و " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي " هرون " وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ " أي: في وسطها, واجعل رحمتك تحيط بنا من كل جانب, فإنها حصن حصين, من جميع الشرور, وثم كل الخير وسرور.
" وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " أي: أرحم بنا من كل راحم, أرحم بنا, من آبائنا, وأمهاتنا, وأولادنا, وأنفسنا.
" وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " أي: أرحم بنا من كل راحم, أرحم بنا, من آبائنا, وأمهاتنا, وأولادنا, وأنفسنا.
إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ↓
قال اللّه تعالى - مبينا حال أهل العجل الذين عبدوه: " إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ " أي: إلها " سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " كما اغضبوا ربهم واستهانوا بأمره.
" وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " فكل مفتر على اللّه, كاذب على شرعه, متقول عليه ما لم يقل, فإن له نصيبا من الغضب, من اللّه, والذل في الحياة الدنيا.
وقد نالهم غضب اللّه, حيث أمرهم أن يقتلوا أنفسهم, وأنه لا يرضى اللّه عنهم إلا بذلك.
فقتل بعضهم بعضا, وانجلت المعركة, عن كثير من القتلى ثم تاب اللّه عليهم بعد ذلك.
" وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " فكل مفتر على اللّه, كاذب على شرعه, متقول عليه ما لم يقل, فإن له نصيبا من الغضب, من اللّه, والذل في الحياة الدنيا.
وقد نالهم غضب اللّه, حيث أمرهم أن يقتلوا أنفسهم, وأنه لا يرضى اللّه عنهم إلا بذلك.
فقتل بعضهم بعضا, وانجلت المعركة, عن كثير من القتلى ثم تاب اللّه عليهم بعد ذلك.
وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ↓
ولهذا ذكر حكما عاما يدخلون فيه وغيرهم فقال: " وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ " من شرك, وكبائر, وصغائر " ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا " بأن ندموا على ما مضى, وأقلعوا عنه, وعزموا على أن لا يعودوا " وَآمِنُوا " باللّه, وبما أوجب اللّه من الإيمان به.
ولا يتم الإيمان, إلا بأعمال القلوب, وأعمال الجوارح المترتبة على الإيمان, " إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا " أي: بعد هذه الحالة, حالة التوبة من السيئات والرجوع إلى الطاعات.
" لَغَفُورٌ " يغفر السيئات ويمحوها, ولو كانت ملء قراب الأرض.
" رَحِيمٌ " بقبول التوبة, والتوفيق لأفعال الخير وقبولها.
ولا يتم الإيمان, إلا بأعمال القلوب, وأعمال الجوارح المترتبة على الإيمان, " إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا " أي: بعد هذه الحالة, حالة التوبة من السيئات والرجوع إلى الطاعات.
" لَغَفُورٌ " يغفر السيئات ويمحوها, ولو كانت ملء قراب الأرض.
" رَحِيمٌ " بقبول التوبة, والتوفيق لأفعال الخير وقبولها.
وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ↓
" وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ " أي: سكن غضبه, وتراجعت نفسه, وعرف ما هو فيه, اشتغل بأهم الأشياء عنده.
فـ " أَخَذَ الْأَلْوَاحَ " التي ألقاها, وهي ألواح عظيمة المقدار, جليلة " وَفِي نُسْخَتِهَا " أي: مشتملة ومتضمنة " هُدًى وَرَحْمَةً " أي: فيها الهدى من الضلالة, وبيان الحق من الباطل, وأعمال الخير, وأعمال الشر, والهدى لأحسن الأعمال, والأخلاق, والآداب, ورحمة وسعادة, لمن عمل بها, وعلم أحكامها ومعانيها.
ولكن ليس كل أحد يقبل هدى اللّه ورحمته.
وإنما يقبل ذلك وينقاد له, ويتلقاه بالقبول " لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ " أي: يخافون منه ويخشونه.
وأما من لم يخف اللّه, ولا المقام بين يديه, فإنه لا يزداد بها, إلا عتوا ونفورا, وتقوم عليه حجة اللّه فيها.
فـ " أَخَذَ الْأَلْوَاحَ " التي ألقاها, وهي ألواح عظيمة المقدار, جليلة " وَفِي نُسْخَتِهَا " أي: مشتملة ومتضمنة " هُدًى وَرَحْمَةً " أي: فيها الهدى من الضلالة, وبيان الحق من الباطل, وأعمال الخير, وأعمال الشر, والهدى لأحسن الأعمال, والأخلاق, والآداب, ورحمة وسعادة, لمن عمل بها, وعلم أحكامها ومعانيها.
ولكن ليس كل أحد يقبل هدى اللّه ورحمته.
وإنما يقبل ذلك وينقاد له, ويتلقاه بالقبول " لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ " أي: يخافون منه ويخشونه.
وأما من لم يخف اللّه, ولا المقام بين يديه, فإنه لا يزداد بها, إلا عتوا ونفورا, وتقوم عليه حجة اللّه فيها.
وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ↓
و لما تاب بنو إسرائيل وتراجعوا إلى رشدهم " وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ " أي: منهم " سَبْعِينَ رَجُلًا " من خيارهم, ليعتذروا لقومهم عند ربهم, ووعدهم اللّه ميقاتا يحضرون فيه.
فلما حضروه, قالوا: يا موسى " أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً " فتجرأوا على اللّه جراءة كبيرة, وأساءوا الأدب معه: فـ " أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ " فصعقوا وهلكوا.
فلم يزل موسى عليه الصلاة والسلام, يتضرع إلى اللّه ويتبتل " قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ " أن يحضروا ويكونون في حالة يعتذرون فيها لقومهم, فصاروا هم الظالمين.
" وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا " أي: ضعفاء العقول, سفهاء الأحلام, فتضرع إلى اللّه, واعتذر بأن المتجرئين على اللّه, ليس لهم عقول كاملة, تردعهم عما قالوا وفعلوا, وبأنهم حصل لهم فتنة يخطر بها الإنسان, ويخاف من ذهاب دينه فقال: " إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ " أي: أنت خير من غفر, وأولى من رحم, وأكرم من أعطى, وتفضل.
فكأن موسى عليه الصلاة والسلام, قال: المقصود يا رب بالقصد الأول لنا كلنا, هو التزام طاعتك, والإيمان بك, وأن من حضره عقله ورشده, وتم على ما وهبته من التوفيق, فإنه لم يزل مستقيما.
وأما من ضعف عقله, وسفه رأيه, وصرفته الفتنة, فهو الذي فعل ما فعل, لذينك السببين.
ومع هذا, فأنت أرحم الراحمين, وخير الغافرين, فاغفر لنا وارحمنا.
فأجاب اللّه سؤاله, وأحياهم من بعد موتهم, وغفر لهم ذنوبهم.
فلما حضروه, قالوا: يا موسى " أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً " فتجرأوا على اللّه جراءة كبيرة, وأساءوا الأدب معه: فـ " أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ " فصعقوا وهلكوا.
فلم يزل موسى عليه الصلاة والسلام, يتضرع إلى اللّه ويتبتل " قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ " أن يحضروا ويكونون في حالة يعتذرون فيها لقومهم, فصاروا هم الظالمين.
" وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا " أي: ضعفاء العقول, سفهاء الأحلام, فتضرع إلى اللّه, واعتذر بأن المتجرئين على اللّه, ليس لهم عقول كاملة, تردعهم عما قالوا وفعلوا, وبأنهم حصل لهم فتنة يخطر بها الإنسان, ويخاف من ذهاب دينه فقال: " إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ " أي: أنت خير من غفر, وأولى من رحم, وأكرم من أعطى, وتفضل.
فكأن موسى عليه الصلاة والسلام, قال: المقصود يا رب بالقصد الأول لنا كلنا, هو التزام طاعتك, والإيمان بك, وأن من حضره عقله ورشده, وتم على ما وهبته من التوفيق, فإنه لم يزل مستقيما.
وأما من ضعف عقله, وسفه رأيه, وصرفته الفتنة, فهو الذي فعل ما فعل, لذينك السببين.
ومع هذا, فأنت أرحم الراحمين, وخير الغافرين, فاغفر لنا وارحمنا.
فأجاب اللّه سؤاله, وأحياهم من بعد موتهم, وغفر لهم ذنوبهم.
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ↓
وقال موسى في تمام دعائه " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً " من علم نافع, ورزق واسع, وعمل صالح.
" وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً " , وهي ما أعد اللّه لأوليائه الصالحين من الثواب.
" إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ " أي: رجعنا مقرين بتقصيرنا, منيبين في جميع أمورنا.
" قَالَ " اللّه تعالى " عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ " ممن كان شقيا, متعرضا لأسبابه.
" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " من العالم العلوي والسفلي, البر والفاجر, المؤمن والكافر.
فلا مخلوق, إلا قد وصلت إليه رحمة اللّه, وغمره فضله وإحسانه.
ولكن الرحمة الخاصة, المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة, ليست لكل أحد.
ولهذا قال عنها: " فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " المعاصي, صغارها, وكبارها.
" وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ " الواجبة مستحقيها " وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ " .
ومن تمام الإيمان بآيات اللّه, معرفة معناها, والعمل بمقتضاها.
ومن ذلك اتباع النبي صلى الله عليه وسلم, ظاهرا وباطنا, في أصول الدين, وفروعه.
" وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً " , وهي ما أعد اللّه لأوليائه الصالحين من الثواب.
" إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ " أي: رجعنا مقرين بتقصيرنا, منيبين في جميع أمورنا.
" قَالَ " اللّه تعالى " عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ " ممن كان شقيا, متعرضا لأسبابه.
" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " من العالم العلوي والسفلي, البر والفاجر, المؤمن والكافر.
فلا مخلوق, إلا قد وصلت إليه رحمة اللّه, وغمره فضله وإحسانه.
ولكن الرحمة الخاصة, المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة, ليست لكل أحد.
ولهذا قال عنها: " فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " المعاصي, صغارها, وكبارها.
" وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ " الواجبة مستحقيها " وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ " .
ومن تمام الإيمان بآيات اللّه, معرفة معناها, والعمل بمقتضاها.
ومن ذلك اتباع النبي صلى الله عليه وسلم, ظاهرا وباطنا, في أصول الدين, وفروعه.
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ↓
" الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ " احتراز عن سائر الأنبياء, فإن المقصود بهذا, محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم.
والسياق في أحوال بني إسرائيل وأن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم, شرط في دخولهم في الإيمان, وأن المؤمنين به, المتبعين, هم أهل الرحمة المطلقة, التي كتبها اللّه لهم.
ووصفه بالأمي, لأنه من العرب, الأمة الأمية, التي لا تقرأ ولا تكتب, وليس عندها قبل القرآن كتاب.
" الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ " باسمه وصفته, التي من أعظمها وأجلها, ما يدعو إليه, وينهى عنه.
وأنه " يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ " وهو كل ما عرف حسنه وصلاحه, ونفعه.
" وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ " وهو: كل ما عرف قبحه في العقول, والفطر.
فيأمرهم بالصلاة, والزكاة, والصوم, والحج, وصلة الأرحام, وبر الوالدين, والإحسان إلى الجار, والمملوك, وبذل النفع لسائر الخلق, والصدق, والعفاف, والبر, والنصيحة, وما أشبه ذلك.
وينهى عن الشرك باللّه, وقتل النفوس بغير حق, والزنا, وشرب ما يسكر العقل, والظلم لسائر الخلق, والكذب, والفجور, ونحو ذلك.
فأعظم دليل يدل على أنه رسول اللّه, ما دعا إليه, وأمر به, ونهى عنه, وأحله, وحرمه.
فإنه " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ " من المطاعم, والمشارب, والمناكح.
" وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ " من المطاعم, والمشارب, والمناكح, والأقوال, والأفعال.
" وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ " أي: ومن وصفه أن دينه, سهل سمح ميسر, لا إصر فيه, ولا أغلال, ولا مشقات, ولا تكاليف ثقال.
" فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ " أي: عظموه وبجلوه " وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ " وهو القرآن, الذي يستضاء به في ظلمات الشك والجهالات ويقتدى به, إذا تعارضت المقالات.
" أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الظافرون, بخير الدنيا والآخرة, والناجون من شرهما.
لأنهم أتوا بأكبر أسباب الفلاح.
وأما من لم يؤمن بهذا النبي الأمي, ويعزره, وينصره, ولم يتبع النور الذي أنزل معه, فأولئك هم الخاسرون.
ولما دعا أهل التوراة من بني إسرائيل, إلى اتباعه, وكان ربما توهم متوهم, أن الحكم مقصور عليهم, أتى بما يدل على العموم فقال:
والسياق في أحوال بني إسرائيل وأن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم, شرط في دخولهم في الإيمان, وأن المؤمنين به, المتبعين, هم أهل الرحمة المطلقة, التي كتبها اللّه لهم.
ووصفه بالأمي, لأنه من العرب, الأمة الأمية, التي لا تقرأ ولا تكتب, وليس عندها قبل القرآن كتاب.
" الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ " باسمه وصفته, التي من أعظمها وأجلها, ما يدعو إليه, وينهى عنه.
وأنه " يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ " وهو كل ما عرف حسنه وصلاحه, ونفعه.
" وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ " وهو: كل ما عرف قبحه في العقول, والفطر.
فيأمرهم بالصلاة, والزكاة, والصوم, والحج, وصلة الأرحام, وبر الوالدين, والإحسان إلى الجار, والمملوك, وبذل النفع لسائر الخلق, والصدق, والعفاف, والبر, والنصيحة, وما أشبه ذلك.
وينهى عن الشرك باللّه, وقتل النفوس بغير حق, والزنا, وشرب ما يسكر العقل, والظلم لسائر الخلق, والكذب, والفجور, ونحو ذلك.
فأعظم دليل يدل على أنه رسول اللّه, ما دعا إليه, وأمر به, ونهى عنه, وأحله, وحرمه.
فإنه " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ " من المطاعم, والمشارب, والمناكح.
" وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ " من المطاعم, والمشارب, والمناكح, والأقوال, والأفعال.
" وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ " أي: ومن وصفه أن دينه, سهل سمح ميسر, لا إصر فيه, ولا أغلال, ولا مشقات, ولا تكاليف ثقال.
" فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ " أي: عظموه وبجلوه " وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ " وهو القرآن, الذي يستضاء به في ظلمات الشك والجهالات ويقتدى به, إذا تعارضت المقالات.
" أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الظافرون, بخير الدنيا والآخرة, والناجون من شرهما.
لأنهم أتوا بأكبر أسباب الفلاح.
وأما من لم يؤمن بهذا النبي الأمي, ويعزره, وينصره, ولم يتبع النور الذي أنزل معه, فأولئك هم الخاسرون.
ولما دعا أهل التوراة من بني إسرائيل, إلى اتباعه, وكان ربما توهم متوهم, أن الحكم مقصور عليهم, أتى بما يدل على العموم فقال:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ↓
" قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " أي: عربيكم, وعجميكم, أهل الكتاب فيكم, وغيرهم.
" الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " يتصرف فيها بأحكامه الكونية والتدابير السلطانية, وبأحكامه الشرعية الدينية, التي من جملتها: أن أرسل إليكم رسولا عظيما.
يدعوكم إلى اللّه, وإلى دار كرامته.
ويحذركم من كل ما يباعدكم منه, ومن دار كرامته.
" لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ " أي: لا معبود بحق, إلا اللّه وحده لا شريك له, ولا تعرف عبادته إلا من طريق رسله.
" يُحْيِي وَيُمِيتُ " أي: من جملة تدابيره: الإحياء والإماتة, التي لا يشاركه فيها أحد.
وقد جعل اللّه الموت, جسرا, ومعبرا, يعبر الإنسان منه إلى دار البقاء, التي من آمن بها, صدق الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم, قطعا.
" فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ " إيمانا في القلب, متضمنا لأعمال القلوب والجوارح.
" الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ " , أي: آمنوا بهذا الرسول المستقيم في عقائده, وأعماله.
" وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " في مصالحكم الدينية والدنيوية, فإنكم إذا لم تتبعوه, ضللتم ضلالا بعيدا.
" الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " يتصرف فيها بأحكامه الكونية والتدابير السلطانية, وبأحكامه الشرعية الدينية, التي من جملتها: أن أرسل إليكم رسولا عظيما.
يدعوكم إلى اللّه, وإلى دار كرامته.
ويحذركم من كل ما يباعدكم منه, ومن دار كرامته.
" لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ " أي: لا معبود بحق, إلا اللّه وحده لا شريك له, ولا تعرف عبادته إلا من طريق رسله.
" يُحْيِي وَيُمِيتُ " أي: من جملة تدابيره: الإحياء والإماتة, التي لا يشاركه فيها أحد.
وقد جعل اللّه الموت, جسرا, ومعبرا, يعبر الإنسان منه إلى دار البقاء, التي من آمن بها, صدق الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم, قطعا.
" فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ " إيمانا في القلب, متضمنا لأعمال القلوب والجوارح.
" الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ " , أي: آمنوا بهذا الرسول المستقيم في عقائده, وأعماله.
" وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " في مصالحكم الدينية والدنيوية, فإنكم إذا لم تتبعوه, ضللتم ضلالا بعيدا.
" وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ " أي: جماعة " يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ " أي: يهدون الناس في تعليمهم إياهم, وفتواهم لهم, ويعدلون به في الحكم بينهم, في قضاياهم, كما قال تعالى " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " .
وفي هذا فضيلة لأمة موسى, عليه الصلاة والسلام, وأن اللّه تعالى, جعل منهم هداة يهدون بأمره.
وكان الإتيان بهذه الآية الكريمة, فيه نوع احتراز مما تقدم.
فإنه تعالى, ذكر فيما تقدم, جملة من معايب بني إسرائيل, المنافية لكمال المناقضة للهداية.
فربما توهم متوهم, أن هذا يعم جميعهم, فذكر تعالى, أن منهم طائفة مستقيمة هادية مهدية.
وفي هذا فضيلة لأمة موسى, عليه الصلاة والسلام, وأن اللّه تعالى, جعل منهم هداة يهدون بأمره.
وكان الإتيان بهذه الآية الكريمة, فيه نوع احتراز مما تقدم.
فإنه تعالى, ذكر فيما تقدم, جملة من معايب بني إسرائيل, المنافية لكمال المناقضة للهداية.
فربما توهم متوهم, أن هذا يعم جميعهم, فذكر تعالى, أن منهم طائفة مستقيمة هادية مهدية.
وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ↓
" وَقَطَّعْنَاهُمُ " أي: قسمناهم " اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا " أي: اثنتي عشرة قبيلة, متعارفة, متوالفة, كل بني رجل من أولاد يعقوب, قبيلة.
" وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ " أي: طلبوا منه أن يدعو اللّه تعالى, أن يسقيهم ما يشربون منه, وتشرب منه مواشيهم.
وذلك لأنهم - واللّه أعلم - في محل قليل الماء.
فأوحى اللّه لموسى, إجابة لطلبتهم " أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ " يحتمل أنه حجر معين.
ويحتمل أنه اسم جنس, يشمل أي حجر كان.
فضربه " فَانْبَجَسَتْ " أي: انفجرت من ذلك الحجر " اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا " جارية سارحة.
" قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ " أي: قد قسم على كل قبيلة من تلك القبائل الاثنتي عشرة, وجعل لكل منهم عينا, فعلموها, واطمأنوا, واستراحوا من التعب والمزاحمة, وهذا من تمام نعمة اللّه عليهم.
" وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ " فكن يسترهم من حر الشمس.
" وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ " وهو الحلوى.
" وَالسَّلْوَى " وهو لحم طير, من أحسن أنواع الطيور, وألذها.
فجمع اللّه لهم, بين الظلال, والشراب, والطعام الطيب, من الحلوى واللحوم, على وجه الراحة والطمأنينة.
وقيل لهم: " كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا " حين لم يشكروا اللّه, ولم يقوموا بما أوجب اللّه عليهم.
" وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " حيث فوتوها كل خير, وعرضوها للشر والنقمة, وهذا كان مدة لبثهم في التيه.
" وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ " أي: طلبوا منه أن يدعو اللّه تعالى, أن يسقيهم ما يشربون منه, وتشرب منه مواشيهم.
وذلك لأنهم - واللّه أعلم - في محل قليل الماء.
فأوحى اللّه لموسى, إجابة لطلبتهم " أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ " يحتمل أنه حجر معين.
ويحتمل أنه اسم جنس, يشمل أي حجر كان.
فضربه " فَانْبَجَسَتْ " أي: انفجرت من ذلك الحجر " اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا " جارية سارحة.
" قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ " أي: قد قسم على كل قبيلة من تلك القبائل الاثنتي عشرة, وجعل لكل منهم عينا, فعلموها, واطمأنوا, واستراحوا من التعب والمزاحمة, وهذا من تمام نعمة اللّه عليهم.
" وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ " فكن يسترهم من حر الشمس.
" وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ " وهو الحلوى.
" وَالسَّلْوَى " وهو لحم طير, من أحسن أنواع الطيور, وألذها.
فجمع اللّه لهم, بين الظلال, والشراب, والطعام الطيب, من الحلوى واللحوم, على وجه الراحة والطمأنينة.
وقيل لهم: " كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا " حين لم يشكروا اللّه, ولم يقوموا بما أوجب اللّه عليهم.
" وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " حيث فوتوها كل خير, وعرضوها للشر والنقمة, وهذا كان مدة لبثهم في التيه.
وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ↓
" وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ " أي: ادخلوها لتكون وطنا لكم ومسكنا, وهي " إيلياء " " وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ " أي: قرية كانت كثيرة الأشجار, غزيرة الثمار, رغيدة العيش, فلذلك أمرهم اللّه أن يأكلوا منها حيث شاءوا.
" وَقُولُوا " حين تدخلون الباب: " حِطَّةٌ " أي: احطط عنا خطايانا, واعف عنا.
" وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا " أي: خاضعين لربكم, مستكينين لعزته, شاكرين لنعمته.
فأمرهم بالخضوع, وسؤال المغفرة, ووعدهم على ذلك, مغفرة ذنوبهم والثواب العاجل والآجل فقال: " نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ " من خير الدنيا والآخرة.
فلم يمتثلوا هذا الأمر الإلهي, بل خالفوا.
" وَقُولُوا " حين تدخلون الباب: " حِطَّةٌ " أي: احطط عنا خطايانا, واعف عنا.
" وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا " أي: خاضعين لربكم, مستكينين لعزته, شاكرين لنعمته.
فأمرهم بالخضوع, وسؤال المغفرة, ووعدهم على ذلك, مغفرة ذنوبهم والثواب العاجل والآجل فقال: " نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ " من خير الدنيا والآخرة.
فلم يمتثلوا هذا الأمر الإلهي, بل خالفوا.
فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ ↓
" فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ " أي: عصوا اللّه واستهانوا بأمره " قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ " فقالوا, بدل طلب المغفرة, وقولهم " حطة " , " حبة في شعيرة " .
وإذا بدلوا القول - مع يسره وسهولته - فتبديلهم للفعل من باب أولى.
ولهذا دخلوا يزحفون على أستاههم.
" فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ " حين خالفوا أمر اللّه وعصوه " رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ " أي: عذابا شديدا, إما الطاعون وإما غيره, من العقوبات السماوية.
وما ظلمهم اللّه بعقابه, وإنما كان ذلك " بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ " .
وإذا بدلوا القول - مع يسره وسهولته - فتبديلهم للفعل من باب أولى.
ولهذا دخلوا يزحفون على أستاههم.
" فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ " حين خالفوا أمر اللّه وعصوه " رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ " أي: عذابا شديدا, إما الطاعون وإما غيره, من العقوبات السماوية.
وما ظلمهم اللّه بعقابه, وإنما كان ذلك " بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ " .
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ↓
" وَاسْأَلْهُمْ " أي: اسأل بني إسرائيل " عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ " أي: على ساحله, في حال تعديهم وعقاب اللّه إياهم.
" إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ " وكان اللّه تعالى قد أمرهم أن يعظموه ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدا, فابتلاهم اللّه, وامتحنهم.
فكانت " تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا " أي: كثيرة طافية على وجه البحر.
" وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ " أي: إذا ذهب يوم السبت " لَا تَأْتِيهِمْ " أي: تذهب في البحر, فلا يرون منها شيئا " كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ " .
ففسقهم, هو الذي أوجب أن يبتليهم اللّه, وأن تكون لهم هذه المحنة.
وإلا, فلو لم يفسقوا, لعافاهم اللّه, ولما عرضهم للبلاء والشر.
فتحيلوا على الصيد, فكانوا يحفرون لها حفرا, وينصبون لها الشباك.
فإذا جاءت يوم السبت, ووقعت في تلك الحفر والشباك, لم يأخذوها في ذلك اليوم.
فإذا جاء يوم الأحد, أخذوها, وكثر فيهم ذلك,
" إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ " وكان اللّه تعالى قد أمرهم أن يعظموه ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدا, فابتلاهم اللّه, وامتحنهم.
فكانت " تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا " أي: كثيرة طافية على وجه البحر.
" وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ " أي: إذا ذهب يوم السبت " لَا تَأْتِيهِمْ " أي: تذهب في البحر, فلا يرون منها شيئا " كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ " .
ففسقهم, هو الذي أوجب أن يبتليهم اللّه, وأن تكون لهم هذه المحنة.
وإلا, فلو لم يفسقوا, لعافاهم اللّه, ولما عرضهم للبلاء والشر.
فتحيلوا على الصيد, فكانوا يحفرون لها حفرا, وينصبون لها الشباك.
فإذا جاءت يوم السبت, ووقعت في تلك الحفر والشباك, لم يأخذوها في ذلك اليوم.
فإذا جاء يوم الأحد, أخذوها, وكثر فيهم ذلك,
وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ↓
وانقسموا ثلاث فرق.
معظمهم, اعتدوا وتجرأوا, وأعلنوا بذلك.
وفرقة أعلنت بنهيهم, والإنكار عليهم.
وفرقة اكتفت بإنكار أولئك عليهم, ونهيهم لهم وقالوا: " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا " كأنهم يقولون: لا فائدة في وعظ من اقتحم محارم اللّه, ولم يصغ للنصيح, بل استمر على اعتدائه وطغيانه, فإنه لابد أن يعاقبهم اللّه, إما بهلاك, أو عذاب شديد.
فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم " مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ " أي: لنعذر فيهم.
" وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " أي: يتركون ما هم فيه من المعصية, فلا نيأس من هدايتهم, فربما نجح فيهم الوعظ, وأثر فيهم اللوم.
وهذا هو المقصود الأعظم, من إنكار المنكر, ليكون معذرة, وإقامة حجة على المأمور المنهي, ولعل اللّه أن يهديه, فيعمل بمقتضى ذلك الأمر, والنهي.
معظمهم, اعتدوا وتجرأوا, وأعلنوا بذلك.
وفرقة أعلنت بنهيهم, والإنكار عليهم.
وفرقة اكتفت بإنكار أولئك عليهم, ونهيهم لهم وقالوا: " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا " كأنهم يقولون: لا فائدة في وعظ من اقتحم محارم اللّه, ولم يصغ للنصيح, بل استمر على اعتدائه وطغيانه, فإنه لابد أن يعاقبهم اللّه, إما بهلاك, أو عذاب شديد.
فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم " مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ " أي: لنعذر فيهم.
" وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " أي: يتركون ما هم فيه من المعصية, فلا نيأس من هدايتهم, فربما نجح فيهم الوعظ, وأثر فيهم اللوم.
وهذا هو المقصود الأعظم, من إنكار المنكر, ليكون معذرة, وإقامة حجة على المأمور المنهي, ولعل اللّه أن يهديه, فيعمل بمقتضى ذلك الأمر, والنهي.
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ↓
" فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ " أي: تركوا ما ذكروا به, واستمروا على غيهم واعتدائهم.
" أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ " وهكذا سنة اللّه في عباده, أن العقوبة إذا نزلت, نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
" وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا " وهم الذين اعتدوا في السبت " بِعَذَابٍ بَئِيسٍ " أي: شديد " بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ " .
وأما الفرقة الأخرى التي قالت للناهين " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ " .
فاختلف المفسرون في نجاتهم, وهلاكهم.
والظاهر, أنهم كانوا من الناجين, لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين, وهو لم يذكر, أنهم ظالمون.
فدل على أن العقوبة, خاصة بالمعتدين في السبت.
ولأن الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, فرض كفاية.
إذا قام به البعض, سقط عن الآخرين, فاكتفوا بإنكار أولئك.
ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا " فأبدوا من غضبهم عليهم, ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة, لفعلهم, وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة.
" أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ " وهكذا سنة اللّه في عباده, أن العقوبة إذا نزلت, نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
" وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا " وهم الذين اعتدوا في السبت " بِعَذَابٍ بَئِيسٍ " أي: شديد " بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ " .
وأما الفرقة الأخرى التي قالت للناهين " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ " .
فاختلف المفسرون في نجاتهم, وهلاكهم.
والظاهر, أنهم كانوا من الناجين, لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين, وهو لم يذكر, أنهم ظالمون.
فدل على أن العقوبة, خاصة بالمعتدين في السبت.
ولأن الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, فرض كفاية.
إذا قام به البعض, سقط عن الآخرين, فاكتفوا بإنكار أولئك.
ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا " فأبدوا من غضبهم عليهم, ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة, لفعلهم, وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة.
" فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ " أي: قسوا فلم يلينوا, ولا اتعظوا.
" قُلْنَا لَهُمْ " قولا قدريا, " كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " فانقلبوا بإذن اللّه قردة, وأبعدهم اللّه من رحمته.
ثم ذكر ضرب الذلة والصغار على من بقي منهم فقال:
" قُلْنَا لَهُمْ " قولا قدريا, " كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " فانقلبوا بإذن اللّه قردة, وأبعدهم اللّه من رحمته.
ثم ذكر ضرب الذلة والصغار على من بقي منهم فقال:
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ↓
" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ " أي: أعلم إعلاما, صريحا.
" لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ " أي: يهينهم, ويذلهم.
" إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ " لمن عصاه, حتى إنه يعجل له العقوبة في الدنيا.
" وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " لمن تاب إليه وأناب, يغفر له الذنوب, ويستر عليه العيوب, ويرحمه, بأن يتقبل منه الطاعات, ويثيبه عليها بأنواع المثوبات.
وقد فعل اللّه بهم ما وعدهم به, فلا يزالون في ذل وإهانة, تحت حكم غيرهم, لا تقوم لهم راية, ولا ينصر لهم عَلَمٌ.
" لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ " أي: يهينهم, ويذلهم.
" إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ " لمن عصاه, حتى إنه يعجل له العقوبة في الدنيا.
" وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " لمن تاب إليه وأناب, يغفر له الذنوب, ويستر عليه العيوب, ويرحمه, بأن يتقبل منه الطاعات, ويثيبه عليها بأنواع المثوبات.
وقد فعل اللّه بهم ما وعدهم به, فلا يزالون في ذل وإهانة, تحت حكم غيرهم, لا تقوم لهم راية, ولا ينصر لهم عَلَمٌ.
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ↓
" وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا " أي: فرقناهم ومزقناهم في الأرض, بعد ما كانوا مجتمعين.
" مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ " القائمون بحقوق اللّه, وحقوق عباده.
" وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ " أي: دون الصلاح, إما مقتصدون, وإما الظالمون لأنفسهم.
" وَبَلَوْنَاهُمْ " على عادتنا وسنتنا, " بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ " أي: باليسر والعسر.
" لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " عما هم عليه مقيمون, من الردى, ويراجعون ما خلقوا له من الهدى, فلم يزالوا بين صالح, وطالح, ومقتصد.
" مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ " القائمون بحقوق اللّه, وحقوق عباده.
" وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ " أي: دون الصلاح, إما مقتصدون, وإما الظالمون لأنفسهم.
" وَبَلَوْنَاهُمْ " على عادتنا وسنتنا, " بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ " أي: باليسر والعسر.
" لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " عما هم عليه مقيمون, من الردى, ويراجعون ما خلقوا له من الهدى, فلم يزالوا بين صالح, وطالح, ومقتصد.
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ↓
" فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ " زاد شرهم " وَرِثُوا " بعدهم " الْكِتَابُ " وصار المرجع فيه إليهم, وصاروا يتصرفون فيه بأهوائهم, وتبذل لهم الأموال, ليفتوا ويحكموا, بغير الحق, وفشت فيهم الرشوة.
" يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ " مقرين بأنه ذنب وأنهم ظلمة: " سَيُغْفَرُ لَنَا " وهذا قول خال من الحقيقة, فإنه ليس استغفارا وطلبا للمغفرة على الحقيقة.
فلو كان ذلك, لندموا على ما فعلوا, وعزموا على أن لا يعودوا.
ولكنهم - إذا أتاهم عرض آخر, ورشوة أخرى - يأخذونه.
فاشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا, واستبدلوا الذي هو أدنى, بالذي هو خير.
قال اللّه تعالى - في الإنكار عليهم, وبيان جراءتهم-: " أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ " .
فما بالهم يقولون عليه غير الحق, اتباعا لأهوائهم, وميلا مع مطامعهم.
والحال أنهم قد " وَدَرَسُوا مَا فِيهِ " فليس عليهم فيه إشكال, بل قد أتوا أمرهم متعمدين, وكانوا في أمرهم مستبصرين.
وهذا أعظم للذنب, وأشد للوم, وأشنع للعقوبة.
وهذا من نقص عقولهم, وسفاهة رأيهم, بإيثار الحياة الدنيا على الآخرة, ولهذا قال: " وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " ما حرم اللّه عليهم, من المآكل التي تصاب, وتؤكل رشوة على الحكم, بغير ما أنزل اللّه, وغير ذلك من أنواع المحرمات.
" أَفَلَا تَعْقِلُونَ " أي: أفلا تكون لكم عقول توازن بين ما ينبغي إيثاره, وما ينبغي الإيثار عليه, وما هو أولى بالسعي إليه, والتقديم له على غيره.
فخاصية العقل, النظر للعواقب.
وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع, يفوت نعيما عظيما باقيا فأنى له العقل والرأي؟!!.
" يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ " مقرين بأنه ذنب وأنهم ظلمة: " سَيُغْفَرُ لَنَا " وهذا قول خال من الحقيقة, فإنه ليس استغفارا وطلبا للمغفرة على الحقيقة.
فلو كان ذلك, لندموا على ما فعلوا, وعزموا على أن لا يعودوا.
ولكنهم - إذا أتاهم عرض آخر, ورشوة أخرى - يأخذونه.
فاشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا, واستبدلوا الذي هو أدنى, بالذي هو خير.
قال اللّه تعالى - في الإنكار عليهم, وبيان جراءتهم-: " أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ " .
فما بالهم يقولون عليه غير الحق, اتباعا لأهوائهم, وميلا مع مطامعهم.
والحال أنهم قد " وَدَرَسُوا مَا فِيهِ " فليس عليهم فيه إشكال, بل قد أتوا أمرهم متعمدين, وكانوا في أمرهم مستبصرين.
وهذا أعظم للذنب, وأشد للوم, وأشنع للعقوبة.
وهذا من نقص عقولهم, وسفاهة رأيهم, بإيثار الحياة الدنيا على الآخرة, ولهذا قال: " وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " ما حرم اللّه عليهم, من المآكل التي تصاب, وتؤكل رشوة على الحكم, بغير ما أنزل اللّه, وغير ذلك من أنواع المحرمات.
" أَفَلَا تَعْقِلُونَ " أي: أفلا تكون لكم عقول توازن بين ما ينبغي إيثاره, وما ينبغي الإيثار عليه, وما هو أولى بالسعي إليه, والتقديم له على غيره.
فخاصية العقل, النظر للعواقب.
وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع, يفوت نعيما عظيما باقيا فأنى له العقل والرأي؟!!.
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ↓
وإنما العقلاء حقيقة, من وصفهم اللّه بقوله " وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ " أي: يتمسكون به علما وعملا, فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار, التي علمها, أشرف العلوم.
ويعلمون بما فيها من الأوامر, التي هي قرة العيون, وسرور القلوب, وأفراح الأرواح, وصلاح الدنيا والآخرة.
ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات, إقامة الصلاة, ظاهرا وباطنا.
ولهذا خصها بالذكر لفضلها, وشرفها, وكونها ميزان الإيمان.
وإقامتها, داعية لإقامة غيرها من العبادات.
ولما كان عملهم كله إصلاحا, قال تعالى: " إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ " في أقوالهم وأعمالهم, ونياتهم, مصلحين, لأنفسهم, ولغيرهم.
وهذه الآية, وما أشبهها, دلت على أن اللّه بعث رسله, عليهم الصلاة والسلام, بالصلاح لا بالفساد, وبالمنافع لا بالمضار, وأنهم بعثوا, بصلاح الدارين, فكل من كان أصلح, كان أقرب إلى اتباعهم.
ويعلمون بما فيها من الأوامر, التي هي قرة العيون, وسرور القلوب, وأفراح الأرواح, وصلاح الدنيا والآخرة.
ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات, إقامة الصلاة, ظاهرا وباطنا.
ولهذا خصها بالذكر لفضلها, وشرفها, وكونها ميزان الإيمان.
وإقامتها, داعية لإقامة غيرها من العبادات.
ولما كان عملهم كله إصلاحا, قال تعالى: " إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ " في أقوالهم وأعمالهم, ونياتهم, مصلحين, لأنفسهم, ولغيرهم.
وهذه الآية, وما أشبهها, دلت على أن اللّه بعث رسله, عليهم الصلاة والسلام, بالصلاح لا بالفساد, وبالمنافع لا بالمضار, وأنهم بعثوا, بصلاح الدارين, فكل من كان أصلح, كان أقرب إلى اتباعهم.
وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ↓
ثم قال تعالى " وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ " حين امتنعوا من قبول ما في التوراة.
فألزمهم اللّه العمل ونتق فوق رءوسهم الجبل, فصار فوقهم " كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ " وقيل لهم " خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ " أي: بجد واجتهاد.
" وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ " دراسة ومباحثة, واتصافا بالعمل " لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " إذا فعلتم ذلك.
فألزمهم اللّه العمل ونتق فوق رءوسهم الجبل, فصار فوقهم " كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ " وقيل لهم " خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ " أي: بجد واجتهاد.
" وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ " دراسة ومباحثة, واتصافا بالعمل " لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " إذا فعلتم ذلك.
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ↑
يقول تعالى: " وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ " أي: أخرج من أصلابهم, ذريتهم, وجعلهم يتناسلون, ويتوالدون, قرنا بعد قرن.
وحين أخرجهم من بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم " وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " أي: قررهم, بإثبات ربوبيته, بما أودعه في فطرهم, من الإقرار, بأنه ربهم, وخالقهم, ومليكهم.
قالوا: " بلى " قد أقررنا بذلك, فإن اللّه تعالى, فطر عباده على الدين الحنيف القيم.
فكل أحد, فهو مفطور على ذلك, ولكن الفطرة قد تغير, وتبدل, بما يطرأ على العقول من العقائد الفاسدة, ولهذا " قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ " .
أي: إنما امتحناكم, حتى أقررتم, بما تقرر عندكم, من أن اللّه تعالى, ربكم, خشية أن تنكروا يوم القيامة, فلا تقروا بشيء من ذلك, وتزعمون أن حجة اللّه, ما قامت عليكم, ولا عندكم بها علم, بل أنتم غافلون عنها لاهون.
فاليوم, قد انقطعت حجتكم, وثبتت الحجة البالغة للّه, عليكم.
وحين أخرجهم من بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم " وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " أي: قررهم, بإثبات ربوبيته, بما أودعه في فطرهم, من الإقرار, بأنه ربهم, وخالقهم, ومليكهم.
قالوا: " بلى " قد أقررنا بذلك, فإن اللّه تعالى, فطر عباده على الدين الحنيف القيم.
فكل أحد, فهو مفطور على ذلك, ولكن الفطرة قد تغير, وتبدل, بما يطرأ على العقول من العقائد الفاسدة, ولهذا " قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ " .
أي: إنما امتحناكم, حتى أقررتم, بما تقرر عندكم, من أن اللّه تعالى, ربكم, خشية أن تنكروا يوم القيامة, فلا تقروا بشيء من ذلك, وتزعمون أن حجة اللّه, ما قامت عليكم, ولا عندكم بها علم, بل أنتم غافلون عنها لاهون.
فاليوم, قد انقطعت حجتكم, وثبتت الحجة البالغة للّه, عليكم.
أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ↓
أو تحتجون أيضا بحجة أخرى, فتقولون: " إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ " فحذونا حذوهم, وتبعناهم في باطلهم.
" أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ " , فقد أودع اللّه في فطركم, ما يدلكم على أن ما مع آبائكم, باطل, وأن الحق ما جاءت به الرسل, وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم, ويعلو عليه.
نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين, ومذاهبهم الفاسدة, ما يظنه هو الحق, وما ذاك إلا لإعراضه, عن حجج اللّه وبيناته, وآياته الأفقية, والنفسية.
فإعراضه ذلك, وإقباله على ما قاله المبطلون, ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق.
هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات.
وقد قيل: إن هذا يوم أخذ اللّه الميثاق على ذرية آدم, حين استخرجهم من ظهره, وأشهدهم على أنفسهم, فشهدوا بذلك.
فاحتج عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت, على ظلمهم, في كفرهم, وعنادهم في الدنيا والآخرة.
ولكن ليس في الآية, ما يدل على هذا, ولا له مناسبة, ولا تقتضيه حكمة اللّه تعالى.
والواقع شاهد بذلك.
فإن هذا العهد والميثاق, الذي ذكروا, أنه حين أخرج اللّه ذرية آدم من ظهره, حين كانوا في عالم كالذر, لا يذكره أحد, ولا يخطر ببال آدمي.
فكيف يحتج اللّه عليهم بأمر, ليس عندهم به خبر, ولا له عين ولا أثر؟!!.
ولهذا لما كان هذا أمرا واضحا جليا, قال تعالى:
" أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ " , فقد أودع اللّه في فطركم, ما يدلكم على أن ما مع آبائكم, باطل, وأن الحق ما جاءت به الرسل, وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم, ويعلو عليه.
نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين, ومذاهبهم الفاسدة, ما يظنه هو الحق, وما ذاك إلا لإعراضه, عن حجج اللّه وبيناته, وآياته الأفقية, والنفسية.
فإعراضه ذلك, وإقباله على ما قاله المبطلون, ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق.
هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات.
وقد قيل: إن هذا يوم أخذ اللّه الميثاق على ذرية آدم, حين استخرجهم من ظهره, وأشهدهم على أنفسهم, فشهدوا بذلك.
فاحتج عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت, على ظلمهم, في كفرهم, وعنادهم في الدنيا والآخرة.
ولكن ليس في الآية, ما يدل على هذا, ولا له مناسبة, ولا تقتضيه حكمة اللّه تعالى.
والواقع شاهد بذلك.
فإن هذا العهد والميثاق, الذي ذكروا, أنه حين أخرج اللّه ذرية آدم من ظهره, حين كانوا في عالم كالذر, لا يذكره أحد, ولا يخطر ببال آدمي.
فكيف يحتج اللّه عليهم بأمر, ليس عندهم به خبر, ولا له عين ولا أثر؟!!.
ولهذا لما كان هذا أمرا واضحا جليا, قال تعالى:
" وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ " أي: نبينها ونوضحها " وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " إلى ما أودع اللّه في فطرهم, وإلى ما عاهدوا اللّه عليه, فيرتدعوا عن القبائح.
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ↓
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا " أي: علمناه كتاب اللّه, فصار العالم الكبير, والحبر النحرير.
" فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ " أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي, بالعلم بآيات اللّه, فإن العلم بذلك, يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق, ومحاسن الأعمال, ويرقى إلى أعلى الدرجات, وأرفع المقامات.
فترك هذا, كتاب اللّه وراء ظهره, ونبذ الأخلاق, التي يأمر بها الكتاب, وخلعها كما يخلع اللباس.
فلما انسلخ منها, أتبعه الشيطان, أي: تسلط عليه, حين خرج من الحصن الحصين, وصار إلى أسفل سافلين, فأزه إلى المعاصي أزا.
" فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ " , بعد أن كان من الراشدين المرشدين.
" فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ " أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي, بالعلم بآيات اللّه, فإن العلم بذلك, يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق, ومحاسن الأعمال, ويرقى إلى أعلى الدرجات, وأرفع المقامات.
فترك هذا, كتاب اللّه وراء ظهره, ونبذ الأخلاق, التي يأمر بها الكتاب, وخلعها كما يخلع اللباس.
فلما انسلخ منها, أتبعه الشيطان, أي: تسلط عليه, حين خرج من الحصن الحصين, وصار إلى أسفل سافلين, فأزه إلى المعاصي أزا.
" فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ " , بعد أن كان من الراشدين المرشدين.
وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ↓
وهذا, لأن اللّه تعالى خذله, ووكله إلى نفسه, فلهذا قال تعالى: " وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا " بأن نوفقه للعمل بها, فيرتفع في الدنيا والآخرة, فيتحصن من أعدائه.
" وَلَكِنَّهُ " فعل ما يقتضي الخذلان, إذ " أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ " أي: إلى الشهوات السفلية, والمقاصد الدنيوية.
" وَاتَّبَعَ هَوَاهُ " وترك طاعة مولاه.
" فَمَثَلُهُ " في شدة حرصه على الدنيا, وانقطاع قلبه إليها.
" كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ " أي: لا يزال لاهثا في كل حال, وهذا لا يزال حريصا, حرصا قاطعا قلبه, لا يسد فاقته شيء من الدنيا.
" ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا " بعد أن ساقها اللّه إليهم, فلم ينقادوا لها, بل كذبوا بها, وردوها, لهوانهم على اللّه واتباعهم لأهوائهم, بغير هدى من اللّه.
" فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " في ضرب الأمثال, وفي العبر والآيات.
فإذا تفكروا, علموا, وإذا علموا, عملوا.
" وَلَكِنَّهُ " فعل ما يقتضي الخذلان, إذ " أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ " أي: إلى الشهوات السفلية, والمقاصد الدنيوية.
" وَاتَّبَعَ هَوَاهُ " وترك طاعة مولاه.
" فَمَثَلُهُ " في شدة حرصه على الدنيا, وانقطاع قلبه إليها.
" كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ " أي: لا يزال لاهثا في كل حال, وهذا لا يزال حريصا, حرصا قاطعا قلبه, لا يسد فاقته شيء من الدنيا.
" ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا " بعد أن ساقها اللّه إليهم, فلم ينقادوا لها, بل كذبوا بها, وردوها, لهوانهم على اللّه واتباعهم لأهوائهم, بغير هدى من اللّه.
" فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " في ضرب الأمثال, وفي العبر والآيات.
فإذا تفكروا, علموا, وإذا علموا, عملوا.
" سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ " .
أي: ساء وقبح, مثل من كذب بآيات اللّه, وظلم نفسه, بأنواع المعاصي, فإن مثلهم, مثل السوء.
وهذا الذي آتاه اللّه آياته, يحتمل أن المراد شخص معين, قد كان منه, ما ذكره اللّه, فقص اللّه قصة تبينها للعباد.
ويحتمل أن المراد بذلك, أنه اسم جنس, وأنه شامل لكل من آتاه اللّه آياته, فانسلخ منها.
وفي هذه الآيات, الترغيب في العمل بالعلم, وأن ذلك رفعة من اللّه لصاحبه, وعصمة من الشيطان.
والترهيب من عدم العمل به, وأنه نزول إلى أسفل سافلين, وتسليط للشيطان عليه.
وفيه أن اتباع الهوى, وإخلاد العبد إلى الشهوات, يكون سببا للخذلان.
أي: ساء وقبح, مثل من كذب بآيات اللّه, وظلم نفسه, بأنواع المعاصي, فإن مثلهم, مثل السوء.
وهذا الذي آتاه اللّه آياته, يحتمل أن المراد شخص معين, قد كان منه, ما ذكره اللّه, فقص اللّه قصة تبينها للعباد.
ويحتمل أن المراد بذلك, أنه اسم جنس, وأنه شامل لكل من آتاه اللّه آياته, فانسلخ منها.
وفي هذه الآيات, الترغيب في العمل بالعلم, وأن ذلك رفعة من اللّه لصاحبه, وعصمة من الشيطان.
والترهيب من عدم العمل به, وأنه نزول إلى أسفل سافلين, وتسليط للشيطان عليه.
وفيه أن اتباع الهوى, وإخلاد العبد إلى الشهوات, يكون سببا للخذلان.
ثم قال - مبينا أنه المنفرد بالهداية والإضلال-: " مَنْ يَهْدِ اللَّهُ " بأن يوفقه للخيرات, ويعصمه من المكروهات, ويعلمه ما لم يكن يعلم.
" فَهُوَ الْمُهْتَدِي " حقا لأنه آثر هدايته تعالى.
" وَمَنْ يُضْلِلِ " فيخذله ولا يوفقه للخير " فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " لأنفسهم وأهليهم يوم القيامة, ألا ذلك هو الخسران المبين.
" فَهُوَ الْمُهْتَدِي " حقا لأنه آثر هدايته تعالى.
" وَمَنْ يُضْلِلِ " فيخذله ولا يوفقه للخير " فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " لأنفسهم وأهليهم يوم القيامة, ألا ذلك هو الخسران المبين.
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ↓
يقول تعالى - مبينا كثرة الغاوين الضالين, المتبعين إبليس اللعين-: " وَلَقَدْ ذَرَأْنَا " أي: أنشأنا وبثثنا " لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " صارت البهائم أحسن حالة منهم.
" لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا " أي: لا يصل إليها فقه ولا علم, إلا مجرد قيام الحجة.
" وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا " ما ينفعهم, بل فقدوا منفعتها وفائدتها.
" وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا " سماعا يصل معناه إلى قلوبهم.
" أُولَئِكَ " الذين بهذه الأوصاف القبيحة " كَالْأَنْعَامِ " أي: البهائم, التي فقدت العقول.
وهؤلاء آثروا ما يفنى, على ما يبقى, فسلبوا خاصية العقل.
" بَلْ هُمْ أَضَلُّ " من البهائم, فإن الأنعام, مستعملة فيما خلقت له.
ولها أذهان, تدرك بها, مضرتها من منفعتها, فلذلك كانت أحسن حالا منهم.
" وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ " الذين غفلوا عن أنفع الأشياء.
غفلوا عن الإيمان باللّه, وطاعته, وذكره.
خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار, لتكون عونا لهم على القيام بأوامر اللّه وحقوقه, فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.
فهؤلاء حقيقون, بأن يكونوا ممن ذرأ اللّه لجهنم وخلقهم لها.
فخلقهم للنار, وبأعمال أهلها, يعملون.
وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة اللّه, وانصبغ قلبه بالإيمان باللّه ومحبته, ولم يغفل عن اللّه, فهؤلاء, أهل الجنة, وبأعمال أهل الجنة يعملون.
" لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا " أي: لا يصل إليها فقه ولا علم, إلا مجرد قيام الحجة.
" وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا " ما ينفعهم, بل فقدوا منفعتها وفائدتها.
" وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا " سماعا يصل معناه إلى قلوبهم.
" أُولَئِكَ " الذين بهذه الأوصاف القبيحة " كَالْأَنْعَامِ " أي: البهائم, التي فقدت العقول.
وهؤلاء آثروا ما يفنى, على ما يبقى, فسلبوا خاصية العقل.
" بَلْ هُمْ أَضَلُّ " من البهائم, فإن الأنعام, مستعملة فيما خلقت له.
ولها أذهان, تدرك بها, مضرتها من منفعتها, فلذلك كانت أحسن حالا منهم.
" وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ " الذين غفلوا عن أنفع الأشياء.
غفلوا عن الإيمان باللّه, وطاعته, وذكره.
خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار, لتكون عونا لهم على القيام بأوامر اللّه وحقوقه, فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.
فهؤلاء حقيقون, بأن يكونوا ممن ذرأ اللّه لجهنم وخلقهم لها.
فخلقهم للنار, وبأعمال أهلها, يعملون.
وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة اللّه, وانصبغ قلبه بالإيمان باللّه ومحبته, ولم يغفل عن اللّه, فهؤلاء, أهل الجنة, وبأعمال أهل الجنة يعملون.
وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ↓
هذا بيان, لعظيم جلاله, وسعة أوصافه, بأن له الأسماء الحسنى, أي: له كل اسم حسن.
وضابطه: أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة, وبذلك كانت حسنى.
فإنها لو دلت على غير صفة, بل كانت علما محضا, لم تكن حسنى.
وكذلك لو دلت على صفة, ليست بصفة كمال, بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح, لم تكن حسنى.
فكل اسم من أسمائه, دال على جميع الصفة, التي اشتق منها, مستغرق لجميع معناها.
وذلك نحو " العليم " الدال على أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء.
فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
و " الرحيم " الدال على أن له رحمة عظيمة, واسعة لكل شيء.
و " القدير " الدال على أن له قدرة عامة, لا يعجزها شيء, ونحو ذلك.
ومن تمام كونها " حسنى " أنه لا يدعى إلا بها, ولذلك قال: " فَادْعُوهُ بِهَا " وهذا شامل لدعاء العبادة, ودعاء المسألة.
فيدعى في كل مطلوب, بما يناسب ذلك المطلوب.
فيقول الداعي مثلا: اللّهم اغفر لي وارحمني, إنك أنت الغفور الرحيم, وتب عَلَيَّ يا تواب, وارزقني يا رزاق, والطف بي يا لطيف ونحو ذلك.
وقوله " وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " أي: عقوبة وعذابا على إلحادهم في أسمائه.
وحقيقة الإلحاد, الميل بها, عما جعلت له.
إما بأن يسمى بها, من لا يستحقها, كتسمية المشركين بها لآلهتهم.
وإما بنفي معانيها وتحريفها, وأن يجعل لها معنى, ما أراده اللّه ولا رسوله.
وإما أن يشبه بها غيرها.
فالواجب أن يحذر الإلحاد فيها, ويحذر الملحدون فيها: وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن للّه تسعة وتسعين اسما, من أحصاها دخل الجنة " .
وضابطه: أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة, وبذلك كانت حسنى.
فإنها لو دلت على غير صفة, بل كانت علما محضا, لم تكن حسنى.
وكذلك لو دلت على صفة, ليست بصفة كمال, بل إما صفة نقص أو صفة منقسمة إلى المدح والقدح, لم تكن حسنى.
فكل اسم من أسمائه, دال على جميع الصفة, التي اشتق منها, مستغرق لجميع معناها.
وذلك نحو " العليم " الدال على أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء.
فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
و " الرحيم " الدال على أن له رحمة عظيمة, واسعة لكل شيء.
و " القدير " الدال على أن له قدرة عامة, لا يعجزها شيء, ونحو ذلك.
ومن تمام كونها " حسنى " أنه لا يدعى إلا بها, ولذلك قال: " فَادْعُوهُ بِهَا " وهذا شامل لدعاء العبادة, ودعاء المسألة.
فيدعى في كل مطلوب, بما يناسب ذلك المطلوب.
فيقول الداعي مثلا: اللّهم اغفر لي وارحمني, إنك أنت الغفور الرحيم, وتب عَلَيَّ يا تواب, وارزقني يا رزاق, والطف بي يا لطيف ونحو ذلك.
وقوله " وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " أي: عقوبة وعذابا على إلحادهم في أسمائه.
وحقيقة الإلحاد, الميل بها, عما جعلت له.
إما بأن يسمى بها, من لا يستحقها, كتسمية المشركين بها لآلهتهم.
وإما بنفي معانيها وتحريفها, وأن يجعل لها معنى, ما أراده اللّه ولا رسوله.
وإما أن يشبه بها غيرها.
فالواجب أن يحذر الإلحاد فيها, ويحذر الملحدون فيها: وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن للّه تسعة وتسعين اسما, من أحصاها دخل الجنة " .