سُورَة الْوَاقِعَة مَكِّيَّة فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَجَابِر وَعَطَاء . وَقَالَ اِبْن قَتَادَة : إِلَّا آيَة مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : " وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ " [ الْوَاقِعَة : 82 ] . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : مَكِّيَّة إِلَّا أَرْبَع آيَات , مِنْهَا آيَتَانِ " أَفَبِهَذَا الْحَدِيث أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ . وَتَجْعَلُونَ رِزْقكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ " [ الْوَاقِعَة : 81 - 82 ] نَزَلَتَا فِي سَفَره إِلَى مَكَّة , وَقَوْله تَعَالَى : " ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّة مِنْ الْآَخِرِينَ " [ الْوَاقِعَة : 39 - 40 ] نَزَلَتَا فِي سَفَره إِلَى الْمَدِينَة . وَقَالَ مَسْرُوق : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَم نَبَأ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ , وَنَبَأ أَهْل الْجَنَّة , وَنَبَأ أَهْل النَّار , وَنَبَأ أَهْل الدُّنْيَا , وَنَبَأ أَهْل الْآخِرَة , فَلْيَقْرَأْ سُورَة الْوَاقِعَة . وَذَكَرَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ فِي " التَّمْهِيد " و "التَّعْلِيق " وَالثَّعْلَبِيّ أَيْضًا : أَنَّ عُثْمَان دَخَلَ عَلَى اِبْن مَسْعُود يَعُودهُ فِي مَرَضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ : مَا تَشْتَكِي ؟ قَالَ : ذُنُوبِي . قَالَ : فَمَا تَشْتَهِي ؟ قَالَ : رَحْمَة رَبِّي . قَالَ : أَفَلَا نَدْعُو لَك طَبِيبًا ؟ قَالَ : الطَّبِيب أَمْرَضَنِي . قَالَ : أَفَلَا نَأْمُر لَك بِعَطَاءٍ لَك ؟ قَالَ : لَا حَاجَة لِي فِيهِ , حَبَسْته عَنِّي فِي حَيَاتِي , وَتَدْفَعهُ لِي عِنْد مَمَاتِي ؟ قَالَ : يَكُون لِبَنَاتِك مِنْ بَعْدك . قَالَ : أَتَخْشَى عَلَى بَنَاتِي الْفَاقَة مِنْ بَعْدِي ؟ إِنِّي أَمَرْتهنَّ أَنْ يَقْرَأْنَ سُورَة " الْوَاقِعَة " كُلّ لَيْلَة , فَإِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( مَنْ قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة كُلّ لَيْلَة لَمْ تُصِبْهُ فَاقَة أَبَدًا .
" إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَة " أَيْ قَامَتْ الْقِيَامَة , وَالْمُرَاد النَّفْخَة الْأَخِيرَة . وَسُمِّيَتْ وَاقِعَة لِأَنَّهَا تَقَع عَنْ قُرْب . وَقِيلَ : لِكَثْرَةِ مَا يَقَع فِيهَا مِنْ الشَّدَائِد . وَفِيهِ إِضْمَار , أَيْ اُذْكُرُوا إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَة . وَقَالَ الْجُرْجَانِيّ : " إِذَا " صِلَة , أَيْ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة , كَقَوْلِهِ : " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة " [ الْقَمَر : 1 ] و " أَتَى أَمْر اللَّه " [ النَّحْل : 1 ] وَهُوَ كَمَا يُقَال : قَدْ جَاءَ الصَّوْم أَيْ دَنَا وَاقْتَرَبَ . وَعَلَى الْأَوَّل " إِذَا " لِلْوَقْتِ , وَالْجَوَاب قَوْله : " فَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة مَا أَصْحَاب الْمَيْمَنَة " [ الْوَاقِعَة : 8 ] .
" إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَة " أَيْ قَامَتْ الْقِيَامَة , وَالْمُرَاد النَّفْخَة الْأَخِيرَة . وَسُمِّيَتْ وَاقِعَة لِأَنَّهَا تَقَع عَنْ قُرْب . وَقِيلَ : لِكَثْرَةِ مَا يَقَع فِيهَا مِنْ الشَّدَائِد . وَفِيهِ إِضْمَار , أَيْ اُذْكُرُوا إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَة . وَقَالَ الْجُرْجَانِيّ : " إِذَا " صِلَة , أَيْ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة , كَقَوْلِهِ : " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة " [ الْقَمَر : 1 ] و " أَتَى أَمْر اللَّه " [ النَّحْل : 1 ] وَهُوَ كَمَا يُقَال : قَدْ جَاءَ الصَّوْم أَيْ دَنَا وَاقْتَرَبَ . وَعَلَى الْأَوَّل " إِذَا " لِلْوَقْتِ , وَالْجَوَاب قَوْله : " فَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة مَا أَصْحَاب الْمَيْمَنَة " [ الْوَاقِعَة : 8 ] .
الْكَاذِبَة مَصْدَر بِمَعْنَى الْكَذِب , وَالْعَرَب قَدْ تَضَع الْفَاعِل وَالْمَفْعُول مَوْضِع الْمَصْدَر , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " لَا تَسْمَع فِيهَا لَاغِيَة " [ الْغَاشِيَة : 11 ] أَيْ لَغْو , وَالْمَعْنَى لَا يُسْمَع لَهَا كَذِب , قَالَهُ الْكِسَائِيّ . وَمِنْهُ قَوْل الْعَامَّة : عَائِذًا بِاَللَّهِ أَيْ مَعَاذ اللَّه , وَقُمْ قَائِمًا أَيْ قُمْ قِيَامًا . وَلِبَعْضِ نِسَاء الْعَرَب تُرَقِّص اِبْنهَا : قُمْ قَائِمًا قُمْ قَائِمَا أَصَبْت عَبْدًا نَائِمَا وَقِيلَ : الْكَاذِبَة صِفَة وَالْمَوْصُوف مَحْذُوف , أَيْ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا حَال كَاذِبَة , أَوْ نَفْس كَاذِبَة , أَيْ كُلّ مَنْ يُخْبِر عَنْ وَقْعَتهَا صَادِق . وَقَالَ الزَّجَّاج : " لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَة " أَيْ لَا يَرُدّهَا شَيْء . وَنَحْوه قَوْل الْحَسَن وَقَتَادَة . وَقَالَ الثَّوْرِيّ : لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا أَحَد يُكَذِّب بِهَا . وَقَالَ الْكِسَائِيّ أَيْضًا : لَيْسَ لَهَا تَكْذِيب , أَيْ يَنْبَغِي أَلَّا يُكَذِّب بِهَا أَحَد . وَقِيلَ : إِنَّ قِيَامهَا جَدّ لَا هَزْل فِيهِ .
قَالَ عِكْرِمَة وَمُقَاتِل وَالسُّدِّيّ : خَفَضَتْ الصَّوْت فَأَسْمَعَتْ مَنْ دَنَا وَرَفَعَتْ مَنْ نَأَى , يَعْنِي أَسْمَعَتْ الْقَرِيب وَالْبَعِيد . وَقَالَ السُّدِّيّ : خَفَضَتْ الْمُتَكَبِّرِينَ وَرَفَعَتْ الْمُسْتَضْعَفِينَ . وَقَالَ قَتَادَة : خَفَضَتْ أَقْوَامًا فِي عَذَاب اللَّه , وَرَفَعَتْ , أَقْوَامًا إِلَى طَاعَة اللَّه . وَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : خَفَضَتْ أَعْدَاء اللَّه فِي النَّار , وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاء اللَّه فِي الْجَنَّة . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : خَفَضَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَرْفُوعِينَ , وَرَفَعَتْ , أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَخْفُوضِينَ . وَقَالَ اِبْن عَطَاء : خَفَضَتْ أَقْوَامًا بِالْعَدْلِ , وَرَفَعَتْ آخَرِينَ بِالْفَضْلِ . وَالْخَفْض وَالرَّفْع يُسْتَعْمَلَانِ عِنْد الْعَرَب فِي الْمَكَان وَالْمَكَانَة , وَالْعِزّ وَالْمَهَانَة . وَنَسَبَ سُبْحَانه الْخَفْض وَالرَّفْع لِلْقِيَامَةِ تَوَسُّعًا وَمَجَازًا عَلَى عَادَة الْعَرَب فِي إِضَافَتهَا الْفِعْل إِلَى الْمَحَلّ وَالزَّمَان وَغَيْرهمَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ الْفِعْل , يَقُولُونَ : لَيْل نَائِم وَنَهَار صَائِم . وَفِي التَّنْزِيل : " بَلْ مَكْر اللَّيْل وَالنَّهَار " [ سَبَأ : 33 ] وَالْخَافِض وَالرَّافِع عَلَى الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ اللَّه وَحْده , فَرَفَعَ أَوْلِيَاءَهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَات , وَخَفَضَ أَعْدَاءَهُ فِي أَسْفَل الدَّرَكَات . وَقَرَأَ الْحَسَن وَعِيسَى الثَّقَفِيّ " خَافِضَة رَافِعَة " بِالنَّصْبِ . الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَار مُبْتَدَإٍ , وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْحَال . وَهُوَ عِنْد الْفَرَّاء عَلَى إِضْمَار فِعْل , وَالْمَعْنَى : إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَة . لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَة وَقَعَتْ : خَافِضَة رَافِعَة . وَالْقِيَامَة لَا شَكّ فِي وُقُوعهَا , وَأَنَّهَا تَرْفَع أَقْوَامًا وَتَضَع آخَرِينَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ .
أَيْ زُلْزِلَتْ وَحُرِّكَتْ عَنْ مُجَاهِد وَغَيْره , يُقَال : رَجَّهُ يَرُجّهُ رَجًّا أَيْ حَرَّكَهُ وَزَلْزَلَهُ . وَنَاقَة رَجَّاء أَيْ عَظِيمَة السَّنَام . وَفِي الْحَدِيث : ( مَنْ رَكِبَ الْبَحْر حِين يَرْتَجّ فَلَا ذِمَّة لَهُ ) يَعْنِي إِذَا اِضْطَرَبَتْ أَمْوَاجه . قَالَ الْكَلْبِيّ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَوْحَى إِلَيْهَا اِضْطَرَبَتْ فَرَقًا مِنْ اللَّه تَعَالَى . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : تَرْتَجّ كَمَا يَرْتَجّ الصَّبِيّ فِي الْمَهْد حَتَّى يَنْهَدِم كُلّ مَا عَلَيْهَا , وَيَنْكَسِر كُلّ شَيْء عَلَيْهَا مِنْ الْجِبَال وَغَيْرهَا . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس الرَّجَّة الْحَرَكَة الشَّدِيدَة يُسْمَع لَهَا صَوْت . وَمَوْضِع " إِذَا " نُصِبَ عَلَى الْبَدَل مِنْ " إِذَا وَقَعَتْ " . وَيَجُوز أَنْ يَنْتَصِب ب " خَافِضَة رَافِعَة " أَيْ تَخْفِض وَتَرْفَع وَقْت رَجّ الْأَرْض وَبَسّ الْجِبَال , لِأَنَّ عِنْد ذَلِكَ يَنْخَفِض مَا هُوَ مُرْتَفِع , وَيَرْتَفِع مَا هُوَ مُنْخَفِض . وَقِيلَ : أَيْ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة إِذَا رُجَّتْ الْأَرْض , قَالَهُ الزَّجَّاج وَالْجُرْجَانِيّ . وَقِيلَ : أَيْ اُذْكُرْ " إِذَا رُجَّتْ الْأَرْض رَجًّا " مَصْدَر وَهُوَ دَلِيل عَلَى تَكْرِير الزَّلْزَلَة .
أَيْ فُتِّتَتْ , عَنْ اِبْن عَبَّاس . مُجَاهِد : كَمَا يُبَسّ الدَّقِيق أَيْ يُلَتّ . وَالْبَسِيسَة السَّوِيق أَوْ الدَّقِيق يُلَتّ بِالسَّمْنِ أَوْ بِالزَّيْتِ ثُمَّ يُؤْكَل وَلَا يُطْبَخ وَقَدْ يُتَّخَذ زَادًا . قَالَ الرَّاجِز : لَا تَخْبِزَا خُبْزًا وَبُسَّا بَسًّا وَلَا تُطِيلَا بِمُنَاخٍ حَبْسَا وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَة : أَنَّهُ لِصّ مِنْ غَطَفَان أَرَادَ أَنْ يَخْبِز فَخَافَ أَنْ يُعْجَل عَنْ ذَلِكَ فَأَكَلَهُ عَجِينًا . وَالْمَعْنَى أَنَّهَا خُلِطَتْ فَصَارَتْ كَالدَّقِيقِ الْمَلْتُوت بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاء . أَيْ تَصِير الْجِبَال تُرَابًا فَيَخْتَلِط الْبَعْض بِالْبَعْضِ . وَقَالَ الْحَسَن : وَبُسَّتْ قُلِعَتْ مِنْ أَصْلهَا فَذَهَبَتْ , نَظِيره : " يَنْسِفهَا رَبِّي نَسْفًا " [ طَه : 105 ] . وَقَالَ عَطِيَّة : بُسِطَتْ كَالرَّمْلِ وَالتُّرَاب . وَقِيلَ : اِلْبَسْ السُّوق أَيْ سِيقَتْ الْجِبَال . قَالَ أَبُو زَيْد : اِلْبَسْ السُّوق , وَقَدْ بَسَسْت الْإِبِل أَبُسّهَا بِالضَّمِّ بَسًّا . وَقَالَ أَبُو عُبَيْد : بَسَسْت الْإِبِل وَأَبْسَسْت لُغَتَانِ إِذَا زَجَرْتهَا وَقُلْت لَهَا بِسْ بِسْ . وَفِي الْحَدِيث . ( يَخْرُج قَوْم مِنْ الْمَدِينَة إِلَى الْيَمَن وَالشَّام وَالْعِرَاق يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَة خَيْر لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) وَمِنْهُ الْحَدِيث الْآخَر : ( جَاءَكُمْ أَهْل الْيَمَن يَبُسُّونَ عِيَالهمْ ) وَالْعَرَب تَقُول : جِيءَ بِهِ مِنْ حَسِّك وَبَسِّك . وَرَوَاهُمَا أَبُو زَيْد بِالْكَسْرِ , فَمَعْنَى مِنْ حَسِّك مِنْ حَيْثُ أَحْسَسْته , وَبَسِّك مِنْ حَيْثُ بَلَغَهُ مَسِيرك . وَقَالَ مُجَاهِد : سَالَتْ سَيْلًا . عِكْرِمَة : هُدَّتْ هَدًّا . مُحَمَّد بْن كَعْب : سُيَّرَتْ سَيْرًا , وَمِنْهُ قَوْل الْأَغْلَب الْعِجْلِيّ : وَقَالَ الْحَسَن : قُطِعَتْ قَطْعًا . وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب .
قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : الْهَبَاء الرَّهْج الَّذِي يَسْطَع مِنْ حَوَافِر الدَّوَابّ ثُمَّ يَذْهَب , فَجَعَلَ اللَّه أَعْمَالهمْ كَذَلِكَ . وَقَالَ مُجَاهِد : الْهَبَاء هُوَ الشُّعَاع الَّذِي يَكُون فِي الْكُوَّة كَهَيْئَةِ الْغُبَار . وَرُوِيَ نَحْوه عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَعَنْهُ أَيْضًا : هُوَ مَا تَطَايَرَ مِنْ النَّار إِذَا اِضْطَرَبَتْ يَطِير مِنْهَا شَرَر فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا . وَقَالَهُ عَطِيَّة . وَقَدْ مَضَى فِي " الْفُرْقَان " عِنْد قَوْله تَعَالَى : " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَنْثُورًا " [ الْفُرْقَان : 23 ] وَقِرَاءَة الْعَامَّة " مُنْبَثًّا " بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَة أَيْ مُتَفَرِّقًا مِنْ قَوْله تَعَالَى : " وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلّ دَابَّة " [ لُقْمَان : 10 ] أَيْ فَرَّقَ وَنَشَرَ . وَقَرَأَ مَسْرُوق وَالنَّخَعِيّ وَأَبُو حَيْوَة " مُنْبَتًّا " بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة أَيْ مُنْقَطِعًا مِنْ قَوْلهمْ : بَتَّهُ اللَّه أَيْ قَطَعَهُ , وَمِنْهُ الْبَتَات .
أَيْ أَصْنَافًا ثَلَاثَة كُلّ صِنْف يُشَاكِل مَا هُوَ مِنْهُ , كَمَا يُشَاكِل الزَّوْج الزَّوْجَة , ثُمَّ بَيَّنَ مَنْ هُمْ فَقَالَ : " فَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة " " وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة " و " السَّابِقُونَ ".
فَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة هُمْ الَّذِينَ يُؤْخَذ بِهِمْ ذَات الْيَمِين إِلَى الْجَنَّة
وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة هُمْ الَّذِينَ يُؤْخَذ بِهِمْ ذَات الشِّمَال إِلَى النَّار , قَالَهُ السُّدِّيّ . وَالْمَشْأَمَة الْمَيْسَرَة وَكَذَلِكَ الشَّأْمَة . يُقَال : قَعَدَ فُلَان شَأْمَة . وَيُقَال : يَا فُلَان شَائِم بِأَصْحَابِك , أَيْ خُذْ بِهِمْ شَأْمَة أَيْ ذَات الشِّمَال . وَالْعَرَب تَقُول لِلْيَدِ الشِّمَال الشُّؤْمَى , وَلِلْجَانِبِ الشِّمَال الْأَشْأَم . وَكَذَلِكَ يُقَال لِمَا جَاءَ عَنْ الْيَمِين الْيُمْن , وَلِمَا جَاءَ عَنْ الشِّمَال الشُّؤْم . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَالسُّدِّيّ : أَصْحَاب الْمَيْمَنَة هُمْ الَّذِينَ كَانُوا عَنْ يَمِين حِين أُخْرِجَتْ الذُّرِّيَّة مِنْ صُلْبه فَقَالَ اللَّه لَهُمْ : هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّة وَلَا أُبَالِي . وَقَالَ زَيْد بْن أَسْلَم : أَصْحَاب الْمَيْمَنَة هُمْ الَّذِينَ أُخِذُوا مِنْ شِقّ آدَم الْأَيْمَن يَوْمئِذٍ , وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة الَّذِينَ أُخِذُوا مِنْ شِقّ آدَم الْأَيْسَر . وَقَالَ عَطَاء وَمُحَمَّد بْن كَعْب : أَصْحَاب الْمَيْمَنَة مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ , وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِشِمَالِهِ . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : أَصْحَاب الْمَيْمَنَة هُمْ أَهْل الْحَسَنَات , وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة هُمْ أَهْل السَّيِّئَات . وَقَالَ الْحَسَن وَالرَّبِيع : أَصْحَاب الْمَيْمَنَة الْمَيَامِين عَلَى أَنْفُسهمْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة , وَأَصْحَاب الْمَشْأَمَة الْمَشَائِيم عَلَى أَنْفُسهمْ بِالْأَعْمَالِ السَّيِّئَة الْقَبِيحَة . وَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث الْإِسْرَاء عَنْ أَبِي ذَرّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاء الدُّنْيَا فَإِذَا رَجُل عَنْ يَمِينه أَسْوِدَة وَعَنْ يَسَاره أَسْوِدَة - قَالَ - فَإِذَا نَظَرَ قِبَل يَمِينه ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَل شِمَاله بَكَى - قَالَ - فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِح وَالِابْن الصَّالِح - قَالَ - قُلْت يَا جِبْرِيل مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا آدَم عَلَيْهِ السَّلَام وَهَذِهِ الْأَسْوِدَة الَّتِي عَنْ يَمِينه وَعَنْ شِمَاله نَسَم بَنِيهِ فَأَهْل الْيَمِين أَهْل الْجَنَّة وَالْأَسْوِدَة الَّتِي عَنْ شِمَاله أَهْل النَّار ) وَذَكَرَ الْحَدِيث . وَقَالَ الْمُبَرِّد : وَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة أَصْحَاب التَّقَدُّم , وَأَصْحَاب الشَّأْمَة أَصْحَاب التَّأَخُّر . وَالْعَرَب تَقُول : اِجْعَلْنِي فِي يَمِينك وَلَا تَجْعَلنِي فِي شِمَالك , أَيْ اجْعَلنِي مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا تَجْعَلنَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ . وَالتَّكْرِير فِي " مَا أَصْحَاب الْمَيْمَنَة " . و " مَا أَصْحَاب الْمَشْأَمَة " لِلتَّفْخِيمِ وَالتَّعْجِيب , كَقَوْلِهِ : " الْحَاقَّة مَا الْحَاقَّة " [ الْحَاقَّة : 1 - 2 ] و " الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة " [ الْقَارِعَة : 1 - 2 ] كَمَا يُقَال : زَيْد مَا زَيْد ! وَفِي حَدِيث أُمّ زَرْع رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ ! وَالْمَقْصُود تَكْثِير مَا لِأَصْحَابِ الْمَيْمَنَة مِنْ الثَّوَاب وَلِأَصْحَابِ الْمَشْأَمَة مِنْ الْعِقَاب . وَقِيلَ : " أَصْحَاب " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر " مَا أَصْحَاب الْمَيْمَنَة " كَأَنَّهُ قَالَ : " فَأَصْحَاب الْمَيْمَنَة " مَا هُمْ , الْمَعْنَى : أَيّ شَيْء هُمْ . وَقِيلَ : يَجُوز أَنْ تَكُون " مَا " تَأْكِيدًا , وَالْمَعْنَى فَاَلَّذِينَ يُعْطُونَ كِتَابهمْ بِأَيْمَانِهِمْ هُمْ أَصْحَاب التَّقَدُّم وَعُلُوّ الْمَنْزِلَة .
رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( السَّابِقُونَ الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقّ قَبِلُوهُ وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ) ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : إِنَّهُمْ الْأَنْبِيَاء . الْحَسَن وَقَتَادَة : السَّابِقُونَ إِلَى الْإِيمَان مِنْ كُلّ أُمَّة . وَنَحْوه عَنْ عِكْرِمَة . مُحَمَّد بْن سِيرِينَ : هُمْ الَّذِينَ صَلَّوْا إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ , دَلِيله قَوْله تَعَالَى : " وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار " [ التَّوْبَة : 100 ] . وَقَالَ مُجَاهِد وَغَيْره : هُمْ السَّابِقُونَ إِلَى الْجِهَاد , وَأَوَّل النَّاس رَوَاحًا إِلَى الصَّلَاة . وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هُمْ السَّابِقُونَ إِلَى الصَّلَوَات الْخَمْس . الضَّحَّاك : إِلَى الْجِهَاد . سَعِيد بْن جُبَيْر : إِلَى التَّوْبَة وَأَعْمَال الْبِرّ , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ " [ آل عِمْرَان : 133 ] ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ : " أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ " [ الْمُؤْمِنُونَ : 61 ] . وَقِيلَ : إِنَّهُمْ أَرْبَعَة , مِنْهُمْ سَابِق أُمَّة مُوسَى وَهُوَ حِزْقِيل مُؤْمِن آل فِرْعَوْن , وَسَابِق أُمَّة عِيسَى وَهُوَ حَبِيب النَّجَّار صَاحِب أَنْطَاكِيَّة , وَسَابِقَانِ فِي أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , قَالَهُ اِبْن عَبَّاس , حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ . وَقَالَ شُمَيْط بْن الْعَجْلَان : النَّاس ثَلَاثَة , فَرَجُل اِبْتَكَرَ لِلْخَيْرِ فِي حَدَاثَة سِنّه دَاوَمَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا فَهَذَا هُوَ السَّابِق الْمُقَرَّب , وَرَجُل اِبْتَكَرَ عُمْره بِالذُّنُوبِ ثُمَّ طُول الْغَفْلَة ثُمَّ رَجَعَ بِتَوْبَتِهِ حَتَّى خَتَمَ لَهُ بِهَا فَهَذَا مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين , وَرَجُل اِبْتَكَرَ عُمْره بِالذُّنُوبِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى خُتِمَ لَهُ بِهَا فَهَذَا مِنْ أَصْحَاب الشِّمَال . وَقِيلَ : هُمْ كُلّ مَنْ سَبَقَ إِلَى شَيْء مِنْ أَشْيَاء الصَّلَاح . ثُمَّ قِيلَ : " السَّابِقُونَ " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالثَّانِي تَوْكِيد لَهُ وَالْخَبَر " أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ " وَقَالَ الزَّجَّاج : " السَّابِقُونَ " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالثَّانِي خَبَره , وَالْمَعْنَى السَّابِقُونَ إِلَى طَاعَة اللَّه هُمْ السَّابِقُونَ إِلَى رَحْمَة اللَّه
مِنْ صِفَتهمْ . وَقِيلَ : إِذَا خَرَجَ رَجُل مِنْ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ مِنْ مَنْزِله فِي الْجَنَّة كَانَ لَهُ ضَوْء يَعْرِفهُ بِهِ مَنْ دُونه .
أَيْ جَمَاعَة مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة . " وَقَلِيل مِنْ الْآخِرِينَ " أَيْ مِمَّنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الْحَسَن : ثُلَّة مِمَّنْ قَدْ مَضَى قَبْل هَذِهِ الْأُمَّة , وَقَلِيل مِنْ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , اللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنْهُمْ بِكَرَمِك . وَسُمُّوا قَلِيلًا بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ كَانَ قَبْلهمْ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمِينَ كَثُرُوا فَكَثُرَ السَّابِقُونَ إِلَى الْإِيمَان مِنْهُمْ , فَزَادُوا عَلَى عَدَد مَنْ سَبَقَ إِلَى التَّصْدِيق مِنْ أُمَّتنَا . وَقِيلَ : لَمَّا نَزَلَ هَذَا شَقَّ عَلَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ : " ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ " [ الْوَاقِعَة : 39 - 40 ] فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُع أَهْل الْجَنَّة بَلْ ثُلُث أَهْل الْجَنَّة بَلْ نِصْف أَهْل الْجَنَّة وَتُقَاسِمُونَهُمْ فِي النِّصْف الثَّانِي ) رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة , ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ وَغَيْره . وَمَعْنَاهُ ثَابِت فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود . وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا مَنْسُوخَة وَالْأَشْبَه أَنَّهَا مُحْكَمَة لِأَنَّهَا خَبَر , وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي جَمَاعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ . قَالَ الْحَسَن : سَابِقُو مَنْ مَضَى أَكْثَر مِنْ سَابِقِينَا , وَلِذَلِكَ قَالَ : " وَقَلِيل مِنْ الْآخِرِينَ "
وَقَالَ فِي أَصْحَاب الْيَمِين وَهُمْ سِوَى السَّابِقِينَ : " ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ " [ الْوَاقِعَة : 39 - 40 ] وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُون أُمَّتِي شَطْر أَهْل الْجَنَّة ) ثُمَّ تَلَا قَوْله تَعَالَى : " ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ " [ الْوَاقِعَة : 39 - 40 ] قَالَ مُجَاهِد : كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة . وَرَوَى سُفْيَان عَنْ أَبَان عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الثُّلَّتَانِ جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي ) يَعْنِي " ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ . وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ " [ الْوَاقِعَة : 39 - 40 ] . وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْل عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كِلَا الثُّلَّتَيْنِ مِنْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي أَوَّل أُمَّته , وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي آخِرهَا , وَهُوَ مِثْل قَوْله تَعَالَى : " فَمِنْهُمْ ظَالِم لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِد وَمِنْهُمْ سَابِق بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّه " [ فَاطِر : 32 ] . وَقِيلَ : " ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ " أَيْ مِنْ أَوَّل هَذِهِ الْأُمَّة . " وَقَلِيل مِنْ الْآخِرِينَ " يُسَارِع فِي الطَّاعَات حَتَّى يَلْحَق دَرَجَة الْأَوَّلِينَ , وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : ( خَيْركُمْ قَرْنِي ) ثُمَّ سَوَّى فِي أَصْحَاب الْيَمِين بَيْن الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ . وَالثُّلَّة مِنْ ثَلَلْت الشَّيْء أَيْ قَطَعْته , فَمَعْنَى ثُلَّة كَمَعْنَى فِرْقَة , قَالَهُ الزَّجَّاج .
أَيْ السَّابِقُونَ فِي الْجَنَّة " عَلَى سُرُر " , أَيْ مَجَالِسهمْ عَلَى سُرُر جَمْع سَرِير .
قَالَ اِبْن عَبَّاس : مَنْسُوخَة بِالذَّهَبِ . وَقَالَ عِكْرِمَة : مُشَبَّكَة بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : " مَوْضُونَة " مَصْفُوفَة , كَمَا قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : " عَلَى سُرَر مَصْفُوفَة " [ الطُّور : 20 ] . وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ مُجَاهِد : مَرْمُولَة بِالذَّهَبِ . وَفِي التَّفَاسِير : " مَوْضُونَة " أَيْ مَنْسُوجَة بِقُضْبَانِ الذَّهَب مُشَبَّكَة بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت وَالزَّبَرْجَد - وَالْوَضْن النَّسْج الْمُضَاعَف وَالنَّضْد , يُقَال : وَضَنَ فُلَان الْحَجَر وَالْآجُرّ بَعْضه فَوْق بَعْض فَهُوَ مَوْضُون , وَدِرْع مَوْضُونَة أَيْ مُحْكَمَة فِي النَّسْج مِثْل مَصْفُوفَة , قَالَ الْأَعْشَى : وَمِنْ نَسْج دَاوُد مَوْضُونَة تُسَاق مَعَ الْحَيّ عِيرًا فَعِيرَا وَقَالَ أَيْضًا : وَبَيْضَاء كَالنَّهْيِ مَوْضُونَة لَهَا قَوْنَس فَوْق جَيْب الْبَدَن وَالسَّرِير الْمَوْضُون : الَّذِي سَطْحه بِمَنْزِلَةِ الْمَنْسُوج , وَمِنْهُ الْوَضِين : بِطَان مِنْ سُيُور يُنْسَج فَيَدْخُل بَعْضه فِي بَعْض , وَمِنْهُ قَوْله : إِلَيْك تَعْدُو قَلِقًا وَضِينهَا
قَالَ اِبْن عَبَّاس : مَنْسُوخَة بِالذَّهَبِ . وَقَالَ عِكْرِمَة : مُشَبَّكَة بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : " مَوْضُونَة " مَصْفُوفَة , كَمَا قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : " عَلَى سُرَر مَصْفُوفَة " [ الطُّور : 20 ] . وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ مُجَاهِد : مَرْمُولَة بِالذَّهَبِ . وَفِي التَّفَاسِير : " مَوْضُونَة " أَيْ مَنْسُوجَة بِقُضْبَانِ الذَّهَب مُشَبَّكَة بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوت وَالزَّبَرْجَد - وَالْوَضْن النَّسْج الْمُضَاعَف وَالنَّضْد , يُقَال : وَضَنَ فُلَان الْحَجَر وَالْآجُرّ بَعْضه فَوْق بَعْض فَهُوَ مَوْضُون , وَدِرْع مَوْضُونَة أَيْ مُحْكَمَة فِي النَّسْج مِثْل مَصْفُوفَة , قَالَ الْأَعْشَى : وَمِنْ نَسْج دَاوُد مَوْضُونَة تُسَاق مَعَ الْحَيّ عِيرًا فَعِيرَا وَقَالَ أَيْضًا : وَبَيْضَاء كَالنَّهْيِ مَوْضُونَة لَهَا قَوْنَس فَوْق جَيْب الْبَدَن وَالسَّرِير الْمَوْضُون : الَّذِي سَطْحه بِمَنْزِلَةِ الْمَنْسُوج , وَمِنْهُ الْوَضِين : بِطَان مِنْ سُيُور يُنْسَج فَيَدْخُل بَعْضه فِي بَعْض , وَمِنْهُ قَوْله : إِلَيْك تَعْدُو قَلِقًا وَضِينهَا
أَيْ عَلَى السُّرَر
أَيْ لَا يَرَى بَعْضهمْ قَفَا بَعْض , بَلْ تَدُور بِهِمْ الْأَسِرَّة , وَهَذَا فِي الْمُؤْمِن وَزَوْجَته وَأَهْله , أَيْ يَتَّكِئُونَ مُتَقَابِلِينَ . قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : طُول كُلّ سَرِير ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاع , فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْد أَنْ يَجْلِس عَلَيْهَا تَوَاضَعَتْ فَإِذَا جَلَسَ عَلَيْهَا اِرْتَفَعَتْ .
أَيْ لَا يَرَى بَعْضهمْ قَفَا بَعْض , بَلْ تَدُور بِهِمْ الْأَسِرَّة , وَهَذَا فِي الْمُؤْمِن وَزَوْجَته وَأَهْله , أَيْ يَتَّكِئُونَ مُتَقَابِلِينَ . قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : طُول كُلّ سَرِير ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاع , فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْد أَنْ يَجْلِس عَلَيْهَا تَوَاضَعَتْ فَإِذَا جَلَسَ عَلَيْهَا اِرْتَفَعَتْ .
أَيْ غِلْمَان لَا يَمُوتُونَ , قَالَ مُجَاهِد . الْحَسَن وَالْكَلْبِيّ : لَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ , وَمِنْهُ قَوْل اِمْرِئِ الْقَيْس : وَهَلْ يَنْعَمْنَ إِلَّا سَعِيد مُخَلَّد قَلِيل الْهُمُوم مَا يَبِيت بِأَوْجَال وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : مُخَلَّدُونَ مُقَرَّطُونَ , يُقَال لِلْقُرْطِ الْخَلَدَة وَلِجَمَاعَةِ الْحُلِيّ الْخِلْدَة . وَقِيلَ : مُسَوَّرُونَ وَنَحْوه عَنْ الْفَرَّاء , قَالَ الشَّاعِر : وَمُخَلَّدَات بِاللُّجَيْنِ كَأَنَّمَا أَعْجَازهنَّ أَقَاوِز الْكُثْبَان وَقِيلَ : مُقَرَّطُونَ يَعْنِي مُمَنْطَقُونَ مِنْ الْمَنَاطِق . وَقَالَ عِكْرِمَة : " مُخَلَّدُونَ " مُنَعَّمُونَ . وَقِيلَ : عَلَى سِنّ وَاحِدَة أَنْشَأَهُمْ اللَّه لِأَهْلِ الْجَنَّة يَطُوفُونَ عَلَيْهِمْ كَمَا شَاءَ مِنْ غَيْر وِلَادَة . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ : الْوِلْدَان هَا هُنَا وِلْدَان الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ صِغَارًا وَلَا حَسَنَة لَهُمْ وَلَا سَيِّئَة . وَقَالَ سَلْمَان الْفَارِسِيّ : أَطْفَال الْمُشْرِكِينَ هُمْ خَدَم أَهْل الْجَنَّة . قَالَ الْحَسَن : لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَات يُجْزَوْنَ بِهَا , وَلَا سَيِّئَات يُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا , فَوُضِعُوا فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَالْمَقْصُود : أَنَّ أَهْل الْجَنَّة عَلَى أَتَمّ السُّرُور وَالنِّعْمَة , وَالنِّعْمَة إِنَّمَا تَتِمّ بِاحْتِفَافِ الْخَدَم وَالْوِلْدَان بِالْإِنْسَانِ .
أَكْوَاب جَمْع كُوب وَقَدْ مَضَى فِي " الزُّخْرُف " وَهِيَ الْآنِيَة الَّتِي لَا عُرَى لَهَا وَلَا خَرَاطِيم , وَالْأَبَارِيق الَّتِي لَهَا عُرَى وَخَرَاطِيم وَاحِدهَا إِبْرِيق , سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَبْرُق لَوْنه مِنْ صَفَائِهِ .
مَضَى فِي " وَالصَّافَّات " الْقَوْل فِيهِ . وَالْمَعِين الْجَارِي مِنْ مَاء أَوْ خَمْر , غَيْر أَنَّ الْمُرَاد فِي هَذَا الْمَوْضِع الْخَمْر الْجَارِيَة مِنْ الْعُيُون . وَقِيلَ : الظَّاهِرَة لِلْعُيُونِ فَيَكُون " مَعِين " مَفْعُولًا مِنْ الْمُعَايَنَة . وَقِيلَ : هُوَ فَعِيل مِنْ الْمَعْن وَهُوَ الْكَثْرَة . وَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَخَمْرِ الدُّنْيَا الَّتِي تُسْتَخْرَج بِعَصْرٍ وَتَكَلُّف وَمُعَالَجَة .
مَضَى فِي " وَالصَّافَّات " الْقَوْل فِيهِ . وَالْمَعِين الْجَارِي مِنْ مَاء أَوْ خَمْر , غَيْر أَنَّ الْمُرَاد فِي هَذَا الْمَوْضِع الْخَمْر الْجَارِيَة مِنْ الْعُيُون . وَقِيلَ : الظَّاهِرَة لِلْعُيُونِ فَيَكُون " مَعِين " مَفْعُولًا مِنْ الْمُعَايَنَة . وَقِيلَ : هُوَ فَعِيل مِنْ الْمَعْن وَهُوَ الْكَثْرَة . وَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَخَمْرِ الدُّنْيَا الَّتِي تُسْتَخْرَج بِعَصْرٍ وَتَكَلُّف وَمُعَالَجَة .
أَيْ لَا تَنْصَدِع رُءُوسهمْ مِنْ شُرْبهَا , أَيْ إِنَّهَا لَذَّة بِلَا أَذًى بِخِلَافِ شَرَاب الدُّنْيَا .
تَقَدَّمَ فِي " وَالصَّافَّات " أَيْ لَا يَسْكَرُونَ فَتَذْهَب . عُقُولهمْ . وَقَرَأَ مُجَاهِد : " لَا يُصَدَّعُونَ " بِمَعْنَى لَا يَتَصَدَّعُونَ أَيْ لَا يَتَفَرَّقُونَ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ " [ الرُّوم : 43 ] . وَقَرَأَ أَهْل الْكُوفَة " يَنْزِفُونَ " بِكَسْرِ الزَّاي , أَيْ لَا يَنْفَد شَرَابهمْ وَلَا تَفْنَى خَمْرهمْ , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : لَعَمْرِي لَئِنْ أَنَزَفْتُمْ أَوْ صَحَوْتُمْ لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمْ آل أَبْجَرَا وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : فِي الْخَمْر أَرْبَع خِصَال : السُّكْر وَالصُّدَاع وَالْقَيْء وَالْبَوْل , وَقَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى خَمْر الْجَنَّة فَنَزَّهَهَا عَنْ هَذِهِ الْخِصَال .
تَقَدَّمَ فِي " وَالصَّافَّات " أَيْ لَا يَسْكَرُونَ فَتَذْهَب . عُقُولهمْ . وَقَرَأَ مُجَاهِد : " لَا يُصَدَّعُونَ " بِمَعْنَى لَا يَتَصَدَّعُونَ أَيْ لَا يَتَفَرَّقُونَ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " يَوْمئِذٍ يَصَّدَّعُونَ " [ الرُّوم : 43 ] . وَقَرَأَ أَهْل الْكُوفَة " يَنْزِفُونَ " بِكَسْرِ الزَّاي , أَيْ لَا يَنْفَد شَرَابهمْ وَلَا تَفْنَى خَمْرهمْ , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : لَعَمْرِي لَئِنْ أَنَزَفْتُمْ أَوْ صَحَوْتُمْ لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمْ آل أَبْجَرَا وَرَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : فِي الْخَمْر أَرْبَع خِصَال : السُّكْر وَالصُّدَاع وَالْقَيْء وَالْبَوْل , وَقَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى خَمْر الْجَنَّة فَنَزَّهَهَا عَنْ هَذِهِ الْخِصَال .
أَيْ يَتَخَيَّرُونَ مَا شَاءُوا لِكَثْرَتِهَا . وَقِيلَ : وَفَاكِهَة مُتَخَيَّرَة مُرْضِيَة , وَالتَّخَيُّر الِاخْتِيَار .
رَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الْكَوْثَر ؟ قَالَ : ( ذَاكَ نَهَر أَعْطَانِيهِ اللَّه تَعَالَى - يَعْنِي فِي الْجَنَّة - أَشَدّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَن وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَل فِيهِ طَيْر أَعْنَاقهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُر ) قَالَ عُمَر : إِنَّ هَذِهِ لَنَاعِمَة , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَكَلَتهَا أَحْسَن مِنْهَا ) قَالَ : حَدِيث حَسَن . وَخَرَّجَهُ الثَّعْلَبِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّة طَيْرًا مِثْل أَعْنَاق الْبُخْت تَصْطَفّ عَلَى يَد وَلِيّ اللَّه فَيَقُول أَحَدهَا يَا وَلِيّ اللَّه رَعَيْت فِي مُرُوج تَحْت الْعَرْش وَشَرِبْت مِنْ عُيُون التَّسْنِيم فَكُلْ مِنِّي فَلَا يَزَلْنَ يَفْتَخِرْنَ بَيْن يَدَيْهِ حَتَّى يَخْطِر عَلَى قَلْبه أَكْل أَحَدهَا فَتَخِرّ بَيْن يَدَيْهِ عَلَى أَلْوَان مُخْتَلِفَة فَيَأْكُل مِنْهَا مَا أَرَادَ فَإِذَا شَبِعَ تَجَمَّعَ عِظَام الطَّائِر فَطَارَ يَرْعَى فِي الْجَنَّة حَيْثُ شَاءَ ) فَقَالَ عُمَر : يَا نَبِيّ اللَّه إِنَّهَا لَنَاعِمَة . فَقَالَ : ( آكِلهَا أَنْعَم مِنْهَا ) . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّة لَطَيْرًا فِي الطَّائِر مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْف رِيشَة فَيَقَع عَلَى صَحْفَة الرَّجُل مِنْ أَهْل الْجَنَّة ثُمَّ يَنْتَفِض فَيَخْرُج مِنْ كُلّ رِيشَة لَوْن طَعَام أَبْيَض مِنْ الثَّلْج وَأَبْرَد وَأَلْيَن مِنْ الزُّبْد وَأَعْذَب مِنْ الشَّهْد لَيْسَ فِيهِ لَوْن يُشْبِه صَاحِبه فَيَأْكُل مِنْهُ مَا أَرَادَ ثُمَّ يَذْهَب فَيَطِير ) .
قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب وَالْجَرّ , فَمَنْ جَرَّ وَهُوَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَغَيْرهمَا جَازَ أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى " بِأَكْوَابٍ " وَهُوَ مَحْمُول عَلَى الْمَعْنَى , لِأَنَّ الْمَعْنَى يَتَنَعَّمُونَ بِأَكْوَابٍ وَفَاكِهَة وَلَحْم وَحُور , قَالَهُ الزَّجَّاج . وَجَازَ أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى " جَنَّات " أَيْ هُمْ فِي " جَنَّات النَّعِيم " وَفِي حُور عَلَى تَقْدِير حَذْف الْمُضَاف , كَأَنَّهُ قَالَ : وَفِي مُعَاشَرَة حُور . الْفَرَّاء : الْجَرّ عَلَى الْإِتْبَاع فِي اللَّفْظ وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي الْمَعْنَى , لِأَنَّ الْحُور لَا يُطَاف بِهِنَّ , قَالَ الشَّاعِر : إِذَا مَا الْغَانِيَات بَرَزْنَ يَوْمًا وَزَجَجْنَ الْحَوَاجِب وَالْعَيُونَا وَالْعَيْن لَا تُزَجَّج وَإِنَّمَا تُكَحَّل . وَقَالَ آخَر : وَرَأَيْت زَوْجك فِي الْوَغَى مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا وَقَالَ قُطْرُب : هُوَ مَعْطُوف عَلَى الْأَكْوَاب وَالْأَبَارِيق مِنْ غَيْر حَمْل عَلَى الْمَعْنَى . قَالَ : وَلَا يُنْكَر أَنْ يُطَاف عَلَيْهِمْ بِالْحُورِ وَيَكُون لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَذَّة . وَمَنْ نَصَبَ وَهُوَ الْأَشْهَب الْعُقَيْلِيّ وَالنَّخَعِيّ وَعِيسَى بْن عُمَر الثَّقَفِيّ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَف أُبَيّ , فَهُوَ عَلَى تَقْدِير إِضْمَار فِعْل , كَأَنَّهُ قَالَ : وَيُزَوَّجُونَ حُورًا عِينًا . وَالْحَمْل فِي النَّصْب عَلَى الْمَعْنَى أَيْضًا حَسَن , لِأَنَّ مَعْنَى يُطَاف عَلَيْهِمْ بِهِ يُعْطُونَهُ . وَمَنْ رَفَعَ وَهُمْ الْجُمْهُور - وَهُوَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم - فَعَلَى مَعْنَى وَعِنْدهمْ حُور عِين , لِأَنَّهُ لَا يُطَاف عَلَيْهِمْ بِالْحُورِ . وَقَالَ الْكِسَائِيّ : وَمَنْ قَالَ : " وَحُور عِين " بِالرَّفْعِ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ لَا يُطَاف بِهِنَّ يَلْزَمهُ ذَلِكَ فِي فَاكِهَة وَلَحْم , لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُطَاف بِهِ وَلَيْسَ يُطَاف إِلَّا بِالْخَمْرِ وَحْدهَا . وَقَالَ الْأَخْفَش : يَجُوز أَنْ يَكُون مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى لَهُمْ أَكْوَاب وَلَهُمْ حُور عِين . وَجَازَ أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى " ثُلَّة " و " ثُلَّة " اِبْتِدَاء وَخَبَره " عَلَى سُرَر مَوْضُونَة " وَكَذَلِكَ " وَحُور عِين " وَابْتَدَأَ بِالنَّكِرَةِ لِتَخْصِيصِهَا بِالصِّفَةِ .
أَيْ مِثْل أَمْثَال " اللُّؤْلُؤ الْمَكْنُون " أَيْ الَّذِي لَمْ تَمَسّهُ الْأَيْدِي وَلَمْ يَقَع عَلَيْهِ الْغُبَار فَهُوَ أَشَدّ مَا يَكُون صَفَاء وَتَلَأْلُؤًا , أَيْ هُنَّ فِي تَشَاكُل أَجْسَادهنَّ فِي الْحُسْن مِنْ جَمِيع جَوَانِبهنَّ كَمَا قَالَ الشَّاعِر : كَأَنَّمَا خُلِقَتْ فِي قِشْر لُؤْلُؤَة فَكُلّ أَكْنَافهَا وَجْه لِمِرْصَادِ
أَيْ ثَوَابًا وَنَصَبَهُ عَلَى الْمَفْعُول لَهُ . وَيَجُوز أَنْ يَكُون عَلَى الْمَصْدَر , لِأَنَّ مَعْنَى " يَطُوف عَلَيْهِمْ وِلْدَان مُخَلَّدُونَ " يُجَازُونَ . وَقَدْ مَضَى الْكَلَام فِي الْحُور الْعِين فِي " وَالطُّور " وَغَيْرهَا . وَقَالَ أَنَس : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَلَقَ اللَّه الْحُور الْعِين مِنْ الزَّعْفَرَان ) وَقَالَ خَالِد بْن الْوَلِيد : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( إِنَّ الرَّجُل مِنْ أَهْل الْجَنَّة لَيَمْسِك التُّفَّاحَة مِنْ تُفَّاح الْجَنَّة فَتَنْفَلِق فِي يَده فَتَخْرُج مِنْهَا حَوْرَاء لَوْ نَظَرَتْ لِلشَّمْسِ لَأَخْجَلَتْ الشَّمْس مِنْ حُسْنهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَنْقُص مِنْ التُّفَّاحَة ) فَقَالَ لَهُ رَجُل : يَا أَبَا سُلَيْمَان إِنَّ هَذَا لَعَجَب وَلَا يَنْقُص مِنْ التُّفَّاحَة ؟ قَالَ : نَعَمْ كَالسِّرَاجِ الَّذِي يُوقَد مِنْهُ سِرَاج آخَر وَسُرُج وَلَا يَنْقُص , وَاَللَّه عَلَى مَا يَشَاء قَدِير . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : خَلَقَ اللَّه الْحُور الْعِين مِنْ أَصَابِع رِجْلَيْهَا إِلَى رُكْبَتَيْهَا مِنْ الزَّعْفَرَان , وَمِنْ رُكْبَتَيْهَا إِلَى ثَدْيَيْهَا مِنْ الْمِسْك الْأَذْفَر , وَمِنْ ثَدْيَيْهَا إِلَى عُنُقهَا مِنْ الْعَنْبَر الْأَشْهَب , وَمِنْ عُنُقهَا إِلَى رَأْسهَا مِنْ الْكَافُور الْأَبْيَض , عَلَيْهَا سَبْعُونَ أَلْف حُلَّة مِثْل شَقَائِق النُّعْمَان , إِذَا أَقْبَلَتْ يَتَلَأْلَأ وَجْههَا نُورًا سَاطِعًا كَمَا تَتَلَأْلَأ الشَّمْس لِأَهْلِ الدُّنْيَا , وَإِذَا أَدْبَرَتْ يُرَى كَبِدهَا مِنْ رِقَّة ثِيَابهَا وَجِلْدهَا , فِي رَأْسهَا سَبْعُونَ أَلْف ذُؤَابَة مِنْ الْمِسْك الْأَذْفَر , لِكُلِّ ذُؤَابَة مِنْهَا وَصِيفَة تَرْفَع ذَيْلهَا وَهِيَ تُنَادِي : هَذَا ثَوَاب الْأَوْلِيَاء " جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [ السَّجْدَة : 17 ] .
قَالَ اِبْن عَبَّاس : بَاطِلًا وَلَا كَذِبًا . وَاللَّغْو مَا يُلْغَى مِنْ الْكَلَام , وَالتَّأْثِيم مَصْدَر أَثَّمْته أَيْ قُلْت لَهُ أَثِمْت . مُحَمَّد بْن كَعْب : " وَلَا تَأْثِيمًا " أَيْ لَا يُؤَثِّم بَعْضهمْ بَعْضًا . مُجَاهِد : " لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا " شَتْمًا وَلَا مَأْثَمًا .
" قِيلًا " مَنْصُوب ب " يَسْمَعُونَ " أَوْ اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع أَيْ لَكِنْ يَقُولُونَ قِيلًا أَوْ يَسْمَعُونَ . و " سَلَامًا سَلَامًا " مَنْصُوبَانِ بِالْقَوْلِ , أَيْ إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْخَيْر . أَوْ عَلَى الْمَصْدَر أَيْ إِلَّا أَنْ يَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ سَلَامًا . أَوْ يَكُون وَصْفًا ل " قِيلًا " , وَالسَّلَام الثَّانِي بَدَل مِنْ الْأَوَّل , وَالْمَعْنَى إِلَّا قِيلًا يَسْلَم فِيهِ مِنْ اللَّغْو . وَيَجُوز الرَّفْع عَلَى تَقْدِير سَلَام عَلَيْكُمْ . قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ يُحَيِّي بَعْضهمْ بَعْضًا . وَقِيلَ : تُحَيِّيهِمْ الْمَلَائِكَة أَوْ يُحَيِّيهِمْ رَبّهمْ عَزَّ وَجَلَّ .
رَجَعَ إِلَى ذِكْر مَنَازِل أَصْحَاب الْمَيْمَنَة وَهُمْ السَّابِقُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ , وَالتَّكْرِير لِتَعْظِيمِ شَأْن النَّعِيم الَّذِي هُمْ فِيهِ .
أَيْ فِي نَبْقَ قَدْ خُضِّدَ شَوْكه أَيْ قُطِعَ , قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره . وَذَكَرَ اِبْن الْمُبَارَك : حَدَّثَنَا صَفْوَان عَنْ سُلَيْم بْن عَامِر قَالَ : كَانَ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ : إِنَّهُ لَيَنْفَعنَا الْأَعْرَاب وَمَسَائِلهمْ , قَالَ : أَقْبَلَ أَعْرَابِيّ يَوْمًا , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ ذَكَرَ اللَّه فِي الْقُرْآن شَجَرَة مُؤْذِيَة , وَمَا كُنْت أَرَى فِي الْجَنَّة شَجَرَة تُؤْذِي صَاحِبهَا ؟ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا هِيَ ) قَالَ : السِّدْر فَإِنَّ لَهُ شَوْكًا مُؤْذِيًا , فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَوَلَيْسَ يَقُول " فِي سِدْر مَخْضُود " خَضَّدَ اللَّه شَوْكه فَجَعَلَ مَكَان كُلّ شَوْكَة ثَمَرَة فَإِنَّهَا تُنْبِت ثَمَرًا يَفْتُق الثَّمَر مِنْهَا عَنْ اِثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْنًا مِنْ الطَّعَام مَا فِيهِ لَوْن يُشْبِه الْآخَر ) . وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالضَّحَّاك : نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى وَجّ ( وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ مُخَصَّب ) فَأَعْجَبَهُمْ سِدْره , فَقَالُوا : يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل هَذَا , فَنَزَلَتْ . قَالَ أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت يَصِف الْجَنَّة : إِنَّ الْحَدَائِق فِي الْجِنَان ظَلِيلَة فِيهَا الْكَوَاعِب سِدْرهَا مَخْضُود وَقَالَ الضَّحَّاك وَمُجَاهِد وَمُقَاتِل بْن حَيَّان : " فِي سِدْر مَخْضُود " وَهُوَ الْمُوقِر حَمْلًا . وَهُوَ قَرِيب مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الْخَبَر . سَعِيد بْن جُبَيْر : ثَمَرهَا أَعْظَم مِنْ الْقِلَال . وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَة " النَّجْم " عِنْد قَوْله تَعَالَى : " عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهَى " [ النَّجْم : 14 ] وَأَنَّ ثَمَرهَا مِثْل قِلَال هَجَر مِنْ حَدِيث أَنَس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الطَّلْح شَجَر الْمَوْز وَاحِده طَلْحَة . قَالَهُ أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَغَيْرهمْ . وَقَالَ الْحَسَن : لَيْسَ هُوَ مَوْز وَلَكِنَّهُ شَجَر لَهُ ظِلّ بَارِد رُطَب . وَقَالَ الْفَرَّاء وَأَبُو عُبَيْدَة : شَجَر عِظَام لَهُ شَوْك , قَالَ بَعْض الْحُدَاة وَهُوَ الْجَعْدِيّ : بَشَّرَهَا دَلِيلهَا وَقَالَا غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْح وَالْأَحْبَالَا فَالطَّلْح كُلّ شَجَر عَظِيم كَثِير الشَّوْك . الزَّجَّاج : يَجُوز أَنْ يَكُون فِي الْجَنَّة وَقَدْ أُزِيلَ شَوْكه . وَقَالَ الزَّجَّاج أَيْضًا : كَشَجَرِ أُمّ غَيْلَان لَهُ نُور طَيِّب جِدًّا فَخُوطِبُوا وَوُعِدُوا بِمَا يُحِبُّونَ مِثْله , إِلَّا أَنَّ فَضْله عَلَى مَا فِي الدُّنْيَا كَفَضْلِ سَائِر مَا فِي الْجَنَّة عَلَى مَا فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ السُّدِّيّ : طَلْح الْجَنَّة يُشْبِه طَلْح الدُّنْيَا لَكِنْ لَهُ ثَمَر أَحْلَى مِنْ الْعَسَل . وَقَرَأَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " وَطَلْع مَنْضُود " بِالْعَيْنِ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة " وَنَخْل طَلْعهَا هَضِيم " [ الشُّعَرَاء : 148 ] وَهُوَ خِلَاف الْمُصْحَف . فِي رِوَايَة أَنَّهُ قُرِئَ بَيْن يَدَيْهِ " وَطَلْح مَنْضُود " فَقَالَ : مَا شَأْن الطَّلْح ؟ إِنَّمَا هُوَ " وَطَلْع مَنْضُود " ثُمَّ قَالَ : " لَهَا طَلْع نَضِيد " [ ق : 10 ] فَقِيلَ لَهُ : أَفَلَا نُحَوِّلهَا ؟ فَقَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُهَاج الْقُرْآن وَلَا يُحَوَّل . فَقَدْ اِخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَة وَلَمْ يَرَ إِثْبَاتهَا فِي الْمُصْحَف لِمُخَالَفَةِ مَا رَسْمه مُجْمَع عَلَيْهِ . قَالَ الْقُشَيْرِيّ . وَأَسْنَدَهُ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة حَدَّثَنَا عِيسَى بْن يُونُس عَنْ مُجَالِد عَنْ الْحَسَن بْن سَعْد عَنْ قَيْس بْن عَبَّاد قَالَ : قَرَأْت عِنْد عَلِيّ أَوْ قُرِئْت عِنْد عَلِيّ - شَكَّ مُجَالِد - " وَطَلْح مَنْضُود " فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : مَا بَال الطَّلْح ؟ أَمَا تَقْرَأ " وَطَلْع " ثُمَّ قَالَ : " لَهَا طَلْع نَضِيد " [ ق : 10 ] فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَنَحُكُّهَا مِنْ الْمُصْحَف ؟ فَقَالَ : لَا لَا يُهَاج الْقُرْآن الْيَوْم . قَالَ أَبُو بَكْر : وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَا فِي الْمُصْحَف وَعَلِمَ أَنَّهُ هُوَ الصَّوَاب , وَأَبْطَلَ الَّذِي كَانَ فَرَّطَ مِنْ قَوْله . وَالْمَنْضُود الْمُتَرَاكِب الَّذِي قَدْ نُضِّدَ أَوَّله وَآخِره بِالْحَمْلِ , لَيْسَتْ لَهُ سُوق بَارِزَة بَلْ هُوَ مَرْصُوص , وَالنَّضْد هُوَ الرَّصّ وَالْمُنَضَّد الْمَرْصُوص , قَالَ النَّابِغَة : خَلَّتْ سَبِيل أَتِيّ كَانَ يَحْبِسهُ وَرَفَّعَتْهُ إِلَى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَد وَقَالَ مَسْرُوق : أَشْجَار الْجَنَّة مِنْ عُرُوقهَا إِلَى أَفْنَانهَا نَضِيدَة ثَمَر كُلّه , كُلَّمَا أَكَلَ ثَمَرَة عَادَ مَكَانهَا أَحْسَن مِنْهَا .
أَيْ دَائِم بَاقٍ لَا يَزُول وَلَا تَنْسَخهُ الشَّمْس , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبّك كَيْفَ مَدّ الظِّلّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا " [ الْفُرْقَان : 45 ] وَذَلِكَ بِالْغَدَاةِ وَهِيَ مَا بَيْن الْإِسْفَار إِلَى طُلُوع الشَّمْس حَسَب مَا تَقَدَّمَ بَيَانه هُنَاكَ . وَالْجَنَّة كُلّهَا ظِلّ لَا شَمْس مَعَهُ . قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس : يَعْنِي ظِلّ الْعَرْش . وَقَالَ عَمْرو بْن مَيْمُون : مَسِيرَة سَبْعِينَ أَلْف سَنَة . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة : تَقُول الْعَرَب لِلدَّهْرِ الطَّوِيل وَالْعُمْر الطَّوِيل وَالشَّيْء الَّذِي لَا يَنْقَطِع مَمْدُود , وَقَالَ لَبِيد : غَلَبَ الْعَزَاء وَكُنْت غَيْر مُغَلَّب دَهْر طَوِيل دَائِم مَمْدُود وَفِي صَحِيح التِّرْمِذِيّ وَغَيْره مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَفِي الْجَنَّة شَجَرَة يَسِير الرَّاكِب فِي ظِلّهَا مِائَة عَام لَا يَقْطَعهَا وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ " وَظِلّ مَمْدُود " .