"أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّم وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا" مَعْدِلًا
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً ↓
"وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْد اللَّه حَقًّا" أَيْ وَعَدَهُمْ اللَّه ذَلِكَ وَحَقّه حَقًّا "وَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَصْدَق مِنْ اللَّه قِيلًا" أَيْ قَوْلًا
لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ↓
وَنَزَلَ لَمَّا افْتَخَرَ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْل الْكِتَاب "لَيْسَ" الْأَمْر مَنَاطًا "بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيّ أَهْل الْكِتَاب" بَلْ بِالْعَمَلِ الصَّالِح "مَنْ يَعْمَل سُوءًا يُجْزَ بِهِ" إمَّا فِي الْآخِرَة أَوْ فِي الدُّنْيَا بِالْبَلَاءِ وَالْمِحَن كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيث "وَلَا يَجِد لَهُ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "وَلِيًّا" يَحْفَظهُ "وَلَا نَصِيرًا" يَمْنَعهُ مِنْهُ
وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ↓
"وَمَنْ يَعْمَل" شَيْئًا "مِنْ الصَّالِحَات مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِن فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِل "الْجَنَّة وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" قَدْر نَقْرَة النَّوَاة
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ↓
"وَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَحْسَن دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهه" أَيْ انْقَادَ وَأَخْلَصَ عَمَله "لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِن" مُوَحِّد "وَاتَّبَعَ مِلَّة إبْرَاهِيم" الْمُوَافِقَة لِمِلَّةِ الْإِسْلَام "حَنِيفًا" حَال أَيْ مَائِلًا عَنْ الْأَدْيَان كُلّهَا إلَى الدِّين الْقَيِّم "وَاِتَّخَذَ اللَّه إبْرَاهِيم خَلِيلًا" صَفِيًّا خَالِص الْمَحَبَّة لَهُ
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض" مُلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا "وَكَانَ اللَّه بِكُلِّ شَيْء مُحِيطًا" عِلْمًا وَقُدْرَة أَيْ لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ↓
"وَيَسْتَفْتُونَك" يَطْلُبُونَ مِنْك الْفَتْوَى "فِي" شَأْن "النِّسَاء" وَمِيرَاثهنَّ "قُلْ" لَهُمْ "اللَّه يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب" الْقُرْآن مِنْ آيَة الْمِيرَاث وَيُفْتِيكُمْ أَيْضًا "فِي يَتَامَى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ" فُرِضَ "لَهُنَّ" مِنْ الْمِيرَاث "وَتَرْغَبُونَ" أَيّهَا الْأَوْلِيَاء عَنْ "أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ" لِدَمَامَتِهِنَّ وَتَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ طَمَعًا فِي مِيرَاثهنَّ أَيْ يُفْتِيكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ "و" فِي "الْمُسْتَضْعَفِينَ" الصِّغَار "مِنْ الْوِلْدَان" أَنْ تُعْطُوهُمْ حُقُوقهمْ "وَأَنْ" يَأْمُركُمْ "تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ" بِالْعَدْلِ فِي الْمِيرَاث وَالْمَهْر "وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِهِ عَلِيمًا" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ↓
"وَإِنْ امْرَأَة" مَرْفُوع بِفِعْلٍ يُفَسِّرهُ "خَافَتْ" تَوَقَّعَتْ "مِنْ بَعْلهَا" زَوْجهَا "نُشُوزًا" تَرَفُّعًا عَلَيْهَا بِتَرْكِ مُضَاجَعَتهَا وَالتَّقْصِير فِي نَفَقَتهَا لِبُغْضِهَا وَطُمُوح عَيْنه إلَى أَجْمَل مِنْهَا "أَوْ إعْرَاضًا" عَنْهَا بِوَجْهِهِ "فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا" فِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الصَّاد وَفِي قِرَاءَة يُصْلِحَا مِنْ: أَصْلَحَ "بَيْنهمَا صُلْحًا" فِي الْقَسْم وَالنَّفَقَة بِأَنْ تَتْرُك لَهُ شَيْئًا طَلَبًا لِبَقَاءِ الصُّحْبَة فَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى الزَّوْج أَنْ يُوَفِّيهَا حَقّهَا أَوْ يُفَارِقهَا "وَالصُّلْح خَيْر" مِنْ الْفُرْقَة وَالنُّشُوز وَالْإِعْرَاض قَالَ تَعَالَى فِي بَيَان مَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْإِنْسَان "وَأُحْضِرَتْ الْأَنْفُس الشُّحّ" شِدَّة الْبُخْل أَيْ جُبِلَتْ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهَا حَاضِرَته لَا تَغِيب عَنْهُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَة لَا تَكَاد تَسْمَح بِنَصِيبِهَا مِنْ زَوْجهَا وَالرَّجُل لَا يَكَاد يَسْمَح عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ إذَا أَحَبَّ غَيْرهَا "وَإِنْ تُحْسِنُوا" عِشْرَة النِّسَاء "وَتَتَّقُوا" الْجَوْر عَلَيْهِنَّ "فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ↓
"وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا" تُسَوُّوا "بَيْن النِّسَاء" فِي الْمَحَبَّة "وَلَوْ حَرَصْتُمْ" عَلَى ذَلِكَ "فَلَا تَمِيلُوا كُلّ الْمَيْل" إلَى الَّتِي تُحِبُّونَهَا فِي الْقَسْم وَالنَّفَقَة "فَتَذَرُوهَا" أَيْ تَتْرُكُوا الْمُمَالَ عَنْهَا "كَالْمُعَلَّقَةِ" الَّتِي لَا هِيَ أَيِّم , وَلَا هِيَ ذَات بَعْل "وَإِنْ تُصْلِحُوا" بِالْعَدْلِ بِالْقَسْمِ "وَتَتَّقُوا" الْجَوْر "فَإِنَّ اللَّه كَانَ غَفُورًا" لِمَا فِي قَلْبكُمْ مِنْ الْمَيْل "رَحِيمًا" بِكُمْ فِي ذَلِكَ
"وَإِنْ يَتَفَرَّقَا" أَيْ الزَّوْجَان بِالطَّلَاق "يُغْنِ اللَّه كُلًّا" عَنْ صَاحِبِهِ "مِنْ سَعَتِهِ" أَيْ فَضْلِهِ بِأَنْ يَرْزُقَهَا زَوْجًا غَيْرَهُ وَيَرْزَقَهُ غَيْرَهَا "وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا" لِخَلْقِهِ فِي الْفَضْلِ "حَكِيمًا" فِيمَا دَبَّرَ لَهُمْ
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ↓
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِين أُوتُوا الْكِتَاب" بِمَعْنَى الْكُتُب "مِنْ قَبْلِكُمْ" أَيْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى "وَإِيَّاكُم" يَا أَهْل الْقُرْآن "أَنْ" أَيْ بِأَنْ "اتَّقُوا اللَّه" خَافُوا عِقَابَهُ بِأَنْ تُطِيعُوه "و" قُلْنَا لَهُمْ وَلَكُمْ "إِنْ تَكْفُرُوا" بِمَا وَصَّيْتُمْ بِهِ "فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض" خَلْقًا وَمُلْكًا وَعَبِيدًا فَلَا يَضُرُّه كُفْرُكُمْ "وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا" عَنْ خَلْقِهِ وَعِبَادَتِهِمْ "حَمِيدًا" مَحْمُودًا فِي صُنْعِهِ بِهِمْ
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ" كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا لِتَقْرِيرِ مُوجَب التَّقْوَى "وَكَفَى بِاللَّه وَكِيلًا" شَهِيدًا بِأَنَّ مَا فِيهِمَا لَهُ .
إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ↓
"إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ" يَا "أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ" بَدَلَكُم
مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ↓
"مَنْ كَانَ يُرِيد" بِعَمَلِهِ "ثَوَاب الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" لِمَنْ أَرَادَه لَا عِنْد غَيْرِهِ فَلَمْ يَطْلُب أَحَدكُمْ الْأَخَسّ وَهَلَّا طَلَبَ الْأَعْلَى بِإِخْلَاصِهِ لَهُ حَيْثُ كَانَ مَطْلَبُهُ لَا يُوجَد إِلَّا عِنْدَه
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ↓
"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ" قَائِمِينَ "بِالْقِسْط" بِالْعَدْل "شُهَدَاء" بِالْحَقِّ "لِلَّهِ وَلَوْ" كَانَتْ الشَّهَادَةُ "عَلَى أَنْفُسِكُمْ" فَاشْهَدُوا عَلَيْهَا بِأَنْ تُقِرُّوا بِالْحَقِّ وَلَا تَكْتُمُوهُ "أَوْ" عَلَى "الْوَالِدَيْن وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ" الْمَشْهُود عَلَيْهِ "غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّه أَوْلَى بِهِمَا" مِنْكُم وَأَعْلَم بِمَصَالِحِهِمَا "فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى" فِي شَهَادَتكُمْ بِأَنْ تُحَابُوا الْغَنِيّ لِرِضَاهُ أَوْ الْفَقِير رَحْمَة لَهُ "أَنْ" لَا "تَعْدِلُوا" تَمِيلُوا عَنْ الْحَقّ "وَإِنْ تَلْوُوا" تُحَرِّفُوا الشَّهَادَة وَفِي قِرَاءَة بِحَذْفِ الْوَاو الْأُولَى تَخْفِيفًا "أَوْ تُعْرِضُوا" عَنْ أَدَائِهَا "فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا" دَاوِمُوا عَلَى الْإِيمَان "بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله" مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْقُرْآن "وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل" عَلَى الرُّسُل بِمَعْنَى الْكُتُب وَفِي قِرَاءَة بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فِي الْفِعْلَيْنِ "وَمَنْ يَكْفُر بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْم الْآخِر فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا" عَنْ الْحَقّ
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ↓
"إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا" بِمُوسَى وَهُمْ الْيَهُود "ثُمَّ كَفَرُوا" بِعِبَادَتِهِمْ الْعِجْل "ثُمَّ آمَنُوا" بَعْده "ثُمَّ كَفَرُوا" بِعِيسَى "ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا" بِمُحَمَّدٍ "لَمْ يَكُنْ اللَّه لِيَغْفِر لَهُمْ" مَا أَقَامُوا عَلَيْهِ "وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا" طَرِيقًا إلَى الْحَقّ
"بَشِّرْ" أَخْبِرْ يَا مُحَمَّد "الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" مُؤْلِمًا هُوَ عَذَاب النَّار
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ↓
"الَّذِينَ" بَدَل أَوْ نَعْت لِلْمُنَافِقِينَ "يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ" لِمَا يَتَوَهَّمُونَ فِيهِمْ مِنْ الْقُوَّة "أَيَبْتَغُونَ" يَطْلُبُونَ "عِنْدهمْ الْعِزَّة" اسْتِفْهَام إنْكَار أَيْ لَا يَجِدُونَ عِنْدهمْ "فَإِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا" فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَا يَنَالهَا إلَّا أَوْلِيَاؤُهُ
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ↓
"وَقَدْ نَزَّلَ" بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُول "عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَاب" الْقُرْآن فِي سُورَة الْأَنْعَام "أَنْ" مُخَفَّفَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ أَنَّهُ "إذَا سَمِعْتُمْ آيَات اللَّه" الْقُرْآن "يُكْفَر بِهَا وَيُسْتَهْزَأ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ" أَيْ الْكَافِرِينَ والْمُسْتَهْزِئِين "حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيث غَيْره إنَّكُمْ إذًا" إنْ قَعَدْتُمْ مَعَهُمْ "مِثْلهمْ" فِي الْإِثْم "إنَّ اللَّه جَامِع الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّم جَمِيعًا" كَمَا اجْتَمَعُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى الْكُفْر وَالِاسْتِهْزَاء
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ↓
"الَّذِينَ" بَدَل مِنْ الَّذِينَ قَبْله "يَتَرَبَّصُونَ" يَنْتَظِرُونَ "بِكُمْ" الدَّوَائِر "فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْح" ظَفَر وَغَنِيمَة "مِنْ اللَّه قَالُوا" لَكُمْ "أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ" فِي الدِّين وَالْجِهَاد فَأَعْطُونَا مِنْ الْغَنِيمَة "وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيب" مِنْ الظَّفَر عَلَيْكُمْ "قَالُوا" لَهُمْ "أَلَمْ نَسْتَحْوِذ" نَسْتَوْلِ "عَلَيْكُمْ" وَنَقْدِر عَلَى أَخْذكُمْ وَقَتْلكُمْ فَأَبْقَيْنَا عَلَيْكُمْ "وَ" أَلَمْ "نَمْنَعكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ" أَنْ يَظْفَر بِتَخْذِيلِهِمْ وَمُرَاسَلَتهمْ بِأَخْبَارِهِمْ فَلَنَا عَلَيْكُمْ الْمِنَّة "فَاَللّه يَحْكُم بَيْنكُمْ" وَبَيْنهمْ "يَوْم الْقِيَامَة" بِأَنْ يُدْخِل وَيُدْخِلهُمْ النَّار "وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا" طَرِيقًا بِالِاسْتِئْصَالِ
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ↓
"إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه" بِإِظْهَارِ خِلَاف مَا أَبْطَنُوهُ مِنْ الْكُفْر لِيَدْفَعُوا عَنْهُمْ أَحْكَامه الدُّنْيَوِيَّة "وَهُوَ خَادِعهمْ" مُجَازِيهمْ عَلَى خِدَاعهمْ فَيُفْتَضَحُونَ فِي الدُّنْيَا بِإِطْلَاعِ اللَّه نَبِيّه عَلَى مَا أَبْطَنُوهُ وَيُعَاقَبُونَ فِي الْآخِرَة "وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاة" مَعَ الْمُؤْمِنِينَ "قَامُوا كُسَالَى" مُتَثَاقِلِينَ "يُرَاءُونَ النَّاس" بِصَلَاتِهِمْ "وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّه" يُصَلُّونَ "إلَّا قَلِيلًا" رِيَاء
مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ↑
"مُذَبْذَبِينَ" مُتَرَدِّدِينَ "بَيْن ذَلِكَ" الْكُفْر وَالْإِيمَان "لَا" مَنْسُوبِينَ "إلَى هَؤُلَاءِ" أَيْ الْكُفَّار "وَلَا إلَى هَؤُلَاءِ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ "وَمَنْ يُضْلِلْ" وَمَنْ يُضْلِلْهُ "اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ سَبِيلًا" طَرِيقًا إلَى الْهُدَى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ" بِمُوَالَاتِهِمْ "سُلْطَانًا مُبِينًا" بُرْهَانًا بَيِّنًا عَلَى نِفَاقكُمْ
"إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك" الْمَكَان "الْأَسْفَل مِنْ النَّار" وَهُوَ قَعْرهَا "وَلَنْ تَجِد لَهُمْ نَصِيرًا" مَانِعًا مِنْ الْعَذَاب
إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ↓
"إلَّا الَّذِينَ تَابُوا" مِنْ النِّفَاق "وَأَصْلَحُوا" عَمَلهمْ "وَاعْتَصَمُوا" وَثِقُوا "بِاَللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينهمْ لِلَّهِ" مِنْ الرِّيَاء "فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ" فِيمَا يُؤْتَوْنَهُ "وَسَوْف يُؤْتِ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا" فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْجَنَّة
"مَا يَفْعَل اللَّه بِعَذَابِكُمْ إنْ شَكَرْتُمْ" نِعَمه "وَآمَنْتُمْ" بِهِ وَالِاسْتِفْهَام بِمَعْنَى النَّفْي أَيْ لَا يُعَذِّبكُمْ "وَكَانَ اللَّه شَاكِرًا" لِأَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِثَابَةِ "عَلِيمًا" بِخَلْقِهِ
لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ↓
"لَا يُحِبّ اللَّه الْجَهْر بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل" مِنْ أَحَد أَيْ يُعَاقِبهُ عَلَيْهِ "إلَّا مَنْ ظُلِمَ" فَلَا يُؤَاخِذهُ بِالْجَهْرِ بِهِ بِأَنْ يُخْبِر عَنْ ظُلْم ظَالِمه وَيَدْعُو عَلَيْهِ "وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا" لِمَا يُقَال "عَلِيمًا" بِمَا يَفْعَل
إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ↓
"إنْ تُبْدُوا" تُظْهِرُوا. "خَيْرًا" مِنْ أَعْمَال الْبِرّ "أَوْ تُخْفُوهُ" تَعْمَلُوهُ سِرًّا "أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء" ظُلْم
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ↓
"إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْن اللَّه وَرُسُله" بِأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ دُونهمْ "وَيَقُولُونَ نُؤْمِن بِبَعْضٍ" مِنْ الرُّسُل "وَنَكْفُر بِبَعْضٍ" مِنْهُمْ "وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْن ذَلِكَ" الْكُفْر وَالْإِيمَان "سَبِيلًا" طَرِيقًا يَذْهَبُونَ إلَيْهِ