قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ↓
" قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ " أي: تضجروا من نصائحه ومواعظه لهم, فقالوا: " ما نفقه كثيرا مما تقول " وذلك لبغضهم لما يقول, ونفرتهم عنه.
" وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا " أي: في نفسك, لست من الكبار والرؤساء بل من المستضعفين.
" وَلَوْلَا رَهْطُكَ " أي: جماعتك وقبيلتك " لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ " .
أي: ليس لك قدر في صدورنا, ولا احترام في أنفسنا, وإنما احترمنا قبيلتك, بتركنا إياك.
" وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا " أي: في نفسك, لست من الكبار والرؤساء بل من المستضعفين.
" وَلَوْلَا رَهْطُكَ " أي: جماعتك وقبيلتك " لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ " .
أي: ليس لك قدر في صدورنا, ولا احترام في أنفسنا, وإنما احترمنا قبيلتك, بتركنا إياك.
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ↓
" قَالَ " لهم مترققا لهم, " يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ " .
أي: كيف تراعونني لأجل رهطي, ولا تراعونني لله, فصار رهطي أعز عليكم من الله.
" وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا " أي: نبذتم أمر الله, وراء ظهوركم, ولم تبالوا به, ولا خفتم منه.
" إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " لا يخفى عليه من أعمالكم, مثقال ذرة, في الأرض, ولا في السماء, فسيجازيكم على ما عملتم أتم الجزاء.
أي: كيف تراعونني لأجل رهطي, ولا تراعونني لله, فصار رهطي أعز عليكم من الله.
" وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا " أي: نبذتم أمر الله, وراء ظهوركم, ولم تبالوا به, ولا خفتم منه.
" إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " لا يخفى عليه من أعمالكم, مثقال ذرة, في الأرض, ولا في السماء, فسيجازيكم على ما عملتم أتم الجزاء.
وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ↓
ولما أعيوه وعجز عنهم قال: " يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ " أي.
على حالتكم ودينكم.
" إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ " ويحل عليه عذاب مقيم " وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ " أنا أم أنتم, وقد علموا بذلك ذلك حين وقع عليهم العذاب.
" وَارْتَقِبُوا " ما يحل بي " إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ " ما يحل بكم.
على حالتكم ودينكم.
" إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ " ويحل عليه عذاب مقيم " وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ " أنا أم أنتم, وقد علموا بذلك ذلك حين وقع عليهم العذاب.
" وَارْتَقِبُوا " ما يحل بي " إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ " ما يحل بكم.
وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ↓
" وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا " بإهلاك قوم شعيب " نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ " لا تسمع لهم صوتا, ولا ترى منهم حركة
" كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا " أي: كأنهم ما أقاموا في ديارهم, ولا تنعموا فيها حين أتاهم العذاب.
" أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ " إذ أهلكها الله وأخزاها " كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ " أي: قد اشتركت هاتان القبيلتان, في السحق, والبعد, والهلاك.
وشعيب عليه السلام, كان يسمى خطيب الأنبياء, لحسن مراجعته لقومه.
وفي قصته من الفوائد والعبر, شيء كثير.
منها: أن الكفار, كما يعاقبون, ويخاطبون, بأصل الإسلام, فكذلك بشرائعه وفروعه, لأن شعيبا دعا قومه إلى التوحيد, وإلى إيفاء المكيال والميزان, وجعل الوعيد, مرتبا على مجموع ذلك.
ومنها: أن نقص المكاييل والموازين, من كبائر الذنوب, وتخشى العقوبة العاجلة, على من تعاطى ذلك, وأن ذلك, من سرقة أموال الناس.
وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين, موجبة للوعيد, فسرقتهم - على وجه القهر والغلبة - من باب أولى, وأحرى.
ومنها: أن الجزاء عن جنس العمل.
فمن بخس أموال الناس, يريد زيادة ماله, عوقب بنقيض ذلك, وكان سببا لزوال الخير, الذي عنده, من الرزق لقوله: " إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ " أي: فلا تتسببوا إلى زواله بفعلكم.
ومنها: أن على العبد, أن يقنع بما آتاه الله, ويقنع بالحلال عن الحرام وبالمكاسب المباحة, عن المكاسب المحرمة, وأن ذلك خير له لقوله: " بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ " .
ففي ذلك, من البركة, وزيادة الرزق, ما ليس في التكالب على الأسباب المحرمة, من المحق, وضد البركة.
ومنها: أن ذلك, من لوازم الإيمان, وآثاره, فإنه رتب العمل به, على وجود الإيمان.
فدل, على أنه إذا لم يوجد العمل, فالإيمان ناقص, أو معدوم.
ومنها: أن الصلاة, لم تزل مشروعة للأنبياء المتقدمين, وأنها من أفضل الأعمال.
حتى إنه متقرر عند الكفار فضلها, وتقديمها على سائر الأعمال, وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر, وهي ميزان للإيمان وشرائعه.
فبإقامتها على وجهها, تكمل أحوال العبد, وبعدم إقامتها, تختل أحواله الدينية.
ومنها: أن المال الذي يرزقه الله الإنسان - وإن كان الله قد خوله إياه - فليس له أن يصنع فيه ما يشاء, فإنه أمانة عنده, عليه أن يقيم حق الله فيه, بأداء ما فيه, من الحقوق, والامتناع من المكاسب, التي حرمها الله ورسوله.
لا كما يزعمه الكفار, ومن أشبههم, أن أموالهم, لهم أن يصنعوا فيها ما يشاءون ويختارون,, سواء وافق حكم الله, أو خالفه.
ومنها: أن من تكملة دعوة الداعي وتمامها, أن يكون أول مبادر لما يأمر غيره به.
وأول منته, عما ينهى غيره عنه, كما قال شعيب عليه السلام: " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ " ولقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ " .
ومنها: أن وظيفة الرسل, وسنتهم, وملتهم, إرادة الإصلاح, بحسب القدرة والإمكان, بتحصيل المصالح وتكميلها, أو بتحصيل ما يقدر عليه منها, وبدفع المفاسد وتقليلها, ويراعون المصالح الخاصة.
وحقيقة المصلحة, هي التي تصلح بها أحوال العباد, وتستقيم بها أمورهم الدينية والدنيوية.
ومنها: أن من قام بما يقدر عليه من الإصلاح, لم يكن ملوما ولا مذموما, في عدم فعله, ما لا يقدر عليه.
فعلى العبد أن يقيم من الإصلاح في نفسه, وفي غيره, ما يقدر عليه.
ومنها: أن العبد, ينبغي له أن لا يتكل على نفسه طرفة عين.
بل لا يزال مستعينا بربه, متوكلا عليه, سائلا له التوفيق.
وإذا حصل له شيء من التوفيق, فلينسبه لموليه ومسديه, ولا يعجب بنفسه لقوله: " وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " .
ومنها: الترهيب بأخذات الأمم, وما جرى عليهم, وأنه ينبغي أن تذكر القصص, التي فيها إيقاع العقوبات بالمجرمين, في سياق الوعظ والزجر.
كما أنه ينبغي ذكر ما أكرم الله به أهل التقوى, عند الترغيب, والحث على التقوى.
ومنها: أن التائب من الذنب كما يسمح له عن ذنبه, ويعفى عنه فإن الله تعالى يحبه ويوده.
ولا عيرة بقول من يقول " إن التائب إذا تاب, فحسبه أن يغفر له, ويعود عليه بالعفو, وأما عود الود الحب فإنه لا يعود " .
فإن الله قال: " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " .
ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة, قد يعلمون بعضها, وقد لا يعلمون شيئا منها.
وربما دفع عنهم, بسبب قبيلتهم, وأهل وطنهم الكفار, كما دفع الله عن شعيب, رجم قومه, بسبب رهطه.
وأن هذه الروابط, التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين, لا بأس بالسعي فيها, بل ربما تعين ذلك.
لأن الإصلاح مطلوب, على حسب القدرة والإمكان.
فعلى هذا, لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار, وعملوا على جعل الولاية جمهورية, يتمكن فيها الأفراد والشعوب, من حقوقهم, الدينية والدنيوية, لكان أولى, من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم, الدينية والدنيوية, وتحرص على إبادتها, وجعلهم عملة وخدما لهم.
نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين, وهم الحكام, فهو المتعين.
ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة, فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا, مقدمة.
والله أعلم.
" أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ " إذ أهلكها الله وأخزاها " كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ " أي: قد اشتركت هاتان القبيلتان, في السحق, والبعد, والهلاك.
وشعيب عليه السلام, كان يسمى خطيب الأنبياء, لحسن مراجعته لقومه.
وفي قصته من الفوائد والعبر, شيء كثير.
منها: أن الكفار, كما يعاقبون, ويخاطبون, بأصل الإسلام, فكذلك بشرائعه وفروعه, لأن شعيبا دعا قومه إلى التوحيد, وإلى إيفاء المكيال والميزان, وجعل الوعيد, مرتبا على مجموع ذلك.
ومنها: أن نقص المكاييل والموازين, من كبائر الذنوب, وتخشى العقوبة العاجلة, على من تعاطى ذلك, وأن ذلك, من سرقة أموال الناس.
وإذا كان سرقتهم في المكاييل والموازين, موجبة للوعيد, فسرقتهم - على وجه القهر والغلبة - من باب أولى, وأحرى.
ومنها: أن الجزاء عن جنس العمل.
فمن بخس أموال الناس, يريد زيادة ماله, عوقب بنقيض ذلك, وكان سببا لزوال الخير, الذي عنده, من الرزق لقوله: " إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ " أي: فلا تتسببوا إلى زواله بفعلكم.
ومنها: أن على العبد, أن يقنع بما آتاه الله, ويقنع بالحلال عن الحرام وبالمكاسب المباحة, عن المكاسب المحرمة, وأن ذلك خير له لقوله: " بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ " .
ففي ذلك, من البركة, وزيادة الرزق, ما ليس في التكالب على الأسباب المحرمة, من المحق, وضد البركة.
ومنها: أن ذلك, من لوازم الإيمان, وآثاره, فإنه رتب العمل به, على وجود الإيمان.
فدل, على أنه إذا لم يوجد العمل, فالإيمان ناقص, أو معدوم.
ومنها: أن الصلاة, لم تزل مشروعة للأنبياء المتقدمين, وأنها من أفضل الأعمال.
حتى إنه متقرر عند الكفار فضلها, وتقديمها على سائر الأعمال, وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر, وهي ميزان للإيمان وشرائعه.
فبإقامتها على وجهها, تكمل أحوال العبد, وبعدم إقامتها, تختل أحواله الدينية.
ومنها: أن المال الذي يرزقه الله الإنسان - وإن كان الله قد خوله إياه - فليس له أن يصنع فيه ما يشاء, فإنه أمانة عنده, عليه أن يقيم حق الله فيه, بأداء ما فيه, من الحقوق, والامتناع من المكاسب, التي حرمها الله ورسوله.
لا كما يزعمه الكفار, ومن أشبههم, أن أموالهم, لهم أن يصنعوا فيها ما يشاءون ويختارون,, سواء وافق حكم الله, أو خالفه.
ومنها: أن من تكملة دعوة الداعي وتمامها, أن يكون أول مبادر لما يأمر غيره به.
وأول منته, عما ينهى غيره عنه, كما قال شعيب عليه السلام: " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ " ولقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ " .
ومنها: أن وظيفة الرسل, وسنتهم, وملتهم, إرادة الإصلاح, بحسب القدرة والإمكان, بتحصيل المصالح وتكميلها, أو بتحصيل ما يقدر عليه منها, وبدفع المفاسد وتقليلها, ويراعون المصالح الخاصة.
وحقيقة المصلحة, هي التي تصلح بها أحوال العباد, وتستقيم بها أمورهم الدينية والدنيوية.
ومنها: أن من قام بما يقدر عليه من الإصلاح, لم يكن ملوما ولا مذموما, في عدم فعله, ما لا يقدر عليه.
فعلى العبد أن يقيم من الإصلاح في نفسه, وفي غيره, ما يقدر عليه.
ومنها: أن العبد, ينبغي له أن لا يتكل على نفسه طرفة عين.
بل لا يزال مستعينا بربه, متوكلا عليه, سائلا له التوفيق.
وإذا حصل له شيء من التوفيق, فلينسبه لموليه ومسديه, ولا يعجب بنفسه لقوله: " وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " .
ومنها: الترهيب بأخذات الأمم, وما جرى عليهم, وأنه ينبغي أن تذكر القصص, التي فيها إيقاع العقوبات بالمجرمين, في سياق الوعظ والزجر.
كما أنه ينبغي ذكر ما أكرم الله به أهل التقوى, عند الترغيب, والحث على التقوى.
ومنها: أن التائب من الذنب كما يسمح له عن ذنبه, ويعفى عنه فإن الله تعالى يحبه ويوده.
ولا عيرة بقول من يقول " إن التائب إذا تاب, فحسبه أن يغفر له, ويعود عليه بالعفو, وأما عود الود الحب فإنه لا يعود " .
فإن الله قال: " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " .
ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة, قد يعلمون بعضها, وقد لا يعلمون شيئا منها.
وربما دفع عنهم, بسبب قبيلتهم, وأهل وطنهم الكفار, كما دفع الله عن شعيب, رجم قومه, بسبب رهطه.
وأن هذه الروابط, التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين, لا بأس بالسعي فيها, بل ربما تعين ذلك.
لأن الإصلاح مطلوب, على حسب القدرة والإمكان.
فعلى هذا, لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار, وعملوا على جعل الولاية جمهورية, يتمكن فيها الأفراد والشعوب, من حقوقهم, الدينية والدنيوية, لكان أولى, من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم, الدينية والدنيوية, وتحرص على إبادتها, وجعلهم عملة وخدما لهم.
نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين, وهم الحكام, فهو المتعين.
ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة, فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا, مقدمة.
والله أعلم.
يقول تعالى: " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى " بن عمران " بِآيَاتِنَا " الدالة على صدق ما جاء به, كالعصا, واليد ونحوهما, من الآيات التي أجراها الله على يدي موسى عليه السلام.
" وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ " أي: حجة ظاهرة بينة, ظهرت ظهور الشمس.
" وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ " أي: حجة ظاهرة بينة, ظهرت ظهور الشمس.
" إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ " أي: أشراف قومه, لأنهم المتبوعون, وغيرهم تبع لهم, فلم ينقادوا لما مع موسى من الآيات, التي أراهم إياها, كما تقدم بسطها في سورة الأعرف " فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ " بل هو ضال غاو, لا يأمر إلا بما هو ضرر محض.
لا جرم - لما اتبعه قومه - أرداهم وأهلكهم.
لا جرم - لما اتبعه قومه - أرداهم وأهلكهم.
أي: في الدنيا " لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي: يلعنهم الله وملائكته, والناس أجمعون في الدنيا والآخرة.
" بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ " أي: بئس ما اجتمع لهم, وترادف عليهم, من عذاب الله, ولعنة الدنيا والآخرة.
" بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ " أي: بئس ما اجتمع لهم, وترادف عليهم, من عذاب الله, ولعنة الدنيا والآخرة.
ولما ذكر قصص هؤلاء الأمم مع رسلهم, قال الله تعالى لرسوله: " ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ " لتنذر به, ويكون آية على رسالتك, وموعظة وذكرى للمؤمنين.
" مِنْهَا قَائِمٌ " لم يتلف, بل بقي من آثار ديارهم, ما يدل عليهم.
ومنها " وَحَصِيدٌ " قد تهدمت مساكنهم, واضمحلت منازلهم, فلم يبق لها أثر.
" مِنْهَا قَائِمٌ " لم يتلف, بل بقي من آثار ديارهم, ما يدل عليهم.
ومنها " وَحَصِيدٌ " قد تهدمت مساكنهم, واضمحلت منازلهم, فلم يبق لها أثر.
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ↓
" وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ " بأخذهم بأنواع العقوبات " وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ " بالشرك والكفر, والعناد.
" فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ " وهكذا كل من التجأ إلى غير الله, لم ينفعه ذلك, عند نزول الشدائد.
" وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ " أي.
خسار ودمار, بالضد مما خطر ببالهم.
" فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ " وهكذا كل من التجأ إلى غير الله, لم ينفعه ذلك, عند نزول الشدائد.
" وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ " أي.
خسار ودمار, بالضد مما خطر ببالهم.
أي: يقصمهم بالعذاب ويبيدهم, ولا ينفعهم, ما كانوا يدعون, من دون الله من شيء.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ↓
" إِنَّ فِي ذَلِكَ " المذكور, من أخذه للظالمين, بأنواع العقوبات.
" لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ " أي: لعبرة ودليلا, على أن أهل الظلم والإجرام, لهم العقوبة الدنيوية, والعقوبة الأخروية.
ثم انتقل من هذا, إلى وصف الآخرة فقال: " ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ " .
أي: جمعوا لأجل ذلك اليوم, للمجازاة, وليظهر لهم, من عظمة الله وعدله العظيم, ما به يعرفونه حق المعرفة.
" وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ " أي: يشهده الله وملائكته, وجميع المخلوقين.
" لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ " أي: لعبرة ودليلا, على أن أهل الظلم والإجرام, لهم العقوبة الدنيوية, والعقوبة الأخروية.
ثم انتقل من هذا, إلى وصف الآخرة فقال: " ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ " .
أي: جمعوا لأجل ذلك اليوم, للمجازاة, وليظهر لهم, من عظمة الله وعدله العظيم, ما به يعرفونه حق المعرفة.
" وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ " أي: يشهده الله وملائكته, وجميع المخلوقين.
" وَمَا نُؤَخِّرُهُ " أي: إتيان يوم القيامة " إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ " إذا انفضى أجل الدنيا وما قدر الله فيها من الخلق, فحينئد ينقلهم إلى الدار الأخرى, ويجري عليهم أحكامه الجزائية, كما أجرى عليهم في الدنيا, أحكامه الشرعية.
" يَوْمَ يَأْتِ " ذلك اليوم, ويجتمع الخلق " لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ " حتى الأنبياء, والملائكة الكرام, لا يشفعون إلا بإذنه.
" فَمِنْهُمْ " أي: الخلق " شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ " .
فالأشقياء, هم الذين كفروا بالله, وكذبوا رسله, وعصوا أمره.
والسعداء, هم: المؤمنون المتقون.
" فَمِنْهُمْ " أي: الخلق " شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ " .
فالأشقياء, هم الذين كفروا بالله, وكذبوا رسله, وعصوا أمره.
والسعداء, هم: المؤمنون المتقون.
وأما جزاؤهم " فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا " أي: حصلت لهم الشقاوة, والخزي والفضيحة.
" فَفِي النَّارِ " منغمسون في عذابها, مشتد عليه عقابها.
" لَهُمْ فِيهَا " من شدة ما هم فيه " زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ " وهو أشنع الأصوات وأقبحها.
" فَفِي النَّارِ " منغمسون في عذابها, مشتد عليه عقابها.
" لَهُمْ فِيهَا " من شدة ما هم فيه " زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ " وهو أشنع الأصوات وأقبحها.
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ↓
" خَالِدِينَ فِيهَا " أي: في النار, التي هذا عذابها " مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ " أي: خالدين فيها أبدا, إلا المدة التي شاء الله, أن لا يكونوا فيها, كما قاله جمهور المفسرين.
فالاستثناء على هذا, راجع إلى ما قبل دخولها, فهم خالدون فيها جميع الأزمان, سوى الزمن الذي قبل الدخول فيها.
" إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ " فكل ما أراد فعله واقتضته حكمته, فعله, تبارك وتعالى, لا يرده أحد عن مراده.
فالاستثناء على هذا, راجع إلى ما قبل دخولها, فهم خالدون فيها جميع الأزمان, سوى الزمن الذي قبل الدخول فيها.
" إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ " فكل ما أراد فعله واقتضته حكمته, فعله, تبارك وتعالى, لا يرده أحد عن مراده.
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ↓
" وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا " أي: حصلت لهم السعادة, والفلاح, والفوز " فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ " ثم أكد ذلك بقوله.
" عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ " أي: ما أعطاهم الله من النعيم المقيم, واللذة العالية, فإنه دائم مستمر, غير منقطع بوقت من الأوقات.
نسأل الله الكريم من فضله أن يجعلنا منهم.
" عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ " أي: ما أعطاهم الله من النعيم المقيم, واللذة العالية, فإنه دائم مستمر, غير منقطع بوقت من الأوقات.
نسأل الله الكريم من فضله أن يجعلنا منهم.
فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ ↓
يقول الله تعالى, لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: " فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ " المشركون, أي: لا تشك في حالهم, وأن ما هم عليه باطل, فليس لهم, دليل شرعي ولا عقلي.
وإنما دليلهم وشبهتهم, أنهم " مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ " .
ومن المعلوم أن هذا, ليس بشبهة, فضلا عن أن يكون دليلا, لأن أقوال ما عدا الأنبياء, يحتج بها.
خصوصا أمثال هؤلاء الضالين, الذين كثر خطأهم وفساد أقوالهم, في أصول الدين.
فإن أقوالهم, وإن اتفقوا عليها, فإنها خطأ وضلال.
" وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ " أي: لا بد أن ينالهم نصيب من الدنيا, مما كتب لهم, وإن كثر ذلك النصيب, أو راق في عينك, فإنه لا يدل على صلاح حالهم.
فإد الله يعطي الدينا, من يحب, ومن لا يحب, ولا يعطي الإيمان والدين الصحيح, إلا من يحب.
والحاصل أنه لا يغتر باتفاق الضالين, على قول الضالين من آبائهم الأقدمين.
ولا على ما خولهم الله, وآتاهم من الدنيا.
وإنما دليلهم وشبهتهم, أنهم " مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ " .
ومن المعلوم أن هذا, ليس بشبهة, فضلا عن أن يكون دليلا, لأن أقوال ما عدا الأنبياء, يحتج بها.
خصوصا أمثال هؤلاء الضالين, الذين كثر خطأهم وفساد أقوالهم, في أصول الدين.
فإن أقوالهم, وإن اتفقوا عليها, فإنها خطأ وضلال.
" وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ " أي: لا بد أن ينالهم نصيب من الدنيا, مما كتب لهم, وإن كثر ذلك النصيب, أو راق في عينك, فإنه لا يدل على صلاح حالهم.
فإد الله يعطي الدينا, من يحب, ومن لا يحب, ولا يعطي الإيمان والدين الصحيح, إلا من يحب.
والحاصل أنه لا يغتر باتفاق الضالين, على قول الضالين من آبائهم الأقدمين.
ولا على ما خولهم الله, وآتاهم من الدنيا.
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ↓
يخبر نعالى, أنه آتى موسى الكتاب, الذي هو التوراة, الموجب للاتفاق على أوامره ونواهيه, والاجتماع, ولكن, مع هذا, فإن المنتسبين إليه, اختلفوا فيه اختلافا, أضر بعقائدهم, وبجامعتهم الدينية.
" وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ " بتأخيرهم, وعدم معاجلتهم بالعذاب " لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ " بإحلال العقوبة بالظالم, ولكنه تعالى, اقتضت حكمته, أن أخر القضاء بينهم إلى يوم القيامة, وبقوا في شك مريب.
وإذا كانت هذه حالهم, مع كتابهم, فمع القرآن الذي أوحاه الله إليك, غير مستغرب, من طائفة اليهود, أن لا يؤمنوا به, وأن يكونوا في شك منه مريب.
" وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ " بتأخيرهم, وعدم معاجلتهم بالعذاب " لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ " بإحلال العقوبة بالظالم, ولكنه تعالى, اقتضت حكمته, أن أخر القضاء بينهم إلى يوم القيامة, وبقوا في شك مريب.
وإذا كانت هذه حالهم, مع كتابهم, فمع القرآن الذي أوحاه الله إليك, غير مستغرب, من طائفة اليهود, أن لا يؤمنوا به, وأن يكونوا في شك منه مريب.
" وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ " أي: لا بد أن يقضي الله بينهم يوم القيامة, بحكمه العدل, فيجازي كلا بما يستحق.
" إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ " من خير وشر " خَبِيرٌ " فلا يخفى عليه شيء من أعمالهم, دقيقها وجليلها.
" إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ " من خير وشر " خَبِيرٌ " فلا يخفى عليه شيء من أعمالهم, دقيقها وجليلها.
ثم لما أخبر بعدم استقامتهم, التي أوجبت اختلافهم وافتراقهم, أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم, ومن معه, من المؤمنين, أن يستقيموا كما أمروا, فيسلكوا ما شرعه الله, من الشرائع, ويعتقدوا, ما أخبر الله من العقائد الصحيحة, ولا يزيغوا عن ذلك, يمنة, ولا يسرة, ويدوموا على ذلك, ولا يطغوا, بأن يتجاوزوا ما حده الله لهم من الاستقامة.
وقوله " إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " أي: لا يخفى عليه من أعمالكم شيء, وسيجازيكم عليها.
ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة, وترهيب من ضدها, ولهذا حذرهم عن الميل إلى من تعدى الاستقامة فقال:
وقوله " إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " أي: لا يخفى عليه من أعمالكم شيء, وسيجازيكم عليها.
ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة, وترهيب من ضدها, ولهذا حذرهم عن الميل إلى من تعدى الاستقامة فقال:
وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ↓
" وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا " فإنكم, إذا ملتم إليهم, ووافقتموهم على ظلمهم, أو رضيتم ما عليه من الظلم " فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ " إن: فعلتم ذلك " وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ " يمنعونكم من عذاب الله, ولا يحصلون لكم شيئا, من ثواب الله.
" ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ " أي: لا يدفع عنكم العذاب إذا مسكم.
ففي هذه الآية: التحذير من الركون إلى كل ظالم.
والمراد بالركون, الميل والانضمام إليه بظلمه, وموافقته, على ذلك, والرضا بما هو عليه من الظلم.
وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة, فكيف حال الظلمة؟!! نسأل الله العافية من الظلم.
" ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ " أي: لا يدفع عنكم العذاب إذا مسكم.
ففي هذه الآية: التحذير من الركون إلى كل ظالم.
والمراد بالركون, الميل والانضمام إليه بظلمه, وموافقته, على ذلك, والرضا بما هو عليه من الظلم.
وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة, فكيف حال الظلمة؟!! نسأل الله العافية من الظلم.
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ↑
يأمر تعالى: بإقامة الصلاة كاملة " طَرَفَيِ النَّهَارِ " أي: أوله وآخره.
ويدخل في هذا, صلاة الفجر, وصلاتا الظهر والعصر.
" وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ " ويدخل في ذلك, صلاة المغرب والعشاء.
ويتناول ذلك قيام الليل, فإنها مما تزلف العبد, وتقربه إلى الله تعالى.
" إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ " أي: فهذه الصلوات الخمس, وما ألحق بها من التطوعات, من أكبر الحسنات.
وهي - مع أنها حسنات - تقرب إلى الله, وتوجب الثواب, فإنها تذهب السيئات وتمحوها.
والمراد بذلك: الصغائر, كما قيدتها الأحاديث الصحيحة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, مثل قوله: " والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر " بل كما قيدتها الآية التي في سورة النساء, وهي قوله عز وجل.
" إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " .
ذلك ولعل الإشارة, لكل ما تقدم, من لزوم الاستقامة على الصراط المستقيم, وعدم مجاوزته وتعديه, وعدم الركون إلى الذين ظلموا.
والأمر بإقامة الصلاة, وبيان أن الحسنات يذهبن السيئات, الجميع " ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " يفهمون بها ما أمرهم الله به, ونهاهم عنه, ويمتثلون لتلك الأوامر الحسنة المثمرة للخيرات, الدافعة للشرور والسيئات.
ويدخل في هذا, صلاة الفجر, وصلاتا الظهر والعصر.
" وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ " ويدخل في ذلك, صلاة المغرب والعشاء.
ويتناول ذلك قيام الليل, فإنها مما تزلف العبد, وتقربه إلى الله تعالى.
" إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ " أي: فهذه الصلوات الخمس, وما ألحق بها من التطوعات, من أكبر الحسنات.
وهي - مع أنها حسنات - تقرب إلى الله, وتوجب الثواب, فإنها تذهب السيئات وتمحوها.
والمراد بذلك: الصغائر, كما قيدتها الأحاديث الصحيحة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, مثل قوله: " والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر " بل كما قيدتها الآية التي في سورة النساء, وهي قوله عز وجل.
" إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " .
ذلك ولعل الإشارة, لكل ما تقدم, من لزوم الاستقامة على الصراط المستقيم, وعدم مجاوزته وتعديه, وعدم الركون إلى الذين ظلموا.
والأمر بإقامة الصلاة, وبيان أن الحسنات يذهبن السيئات, الجميع " ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " يفهمون بها ما أمرهم الله به, ونهاهم عنه, ويمتثلون لتلك الأوامر الحسنة المثمرة للخيرات, الدافعة للشرور والسيئات.
ولكن تلك الأمور, تحتاج إلى مجاهدة النفس, والصبر عليها, ولهذا قال: " وَاصْبِرْ " أي: احبس نفسك على طاعة الله, وعن معصيته, وإلزامها لذلك, واستمر ولا تضجر.
" فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " بل يتقبل الله عنهم أحسن الذي عملوا, ويجزيهم أجرهم, بأحسن ما كانوا يعملون.
وفي هذا ترغيب عظيم, للزوم الصبر, بتشويق النفس الضعيفة, إلى ثواب الله, كلما ونت وفترت.
" فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " بل يتقبل الله عنهم أحسن الذي عملوا, ويجزيهم أجرهم, بأحسن ما كانوا يعملون.
وفي هذا ترغيب عظيم, للزوم الصبر, بتشويق النفس الضعيفة, إلى ثواب الله, كلما ونت وفترت.
فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ↓
لما ذكر تعالى, إهلاك الأمم المكذبة للرسل, وأن أكثرهم منحرفون عن أهل الكتب الإلهية, وذلك كله يقضي على الأديان بالذهاب والاضمحلال, ذكر أنه, لولا أنه جعل في القرون الماضية بقايا, من أهل الخير, يدعون إلى الهدى, وينهون عن الفساد والردى, فحصل من نفعهم, وأبقيت به الأديان, ولكنهم قليلون جدا.
وغاية الأمر, أنهم نجوا, باتباعهم المرسلين, وقيامهم بما قاموا به من دينهم, ويكون حجة الله أجراها على أيديهم, ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
لكن " وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ " أي: اتبعوا ما هم فيه من النعيم والترف, ولم يبغوا به بدلا.
" وَكَانُوا مُجْرِمِينَ " أي: ظالمين, باتباعهم ما أترفوا فيه, فلذلك حق عليهم العقاب, واستأصلهم العذاب.
وفي هذا, حث لهذه الأمة, أن يكون فيهم بقايا مصلحون, لما أفسد الناس, قائمون بدين الله, يدعون من ضل إلى الهدى, ويصبرون منهم, على الأذى, ويبصرونهم من العمى.
وفي هذه الحالة, أعلى حالة يرغب فيها الراغبون, وصاحبها يكون, إماما في الدين, إذ جعل عمله خالصا لرب العالمين.
وغاية الأمر, أنهم نجوا, باتباعهم المرسلين, وقيامهم بما قاموا به من دينهم, ويكون حجة الله أجراها على أيديهم, ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
لكن " وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ " أي: اتبعوا ما هم فيه من النعيم والترف, ولم يبغوا به بدلا.
" وَكَانُوا مُجْرِمِينَ " أي: ظالمين, باتباعهم ما أترفوا فيه, فلذلك حق عليهم العقاب, واستأصلهم العذاب.
وفي هذا, حث لهذه الأمة, أن يكون فيهم بقايا مصلحون, لما أفسد الناس, قائمون بدين الله, يدعون من ضل إلى الهدى, ويصبرون منهم, على الأذى, ويبصرونهم من العمى.
وفي هذه الحالة, أعلى حالة يرغب فيها الراغبون, وصاحبها يكون, إماما في الدين, إذ جعل عمله خالصا لرب العالمين.
أي: وما كان الله ليهلك القرى بظلم منه لهم, والحال أنهم مصلحون, أي: مقيمون على الصلاح, مستمرون عليه.
لما كان الله ليهلكهم, إلا إذا ظلموا, وقامت عليهم حجة الله.
ويحتمل, أن المعنى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلمهم السابق, إذا رجعوا وأصلحوا عملهم, فإن الله يعفو عنهم, ويمحوا ما تقدم من ظلمهم.
لما كان الله ليهلكهم, إلا إذا ظلموا, وقامت عليهم حجة الله.
ويحتمل, أن المعنى: وما كان ربك ليهلك القرى بظلمهم السابق, إذا رجعوا وأصلحوا عملهم, فإن الله يعفو عنهم, ويمحوا ما تقدم من ظلمهم.
يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة على الدين الإسلامي, فإن مشيئته غير قاصرة, ولا يمتنع عليه شيء.
ولكنه اقتضت حكمته, أن لا يزالوا مختلفين, مخالفين للصراط المستقيم, متبعين للسبل الموصلة إلى النار, كل يرى الحق, فيما قاله, والضلال في قول غيره.
ولكنه اقتضت حكمته, أن لا يزالوا مختلفين, مخالفين للصراط المستقيم, متبعين للسبل الموصلة إلى النار, كل يرى الحق, فيما قاله, والضلال في قول غيره.
إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ↓
" إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ " فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به, والاتفاق عليه.
فهؤلاء سبقت لهم, سابقة السعادة, وتداركتهم العناية الربانية, والتوفيق الإلهي.
وأما من عداهم, فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم.
وقوله: " وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ " أي: اقتضت حكمته, أنه خلقهم, ليكون منهم السعداء والأشقياء, والمتفقون والمختلفون, والفريق الذي هدى الله, والفريق الذي حقت عليهم الضلالة.
ليتبين للعباد, عدله, وحكمته, وليظهر, ما كمن في الطباع البشرية, من الخير والشر, ولتقوم سوق الجهاد والعبادات, التي لا تتم ولا تستقيم, إلا بالامتحان والابتلاء.
ولأنه " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " فلا بد أن ييسر للنار أهلا, يعملون بأعمالها الموصلة إليها.
فهؤلاء سبقت لهم, سابقة السعادة, وتداركتهم العناية الربانية, والتوفيق الإلهي.
وأما من عداهم, فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم.
وقوله: " وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ " أي: اقتضت حكمته, أنه خلقهم, ليكون منهم السعداء والأشقياء, والمتفقون والمختلفون, والفريق الذي هدى الله, والفريق الذي حقت عليهم الضلالة.
ليتبين للعباد, عدله, وحكمته, وليظهر, ما كمن في الطباع البشرية, من الخير والشر, ولتقوم سوق الجهاد والعبادات, التي لا تتم ولا تستقيم, إلا بالامتحان والابتلاء.
ولأنه " وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " فلا بد أن ييسر للنار أهلا, يعملون بأعمالها الموصلة إليها.
وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ↓
لما ذكر في هذه السورة من أخبار الأنبياء, ما ذكر, ذكر الحكمة في ذكر ذلك, فقال: " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ " أي, قلبك ليطمئن, ويثبت, وتصبر, كما صبر أولي العزم من الرسل.
فإن النفوس تأنس بالاقتداء وتنشط على الأعمال, وتريد المنافسة لغيرها, ويتأيد الحق بذكر شواهده, وكثرة من قام به.
" وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ " السورة " الْحَقُّ " اليقين, فلا شك فيه, بوجه من الوجوه.
فالعلم بذلك, من العلم بالحق, الذي هو أكبر فضائل النفوس.
" وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ " أي: يتعظون به, فيرتدعون عن الأمور المكروهة, ويتذكرون الأمور المحبوبة لله, فيفعلونها.
فإن النفوس تأنس بالاقتداء وتنشط على الأعمال, وتريد المنافسة لغيرها, ويتأيد الحق بذكر شواهده, وكثرة من قام به.
" وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ " السورة " الْحَقُّ " اليقين, فلا شك فيه, بوجه من الوجوه.
فالعلم بذلك, من العلم بالحق, الذي هو أكبر فضائل النفوس.
" وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ " أي: يتعظون به, فيرتدعون عن الأمور المكروهة, ويتذكرون الأمور المحبوبة لله, فيفعلونها.