وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ↓
أي: واذكر مريم, عليها السلام, مثنيا عليها مبينا لقدرها, شاهرا لشرفها.
فقال: " وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا " أي: حفظته من الحرام وقربانه, بل ومن الحلال.
فلم تتزوج لاشتغالها بالعبادة, واستغراق وقتها بالخدمة لربها.
وحين جاءها جبريل في صورة بشر سوي تام الخلق والحسن " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا " فجازاها الله من جنس عملها, ورزقها ولدا من غير أب, بل نفخ فيها جبريل عليه السلام, فحملت بإذن الله.
" وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ " حيث حملت به, ووضعته من دون مسيس أحد, وحيث تكلم في المهد, وبرأها مما ظن بها المتهمون وأخبر عن نفسه في تلك الحالة, وأجرى الله على يديه من الخوارق والمعجزات, ما هو معلوم.
فكانت وابنها آية للعالمين, يتحدث بها, جيلا بعد جيل, ويعتبر بها المعتبرون.
فقال: " وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا " أي: حفظته من الحرام وقربانه, بل ومن الحلال.
فلم تتزوج لاشتغالها بالعبادة, واستغراق وقتها بالخدمة لربها.
وحين جاءها جبريل في صورة بشر سوي تام الخلق والحسن " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا " فجازاها الله من جنس عملها, ورزقها ولدا من غير أب, بل نفخ فيها جبريل عليه السلام, فحملت بإذن الله.
" وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ " حيث حملت به, ووضعته من دون مسيس أحد, وحيث تكلم في المهد, وبرأها مما ظن بها المتهمون وأخبر عن نفسه في تلك الحالة, وأجرى الله على يديه من الخوارق والمعجزات, ما هو معلوم.
فكانت وابنها آية للعالمين, يتحدث بها, جيلا بعد جيل, ويعتبر بها المعتبرون.
ولما ذكر الأنبياء عليهم السلام, قال مخاطبا للناس: " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً " .
أي: هؤلاء الرسل المذكورون هم أمتكم وائمتكم الذين بهم تأتمون, وبهديهم تقتدون, كلهم على دين واحد, وصراط واحد, والرب أيضا واحد.
ولهذا قال: " وَأَنَا رَبُّكُمْ " الذي خلقتكم, وربيتكم بنعمتي, في الدين والدنيا.
فإذا كان الرب واحدا, والنبي: واحدا, والدين واحدا, وهو: عبادة الله, وحده لا شريك له, بجميع أنواع العبادة كان وظيفتكم, والواجب عليكم, القيام بها.
ولهذا قال: " فَاعْبُدُونِ " فرتب العبادة على ما سبق بالفاء, ترتيب المسبب على سببه.
أي: هؤلاء الرسل المذكورون هم أمتكم وائمتكم الذين بهم تأتمون, وبهديهم تقتدون, كلهم على دين واحد, وصراط واحد, والرب أيضا واحد.
ولهذا قال: " وَأَنَا رَبُّكُمْ " الذي خلقتكم, وربيتكم بنعمتي, في الدين والدنيا.
فإذا كان الرب واحدا, والنبي: واحدا, والدين واحدا, وهو: عبادة الله, وحده لا شريك له, بجميع أنواع العبادة كان وظيفتكم, والواجب عليكم, القيام بها.
ولهذا قال: " فَاعْبُدُونِ " فرتب العبادة على ما سبق بالفاء, ترتيب المسبب على سببه.
وكان اللائق, الاجتماع على هذا الأمر, وعدم التفرق فيه.
ولكن البغي والاعتداء, أبيا إلا الافتراق والتقطع.
ولهذا قال " وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ " أي: تفرق الأحزاب المنتسبون لأتباع الأنبياء فرقا, وتشتتوا, كل يدعي أن الحق معه, والباطل مع الفريق الآخر و " كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ " وقد علم أن المصيب منهم, من كان سالكا للدين القويم, والصراط المستقيم, مؤتما بالأنبياء وسيظهر هذا, إذا انكشف الغطاء, وبرح الخفاء, وحشر الله الناس لفصل القضاء.
فحينئذ يتبين الصادق من الكاذب.
ولهذا قال: " كُلِّ " من الفرق المتفرقة وغيرهم " إِلَيْنَا رَاجِعُونَ " أي: فنجازيهم أتم الجزاء.
ولكن البغي والاعتداء, أبيا إلا الافتراق والتقطع.
ولهذا قال " وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ " أي: تفرق الأحزاب المنتسبون لأتباع الأنبياء فرقا, وتشتتوا, كل يدعي أن الحق معه, والباطل مع الفريق الآخر و " كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ " وقد علم أن المصيب منهم, من كان سالكا للدين القويم, والصراط المستقيم, مؤتما بالأنبياء وسيظهر هذا, إذا انكشف الغطاء, وبرح الخفاء, وحشر الله الناس لفصل القضاء.
فحينئذ يتبين الصادق من الكاذب.
ولهذا قال: " كُلِّ " من الفرق المتفرقة وغيرهم " إِلَيْنَا رَاجِعُونَ " أي: فنجازيهم أتم الجزاء.
فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ↓
ثم فصل جزاءه فيهم, منطوقا ومفهوما, فقال: " فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ " أي: الأعمال التي شرعتها الرسل وحثت عليها الكتب " وَهُوَ مُؤْمِنٌ " بالله وبرسله, وما جاءوا به " فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ " .
أي: لا نضيع سعيه ولا نبطله, بل نضاعفه له, أضعافا كثيرة.
" وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ " أي: مثبتون له في اللوح المحفوظ, وفي الصحف التي مع الحفظة.
أي: ومن يعمل من الصالحات, أو عملها وهو ليس بمؤمن, فإنه محروم, خاسر في دينه, ودنياه.
أي: لا نضيع سعيه ولا نبطله, بل نضاعفه له, أضعافا كثيرة.
" وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ " أي: مثبتون له في اللوح المحفوظ, وفي الصحف التي مع الحفظة.
أي: ومن يعمل من الصالحات, أو عملها وهو ليس بمؤمن, فإنه محروم, خاسر في دينه, ودنياه.
أي: يمتنع على القرى المهلكة المعذبة, الرجوع إلى الدنيا, ليستدركوا ما فرطوا فيه فلا سبيل إلى الرجوع لمن أهلك وعذب.
فليحذر المخاطبون, أن يستمروا على ما يوجب الإهلاك فيقع بهم, فلا يمكن رفعه, وليقلعوا وقت الإمكان والإدارك.
فليحذر المخاطبون, أن يستمروا على ما يوجب الإهلاك فيقع بهم, فلا يمكن رفعه, وليقلعوا وقت الإمكان والإدارك.
هذا تحذير من الله للناس, أن يقيموا على الكفر والمعاصي, وأنه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج, وهما قبيلتان من بني آدم, وقد سد عليهم ذو القرنين, لما شكي إليه إفسادهم في الأرض.
وفي آخر الزمان, ينفتح السد عنهم, فيخرجون إلى الناس وفي هذه الحالة والوصف, الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع, وهو الحدب ينسلون أي: يسرعون.
في هذا, دلالة على كثرتهم الباهرة, وإسراعهم في الأرض, إما بذواتهم, وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد, وتسهل عليهم الصعب.
وأنهم يقهرون الناس, ويعلون عليهم في الدنيا, وأنه لا يد لأحد بقتالهم.
وفي آخر الزمان, ينفتح السد عنهم, فيخرجون إلى الناس وفي هذه الحالة والوصف, الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع, وهو الحدب ينسلون أي: يسرعون.
في هذا, دلالة على كثرتهم الباهرة, وإسراعهم في الأرض, إما بذواتهم, وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد, وتسهل عليهم الصعب.
وأنهم يقهرون الناس, ويعلون عليهم في الدنيا, وأنه لا يد لأحد بقتالهم.
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ↓
" وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ " أي يوم القيامة الذي وعد الله بإتيانه, ووعده حق وصدق.
ففي ذلك اليوم ترى أبصار الكفار شاخصة, من شدة الأفزاع والأهوال المزعجة, والقلاقل المفظعة, وما كانوا يعرفون من جناياتهم وذنوبهم, وأنهم يدعون بالويل والثبور, والندم والحسرة, على ما فات ويقولون: " قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا " اليوم العظيم, فلم نزل فيها مستغرقين, وفي لهو الدنيا متمتعين, حتى أتانا اليقين, ووردنا القيامة, فلو كان يموت أحد من الندم والحسرة, لماتوا.
" بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ " اعترفوا بظلمهم, وعدل الله فيهم, فحينئذ يؤمر بهم إلى النار, وما كانوا يعبدون, ولهذا قال: " إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ " إلى " تُوعَدُونَ " .
ففي ذلك اليوم ترى أبصار الكفار شاخصة, من شدة الأفزاع والأهوال المزعجة, والقلاقل المفظعة, وما كانوا يعرفون من جناياتهم وذنوبهم, وأنهم يدعون بالويل والثبور, والندم والحسرة, على ما فات ويقولون: " قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا " اليوم العظيم, فلم نزل فيها مستغرقين, وفي لهو الدنيا متمتعين, حتى أتانا اليقين, ووردنا القيامة, فلو كان يموت أحد من الندم والحسرة, لماتوا.
" بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ " اعترفوا بظلمهم, وعدل الله فيهم, فحينئذ يؤمر بهم إلى النار, وما كانوا يعبدون, ولهذا قال: " إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ " إلى " تُوعَدُونَ " .
أي: وإنكم, أيها العابدون مع الله آلهة غيره " حَصَبُ جَهَنَّمَ " .
أي: وقودها وحطبها " أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ " وأصنامكم.
والحكمة في دخول الأصنام, النار, وهي جماد, لا تعقل, وليس عليها ذنب- بيان كذب من اتخذها آلهة, وليزداد عذابهم, فلهذا قال:
أي: وقودها وحطبها " أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ " وأصنامكم.
والحكمة في دخول الأصنام, النار, وهي جماد, لا تعقل, وليس عليها ذنب- بيان كذب من اتخذها آلهة, وليزداد عذابهم, فلهذا قال:
" لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا " هذا كقوله تعالى " لِيُبَيِّنَ لَهُمُالَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ " .
وكل من العابدين والمعبودين فيها, خالدون, لا يخرجون منها, ولا ينقلون عنها.
وكل من العابدين والمعبودين فيها, خالدون, لا يخرجون منها, ولا ينقلون عنها.
" لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ " من شدة العذاب " وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ " صم بكم عمي.
أولا يسمعون من الأصوات عير صوتها, لشدة غليانها, واشتداد زفيرها وتغيظها.
ودخول آلهة المشركين النار, إنما هو الأصنام, أو من عبد, وهو راض بعبادته.
أولا يسمعون من الأصوات عير صوتها, لشدة غليانها, واشتداد زفيرها وتغيظها.
ودخول آلهة المشركين النار, إنما هو الأصنام, أو من عبد, وهو راض بعبادته.
وأما المسيح, وعزير, والملائكة ونحوهم, ممن عبد من الأولياء, فإنهم لا يعذبون فيها, ويدخلون في قوله " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى " أي: سبقت لهم سابقة السعادة في علم الله, وفي اللوح المحفوظ وفي تيسيرهم في الدنيا لليسرى والأعمال الصالحة.
" أُولَئِكَ عَنْهَا " أي: عن النار " مُبْعَدُونَ " فلا يدخلونها, ولا يكونون قريبا منها, بل يبعدون عنها, غاية البعد, حتى لا يسمعوا حسيسها, ولا يروا شخصها.
" وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ " من المآكل, والمشارب, والمناكح والمناظر, مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, مستمر لهم ذلك, يزداد حسنه على الأحقاب.
" أُولَئِكَ عَنْهَا " أي: عن النار " مُبْعَدُونَ " فلا يدخلونها, ولا يكونون قريبا منها, بل يبعدون عنها, غاية البعد, حتى لا يسمعوا حسيسها, ولا يروا شخصها.
" وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ " من المآكل, والمشارب, والمناكح والمناظر, مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, مستمر لهم ذلك, يزداد حسنه على الأحقاب.
لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ↓
" لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ " أي: لا يقلقهم إذا فزع الناس أكبر فزع.
وذلك يوم القيامة, حين تقرب النار, تتغيظ على الكافرين والعاصين فيفزع الناس لذلك الأمر وهؤلاء لا يحزنهم, لعلمهم بما يقدمون عليه وأن الله قد أمنهم مما يخافون.
" وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ " إذا بعثوا من قبورهم, وأتوا على النجائب وفدا, لنشورهم, مهنئين لهم قائلين: " هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ " فليهنكم.
ما وعدكم الله.
وليعظم استبشاركم, بما أمامكم من الكرامة, وليكثر فرحكم وسروركم, بما أمنكم الله من المخاوف والمكاره.
وذلك يوم القيامة, حين تقرب النار, تتغيظ على الكافرين والعاصين فيفزع الناس لذلك الأمر وهؤلاء لا يحزنهم, لعلمهم بما يقدمون عليه وأن الله قد أمنهم مما يخافون.
" وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ " إذا بعثوا من قبورهم, وأتوا على النجائب وفدا, لنشورهم, مهنئين لهم قائلين: " هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ " فليهنكم.
ما وعدكم الله.
وليعظم استبشاركم, بما أمامكم من الكرامة, وليكثر فرحكم وسروركم, بما أمنكم الله من المخاوف والمكاره.
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ↓
يخبر تعالى أنه يوم القيامة يطوي السماوات - على عظمها واتساعها - كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها.
فتنثر نجومها, وتكور شمسها وقمرها, وتزول عن أماكنها " كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ " أي إعادتنا للخلق, مثل ابتدائنا لخلقهم.
فكما ابتدأنا خلقهم, ولم يكونوا شيئا, كذلك نعيدهم بعد موتهم.
" وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " ننفذ ما وعدنا, لكمال قدرته, وأنه لا تمتنع منه الأشياء.
فتنثر نجومها, وتكور شمسها وقمرها, وتزول عن أماكنها " كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ " أي إعادتنا للخلق, مثل ابتدائنا لخلقهم.
فكما ابتدأنا خلقهم, ولم يكونوا شيئا, كذلك نعيدهم بعد موتهم.
" وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " ننفذ ما وعدنا, لكمال قدرته, وأنه لا تمتنع منه الأشياء.
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ↓
" وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ " وهو الكتاب المزبور, والمراد: الكتب المنزلة, كالتوراة ونحوها " مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ " أي: كتبناه في الكتب المنزلة, بعد ما كتبنا في الكتاب السابق, الذي هو اللوح المحفوظ, وأم الكتاب الذي توافقه - جميع التقادير المتأخرة عنه والمكتوب في ذلك.
" أَنَّ الْأَرْضَ " أي أرض الجنة " يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " الذين قاموا بالمأمورات, واجتنبوا المنهيات.
فهم الذين يورثهم الله الجنات, كقول أهل الجنة: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ " .
ويحتمل أن المراد: الاستخلاف في الأرض, وأن الصالحين يمكن الله لهم في الأرض, ويوليهم عليها كقوله تعالى: " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " .
" أَنَّ الْأَرْضَ " أي أرض الجنة " يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " الذين قاموا بالمأمورات, واجتنبوا المنهيات.
فهم الذين يورثهم الله الجنات, كقول أهل الجنة: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ " .
ويحتمل أن المراد: الاستخلاف في الأرض, وأن الصالحين يمكن الله لهم في الأرض, ويوليهم عليها كقوله تعالى: " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " .
يثني الله تعالى على كتابه العزيز " القرآن " ويبين كفايته التامة عن كل شيء, وأنه لا يستغنى عنه فقال: " إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ " أي: يتبلغون به, في الوصول إلى ربهم, وإلى دار كرامته, فوصلهم إلى أجل المطالب, وأفضل الرغائب.
وليس للعابدين, الذين أشرف الخلق, وراءه غاية, لأنه الكفيل بمعرفة ربهم, بأسمائه, وصفاته, وأفعاله, وبالإخبار بالغيوب الصادقة, وبالدعوة لحقائق الإيمان, وشواهد الإيقان, المبين للمأمورات كلها, والمنهيات جميعا, المعرف بعيوب النفس والعمل, والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله, والتحذير من طرق الشيطان, وبيان مداخله على الإنسان.
فمن لم يغنه القرآن, فلا أغناه الله, ومن لا يكفيه, فلا كفاه الله.
وليس للعابدين, الذين أشرف الخلق, وراءه غاية, لأنه الكفيل بمعرفة ربهم, بأسمائه, وصفاته, وأفعاله, وبالإخبار بالغيوب الصادقة, وبالدعوة لحقائق الإيمان, وشواهد الإيقان, المبين للمأمورات كلها, والمنهيات جميعا, المعرف بعيوب النفس والعمل, والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله, والتحذير من طرق الشيطان, وبيان مداخله على الإنسان.
فمن لم يغنه القرآن, فلا أغناه الله, ومن لا يكفيه, فلا كفاه الله.
ثم أثنى على رسوله, الذي جاء بالقرآن فقال: " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " .
فهو رحمته المهداة لعباده.
فالمؤمنون به, قبلوا هذه الرحمة, وشكروها, وقاموا بها.
وغيرهم, كفروها, وبدلوا نعمة الله كفرا, وأبوا رحمة الله ونعمته.
فهو رحمته المهداة لعباده.
فالمؤمنون به, قبلوا هذه الرحمة, وشكروها, وقاموا بها.
وغيرهم, كفروها, وبدلوا نعمة الله كفرا, وأبوا رحمة الله ونعمته.
" قُلْ " يا محمد " إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " الذي لا يستحق العبادة إلا هو, ولهذا قال: " فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " أي: منقادون لعبوديته مستسلمون لألوهيته, فإن فعلوا فليحمدوا ربهم على ما من عليهم, بهذه النعمة, التي, فاقت المنن.
فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ ↓
" فَإِنْ تَوَلَّوْا " عن الانقياد لعبودية ربهم, فحذرهم حلول المثلات, ونزول العقوبة.
" فَقُلْ آذَنْتُكُمْ " أي: أعلمتكم بالعقوبة " عَلَى سَوَاءٍ " أي علمي وعلمكم بذلك مستو فلا تقولوا - إذا أنزل بكم العذاب - " مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ " بل الآن, استوى علمي وعلمكم, لما أنذرتكم, وحذرتكم, وأعلمتكم بمآل الكفر, ولم أكتم عنكم شيئا.
" وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ " أي: من العذاب لأن علمه عند الله, وهو بيده, ليس لي من الأمر شيء.
" فَقُلْ آذَنْتُكُمْ " أي: أعلمتكم بالعقوبة " عَلَى سَوَاءٍ " أي علمي وعلمكم بذلك مستو فلا تقولوا - إذا أنزل بكم العذاب - " مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ " بل الآن, استوى علمي وعلمكم, لما أنذرتكم, وحذرتكم, وأعلمتكم بمآل الكفر, ولم أكتم عنكم شيئا.
" وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ " أي: من العذاب لأن علمه عند الله, وهو بيده, ليس لي من الأمر شيء.
" وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ " أي: لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه, شر لكم, وإن تتمتعوا في الدنيا إلى حين, ثم يكون أعظم لعقوبتكم.