(ن) سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة.
أقسم الله بالقلم الذي يكتب به الملائكة والناس, وبما يكتبون من الخير والنفع والعلم.
أقسم الله بالقلم الذي يكتب به الملائكة والناس, وبما يكتبون من الخير والنفع والعلم.
ما أنت- يا محمد- بسبب نعمة الله عليك بالنبوة والرسالة بضعيف العقل, ولا سفيه الرأى,
وإن لك على ما تلقاه من شدائد على تبليغ الرسالة لثوابا عظيما غير منقوص ولا مقطوع,
وإنك- يا محمد- لعلى خلق عظيم, وهو ما اشتمل عليه القرآن من مكارم الأخلاق.
فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره, وينتهي عما ينهى عنه-.
فقد كان امتثال القرآن سجية له يأتمر بأمره, وينتهي عما ينهى عنه-.
فعن قريب سترى يا محمد ,
ويرى الكافرون في أيكم الفتنة والجنون؟
إن ربك- سبحانه- هو أعلم بالشقي المنحرف عن دين الله وطريق الهدى, وهو أعلم بالتقي المهتدي إلى دين الحق.
فاثبت على ما أنت عليه- يا محمد- من مخالفة المكذبين ولا تطعهم.
تمنوا وأحبوا لو تلاينهم, وتصانعهم بعض الشيء, فيلينون لك.
ولا تطع -يا محمد- كل كثير الحلف كذاب حقير,
مغتاب للناس , نقال للحديث على وجه الإفساد بينهم,
بخيل بالمال ضنين به عن الحق, شديد المنع للخير, متجاوز حده في العدوان على الناس وتناول المحرمات , كثير الآثام, شديد في كفره,
فاحش لئيم, منسوب لغير أبيه,
من أجل أنه كان صاحب مال وبنين.
إذا قرأ عليه أحد آيات القرآن كذب بها , وقال: هذا أباطيل الأولين وخرافاتهم وفي هذه الآيات تحذير المسلم من موافقة من اتصف بهذه الصفات الذميمة.
سنجعل على أنفه علامة لازمة لا تفارقه; ليكون مفتضحا بها أمام الناس.
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ↓
إنا اختبرنا أهل " مكة " بالجوع والقحط , كما اختبرنا أصحاب الحديقة حين حلفوا فيما بينهم, ليقطعن ثمار حديقتهم مبكرين في الصباح, فلا يطعم منها غيرهم,
ولم يقولوا: إن شاء الله.
فأنزل الله عليها نارا أحرقتها ليلا, وهم نائمون,
فأصبحت محترقة سوداء كالليل المظلم.
فنادى بعضهم بعضا وقت الصباح:
أن اذهبوا مبكرين إلى زرعكم , إن كنتم مصرين على قطع الثمار.
فاندفعوا مسرعين , وهم يتسارون بالحديث فيما بينهم:
بأن لا تمكنوا اليوم أحدا من المساكين من دخول حديقتكم.
وصاروا في أول النهار إلى حديقتهم على قصدهم السيء في منع المساكين من ثمار الحديقة, وهم في غاية القدرة على تنفيذه في زعمهم.
فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها, وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها,
فلما عرفها أنها هي جنتهم , قالوا: بل نحن محرومون خيرها; بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين.
قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟
قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا, بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيئ.
فأقبل بعضهم على بعض, يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيئ,