وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ↓
"وَلَا يُنْفِقُونَ" فِيهِ "نَفَقَة صَغِيرَة" وَلَوْ تَمْرَة "وَلَا كَبِيرَة وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا" بِالسَّيْرِ "إلَّا كُتِبَ لَهُمْ" بِهِ عَمَل صَالِح "لِيَجْزِيَهُمْ اللَّه أَحْسَن مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" أَيْ جَزَاءَهُمْ
وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ↓
وَلَمَّا وُبِّخُوا عَلَى التَّخَلُّف وَأَرْسَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة نَفَرُوا جَمِيعًا فَنَزَلَ "وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا" إلَى الْغَزْو "كَافَّة فَلَوْلَا" فَهَلَّا "نَفَرَ مِنْ كُلّ فِرْقَة" قَبِيلَة "مِنْهُمْ طَائِفَة" جَمَاعَة وَمَكَثَ الْبَاقُونَ "لِيَتَفَقَّهُوا" أَيْ الْمَاكِثُونَ "فِي الدِّين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمهمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ" مِنْ الْغَزْو بِتَعْلِيمِهِمْ مَا تَعَلَّمُوهُ مِنْ الْأَحْكَام "لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" عِقَاب اللَّه بِامْتِثَالِ أَمْره وَنَهْيه قَالَ ابْن عَبَّاس فَهَذِهِ مَخْصُوصَة بِالسَّرَايَا وَاَلَّتِي قَبْلهَا بِالنَّهْيِ عَنْ تَخَلُّف وَاحِد فِيمَا إذَا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ↑
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّار" أَيْ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مِنْهُمْ "وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَة" شِدَّة أَيْ أَغْلِظُوا عَلَيْهِمْ "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ" بِالْعَوْنِ وَالنَّصْر
وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ↓
"وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَة" مِنْ الْقُرْآن "فَمِنْهُمْ" أَيْ الْمُنَافِقِينَ "مَنْ يَقُول" لِأَصْحَابِهِ اسْتِهْزَاء "أَيّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا" تَصْدِيقًا "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا" لِتَصْدِيقِهِمْ بِهَا "وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" يَفْرَحُونَ بِهَا
وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ↓
"وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض" ضَعْف اعْتِقَاد "فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلَى رِجْسهمْ" كُفْرًا إلَى كُفْرهمْ لِكُفْرِهِمْ بِهَا
أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ↓
"أَوَلَا يَرَوْنَ" بِالْيَاءِ أَيْ الْمُنَافِقُونَ وَالتَّاء أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ "أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ" يُبْتَلَوْنَ "فِي كُلّ عَام مَرَّة أَوْ مَرَّتَيْنِ" بِالْقَحْطِ وَالْأَمْرَاض "ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ" مِنْ نِفَاقهمْ "وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ" يَتَّعِظُونَ
وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون ↓
وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَة" فِيهَا ذِكْرهمْ وَقَرَأَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَظَرَ بَعْضهمْ إلَى بَعْض" يُرِيدُونَ الْهَرَب يَقُولُونَ : "هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَد" إذَا قُمْتُمْ فَإِنْ لَمْ يَرَهُمْ أَحَد قَامُوا وَإِلَّا ثَبَتُوا "ثُمَّ انْصَرَفُوا" عَلَى كُفْرهمْ "صَرَفَ اللَّه قُلُوبهمْ" عَنْ الْهُدَى "بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَفْقَهُونَ" الْحَقّ لِعَدَمِ تَدَبُّرهمْ
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ↓
"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسكُمْ" أَيْ مِنْكُمْ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَزِيز" شَدِيد "عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ" أَيْ عَنَتكُمْ أَيْ مَشَقَّتكُمْ وَلِقَاؤُكُمْ الْمَكْرُوه "حَرِيص عَلَيْكُمْ" أَنْ تَهْتَدُوا "بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوف" شَدِيد الرَّحْمَة "رَحِيم" يُرِيد لَهُمْ الْخَيْر
فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ↓
"فَإِنْ تَوَلَّوْا" عَنْ الْإِيمَان بِك "فَقُلْ حَسْبِي اللَّه" كَافِي "لَا إلَه إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت" بِهِ وَثِقْت لَا بِغَيْرِهِ "وَهُوَ رَبّ الْعَرْش" الْكُرْسِيّ "الْعَظِيم" خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَعْظَم الْمَخْلُوقَات وَرَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : آخِر آيَة نَزَلَتْ "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول" إلَى آخِر السُّورَة