الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { طَه } . قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرير : اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في تَأْويل قَوْله : { طَه } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ يَا رَجُل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18076 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقد , عَنْ يَزيد النَّحْويّ , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : طَه : بالنَّبَطيَّة : يَا رَجُل . 18077 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { طَه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } فَإنَّ قَوْمه قَالُوا : لَقَدْ شَقيَ هَذَا الرَّجُل برَبّه , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذكْره { طَه } يَعْني : يَا رَجُل { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } . 18078 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَني عَبْد اللَّه بْن مُسْلم , أَوْ يَعْلَى بْن مُسْلم , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : طَه : يَا رَجُل بالسُّرْيَانيَّة . * - قَالَ ابْن جُرَيْج : وَأَخْبَرَني زَمْعَة بْن صَالح , عَنْ سَلَمَة بْن وَهْرَام , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , بذَلكَ أَيْضًا . قَالَ ابْن جُرَيْج , وَقَالَ مُجَاهد , ذَلكَ أَيْضًا . 18079 - حَدَّثَنَا عمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارث بْن سَعيد , قَالَ : ثنا عُمَارَة عَنْ عكْرمَة , في قَوْله : { طَه } قَالَ : يَا رَجُل , كَلَّمَهُ بالنَّبَطيَّة . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ عكْرمَة , في قَوْله { طَه } قَالَ : بالنَّبَطيَّة : يَا إنْسَان . 18080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , عَنْ قُرَّة بْن خَالد , عَنْ الضَّحَّاك , في قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل بالنَّبَطيَّة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عكْرمَة في قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل . 18081 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل , وَهيَ بالسُّرْيَانيَّة . 18082 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن في قَوْله : { طَه } قَالَا : يَا رَجُل . * - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , يَعْني ابْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اسْم منْ أَسْمَاء اللَّه , وَقَسَم أَقْسَمَ اللَّه به . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18083 - حَدَّثَنَا عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَى مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { طَه } قَالَ : فَإنَّهُ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه به , وَهُوَ اسْم منْ أَسْمَاء اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ حُرُوف هجَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة يَدُلّ كُلّ حَرْف منْهَا عَلَى مَعْنَى , وَاخْتَلَفُوا في ذَلكَ اخْتلَافهمْ في الم , وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلكَ في مَوَاضعه , وَبَيَّنَّا ذَلكَ بشَوَاهده . وَاَلَّذي هُوَ أَوْلَى بالصَّوَاب عنْدي منْ الْأَقْوَال فيه : قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يَا رَجُل , لأَنَّهَا كَلمَة مَعْرُوفَة في عَكّ فيمَا بَلَغَني , وَأَنَّ مَعْنَاهَا فيهمْ : يَا رَجُل , أَنْشَدْت لمُتَمّم بْن نُوَيْرَة : هَتَفْت بطَهَ في الْقتَال فَلَمْ يُجبْ فَخفْت عَلَيْه أَنْ يَكُون مُوَائلَا وَقَالَ آخَر : إنَّ السَّفَاهَة طَه منْ خَلَائقكُمْ لَا بَارَكَ اللَّه في الْقَوْم الْمَلَاعين فَإذَا كَانَ ذَلكَ مَعْرُوفًا فيهمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا , فَالْوَاجب أَنْ يُوَجَّه تَأْويله إلَى الْمَعْرُوف فيهمْ منْ مَعْنَاهُ , وَلَا سيَّمَا إذَا وَافَقَ ذَلكَ تَأْويل أَهْل الْعلْم منْ الصَّحَابَة وَالتَّابعينَ . فَتَأْويل الْكَلَام إذَنْ : يَا رَجُل مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى , مَا أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْك فَنُكَلّفك مَا لَا طَاقَة لَك به منْ الْعَمَل . وَذُكرَ أَنَّهُ قيلَ لَهُ ذَلكَ بسَبَب مَا كَانَ يَلْقَى منْ النَّصَب وَالْعَنَاء وَالسَّهَر في قيَام اللَّيْل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18084 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } قَالَ : هيَ مثْل قَوْله : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ منْهُ } 73 20 فَكَانُوا يُعَلّقُونَ الْحبَال في صُدُورهمْ في الصَّلَاة . 18085 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } قَالَ : في الصَّلَاة كَقَوْله : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ منْهُ } 73 20 فَكَانُوا يُعَلّقُونَ الْحبَال بصُدُورهمْ في الصَّلَاة . 18086 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } لَا وَاَللَّه مَا جَعَلَهُ اللَّه شَقيًّا , وَلَكنْ جَعَلَهُ رَحْمَة وَنُورًا , وَدَليلًا إلَى الْجَنَّة .
قَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرير : اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في تَأْويل قَوْله : { طَه } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ يَا رَجُل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18076 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ الْحَسَن بْن وَاقد , عَنْ يَزيد النَّحْويّ , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : طَه : بالنَّبَطيَّة : يَا رَجُل . 18077 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { طَه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } فَإنَّ قَوْمه قَالُوا : لَقَدْ شَقيَ هَذَا الرَّجُل برَبّه , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذكْره { طَه } يَعْني : يَا رَجُل { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } . 18078 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَني عَبْد اللَّه بْن مُسْلم , أَوْ يَعْلَى بْن مُسْلم , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : طَه : يَا رَجُل بالسُّرْيَانيَّة . * - قَالَ ابْن جُرَيْج : وَأَخْبَرَني زَمْعَة بْن صَالح , عَنْ سَلَمَة بْن وَهْرَام , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , بذَلكَ أَيْضًا . قَالَ ابْن جُرَيْج , وَقَالَ مُجَاهد , ذَلكَ أَيْضًا . 18079 - حَدَّثَنَا عمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارث بْن سَعيد , قَالَ : ثنا عُمَارَة عَنْ عكْرمَة , في قَوْله : { طَه } قَالَ : يَا رَجُل , كَلَّمَهُ بالنَّبَطيَّة . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ عكْرمَة , في قَوْله { طَه } قَالَ : بالنَّبَطيَّة : يَا إنْسَان . 18080 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , عَنْ قُرَّة بْن خَالد , عَنْ الضَّحَّاك , في قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل بالنَّبَطيَّة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عكْرمَة في قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل . 18081 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل , وَهيَ بالسُّرْيَانيَّة . 18082 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالْحَسَن في قَوْله : { طَه } قَالَا : يَا رَجُل . * - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , يَعْني ابْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { طَه } قَالَ : يَا رَجُل . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اسْم منْ أَسْمَاء اللَّه , وَقَسَمَ أَقْسَمَ اللَّه به . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18083 - حَدَّثَنَا عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَى مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { طَه } قَالَ : فَإنَّهُ قَسَم أَقْسَمَ اللَّه به , وَهُوَ اسْم منْ أَسْمَاء اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ حُرُوف هجَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ حُرُوف مُقَطَّعَة يَدُلّ كُلّ حَرْف منْهَا عَلَى مَعْنًى , وَاخْتَلَفُوا في ذَلكَ اخْتلَافهمْ في الم , وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلكَ في مَوَاضعه , وَبَيَّنَّا ذَلكَ بشَوَاهده . وَاَلَّذي هُوَ أَوْلَى بالصَّوَاب عنْدي منْ الْأَقْوَال فيه : قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يَا رَجُل , لأَنَّهَا كَلمَة مَعْرُوفَة في عَكّ فيمَا بَلَغَني , وَأَنَّ مَعْنَاهَا فيهمْ : يَا رَجُل , أَنْشَدْت لمُتَمّم بْن نُوَيْرَة : هَتَفْت بطَهَ في الْقتَال فَلَمْ يُجبْ فَخفْت عَلَيْه أَنْ يَكُون مُوَائلَا وَقَالَ آخَر : إنَّ السَّفَاهَة طَه منْ خَلَائقكُمْ لَا بَارَكَ اللَّه في الْقَوْم الْمَلَاعين فَإذَا كَانَ ذَلكَ مَعْرُوفًا فيهمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا , فَالْوَاجب أَنْ يُوَجَّه تَأْويله إلَى الْمَعْرُوف فيهمْ منْ مَعْنَاهُ , وَلَا سيَّمَا إذَا وَافَقَ ذَلكَ تَأْويل أَهْل الْعلْم منْ الصَّحَابَة وَالتَّابعينَ . فَتَأْويل الْكَلَام إذَنْ : يَا رَجُل مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى , مَا أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْك فَنُكَلّفك مَا لَا طَاقَة لَك به منْ الْعَمَل . وَذُكرَ أَنَّهُ قيلَ لَهُ ذَلكَ بسَبَب مَا كَانَ يَلْقَى منْ النَّصَب وَالْعَنَاء وَالسَّهَر في قيَام اللَّيْل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18084 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } قَالَ : هيَ مثْل قَوْله : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ منْهُ } 73 20 فَكَانُوا يُعَلّقُونَ الْحبَال في صُدُورهمْ في الصَّلَاة . 18085 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } قَالَ : في الصَّلَاة كَقَوْله : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ منْهُ } 73 20 فَكَانُوا يُعَلّقُونَ الْحبَال بصُدُورهمْ في الصَّلَاة . 18086 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتَشْقَى } لَا وَاَللَّه مَا جَعَلَهُ اللَّه شَقيًّا , وَلَكنْ جَعَلَهُ رَحْمَة وَنُورًا , وَدَليلًا إلَى الْجَنَّة .
وَقَوْله : { إلَّا تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك هَذَا الْقُرْآن إلَّا تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى عقَاب اللَّه , فَيَتَّقيه بأَدَاء فَرَائض رَبّه وَاجْتنَاب مَحَارمه , كَمَا : 18087 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إلَّا تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى } وَإنَّ اللَّه أَنْزَلَ كُتُبه , وَبَعَثَ رُسُله رَحْمَة رَحمَ اللَّه بهَا الْعبَاد , ليَتَذَكَّر ذَاكر , وَيَنْتَفع رَجُل بمَا سَمعَ منْ كتَاب اللَّه , وَهُوَ ذكْر لَهُ أَنْزَلَ اللَّه فيه حَلَاله وَحَرَامه , فَقَالَ : { تَنْزيلًا ممَّنْ خَلَقَ الْأَرْض وَالسَّمَوَات الْعُلَى } . 18088 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { إلَّا تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى } قَالَ : الَّذي أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْك تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى . فَمَعْنَى الْكَلَام إذَنْ : يَا رَجُل مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك هَذَا الْقُرْآن لتَشْقَى به , مَا أَنْزَلْنَاهُ إلَّا تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبيَّة في وَجْه نَصْب تَذْكرَة , فَكَانَ بَعْض نَحْويّي الْبَصْرَة يَقُول : قَالَ : إلَّا تَذْكرَة بَدَلًا منْ قَوْله لتَشْقَى , فَجَعَلَهُ . مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن إلَّا تَذْكرَة . وَكَانَ بَعْض نَحْويّي الْكُوفَة يَقُول : نُصبَتْ عَلَى قَوْله . مَا أَنْزَلْنَاهُ إلَّا تَذْكرَة . وَكَانَ بَعْضهمْ يُنْكر قَوْل الْقَائل : نُصبَتْ بَدَلًا منْ قَوْله { لتَشْقَى } وَيَقُول : ذَلكَ غَيْر جَائز , لأَنَّ { لتَشْقَى } في الْجَحْد , و { إلَّا تَذْكرَة } في التَّحْقيق , وَلَكنَّهُ تَكْرير . وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : مَعْنَى الْكَلَام : مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآن إلَّا تَذْكرَة لمَنْ يَخْشَى , لَا لتَشْقَى .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { تَنْزيلًا ممَّنْ خَلَقَ الْأَرْض وَالسَّمَوَات الْعُلَى } . يَقُول تَعَالَى ذكْره لنَبيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ : هَذَا الْقُرْآن تَنْزيل منْ الرَّبّ الَّذي خَلَقَ الْأَرْض وَالسَّمَوَات الْعُلَى . وَالْعُلَى : جَمْع عُلْيَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبيَّة في وَجْه نَصْب قَوْله : { تَنْزيلًا } فَقَالَ بَعْض نَحْويّي الْبَصْرَة : نُصبَ ذَلكَ بمَعْنَى : نَزَّلَ اللَّه تَنْزيلًا . وَقَالَ بَعْض مَنْ أَنْكَرَ ذَلكَ منْ قيله هَذَا منْ كَلَامَيْن , وَلَكنَّ الْمَعْنَى : هُوَ تَنْزيل , ثُمَّ أَسْقَطَ هُوَ , وَاتَّصَلَ بالْكَلَام الَّذي قَبْله , فَخَرَجَ منْهُ , وَلَمْ يَكُنْ منْ لَفْظه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقَوْلَان جَميعًا عنْدي غَيْر خَطَأ .
وَقَوْله : { الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : الرَّحْمَن عَلَى عَرْشه ارْتَفَعَ وَعَلَا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الاسْتوَاء بشَوَاهده فيمَا مَضَى وَذَكَرْنَا اخْتلَاف الْمُخْتَلفينَ فيه فَأَغْنَى ذَلكَ عَنْ إعَادَته في هَذَا الْمَوْضع . وَللرَّفْع في الرَّحْمَن وَجْهَان : أَحَدهمَا بمَعْنَى قَوْله : تَنْزيلًا , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : نَزَّلَهُ مَنْ خَلَقَ الْأَرْض وَالسَّمَوَات , نَزَّلَهُ الرَّحْمَن الَّذي عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى . وَالْآخَر بقَوْله : { عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى } لأَنَّ في قَوْله اسْتَوَى , ذكْرًا منْ الرَّحْمَن .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { لَهُ مَا في السَّمَوَات وَمَا في الْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا وَمَا تَحْت الثَّرَى } . يَقُول تَعَالَى ذكْره : للَّه مَا في السَّمَوَات وَمَا في الْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا , وَمَا تَحْت الثَّرَى , مُلْكًا لَهُ , وَهُوَ مُدَبّر ذَلكَ كُلّه , وَمُصَرّف جَميعه . وَيَعْني بالثَّرَى : النَّدَى . يُقَال للتُّرَاب الرَّطْب الْمُبْتَلّ : ثَرَى مَنْقُوص , يُقَال منْهُ : ثَريَتْ الْأَرْض تَثْرَى , ثَرَى مَنْقُوص , وَالثَّرَى : مَصْدَر . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18089 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا تَحْت الثَّرَى } وَالثَّرَى : كُلّ شَيْء مُبْتَلّ . 18090 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله : { وَمَا تَحْت الثَّرَى } مَا حُفرَ منْ التُّرَاب مُبْتَلًّا . وَإنَّمَا عَنَى بذَلكَ : وَمَا تَحْت الْأَرَضينَ السَّبْع . كَاَلَّذي : 18091 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن إبْرَاهيم السُّلَيْميّ الْمَعْرُوف بابْن صَدْرَانَ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن رفَاعَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب { وَمَا تَحْت الثَّرَى } قَالَ : الثَّرَى : سَبْع أَرَضينَ .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَإنْ تَجْهَر بالْقَوْل فَإنَّهُ يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَإنْ تَجْهَر يَا مُحَمَّد بالْقَوْل , أَوْ تَخْفَ به , فَسَوَاء عنْد رَبّك الَّذي لَهُ مَا في السَّمَوَات وَمَا في الْأَرْض { فَإنَّهُ يَعْلَم السّرّ } يَقُول : فَإنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْه مَا اسْتَسْرَرْتهُ في نَفْسك , فَلَمْ تُبْده بجَوَارحك وَلَمْ تَتَكَلَّم بلسَانك , وَلَمْ تَنْطق به وَأَخْفَى . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في الْمَعْنيّ بقَوْله { وَأَخْفَى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَأَخْفَى منْ السّرّ , قَالَ : وَاَلَّذي هُوَ أَخْفَى منْ السّرّ مَا حَدَّثَ به الْمَرْء نَفْسه وَلَمْ يَعْمَلهُ . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18092 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : السّرّ : مَا عَملْته أَنْتَ وَأَخْفَى : مَا قَذَفَ اللَّه في قَلْبك ممَّا لَمْ تَعْمَلهُ . * - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثَنَى أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } يَعْني بأَخْفَى : مَا لَمْ يَعْمَلهُ , وَهُوَ عَامله ; وَأَمَّا السّرّ : فَيَعْني مَا أَسَرَّ في نَفْسه . * - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : السّرّ : مَا أَسَرَّ ابْن آدَم في نَفْسه . وَأَخْفَى : قَالَ : مَا أَخْفَى ابْن آدَم ممَّا هُوَ فَاعله قَبْل أَنْ يَعْمَلهُ , فَاَللَّه يَعْلَم ذَلكَ , فَعلْمه فيمَا مَضَى منْ ذَلكَ , وَمَا بَقيَ علْم وَاحد , وَجَميع الْخَلَائق عنْده في ذَلكَ كَنَفْسٍ وَاحدَة , وَهُوَ قَوْله : { مَا خَلْقكُمْ وَلَا بَعْثكُمْ إلَّا كَنَفْسٍ وَاحدَة } . 31 28 * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس : السّرّ : مَا أَسَرَّ الْإنْسَان في نَفْسه ; وَأَخْفَى : مَا لَا يَعْلَم الْإنْسَان ممَّا هُوَ كَائن . 18093 - حَدَّثَني زَكَريَّا بْن يَحْيَى بْن أَبي زَائدَة وَمُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصم , عَنْ عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْل اللَّه : { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : أَخْفَى : الْوَسْوَسَة . زَادَ ابْن عَمْرو وَالْحَارث في حَديثَيْهمَا : وَالسّرّ : الْعَمَل الَّذي يُسرُّونَ منْ النَّاس . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { وَأَخْفَى } قَالَ : الْوَسْوَسَة . 18094 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سمَاك , عَنْ عكْرمَة , في قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : أَخْفَى حَديث نَفْسك . 18095 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الْأَشْقَر , قَالَ : ثنا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : السّرّ : مَا يَكُون في نَفْسك الْيَوْم . وَأَخْفَى : مَا يَكُون في غَد وَبَعْد غَد , لَا يَعْلَمهُ إلَّا اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : وَأَخْفَى منْ السّرّ مَا لَمْ تُحَدّث به نَفْسك . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18096 - حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن الصَّبَاح , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , في قَوْله : { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : السّرّ : مَا أَسْرَرْت في نَفْسك ; وَأَخْفَى منْ ذَلكَ : مَا لَمْ تُحَدّث به نَفْسك . 18097 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَإنْ تَجْهَر بالْقَوْل فَإنَّهُ يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } كُنَّا نُحَدّث أَنَّ السّرّ مَا حَدَّثْت به نَفْسك , وَأَنَّ أَخْفَى منْ السّرّ : مَا هُوَ كَائن ممَّا لَمْ تُحَدّث به نَفْسك . 18098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا أَبُو هلَال , قَالَ : ثنا قَتَادَة , في قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : يَعْلَم مَا أَسْرَرْت في نَفْسك , وَأَخْفَى : مَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ كَائن . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : أَخْفَى منْ السّرّ : مَا حَدَّثْت به نَفْسك , وَمَا لَمْ تُحَدّث به نَفْسك أَيْضًا ممَّا هُوَ كَائن . 18099 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله : { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } أَمَّا السّرّ : فَمَا أَسْرَرْت في نَفْسك . وَأَمَّا أَخْفَى منْ السّرّ : فَمَا لَمْ تَعْمَلهُ وَأَنْتَ عَامله , يَعْلَم اللَّه ذَلكَ كُلّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : إنَّهُ يَعْلَم سرّ الْعبَاد , وَأَخْفَى سرّ نَفْسه , فَلَمْ يُطْلع عَلَيْه أَحَدًا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18100 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله { يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى } قَالَ : يَعْلَم أَسْرَار الْعبَاد , وَأَخْفَى سرّه فَلَا يَعْلَم . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَكَأَنَّ الَّذينَ وَجَّهُوا ذَلكَ إلَى أَنَّ السّرّ هُوَ مَا حَدَّثَ به الْإنْسَان غَيْره سرًّا , وَأَنَّ أَخْفَى : مَعْنَاهُ : مَا حَدَّثَ به نَفْسه , وَجَّهُوا تَأْويل أَخْفَى إلَى الْخَفيّ . وَقَالَ بَعْضهمْ : قَدْ تُوضَع أَفْعَل مَوْضع الْفَاعل , وَاسْتَشْهَدُوا لقيلهمْ ذَلكَ بقَوْل الشَّاعر : تَمَنَّى رجَال أَنْ أَمُوت وَإنْ أَمُتْ فَتلْكَ طَريق , لَسْت فيهَا بأَوْحَد وَالصَّوَاب منْ الْقَوْل في ذَلكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى منْ السّرّ , لأَنَّ ذَلكَ هُوَ الظَّاهر منْ الْكَلَام ; وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلكَ مَا تَأَوَّلَهُ ابْن زَيْد , لَكَانَ الْكَلَام : وَأَخْفَى اللَّه سرّه , لأَنَّ أَخْفَى : فعْل وَاقع مُتَعَدٍّ , إذْ كَانَ بمَعْنَى فَعَلَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ ابْن زَيْد , وَفي انْفرَاد أَخْفَى منْ مَفْعُوله , وَاَلَّذي يَعْمَل فيه لَوْ كَانَ بمَعْنَى فَعَلَ الدَّليل الْوَاضح عَلَى أَنَّهُ بمَعْنَى أَفْعَل , وَأَنَّ تَأْويل الْكَلَام : فَإنَّهُ يَعْلَم السّرّ وَأَخْفَى منْهُ . فَإذْ كَانَ ذَلكَ تَأْويله , فَالصَّوَاب منْ الْقَوْل في مَعْنَى أَخْفَى منْ السّرّ أَنْ يُقَال : هُوَ مَا عَلمَ اللَّه ممَّا أَخْفَى عَنْ الْعبَاد , وَلَمْ يَعْلَمُوهُ ممَّا هُوَ كَائن وَلَمَّا يَكُنْ , لأَنَّ مَا ظَهَرَ وَكَانَ فَغَيْر سرّ , وَأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ غَيْر كَائن فَلَا شَيْء , وَأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ كَائن فَهُوَ أَخْفَى منْ السّرّ , لأَنَّ ذَلكَ لَا يَعْلَمهُ إلَّا اللَّه , ثُمَّ مَنْ أَعْلَمَهُ ذَلكَ منْ عبَاده .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ذكْره : { اللَّه لَا إلَه إلَّا هُوَ } فَإنَّهُ يَعْني به : الْمَعْبُود الَّذي لَا تَصْلُح الْعبَادَة إلَّا لَهُ . يَقُول : فَإيَّاهُ فَاعْبُدُوا أَيّهَا النَّاس دُون مَا سوَاهُ منْ الْآلهَة وَالْأَوْثَان { لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لمَعْبُودكُمْ أَيّهَا النَّاس الْأَسْمَاء الْحُسْنَى , فَقَالَ : الْحُسْنَى , فَوَحَّدَ , وَهُوَ نَعْت للْأَسْمَاء , وَلَمْ يَقُلْ الْأَحَاسن , لأَنَّ الْأَسْمَاء تَقَع عَلَيْهَا هَذه , فَيُقَال : هَذه أَسْمَاء , وَهَذه في لَفْظَة وَاحدَة ; وَمنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : وَسَوْفَ يُعْقبُنيه إنْ ظَفرْت به رَبّ غَفُور وَبيض ذَات أَطْهَار فَوَحَّدَ ذَات , وَهُوَ نَعْت للْبيض لأَنَّهُ يَقَع عَلَيْهَا هَذه , كَمَا قَالَ : { حَدَائق ذَات بَهْجَة } 27 60 وَمنْهُ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَآرب أُخْرَى } 20 18 فَوَحَّدَ أُخْرَى , وَهيَ نَعْت لمَآرب , وَالْمَآرب : جَمْع , وَاحدَتهَا : مَأْرُبَة , وَلَمْ يَقُلْ أُخَر , لمَا وَصَفْنَا , وَلَوْ قيلَ : أُخَر , لَكَانَ صَوَابًا .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَهَلْ أَتَاك حَديث مُوسَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره لنَبيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ مُسَلّيه عَمَّا يَلْقَى منْ الشّدَّة منْ مُشْركي قَوْمه , وَمُعَرّفه مَا إلَيْه صَائر أَمْره وَأَمْرهمْ , وَأَنَّهُ مُعْليه عَلَيْهمْ , وَمُوهن كَيْد الْكَافرينَ , وَيَحُثّهُ عَلَى الْجدّ في أَمْره , وَالصَّبْر عَلَى عبَادَته , وَأَنْ يَتَذَكَّر فيمَا يَنُوبهُ فيه منْ أَعْدَائه منْ مُشْركي قَوْمه وَغَيْرهمْ , وَفيمَا يُزَاول منْ الاجْتهَاد في طَاعَته مَا نَابَ أَخَاهُ مُوسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْه منْ عَدُوّهُ , ثُمَّ منْ قَوْمه , وَمنْ بَني إسْرَائيل وَمَا لَقيَ فيه منْ الْبَلَاء وَالشّدَّة طفْلًا صَغيرًا , ثُمَّ يَافعًا مُتَرَعْرعًا , ثُمَّ رَجُلًا كَاملًا : { وَهَلْ أَتَاك } يَا مُحَمَّد { حَديث مُوسَى } ابْن عمْرَان .
إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ↓
{ إذْ رَأَى نَارًا } ؟ ذُكرَ أَنَّ ذَلكَ كَانَ في الشّتَاء لَيْلًا , وَأَنَّ مُوسَى كَانَ أَضَلَّ الطَّريق ; فَلَمَّا رَأَى ضَوْء النَّار { قَالَ لأَهْله } مَا قَالَ . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18101 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ , عَنْ أَبي مَالك , وَعَنْ أَبي صَالح , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل , سَارَ بأَهْله فَضَلَّ الطَّريق . قَالَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : كَانَ في الشّتَاء , وَرُفعَتْ لَهُمْ نَار ; فَلَمَّا رَآهَا ظَنَّ أَنَّهَا نَار , وَكَانَتْ منْ نُور اللَّه { قَالَ لأَهْله اُمْكُثُوا إنّي آنَسْت نَارًا } . 18102 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه الْيَمَانيّ , قَالَ : لَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَل , خَرَجَ وَمَعَهُ غَنَم لَهُ , وَمَعَهُ زَنْد لَهُ , وَعَصَاهُ في يَده يَهَشّ بهَا عَلَى غَنَمه نَهَارًا , فَإذَا أَمْسَى اقْتَدَحَ بزَنْده نَارًا , فَبَاتَ عَلَيْهَا هُوَ وَأَهْله وَغَنَمه , فَإذَا أَصْبَحَ غَدَا بأَهْله وَبغَنَمه , فَتَوَكَّأَ عَلَى عَصَاهُ , فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَة الَّتي أَرَادَ اللَّه بمُوسَى كَرَامَته , وَابْتدَاءَهُ فيهَا بنُبُوَّته وَكَلَامه , أَخْطَأَ فيه الطَّريق حَتَّى لَا يَدْري أَيْنَ يَتَوَجَّه , فَأَخْرَجَ زَنْده ليَقْتَدح نَارًا لأَهْله ليَبيتُوا عَلَيْهَا حَتَّى يُصْبح , وَيَعْلَم وَجْه سَبيله , فَأَصْلَدَ زَنْده فَلَا يُوري لَهُ نَارًا , فَقَدَحَ حَتَّى أَعْيَاهُ , لَاحَتْ النَّار فَرَآهَا , ف { قَالَ لأَهْله اُمْكُثُوا إنّي آنَسْت نَارًا لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } . وَعُنيَ بقَوْله : { آنَسْت نَارًا } وَجَدْت , وَمنْ أَمْثَال الْعَرَب : بَعْد اطّلَاع إينَاس , وَيُقَال أَيْضًا : بَعْد طُلُوع إينَاس , وَهُوَ مَأْخُوذ منْ الْأُنْس .
وَقَوْله : { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ } يَقُول : لَعَلّي أَجيئكُمْ منْ النَّار الَّتي آنَسْت بشُعْلَةٍ . وَالْقَبَس : هُوَ النَّار في طَرَف الْعُود أَوْ الْقَصَبَة . يَقُول الْقَائل لصَاحبه : أَقْبسني نَارًا , فَيُعْطيه إيَّاهَا في طَرَف عُود أَوْ قَصَبَة . وَإنَّمَا أَرَادَ مُوسَى بقَوْله لأَهْله : { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ } لَعَلّي آتيكُمْ بذَلكَ لتَصْطَلُوا به , كَمَا : 18103 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ } قَالَ : بقَبَسٍ تَصْطَلُونَ .
وَقَوْله : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } دَلَالَة تَدُلّ عَلَى الطَّريق الَّذي أَضْلَلْنَاهُ , إمَّا منْ خَبَر هَادٍ يَهْدينَا إلَيْه , وَإمَّا منْ بَيَان وَعلْم نَتَبَيَّنهُ به وَنَعْرفهُ . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18104 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } يَقُول : مَنْ يَدُلّ عَلَى الطَّريق . 18105 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْل اللَّه : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : هَاديًا يَهْديه الطَّريق . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . 18106 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد عَنْ قَتَادَة قَوْله : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } أَيْ هُدَاة يَهْدُونَهُ الطَّريق . 18107 - حَدَّثَني أَحْمَد بْن الْمقْدَام , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمر , قَالَ : سَمعْت أَبي يُحَدّث , عَنْ قَتَادَة , عَنْ صَاحب لَهُ , عَنْ حَديث ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهَا أَيْلَة { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } . وَقَالَ أَبي : وَزَعَمَ قَتَادَة أَنَّهُ هُدَى الطَّريق . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : مَنْ يَهْديني إلَى الطَّريق . 18108 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : هُدًى عَنْ علْم الطَّريق الَّذي أَضْلَلْنَا بنَعْتٍ منْ خَبَر . 18109 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبي سَعيد , عَنْ عكْرمَة , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : كَانُوا أَضَلُّوا عَنْ الطَّريق , فَقَالَ : لَعَلّي أَجد مَنْ يَدُلّني عَلَى الطَّريق , أَوْ آتيكُمْ بقَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ .
وَقَوْله : { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ } يَقُول : لَعَلّي أَجيئكُمْ منْ النَّار الَّتي آنَسْت بشُعْلَةٍ . وَالْقَبَس : هُوَ النَّار في طَرَف الْعُود أَوْ الْقَصَبَة . يَقُول الْقَائل لصَاحبه : أَقْبسني نَارًا , فَيُعْطيه إيَّاهَا في طَرَف عُود أَوْ قَصَبَة . وَإنَّمَا أَرَادَ مُوسَى بقَوْله لأَهْله : { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ } لَعَلّي آتيكُمْ بذَلكَ لتَصْطَلُوا به , كَمَا : 18103 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ } قَالَ : بقَبَسٍ تَصْطَلُونَ .
وَقَوْله : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } دَلَالَة تَدُلّ عَلَى الطَّريق الَّذي أَضْلَلْنَاهُ , إمَّا منْ خَبَر هَادٍ يَهْدينَا إلَيْه , وَإمَّا منْ بَيَان وَعلْم نَتَبَيَّنهُ به وَنَعْرفهُ . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18104 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } يَقُول : مَنْ يَدُلّ عَلَى الطَّريق . 18105 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْل اللَّه : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : هَاديًا يَهْديه الطَّريق . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . 18106 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد عَنْ قَتَادَة قَوْله : { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } أَيْ هُدَاة يَهْدُونَهُ الطَّريق . 18107 - حَدَّثَني أَحْمَد بْن الْمقْدَام , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمر , قَالَ : سَمعْت أَبي يُحَدّث , عَنْ قَتَادَة , عَنْ صَاحب لَهُ , عَنْ حَديث ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهَا أَيْلَة { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } . وَقَالَ أَبي : وَزَعَمَ قَتَادَة أَنَّهُ هُدَى الطَّريق . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : مَنْ يَهْديني إلَى الطَّريق . 18108 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : هُدًى عَنْ علْم الطَّريق الَّذي أَضْلَلْنَا بنَعْتٍ منْ خَبَر . 18109 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبي سَعيد , عَنْ عكْرمَة , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس { لَعَلّي آتيكُمْ منْهَا بقَبَسٍ أَوْ أَجد عَلَى النَّار هُدًى } قَالَ : كَانُوا أَضَلُّوا عَنْ الطَّريق , فَقَالَ : لَعَلّي أَجد مَنْ يَدُلّني عَلَى الطَّريق , أَوْ آتيكُمْ بقَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا أَتَاهَا نُوديَ يَا مُوسَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : فَلَمَّا أَتَى النَّار مُوسَى , نَادَاهُ رَبّه : { يَا مُوسَى إنّي رَبّك فَاخْلَعْ نَعْلَيْك } كَمَا : 18110 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه , قَالَ : خَرَجَ مُوسَى نَحْوهَا , يَعْني نَحْو النَّار , فَإذَا هيَ في شَجَر منْ الْعَليق , وَبَعْض أَهْل الْكتَاب يَقُول في عَوْسَجَة ; فَلَمَّا دَنَا اسْتَأْخَرْت عَنْهُ ; فَلَمَّا رَأَى اسْتئْخَارهَا رَجَعَ عَنْهَا , وَأَوْجَسَ في نَفْسه منْهَا خيفَة ; فَلَمَّا أَرَادَ الرَّجْعَة , دَنَتْ منْهُ ثُمَّ كُلّمَ منْ الشَّجَرَة , فَلَمَّا سَمعَ الصَّوْت اسْتَأْنَسَ , وَقَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { يَا مُوسَى اخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } فَخَلَعَهَا فَأَلْقَاهَا .
وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعلْم في السَّبَب الَّذي منْ أَجْله أَمَرَ اللَّه مُوسَى بخَلْع نَعْلَيْه , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَمَرَهُ بذَلكَ , لأَنَّهُمَا كَانَتَا منْ جلْد حمَار مَيّت , فَكَرهَ أَنْ يَطَأ بهمَا الْوَادي الْمُقَدَّس , وَأَرَادَ أَنْ يَمَسّهُ منْ بَرَكَة الْوَادي . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصم , عَنْ أَبي قلَابَةَ , عَنْ كَعْب , أَنَّهُ رَآهُمْ يَخْلَعُونَ نعَالهمْ { اخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } فَقَالَ : كَانَتْ منْ جلْد حمَار مَيّت , فَأَرَادَ اللَّه أَنْ يَمَسّهُ الْقُدُس . 18112 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزيد , عَنْ عكْرمَة , في قَوْله { فَاخْلَعْ نَعْلَيْك } قَالَ : كَانَتَا منْ جلْد حمَار مَيّت . 18113 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعْد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : حَدَّثَنَا , أَنَّ نَعْلَيْه كَانَتَا منْ جلْد حمَار , فَخَلَعَهُمَا ثُمَّ أَتَاهُ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { فَاخْلَعْ نَعْلَيْك } قَالَ : كَانَتَا منْ جلْد حمَار , فَقيلَ لَهُ اخْلَعْهُمَا . 18114 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج . قَالَ : وَأَخْبَرَني عُمَر بْن عَطَاء عَنْ عكْرمَة وَأَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ جَابر الْجُعْفيّ , عَنْ عَليّ بْن أَبي طَالب { فَاخْلَعْ نَعْلَيْك } قَالَ : كَانَتَا منْ جلْد حمَار , فَقيلَ لَهُ اخْلَعْهُمَا . قَالَ : وَقَالَ قَتَادَة مثْل ذَلكَ . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتَا منْ جلْد بَقَر , وَلَكنَّ اللَّه أَرَادَ أَنْ يَطَأ مُوسَى الْأَرْض بقَدَمَيْه , ليَصل إلَيْه بَرَكَتهَا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18115 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ الْحَسَن : كَانَتَا , يَعْني نَعْلَيْ مُوسَى , منْ بَقَر , وَلَكنْ إنَّمَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يُبَاشر بقَدَمَيْه بَرَكَة الْأَرْض , وَكَانَ قَدْ قُدّسَ مَرَّتَيْن . قَالَ ابْن جُرَيْج : وَقيلَ لمُجَاهدٍ : زَعَمُوا أَنَّ نَعْلَيْه كَانَتَا منْ جلْد حمَار أَوْ مَيْتَة , قَالَ : لَا , وَلَكنَّهُ أُمرَ أَنْ يُبَاشر بقَدَمَيْه بَرَكَة الْأَرْض . 18116 - حَدَّثَني يَعْقُوب , قَالَ : قَالَ أَبُو بشْر , يَعْني ابْن عُلَيَّة , سَمعْت ابْن أَبي نَجيح , يَقُول في قَوْله : { فَاخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : يَقُول : أَفضْ بقَدَمَيْك إلَى بَرَكَة الْوَادي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْن في ذَلكَ بالصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ : أَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى ذكْره بخَلْع نَعْلَيْه ليُبَاشر بقَدَمَيْه بَرَكَة الْوَادي , إذْ كَانَ وَاديًا مُقَدَّسًا . وَإنَّمَا قُلْنَا ذَلكَ أَوْلَى التَّأْويلَيْن بالصَّوَاب , لأَنَّهُ لَا دَلَالَة في ظَاهر التَّنْزيل عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ بخَلْعهمَا منْ أَجْل أَنَّهُمَا منْ جلْد حمَار وَلَا لنَجَاسَتهمَا , وَلَا خَبَر بذَلكَ عَمَّنْ يُلْزَم بقَوْله الْحُجَّة , وَإنَّ في قَوْله { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس } بعَقبه دَليلًا وَاضحًا , عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بخَلْعهمَا لمَا ذَكَرْنَا . وَلَوْ كَانَ الْخَبَر الَّذي : 18117 - حَدَّثَنَا به بشْر قَالَ : ثنا خَلَف بْن خَليفَة عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَارث , عَنْ ابْن مَسْعُود , عَنْ نَبيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ , قَالَ : " يَوْم كَلَّمَ اللَّه مُوسَى , كَانَتْ عَلَيْه جُبَّة صُوف وَكسَاء صُوف , وَسَرَاويل صُوف , وَنَعْلَان منْ جلْد حمَار غَيْر مُذَكًّى " صَحيحًا لَمْ نُعدْهُ إلَى غَيْره , وَلَكنْ في إسْنَاده نَظَر يَجب التَّثَبُّت فيه . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة قَوْله : { إنّي أَنَا رَبّك } فَقَرَأَ ذَلكَ بَعْض قُرَّاء الْمَدينَة وَالْبَصْرَة : " نُوديَ يَا مُوسَى أَنّي " بفَتْح الْأَلف منْ " أَنّي " , فَأَنَّ عَلَى قرَاءَتهمْ في مَوْضع رَفْع بقَوْله : نُوديَ , فَإنَّ مَعْنَاهُ كَانَ عنْدهمْ : نُوديَ هَذَا الْقَوْل . وَقَرَأَهُ بَعْض عَامَّة قُرَّاء الْمَدينَة وَالْكُوفَة بالْكَسْر : { نُوديَ يَا مُوسَى إنّي } عَلَى الابْتدَاء , وَأَنَّ مَعْنَى ذَلكَ قيلَ : يَا مُوسَى إنّي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْكَسْر أَوْلَى الْقرَاءَتَيْن عنْدنَا بالصَّوَاب , وَذَلكَ أَنَّ النّدَاء قَدْ حَالَ بَيْنه وَبَيْن الْعَمَل في أَنَّ قَوْله " يَا مُوسَى " , وَحَظّ قَوْله " نُوديَ " أَنْ يَعْمَل في أَنْ لَوْ كَانَتْ قَبْل قَوْله " يَا مُوسَى " , وَذَلكَ أَنْ يُقَال : نُوديَ أَنْ يَا مُوسَى إنّي أَنَا رَبّك , وَلَا حَظَّ لَهَا في " إنَّ " الَّتي بَعْد مُوسَى .
وَأَمَّا قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس } فَإنَّهُ يَقُول : إنَّك بالْوَادي الْمُطَهَّر الْمُبَارَك , كَمَا : 18118 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس } يَقُول : الْمُبَارَك . 18119 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهد , قَوْله { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : قُدّسَ بُوركَ مَرَّتَيْن . 18120 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : بالْوَادي الْمُبَارَك . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في تَأْويل قَوْله { طُوًى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إنَّك بالْوَادي الْمُقَدَّس طَوَيْته , فَعَلَى هَذَا الْقَوْل منْ قَوْلهمْ طَوَى مَصْدَر خَرَجَ منْ غَيْر لَفْظه , كَأَنَّهُ قَالَ : طَوَيْت الْوَادي الْمُقَدَّس طُوًى . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18121 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } يَعْني الْأَرْض الْمُقَدَّسَة , وَذَلكَ أَنَّهُ مَرَّ بوَاديهَا لَيْلًا فَطَوَاهُ , يُقَال : طَوَيْت وَادي كَذَا وَكَذَا طُوًى منْ اللَّيْل , وَارْتَفَعَ إلَى أَعْلَى الْوَادي , وَذَلكَ نَبيّ اللَّه مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : مَرَّتَيْن , وَقَالَ : نَادَاهُ رَبّه مَرَّتَيْن ; فَعَلَى قَوْل هَؤُلَاء طَوَى مَصْدَر أَيْضًا منْ غَيْر لَفْظه , وَذَلكَ أَنَّ مَعْنَاهُ عنْدهمْ : نُوديَ يَا مُوسَى مَرَّتَيْن ندَاءَيْن . وَكَانَ بَعْضهمْ يَنْشُد شَاهدًا لقَوْله طُوًى , أَنَّهُ بمَعْنَى مَرَّتَيْن , قَوْل عَديّ بْن زَيْد الْعَبَّاديّ : أَعَاذل إنَّ اللَّوْم في غَيْر كُنْهه عَلَيَّ طُوًى منْ غَيّك الْمُتَرَدّد وَرَوَى ذَلكَ آخَرُونَ : " عَلَيَّ ثنًى " : أَيْ مَرَّة بَعْد أُخْرَى , وَقَالُوا : طُوًى وَثنًى بمَعْنًى وَاحد . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18122 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , { فَاخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } كُنَّا نُحَدّث أَنَّهُ وَادٍ قُدّسَ مَرَّتَيْن , وَأَنَّ اسْمه طُوًى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : إنَّهُ قُدّسَ طُوًى مَرَّتَيْن . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18123 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ الْحَسَن : كَانَ قَدْ قُدّسَ مَرَّتَيْن . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ طُوًى : اسْم الْوَادي . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18124 - حَدَّثَني عَليّ بْن دَاوُدَ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { طُوًى } : اسْم للْوَادي . 18125 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد : طُوًى : قَالَ : اسْم الْوَادي . 18126 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله { بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : ذَاكَ الْوَادي هُوَ طُوًى , حَيْثُ كَانَ مُوسَى , وَحَيْثُ كَانَ إلَيْه منْ اللَّه مَا كَانَ . قَالَ : وَهُوَ نَحْو الطُّور . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ أَمْر منْ اللَّه لمُوسَى أَنْ يَطَأ الْوَادي بقَدَمَيْه . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطُّوسيّ , قَالَ : ثنا صَالح بْن إسْحَاق , عَنْ جَعْفَر بْن بُرْقَان , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { اخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : طَأْ الْوَادي . 18128 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا الْحَسَن , عَنْ يَزيد , عَنْ عكْرمَة , في قَوْله : { طُوًى } قَالَ : طَأْ الْوَادي . 18129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , في قَوْل اللَّه { طُوًى } قَالَ : طَأْ الْأَرْض حَافيًا , كَمَا تَدْخُل الْكَعْبَة حَافيًا , يَقُول : منْ بَرَكَة الْوَادي . 18130 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { طُوًى } طَأْ الْأَرْض حَافيًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة ذَلكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْمَدينَة : " طُوَى " بضَمّ الطَّاء وَتَرْك التَّنْوين , كَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ اسْم الْأَرْض الَّتي بهَا الْوَادي , كَمَا قَالَ الشَّاعر : نَصَرُوا نَبيّهمْ وَشَدُّوا أَزْره بحُنَيْنَ حين تَوَاكُل الْأَبْطَال فَلَمْ يَجُرّ حُنَيْن , لأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا للْبَلْدَة لَا للْوَادي , وَلَوْ كَانَ جَعَلَهُ اسْمًا للْوَادي لَأَجْرَاهُ كَمَا قَرَأَتْ الْقُرَّاء : { وَيَوْم حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتكُمْ } 9 25 وَكَمَا قَالَ الْآخَر : أَلَسْنَا أَكْرَم الثَّقَلَيْن رَحْلًا وَأَعْظَمهمْ ببَطْن حرَاء نَارَا فَلَمْ يَجُرّ حرَاء , وَهُوَ جَبَل , لأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا للْبَلْدَة , فَكَذَلكَ " طُوًى " في قرَاءَة مَنْ لَمْ يَجُرّهُ جَعَلَهُ اسْمًا للْأَرْض . وَقَرَأَ ذَلكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { طُوًى } بضَمّ الطَّاء وَالتَّنْوين ; وَقَارئُو ذَلكَ كَذَلكَ مُخْتَلفُونَ في مَعْنَاهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْت منْ اخْتلَاف أَهْل التَّأْويل ; فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ به الْمَصْدَر منْ طَوَيْت , فَلَا مُؤْنَة في تَنْوينه , وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلهُ اسْمًا للْوَادي , فَإنَّهُ إنَّمَا يُنَوّنهُ لأَنَّهُ اسْم ذَكَر لَا مُؤَنَّث , وَأَنَّ لَامَ الْفعْل منْهُ يَاء , فَزَادَهُ ذَلكَ خفَّة فَأَجْرَاهُ كَمَا قَالَ اللَّه : { وَيَوْم حُنَيْنٍ } إذْ كَانَ حُنَيْن اسْم وَادٍ , وَالْوَادي مُذَكَّر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْن عنْدي بالصَّوَاب قرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بضَمّ الطَّاء وَالتَّنْوين , لأَنَّهُ إنْ يَكُنْ اسْمًا للْوَادي فَحَظّه التَّنْوين لمَا ذُكرَ قَبْل منْ الْعلَّة لمَنْ قَالَ ذَلكَ , وَإنْ كَانَ مَصْدَرًا أَوْ مُفَسَّرًا , فَكَذَلكَ أَيْضًا حُكْمه التَّنْوين , وَهُوَ عنْدي اسْم الْوَادي . وَإذْ كَانَ ذَلكَ كَذَلكَ , فَهُوَ في مَوْضع خَفْض رَدًّا عَلَى الْوَادي .
وَأَمَّا قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس } فَإنَّهُ يَقُول : إنَّك بالْوَادي الْمُطَهَّر الْمُبَارَك , كَمَا : 18118 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس } يَقُول : الْمُبَارَك . 18119 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهد , قَوْله { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : قُدّسَ بُوركَ مَرَّتَيْن . 18120 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : بالْوَادي الْمُبَارَك . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في تَأْويل قَوْله { طُوًى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إنَّك بالْوَادي الْمُقَدَّس طَوَيْته , فَعَلَى هَذَا الْقَوْل منْ قَوْلهمْ طَوَى مَصْدَر خَرَجَ منْ غَيْر لَفْظه , كَأَنَّهُ قَالَ : طَوَيْت الْوَادي الْمُقَدَّس طُوًى . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18121 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } يَعْني الْأَرْض الْمُقَدَّسَة , وَذَلكَ أَنَّهُ مَرَّ بوَاديهَا لَيْلًا فَطَوَاهُ , يُقَال : طَوَيْت وَادي كَذَا وَكَذَا طُوًى منْ اللَّيْل , وَارْتَفَعَ إلَى أَعْلَى الْوَادي , وَذَلكَ نَبيّ اللَّه مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : مَرَّتَيْن , وَقَالَ : نَادَاهُ رَبّه مَرَّتَيْن ; فَعَلَى قَوْل هَؤُلَاء طَوَى مَصْدَر أَيْضًا منْ غَيْر لَفْظه , وَذَلكَ أَنَّ مَعْنَاهُ عنْدهمْ : نُوديَ يَا مُوسَى مَرَّتَيْن ندَاءَيْن . وَكَانَ بَعْضهمْ يَنْشُد شَاهدًا لقَوْله طُوًى , أَنَّهُ بمَعْنَى مَرَّتَيْن , قَوْل عَديّ بْن زَيْد الْعَبَّاديّ : أَعَاذل إنَّ اللَّوْم في غَيْر كُنْهه عَلَيَّ طُوًى منْ غَيّك الْمُتَرَدّد وَرَوَى ذَلكَ آخَرُونَ : " عَلَيَّ ثنًى " : أَيْ مَرَّة بَعْد أُخْرَى , وَقَالُوا : طُوًى وَثنًى بمَعْنًى وَاحد . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18122 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , { فَاخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } كُنَّا نُحَدّث أَنَّهُ وَادٍ قُدّسَ مَرَّتَيْن , وَأَنَّ اسْمه طُوًى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : إنَّهُ قُدّسَ طُوًى مَرَّتَيْن . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18123 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ الْحَسَن : كَانَ قَدْ قُدّسَ مَرَّتَيْن . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ طُوًى : اسْم الْوَادي . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18124 - حَدَّثَني عَليّ بْن دَاوُدَ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { طُوًى } : اسْم للْوَادي . 18125 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد : طُوًى : قَالَ : اسْم الْوَادي . 18126 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله { بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : ذَاكَ الْوَادي هُوَ طُوًى , حَيْثُ كَانَ مُوسَى , وَحَيْثُ كَانَ إلَيْه منْ اللَّه مَا كَانَ . قَالَ : وَهُوَ نَحْو الطُّور . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ أَمْر منْ اللَّه لمُوسَى أَنْ يَطَأ الْوَادي بقَدَمَيْه . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطُّوسيّ , قَالَ : ثنا صَالح بْن إسْحَاق , عَنْ جَعْفَر بْن بُرْقَان , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { اخْلَعْ نَعْلَيْك إنَّك بالْوَاد الْمُقَدَّس طُوًى } قَالَ : طَأْ الْوَادي . 18128 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا الْحَسَن , عَنْ يَزيد , عَنْ عكْرمَة , في قَوْله : { طُوًى } قَالَ : طَأْ الْوَادي . 18129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , في قَوْل اللَّه { طُوًى } قَالَ : طَأْ الْأَرْض حَافيًا , كَمَا تَدْخُل الْكَعْبَة حَافيًا , يَقُول : منْ بَرَكَة الْوَادي . 18130 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { طُوًى } طَأْ الْأَرْض حَافيًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة ذَلكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْمَدينَة : " طُوَى " بضَمّ الطَّاء وَتَرْك التَّنْوين , كَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ اسْم الْأَرْض الَّتي بهَا الْوَادي , كَمَا قَالَ الشَّاعر : نَصَرُوا نَبيّهمْ وَشَدُّوا أَزْره بحُنَيْنَ حين تَوَاكُل الْأَبْطَال فَلَمْ يَجُرّ حُنَيْن , لأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا للْبَلْدَة لَا للْوَادي , وَلَوْ كَانَ جَعَلَهُ اسْمًا للْوَادي لَأَجْرَاهُ كَمَا قَرَأَتْ الْقُرَّاء : { وَيَوْم حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتكُمْ } 9 25 وَكَمَا قَالَ الْآخَر : أَلَسْنَا أَكْرَم الثَّقَلَيْن رَحْلًا وَأَعْظَمهمْ ببَطْن حرَاء نَارَا فَلَمْ يَجُرّ حرَاء , وَهُوَ جَبَل , لأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا للْبَلْدَة , فَكَذَلكَ " طُوًى " في قرَاءَة مَنْ لَمْ يَجُرّهُ جَعَلَهُ اسْمًا للْأَرْض . وَقَرَأَ ذَلكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { طُوًى } بضَمّ الطَّاء وَالتَّنْوين ; وَقَارئُو ذَلكَ كَذَلكَ مُخْتَلفُونَ في مَعْنَاهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْت منْ اخْتلَاف أَهْل التَّأْويل ; فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ به الْمَصْدَر منْ طَوَيْت , فَلَا مُؤْنَة في تَنْوينه , وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلهُ اسْمًا للْوَادي , فَإنَّهُ إنَّمَا يُنَوّنهُ لأَنَّهُ اسْم ذَكَر لَا مُؤَنَّث , وَأَنَّ لَامَ الْفعْل منْهُ يَاء , فَزَادَهُ ذَلكَ خفَّة فَأَجْرَاهُ كَمَا قَالَ اللَّه : { وَيَوْم حُنَيْنٍ } إذْ كَانَ حُنَيْن اسْم وَادٍ , وَالْوَادي مُذَكَّر . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْن عنْدي بالصَّوَاب قرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بضَمّ الطَّاء وَالتَّنْوين , لأَنَّهُ إنْ يَكُنْ اسْمًا للْوَادي فَحَظّه التَّنْوين لمَا ذُكرَ قَبْل منْ الْعلَّة لمَنْ قَالَ ذَلكَ , وَإنْ كَانَ مَصْدَرًا أَوْ مُفَسَّرًا , فَكَذَلكَ أَيْضًا حُكْمه التَّنْوين , وَهُوَ عنْدي اسْم الْوَادي . وَإذْ كَانَ ذَلكَ كَذَلكَ , فَهُوَ في مَوْضع خَفْض رَدًّا عَلَى الْوَادي .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنَا اخْتَرْتُك فَاسْتَمعْ لمَا يُوحَى } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء في قرَاءَة ذَلكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة الْقُرَّاء الَّذينَ قَرَءُوا : " وَأَنَّا " بتَشْديد النُّون , و { أَنَّا } بفَتْح الْأَلف منْ " أَنَّا " رَدًّا عَلَى : نُوديَ يَا مُوسَى , كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عنْدهمْ : نُوديَ يَا مُوسَى إنّي أَنَّا رَبّك , وَأَنَّا اخْتَرْتُك , وَبهَذه الْقرَاءَة قَرَأَ ذَلكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة . وَأَمَّا عَامَّة قُرَّاء الْمَدينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة فَقَرَءُوهُ : { وَأَنَا اخْتَرْتُك } بتَخْفيف النُّون عَلَى وَجْه الْخَبَر منْ اللَّه عَنْ نَفْسه أَنَّهُ اخْتَارَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب منْ الْقَوْل في ذَلكَ عنْدي أَنْ يُقَال : إنَّهُمَا قرَاءَتَان قَدْ قَرَأَ بكُلّ وَاحدَة منْهُمَا قُرَّاء أَهْل الْعلْم بالْقُرْآن , مَعَ اتّفَاق مَعْنَيَيْهمَا . فَبأَيَّتهمَا قَرَأَ الْقَارئ فَمُصيب الصَّوَاب فيه . وَتَأْويل الْكَلَام : نُوديَ أَنَّا اخْتَرْنَاك . فَاجْتَبَيْنَاك لرسَالَتنَا إلَى مَنْ نُرْسلك إلَيْه { فَاسْتَمعْ إلَى مَا يُوحَى } يَقُول : فَاسْتَمعْ لوَحْينَا الَّذي نُوحيه إلَيْك وَعه , وَاعْمَلْ به .
{ إنَّني أَنَا اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذكْره : إنَّني أَنَا الْمَعْبُود الَّذي لَا تَصْلُح الْعبَادَة إلَّا لَهُ , لَا إلَه إلَّا أَنَا فَلَا تَعْبُد غَيْري , فَإنَّهُ لَا مَعْبُود تَجُوز أَوْ تَصْلُح لَهُ الْعبَادَة سوَايَ { فَاعْبُدْني } يَقُول : فَأَخْلصْ الْعبَادَة لي دُون كُلّ مَا عُبدَ منْ دُوني { وَأَقمْ الصَّلَاة لذكْري } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْويل في تَأْويل ذَلكَ فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلكَ : أَقمْ الصَّلَاة لي فَإنَّك إذَا أَقَمْتهَا ذَكَرْتني . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18131 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَميعًا , عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْله : { أَقمْ الصَّلَاة لذكْري } قَالَ : إذَا صَلَّى ذَكَرَ رَبّه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , قَوْله { وَأَقمْ الصَّلَاة لذكْري } قَالَ : إذَا ذَكَرَ عَبْد رَبّه . قَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : وَأَقمْ الصَّلَاة حين تَذْكُرهَا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18132 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغيرَة , عَنْ إبْرَاهيم في قَوْله : { وَأَقمْ الصَّلَاة لذكْري } قَالَ : يُصَلّيهَا حين يَذْكُرهَا . 18133 - حَدَّثَني أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : ثني يُونُس وَمَالك بْن شهَاب , قَالَ : أَخْبَرَني سَعيد بْن الْمُسَيَّب , عَنْ أَبي هُرَيْرَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ نَسيَ صَلَاة فَلْيُصَلّهَا إذَا ذَكَرَهَا , قَالَ اللَّه : { أَقمْ الصَّلَاة لذَكَرَيَّ } " . وَكَانَ الزُّهْريّ يَقْرَؤُهَا : { أَقُمْ الصَّلَاة لذكْرَى } بمَنْزلَة فعْلَى . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى التَّأْويلَيْن في ذَلكَ بالصَّوَاب تَأْويل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : أَقمْ الصَّلَاة لتَذْكُرني فيهَا , لأَنَّ ذَلكَ أَظْهَر مَعْنَيَيْه ; وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ : حين تَذْكُرهَا , لَكَانَ التَّنْزيل : أَقمْ الصَّلَاة لذكْركَهَا . وَفي قَوْله : { لذكْري } دَلَالَة بَيّنَة عَلَى صحَّة مَا قَالَ مُجَاهد في تَأْويل ذَلكَ ; وَلَوْ كَانَتْ الْقرَاءَة الَّتي ذَكَرْنَاهَا عَنْ الزُّهْريّ قرَاءَة مُسْتَفيضَة في قرَاءَة الْأَمْصَار , كَانَ صَحيحًا تَأْويل مَنْ تَأَوَّلَهُ بمَعْنَى : أَقمْ الصَّلَاة حين تَذْكُرهَا , وَذَلكَ أَنَّ الزُّهْريّ وَجَّهَ بقرَاءَته { أَقمْ الصَّلَاة لذكْرَى } بالْأَلف لَا بالْإضَافَة , إلَى أَقمْ لذكْرَاهَا , لأَنَّ الْهَاء وَالْأَلف حُذفَتَا , وَهُمَا مُرَادَتَان في الْكَلَام ليُوَفّق بَيْنهَا وَبَيْن سَائر رُءُوس الْآيَات , إذْ كَانَتْ بالْأَلف وَالْفَتْح . وَلَوْ قَالَ قَائل في قرَاءَة الزُّهْريّ هَذه الَّتي ذَكَرْنَا عَنْهُ , إنَّمَا قَصَدَ الزُّهْريّ بفَتْحهَا تَصْييره الْإضَافَة أَلفًا للتَّوْفيق بَيْنه وَبَيْن رُءُوس الْآيَات قَبْله وَبَعْده , لأَنَّهُ خَالَفَ بقرَاءَته ذَلكَ كَذَلكَ مَنْ قَرَأَهُ بالْإضَافَة , وَقَالَ : إنَّمَا ذَلكَ كَقَوْل الشَّاعر : أُطَوّف مَا أُطَوّف ثُمَّ آوي إلَى أُمَّا وَيَرْويني النَّقيع وَهُوَ يُريد : إلَى أُمّي , وَكَقَوْل الْعَرَب : يَا أَبَا وَأُمَّا , وَهيَ تُريد : يَا أَبي وَأُمّي , كَانَ لَهُ بذَلكَ مَقَال .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { إنَّ السَّاعَة آتيَة أَكَاد أُخْفيهَا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : إنَّ السَّاعَة الَّتي يَبْعَث اللَّه فيهَا الْخَلَائق منْ قُبُورهمْ لَمَوْقف الْقيَامَة جَائيَة { أَكَاد أُخْفيهَا } فَعَلَى ضَمّ الْأَلف منْ أُخْفيهَا قرَاءَة جَميع قُرَّاء أَمْصَار الْإسْلَام , بمَعْنَى : أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي , لئَلَّا يَطَّلع عَلَيْهَا أَحَد , وَبذَلكَ جَاءَ تَأْويل أَكْثَر أَهْل الْعلْم . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18134 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَكَاد أُخْفيهَا } يَقُول : لَا أُظْهر عَلَيْهَا أَحَدًا غَيْري . 18135 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبي , قَالَ : ثني عَمّي , قَالَ : ثني أَبي , عَنْ أَبيه , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إنَّ السَّاعَة آتيَة أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَ : لَا تَأْتيكُمْ إلَّا بَغْتَة . 18136 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهد { إنَّ السَّاعَة آتيَة أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَ : منْ نَفْسي . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , في قَوْل اللَّه : { أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَ : منْ نَفْسي . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائب , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس { أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَ : منْ نَفْسي . 18137 - حَدَّثَني عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصل , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد الطُّنَافسيّ , قَالَ : ثنا إسْمَاعيل بْن أَبي خَالد , عَنْ أَبي صَالح , في قَوْله : { أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَ : يُخْفيهَا منْ نَفْسه . 18138 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَكَاد أُخْفيهَا } وَهيَ في بَعْض الْقرَاءَة : " أُخْفيهَا منْ نَفْسي " . وَلَعَمْري لَقَدْ أَخْفَاهَا اللَّه منْ الْمَلَائكَة الْمُقَرَّبينَ , وَمنْ الْأَنْبيَاء الْمُرْسَلينَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : في بَعْض الْحُرُوف : " إنَّ السَّاعَة آتيَة أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي " . وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّمَا هُوَ : " أَكَاد أَخْفيهَا " بفَتْح الْأَلف منْ أَخْفيهَا بمَعْنَى : أُظْهرهَا . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18139 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن سَهْل , قَالَ : سَأَلَني رَجُل في الْمَسْجد عَنْ هَذَا الْبَيْت . دَابَ شَهْرَيْن ثُمَّ شَهْرًا دَميكَا بأَريكَيْن يَخْفيَان غَميرَا فَقُلْت : يُظْهرَان , فَقَالَ وَرْقَاء بْن إيَاس وَهُوَ خَلْفي : أَقْرَأَنيهَا سَعيد بْن جُبَيْر : " أَكَاد أُخْفيهَا " بنَصْب الْأَلف . وَقَدْ رُويَ عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر وفَاق لقَوْل الْآخَرينَ الَّذينَ قَالُوا : مَعْنَاهُ : أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي . ذَكَرَ الرّوَايَة عَنْهُ بذَلكَ : 18140 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر وَمَنْصُور , عَنْ مُجَاهد , قَالَا { إنَّ السَّاعَة آتيَة أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَا : منْ نَفْسي . * - حَدَّثَني عُبَيْد بْن إسْمَاعيل الْهَبَّاريّ , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ عَطَاء بْن السَّائب , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر { أَكَاد أُخْفيهَا } قَالَ : منْ نَفْسي . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذي هُوَ أَوْلَى بتَأْويل الْآيَة منْ الْقَوْل , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي , لأَنَّ تَأْويل أَهْل التَّأْويل بذَلكَ جَاءَ . وَاَلَّذي ذُكرَ عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر منْ قرَاءَة ذَلكَ بفَتْح الْأَلف قرَاءَة لَا أَسْتَجيزُ الْقرَاءَة بهَا لخلَافهَا قرَاءَة الْحُجَّة الَّتي لَا يَجُوز خلَافهَا فيمَا جَاءَتْ به نَقْلًا مُسْتَفيضًا . فَإنْ قَالَ قَائل : وَلمَ وَجَّهْت تَأْويل قَوْله { أَكَاد أُخْفيهَا } بضَمّ الْأَلف إلَى مَعْنَى : أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي , دُون تَوْجيهه إلَى مَعْنَى : أَكَاد أُظْهرهَا , وَقَدْ عَلمْت أَنَّ للْإخْفَاء في كَلَام الْعَرَب وَجْهَيْن : أَحَدهمَا الْإظْهَار , وَالْآخَر الْكتْمَان ; وَأَنَّ الْإظْهَار في هَذَا الْمَوْضع أَشْبَه بمَعْنَى الْكَلَام , إذْ كَانَ الْإخْفَاء منْ نَفْسه يَكَاد عنْد السَّامعينَ أَنْ يَسْتَحيل مَعْنَاهُ , إذْ كَانَ مُحَالًا أَنْ يُخْفي أَحَد عَنْ نَفْسه شَيْئًا هُوَ به عَالم , وَاَللَّه تَعَالَى ذكْره لَا يَخْفَى عَلَيْه خَافيَة ؟ قيلَ : الْأَمْر في ذَلكَ بخلَاف مَا ظَنَنْت , وَإنَّمَا وَجَّهْنَا مَعْنَى { أُخْفيهَا } بضَمّ الْأَلف إلَى مَعْنَى : أَسْتُرهَا منْ نَفْسي , لأَنَّ الْمَعْرُوف منْ مَعْنَى الْإخْفَاء في كَلَام الْعَرَب : السّتْر . يُقَال : قَدْ أَخْفَيْت الشَّيْء : إذَا سَتَرْته . وَأَنَّ الَّذينَ وَجَّهُوا مَعْنَاهُ إلَى الْإظْهَار , اعْتَمَدُوا عَلَى بَيْت لامْرئ الْقَيْس بْن عَابس الْكنْديّ . 18141 - حُدّثْت عَنْ مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى أَنَّهُ قَالَ : أَنْشَدَنيه أَبُو الْخَطَّاب , عَنْ أَهْله في بَلَده : فَإنْ تَدْفنُوا الدَّاء لَا نُخْفه وَإنْ تَبْعَثُوا الْحَرْب لَا نَقْعُد بضَمّ النُّون منْ لَا نُخْفه , وَمَعْنَاهُ : لَا نُظْهرهُ , فَكَانَ اعْتمَادهمْ في تَوْجيه الْإخْفَاء في هَذَا الْمَوْضع إلَى الْإظْهَار عَلَى مَا ذَكَرُوا منْ سَمَاعهمْ هَذَا الْبَيْت , عَلَى مَا وَصَفْت منْ ضَمّ النُّون منْ نُخْفه . وَقَدْ أَنْشَدَني الثّقَة عَنْ الْفَرَّاء : فَإنْ تَدْفنُوا الدَّاء لَا نَخْفه بفَتْح النُّون منْ نَخْفه , منْ خَفَيْته أَخْفيه , وَهُوَ أَوْلَى بالصَّوَاب لأَنَّهُ الْمَعْرُوف منْ كَلَام الْعَرَب . فَإذَا كَانَ ذَلكَ كَذَلكَ . وَكَانَ الْفَتْح في الْأَلف منْ أَخْفيهَا غَيْر جَائز عنْدنَا لمَا ذَكَرْنَا , ثَبَتَ وَصَحَّ الْوَجْه الْآخَر , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى ذَلكَ . أَكَاد أَسْتُرهَا منْ نَفْسي . وَأَمَّا وَجْه صحَّة الْقَوْل في ذَلكَ , فَهُوَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذكْره خَاطَبَ بالْقُرْآن الْعَرَب عَلَى مَا يَعْرفُونَهُ منْ كَلَامهمْ وَجَرَى به خطَابهمْ بَيْنهمْ , فَلَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا في كَلَامهمْ أَنْ يَقُول أَحَدهمْ إذَا أَرَادَ الْمُبَالَغَة في الْخَبَر عَنْ إخْفَائه شَيْئًا هُوَ لَهُ مُسرّ : قَدْ كدْت أَنْ أُخْفي هَذَا الْأَمْر عَنْ نَفْسي منْ شدَّة اسْتسْرَاري به , وَلَوْ قَدَرْت أُخْفيه عَنْ نَفْسي أَخْفَيْته , خَاطَبَهُمْ عَلَى حَسَب مَا قَدْ جَرَى به اسْتعْمَالهمْ في ذَلكَ منْ الْكَلَام بَيْنهمْ , وَمَا قَدْ عَرَفُوهُ في مَنْطقهمْ . وَقَدْ قيلَ في ذَلكَ أَقْوَال غَيْر مَا قُلْنَا , وَإنَّمَا اخْتَرْنَا هَذَا الْقَوْل عَلَى غَيْره منْ الْأَقْوَال لمُوَافَقَة أَقْوَال أَهْل الْعلْم منْ الصَّحَابَة وَالتَّابعينَ , إذْ كُنَّا لَا نَسْتَجيزُ الْخلَاف عَلَيْهمْ , فيمَا اسْتَفَاضَ الْقَوْل به منْهُمْ , وَجَاءَ عَنْهُمْ مَجيئًا يَقْطَع الْعُذْر . فَأَمَّا الَّذينَ قَالُوا في ذَلكَ غَيْر قَوْلنَا ممَّنْ قَالَ فيه عَلَى وَجْه الانْتزَاع منْ كَلَام الْعَرَب , منْ غَيْر أَنْ يَعْزُوهُ إلَى إمَام منْ الصَّحَابَة أَوْ التَّابعينَ , وَعَلَى وَجْه يَحْتَمل الْكَلَام غَيْر وَجْهه الْمَعْرُوف , فَإنَّهُمْ اخْتَلَفُوا في مَعْنَاهُ بَيْنهمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : يَحْتَمل مَعْنَاهُ : أُريد أُخْفيهَا ; قَالَ : وَذَلكَ مَعْرُوف في اللُّغَة . وَذُكرَ أَنَّهُ حُكيَ عَنْ الْعَرَب أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : أُولَئكَ أَصْحَابي أَلَذّينَ أَكَاد أَنْزل عَلَيْهمْ , وَقَالَ : مَعْنَاهُ : لَا أَنْزل إلَّا عَلَيْهمْ . قَالَ : وَحُكيَ : أَكَاد أَبْرَح مَنْزلي : أَيْ مَا أَبْرَح مَنْزلي , وَاحْتَجَّ ببَيْتٍ أَنْشَدَهُ لبَعْض الشُّعَرَاء : كَادَتْ وَكدْت وَتلْكَ خَيْر إرَادَة لَوْ عَادَ منْ عَهْد الصَّبَابَة مَا مَضَى وَقَالَ : يُريد : بكَادَتْ : أَرَادَتْ ; قَالَ : فَيَكُون الْمَعْنَى : أُريد أُخْفيهَا لتُجْزَى كُلّ نَفْس بمَا تَسْعَى . قَالَ : وَممَّا يُشْبه ذَلكَ قَوْل زَيْد الْخَيْل : سَريع إلَى الْهَيْجَاء شَاكٍ سلَاحه فَمَا إنْ يَكَاد قرْنه يَتَنَفَّس وَقَالَ : كَأَنَّهُ قَالَ : فَمَا يَتَنَفَّس قَرْنه , وَإلَّا ضَعُفَ الْمَعْنَى ; قَالَ : وَقَالَ ذُو الرُّمَّة : إذَا غَيَّرَ النَّأْي الْمُحبّينَ لَمْ يَكَدْ رَسيس الْهَوَى منْ حُبّ مَيَّة يَبْرَح قَالَ : وَلَيْسَ الْمَعْنَى : لَمْ يَكَدْ يَبْرَح : أَيْ بَعْد يُسْر , وَيَبْرَح بَعْد عُسْر ; وَإنَّمَا الْمَعْنَى : لَمْ يَبْرَح , أَوْ لَمْ يُردْ يَبْرَح , وَإلَّا ضَعُفَ الْمَعْنَى ; قَالَ : وَكَذَلكَ قَوْل أَبي النَّجْم : وَإنْ أَتَاك نَعيّ فَانْدُبَن أَبًا قَدْ كَادَ يَضْطَلع الْأَعْدَاء وَالْخُطَبَا وَقَالَ : يَكُون الْمَعْنَى : قَدْ اضْطَلَعَ الْأَعْدَاء , وَإلَّا لَمْ يَكُنْ مَدْحًا إذَا أَرَادَ كَادَ وَلَمْ يُردْ يَفْعَل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلكَ : إنَّ السَّاعَة آتيَة , أَكَاد , قَالَ : وَانْتَهَى الْخَبَر عنْد قَوْله أَكَاد لأَنَّ مَعْنَاهُ : أَكَاد أَنْ آتي بهَا ; قَالَ : ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : وَلَكنّي أُخْفيهَا لتُجْزَى كُلّ نَفْس بمَا تَسْعَى . قَالَ : وَذَلكَ نَظير قَوْل ابْن ضَابئ : هَمَمْت وَلَمْ أَفْعَل وَكدْت وَلَيْتَني تَرَكْت عَلَى عُثْمَان تَبْكي أَقَاربه فَقَالَ : كدْت , وَمَعْنَاهُ : كدْت أَفْعَل . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى { أُخْفيهَا } : أُظْهرهَا , وَقَالُوا : الْإخْفَاء وَالْإسْرَار قَدْ تُوَجّههُمَا الْعَرَب إلَى مَعْنَى الْإظْهَار , وَاسْتَشْهَدَ بَعْضهمْ لقيله ذَلكَ ببَيْت الْفَرَزْدَق : فَلَمَّا رَأَى الْحَجَّاج جَرَّدَ سَيْفه أَسَرَّ الْحَرُوريّ الَّذي كَانَ أَضْمَرَا وَقَالَ : عَنَى بقَوْله : أَسَرَّ : أَظْهَرَ . قَالَ : وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَى قَوْله : { وَأَسَرُّوا النَّدَامَة } 10 54 وَأَظْهَرُوهَا . قَالَ : وَذَلكَ أَنَّهُمْ قَالُوا : { يَا لَيْتَنَا نُرَدّ وَلَا نُكَذّب بآيَات رَبّنَا } . 6 27 وَقَالَ جَميع هَؤُلَاء الَّذينَ حَكَيْنَا قَوْلهمْ جَائز أَنْ يَكُون قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلكَ : أَكَاد أُخْفيهَا منْ نَفْسي , أَنْ يَكُون أَرَادَ : أُخْفيهَا منْ قَبْلي وَمنْ عنْدي . وَكُلّ هَذه الْأَقْوَال الَّتي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا تَوْجيه منْهُمْ للْكَلَام إلَى غَيْر وَجْهه الْمَعْرُوف , وَغَيْر جَائز تَوْجيه مَعَاني كَلَام اللَّه إلَى غَيْر الْأَغْلَب عَلَيْه منْ وُجُوهه عنْد الْمُخَاطَبينَ به , فَفي ذَلكَ مَعَ خلَافهمْ تَأْويل أَهْل الْعلْم فيه شَاهد عَدْل عَلَى خَطَأ مَا ذَهَبُوا إلَيْه فيه .
وَقَوْله : { لتُجْزَى كُلّ نَفْس بمَا تَسْعَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : إنَّ السَّاعَة آتيَة لتُجْزَى كُلّ نَفْس ; يَقُول : لتُثَابَ كُلّ نَفْس امْتَحَنَهَا رَبّهَا بالْعبَادَة في الدُّنْيَا بمَا تَسْعَى , يَقُول : بمَا تَعْمَل منْ خَيْر وَشَرّ , وَطَاعَة وَمَعْصيَة .
وَقَوْله : { لتُجْزَى كُلّ نَفْس بمَا تَسْعَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : إنَّ السَّاعَة آتيَة لتُجْزَى كُلّ نَفْس ; يَقُول : لتُثَابَ كُلّ نَفْس امْتَحَنَهَا رَبّهَا بالْعبَادَة في الدُّنْيَا بمَا تَسْعَى , يَقُول : بمَا تَعْمَل منْ خَيْر وَشَرّ , وَطَاعَة وَمَعْصيَة .
وَقَوْله : { فَلَا يَصُدَّنَّك عَنْهَا } يَقُول تَعَالَى ذكْره : فَلَا يَرُدَّنك يَا مُوسَى عَنْ التَّأَهُّب للسَّاعَة , مَنْ لَا يُؤْمن بهَا , يَعْني : مَنْ لَا يُقرّ بقيَام السَّاعَة , وَلَا يُصَدّق بالْبَعْث بَعْد الْمَمَات , وَلَا يَرْجُو ثَوَابًا , وَلَا يَخَاف عقَابًا . وَقَوْله : { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ } يَقُول : اتَّبَعَ هَوَى نَفْسه , وَخَالَفَ أَمْر اللَّه وَنَهْيه { فَتَرْدَى } يَقُول : فَتَهْلَك إنْ أَنْتَ انْصَدَدْت عَنْ التَّأَهُّب للسَّاعَة , وَعَنْ الْإيمَان بهَا , وَبأَنَّ اللَّه بَاعث الْخَلْق لقيَامهَا منْ قُبُورهمْ بَعْد فَنَائهمْ بصَدّ مَنْ كَفَرَ بهَا . وَكَانَ بَعْضهمْ يَزْعُم أَنَّ الْهَاء وَالْأَلف منْ قَوْله { فَلَا يَصُدَّنَّك عَنْهَا } كنَايَة عَنْ ذكْر الْإيمَان , قَالَ : وَإنَّمَا قيلَ عَنْهَا وَهيَ كنَايَة عَنْ الْإيمَان كَمَا قيلَ { إنَّ رَبّك منْ بَعْدهَا لَغَفُور رَحيم } يَذْهَب إلَى الْفعْلَة , وَلَمْ يَجْر للْإيمَان ذكْر في هَذَا الْمَوْضع , فَيُجْعَل ذَلكَ منْ ذكْره , وَإنَّمَا جَرَى ذكْر السَّاعَة , فَهُوَ بأَنْ يَكُون منْ ذكْرهَا أَوْلَى .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا تلْكَ بيَمينك يَا مُوسَى } . يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَمَا هَذه الَّتي في يَمينك يَا مُوسَى ؟ فَالْبَاء في قَوْله { بيَمينك } منْ صلَة تلْكَ , وَالْعَرَب تَصل تلْكَ وَهَذه كَمَا تَصل الَّذي ; وَمنْهُ قَوْل يَزيد بْن مُفَرّع : عَدَسْ مَا لعَبَّادٍ عَلَيْك إمَارَة أَمنْت وَهَذَا تَحْملينَ طَليق كَأَنَّهُ قَالَ : وَاَلَّذي تَحْملينَ طَليق . وَلَعَلَّ قَائلًا أَنْ يَقُول : وَمَا وَجْه اسْتخْبَار اللَّه مُوسَى عَمَّا في يَده ؟ أَلَمْ يَكُنْ عَالمًا بأَنَّ الَّذي في يَده عَصَا ؟ قيلَ لَهُ : إنَّ ذَلكَ عَلَى غَيْر الَّذي ذَهَبْت إلَيْه , وَإنَّمَا قَالَ ذَلكَ عَزَّ ذكْره لَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحَوّلهَا حَيَّة تَسْعَى , وَهيَ خَشَبَة , فَنَبَّهَهُ عَلَيْهَا , وَقَرَّرَهُ بأَنَّهَا خَشَبَة يَتَوَكَّأ عَلَيْهَا , وَيَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمه , ليُعَرّفهُ قُدْرَته عَلَى مَا يَشَاء , وَعظَم سُلْطَانه , وَنَفَاذ أَمْره فيمَا أَحَبَّ بتَحْويله إيَّاهَا حَيَّة تَسْعَى , إذَا أَرَادَ ذَلكَ به ليَجْعَل ذَلكَ لمُوسَى آيَة مَعَ سَائر آيَاته إلَى فرْعَوْن وَقَوْمه .
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ↓
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ هيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } يَقُول تَعَالَى ذكْره مُخْبرًا عَنْ مُوسَى : قَالَ مُوسَى مُجيبًا لرَبّه : { هيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } يَقُول : أَضْرب بهَا الشَّجَر الْيَابس فَيَسْقُط وَرَقهَا وَتَرْعَاهُ غَنَمي , يُقَال منْهُ : هَشَّ فُلَان الشَّجَر يَهُشّ هَشًّا : إذَا اخْتَبَطَ وَرَق أَغْصَانهَا فَسَقَطَ وَرَقهَا ; كَمَا قَالَ الرَّاجز : أَهُشّ بالْعَصَا عَلَى أَغْنَامي منْ نَاعم الْأَرَاك وَالْبَشَام وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18142 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله : { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } قَالَ : أَخْبط بهَا الشَّجَر . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } قَالَ : أَخْبط . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } قَالَ : كَانَ نَبيّ اللَّه مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ يَهُشّ عَلَى غَنَمه وَرَق الشَّجَر . 18143 - حَدَّثَني مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } يَقُول : أَضْرب بهَا الشَّجَر للْغَنَم , فَيَقَع الْوَرَق . 18144 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { هيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } قَالَ : يَتَوَكَّأ عَلَيْهَا حين يَمْشي مَعَ الْغَنَم , وَيَهُشّ بهَا , يُحَرّك الشَّجَر حَتَّى يَسْقُط الْوَرَق الْحَبَلَة وَغَيْرهَا . 18145 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضح , قَالَ : ثنا الْحَسَن , عَنْ عكْرمَة { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } قَالَ : أَضْرب بهَا الشَّجَر , فَيَسْقُط منْ وَرَقهَا عَلَيَّ . * - حَدَّثَني عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَةَ , قَالَ : ثنا عَليّ بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا حُسَيْن , قَالَ : سَمعْت عكْرمَة يَقُول { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } قَالَ : أَضْرب بهَا الشَّجَر , فَيَتَسَاقَط الْوَرَق عَلَى غَنَمي . 18146 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { وَأَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمي } يَقُول : أَضْرب بهَا الشَّجَر حَتَّى يَسْقُط منْهُ مَا تَأْكُل غَنَمي .
وَقَوْله : { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } يَقُول : وَليَ في عَصَايَ هَذه حَوَائج أُخْرَى , وَهيَ جَمْع مَأْرُبَة , وَفيهَا للْعَرَب لُغَات ثَلَاث : مَأْرُبَة بضَمّ الرَّاء , وَمَأْرَبَة بفَتْحهَا , وَمَأْربَة بكَسْرهَا , وَهيَ مَفْعَلَة منْ قَوْلهمْ : لَا أَرَب لي في هَذَا الْأَمْر : أَيْ لَا حَاجَة لي فيه . وَقيلَ " أُخْرَى " وَهُنَّ مَآرب جَمْع , وَلَمْ يَقُلْ أُخَر , كَمَا قيلَ : { لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } 20 8 وَقَدْ بَيَّنْت الْعلَّة في تَوْجيه ذَلكَ هُنَالكَ . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في مَعْنَى الْمَآرب , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18147 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبّيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن جُمَيْعٍ , قَالَ : ثنا سمَاك بْن حَرْب , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَوَائج أُخْرَى قَدْ عَلمْتهَا . * - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } يَقُول : حَاجَة أُخْرَى . 18148 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; عَنْ ابْن أَبي نَجيح عَنْ مُجَاهد { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات . 18149 - حَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات وَمَنَافع . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات . 18150 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } يَقُول : حَوَائج أُخْرَى أَحْمل عَلَيْهَا الْمزْوَد وَالسّقَاء . 18151 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَوَائج أُخْرَى . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات مَنَافع أُخْرَى . 18152 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } أَيْ مَنَافع أُخْرَى . 18153 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَوَائج أُخْرَى سوَى ذَلكَ . 18154 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات أُخْرَى .
وَقَوْله : { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } يَقُول : وَليَ في عَصَايَ هَذه حَوَائج أُخْرَى , وَهيَ جَمْع مَأْرُبَة , وَفيهَا للْعَرَب لُغَات ثَلَاث : مَأْرُبَة بضَمّ الرَّاء , وَمَأْرَبَة بفَتْحهَا , وَمَأْربَة بكَسْرهَا , وَهيَ مَفْعَلَة منْ قَوْلهمْ : لَا أَرَب لي في هَذَا الْأَمْر : أَيْ لَا حَاجَة لي فيه . وَقيلَ " أُخْرَى " وَهُنَّ مَآرب جَمْع , وَلَمْ يَقُلْ أُخَر , كَمَا قيلَ : { لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } 20 8 وَقَدْ بَيَّنْت الْعلَّة في تَوْجيه ذَلكَ هُنَالكَ . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في مَعْنَى الْمَآرب , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18147 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبّيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن جُمَيْعٍ , قَالَ : ثنا سمَاك بْن حَرْب , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله : { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَوَائج أُخْرَى قَدْ عَلمْتهَا . * - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } يَقُول : حَاجَة أُخْرَى . 18148 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; عَنْ ابْن أَبي نَجيح عَنْ مُجَاهد { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات . 18149 - حَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات وَمَنَافع . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات . 18150 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } يَقُول : حَوَائج أُخْرَى أَحْمل عَلَيْهَا الْمزْوَد وَالسّقَاء . 18151 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَوَائج أُخْرَى . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات مَنَافع أُخْرَى . 18152 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } أَيْ مَنَافع أُخْرَى . 18153 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْله : { وَليَ فيهَا مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَوَائج أُخْرَى سوَى ذَلكَ . 18154 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { مَآرب أُخْرَى } قَالَ : حَاجَات أُخْرَى .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ أَلْقهَا يَا مُوسَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : قَالَ اللَّه لمُوسَى : أَلْق عَصَاك الَّتي بيَمينك يَا مُوسَى .
يَقُول اللَّه جَلَّ جَلَاله : فَأَلْقَاهَا مُوسَى , فَجَعَلَهَا اللَّه حَيَّة تَسْعَى , وَكَانَتْ قَبْل ذَلكَ خَشَبَة يَابسَة , وَعَصَا يَتَوَكَّأ عَلَيْهَا وَيَهُشّ بهَا عَلَى غَنَمه , فَصَارَتْ حَيَّة بأَمْر اللَّه , كَمَا : 18155 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة الضَّبّيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن جُمَيْعٍ , قَالَ : ثنا سمَاك بْن حَرْب , عَنْ عكْرمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا قيلَ لمُوسَى : أَلْقهَا يَا مُوسَى , أَلْقَاهَا { فَإذَا هيَ حَيَّة تَسْعَى } وَلَمْ تَكُنْ قَبْل ذَلكَ حَيَّة ; قَالَ : فَمَرَّتْ بشَجَرَةٍ فَأَكَلَتْهَا , وَمَرَّتْ بصَخْرَةٍ فَابْتَلَعَتْهَا ; قَالَ : فَجَعَلَ مُوسَى يَسْمَع وَقْع الصَّخْرَة في جَوْفهَا ; قَالَ : فَوَلَّى مُدْبرًا , فَنُوديَ أَنْ يَا مُوسَى خُذْهَا , فَلَمْ يَأْخُذهَا ; ثُمَّ نُوديَ الثَّانيَة : أَنْ { خُذْهَا وَلَا تَخَفْ } , فَلَمْ يَأْخُذهَا ; فَقيلَ لَهُ في الثَّالثَة : { إنَّك منْ الْآمنينَ } 28 31 فَأَخَذَهَا . 18156 - حَدَّثَني مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ , قَالَ : قَالَ لَهُ , يَعْني لمُوسَى رَبّه : { أَلْقهَا يَا مُوسَى } يَعْني { فَأَلْقَاهَا فَإذَا هيَ حَيَّة تَسْعَى } { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزّ كَأَنَّهَا جَانّ وَلَّى مُدْبرًا وَلَمْ يُعَقّب } 27 10 فَنُوديَ : { يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إنّي لَا يَخَاف لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } . 27 10 18157 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه , { قَالَ أَلْقهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإذَا هيَ حَيَّة تَسْعَى } تَهْتَزّ , لَهَا أَنْيَاب وَهَيْئَة كَمَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَكُون , فَرَأَى أَمْرًا فَظيعًا , فَوَلَّى مُدْبرًا , وَلَمْ يُعَقّب فَنَادَاهُ رَبّه : يَا مُوسَى أَقْبلْ وَلَا تَخَفْ { سَنُعيدُهَا سيرَتهَا الْأُولَى } .
وَقَوْله : { قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ } يَقُول تَعَالَى ذكْره قَالَ اللَّه لمُوسَى : خُذْ الْحَيَّة , وَالْهَاء وَالْأَلف منْ ذكْر الْحَيَّة . { وَلَا تَخَفْ } يَقُول : وَلَا تَخَفْ منْ هَذه الْحَيَّة .
يَقُول : فَإنَّا سَنُعيدُهَا لهَيْئَتهَا الْأُولَى الَّتي كَانَتْ عَلَيْهَا قَبْل أَنْ نُصَيّرهَا حَيَّة , وَنَرُدّهَا عَصَا كَمَا كَانَتْ . يُقَال لكُلّ مَنْ كَانَ عَلَى أَمْر فَتَرَكَهُ , وَتَحَوَّلَ عَنْهُ ثُمَّ رَاجَعَهُ : عَادَ فُلَان سيرَته الْأُولَى , وَعَادَ لسيرَته الْأُولَى , وَعَادَ إلَى سيرَته الْأُولَى . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18158 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { سيرَتهَا الْأُولَى } يَقُول : حَالَتهَا الْأُولَى . 18159 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { سيرَتهَا الْأُولَى } قَالَ : هَيْئَتهَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . 18160 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { سَنُعيدُهَا سيرَتهَا الْأُولَى } أَيْ سَنَرُدُّهَا عَصَا كَمَا كَانَتْ . 18161 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { سَنُعيدُهَا سيرَتهَا الْأُولَى } قَالَ : إلَى هَيْئَتهَا الْأُولَى .
يَقُول : فَإنَّا سَنُعيدُهَا لهَيْئَتهَا الْأُولَى الَّتي كَانَتْ عَلَيْهَا قَبْل أَنْ نُصَيّرهَا حَيَّة , وَنَرُدّهَا عَصَا كَمَا كَانَتْ . يُقَال لكُلّ مَنْ كَانَ عَلَى أَمْر فَتَرَكَهُ , وَتَحَوَّلَ عَنْهُ ثُمَّ رَاجَعَهُ : عَادَ فُلَان سيرَته الْأُولَى , وَعَادَ لسيرَته الْأُولَى , وَعَادَ إلَى سيرَته الْأُولَى . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18158 - حَدَّثَني عَليّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاويَة , عَنْ عَليّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله { سيرَتهَا الْأُولَى } يَقُول : حَالَتهَا الْأُولَى . 18159 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { سيرَتهَا الْأُولَى } قَالَ : هَيْئَتهَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . 18160 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه { سَنُعيدُهَا سيرَتهَا الْأُولَى } أَيْ سَنَرُدُّهَا عَصَا كَمَا كَانَتْ . 18161 - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { سَنُعيدُهَا سيرَتهَا الْأُولَى } قَالَ : إلَى هَيْئَتهَا الْأُولَى .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { وَاضْمُمْ يَدك إلَى جَنَاحك } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَاضْمُمْ يَا مُوسَى يَدك , فَضَعْهَا تَحْت عَضُدك ; وَالْجَنَاحَان هُمَا الْيَدَان , كَذَلكَ رُويَ الْخَبَر عَنْ أَبي هُرَيْرَة وَكَعْب الْأَحْبَار . وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبيَّة , فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ : هُمَا الْجَنْبَان . وَكَانَ بَعْضهمْ يَسْتَشْهد لقَوْله ذَلكَ بقَوْل الرَّاجز : أَضُمّهُ للصَّدْر وَالْجَنَاح وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في تَأْويل ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { إلَى جَنَاحك } قَالَ : كَفّه تَحْت عَضُده . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله .
وَقَوْله : { تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } . ذُكرَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْه السَّلَام كَانَ رَجُلًا آدَم , فَأَدْخَلَ يَده في جَيْبه , ثُمَّ أَخْرَجَهَا بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء , منْ غَيْر بَرَص , مثْل الثَّلْج , ثُمَّ رَدَّهَا , فَخَرَجَتْ كَمَا كَانَتْ عَلَى لَوْنه . 18163 - حَدَّثَنَا بذَلكَ ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه . 18164 - حَدَّثَنَا إسْمَاعيل بْن مُوسَى الْفَزَاريّ , قَالَ : ثنا شَريك , عَنْ يَزيد بْن أَبي زيَاد , عَنْ مقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله { تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18165 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18166 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18167 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18168 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18169 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن في قَوْل اللَّه : { بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : أَخْرَجَهَا اللَّه منْ غَيْر سُوء , منْ غَيْر بَرَص , فَعَلمَ مُوسَى أَنَّهُ لَقيَ رَبّه .
وَقَوْله : { آيَة أُخْرَى } يَقُول : وَهَذه عَلَامَة وَدَلَالَة أُخْرَى غَيْر الْآيَة الَّتي أَرَيْنَاك قَبْلهَا منْ تَحْويل الْعَصَا حَيَّة تَسْعَى عَلَى حَقيقَة مَا بَعَثْنَاك به منْ الرّسَالَة لمَنْ بَعَثْنَاك إلَيْه . وَنَصَبَ آيَة عَلَى اتّصَالهَا بالْفعْل , إذْ لَمْ يَظْهَر لَهَا مَا يَرْفَعهَا منْ هَذه أَوْ هيَ .
وَقَوْله : { تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } . ذُكرَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْه السَّلَام كَانَ رَجُلًا آدَم , فَأَدْخَلَ يَده في جَيْبه , ثُمَّ أَخْرَجَهَا بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء , منْ غَيْر بَرَص , مثْل الثَّلْج , ثُمَّ رَدَّهَا , فَخَرَجَتْ كَمَا كَانَتْ عَلَى لَوْنه . 18163 - حَدَّثَنَا بذَلكَ ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ وَهْب بْن مُنَبّه . 18164 - حَدَّثَنَا إسْمَاعيل بْن مُوسَى الْفَزَاريّ , قَالَ : ثنا شَريك , عَنْ يَزيد بْن أَبي زيَاد , عَنْ مقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , في قَوْله { تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18165 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى ; وَحَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَميعًا عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ مُجَاهد { منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18166 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , في قَوْله { بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . * - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , مثْله . * - حَدَّثَنَا بشْر , قَالَ : ثنا يَزيد , قَالَ : ثنا سَعيد , عَنْ قَتَادَة { منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18167 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ { تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18168 - حُدّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمعْت الضَّحَّاك يَقُول في قَوْله { منْ غَيْر سُوء } قَالَ : منْ غَيْر بَرَص . 18169 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن في قَوْل اللَّه : { بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء } قَالَ : أَخْرَجَهَا اللَّه منْ غَيْر سُوء , منْ غَيْر بَرَص , فَعَلمَ مُوسَى أَنَّهُ لَقيَ رَبّه .
وَقَوْله : { آيَة أُخْرَى } يَقُول : وَهَذه عَلَامَة وَدَلَالَة أُخْرَى غَيْر الْآيَة الَّتي أَرَيْنَاك قَبْلهَا منْ تَحْويل الْعَصَا حَيَّة تَسْعَى عَلَى حَقيقَة مَا بَعَثْنَاك به منْ الرّسَالَة لمَنْ بَعَثْنَاك إلَيْه . وَنَصَبَ آيَة عَلَى اتّصَالهَا بالْفعْل , إذْ لَمْ يَظْهَر لَهَا مَا يَرْفَعهَا منْ هَذه أَوْ هيَ .
وَقَوْله : { لنُريَك منْ آيَاتنَا الْكُبْرَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره : وَاضْمُمْ يَدك يَا مُوسَى إلَى جَنَاحك , تَخْرُج بَيْضَاء منْ غَيْر سُوء , كَيْ نُريك منْ أَدلَّتنَا الْكُبْرَى عَلَى عَظيم سُلْطَاننَا وَقُدْرَتنَا . وَقَالَ : الْكُبْرَى , فَوَحَّدَ , وَقَدْ قَالَ : { منْ آيَاتنَا } كَمَا قَالَ : { لَا الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلكَ هُنَالكَ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : إنَّمَا قيلَ الْكُبْرَى , لأَنَّهُ أُريد بهَا التَّقْديم , كَأَنَّ مَعْنَاهَا عنْده : لنُريَك الْكُبْرَى منْ آيَاتنَا .
الْقَوْل في تَأْويل قَوْله تَعَالَى : { اذْهَبْ إلَى فرْعَوْن إنَّهُ طَغَى } يَقُول تَعَالَى ذكْره لنَبيّه مُوسَى صَلَوَات اللَّه عَلَيْه : { اذْهَبْ } يَا مُوسَى { إلَى فرْعَوْن إنَّهُ طَغَى } . يَقُول : إنَّهُ تَجَاوَزَ قَدْره , وَتَمَرَّدَ عَلَى رَبّه ; وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الطُّغْيَان بمَا مَضَى بمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَته , في هَذَا الْمَوْضع . وَفي الْكَلَام مَحْذُوف اُسْتُغْنيَ بفَهْم السَّامع بمَا ذُكرَ منْهُ , وَهُوَ قَوْله : { اذْهَبْ إلَى فرْعَوْن إنَّهُ طَغَى } فَادْعُهُ إلَى تَوْحيد اللَّه وَطَاعَته , وَإرْسَال بَني إسْرَائيل مَعَك .
{ قَالَ رَبّ اشْرَحْ لي صَدْري } يَقُول : رَبّ اشْرَحْ لي صَدْري , لأَعيَ عَنْك مَا تُودعهُ منْ وَحْيك , وَأَجْتَرئ به عَلَى خطَاب فرْعَوْن .
{ وَيَسّرْ لي أَمْري } يَقُول : وَسَهّلْ عَلَيَّ الْقيَام بمَا تُكَلّفني منْ الرّسَالَة , وَتُحَمّلني منْ الطَّاعَة . وَبنَحْو الَّذي قُلْنَا في ذَلكَ , قَالَ أَهْل التَّأْويل . ذكْر مَنْ قَالَ ذَلكَ : 18170 - حَدَّثَني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , في قَوْل اللَّه : { رَبّ اشْرَحْ لي صَدْري } قَالَ : جُرْأَة لي .
وَقَوْله : { وَاحْلُلْ عُقْدَة منْ لسَاني } يَقُول : وَأَطْلقْ لسَاني بالْمَنْطق , وَكَانَتْ فيه فيمَا ذَكَرَ عُجْمَة عَنْ الْكَلَام الَّذي كَانَ منْ إلْقَائه الْجَمْرَة إلَى فيه يَوْم هَمَّ فرْعَوْن بقَتْله . ذَكَرَ الرّوَايَة بذَلكَ عَمَّنْ قَالَهُ : 18171 - حَدَّثَني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصم , قَالَ : ثنا عيسَى , عَنْ ابْن أَبي نَجيح , عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر , في قَوْله : { عُقْدَة منْ لسَاني } قَالَ : عُجْمَة لجَمْرَة نَار أَدْخَلَهَا في فيه عَنْ أَمْر امْرَأَة فرْعَوْن , تَرُدّ به عَنْهُ عُقُوبَة فرْعَوْن , حين أَخَذَ مُوسَى بلحْيَته وَهُوَ لَا يَعْقل , فَقَالَ : هَذَا عَدُوّ لي , فَقَالَتْ لَهُ . إنَّهُ لَا يَعْقل . * - حَدَّثَني الْحَارث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنْ ابْن أَبي نَجيح { وَاحْلُلْ عُقْدَة منْ لسَاني } لجَمْرَة نَار أَدْخَلَهَا في فيه عَنْ أَمْر امْرَأَة فرْعَوْن , تَدْرَأ به عَنْهُ عُقُوبَة فرْعَوْن , حين أَخَذَ مُوسَى بلحْيَته وَهُوَ لَا يَعْقل , فَقَالَ : هَذَا عَدُوّ لي , فَقَالَتْ لَهُ : إنَّهُ لَا يَعْقل , هَذَا قَوْل سَعيد بْن جُبَيْر . 18172 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنْي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهد , قَوْله : { وَاحْلُلْ عُقْدَة منْ لسَاني } قَالَ : عُجْمَة الْجَمْرَة نَار أَدْخَلَهَا في فيه , عَنْ أَمْر امْرَأَة فرْعَوْن تَرُدّ به عَنْهُ عُقُوبَة فرْعَوْن حين أَخَذَ بلحْيَته . 18173 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدّيّ , قَالَ : لَمَّا تَحَرَّكَ الْغُلَام , يَعْني مُوسَى , أَوْرَتْهُ أُمّه آسيَة صَبيًّا , فَبَيْنَمَا هيَ تُرْقصهُ وَتَلْعَب به , إذْ نَاوَلَتْهُ فرْعَوْن , وَقَالَتْ : خُذْهُ , فَلَمَّا أَخَذَهُ إلَيْه أَخَذَ مُوسَى بلحْيَته فَنَتَفَهَا , فَقَالَ فرْعَوْن : عَلَيَّ بالذَّبَّاحينَ , قَالَتْ آسيَة : { لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعنَا أَوْ نَتَّخذهُ وَلَدًا } 28 9 إنَّمَا هُوَ صَبيّ لَا يَعْقل , وَإنَّمَا صَنَعَ هَذَا منْ صبَاهُ , وَقَدْ عَلمْت أَنَّهُ لَيْسَ في أَهْل مصْر أَحْلَى منّي أَنَا أَضَع لَهُ حُليًّا منْ الْيَاقُوت , وَأَضَع لَهُ جَمْرًا , فَإنَّ أَخَذَ الْيَاقُوت فَهُوَ يَعْقل فَاذْبَحْهُ , وَإنَّ أَخَذَ الْجَمْر فَإنَّمَا هُوَ صَبيّ ; فَأَخْرَجَتْ لَهُ يَاقُوتهَا وَوَضَعَتْ لَهُ طَسْتًا منْ جَمْر , فَجَاءَ جَبْرَائيل صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ , فَطَرَحَ في يَده جَمْرَة , فَطَرَحَهَا مُوسَى في فيه , فَأَحْرَقَتْ لسَانه , فَهُوَ الَّذي يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَاحْلُلْ عُقْدَة منْ لسَاني يَفْقَهُوا قَوْلي } , فَزَالَتْ عَنْ مُوسَى منْ أَجْل ذَلكَ .
وَقَوْله : { يَفْقَهُوا قَوْلي } يَقُول : يَفْقَهُوا عَنّي مَا أُخَاطبهُمْ وَأُرَاجعهُمْ به منْ الْكَلَام .
{ وَاجْعَلْ لي وَزيرًا منْ أَهْلي } يَقُول : وَاجْعَلْ لي عَوْنًا منْ أَهْل بَيْتي { هَارُون أَخي } .
وَفي نَصْب هَارُون وَجْهَان : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون هَارُون مَنْصُوبًا عَلَى التَّرْجَمَة عَنْ الْوَزير . 18174 - حَدَّثَنَا الْقَاسم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : كَانَ هَارُون أَكْبَر منْ مُوسَى .