فال فوج الأتباع: ربنا من أضلنا في الدنيا عن الهدى فضاعف عذابه في النار-
وقال الطاغون: ما بالنا لا نرى معنا في النار رجالا كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار الأشقياء؟
هل تحقيرنا لهم واستهزاؤنا بهم خطأ, أو أنهم معنا في النار, لكن لم تقع عليهم الأبصار؟
إن ذلك من جدال أهل النار وخصامهم حق واقع لا مرية فيه.
قل- يا محمد- لقومك: إنما أنا منذر لكم من عذاب الله أن يحل بكم; بسبب كفركم به, ليس هناك إله مستحق للعبادة إلا الله وحده, فهو الواحد في خلقه, القهار الذي قهر كل شيء وغلبه.
مالك السموات والأرض وما بينهما العزيز في انتقامه, الغفار لذنوب من تاب وأناب إلى مرضاته.
فل- يا محمد- لقومك: إن هذا القرآن خبر عظيم النفع.
أنتم عنه غافلون منصرفون, لا تعملون به.
ليس لي علم باختصام ملائكة السماء في شأن خلق آدم, لولا نعيم الله إياي , وإيحاؤه إلي.
ما يوحي الله إلي من علم ما لا علم لي به إلا لأني نذير لكم من عذابه, مبين لكم شرعه.
اذكر لهم- با محمد-: حين فال ربك للملائكة: إني خالق بشرا من طين
فإذا سويت جسده وخلقه ونفخت فيه الروح , فدبت فيه الحياة, فاسجدوا له سجرد تحية وإكرام, لا سجود عبادة وتعظيم؟ فالعبادة لا تكون إلا لله وحده وقد حزم الله في شريعة الإسلام السجود للتحية.
فسجد الملائكة كلهم أجمعون طاعة وامتثالا
غير إبليس; فإنه لم يسجد أنفة وتكبرا , وكان من الكافرين في علم الله تعالى.
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ↓
قال الله لإبليس: ما الذي منعك من السجود لمن أكرمته فخلقته بيدي؟ أستكبرت على آدم , أم كنت من المتكبرين على ربك؟ وفي الآية إثبات صفة اليدين لله تبارك وتعالى, على الوجه اللائق به سبحانه.
قال إبليس معارضا لربه: لم أسجد له؟ لأنني أفضل منه, حيث خلقتني من نار , وخلقته من طين.
(والنار خير من الطين).
(والنار خير من الطين).
قال الله له: فاخرج من الجنة فإنك مرجوم بالقول , مدحور ملعون,
وإن لك طردي وإبعادي دائما.
قال إبليس: رب فأخر أجلي , ولا تهلكني إلى حين تبعث الخلق من قبورهم.
فال الله له: فإنك من المؤخرين
إلى يوم الوقت المعلوم, وهو يوم النفخة الأولى عندما تموت الخلائق.
فال إبليس: فبعزتك- يا رب- وعظمتك لأضلن بني آدم أجمعين,
إلا من أخلصته منهم لعبادتك , وعصمته من إضلالي, فلم تجعل لي عليهم سبيلا.
فال الله: فالحق مني , ولا أقول إلا الحق,
لأملان جهنم منك ومن ذريتك وممن تبعك من بني آدم أجمعين.
فل- يا محمد- لهؤلاء المشركين من قومك: لا أطلب منكم أجرا أو جزاء على دعوتكم وهدايتكم, ولا أدعي أمرا ليس لي, بل أتبع ما يوحى إلي , ولا أتكلف تخرصا وافتراء.
ما هذا القرآن إلا تذكير للعالمين من الجن والإنس , يتذكرون به ما ينفعهم من مصالح دينهم ودنياهم.
ولتعلمن- أيها المشركون- خبر هذا القرآن وصدقه , حين يغلب الإسلام , ويدخل الناس فيه أفواجا, وكذلك حين يقع عليكم العذاب, وتنقطع عنكم الأسباب.