إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ↓
"إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ" وَهِيَ مَا وَرَدَ عَلَيْهَا وَعِيد كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَعَنْ ابْن عَبَّاس هِيَ إلَى السَّبْعمِائَةِ أَقْرَب "نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ" الصَّغَائِر بِالطَّاعَاتِ "وَنُدْخِلكُمْ مُدْخَلًا" بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْحهَا أَيْ إدْخَالًا أَوْ مَوْضِعًا "كَرِيمًا" هُوَ الْجَنَّة
وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ↓
"وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّه بِهِ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض" مِنْ جِهَة الدُّنْيَا أَوْ الدِّين لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَى التَّحَاسُد وَالتَّبَاغُض "لِلرِّجَالِ نَصِيب" ثَوَاب "مِمَّا اكْتَسَبُوا" بِسَبَبِ مَا عَمِلُوا مِنْ الْجِهَاد وَغَيْره "وَلِلنِّسَاءِ نَصِيب مِمَّا اكْتَسَبْنَ" مِنْ طَاعَة أَزْوَاجهنَّ وَحِفْظ فُرُوجهنَّ نَزَلَتْ لَمَّا قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : لَيْتَنَا كُنَّا رِجَالًا فَجَاهَدْنَا وَكَانَ لَنَا مِثْل أَجْر الرِّجَال "وَسَأَلُوا" بِهَمْزَةٍ وَدُونهَا "اللَّه مِنْ فَضْله" مَا احْتَجْتُمْ إلَيْهِ يُعْطِكُمْ "إنَّ اللَّه كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمًا" وَمِنْهُ مَحَلّ الْفَضْل وَسُؤَالكُمْ
وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ↓
"وَلِكُلٍّ" مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء "جَعَلْنَا مَوَالِي" عَصَبَة يُعْطَوْنَ "مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ" لَهُمْ مِنْ الْمَال "وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ" بِأَلِفٍ وَدُونهَا "أَيْمَانكُمْ" جَمْع يَمِين بِمَعْنَى الْقَسْم أَوْ الْيَد أَيْ الْحُلَفَاء الَّذِينَ عَاهَدْتُمُوهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّة عَلَى النُّصْرَة وَالْإِرْث "فَآتُوهُمْ" الْآن "نَصِيبهمْ" حُظُوظهمْ مِنْ الْمِيرَاث وَهُوَ السُّدُس "إنَّ اللَّه كَانَ عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيدًا" مُطَلِّعًا وَمِنْهُ حَالكُمْ وَهَذَا مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ "وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ"
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ↓
"الرِّجَال قَوَّامُونَ" مُسَلَّطُونَ "عَلَى النِّسَاء" يُؤَدِّبُونَهُنَّ وَيَأْخُذُونَ عَلَى أَيْدِيهنَّ "بِمَا فَضَّلَ اللَّه بَعْضهمْ عَلَى بَعْض" أَيْ بِتَفْضِيلِهِ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ بِالْعِلْمِ وَالْعَقْل وَالْوِلَايَة وَغَيْر ذَلِكَ "وَبِمَا أَنْفَقُوا" عَلَيْهِنَّ "مِنْ أَمْوَالهمْ فَالصَّالِحَات" مِنْهُنَّ "قَانِتَات" مُطِيعَات لِأَزْوَاجِهِنَّ "حَافِظَات لِلْغَيْبِ" أَيْ لِفُرُوجِهِنَّ وَغَيْرهَا فِي غَيْبَة أَزْوَاجهنَّ "بِمَا حَفِظَ" لَهُنَّ "اللَّه" حَيْثُ أَوْصَى عَلَيْهِنَّ الْأَزْوَاج "وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ" عِصْيَانهنَّ لَكُمْ بِأَنْ ظَهَرَتْ أَمَارَته "فَعِظُوهُنَّ" فَخَوِّفُوهُنَّ اللَّه "وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع" اعْتَزِلُوا إلَى فِرَاش آخَر إنْ أَظْهَرْنَ النُّشُوز "وَاضْرِبُوهُنَّ" ضَرْبًا غَيْر مُبْرِّح إنْ لَمْ يَرْجِعْنَ بِالْهِجْرَانِ "فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ" فِيمَا يُرَاد مِنْهُنَّ "فَلَا تَبْغُوا" تَطْلُبُوا "عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا" طَرِيقًا إلَى ضَرْبهنَّ ظُلْمًا "إنَّ اللَّه كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" فَاحْذَرُوهُ أَنْ يُعَاقِبكُمْ إنْ ظَلَمْتُمُوهُنَّ
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ↓
"وَإِنْ خِفْتُمْ" عَلِمْتُمْ "شِقَاق" خِلَاف "بَيْنهمَا" بَيْن الزَّوْجَيْنِ وَالْإِضَافَة لِلِاتِّسَاعِ أَيْ شِقَاقًا بَيْنهمَا "فَابْعَثُوا" إلَيْهِمَا بِرِضَاهُمَا "حَكَمًا" رَجُلًا عَدْلًا "مِنْ أَهْله" أَقَارِبه "وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا" وَيُوَكِّل الزَّوْج حُكْمه فِي طَلَاق وَقَبُول عِوَض عَلَيْهِ وَتُوَكِّل هِيَ حُكْمهَا فِي الِاخْتِلَاع فَيَجْتَهِدَانِ وَيَأْمُرَانِ الظَّالِم بِالرُّجُوعِ أَوْ يُفَرِّقَانِ إنْ رَأَيَاهُ قَالَ تَعَالَى "إنْ يُرِيدَا" أَيْ الْحَكَمَانِ "إصْلَاحًا يُوَفِّق اللَّه بَيْنهمَا" بَيْن الزَّوْجَيْنِ أَيْ يُقْدِرهُمَا عَلَى مَا هُوَ الطَّاعَة مِنْ إصْلَاح أَوْ فِرَاق "إنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا" بِكُلِّ شَيْء "خَبِيرًا" بِالْبَوَاطِنِ كَالظَّوَاهِرِ
وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ↓
"وَاعْبُدُوا اللَّه" وَحِّدُوهُ "وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" أَحْسِنُوا "وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا" بَرًّا وَلِين جَانِب "وَبِذِي الْقُرْبَى" الْقَرَابَة "وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى" الْقَرِيب مِنْك فِي الْجِوَار أَوْ النَّسَب "وَالْجَار الْجُنُب" الْبَعِيد عَنْك فِي الْجِوَار أَوْ النَّسَب "وَالصَّاحِب بِالْجَنْبِ" الرَّفِيق فِي السَّفَر أَوْ صِنَاعَة وَقِيلَ الزَّوْجَة "وَابْن السَّبِيل" الْمُنْقَطِع فِي سَفَره "وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ" مِنْ الْأَرِقَّاء "إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا" مُتَكَبِّرًا "فَخُورًا" عَلَى النَّاس بِمَا أُوتِيَ
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ↓
"الَّذِينَ" مُبْتَدَأ "يَبْخَلُونَ" بِمَا يَجِب عَلَيْهِمْ "وَيَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ" بِهِ "وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله" مِنْ الْعِلْم وَالْمَال وَهُمْ الْيَهُود وَخَبَر الْمُبْتَدَأ لَهُمْ وَعِيد شَدِيد "وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ" بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ "عَذَابًا مُهِينًا" ذَا إهَانَة
وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا ↓
"وَاَلَّذِينَ" عُطِفَ عَلَى الَّذِينَ قَبْله "يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ رِئَاء النَّاس" مُرَائِينَ لَهُمْ "وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر" كَالْمُنَافِقِينَ وَأَهْل مَكَّة "وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَان لَهُ قَرِينًا" صَاحِبًا يَعْمَل بِأَمْرِهِ كَهَؤُلَاءِ "فَسَاءَ" بِئْسَ "قَرِينًا" هُوَ
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا ↓
"وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه" أَيْ أَيّ ضَرَر عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ وَالِاسْتِفْهَام لِلْإِنْكَارِ وَلَوْ مَصْدَرِيَّة أَيْ لَا ضَرَر فِيهِ وَإِنَّمَا الضَّرَر فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ "وَكَانَ اللَّه بِهِمْ عَلِيمًا" فَيُجَازِيهِمْ بِمَا عَمِلُوا
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ↓
"إنَّ اللَّه لَا يَظْلِم" أَحَدًا "مِثْقَال" وَزْن "ذَرَّة" أَصْغَر نَمْلَة بِأَنْ يُنْقِصهَا مِنْ حَسَنَاته أَوْ يَزِيدهَا فِي سَيِّئَاته "وَإِنْ تَكُنْ" الذَّرَّة "حَسَنَة" مِنْ مُؤْمِن وَفِي قِرَاءَة بِالرَّفْعِ فَكَانَ تَامَّة "يُضَاعِفهَا" مِنْ عَشْر إلَى أَكْثَر مِنْ سَبْعمِائَةِ وَفِي قِرَاءَة يُضَعِّفهَا بِالتَّشْدِيدِ "وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه" مِنْ عِنْده مَعَ الْمُضَاعَفَة "أَجْرًا عَظِيمًا" لَا يَقْدِرهُ أَحَد
"فَكَيْفَ" حَال الْكُفَّار "إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ" يَشْهَد عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا وَهُوَ نَبِيّهَا "وَجِئْنَا بِك" يَا مُحَمَّد
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ↓
"يَوْمئِذٍ" يَوْم الْمَجِيء "يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُول لَوْ" أَيْ أَنْ "تُسَوَّى" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِل مَعَ حَذْف إحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأَصْل وَمَعَ إدْغَامهَا فِي السِّين أَيْ تَتَسَوَّى "بِهِمْ الْأَرْض" بِأَنْ يَكُونُوا تُرَابًا مِثْلهَا لِعِظَمِ هَوْله كَمَا فِي آيَة أُخْرَى "وَيَقُول الْكَافِر يَا لَيْتَنِي كُنْت تُرَابًا" "وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا" عَمَّا عَمِلُوهُ وَفِي وَقْت آخَر يَكْتُمُونَهُ وَيَقُولُونَ "وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة" أَيْ لَا تُصَلُّوا "وَأَنْتُمْ سُكَارَى" مِنْ الشَّرَاب لِأَنَّ سَبَب نُزُولهَا صَلَاة جَمَاعَة فِي حَال سُكْر "حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" بِأَنْ تَصِحُّوا "وَلَا جُنُبًا" بِإِيلَاجٍ أَوْ إنْزَال وَنَصْبه عَلَى الْحَال وَهُوَ يُطْلَق عَلَى الْمُفْرَد وَغَيْره "إلَّا عَابِرِي" مُجْتَازِي "سَبِيل" طَرِيق أَيْ مُسَافِرِينَ "حَتَّى تَغْتَسِلُوا" فَلَكُمْ أَنْ تُصَلُّوا , وَاسْتِثْنَاء الْمُسَافِر لِأَنَّ لَهُ حُكْمًا آخَر سَيَأْتِي وَقِيلَ الْمُرَاد النَّهْي عَنْ قُرْبَان مَوَاضِع الصَّلَاة أَيْ الْمَسَاجِد إلَّا عُبُورهَا مِنْ غَيْر مُكْث "وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى" مَرَضًا يَضُرّهُ الْمَاء "أَوْ عَلَى سَفَر" أَيْ مُسَافِرِينَ وَأَنْتُمْ جُنُب أَوْ مُحْدِثُونَ "أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط" هُوَ الْمَكَان الْمُعَدّ لِقَضَاءِ الْحَاجَة أَيْ أَحْدَث "أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء" وَفِي قِرَاءَة بِلَا أَلِف وَكِلَاهُمَا بِمَعْنَى اللَّمْس هُوَ الْجَسّ بِالْيَدِ قَالَهُ ابْن عُمَر وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَأُلْحِق بِهِ الْجَسّ بِبَاقِي الْبَشَرَة وَعَنْ ابْن عَبَّاس هُوَ الْجِمَاع "فَلَمْ تَجِدُوا مَاء" تَتَطَهَّرُونَ بِهِ لِلصَّلَاةِ بَعْد الطَّلَب وَالتَّفْتِيش وَهُوَ رَاجِع إلَى مَا عَدَا الْمَرْضَى "فَتَيَمَّمُوا" اقْصِدُوا بَعْد دُخُول الْوَقْت "صَعِيدًا طَيِّبًا" تُرَابًا طَاهِرًا فَاضْرِبُوا بِهِ ضَرْبَتَيْنِ "فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ" مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ مِنْهُ وَمَسَحَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ ↓
"أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا" حَظًّا "مِنْ الْكِتَاب" وَهُمْ الْيَهُود "يَشْتَرُونَ الضَّلَالَة" بِالْهُدَى "وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيل" تُخْطِئُوا الطَّرِيق الْحَقّ لِتَكُونُوا مِثْلهمْ
"وَاَللَّه أَعْلَم بِأَعْدَائِكُمْ" مِنْكُمْ فَيُخْبِركُمْ بِهِمْ لِتَجْتَنِبُوهُمْ "وَكَفَى بِاَللَّهِ وَلِيًّا" حَافِظًا لَكُمْ مِنْهُمْ "وَكَفَى بِاَللَّهِ نَصِيرًا" مَانِعًا لَكُمْ مِنْ كَيْدهمْ
مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ↓
"مِنْ الَّذِينَ هَادُوا" قَوْم "يُحَرِّفُونَ" يُغَيِّرُونَ "الْكَلِم" الَّذِي أَنْزَلَ اللَّه فِي التَّوْرَاة مِنْ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَنْ مَوَاضِعه" الَّتِي وُضِعَ عَلَيْهَا "وَيَقُولُونَ" لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ "سَمِعْنَا" قَوْلك "وَعَصَيْنَا" أَمْرك "وَاسْمَعْ غَيْر مُسْمَع" حَال بِمَعْنَى الدُّعَاء أَيْ لَا سَمِعْت "وَ" يَقُولُونَ لَهُ "رَاعِنَا" وَقَدْ نُهِيَ عَنْ خِطَابه بِهَا وَهِيَ كَلِمَة سَبّ بِلُغَتِهِمْ "لَيًّا" تَحْرِيفًا "بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا" قَدْحًا "فِي الدِّين" الْإِسْلَام "وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا" بَدَل وَعَصَيْنَا "وَاسْمَعْ" فَقَطْ "وَانْظُرْنَا" اُنْظُرْ إلَيْنَا بَدَل رَاعِنَا "لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ" مِمَّا قَالُوهُ "وَأَقْوَم" أَعْدَل مِنْهُ "وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّه" أَبْعَدهمْ عَنْ رَحْمَته "بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إلَّا قَلِيلًا" مِنْهُمْ كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَام وَأَصْحَابه
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا" مِنْ الْقُرْآن "مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ" مِنْ التَّوْرَاة "مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِس وُجُوهًا" نَمْحُو مَا فِيهَا مِنْ الْعَيْن وَالْأَنْف وَالْحَاجِب "فَنَرُدّهَا عَلَى أَدْبَارهَا" فَنَجْعَلهَا كَالْأَقْفَاءِ لَوْحًا وَاحِدًا "أَوْ نَلْعَنهُمْ" نَمْسَخهُمْ قِرَدَة "كَمَا لَعَنَّا" مَسَخْنَا "أَصْحَاب السَّبْت" مِنْهُمْ "وَكَانَ أَمْر اللَّه" قَضَاؤُهُ "مَفْعُولًا" وَلَمَّا نَزَلَتْ أَسْلَمَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام فَقِيلَ كَانَ وَعِيدًا بِشَرْطٍ فَلَمَّا أَسْلَمَ بَعْضهمْ رُفِعَ وَقِيلَ يَكُون طَمْس وَمَسْخ قَبْل قِيَام السَّاعَة"
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ↓
"إنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك" أَيْ الْإِشْرَاك "بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون" سِوَى ذَلِكَ مِنْ الذُّنُوب "لِمَنْ يَشَاء" الْمَغْفِرَة لَهُ بِأَنْ يُدْخِلهُ الْجَنَّة بِلَا عَذَاب وَمَنْ شَاءَ عَذَّبَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِذُنُوبِهِ ثُمَّ يُدْخِلهُ الْجَنَّة "وَمَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إثْمًا" ذَنْبًا "عَظِيمًا" كَبِيرًا
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ↓
"أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسهمْ" وَهُمْ الْيَهُود حَيْثُ قَالُوا نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ أَيْ لَيْسَ الْأَمْر بِتَزْكِيَتِهِمْ أَنْفُسهمْ "بَلْ اللَّه يُزَكِّي" يُطَهِّر "مَنْ يَشَاء" بِالْإِيمَانِ "وَلَا يُظْلَمُونَ" يُنْقَصُونَ مِنْ أَعْمَالهمْ "فَتِيلًا" قَدْر قِشْرَة النَّوَاة
"اُنْظُرْ" مُتَعَجِّبًا "كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب" بِذَلِكَ "وَكَفَى بِهِ إثْمًا مُبِينًا" بَيِّنًا
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ↓
وَنَزَلَ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَنَحْوه مِنْ عُلَمَاء الْيَهُود لَمَّا قَدِمُوا مَكَّة وَشَاهَدُوا قَتْلَى بَدْر وَحَرَّضُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْأَخْذ بِثَأْرِهِمْ وَمُحَارَبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَاب يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت" صَنَمَانِ لِقُرَيْشٍ , "وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا" أَبِي سُفْيَان وَأَصْحَابه حِين قَالُوا لَهُمْ : أَنَحْنُ أَهْدَى سَبِيلًا وَنَحْنُ وُلَاة الْبَيْت نَسْقِي الْحَاجّ وَنُقْرِي الضَّيْف وَنَفُكّ الْعَانِي وَنَفْعَل . . . أَمْ مُحَمَّد ؟ وَقَدْ خَالَفَ دِين آبَائِهِ وَقَطْع الرَّحِم وَفَارَقَ الْحَرَم "هَؤُلَاءِ" أَيْ أَنْتُمْ "أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا" أَقْوَم طَرِيقًا
"أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن" ـه "اللَّه فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا" مَانِعًا مِنْ عَذَابه
"أَمْ" بَلْ "لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْك" أَيْ لَيْسَ لَهُمْ شَيْء مِنْهُ وَلَوْ كَانَ "فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاس نَقِيرًا" أَيْ شَيْئًا تَافِهًا قَدْر النَّقْرَة فِي ظَهْر النَّوَاة لِفَرْطِ بُخْلهمْ
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ↓
"أَمْ" بَلْ "يَحْسُدُونَ النَّاس" أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله" مِنْ النُّبُوَّة وَكَثْرَة النِّسَاء أَيْ يَتَمَنَّوْنَ زَوَاله عَنْهُ وَيَقُولُونَ لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَاشْتَغَلَ عَنْ النِّسَاء "فَقَدْ آتَيْنَا آل إبْرَاهِيم" جَدّه كَمُوسَى وَدَاوُد وَسُلَيْمَان "الْكِتَاب وَالْحِكْمَة" وَالنُّبُوَّة "وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا" فَكَانَ لِدَاوُدَ تِسْع وَتِسْعُونَ امْرَأَة وَلِسُلَيْمَان أَلْف مَا بَيْن حُرَّة وَسُرِّيَّة
"فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ" بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ" أَعْرَضَ "عَنْهُ" فَلَمْ يُؤْمِن "وَكَفَى بِجَهَنَّم سَعِيرًا" عَذَابًا لِمَنْ لَا يُؤْمِن
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ↓
"إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْف نُصْلِيهِمْ" نُدْخِلهُمْ "نَارًا" يَحْتَرِقُونَ فِيهَا "كُلَّمَا نَضِجَتْ" احْتَرَقَتْ "جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا" بِأَنْ تُعَاد إلَى حَالهَا الْأَوَّل غَيْر مُحْتَرِقَة "لِيَذُوقُوا الْعَذَاب" لِيُقَاسُوا شِدَّته "إنَّ اللَّه كَانَ عَزِيزًا" لَا يُعْجِزهُ شَيْء "حَكِيمًا" فِي خَلْقه
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ↓
"وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا "أبدا لهم فيها" أَزْوَاج مُطَهَّرَة" مِنْ الْحَيْض وَكُلّ قَذَر "وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا" دَائِمًا لَا تَنْسَخهُ شَمْس وَهُوَ ظِلّ الْجَنَّة
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ↓
"إنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَات" أَيْ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوق "إلَى أَهْلهَا" نَزَلَتْ لَمَّا أَخَذَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِفْتَاح الْكَعْبَة مِنْ عُثْمَان بْن طَلْحَة الحجبي سَادِنهَا قَسْرًا لَمَّا قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة عَام الْفَتْح وَمَنَعَهُ وَقَالَ لَوْ عَلِمْت أَنَّهُ رَسُول اللَّه لَمْ أَمْنَعهُ فَأَمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّهِ إلَيْهِ وَقَالَ هَاكَ خَالِدَة تَالِدَة فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ فَقَرَأَ لَهُ عَلِيّ الْآيَة فَأَسْلَمَ وَأَعْطَاهُ عِنْد مَوْته لِأَخِيهِ شَيْبَة فَبَقِيَ فِي وَلَده وَالْآيَة وَإِنْ وَرَدَتْ عَلَى سَبَب خَاصّ فَعُمُومهَا مُعْتَبَر بِقَرِينَةِ الْجَمْع "وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْن النَّاس" يَأْمُركُمْ "أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إنَّ اللَّه نِعِمَّا" فِيهِ إدْغَام مِيم نِعْمَ فِي مَا النَّكِرَة الْمَوْصُوفَة أَيْ نِعْمَ شَيْئًا "يَعِظكُمْ بِهِ" تَأْدِيَة الْأَمَانَة وَالْحُكْم بِالْعَدْلِ "إنَّ اللَّه كَانَ سَمِيعًا" لِمَا يُقَال "بَصِيرًا" بِمَا يُفْعَل
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ↓
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي" أَصْحَاب "الْأَمْر" أَيْ الْوُلَاة "مِنْكُمْ" إذَا أَمَرُوكُمْ بِطَاعَةِ اللَّه وَرَسُوله "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ" اخْتَلَفْتُمْ "فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إلَى اللَّه" أَيْ إلَى كِتَابه "وَالرَّسُول" مُدَّة حَيَاته وَبَعْده إلَى سُنَّته أَيْ اكْشِفُوا عَلَيْهِ مِنْهُمَا "إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر ذَلِكَ" أَيْ الرَّدّ إلَيْهِمَا "خَيْر" لَكُمْ مِنْ التَّنَازُع وَالْقَوْل بِالرَّأْيِ "وَأَحْسَن تَأْوِيلًا" مَآلًا
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا ↓
وَنَزَلَ لَمَّا اخْتَصَمَ يَهُودِيّ وَمُنَافِق فَدَعَا الْمُنَافِق إلَى كَعْب بْن الْأَشْرَف لِيَحْكُم بَيْنهمَا وَدَعَا الْيَهُودِيّ إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيَاهُ فَقَضَى لِلْيَهُودِيِّ فَلَمْ يَرْضَ الْمُنَافِق وَأَتَيَا عُمَر فَذَكَر الْيَهُودِيّ ذَلِكَ فَقَالَ لِلْمُنَافِقِ أَكَذَلِكَ قَالَ نَعَمْ فَقَتَلَهُ "أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَى الطَّاغُوت" الْكَثِير الطُّغْيَان وَهُوَ كَعْب بْن الْأَشْرَف "وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ" وَلَا يُوَالُوهُ "وَيُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُضِلّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا" عَنْ الْحَقّ