وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ↓
قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ↓
وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ↓
إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ↓
" وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " أي: تركنا من ديار قوم لوط, آثارا بينة لقوم يعقلون العبر بقلوبهم, فينتفعون بها.
كما قال تعالى: " وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " .
كما قال تعالى: " وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " .
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ↓
أي وأرسلنا " وَإِلَى مَدْيَنَ " القبيلة المعروفة المشهورة " أَخَاهُمْ شُعَيْبًا " الذي أمرهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له, والإيمان بالبعث ورجائه, والعمل له, ونهاهم عن الإفساد في الأرض, ببخس المكاييل والموازين, والسعي بقطع الطرق.
" فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ " أي عذاب اللّه " فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ " .
وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ↓
أي: وكذلك ما فعلنا بعاد وثمود, وقد علمت قصتهم, وتبين لكم بشيء تشاهدونه بأبصاركم من مساكنهم, وآثارهم, التي بانوا عنها.
وقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات, المفيدة للبصيرة فكذبوهم, وجادلوهم.
" وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ " حتى ظنوا أنها أفضل, مما جاءتهم به الرسل.
وقد جاءتهم رسلهم بالآيات البينات, المفيدة للبصيرة فكذبوهم, وجادلوهم.
" وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ " حتى ظنوا أنها أفضل, مما جاءتهم به الرسل.
وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ↓
وكذلك قارون, وفرعون, وهامان, حين بعث اللّه إليهم موسى ابن عمران; بالآيات البينات; والبراهين الساطعات, فلم ينقادوا, واستكبروا في الأرض, على عباد اللّه, فأذلوهم, وعلى الحق, فردوه, فلم يقدروا على النجاء, حين نزلت بهم العقوبة.
" وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ " اللّه, ولا فائتين, بل سلموا واستسلموا.
" وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ " اللّه, ولا فائتين, بل سلموا واستسلموا.
فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ↓
" فَكُلَا " من هؤلاء الأمم المكذبة " أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ " على قدره, وبعقوبة مناسبة له.
" فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا " أي: عذابا يحصبهم, كقوم عاد, حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم, و " سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ " .
" وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ " كقوم صالح, " وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ " كقارون.
" وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا " كفرعون وهامان, وجنودهما.
" وَمَا كَانَ اللَّهُ " أي: ما ينبغي ولا يليق به " لِيَظْلِمَهُمْ " لكمال عدله, وغناه التام, عن جميع الخلق " وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " منعوها حقها, الذي هي بصدده, فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده.
فهؤلاء, وضعوها في غير موضعها, وشغلوها, بالشهوات والمعاصي, فضروها غاية الضرر, من حيث ظنوا, أنهم ينفعونها.
" فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا " أي: عذابا يحصبهم, كقوم عاد, حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم, و " سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ " .
" وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ " كقوم صالح, " وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ " كقارون.
" وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا " كفرعون وهامان, وجنودهما.
" وَمَا كَانَ اللَّهُ " أي: ما ينبغي ولا يليق به " لِيَظْلِمَهُمْ " لكمال عدله, وغناه التام, عن جميع الخلق " وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " منعوها حقها, الذي هي بصدده, فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده.
فهؤلاء, وضعوها في غير موضعها, وشغلوها, بالشهوات والمعاصي, فضروها غاية الضرر, من حيث ظنوا, أنهم ينفعونها.
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ↓
هذا مثل ضربه اللّه, لمن عبد معه غيره, يقصد به التعزز والتَّقَوِّي; والنفع; وأن الأمر بخلاف مقصوده; فإن مثله; كمثل العنكبوت; اتخذت بيتا, يقيها من الحر, والبرد, والآفات.
" وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ " أي: أضعفها وأوهاها " لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ " .
فالعنكبوت من الحيوانات الضعيفة, وبيتها, من أضعف البيوت فما ازدادت باتخاذه, إلا ضعفا.
كذلك هؤلاء, الذين يتخذون من دونه أولياء, فقراء, عاجزون, من جميع الوجوه.
وحين اتخذوا الأولياء من دونه, يتعززون بهم, ويستنصرونهم, ازدادوا ضعفا إلى ضعفهم, ووهنا إلى وهنهم.
فإن اتكلوا عليهم, في كثير من مصالحهم, وألقوها عليهم, تخلوا هم عنها.
على أن أولئك سيقومون بها.
فخذلوهم, فلم يحصلوا منهم على طائل, ولا أنالوهم من معونتهم, أقل نائل.
فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم, حالهم, وحال من اتخذوهم, لم يتخذوهم, ولتبرأوا منهم, ولتولوا الرب القادر الرحيم, الذي إذا تولاه عبده وتوكل عليه, كفاه مئونة دينه ودنياه, وازداد قوة إلى قوته, في قلبه وبدنه وحاله وأعماله.
ولما بين نهاية ضعف آلهة المشركين, ارتقى من هذا, إلى ما هو أبلغ منه, وأنها ليست بشيء, بل هي مجرد أسماء سموها, وظنون اعتقدوها.
وعند التحقيق, يتبين للعاقل بطلانها وعدمها, ولهذا قال:
" وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ " أي: أضعفها وأوهاها " لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ " .
فالعنكبوت من الحيوانات الضعيفة, وبيتها, من أضعف البيوت فما ازدادت باتخاذه, إلا ضعفا.
كذلك هؤلاء, الذين يتخذون من دونه أولياء, فقراء, عاجزون, من جميع الوجوه.
وحين اتخذوا الأولياء من دونه, يتعززون بهم, ويستنصرونهم, ازدادوا ضعفا إلى ضعفهم, ووهنا إلى وهنهم.
فإن اتكلوا عليهم, في كثير من مصالحهم, وألقوها عليهم, تخلوا هم عنها.
على أن أولئك سيقومون بها.
فخذلوهم, فلم يحصلوا منهم على طائل, ولا أنالوهم من معونتهم, أقل نائل.
فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم, حالهم, وحال من اتخذوهم, لم يتخذوهم, ولتبرأوا منهم, ولتولوا الرب القادر الرحيم, الذي إذا تولاه عبده وتوكل عليه, كفاه مئونة دينه ودنياه, وازداد قوة إلى قوته, في قلبه وبدنه وحاله وأعماله.
ولما بين نهاية ضعف آلهة المشركين, ارتقى من هذا, إلى ما هو أبلغ منه, وأنها ليست بشيء, بل هي مجرد أسماء سموها, وظنون اعتقدوها.
وعند التحقيق, يتبين للعاقل بطلانها وعدمها, ولهذا قال:
" إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ " أي: إنه تعالى يعلم - وهو عالم الغيب والشهادة - أنهم ما يدعون من دون اللّه شيئا موجودا, ولا إلها له حقيقة, كقوله تعالى " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ " .
وقوله " وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ " .
" وَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي له القوة جميعا, الذي قهر بها جميع الخلق.
" الْحَكِيمُ " الذي يضع الأشياء مواضعها, الذي أحسن كل شيء خلقه, وأتقن ما أمره.
وقوله " وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ " .
" وَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي له القوة جميعا, الذي قهر بها جميع الخلق.
" الْحَكِيمُ " الذي يضع الأشياء مواضعها, الذي أحسن كل شيء خلقه, وأتقن ما أمره.
" وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ " أي: لأجلهم ولانتفاعهم وتعليمهم لكونها من الطرق الموضحة للعلوم, لأنها تقرب الأمور المعقولة, بالأمور المحسوسة, فيتضح المعنى المطلوب بسببها, فهي مصلحة لعموم الناس.
ولكن " وَمَا يَعْقِلُهَا " بفهمها وتدبرها, وتطبيقها على ما ضربت له, وعقلها في القلب.
" إِلَّا الْعَالِمُونَ " أي: إلا أهل العلم الحقيقي, الذين وصل العلم إلى قلوبهم.
وهذا مدح للأمثال, التي يضربها, وحثٌّ على تدبرها وتعقلها, ومدح لمن يعقلها.
وأنه عنوان, على أنه من أهل العلم, فعلم أن من لم يعقلها, ليس من العالمين.
والسبب في ذلك, أن الأمثال التي يضربها اللّه في القرآن, إنما هي للأمور الكبار, والمطالب العالية, والمسائل الجليلة.
فأهل العلم, يعرفون أنها أهم من غيرها, لاعتناء اللّه بها, وحثه عباده على تعقلها, وتدبرها.
فيبذلون جهدهم في معرفتها.
وأما من لم يعقلها, مع أهميتها, فإن ذلك, دليل على أنه ليس من أهل العلم, لأنه إذا لم يعرف المسائل المهمة, فعدم معرفته غيرها, من باب أولى وأحرى.
ولهذا, أكثر ما يضرب اللّه الأمثال في أصول الدين, ونحوها
ولكن " وَمَا يَعْقِلُهَا " بفهمها وتدبرها, وتطبيقها على ما ضربت له, وعقلها في القلب.
" إِلَّا الْعَالِمُونَ " أي: إلا أهل العلم الحقيقي, الذين وصل العلم إلى قلوبهم.
وهذا مدح للأمثال, التي يضربها, وحثٌّ على تدبرها وتعقلها, ومدح لمن يعقلها.
وأنه عنوان, على أنه من أهل العلم, فعلم أن من لم يعقلها, ليس من العالمين.
والسبب في ذلك, أن الأمثال التي يضربها اللّه في القرآن, إنما هي للأمور الكبار, والمطالب العالية, والمسائل الجليلة.
فأهل العلم, يعرفون أنها أهم من غيرها, لاعتناء اللّه بها, وحثه عباده على تعقلها, وتدبرها.
فيبذلون جهدهم في معرفتها.
وأما من لم يعقلها, مع أهميتها, فإن ذلك, دليل على أنه ليس من أهل العلم, لأنه إذا لم يعرف المسائل المهمة, فعدم معرفته غيرها, من باب أولى وأحرى.
ولهذا, أكثر ما يضرب اللّه الأمثال في أصول الدين, ونحوها
أي: هو تعالى, المنفرد بخلق السماوات, على علوها وارتفاعها وسعتها وحسنها وما فيها من الشمس والقمر والكواكب والملائكة.
والأرض وما فيها من الجبال والبحار والبراري والقفار, والأشجار ونحوها.
وكل ذلك خلقه بالحق, أي لم يخلقها عبثا, ولا سدى, ولا لغير فائدة.
وإنما خلقها, ليقوم أمره وشرعه, ولتتم نعمته على عباده, وليروا من حكمته, وقهره وتدبيره, ما يدلهم على أنه وحده, معبودهم, ومحبوبهم, وإلههم.
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ " على كثير من المطالب الإيمانية, إذا تدبرها المؤمن, رأى ذلك فيها عيانا.
والأرض وما فيها من الجبال والبحار والبراري والقفار, والأشجار ونحوها.
وكل ذلك خلقه بالحق, أي لم يخلقها عبثا, ولا سدى, ولا لغير فائدة.
وإنما خلقها, ليقوم أمره وشرعه, ولتتم نعمته على عباده, وليروا من حكمته, وقهره وتدبيره, ما يدلهم على أنه وحده, معبودهم, ومحبوبهم, وإلههم.
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ " على كثير من المطالب الإيمانية, إذا تدبرها المؤمن, رأى ذلك فيها عيانا.
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ↓
يأمر تعالى بتلاوة وحيه, وتنزيله, وهو: هذا الكتاب العظيم.
ومعنى تلاوته, اتباعه, بامتثال ما يأمر به, واجتناب ما ينهى عنه, والاهتداء بهداه, وتصديق أخباره, وتدبر معانيه, وتلاوة ألفاظه, فصار تلاوة لفظه جزء المعنى, وبعضه.
وإذا كان هذا معنى تلاوة الكتاب, عل أن إقامة الدين كلها, داخلة في تلاوة الكتاب.
فيكون قوله " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ " من باب عطف الخاص على العام, لفضل الصلاة وشرفها, وآثارها الجميلة, وهي " إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ " .
فالفحشاء, كل ما استعظم, واستفحش من المعاصي, التي تشتهيها النفوس.
والمنكر: كل معصية تنكرها العقول والفطر.
ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, أن العبد المقيم لها, المتمم لأركانها وشروطها, وخشوعها, يستنير قلبه, ويتطهر فؤاده, ويزداد إيمانه, وتقوى رغبته في الخير, وتقل أو تنعدم, رغبته في الشر.
فبالضرورة, مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه, تنهى عن الفحشاء والمنكر.
فهذا من أعظم مقاصد الصلاة, وثمراتها.
وثَمَّ في الصلاة, مقصود أعظم من هذا وأكبر, وهو: ما اشتملت عليه من ذكر اللّه, بالقلب, واللسان, والبدن.
فإن اللّه تعالى, إنما خلق العباد, لعبادته, وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة.
وفيها من عبوديات الجوارح كلها, ما ليس في غيرها, ولهذا قال: " وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " .
ويحتمل أنه لما أمر بالصلاة ومدحها, أخبر أن ذكره تعالى, خارج الصلاة, أكبر من الصلاة كما هو قول جمهور المفسرين.
لكن الأول, أولى, لأن الصلاة, أفضل من الذكر خارجها, ولأنها - كما تقدم - بنفسها من أكبر الذكر.
" وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " من خير وشر, فيجازيكم على ذلك, أكمل الجزاء, وأوفاه.
" وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ "
ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب, إذا كانت عن غير بصيرة من المجادل, أو بغير قاعدة مرضية, وأن لا يجادلوا, إلا بالتي هي أحسن, بحسن خلق ولطف ولين كلام, ودعوة إلى الحق, وتحسينه, ورد الباطل وتهجينه, بأقرب طريق موصل لذلك.
وأن لا يكون القصد منها, مجرد المجادلة والمغالبة, وحب العلو, بل يكون القصد, بيان الحق, وهداية الخلق.
" إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا " من أهل الكتاب, بأن ظهر من قصد المجادل منهم وحاله, أنه لا إرادة له في الحق, وإنما يجادل, على وجه المشاغبة والمغالبة.
فهذا, لا فائدة في جداله, لأن المقصود منها ضائع.
" وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ " أي: ولتكن مجادلتكم لأهل الكتاب مبنية على الإيمان.
بما أنزل إليكم وأنزل إليهم, وعلى الإيمان برسولكم ورسولهم, وعلى أن الإله واحد.
ولا تكن مناظرتكم إياهم, على وجه يحصل به القدح, في شيء من الكتب الإلهية, أو بأحد من الرسل, كما يفعله الجاهل عند مناظرة الخصوم, يقدح بجميع ما معهم, من حق وباطل, فهذا ظلم, وخروج عن الواجب, وآداب النظر.
فإن الواجب, أن يرد ما مع الخصم من الباطل, ويقبل ما معه من الحق.
ولا يرد الحق, لأجل قوله, ولو كان كافرا.
وأيضا فإن بناء مناظرة أهل الكتاب, على هذا الطريق, فيه إلزام لهم, بالإقرار بالقرآن, وبالرسول, الذي جاء به.
فإنه إذا تكلم في الأصول الدينية, والتي اتفقت عليها الأنبياء والكتب وتقررت عند المناظرين, وثبتت حقائقها عندهما, وكانت الكتب السابقة, والمرسلون, مع القرآن ومحمد صلى اللّه عليه وسلم, قد بينتها, ودلت, وأخبرت بها, فإنه يلزم التصديق بالكتب كلها, والرسل كلهم, وهذا من خصائص الإسلام.
فأما أن يقال: نؤمن بما دل عليه الكتاب الفلاني, دون الكتاب الفلاني, وهو الحق الذي صدق ما قبله, فهذا ظلم وهوى.
وهو يرجع إلى قومه بالتكذيب, لأنه إذا كذب القرآن الدال عليها, المصدق لما بين يديه, فإنه مكذب لما زعم أنه به مؤمن.
وأيضا فإن كل طريق تثبت بها نبوة أي نبي كان, فإن مثلها.
وأعظم منها, دالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم.
وكل شبهة يقدح بها في نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم, فإن مثلها, أو أعظم منها, يمكن توجيهها إلى نبوة غيره.
فإذا ثبت بطلانها في غيره, فثبوت بطلانها في حقه صلى اللّه عليه وسلم, أظهر وأظهر.
وقوله " وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " أي: منقادون مستسلمون لأمره.
ومن آمن به, واتخذه إلها, وآمن بجميع كتبه, ورسله, وانقاد للّه واتبع رسله, فهو السعيد.
ومن انحرف عن هذا الطريق, فهو الشقي.
ومعنى تلاوته, اتباعه, بامتثال ما يأمر به, واجتناب ما ينهى عنه, والاهتداء بهداه, وتصديق أخباره, وتدبر معانيه, وتلاوة ألفاظه, فصار تلاوة لفظه جزء المعنى, وبعضه.
وإذا كان هذا معنى تلاوة الكتاب, عل أن إقامة الدين كلها, داخلة في تلاوة الكتاب.
فيكون قوله " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ " من باب عطف الخاص على العام, لفضل الصلاة وشرفها, وآثارها الجميلة, وهي " إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ " .
فالفحشاء, كل ما استعظم, واستفحش من المعاصي, التي تشتهيها النفوس.
والمنكر: كل معصية تنكرها العقول والفطر.
ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, أن العبد المقيم لها, المتمم لأركانها وشروطها, وخشوعها, يستنير قلبه, ويتطهر فؤاده, ويزداد إيمانه, وتقوى رغبته في الخير, وتقل أو تنعدم, رغبته في الشر.
فبالضرورة, مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه, تنهى عن الفحشاء والمنكر.
فهذا من أعظم مقاصد الصلاة, وثمراتها.
وثَمَّ في الصلاة, مقصود أعظم من هذا وأكبر, وهو: ما اشتملت عليه من ذكر اللّه, بالقلب, واللسان, والبدن.
فإن اللّه تعالى, إنما خلق العباد, لعبادته, وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة.
وفيها من عبوديات الجوارح كلها, ما ليس في غيرها, ولهذا قال: " وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " .
ويحتمل أنه لما أمر بالصلاة ومدحها, أخبر أن ذكره تعالى, خارج الصلاة, أكبر من الصلاة كما هو قول جمهور المفسرين.
لكن الأول, أولى, لأن الصلاة, أفضل من الذكر خارجها, ولأنها - كما تقدم - بنفسها من أكبر الذكر.
" وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " من خير وشر, فيجازيكم على ذلك, أكمل الجزاء, وأوفاه.
" وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ "
ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب, إذا كانت عن غير بصيرة من المجادل, أو بغير قاعدة مرضية, وأن لا يجادلوا, إلا بالتي هي أحسن, بحسن خلق ولطف ولين كلام, ودعوة إلى الحق, وتحسينه, ورد الباطل وتهجينه, بأقرب طريق موصل لذلك.
وأن لا يكون القصد منها, مجرد المجادلة والمغالبة, وحب العلو, بل يكون القصد, بيان الحق, وهداية الخلق.
" إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا " من أهل الكتاب, بأن ظهر من قصد المجادل منهم وحاله, أنه لا إرادة له في الحق, وإنما يجادل, على وجه المشاغبة والمغالبة.
فهذا, لا فائدة في جداله, لأن المقصود منها ضائع.
" وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ " أي: ولتكن مجادلتكم لأهل الكتاب مبنية على الإيمان.
بما أنزل إليكم وأنزل إليهم, وعلى الإيمان برسولكم ورسولهم, وعلى أن الإله واحد.
ولا تكن مناظرتكم إياهم, على وجه يحصل به القدح, في شيء من الكتب الإلهية, أو بأحد من الرسل, كما يفعله الجاهل عند مناظرة الخصوم, يقدح بجميع ما معهم, من حق وباطل, فهذا ظلم, وخروج عن الواجب, وآداب النظر.
فإن الواجب, أن يرد ما مع الخصم من الباطل, ويقبل ما معه من الحق.
ولا يرد الحق, لأجل قوله, ولو كان كافرا.
وأيضا فإن بناء مناظرة أهل الكتاب, على هذا الطريق, فيه إلزام لهم, بالإقرار بالقرآن, وبالرسول, الذي جاء به.
فإنه إذا تكلم في الأصول الدينية, والتي اتفقت عليها الأنبياء والكتب وتقررت عند المناظرين, وثبتت حقائقها عندهما, وكانت الكتب السابقة, والمرسلون, مع القرآن ومحمد صلى اللّه عليه وسلم, قد بينتها, ودلت, وأخبرت بها, فإنه يلزم التصديق بالكتب كلها, والرسل كلهم, وهذا من خصائص الإسلام.
فأما أن يقال: نؤمن بما دل عليه الكتاب الفلاني, دون الكتاب الفلاني, وهو الحق الذي صدق ما قبله, فهذا ظلم وهوى.
وهو يرجع إلى قومه بالتكذيب, لأنه إذا كذب القرآن الدال عليها, المصدق لما بين يديه, فإنه مكذب لما زعم أنه به مؤمن.
وأيضا فإن كل طريق تثبت بها نبوة أي نبي كان, فإن مثلها.
وأعظم منها, دالة على نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم.
وكل شبهة يقدح بها في نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم, فإن مثلها, أو أعظم منها, يمكن توجيهها إلى نبوة غيره.
فإذا ثبت بطلانها في غيره, فثبوت بطلانها في حقه صلى اللّه عليه وسلم, أظهر وأظهر.
وقوله " وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " أي: منقادون مستسلمون لأمره.
ومن آمن به, واتخذه إلها, وآمن بجميع كتبه, ورسله, وانقاد للّه واتبع رسله, فهو السعيد.
ومن انحرف عن هذا الطريق, فهو الشقي.
وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ↓
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ ↓
أي " وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ " يا محمد, هذا " الْكِتَابُ " الكريم, المبين كل نبأ عظيم.
الداعي إلى كل خلق فاضل, وأمر كامل, المصدق للكتب السابقة, المخبر به الأنبياء الأقدمون.
" فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ " فعرفوه حق معرفته, ولم يداخلهم حسد وهوى.
" يُؤْمِنُونَ بِهِ " لأنهم تيقنوا صدقه, بما لديهم من الموافقات, وبما عندهم من البشارات, وبما تميزوا به, من معرفة الحسن والقبيح, والصدق والكذب.
" وَمِنْ هَؤُلَاءِ " الموجودين " مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ " إيمانا عن بصيرة, لا عن رغبة ولا رهبة.
" وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ " الذين دأبهم الجحود للحق, والعناد له.
وهذا حصر لمن كفر به, أنه لا يكون من أحد, قصده متابعة الحق.
وإلا, فكل من له قصد صحيح, فإنه لا بد أن يؤمن به, لما اشتمل عليه من البينات, لكل من له عقل, أو ألقى السمع وهو شهيد.
الداعي إلى كل خلق فاضل, وأمر كامل, المصدق للكتب السابقة, المخبر به الأنبياء الأقدمون.
" فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ " فعرفوه حق معرفته, ولم يداخلهم حسد وهوى.
" يُؤْمِنُونَ بِهِ " لأنهم تيقنوا صدقه, بما لديهم من الموافقات, وبما عندهم من البشارات, وبما تميزوا به, من معرفة الحسن والقبيح, والصدق والكذب.
" وَمِنْ هَؤُلَاءِ " الموجودين " مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ " إيمانا عن بصيرة, لا عن رغبة ولا رهبة.
" وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ " الذين دأبهم الجحود للحق, والعناد له.
وهذا حصر لمن كفر به, أنه لا يكون من أحد, قصده متابعة الحق.
وإلا, فكل من له قصد صحيح, فإنه لا بد أن يؤمن به, لما اشتمل عليه من البينات, لكل من له عقل, أو ألقى السمع وهو شهيد.
وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ↓
ومما يدل على صحته, أنه جاء به هذا النبي الأمين, الذي عرف قومه صدقه, وأمانته, ومدخله ومخرجه, وسائر أحواله, وهو لا يكتب بيده خطا, بل ولا يقرأ خطا مكتوبا.
فإتيانه به في هذه الحال, من أظهر البينات القاطعة, التي لا تقبل الارتياب, أنه من عند اللّه العزيز الحميد, ولهذا قال: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو " أي تقرأ " مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا " لو كنت بهذه الحال " لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " فقالوا: تعلمه من الكتب السابقة, أو استنسخه منها.
فأما وقد نزل على قلبك, كتابا جليلا, تحديت به الفصحاء البلغاء, الأعداء, الألداء أن يأتوا بمثله, أو بسورة من مثله, فعجزوا غاية العجز, بل ولا حدثتهم أنفسهم بالمعارضة, لعلمهم ببلاغته وفصاحته, وأن كلام أحد من البشر, لا يبلغ أن يكون مجاريا له أو على منواله, ولهذا قال: " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ " إلى " الظَّالِمُونَ " .
فإتيانه به في هذه الحال, من أظهر البينات القاطعة, التي لا تقبل الارتياب, أنه من عند اللّه العزيز الحميد, ولهذا قال: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو " أي تقرأ " مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا " لو كنت بهذه الحال " لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " فقالوا: تعلمه من الكتب السابقة, أو استنسخه منها.
فأما وقد نزل على قلبك, كتابا جليلا, تحديت به الفصحاء البلغاء, الأعداء, الألداء أن يأتوا بمثله, أو بسورة من مثله, فعجزوا غاية العجز, بل ولا حدثتهم أنفسهم بالمعارضة, لعلمهم ببلاغته وفصاحته, وأن كلام أحد من البشر, لا يبلغ أن يكون مجاريا له أو على منواله, ولهذا قال: " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ " إلى " الظَّالِمُونَ " .
بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ ↓
" بَلْ هُوَ " أي: هذا القرآن " آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ " لا خفيات.
" فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ " وهم: سادة الخلق, وعقلاؤهم, وأولو الألباب منهم, والكمل منهم.
فإذا كان آيات بينات, في صدور أمثال هؤلاء, كانوا حجة على غيرهم.
وإنكار غيرهم, لا يضر, ولا يكون ذلك إلا ظلما, ولهذا قال: " وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ " لأنه لا يجحدها إلا جاهل, تكلم بغير علم: ولم يقتد بأهل العلم, ومن هو التمكن من معرفته على حقيقته, أو متجاهل, عرف أنه حق فعانده, وعرف صدقه, فخالفه.
" فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ " وهم: سادة الخلق, وعقلاؤهم, وأولو الألباب منهم, والكمل منهم.
فإذا كان آيات بينات, في صدور أمثال هؤلاء, كانوا حجة على غيرهم.
وإنكار غيرهم, لا يضر, ولا يكون ذلك إلا ظلما, ولهذا قال: " وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ " لأنه لا يجحدها إلا جاهل, تكلم بغير علم: ولم يقتد بأهل العلم, ومن هو التمكن من معرفته على حقيقته, أو متجاهل, عرف أنه حق فعانده, وعرف صدقه, فخالفه.
وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ↓
أي: واعترض هؤلاء الظالمون المكذبون للرسول, ولما جاء به, واقترحوا عليه, نزول آيات, عينوها كما قال اللّه عنهم: " وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا " الآيات.
فتعيين الآيات, ليس عندهم, ولا عند الرسول صلى اللّه عليه وسلم, فإن في ذلك تدابير, مع اللّه, وأنه لو كان كذا, وينبغي أن يكون كذا, وليس لأحد من الأمر شيء.
ولهذا قال: " قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ " إن شاء أنزلها, أو منعها " وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ " وليس لي مرتبة, فوق هذه المرتبة.
وإذا كان القصد بيان الحق من الباطل, فإذا حصل المقصود - بأي طريق - كان اقتراح الآيات المعينات على ذلك, ظلما وجورا, وتكبرا على اللّه, وعلى الحق.
بل لو قدر أن تنزل تلك الآيات, ويكون في قلوبهم, أنهم لا يؤمنون بالحق إلا بها كان ذلك ليس بإيمان, وإنما ذلك, شيء وافق أهواءهم, فآمنوا, لا لأنه حق, بل لتلك الآيات.
فأي فائدة حصلت, في إنزالها على التقدير الفرضي؟
فتعيين الآيات, ليس عندهم, ولا عند الرسول صلى اللّه عليه وسلم, فإن في ذلك تدابير, مع اللّه, وأنه لو كان كذا, وينبغي أن يكون كذا, وليس لأحد من الأمر شيء.
ولهذا قال: " قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ " إن شاء أنزلها, أو منعها " وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ " وليس لي مرتبة, فوق هذه المرتبة.
وإذا كان القصد بيان الحق من الباطل, فإذا حصل المقصود - بأي طريق - كان اقتراح الآيات المعينات على ذلك, ظلما وجورا, وتكبرا على اللّه, وعلى الحق.
بل لو قدر أن تنزل تلك الآيات, ويكون في قلوبهم, أنهم لا يؤمنون بالحق إلا بها كان ذلك ليس بإيمان, وإنما ذلك, شيء وافق أهواءهم, فآمنوا, لا لأنه حق, بل لتلك الآيات.
فأي فائدة حصلت, في إنزالها على التقدير الفرضي؟
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ↓
ولما كان المقصود بيان الحق, ذكر تعالى طريقه فقال: " أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ " في علمهم بصدقك, وصدق ما جئت به " أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ " .
وهذا كلام مختصر, جامع فيه, من الآيات البينات, والدلالات الباهرات, شيء كثير.
فإنه كما تقدم إتيان الرسول به بمجرده, وهو أمي, من أكبر الآيات على صدقه.
ثم عجزهم عن معارضته, وتحديهم إياه, آية أخرى.
ثم ظهوره, وبروزه جهرا علانية, يتلى عليهم, ويقال: هو من عند اللّه, قد أظهره الرسول, وهو في وقت قلَّ فيه أنصاره, وكثر مخالفوه وأعداؤه, فلم يخفه, ولم يثن ذلك عزمه.
بل خرج به على رءوس الأشهاد, ونادى به, بين الحاضر والباد, بأن هذا كلام ربي.
فهل أحد يقدر على معارضته, أو ينطق بمباراته أو يستطيع مجاراته.
ثم هيمنته على الكتب المتقدمة, وتصحيحه للصحيح, ونَفْيُ ما أدخل فيها من التحريف, والتبديل.
ثم هدايته لسواء السبيل, في أمره ونهيه.
فما أمر بشيء, فقال العقل " ليته لم يأمر به " , ولا نهى عن شيء فقال العقل " ليته لم ينه عنه " .
بل هو مطابق للعدل والميزان, والحكمة المعقولة لذوي البصائر, والعقول.
ثم مسايرة إرشاداته, وهدايته, وأحكامه, لكل حال, وكل زمان, بحيث لا تصلح الأمور إلا به.
فجميع ذلك, يكفي من أراد تصديق الحق, وعمل على طلب الحق.
فلا كفى اللّه, من لم يكفه القرآن, ولا شفى اللّه, من لم يشفه الفرقان.
ومن اهتدى به واكتفى, فإنه رحمة له وخير, فلذلك قال: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " وذلك لما يحصل فيه من العلم الكثير, والخير الغزير وتزكية القلوب والأرواح, وتطهير العقائد, وتكميل الأخلاق, والفتوحات الإلهية, والأسرار الربانية.
وهذا كلام مختصر, جامع فيه, من الآيات البينات, والدلالات الباهرات, شيء كثير.
فإنه كما تقدم إتيان الرسول به بمجرده, وهو أمي, من أكبر الآيات على صدقه.
ثم عجزهم عن معارضته, وتحديهم إياه, آية أخرى.
ثم ظهوره, وبروزه جهرا علانية, يتلى عليهم, ويقال: هو من عند اللّه, قد أظهره الرسول, وهو في وقت قلَّ فيه أنصاره, وكثر مخالفوه وأعداؤه, فلم يخفه, ولم يثن ذلك عزمه.
بل خرج به على رءوس الأشهاد, ونادى به, بين الحاضر والباد, بأن هذا كلام ربي.
فهل أحد يقدر على معارضته, أو ينطق بمباراته أو يستطيع مجاراته.
ثم هيمنته على الكتب المتقدمة, وتصحيحه للصحيح, ونَفْيُ ما أدخل فيها من التحريف, والتبديل.
ثم هدايته لسواء السبيل, في أمره ونهيه.
فما أمر بشيء, فقال العقل " ليته لم يأمر به " , ولا نهى عن شيء فقال العقل " ليته لم ينه عنه " .
بل هو مطابق للعدل والميزان, والحكمة المعقولة لذوي البصائر, والعقول.
ثم مسايرة إرشاداته, وهدايته, وأحكامه, لكل حال, وكل زمان, بحيث لا تصلح الأمور إلا به.
فجميع ذلك, يكفي من أراد تصديق الحق, وعمل على طلب الحق.
فلا كفى اللّه, من لم يكفه القرآن, ولا شفى اللّه, من لم يشفه الفرقان.
ومن اهتدى به واكتفى, فإنه رحمة له وخير, فلذلك قال: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " وذلك لما يحصل فيه من العلم الكثير, والخير الغزير وتزكية القلوب والأرواح, وتطهير العقائد, وتكميل الأخلاق, والفتوحات الإلهية, والأسرار الربانية.
قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ↓
" قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا " فأنا قد استشهدته.
فإن كنت كاذبا, أَحَلَّ بي ما به تعتبرون.
وإن كان إنما يؤيدني, وينصرني, وييسر لي الأمور, فلتكفكم, هذه الشهادة الجليلة من اللّه.
فإن وقع في قلوبكم أن شهادته - وأنتم لم تسمعوه, ولم تروه - لا تكفي دليلا, فإنه " يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " .
ومن جملة معلوماته, حالي وحالكم, ومقالي لكم.
فلو كنت متقولا عليه, مع علمه بذلك, وقدرته على عقوبتي - لكان قدحا, في علمه, وقدرته, وحكمته كما قال تعالى " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ " .
" وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " حيث خسروا الإيمان باللّه, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وحيث فاتهم النعيم المقيم, وحيث حصل لهم في مقابلة الحق الصحيح, كل باطل قبيح, وفي مقابلة النعيم, كل عذاب أليم, فخسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
فإن كنت كاذبا, أَحَلَّ بي ما به تعتبرون.
وإن كان إنما يؤيدني, وينصرني, وييسر لي الأمور, فلتكفكم, هذه الشهادة الجليلة من اللّه.
فإن وقع في قلوبكم أن شهادته - وأنتم لم تسمعوه, ولم تروه - لا تكفي دليلا, فإنه " يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " .
ومن جملة معلوماته, حالي وحالكم, ومقالي لكم.
فلو كنت متقولا عليه, مع علمه بذلك, وقدرته على عقوبتي - لكان قدحا, في علمه, وقدرته, وحكمته كما قال تعالى " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ " .
" وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " حيث خسروا الإيمان باللّه, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وحيث فاتهم النعيم المقيم, وحيث حصل لهم في مقابلة الحق الصحيح, كل باطل قبيح, وفي مقابلة النعيم, كل عذاب أليم, فخسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ↓
يخبر تعالى, عن جهل المكذبين للرسول, وما جاء به, وأنهم يقولون - استعجالا للعذاب, وزيادة تكذيب: " مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ؟ يقول تعالى " وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى " مضروب لنزوله, ولم يأت بعد " لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ " بسبب تعجيزهم لنا, وتكذيبهم الحق.
فلو آخذناهم بجهلهم, لكان كلامهم, أسرع لبلائهم وعقوبتهم.
ولكن - مع ذلك - فلا يستبطئوا نزوله " وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " .
فوقع كما أخبر اللّه تعالى, لما قدموا لـ " بدر " بطرين مفاخرين, ظانين أنهم قادرون على مقصودهم.
فأذلهم اللّه, وقتل كبارهم, واستوعب جملة أشرارهم, ولم يبق فيهم بيت, إلا أصابته تلك المصيبة.
فأتاهم العذاب, من حيث لم يحتسبوا, ونزل بهم, وهم لا يشعرون.
فلو آخذناهم بجهلهم, لكان كلامهم, أسرع لبلائهم وعقوبتهم.
ولكن - مع ذلك - فلا يستبطئوا نزوله " وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " .
فوقع كما أخبر اللّه تعالى, لما قدموا لـ " بدر " بطرين مفاخرين, ظانين أنهم قادرون على مقصودهم.
فأذلهم اللّه, وقتل كبارهم, واستوعب جملة أشرارهم, ولم يبق فيهم بيت, إلا أصابته تلك المصيبة.
فأتاهم العذاب, من حيث لم يحتسبوا, ونزل بهم, وهم لا يشعرون.
هذا, وإن لم ينزل عليهم العذاب الدنيوي, فإن أمامهم العذاب الأخروي, الذي لا يخلص منهم أحد منه, سواء عوجل بعذاب الدنيا, أو أمهل.
" وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ " ليس لهم عنها, معدل ولا منصرف.
قد أحاطت بهم من كل جانب, كما أحاطت بهم ذنوبهم, وسيئاتهم, وكفرهم.
وذلك العذاب, هو العذاب الشديد.
" وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ " ليس لهم عنها, معدل ولا منصرف.
قد أحاطت بهم من كل جانب, كما أحاطت بهم ذنوبهم, وسيئاتهم, وكفرهم.
وذلك العذاب, هو العذاب الشديد.
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ↓
" يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " فإن أعمالكم انقلبت عليكم عذابا, وشملكم العذاب, كما شملكم الكفر والذنوب.
يقول تعالى: " يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا " وصدقوا رسولي " إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ " فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض, فارتحلوا منها إلى أرض أخرى, حيث كانت العبادة للّه وحده.
فأماكن العبادة, ومواضعها, واسعة, والمعبود واحد, والموت لا بد أن ينزل بكم ثم ترجعون إلى ربكم, فيجازي من أحسن عبادته وجمع بين الإيمان والعمل الصالح بإنزاله الغرف العالية, والمنازل الأنيقة الجامعة, لما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, وأنتم فيها خالدون.
فـ " نَعَمْ " تلك المنازل, في جنات النعيم " أَجْرُ الْعَامِلِينَ " للّه.
فأماكن العبادة, ومواضعها, واسعة, والمعبود واحد, والموت لا بد أن ينزل بكم ثم ترجعون إلى ربكم, فيجازي من أحسن عبادته وجمع بين الإيمان والعمل الصالح بإنزاله الغرف العالية, والمنازل الأنيقة الجامعة, لما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, وأنتم فيها خالدون.
فـ " نَعَمْ " تلك المنازل, في جنات النعيم " أَجْرُ الْعَامِلِينَ " للّه.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ↓
" الَّذِينَ صَبَرُوا " على عبادة اللّه " وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " في ذلك.
فصبرهم على عبادة اللّه, يقتضي بذل الجهد والطاقة في ذلك, والمحاربة العظيمة للشيطان, الذي يدعوهم إلى الإخلال بشيء من ذلك.
وتوكلهم, يقتضي شدة اعتمادهم على اللّه, وحسن ظنهم به, أن يحقق ما عزموا عليه من الأعمال, ويكملها.
ونص على التوكل, وإن كان داخلا في الصبر, لأنه يحتاج إليه في كل فعل, وترك مأمور به, ولا يتم إلا به.
فصبرهم على عبادة اللّه, يقتضي بذل الجهد والطاقة في ذلك, والمحاربة العظيمة للشيطان, الذي يدعوهم إلى الإخلال بشيء من ذلك.
وتوكلهم, يقتضي شدة اعتمادهم على اللّه, وحسن ظنهم به, أن يحقق ما عزموا عليه من الأعمال, ويكملها.
ونص على التوكل, وإن كان داخلا في الصبر, لأنه يحتاج إليه في كل فعل, وترك مأمور به, ولا يتم إلا به.
وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ↓
أي: الباري تبارك وتعالى, قد تكفل بأرزاق الخلائق كلهم, قويهم, وعاجزهم.
فكم " مِنْ دَابَّةٍ " في الأرض, ضعيفة القوى, ضعيفة العقل.
" لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا " ولا تدخره, بل لم تزل, لا شيء معها من الرزق, ولا يزال اللّه يسخر لها الرزق, في كل وقت بوقته.
" اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ " فكلكم عيال اللّه القائم برزقكم, كما قام بخلقكم وتدبيركم.
" وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " فلا تخفى عليه خافية, ولا تهلك دابة من عدم الرزق, بسبب أنها خافية عليه.
كما قال تعالى: " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " :
فكم " مِنْ دَابَّةٍ " في الأرض, ضعيفة القوى, ضعيفة العقل.
" لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا " ولا تدخره, بل لم تزل, لا شيء معها من الرزق, ولا يزال اللّه يسخر لها الرزق, في كل وقت بوقته.
" اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ " فكلكم عيال اللّه القائم برزقكم, كما قام بخلقكم وتدبيركم.
" وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " فلا تخفى عليه خافية, ولا تهلك دابة من عدم الرزق, بسبب أنها خافية عليه.
كما قال تعالى: " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " :