أقسم الله تعالى بالرياح المثيرات للتراب,
فالسحب الحاملات ثقلا عظيما من الماء,
فالسفن التي تجري في البحار جريا إذا يسر وسهولة,
فالملائكة التي تُقَسِّم أمر الله في خلقه.
إن الذي توعدون به- أيها الناس- من البعث والحساب لكائن حق يقين,
وإن الحساب والثواب على الأعمال لكائن لا محالة.
وأقسم الله تعالى بالسماء ذات الخَلْق الحسن,
إنكم- أيها المكذبون- لفي قول مضطرب في هذا القرآن, وفي الرسول صلى الله عليه وسلم.
يُصرف عن القرآن والسول صلى الله عليه وسلم مَن صُرف عن الإيمان بهما, وانصرف عن أدلة الله وبراهينه اليقينية فلم يوفق إلى الخير.
قتل الكذابون الظانون غير الحق,
الذين هم في لجة من الكفر والضلالة غافلون متمادون.
يسأل هؤلاء الكذابون سؤال استبعاد وتكذيب: متى يوم الحساب والجزاء؟
يوم الجزاء, يوم يُعذَّبون بالإحراق بالنار,
ويقال لهم: ذوقوا عذابكم الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا.
إن الذين اتقوا الله في جنات عظيمة, وعيون ماء جارية,
أعطاهم الله جميع مُناهم من أصناف الدنيا, فأخذوا ذلك راضين به, فرحة به نفوسهم, إنهم كانوا قبل ذلك النعيم محسنين في الدنيا بأعمالهم الصالحة.
كان هؤلاء المحسنون قليلا من الليل ما ينامون, يُصلون لربهم قانتين له,
وفي أواخر الليل قبيل الفجر يستغفرون الله من ذنوبهم.
وفي أموالهم حق واجب ومستحب للمحتاجين الذين يسألون الناس, والذين لا يسألونهم حياء.
وفي الأرض عبر ودلائل واضحة على قدرة خلقها لأهل اليقين بوحدانية الله وصدق رسوله.
وفي خلق أنفسكم دلائل على قدرة الله تعالى, وعبر تدلكم على وحدانية خالقكم, وأنه لا إله لكم يستحق العبادة سواه, أغفلتم عنها, فلا تبصرون ذلك, فتعتبرون به؟
وفي السماء رزقكم وما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب, وغير ذلك كله مكتوب مقدر.
أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن ما وعدكم به حق, فلا تشكوا فيه كما لا تشكون في نطقكم.
هل أتاك- يا محمد- حديث ضيف إبراهيم الذين أكرمهم- وكانوا من الملائكة الكرام-
حين دخلوا عليه في بيته, فحيوه قائلين له: سلاما, فرد عليهم التحية قائلا: سلام عليكم, أنتم قوم غرباء لا نعرفكم.
فعَدَلَ ومال خفية إلى أهله, فعمد إلى عجل سمين فذبحه,
ووضعه أمامهم, وتلطف في دعوتهم إلى الطعام قائلا: ألا تأكلون؟
فلما رآهم لا يأكلون أحس في نفسه خوفا منهم, قالوا له: لا تخف إنا رسل الله, وبشروه بأن زوجته (سارة) ستلد له ولدا, سيكون من أهل العلم بالله وبدينه, وهو إسحاق عليه السلام.
فلما سمعت زوجة إبراهيم مقالة هؤلاء الملائكة بالبشارة أقبلت نحوهم في صيحة, فلطمت وجهها تعجبا من هذا الأمر, وقالت: كيف ألد وأنا عجوز عقيم لا ألد؟
قالت لها ملائكة الله: هكذا قال ربك كما أخبرناك, وهو القادر على ذلك, فلا عجب من قدرته.
إنه سجانه وتعالى هو الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها, العليم بمصالح عباده.
إنه سجانه وتعالى هو الحكيم الذي يضع الأشياء مواضعها, العليم بمصالح عباده.