: أن الله نهى عن شيئين: الشك في هذا القرآن والامتراء منه.
وأشد من ذلك, التكذيب به, وهو آيات الله البينات, التي لا تقبل التكذيب بوجه, ورتب على هذا الخسار وهو: عدم الربح أصلا, وذلك بفوات الثواب, في الدنيا والآخرة, وحصول العقاب, في الدنيا والآخرة.
والنهي عن الشيء أمر بضده, فيكون أمرا بالتصديق التام بالقرآن, وطمأنينة القلب إليه, والإقبال عليه, علما وعملا.
فبذلك يكون العبد من الرابحين, الذين أدركوا أجل المطالب, وأفضل الرغائب, وأتم المناقب, وانتفى عنهم الخسار.
وحاصل هذا: أن الله نهى عن شيئين: الشك في هذا القرآن والامتراء منه.
وأشد من ذلك, التكذيب به, وهو آيات الله البينات, التي لا تقبل التكذيب بوجه, ورتب على هذا الخسار وهو: عدم الربح أصلا, وذلك بفوات الثواب, في الدنيا والآخرة, وحصول العقاب, في الدنيا والآخرة.
والنهي عن الشيء أمر بضده, فيكون أمرا بالتصديق التام بالقرآن, وطمأنينة القلب إليه, والإقبال عليه, علما وعملا.
فبذلك يكون العبد من الرابحين, الذين أدركوا أجل المطالب, وأفضل الرغائب, وأتم المناقب, وانتفى عنهم الخسار.
يقول تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ " .
أي: إنهم من الضالين الغاوين أهل النار, لا بد أن يصيروا إلى ما قدره الله وقضاه, فلا يؤمنون, ولو جاءتهم كل آية, فلا تزيدهم الآيات إلا طغيانا, وغيا إلى غيهم.
وما ظلمهم الله, ولكن ظلموا أنفسهم, بردهم للحق, لما جاءهم أول مرة, فعاقبهم الله, بأن طبع على قلوبهم وأسماعهم, وأبصارهم, فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم, الذي وعدوا به.
فحينئذ يعلمون حق اليقين, أن ما هم عليه هو الضلال, وأن ما جاءتهم به الرسل هو الحق.
ولكن في وقت لا يجدي عليهم إيمانهم شيئا.
فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم, ولا هم يستعتبون.
وأما الآيات, فإنها تنفع من له قلب, أو ألقى السمع وهو شهيد.
أي: إنهم من الضالين الغاوين أهل النار, لا بد أن يصيروا إلى ما قدره الله وقضاه, فلا يؤمنون, ولو جاءتهم كل آية, فلا تزيدهم الآيات إلا طغيانا, وغيا إلى غيهم.
وما ظلمهم الله, ولكن ظلموا أنفسهم, بردهم للحق, لما جاءهم أول مرة, فعاقبهم الله, بأن طبع على قلوبهم وأسماعهم, وأبصارهم, فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم, الذي وعدوا به.
فحينئذ يعلمون حق اليقين, أن ما هم عليه هو الضلال, وأن ما جاءتهم به الرسل هو الحق.
ولكن في وقت لا يجدي عليهم إيمانهم شيئا.
فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم, ولا هم يستعتبون.
وأما الآيات, فإنها تنفع من له قلب, أو ألقى السمع وهو شهيد.
فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ↓
يقول تعالى: " فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ " من القرى المكذبين " آمَنَتْ " حين رأيت العذاب " فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا " أي: لم يكن منهم أحد انتفع بإيمانه, حين رأى العذاب, كما قال تعالى عن فرعون ما تقدم قريبا, لما قال: " آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ " فقيل له " آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ " .
وكما قال تعالى " فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ " .
وقال تعالى " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا " .
والحكمة في هذا ظاهرة, فإن الإيمان الاضطراري, ليس بإيمان حقيقة, ولو صرف عنه العذاب, والأمر الذي اضطره إلى الإيمان, لرجع إلى الكفران.
وقوله " إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ " فهم مستثنون من العموم السابق.
ولا بد لذلك من حكمة لعالم الغيب والشهادة, لم تصل إلينا, ولم تدركها أفهامنا.
قال الله تعالى " وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ " إلى قوله " وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ " .
ولعل الحكمة في ذلك, أن غيرهم من المهلكين, لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه.
وأما قوم يونس, فإن الله أعلم أن إيمانهم سيستمر, بل قد استمر فعلا وثبتوا عليه, والله أعلم.
وكما قال تعالى " فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ " .
وقال تعالى " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا " .
والحكمة في هذا ظاهرة, فإن الإيمان الاضطراري, ليس بإيمان حقيقة, ولو صرف عنه العذاب, والأمر الذي اضطره إلى الإيمان, لرجع إلى الكفران.
وقوله " إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ " فهم مستثنون من العموم السابق.
ولا بد لذلك من حكمة لعالم الغيب والشهادة, لم تصل إلينا, ولم تدركها أفهامنا.
قال الله تعالى " وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ " إلى قوله " وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ " .
ولعل الحكمة في ذلك, أن غيرهم من المهلكين, لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه.
وأما قوم يونس, فإن الله أعلم أن إيمانهم سيستمر, بل قد استمر فعلا وثبتوا عليه, والله أعلم.
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ↓
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا " بأن يلهمهم الإيمان, ويوزع قلوبهم للتقوى, فقدرته صالحة لذلك.
ولكنه اقتضت حكمته, أن كان بعضهم مؤمنين, وبعضهم كافرين.
" أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " أي: لا تقدر على ذلك, وليس في إمكانك, ولا قدرة لغير الله على شيء من ذلك.
ولكنه اقتضت حكمته, أن كان بعضهم مؤمنين, وبعضهم كافرين.
" أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " أي: لا تقدر على ذلك, وليس في إمكانك, ولا قدرة لغير الله على شيء من ذلك.
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ↓
" وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ " بإرادته ومشيئته, وإذنه القدري الشرعي.
فمن كان من الخلق قابلا لذلك, ويزكو عنده الإيمان, وفقه وهداه.
" وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ " أي: الشر والضلال " عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ " عن الله أوامره ونواهيه, ولا يلقوا بالا لنصائحه ومواعظه:
فمن كان من الخلق قابلا لذلك, ويزكو عنده الإيمان, وفقه وهداه.
" وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ " أي: الشر والضلال " عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ " عن الله أوامره ونواهيه, ولا يلقوا بالا لنصائحه ومواعظه:
قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ↓
يدعو تعالى عباده, إلى النظر لما في السماوات والأرض.
والمراد بذلك: نظر الفكر والاعتبار والتأمل, لما فيها, وما تحتوي عليه, والاستبصار.
فإن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون, وعبرا لقوم يوقنون, تدل على أن الله وحده, المعبود المحمود, ذو الجلال والإكرام, والأسماء والصفات العظام.
" وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ " فإنهم لا ينتفعون بالآيات لإعراضهم وعنادهم.
والمراد بذلك: نظر الفكر والاعتبار والتأمل, لما فيها, وما تحتوي عليه, والاستبصار.
فإن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون, وعبرا لقوم يوقنون, تدل على أن الله وحده, المعبود المحمود, ذو الجلال والإكرام, والأسماء والصفات العظام.
" وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ " فإنهم لا ينتفعون بالآيات لإعراضهم وعنادهم.
فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ↓
" فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ " أي: فهل ينتظر هؤلاء الذين لا يؤمنون بآيات الله, بعد وضوحها, " إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ " أي: من الهلاك والعقاب, فإنهم صنعوا كصنيعهم وسنة الله جارية في الأولين والآخرين.
" قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ " فستعلمون من تكون له العاقبة الحسنة, والنجاة في الدنيا والآخرة, وليست إلا للرسل وأتباعهم.
" قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ " فستعلمون من تكون له العاقبة الحسنة, والنجاة في الدنيا والآخرة, وليست إلا للرسل وأتباعهم.
ولهذا قال: " ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا " من مكاره الدنيا والآخرة, وشدائدهما.
" كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا " أوجبناه على أنفسنا " نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ " فإن الله يدافع عن الذين آمنوا, فإنه - بحسب ما مع العبد من الإيمان - تحصل له النجاة من المكاره.
" كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا " أوجبناه على أنفسنا " نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ " فإن الله يدافع عن الذين آمنوا, فإنه - بحسب ما مع العبد من الإيمان - تحصل له النجاة من المكاره.
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ↑
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم, سيد المرسلين, وإمام المتقين وخير الموقنين: " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي " أي: في ريب واشتباه فإني لست في شك منه, بل لدي العلم اليقين أنه الحق, وأن ما تدعون من دون الله باطل, ولي على ذلك, الأدلة الواضحة, والبراهين الساطعة.
ولهذا قال: " فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " من الأنداد, والأصنام وغيرهما, لأنها لا تخلق ولا ترزق, ولا تدبر شيئا من الأمور, وإنما هي مخلوقة مسخرة, ليس فيها ما يقتضي عبادتها.
" وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ " أي: هو الله الذي خلقكم, وهو الذي يميتكم, ثم يبعثكم, ليجازيكم بأعمالكم.
فهو الذي يستحق أن يعبد, ويصلى له ويسجد.
ولهذا قال: " فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " من الأنداد, والأصنام وغيرهما, لأنها لا تخلق ولا ترزق, ولا تدبر شيئا من الأمور, وإنما هي مخلوقة مسخرة, ليس فيها ما يقتضي عبادتها.
" وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ " أي: هو الله الذي خلقكم, وهو الذي يميتكم, ثم يبعثكم, ليجازيكم بأعمالكم.
فهو الذي يستحق أن يعبد, ويصلى له ويسجد.
" وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا " أي: أخلص أعمالك الظاهرة والباطنة لله, وأقم جميع شرائع الدين حنيفا, أي: مقبلا على الله, معرضا عما سواه.
" وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " لا في حالهم, ولا تكن معهم.
" وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " لا في حالهم, ولا تكن معهم.
وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ ↓
" وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ " وهذا وصف لكل مخلوق, أنه لا ينفع ولا يضر, وإنما النافع الضار, هو الله تعالى.
" فَإِنْ فَعَلْتَ " أي: دعوت من دون الله, ما لا ينفعك ولا يضرك " فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ " أي: الضارين أنفسهم بإهلاكها.
وهذا الظلم هو الشرك كما قال تعالى " إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " .
فإذا كان خير الخلق, لو دعا مع الله غيره, لكان من الظالمين المشركين فكيف بغيره؟!!
" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
هذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده, المستحق للعبادة, فإنه: النافع الضار, المعطي, المانع, الذي إذا مس بضر, كفقر ومرض, ونحوها " فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ " لأن الخلق, لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء, لم ينفعوا إلا بما كتبه الله, ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا, لم يقدروا على شيء من ضرره, إذا لم يرده.
ولهذا قال: " وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ " أي: لا يقدر أحد من الخلق, أن يرد فضله وإحسانه كما قال تعالى " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " .
" يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ " أي: يختص برحمته من شاء من خلقه, والله ذو الفضل العظيم.
" وَهُوَ الْغَفُورُ " لجميع الزلات, الذي يوفق عبده, لأسباب مغفرته.
ثم إذا فعلها العبد, غفر الله ذنوبه, كبارها, وصغارها.
" الرَّحِيمِ " الذي وسعت رحمته كل شيء, ووصل جوده إلى جميع الموجودات, بحيث لا تستغنى عن إحسانه, طرفة عين.
فإذا عرف العبد بالدليل القاطع, أن الله, هو المنفرد بالنعم, وكشف.
النقم, وإعطاء الحسنات, وكشف السيئات والكربات, وأن أحدا من الخلق, ليس بيده من هذا شيء, إلا ما أجراه الله على يده, جزم بأن الله هو الحق, وأن ما يدعون من دونه, هو الباطل.
ولهذا - لما بين الدليل الواضح قال بعده:-
" فَإِنْ فَعَلْتَ " أي: دعوت من دون الله, ما لا ينفعك ولا يضرك " فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ " أي: الضارين أنفسهم بإهلاكها.
وهذا الظلم هو الشرك كما قال تعالى " إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " .
فإذا كان خير الخلق, لو دعا مع الله غيره, لكان من الظالمين المشركين فكيف بغيره؟!!
" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
هذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده, المستحق للعبادة, فإنه: النافع الضار, المعطي, المانع, الذي إذا مس بضر, كفقر ومرض, ونحوها " فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ " لأن الخلق, لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء, لم ينفعوا إلا بما كتبه الله, ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا, لم يقدروا على شيء من ضرره, إذا لم يرده.
ولهذا قال: " وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ " أي: لا يقدر أحد من الخلق, أن يرد فضله وإحسانه كما قال تعالى " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ " .
" يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ " أي: يختص برحمته من شاء من خلقه, والله ذو الفضل العظيم.
" وَهُوَ الْغَفُورُ " لجميع الزلات, الذي يوفق عبده, لأسباب مغفرته.
ثم إذا فعلها العبد, غفر الله ذنوبه, كبارها, وصغارها.
" الرَّحِيمِ " الذي وسعت رحمته كل شيء, ووصل جوده إلى جميع الموجودات, بحيث لا تستغنى عن إحسانه, طرفة عين.
فإذا عرف العبد بالدليل القاطع, أن الله, هو المنفرد بالنعم, وكشف.
النقم, وإعطاء الحسنات, وكشف السيئات والكربات, وأن أحدا من الخلق, ليس بيده من هذا شيء, إلا ما أجراه الله على يده, جزم بأن الله هو الحق, وأن ما يدعون من دونه, هو الباطل.
ولهذا - لما بين الدليل الواضح قال بعده:-
وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ↓
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ↓
أي: " قُلْ " يا أيها الرسول, لما تبين البرهان " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ " أي: الخبر الصادق المؤيد بالبراهين, الذي لا شك فيه, بوجه من الوجوه, وهو واصل إليكم من ربكم, الذي من أعظم تربيته لكم, أن أنزل إليكم هذا القرآن, الذي فيه تبيان لكل شيء, وفيه من أنواع الأحكام والمطالب الإلهية, والأخلاق المرضية, ما فيه أعظم تربية لكم, وإحسان منه إليكم, فقد تبين الرشد من الغي, ولم يبق لأحد شبهة.
" فَمَنِ اهْتَدَى " بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه, وآثره على غيره " فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ " والله تعالى غني عن عباده, وإنما ثمرة أعمالهم, راجعة إليهم.
" وَمَنْ ضَلَّ " عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق, أو عن العمل به.
" فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا " ولا يضر الله شيئا, فلا يضر إلا لنفسه.
" وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ " فأحفظ أعمالكم وأحاسبكم عليها, وإنما أنا لكم نذير مبين, والله عليكم وكيل.
فانظروا لأنفسكم, ما دمتم في مدة الإمهال.
" فَمَنِ اهْتَدَى " بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه, وآثره على غيره " فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ " والله تعالى غني عن عباده, وإنما ثمرة أعمالهم, راجعة إليهم.
" وَمَنْ ضَلَّ " عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق, أو عن العمل به.
" فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا " ولا يضر الله شيئا, فلا يضر إلا لنفسه.
" وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ " فأحفظ أعمالكم وأحاسبكم عليها, وإنما أنا لكم نذير مبين, والله عليكم وكيل.
فانظروا لأنفسكم, ما دمتم في مدة الإمهال.
" وَاتَّبَعَ " أيها الرسول " مَا يُوحَى إِلَيْكَ " علما, وعملا, وحالا, ودعوة إليه.
" وَاصْبِرْ " على ذلك, فإن هذا, أعلى أنواع الصبر, وأن عاقبته حميدة, فلا تكسل, ولا تضجر, بل دم على ذلك, واثبت.
" حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ " بينك وبين من كذبك " وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ " فإن حكمه, مشتمل على العدل التام, والقسط الذي يحمد عليه.
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه, وثبت على الصراط المستقيم, حتى أظهر الله دينه على سائر الأديان, ونصره على أعدائه بالسيف والسنان بعد ما نصره الله عليهم, بالحجة والبرهان.
فلله الحمد, والثناء الحسن, كما ينبغي لجلاله, وعظمته, وكماله, وسعة إحسانه.
تم تفسير سورة يونس - والحمد لله رب العالمين
" وَاصْبِرْ " على ذلك, فإن هذا, أعلى أنواع الصبر, وأن عاقبته حميدة, فلا تكسل, ولا تضجر, بل دم على ذلك, واثبت.
" حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ " بينك وبين من كذبك " وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ " فإن حكمه, مشتمل على العدل التام, والقسط الذي يحمد عليه.
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه, وثبت على الصراط المستقيم, حتى أظهر الله دينه على سائر الأديان, ونصره على أعدائه بالسيف والسنان بعد ما نصره الله عليهم, بالحجة والبرهان.
فلله الحمد, والثناء الحسن, كما ينبغي لجلاله, وعظمته, وكماله, وسعة إحسانه.
تم تفسير سورة يونس - والحمد لله رب العالمين