وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ↓
"وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَاب النَّار إلَّا مَلَائِكَة" أَيْ فَلَا يُطَاقُونَ كَمَا يَتَوَهَّمُونَ "وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتهمْ" ذَلِكَ "إلَّا فِتْنَة" ضَلَالًا "لِلَّذِينَ كَفَرُوا" بِأَنْ يَقُولُوا لِمَ كَانُوا تِسْعَة عَشَر "لِيَسْتَيْقِن" لِيَسْتَبِينَ "الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب" أَيْ الْيَهُود صِدْق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنهمْ تِسْعَة عَشَر الْمُوَافِق لِمَا فِي كِتَابهمْ "وَيَزْدَاد الَّذِينَ آمَنُوا" مِنْ أَهْل الْكِتَاب "إيمَانًا" تَصْدِيقًا لِمُوَافَقَتِهِ مَا أَتَى بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا فِي كِتَابهمْ "وَلَا يَرْتَاب الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب وَالْمُؤْمِنُونَ" مِنْ غَيْرهمْ فِي عَدَد الْمَلَائِكَة "وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض" شَكّ بِالْمَدِينَةِ "وَالْكَافِرُونَ" بِمَكَّة "مَاذَا أَرَادَ اللَّه بِهَذَا" الْعَدَد "مَثَلًا" سَمَّوْهُ لِغَرَابَتِهِ بِذَلِكَ وَأُعْرِبَ حَالًا "كَذَلِكَ" أَيْ مِثْل إضْلَال مُنْكِر هَذَا الْعَدَد وَهَدَى مُصَدِّقه "يُضِلّ اللَّه مَنْ يَشَاء وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء وَمَا يَعْلَم جُنُود رَبّك" أَيْ الْمَلَائِكَة فِي قُوَّتهمْ وَأَعْوَانهمْ "إلَّا هُوَ وَمَا هِيَ" أَيْ سَقَر
"كَلَّا" اسْتِفْتَاح بِمَعْنَى أَلَّا
"وَاللَّيْل إذَا" بِفَتْحِ الذَّال "أَدْبَرَ" جَاءَ بَعْد النَّهَار وَفِي قِرَاءَة إذَا أَدْبَرَ بِسُكُونِ الذَّال بَعْدهَا هَمْزَة أَيْ مَضَى
"وَالصُّبْح إذَا أَسْفَرَ" ظَهَرَ
"إنَّهَا" أَيْ سَقَر "لَإِحْدَى الْكُبَر" الْبَلَايَا الْعِظَام
"نَذِيرًا" حَال مِنْ إحْدَى وَذُكِّرَ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْعَذَاب
"لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ" بَدَل مِنْ الْبَشَر "أَنْ يَتَقَدَّم" إلَى الْخَيْر أَوْ الْجَنَّة بِالْإِيمَانِ "أَوْ يَتَأَخَّر" إلَى الشَّرّ أَوْ النَّار بِالْكُفْرِ
"كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة" مَرْهُونَة مَأْخُوذَة بِعَمَلِهَا فِي النَّار
"إلَّا أَصْحَاب الْيَمِين" وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ فَنَاجُونَ مِنْهَا كَائِنُونَ
"فِي جَنَّات يَتَسَاءَلُونَ" بَيْنهمْ
"عَنْ الْمُجْرِمِينَ" وَحَالهمْ وَيَقُولُونَ لَهُمْ بَعْد إخْرَاج الْمُوَحِّدِينَ مِنْ النَّار
"مَا سَلَكَكُمْ" أَدْخَلَكُمْ
"وَكُنَّا نَخُوض" فِي الْبَاطِل
"وَكُنَّا نُكَذِّب بِيَوْمِ الدِّين" الْبَعْث وَالْجَزَاء
"حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين" الْمَوْت
"فَمَا تَنْفَعهُمْ شَفَاعَة الشَّافِعِينَ" مِنْ الْمَلَائِكَة وَالْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْمَعْنَى لَا شَفَاعَة لَهُمْ
"فَمَا" مُبْتَدَأ "لَهُمْ" خَبَره مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ انْتَقَلَ ضَمِيره إلَيْهِ "عَنْ التَّذْكِرَة مُعْرِضِينَ" حَال مِنْ الضَّمِير وَالْمَعْنَى أَيّ شَيْء حَصَلَ لَهُمْ فِي إعْرَاضهمْ عَنْ الِاتِّعَاظ
"كَأَنَّهُمْ حُمُر مُسْتَنْفِرَة" وَحْشِيَّة
"فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَة" أَسَد أَيْ هَرَبَتْ مِنْهُ أَشَدّ الْهَرَب
"بَلْ يُرِيد كُلّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَة" أَيْ مِنْ اللَّه تَعَالَى بِاتِّبَاعِ النَّبِيّ كَمَا قَالُوا : لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى تُنَزِّل عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ
"كَلَّا" رَدْع عَمَّا أَرَادُوهُ "بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَة" أَيْ عَذَابهَا
"كَلَّا" اسْتِفْتَاح "إنَّهُ" أَيْ الْقُرْآن "تَذْكِرَة" عِظَة
"فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ" قَرَأَهُ فَاتَّعَظَ بِهِ
"وَمَا يَذْكُرُونَ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء "إلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه هُوَ أَهْل التَّقْوَى" بِأَنْ يُتَّقَى "وَأَهْل الْمَغْفِرَة" بِأَنْ يَغْفِر لِمَنْ اتَّقَاهُ