"الْحَاقَّة" الْقِيَامَة الَّتِي يَحِقّ فِيهَا مَا أُنْكِرَ مِنْ الْبَعْث وَالْحِسَاب وَالْجَزَاء أَوْ الْمُظْهِرَة لِذَلِكَ
"مَا الْحَاقَّة" تَعْظِيم لِشَأْنِهَا وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَر الْحَاقَّة
"وَمَا أَدْرَاك" أَعْلَمَك "مَا الْحَاقَّة" زِيَادَة تَعْظِيم لِشَأْنِهَا فَمَا الْأُولَى مُبْتَدَأ وَمَا بَعْدهَا خَبَره وَمَا الثَّانِيَة وَخَبَرهَا فِي مَحَلّ الْمَفْعُول الثَّانِي لِأَدْرَى
"كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ" الْقِيَامَة لِأَنَّهَا تَقْرَع الْقُلُوب بِأَهْوَالِهَا
"فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ" بِالصَّيْحَةِ الْمُجَاوِزَة لِلْحَدِّ فِي الشِّدَّة
"وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَر عَاتِيَة" قَوِيَّة شَدِيدَة عَلَى عَادٍ مَعَ قُوَّتهمْ وَشِدَّتهمْ
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ↓
"سَخَّرَهَا" أَرْسَلَهَا بِالْقَهْرِ "عَلَيْهِمْ سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام" أَوَّلهَا مِنْ صُبْح يَوْم الْأَرْبِعَاء لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّال وَكَانَتْ فِي عَجُز الشِّتَاء "حُسُومًا" مُتَتَابِعَات شُبِّهَتْ بِتَتَابُعِ فِعْل الْحَاسِم فِي إعَادَة الْكَيّ عَلَى الدَّاء كَرَّة بَعْد أُخْرَى حَتَّى يَنْحَسِم "فَتَرَى الْقَوْم فِيهَا صَرْعَى" مَطْرُوحِينَ هَالِكِينَ "كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز" أُصُول "نَخْل خَاوِيَة" سَاقِطَة فَارِغَة
"فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة" لَا تَرَى لَهُمْ بَاقِيَة
"وَجَاءَ فِرْعَوْن وَمَنْ قَبَله" أَتْبَاعه وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الْبَاء أَيْ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة "وَالْمُؤْتَفِكَات" أَيْ أَهْلهَا وَهِيَ قُرَى قَوْم لُوط "بِالْخَاطِئَةِ" بِالْفِعْلَاتِ ذَات الْخَطَأ
"فَعَصَوْا رَسُول رَبّهمْ" أَيْ لُوطًا وَغَيْره "فَأَخَذَهُمْ أَخْذَة رَابِيَة" زَائِدَة فِي الشِّدَّة عَلَى غَيْرهَا
"إنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء" عَلَا فَوْق كُلّ شَيْء مِنْ الْجِبَال وَغَيْرهَا زَمَن الطُّوفَان "حَمَلْنَاكُمْ" يَعْنِي آبَاءَكُمْ إذْ أَنْتُمْ فِي أَصْلَابهمْ "فِي الْجَارِيَة" السَّفِينَة الَّتِي عَمِلَهَا نُوح وَنَجَا هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا وَغَرِقَ الْآخَرُونَ
"لِنَجْعَلهَا" أَيْ هَذِهِ الْفَعْلَة وَهِيَ إنْجَاء الْمُؤْمِنِينَ وَإِهْلَاك الْكَافِرِينَ "لَكُمْ تَذْكِرَة" عِظَة "وَتَعِيهَا" وَلِتَحْفَظهَا "أُذُن وَاعِيَة" حَافِظَة لِمَا تَسْمَع
"فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور نَفْخَة وَاحِدَة" لِلْفَصْلِ بَيْن الْخَلَائِق وَهِيَ الثَّانِيَة
"وَحُمِلَتْ" رُفِعَتْ "الْأَرْض وَالْجِبَال فَدُكَّتَا" دُقَّتَا
"فَيَوْمئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَة" قَامَتْ الْقِيَامَة
"وَانْشَقَّتْ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ وَاهِيَة" ضَعِيفَة
"وَالْمَلَك" يَعْنِي : الْمَلَائِكَة "عَلَى أَرْجَائِهَا" جَوَانِب السَّمَاء "وَيَحْمِل عَرْش رَبّك فَوْقهمْ" أَيْ الْمَلَائِكَة الْمَذْكُورِينَ "يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة" مِنْ الْمَلَائِكَة أَوْ مِنْ صُفُوفهمْ
"يَوْمئِذٍ تُعْرَضُونَ" لِلْحِسَابِ "لَا تَخْفَى" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "مِنْكُمْ خَافِيَة" مِنْ السَّرَائِر
"فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَيَقُول" خِطَابًا لِجَمَاعَتِهِ لِمَا سُرَّ بِهِ "هَاؤُمُ" خُذُوا "اقْرَءُوا كِتَابِي" تَنَازَعَ فِيهِ هَاؤُمُ وَاقْرَءُوا
"إنِّي ظَنَنْت" تَيَقَّنْت
"فَهُوَ فِي عِيشَة رَاضِيَة" مَرْضِيَّة
"قُطُوفهَا" ثِمَارهَا "دَانِيَة" قَرِيبَة يَتَنَاوَلهَا الْقَائِم وَالْقَاعِد وَالْمُضْطَجِع
فَيُقَال لَهُمْ "كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا" حَال أَيْ مُتَهَنِّئِينَ "بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّام الْخَالِيَة" الْمَاضِيَة فِي الدُّنْيَا
"وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِشِمَالِهِ فَيَقُول يَا" لِلتَّنْبِيهِ
"يَا لَيْتَهَا" أَيْ الْمَوْتَة فِي الدُّنْيَا "كَانَتْ الْقَاضِيَهْ" الْقَاطِعَة لِحَيَاتِي بِأَنْ لَا أُبْعَث
"هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ" قُوَّتِي وَحُجَّتِي وَهَاء كِتَابِيَهْ وَحِسَابِيَهْ وَمَالِيَهْ وَسُلْطَانِيَهْ لِلسَّكْتِ تَثْبُت وَقْفًا وَوَصْلًا اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ الْإِمَام وَالنَّقْل وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا وَصْلًا
"خُذُوهُ" خِطَاب لِخَزَنَةِ جَهَنَّم "فَغُلُّوهُ" اجْمَعُوا يَدَيْهِ إلَى عُنُقه فِي الْغُلّ