الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَسورة يونس الآية رقم 31
أي: قل لهؤلاء الذين أشركوا بالله, ما لم ينزل به سلطانا - محتجا عليهم بما أقروا به, من توحيد الربوبية, على ما أنكروه من توحيد الألوهية- " قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " بإنزال الأرزاق من السماء, وإخراج أنواعها من الأرض, وتيسير أسبابها فيها؟ " أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ " أي: من هو الذي خلقهما وهو مالكهما؟.
وخصهما بالذكر, من باب التنبيه على المفضول بالفاضل, ولكمال شرفهما ونفعهما.
" وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ " كإخراج أنواع الأشجار والنبات, من الحبوب والنوى, وإخراج المؤمن من الكافر, والطائر من البيضة, ونحو ذلك.
" وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ " عكس هذه المذكورات.
" وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ " في العالم العلوي والسفلي, وهذا شامل لجميع أنواع التدابير الإلهية.
فإنك إذا سألتهم عن ذلك " فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ " لأنهم يعترفون بجميع ذلك, وأن الله لا شريك له في شيء من المذكورات.
" فَقُلْ " لهم إلزاما بالحجة " أَفَلَا تَتَّقُونَ " الله فتخلصون له العبادة, وحده لا شريك له, وتخلعون ما تعبدونه من دونه, من الأنداد والأوثان.
فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَسورة يونس الآية رقم 32
" فَذَلِكُمُ " الذي وصف نفسه بما وصفها به " اللَّهُ رَبُّكُمْ " أي: المألوه المعبود المحمود, المربي جميع الخلق بالنعم وهو " الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ " .
فإنه تعالى, المنفرد بالخلق والتدبير لجميع الأشياء, الذي ما بالعباد من نعمة, إلا منه, ولا يأتي بالحسنات إلا هو, ولا يدفع السيئات إلا هو, ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العظيمة, والجلال والإكرام.
" فَأَنَّى تُصْرَفُونَ " عن عبادة من هذا وصفه, إلى عبادة الذي ليس له من وجوده إلا العدم, ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا, ولا موتا, ولا حياة ولا نشورا.
فليس له من الملك مثقال ذرة, ولا شركة له بوجه من الوجوه, ولا يشفع عند الله إلا بإذنه.
فتبا لمن أشرك به, وويحا لمن كفر به.
لقد عدموا عقولهم, بعد أن عدموا أديانهم, بل فقدوا دنياهم وأخراهم.
كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَسورة يونس الآية رقم 33
ولهذا قال تعالى عنهم: " كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " بعد أن أراهم الله من الآيات البينات والبراهين النيرات, ما فيه عبرة لأولي الألباب, وموعظة للمتقين وهدى للعالمين.
قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَسورة يونس الآية رقم 34
يقول تعالى - مبينا عجز آلهة المشركين, وعدم اتصافها, بما يوجب اتخاذها آلهة مع الله: " قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ " أي يبتديه " ثُمَّ يُعِيدُهُ " .
وهذا استفهام, بمعنى النفي والتقرير أي: ما منهم أحد يبدأ الخلق ثم يعيده, وهي أضعف من ذلك, وأعجز.
" قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ " من غير مشارك, ولا معاون له على ذلك.
" فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ " أي: تصرفون, وتنحرفون عن عبادة المنفرد بالابتداء, والإعادة, إلى عبادة من لا يخلق شيئا وهم يخلقون.
" قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ " ببيانه وإرشاده, أو بإلهامه وتوفيقه.
قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّي إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَسورة يونس الآية رقم 35
" قُلِ اللَّهُ " وحده " يَهْدِي لِلْحَقِّ " بالأدلة والبراهين, وبالإلهام والتوفيق, والإعانة إلى سلوك أقوم طريق.
" أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي " أي: لا يهتدي " إِلَّا أَنْ يُهْدَى " لعدم علمه, ولضلاله, وهي شركاؤهم, التي لا تهدي ولا تهتدي إلا أن تهدى " فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ " أي: أيّ شيء جعلكم تحكمون هذا الحكم الباطل, بصحة عبادة أحد مع الله, بعد ظهور الحجة والبرهان, أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده.
فإذا تبين أنه ليس في آلهتهم التي يعبدون مع الله, أوصافا معنوية, ولا أوصافا فعلية, تقتضي أن تعبد مع الله, بل هي متصفة بالنقائص الموجبة لبطلان إلهيتها, فلأي شيء جعلت مع الله آلهة؟ فالجواب: أن هذا من تزيين الشيطان للإنسان, أقبح البهتان, وأضل الضلال, حق اعتقد ذلك وألفه, وظنه حقا, وهو لا شيء.
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَسورة يونس الآية رقم 36
ولهذا قال: " وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ " أي: أكثر الذين يدعون من دون الله شركاء.
" إِلَّا ظَنًّا " أي: ما يتبعون في الحقيقة شركاء لله, فإنه ليس لله شريك أصلا, عقلا, ولا نقلا, وإنما يتبعون الظن " وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا " .
فسموها آلهة, وعبدوها مع الله, " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " .
" إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ " وسيجازيهم على ذلك بالعقوبة البليغة.
وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَسورة يونس الآية رقم 37
يقول تعالى: " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ " أي: غير ممكن ولا متصور, أن يفترى هذا القرآن على الله, لأنه الكتاب العظيم, الذي " لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ " : وهو الكتاب الذي " لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا " .
وهو الكتاب الذي تكلم به رب العالمين.
فكيف يقدر أحد من الخلق, أن يتكلم بمثله, أو بما يقاربه, والكلام تابع لعظمة المتكلم ووصفه؟!!.
فإن كان أحد يماثل الله في عظمته, وأوصاف كماله, أمكن أن يأتي بمثل هذا القرآن.
ولو تنزلنا على الفرض والتقدير, فتقوله أحد على رب العالمين, لعاجله بالعقوبة, وبادره بالنكال.
" وَلَكِنْ " الله أنزل هذا الكتاب, رحمة للعالمين, وحجة على العباد أجمعين.
أنزله " تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ " من كتب الله السماوية, بأن وافقها, وصدقها بما شهدت به, وبشرت بنزوله, فوقع كما أخبرت.
" وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ " للحلال والحرام, والأحكام الدينية والقدرية, والإخبارات الصادقة.
" لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " أي: لا شك ولا مرية فيه, بوجه من الوجوه.
بل هو الحق اليقين " تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " الذي ربى جميع الخلق بنعمه.
ومن أعظم أنواع تربيته, أن أنزل عليهم هذا الكتاب, الذي فيه مصالحهم الدينية والدنيوية, المشتمل على مكارم الأخلاق, ومحاسن الأعمال.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَسورة يونس الآية رقم 38
" أَمْ يَقُولُونَ " أي المكذبون به, عنادا وبغيا: " افْتَرَاهُ " محمد على الله, واختلقه.
" قُلْ " لهم - ملزما لهم بشيء - إن قدروا عليه, أمكن ما ادعوه, وإلا كان قولهم باطلا.
" فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " يعاونكم على الإتيان بسورة مثله, وهذا محال.
ولو كان ممكنا, لادعوا قدرتهم على ذلك, ولأتوا بمثله.
ولكن لما بان عجزهم, تبين أن ما قالوه باطل, لا حظ له من الحجة.
بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَسورة يونس الآية رقم 39
والذي حملهم على التكذيب بالقرآن, المشتمل على الحق, الذي لا حق فوقه, أنهم لم يحيطوا به علما.
فلو أحاطوا به علما, وفهموه حق فهمه, لأذعنوا بالتصديق به.
وكذلك, إلى الآن, لم يأتهم تأويله الذي وعدهم أن ينزل بهم العذاب ويحل بهم النكال.
وهذا التكذيب الصادر منهم, من جنس تكذيب من قبلهم.
ولهذا قال: " كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ " وهو الهلاك, الذي لم يبق منهم أحدا.
فليحذر هؤلاء, أن يستمروا على تكذيبهم, فيحل بهم, ما أحل بالأمم المكذبين, والقرون المهلكين.
وفي هذا دليل على وجوب التثبت في الأمور, وأنه لا ينبغي للإنسان أن يبادر بقبول شيء أو رده, قبل أن يحيط به علما.
وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَسورة يونس الآية رقم 40
" وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ " أي: بالقرآن وما جاء به.
" وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ " وهم الذين لا يؤمنون به على وجه الظلم, والعناد, والفساد, فسيجازيهم على فسادهم بأشد العذاب.
وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَسورة يونس الآية رقم 41
" وَإِنْ كَذَّبُوكَ " فاستمر على دعوتك, وليس عليك من حسابهم من شيء, وما من حسابك عليهم من شيء, لكل عمله.
" فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ " .
كما قال تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا " .
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَسورة يونس الآية رقم 42
يخبر تعالى عن بعض المكذبين للرسول, ولما جاء به.
وأن منهم " مَنْ يَسْتَمِعُونَ " إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وقت قراءته للوحي, لا على وجه الاسترشاد, بل على وجه التفرج والتكذيب, وتطلب العثرات, وهذا استماع, غير نافع, ولا مجد على أهله خيرا.
لا جرم, انسد عليهم باب التوفيق, وحرموا من فائدة الاستماع.
ولهذا قال " أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ " .
وهذا الاستفهام, بمعنى النفي المتقرر.
أي: لا تسمع الصم, الذين لا يستمعون القول, ولو جهرت به, وخصوصا إذا كان عقلهم معدوما.
فإذا كان من المحال إسماع الأصم, الذي لا يعقل, للكلام, فهؤلاء المكذبون, كذلك, ممتنع إسماعك إياهم, إسماعا ينتفعون به.
وأما سماع الحجة, فقد سمعوا ما تقوم عليهم به حجة الله البالغة.
فهذا طريق عظيم, من طرق العلم, قد انسد عليهم, وهو طريق المسموعات المتعلقة بالخير.
ثم ذكر انسداد الطريق الثاني, وهو: طريق النظر فقال:
وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَسورة يونس الآية رقم 43
" وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ " فلا يفيدهم نظرهم إليك, ولا استراحوا لك شيئا.
فكما أنك لا تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون, فكذلك لا تهدي هؤلاء.
فإذا فسدت عقولهم, وأسماعهم, وأبصارهم, التي هي الطرق الموصلة إلى العلم ومعرفة الحقائق, فأين الطريق الموصل لهم إلى الحق؟.
ودل قوله " وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ " الآية, أن النظر إلى حالة النبي صلى الله عليه وسلم, وهديه, وأخلاقه, وأعماله, وما يدعو إليه من أعظم الأدلة على صدقه, وصحة ما جاء به, وأنه يكفي البصير عن غيره من الأدلة.
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَسورة يونس الآية رقم 44
وقوله: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا " فلا يزيد في سيئاتهم, ولا ينقص من حسناتهم.
" وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " يجيئهم الحق, فلا يقبلونه, فيعاقبهم الله بعد ذلك, بالطبع على قلوبهم, والختم على أسماعهم وأبصارهم.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَسورة يونس الآية رقم 45
يخبر تعالى, عن سرعة انقضاء الدنيا, وأن الله تعالى, إذا حشر الناس, وجمعهم ليوم لا ريب فيه كأنهم ما لبثوا إلا ساعة من نهار, وكأنه, ما مر عليهم نعيم ولا بؤس.
وهم يتعارفون بينهم, كحالهم في الدنيا.
ففي هذا اليوم, يربح المتقون, ويخسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين, إلى الصراط المستقيم, والدين القويم, حيث فاتهم النعيم, واستحقوا دخول النار.
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَسورة يونس الآية رقم 46
أي: لا تحزن أيها الرسول, على هؤلاء المكذبين, ولا تستعجل لهم, فإنهم لا بد أن يصيبهم الذي نعدهم من العذاب.
إما في الدنيا, فتراه بعينك, وتقر به نفسك.
وإما في الآخرة بعد الوفاة, فإن مرجعهم إلى الله, وسينبئهم بما كانوا يعملون, أحصاه ونسوه, والله على كل شيء شهيد.
ففيه الوعيد الشديد لهم, والتسلية للرسول الذي كذبه قومه وعاندوه.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَسورة يونس الآية رقم 47
يقول تعالى: " وَلِكُلِّ أُمَّةٍ " من الأمم الماضية " رَسُولٌ " يدعوهم إلى توحيد الله ودينه.
" فَإِذَا جَاءَ " هم " رَسُولُهُمْ " بالآيات, صدقه بعضهم, وكذبه آخرون.
فيقضي الله بينهم بالقسط, بنجاة المؤمنين, وإهلاك المكذبين " وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " بأن يعذبوا قبل إرسال الرسول, وبيان الحجة, أو يعذبوا بغير جرمهم.
فليحذر المكذبون لك, من مشابهة الأمم المهلكين, فيحل بهم, ما حل بأولئك.
ولا يستبطئوا العقوبة ويقولوا: " مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " فإن هذا ظلم منهم, حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم.
فإنه ليس له من الأمر شيء, وإنما عليه البلاغ والبيان للناس.
وأما حسابهم, وإنزال العذاب عليهم, فمن الله تعالى, ينزل عليهم إذا جاء الأجل, الذي أجله فيه, والوقت الذي قدره فيه, الموافق لحكمته الإلهية.
فإذا جاء ذلك الوقت, لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
فليحذر المكذبون من الاستعجال, فإنهم مستعجلون بعذاب الله, الذي إذا نزل, لا يرد بأسه عن القوم المجرمين, ولهذا قال: " قُلْ أَرَأَيْتُمْ " إلى " تَكْسِبُونَ " .
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَسورة يونس الآية رقم 48
قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَسورة يونس الآية رقم 49
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَسورة يونس الآية رقم 50
يقول تعالى " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا " وقت نومكم بالليل " أَوْ نَهَارًا " في وقت غفلتكم " مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ " أي: أي بشارة استعجلوا بها, وأي عقاب ابتدروه؟.
أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَسورة يونس الآية رقم 51
" أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ " فإنه لا ينفع الإيمان حين حلول عذاب الله, ويقال لهم - توبيخا وعتابا في تلك الحال, التي زعموا أنهم يؤمنون.
" الْآنَ " تؤمنون في حال الشدة والمشقة؟ " وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ " فإن سنة الله في عباده أنه يعتبهم إذا استعتبوه قبل وقوع العذاب.
فإذا وقع العذاب, لا ينفع نفسا إيمانها, كما قال تعالى عن فرعون, لما أدركه الغرق " قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ " وأنه يقال له " الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " .
وقال تعالى: " فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ " .
وقال هنا " أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ " تدعون الإيمان.
" وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ " فهذا ما عملت أيديكم, وهذا ما استعجلتم به.
ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَسورة يونس الآية رقم 52
" ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا " حين يوفون أعمالهم يوم القيامة: " ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ " أي: العذاب الذي تخلدون فيه, ولا يفتر عنكم ساعة.
" هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ " من الكفر والتكذيب والمعاصي.
وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَسورة يونس الآية رقم 53
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: " وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ " أي: يستخبرك المكذبون على وجه التعنت والعناد, لا على وجه التبين والاسترشاد.
" أَحَقٌّ هُوَ " اى: أصحيح حشر العباد, وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد, وجزاء العباد بأعمالهم, إن خيرا فخير, وإن شرا فشر؟ " قُلْ " لهم مقسما على صحته, مستدلا عليه بالدليل الواضح والبرهان: " إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ " لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه.
" وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ " لله أن يبعثكم.
فكما ابتدأ خلقكم, ولم تكونوا شيئا, كذلك يعيدكم مرة أخرى, ليجازيكم بأعمالكم.
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَسورة يونس الآية رقم 54
وإذا كانت القيامة " وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ " بالكفر والمعاصي.
جميع " مَا فِي الْأَرْضِ " من ذهب وفضة وغيرهما, لتفتدي به من عذاب الله " لَافْتَدَتْ بِهِ " ولما نفعها ذلك, وإنما النفع والضر, والثواب والعقاب, على الأعمال الصالحة, والسيئة.
" وَأَسَرُّوا " أي: الذين ظلموا " النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ " ندموا على ما قدموا, ولات حين مناص.
" وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ " أي: العدل التام, الذي لا ظلم ولا جور فيه بوجه من الوجوه.
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَسورة يونس الآية رقم 55
" أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " يحكم فيهم بحكمه الديني والقدري, وسيحكم فيهم بحكمه الجزائي.
ولهذا قال: " أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " فلذلك لا يستعدون للقاء الله, بل ربما لم يؤمنوا به, وقد تواترت عليه الأدلة القطعية, والبراهين النقلية والعقلية.
هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَسورة يونس الآية رقم 56
" هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ " أي: هو المتصرف بالإحياء والإماتة, وسائر أنواع التدابير, لا شريك له في ذلك.
" وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " يوم القيامة, فيجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَسورة يونس الآية رقم 57
يقول تعالى - مرغبا الخلق, في الإقبال على هذا الكتاب الكريم, بذكر أوصافه الحسنة الضرورية للعباد فقال: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ " أي: تعظكم, وتنذركم عن الأعمال الموجبة لسخط الله, المقتضية لعقابه, وتحذركم عنها ببيان آثارها ومفاسدها.
" وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ " وهو: هذا القرآن, شفاء لما في الصدور, من أمراض الشهوات الصادرة عن الانقياد للشرع, وأمراض الشبهات, القادحة في العلم اليقيني.
فإن ما فيه من المواعظ, والترغيب, والترهيب, والوعد والوعيد, مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة.
وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير, والرهبة عن الشر, ونمتا على تكرر ما يرد إليها, من معاني القرآن, أوجب ذلك, تقديم مراد الله على مراد النفس, وصار ما يرضي الله, أحب إلى العبد من شهوة نفسه.
وكذلك ما فيه, من البراهين, والأدلة, التي صرفها الله, غاية التصريف, وبينها أحسن بيان, مما يزيل الشبه القادحة في الحق, ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين.
وإذا صح القلب من مرضه, ورفل بأثواب العافية, تبعته الجوارح كلها, فإنها تصلح بصلاحه, وتفسد بفساده.
" وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ " فالهدى هو, العلم بالحق والعمل به.
والرحمة هي: ما يحصل من الخير والإحسان, والثواب العاجل والآجل, لمن اهتدى به.
فالهدى, أجل الوسائل, والرحمة, أكمل المقاصد والرغائب.
ولكن لا يهتدي به, ولا يكون رحمة إلا في حق المؤمنين.
وإذا حصل الهدى, وحلت الرحمة الناشئة عنه, حصلت السعادة والفلاح, والربح والنجاح, والفرح والسرور.
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَسورة يونس الآية رقم 58
ولذلك أمر تعالى بالفرح بذلك فقال: " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ " الذي هو: القرآن, الذي هو أعظم نعمة ومنة, وفضل تفضل الله به على عباده " وَرَحْمَتُهُ " الدين والإيمان, وعبادة الله ومحبته ومعرفته.
" فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " من متاع الدنيا ولذاتها.
فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين, لا نسبة بينها, وبين جميع ما في الدنيا, مما هو مضمحل زائل عن قريب.
وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته, لأن ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها, وشكرها لله تعالى وقوتها, وشدة الرغبة في العلم والإيمان, الداعي للازدياد منهما, وهذا فرح محمود.
بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها, أو الفرح بالباطل, فإن هذا مذموم.
كما قال تعالى عن قوم قارون له: " لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ " .
وكما قال تعالى, في الذين فرحوا بما عندهم من الباطل, المناقض, لما جاءت به الرسل: " فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ " .
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَسورة يونس الآية رقم 59
يقول تعالى - منكرا على المشركين, الذين ابتدعوا تحريم ما أحل الله, وتحليل ما حرمه: " قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ " يعني أنواع الحيوانات المحللة, التي جعلها الله رزقا لهم ورحمة في حقهم.
" فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا " قل لهم - موبخا على هذا القول الفاسد-: " آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ " ومن المعلوم, أن الله لم يأذن لهم, فعلم أنهم مفترون.
وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَسورة يونس الآية رقم 60
" وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أن يفعل الله بهم من النكال, ويحل بهم من العقاب.
قال تعالى: " وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ " .
" إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ " كثير, وذو إحسان جزيل.
" وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ " إما أنهم, لا يقومون بشكرها.
وإما أن يستعينوا بها على معاصيه.
وإما أن يحرموا منها, ويردوا ما منَّ الله به على عباده.
وقليل منهم الشاكر, الذي يعترف بالنعمة, ويثني بها على الله, ويستعين بها على طاعته.
ويستدل بهذه الآية, على أن الأصل في جميع الأطعمة, الحل, إلا ما ورد الشرع بتحريمه, لأن الله أنكر على من حرم الرزق, الذي أنزله لعباده.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4