أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ↓
"أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْض قَرَارًا" لَا تَمِيد بِأَهْلِهَا "وَجَعَلَ خِلَالهَا" فِيمَا بَيْنهَا "أَنْهَار وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِي" جِبَالًا أَثْبَتَ بِهَا الْأَرْض "وَجَعَلَ بَيْن الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا" بَيْن الْعَذْب وَالْمِلْح لَا يَخْتَلِط أَحَدهمَا بِالْآخَرِ "أَإِلَه مَعَ اللَّه بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ" تَوْحِيده
أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ ↓
"أَمَّنْ يُجِيب الْمُضْطَرّ" الْمَكْرُوب الَّذِي مَسَّهُ الضُّرّ "إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِف السُّوء" عَنْهُ وَعَنْ غَيْره "وَيَجْعَلكُمْ خُلَفَاء الْأَرْض" الْإِضَافَة بِمَعْنَى فِي أَيْ يَخْلُف كُلّ قَرْن الْقَرْن الَّذِي قَبْله "أَإِلَه مَعَ اللَّه قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ" تَتَّعِظُونَ بِالْفَوْقَانِيَّة وَالتَّحْتَانِيَّة وَفِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الذَّال وَمَا زَائِدَة لِتَقْلِيلِ الْقَلِيل
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ↓
"أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ" يُرْشِدكُمْ إلَى مَقَاصِدكُمْ "فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر" بِالنُّجُومِ لَيْلًا وَبِعَلَامَاتِ الْأَرْض نَهَارًا "وَمَنْ يُرْسِل الرِّيَاح بُشْرًا بَيْن يَدَيْ رَحْمَته" قُدَّام الْمَطَر "أَإِلَه مَعَ اللَّه تَعَالَى اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ" بِهِ غَيْره
أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ↓
"أَمَّنْ يَبْدَأ الْخَلْق" فِي الْأَرْحَام مِنْ نُطْفَة "ثُمَّ يُعِيدهُ" بَعْد الْمَوْت وَإِنْ لَمْ تَعْتَرِفُوا بِالْإِعَادَةِ لِقِيَامِ الْبَرَاهِين عَلَيْهَا "وَمَنْ يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء" يَرْزُقكُمْ بِالْمَطَرِ "وَالْأَرْض" بِالنَّبَاتِ "أَإِلَه مَعَ اللَّه" أَيْ لَا يَفْعَل شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ إلَّا اللَّه وَلَا إلَه مَعَهُ "قُلْ" يَا مُحَمَّد "هَاتُوا بُرْهَانكُمْ" حُجَّتكُمْ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" أَنَّ مَعِي إلَهًا فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ وَسَأَلُوهُ عَنْ وَقْت قِيَام السَّاعَة فَنَزَلَ
قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ↓
"قُلْ لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مِنْ الْمَلَائِكَة وَالنَّاس "الْغَيْب" أَيْ مَا غَابَ عَنْهُمْ "إلَّا" لَكِنَّ "اللَّه" يَعْلَمهُ "وَمَا يَشْعُرُونَ" أَيْ كُفَّار مَكَّة كَغَيْرِهِمْ "أَيَّانَ" وَقْت
"بَلْ" بِمَعْنَى هَلْ "ادَّارَكَ" بِوَزْنِ أَكْرَمَ وَفِي قِرَاءَة أُخْرَى ادَّارَكَ بِتَشْدِيدِ الدَّال وَأَصْله تَدَارَكَ أُبْدِلَتْ التَّاء دَالًا وَأُدْغِمَتْ فِي الدَّال وَاجْتُلِبَتْ هَمْزَة الْوَصْل أَيْ بَلَغَ وَلَحِقَ أَوْ تَتَابَعَ وَتَلَاحَقَ "عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة" أَيْ بِهَا حَتَّى سَأَلُوا عَنْ وَقْت مَجِيئِهَا لَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ "بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ" مِنْ عَمَى الْقَلْب وَهُوَ أَبْلَغ مِمَّا قَبْله وَالْأَصْل عَمَيُونَ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّة عَلَى الْيَاء فَنُقِلَتْ إلَى الْمِيم بَعْد حَذْف كَسْرَتهَا
"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا" أَيْضًا فِي إنْكَار الْبَعْث "أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ" مِنْ الْقُبُور
"لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْل إنْ" مَا "هَذَا إلَّا أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ" جَمْع أُسْطُورَة بِالضَّمِّ أَيْ مَا سَطَرَ مِنْ الْكَذِب
"قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرِمِينَ" بِإِنْكَارِهِمْ وَهِيَ هَلَاكهمْ بِالْعَذَابِ
"وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْق مِمَّا يَمْكُرُونَ" تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَا تَهْتَمّ بِمَكْرِهِمْ عَلَيْك فَإِنَّا نَاصِرُوك عَلَيْهِمْ
"وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد" بِالْعَذَابِ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِيهِ
"قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ" قَرُبَ "لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ" فَحَصَلَ لَهُمْ الْقَتْل بِبَدْرٍ وَبَاقِي الْعَذَاب يَأْتِيهِمْ بَعْد الْمَوْت
"وَإِنَّ رَبّك لَذُو فَضْل عَلَى النَّاس" وَمِنْهُ تَأْخِير الْعَذَاب عَنْ الْكُفَّار "وَلَكِنَّ أَكْثَرهمْ لَا يَشْكُرُونَ" فَالْكُفَّار لَا يَشْكُرُونَ تَأْخِير الْعَذَاب لِإِنْكَارِهِمْ وُقُوعه
"وَإِنَّ رَبّك لَيَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ" تُخْفِيه "وَمَا يُعْلِنُونَ" بِأَلْسِنَتِهِمْ
"وَمَا مِنْ غَائِبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض" الْهَاء لِلْمُبَالَغَةِ : أَيّ شَيْء فِي غَايَة الْخَفَاء عَلَى النَّاس "إلَّا فِي كِتَاب مُبِين" بَيِّن هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَمَكْنُون عِلْمه تَعَالَى وَمِنْهُ تَعْذِيب الْكُفَّار
"إنَّ هَذَا الْقُرْآن يَقُصّ عَلَى بَنِي إسْرَائِيل" الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَان نَبِيّنَا "أَكْثَر الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" أَيْ بِبَيَانِ مَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهه الرَّافِع لِلِاخْتِلَافِ بَيْنهمْ لَوْ أَخَذُوا بِهِ وَأَسْلَمُوا
"وَإِنَّهُ لَهُدًى" مِنْ الضَّلَالَة "وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ" مِنْ الْعَذَاب
"إنَّ رَبّك يَقْضِي بَيْنهمْ" كَغَيْرِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة "بِحُكْمِهِ" أَيْ عَدْله "وَهُوَ الْعَزِيز" الْغَالِب "الْعَلِيم" بِمَا يَحْكُم بِهِ فَلَا يُمَكِّن أَحَدًا مُخَالَفَته كَمَا خَالَفَ الْكُفَّار فِي الدُّنْيَا أَنْبِيَاءَهُ
"فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه" ثِقْ بِهِ "إنَّك عَلَى الْحَقّ الْمُبِين" الدِّين الْبَيِّن فَالْعَاقِبَة لَك بِالنَّصْرِ عَلَى الْكُفَّار ثُمَّ ضَرَبَ أَمْثَالًا لَهُمْ بِالْمَوْتَى وَالصُّمّ وَبِالْعُمْيِ
"إنَّك لَا تُسْمِع الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِع الصُّمّ الدُّعَاء إذَا" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بَيْنهَا وَبَيْن الْيَاء
وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ↓
"وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْي عَنْ ضَلَالَتهمْ إنْ" مَا "تُسْمِع" سَمَاع إفْهَام وَقَبُول "إلَّا مَنْ يُؤْمِن بِآيَاتِنَا" الْقُرْآن "فَهُمْ مُسْلِمُونَ" مُخْلِصُونَ بِتَوْحِيدِ اللَّه
وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ↓
"وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ" حَقّ الْعَذَاب أَنْ يَنْزِل بِهِمْ فِي جُمْلَة الْكُفَّار "أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض تُكَلِّمهُمْ" أَيْ تُكَلِّم الْمَوْجُودِينَ حِين خُرُوجهَا بِالْعَرَبِيَّةِ تَقُول لَهُمْ مِنْ جُمْلَة كَلَامهَا عَنَّا "إنَّ النَّاس" كُفَّار مَكَّة وَعَلَى قِرَاءَة فَتْح هَمْزَة إنْ تُقَدَّر الْبَاء بَعْد تَكَلُّمهمْ "كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ" لَا يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ الْمُشْتَمِل عَلَى الْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْعِقَاب وَبِخُرُوجِهَا يَنْقَطِع الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر وَلَا يُؤْمِن كَافِر كَمَا أَوْحَى اللَّه إلَى نُوح "أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِن مِنْ قَوْمك إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ"
"وَ" اُذْكُرْ "يَوْم نَحْشُر مِنْ كُلّ أُمَّة فَوْجًا" جَمَاعَة "مِمَّنْ يَكْذِب بِآيَاتِنَا" وَهُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ الْمُتَّبِعُونَ "فَهُمْ يُوزَعُونَ" أَيْ يُجْمَعُونَ بِرَدِّ آخِرهمْ إلَى أَوَّلهمْ ثُمَّ يُسَاقُونَ
حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ↓
"حَتَّى إذَا جَاءُوا" مَكَان الْحِسَاب "قَالَ" تَعَالَى لَهُمْ "أَكَذَّبْتُمْ" أَنْبِيَائِي "بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا" مِنْ جِهَة تَكْذِيبكُمْ "بِهَا عِلْمًا أَمَّا" فِيهِ إدْغَام مَا الِاسْتِفْهَامِيَّة "ذَا" مَوْصُول أَيْ مَا الَّذِي "كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" مِمَّا أُمِرْتُمْ بِهِ
"وَوَقَعَ الْقَوْل" حُقَّ الْعَذَاب "عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا" أَيْ أَشْرَكُوا "فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ" إذْ لَا حُجَّة لَهُمْ
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ↓
"أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا" خَلَقْنَا "اللَّيْل لِيَسْكُنُوا فِيهِ" كَغَيْرِهِمْ "وَالنَّهَار مُبْصِرًا" بِمَعْنَى يُبْصِر فِيهِ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ "إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات" دَلَالَات عَلَى قُدْرَته تَعَالَى "لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" خُصُّوا بِالذِّكْرِ لِانْتِفَاعِهِمْ بِهَا فِي الْإِيمَان بِخِلَافِ الْكَافِرِينَ
وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ↓
"وَيَوْم يُنْفَخ فِي الصُّور" الْقَرْن النَّفْخَة الْأُولَى مِنْ إسْرَافِيل "فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض" خَافُوا الْخَوْف الْمُفْضِي إلَى الْمَوْت كَمَا فِي آيَة أُخْرَى فَصَعِقَ وَالتَّعْبِير فِيهِ بِالْمَاضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعه "إلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه" أَيْ جِبْرِيل وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيل وَمَلَك الْمَوْت وَعَنْ ابْن عَبَّاس هُمْ الشُّهَدَاء إذْ هُمْ أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ يُرْزَقُونَ "وَكُلّ" تَنْوِينه عِوَض عَنْ الْمُضَاف إلَيْهِ أَيْ وَكُلّهمْ بَعْد إحْيَائِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة "أَتَوْهُ" بِصِيغَةِ الْفِعْل وَاسْم الْفَاعِل "دَاخِرِينَ" صَاغِرِينَ وَالتَّعْبِير فِي الْإِتْيَان بِالْمَاضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعه
وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ↓
"وَتَرَى الْجِبَال" تُبْصِرهَا وَقْت النَّفْخَة "تَحْسَبهَا" تَظُنّهَا "جَامِدَة" وَاقِفَة مَكَانهَا لِعِظَمِهَا "وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السَّحَاب" الْمَطَر إذَا ضَرَبَتْهُ الرِّيح أَيْ تَسِير سَيْره حَتَّى تَقَع عَلَى الْأَرْض فَتَسْتَوِي بِهَا مَبْثُوثَة ثُمَّ تَصِير كَالْعِهْنِ ثُمَّ تَصِير هَبَاء مَنْثُورًا "صُنْع اللَّه" مَصْدَر مُؤَكَّد لِمَضْمُونِ الْجُمْلَة قَبْله أُضِيفَ إلَى فَاعِله بَعْد حَذْف عَامِله أَيْ صَنَعَ اللَّه ذَلِكَ صَنِعًا "الَّذِي أَتْقَنَ" أَحْكَمَ "كُلّ شَيْء" صَنَعَهُ "إنَّهُ خَبِير بِمَا تَفْعَلُونَ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء أَيْ أَعْدَاؤُهُ مِنْ الْمَعْصِيَة وَأَوْلِيَاؤُهُ مِنْ الطَّاعَة
"مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ" أَيْ لَا إلَه إلَّا اللَّه يَوْم الْقِيَامَة "فَلَهُ خَيْر" ثَوَاب "مِنْهَا" أَيْ بِسَبَبِهَا وَلَيْسَ لِلتَّفْضِيلِ إذْ لَا فِعْل خَيْر مِنْهَا وَفِي آيَة أُخْرَى "عَشْر أَمْثَالهَا" "وَهُمْ" الْجَاءُونَ بِهَا "مِنْ فَزَع يَوْمئِذٍ" بِالْإِضَافَةِ وَكَسْر الْمِيم وَفَتْحهَا وَفَزَع مُنَوَّنًا وَفَتْح الْمِيم
وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ↓
"وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ" أَيْ الشِّرْك "فَكُبَّتْ وُجُوههمْ فِي النَّار" بِأَنْ وَلِيَتْهَا وَذُكِرَتْ الْوُجُوه لِأَنَّهَا مَوْضِع الشَّرَف مِنْ الْحَوَاسّ فَغَيْرهَا مِنْ بَاب أَوْلَى وَيُقَال لَهُمْ تَبْكِيتًا "هَلْ" مَا "تُجْزَوْنَ إلَّا" جَزَاء "مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" مِنْ الشِّرْك وَالْمَعَاصِي قُلْ لَهُمْ