قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ ↓
"قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة بِقَلْبِهَا وَاوًا أَيْ أَشِيرُوا عَلَيَّ "فِي أَمْرِي مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا" قَاضِيَته "حَتَّى تَشْهَدُونَ" تُحْضِرُونَ
قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ↓
"قَالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّة وَأُولُوا بَأْس شَدِيد" أَيْ : أَصْحَاب شِدَّة فِي الْحَرْب "وَالْأَمْر إلَيْك فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ" تَأْمُرِينَنَا نُطِعْك
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ↓
"قَالَتْ إنَّ الْمُلُوك إذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا" بِالتَّخْرِيبِ "وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" أَيْ : مُرْسِلُو الْكِتَاب
"وَإِنِّي مُرْسِلَة إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ" مِنْ قَبُول الْهَدِيَّة أَوْ رَدّهَا إنْ كَانَ مَلِكًا قَبْلهَا أَوْ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَلهَا فَأَرْسَلَتْ خَدَمًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا أَلْفًا بِالسَّوِيَّةِ وَخَمْسمِائَةِ لَبِنَة مِنْ الذَّهَب وَتَاجًا مُكَلَّلًا بِالْجَوَاهِرِ وَمِسْكًا وَعَنْبَرًا وَغَيْر ذَلِكَ مَعَ رَسُول بِكِتَابٍ فَأَسْرَعَ الْهُدْهُد إلَى سُلَيْمَان يُخْبِرهُ الْخَبَر فَأَمَرَ أَنْ تُضْرَب لَبِنَات الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنْ تُبْسَط مِنْ مَوْضِعه إلَى تِسْعَة فَرَاسِخ مَيْدَانًا وَأَنْ يَبْنُوا حَوْله حَائِطًا مُشْرَفًا مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنْ يُؤْتَى بِأَحْسَن دَوَابّ الْبَرّ وَالْبَحْر مَعَ أَوْلَاد الْجِنّ عَنْ يَمِين الْمَيْدَان وَشَمَاله
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ↓
"فَلَمَّا جَاءَ" الرَّسُول بِالْهَدِيَّةِ وَمَعَهُ أَتْبَاعه "سُلَيْمَان قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه" مِنْ النُّبُوَّة وَالْمُلْك "خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ" مِنْ الدُّنْيَا "بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ" لِفَخْرِكُمْ بِزَخَارِف الدُّنْيَا
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ↓
"ارْجِعْ إلَيْهِمْ" بِمَا أَتَيْت مِنْ الْهَدِيَّة "فَلْنَأْتِيَنهمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَل" لَا طَاقَة "لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا" مِنْ بَلَد سَبَأ سُمِّيَتْ بِاسْمِ أَبِي قَبِيلَتهمْ "أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ" إنْ لَمْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ فَلَمَّا رَجَعَ إلَيْهَا الرَّسُول بِالْهَدِيَّةِ جَعَلَتْ سَرِيرهَا دَاخِل سَبْعَة أَبْوَاب دَاخِل قَصْرهَا وَقَصْرهَا دَاخِل سَبْعَة قُصُور وَغَلَّقَتْ الْأَبْوَاب وَجَعَلَتْ عَلَيْهَا حَرَسًا وَتَجَهَّزَتْ لِلْمَسِيرِ إلَى سُلَيْمَان لِتَنْظُر مَا يَأْمُرهَا بِهِ فَارْتَحَلَتْ فِي اثْنَيْ عَشَر أَلْف قِيلَ مَعَ كُلّ قَيْل أُلُوف كَثِيرَة إلَى أَنْ قَرُبَتْ مِنْهُ عَلَى فَرْسَخ شَعَرَ بِهَا
"قَالَ يَأَيُّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ" فِي الْهَمْزَتَيْنِ مَا تَقَدَّمَ "يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" مُنْقَادِينَ طَائِعِينَ فَلِي أَخْذه قَبْل ذَلِكَ لَا بَعْده
قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ↓
"قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ" هُوَ الْقَوِيّ الشَّدِيد "أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك" الَّذِي تَجْلِس فِيهِ لِلْقَضَاءِ وَهُوَ مِنْ الْغَدَاة إلَى نِصْف النَّهَار "وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ" أَيْ عَلَى حَمْله "أَمِين" عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْجَوَاهِر وَغَيْرهَا قَالَ سُلَيْمَان أُرِيد أَسْرَع مِنْ ذَلِكَ
قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ↓
"قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب" الْمُنَزَّل وَهُوَ آصف ابْن برخيا كَانَ صِدِّيقًا يَعْلَم اسْم اللَّه الْأَعْظَم الَّذِي إذَا دَعَا بِهِ أُجِيبَ "أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إلَيْك طَرْفك" إذَا نَظَرْت بِهِ إلَى شَيْء فَقَالَ لَهُ اُنْظُرْ إلَى السَّمَاء فَنَظَرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَدَّ بِطَرَفِهِ فَوَجَدَهُ مَوْضُوعًا بَيْن يَدَيْهِ فَفِي نَظَرِهِ إلَى السَّمَاء دَعَا آصف بِالِاسْمِ الْأَعْظَم أَنْ يَأْتِي اللَّه بِهِ فَحَصَلَ بِأَنْ جَرَى تَحْت الْأَرْض حَتَّى نَبَعَ تَحْت كُرْسِيّ سُلَيْمَان "فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا" سَاكِنًا "عِنْده قَالَ هَذَا" أَيْ الْإِتْيَان لِي بِهِ "مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي" لِيَخْتَبِرنِي "أَأَشْكُرُ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْن الْمُسَهَّلَة الْأُخْرَى وَتَرْكه "أَمْ أَكْفُر" النِّعْمَة "وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ" أَيْ لِأَجْلِهَا لِأَنَّ ثَوَاب شُكْره لَهُ "وَمَنْ كَفَرَ" النِّعْمَة "فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّ" عَنْ شُكْره "كَرِيم" بِالْأَفْضَالِ عَلَى مَنْ يَكْفُرهَا
"قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا" أَيْ غَيِّرُوهُ إلَى حَال تَنَكُّره إذَا رَأَتْهُ "نَنْظُر أَتَهْتَدِي" إلَى مَعْرِفَته "أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ" إلَى مَعْرِفَة مَا يُغَيِّر عَلَيْهِمْ قَصَدَ بِذَلِكَ اخْتِبَار عَقْلهَا لَمَّا قِيلَ إنَّ فِيهِ شَيْئًا فَغَيِّرُوهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْص وَغَيْر ذَلِكَ
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ↓
"فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ" لَهَا "أَهَكَذَا عَرْشك" أَيْ أَمِثْل هَذَا عَرْشك "قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ" فَعَرَفَتْهُ وَشَبَّهَتْ عَلَيْهِمْ كَمَا شَبَّهُوا عَلَيْهَا إذْ لَمْ يَقُلْ أَهَذَا عَرْشك وَلَوْ قِيلَ هَذَا قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ سُلَيْمَان : لَمَّا رَأَى لَهَا مَعْرِفَة وَعِلْمًا
"وَصَدَّهَا" عَنْ عِبَادَة اللَّه "مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ↓
"قِيلَ لَهَا" أَيْضًا "اُدْخُلِي الصَّرْح" هُوَ سَطْح مِنْ زُجَاج أَبْيَض شَفَّاف تَحْته مَاء عَذْب جَارٍ فِيهِ سَمَك اصْطَنَعَهُ سُلَيْمَان لَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّ سَاقَيْهَا وَقَدَمَيْهَا كَقَدَمَيْ الْحِمَار "فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة" مِنْ الْمَاء "وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا" لِتَخُوضَهُ وَكَانَ سُلَيْمَان عَلَى سَرِيره فِي صَدْر الصَّرْح فَرَأَى سَاقَيْهَا وَقَدَمَيْهَا حِسَانًا "قَالَ" لَهَا "إنَّهُ صَرْح مُمَرَّد" مُمَلَّس "مِنْ قَوَارِير" مِنْ زُجَاج وَدَعَاهَا إلَى الْإِسْلَام "قَالَتْ رَبّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي" بِعِبَادَةِ غَيْرك "وَأَسْلَمْت" كَائِنَة "مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ" وَأَرَادَ تَزَوُّجهَا فَكَرِهَ شَعْر سَاقَيْهَا فَعَمِلَتْ لَهُ الشَّيَاطِين النُّورَة فَأَزَالَتْهُ بِهَا فَتَزَوَّجَهَا وَأَحَبَّهَا وَأَقَرَّهَا عَلَى مُلْكهَا وَكَانَ يَزُورهَا فِي كُلّ شَهْر مَرَّة وَيُقِيم عِنْدهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَانْقَضَى مُلْكهَا بِانْقِضَاءِ مُلْك سُلَيْمَان رُوِيَ أَنَّهُ مُلِّكَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث عَشْرَة سَنَة وَمَاتَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَخَمْسِينَ سَنَة فَسُبْحَان مَنْ لَا انْقِضَاء لِدَوَامِ مُلْكه
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ↓
"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلَى ثَمُود أَخَاهُمْ" مِنْ الْقَبِيلَة "صَالِحًا أَنْ" أَيْ بِأَنْ "اُعْبُدُوا اللَّه" وَحِّدُوهُ "فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ" فِي الدِّين فَرِيق مُؤْمِنُونَ مِنْ حِين إرْسَاله إلَيْهِمْ وَفَرِيق كَافِرُونَ
قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ↓
"قَالَ" لِلْمُكَذِّبِينَ "يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة" أَيْ بِالْعَذَابِ قَبْل الرَّحْمَة حَيْثُ قُلْتُمْ إنْ كَانَ مَا أَتَيْتنَا بِهِ حَقًّا فَأْتِنَا بِالْعَذَابِ "لَوْلَا" هَلَّا "تَسْتَغْفِرُونَ اللَّه" مِنْ الشِّرْك "لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" فَلَا تُعَذَّبُونَ
قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ↓
"قَالُوا اطَّيَّرْنَا" أَصْله تَطَيَّرْنَا أُدْغِمَتْ التَّاء فِي الطَّاء وَاجْتُلِبَتْ هَمْزَة الْوَصْل أَيْ تَشَاء مِنَّا "بِك وَبِمَنْ مَعَك" الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ قَحَطُوا الْمَطَر وَجَاعُوا "قَالَ طَائِركُمْ" شُؤْمكُمْ "عِنْد اللَّه" أَتَاكُمْ بِهِ "بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُفْتَنُونَ" تَخْتَبِرُونَ بِالْخَيْرِ وَالشَّرّ
"وَكَانَ فِي الْمَدِينَة" مَدِينَة ثَمُود "تِسْعَة رَهْط" أَيْ رِجَال "يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض" بِالْمَعَاصِي مِنْهَا قَرْضهمْ الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم "وَلَا يُصْلِحُونَ" بِالطَّاعَةِ
قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ↓
"قَالُوا" أَيْ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ "تَقَاسَمُوا" أَيْ احْلِفُوا "بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ" بِالنُّونِ وَالتَّاء وَضَمّ التَّاء الثَّانِيَة "وَأَهْله" أَيْ مَنْ آمَنَ بِهِ أَيْ نَقْتُلهُمْ لَيْلًا "ثُمَّ لَنَقُولَنَّ" بِالنُّونِ وَالتَّاء وَضَمّ اللَّام الثَّانِيَة "لِوَلِيِّهِ" لِوَلِيِّ دَمه "مَا شَهِدْنَا" حَضَرْنَا "مَهْلِك أَهْله" بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْحهَا أَيْ إهْلَاكهمْ أَوْ هَلَاكهمْ فَلَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُمْ
"وَمَكَرُوا" فِي ذَلِكَ "مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا" أَيْ جَازَيْنَاهُمْ بِتَعْجِيلِ عُقُوبَتهمْ
"فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَة مَكْرهمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ" أَهْلَكْنَاهُمْ "وَقَوْمهمْ أَجْمَعِينَ" بِصَيْحَةِ جِبْرِيل أَوْ بِرَمْيِ الْمَلَائِكَة بِحِجَارَةٍ يَرَوْنَهَا وَلَا يَرَوْنَهُمْ
"فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة" أَيْ خَالِيَة وَنَصْبه عَلَى الْحَال وَالْعَامِل فِيهَا مَعْنَى الْإِشَارَة "بِمَا ظَلَمُوا" بِظُلْمِهِمْ أَيْ كُفْرهمْ "إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة" لَعِبْرَة "لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" قُدْرَتنَا فَيَتَّعِظُونَ
"وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا" بِصَالِحٍ وَهُمْ أَرْبَعَة آلَاف "وَكَانُوا يَتَّقُونَ" الشِّرْك
"وَلُوطًا" مَنْصُوب بِاذْكُرْ مُقَدَّرًا قَبْله وَيُبْدَل مِنْهُ "إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة" أَيْ اللِّوَاط "وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ" أَيْ يُبْصِر بَعْضكُمْ بَعْضًا انْهِمَاكًا فِي الْمَعْصِيَة
"أَإِنَّكُمْ" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ "لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَة مِنْ دُون النِّسَاء بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ" عَاقِبَة فِعْلكُمْ
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ↓
"فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آل لُوط" أَهْله "مِنْ قَرْيَتكُمْ إنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ" مِنْ أَدْبَار الرِّجَال
"فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْله إلَّا امْرَأَته قَدَّرْنَاهَا" جَعَلْنَاهَا بِتَقْدِيرِنَا "مِنْ الْغَابِرِينَ" الْبَاقِينَ فِي الْعَذَاب
"وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا" هُوَ حِجَارَة السِّجِّيل فَأَهْلَكَتْهُمْ "فَسَاءَ" بِئْسَ "مَطَر الْمُنْذَرِينَ" بِالْعَذَابِ مَطَرهمْ
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ↓
"قُلْ" يَا مُحَمَّد "الْحَمْد لِلَّهِ" عَلَى هَلَاك الْكُفَّار مِنْ الْأُمَم الْخَالِيَة "وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اصْطَفَى" هُمْ "آللَّه" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَإِبْدَال الثَّانِيَة أَلِفًا وَتَسْهِيلهَا وَإِدْخَال أَلِف بَيْن الْمُسَهَّلَة وَالْأُخْرَى وَتَرْكه "خَيْر" لِمَنْ يَعْبُدهُ "أَمَّا يُشْرِكُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء أَيْ أَهْل مَكَّة بِهِ الْآلِهَة خَيْر لِعَابِدِيهَا
أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ↓
"أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا" فِيهِ الْتِفَات مِنْ الْغَيْبَة إلَى التَّكَلُّم "بِهِ حَدَائِق" جَمْع حَدِيقَة وَهُوَ الْبُسْتَان الْمَحُوط "ذَات بَهْجَة" حُسْن "مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرهَا" لِعَدَمِ قُدْرَتكُمْ عَلَيْهِ "أَإِلَه" بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ وَتَسْهِيل الثَّانِيَة وَإِدْخَال أَلِف بَيْنهمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي مَوَاضِعه السَّبْعَة "مَعَ اللَّه" أَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَيْسَ مَعَهُ إلَه "بَلْ هُمْ قَوْم يَعْدِلُونَ" يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ غَيْره