نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ↓
"نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا" أي نحفظكم فيها "وفي الآخرة" أي نكون معكم فيها حتى تدخلوا الجنة "ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون" تطلبون
"نزلا" رزقا مهيئا منصوب بجعل مقدرا "من غفور رحيم" أي الله
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ↓
"ومن أحسن قولا" أي لا أحد أحسن قولا "ممن دعا إلى الله" بالتوحيد
وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ↓
"ولا تستوي الحسنة ولا السيئة" في جزئياتهما لأن بعضهما فوق بعض "ادفع" السيئة "بالتي" أي بالخصلة التي "هي أحسن" كالغضب بالصبر والجهل بالحلم والإساءة بالعفو "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" أي فيصير عدوك كالصديق القريب في محبته إذا فعلت ذلك فالذي مبتدأ وكأنه الخبر وإذا ظرف لمعنى التشبيه
"وما يلقاها" أي يؤتي الخصلة التي هي أحسن " إلا الذين صبروا وما يلقها إلا ذو حظ" ثواب
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ↓
"وإما" فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة "ينزغنك من الشيطان نزغ" أي يصرفك عن الخصلة وغيرها من الخير صارف "فاستعذ بالله" جواب الشرط وجواب الأمر محذوف, أي يدفعه عنك "إنه هو السميع" للقول "العليم" بالفعل
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ↓
"ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن" أي الآيات الأربع
فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ ↓
"فإن استكبروا" عن السجود لله وحده "فالذين عند ربك" أي فالملائكة "يسبحون" يصلون "له بالليل والنهار وهم لا يسأمون" لا يملون
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ↓
"ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة" يابسة لا نبات فيها "فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت" تحركت "وربت" انتفخت وعلت
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ↓
"إن الذين يلحدون" من ألحد ولحد "في آياتنا" القرآن بالتكذيب "لا يخفون علينا" فنجازيهم "أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير" تهديد لهم
"إن الذين كفروا بالذكر" القرآن "لما جاءهم" نجازيهم "وإنه لكتاب عزيز" منيع
"لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" أي ليس قبله كتاب يكذبه ولا بعده "تنزيل من حكيم حميد" أي الله المحمود في أمره
مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ↓
"ما يقال لك" من التكذيب "إلا" مثل "ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة" للمؤمنين "وذو عقاب أليم" للكافرين
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ↓
"ولو جعلناه" أي الذكر "قرآنا أعجميا لقالوا لولا" هلا "فصلت" بينت "آياته" حتى نفهمها "أ" قرآن "أعجمي و" نبي "عربي" استفهام إنكار منهم بتحقيق الهمزة الثانية وقلبها ألف بإشباع ودونه "قل هو للذين آمنوا هدى" من الضلالة "وشفاء" من الجهل "والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر" ثقل فلا يسمعونه "وهو عليهم عمى" فلا يفهمونه "أولئك ينادون من مكان بعيد" أي هم كالمنادى من مكان بعيد لا يسمع ولا يفهم ما ينادى به
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ↓
"ولقد آتينا موسى الكتاب" التوراة "فاختلف فيه" بالتصديق والتكذيب كالقرآن "ولولا كلمة سبقت من ربك" بتأخير الحساب والجزاء للخلائق إلى يوم القيامة "لقضي بينهم" في الدنيا فيما اختلفوا فيه "وإنهم" أي المكذبين به "لفي شك منه مريب" موقع في الريبة
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ↓
"من عمل صالحا فلنفسه" عمل "ومن أساء فعليها" أي فضرر إساءته على نفسه "وما ربك بظلام للعبيد" أي بذي ظلم لقوله تعالى "إن الله لا يظلم مثقال ذرة"
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ ↓
"إليه يرد علم الساعة" متى تكون لا يعلمها غيره "وما تخرج من ثمرات" وفي قراءة ثمرات "من أكمامها" أوعيتها جمع كم بكسر الكاف إلا بعلمه "وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركاءي قالوا آذناك" أعلمناك الآن "ما منا من شهيد" أي شاهد بأن لك شريكا
"وضل" غاب "عنهم ما كانوا يدعون" يعبدون "من قبل" في الدنيا من الأصنام "وظنوا" أيقنوا "ما لهم من محيص" مهرب من العذاب والنفي في الموضعين معلق عن العمل وجملة النفي سدت مسد المفعولين
"لا يسأم الإنسان من دعاء الخير" أي لا يزال يسأل ربه المال والصحة وغيرهما "وإن مسه الشر" الفقر والشدة "فيئوس قنوط" من رحمة الله, وهذا وما بعده في الكافرين
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ↓
"ولئن" لام قسم "أذقناه" آتيناه "رحمة" غنى وصحة "منا من بعد ضراء" شدة وبلاء "مسته ليقولن هذا لي" أي بعملي "وما أظن الساعة قائمة ولئن" لام قسم "رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى" أي الجنة "فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ" شديد, واللام في الفعل لام قسم
وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ↑
"وإذا أنعمنا على الإنسان" الجنس "أعرض" عن الشكر "ونأى بجانبه" ثنى عطفه متبخترا , وفي قراءة بتقديم الهمزة "وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض" كثير
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ↓
"قل أرأيتم إن كان" أي القرآن "من عند الله" كما قال النبي "ثم كفرتم به من" أي لا أحد "أضل ممن هو في شقاق" خلاف "بعيد" عن الحق أوقع هذا موقع منكم بيانا لحالهم
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ↓
"سنريهم آياتنا في الآفاق" أقطار السماوات والأرض من النيرات والنبات والأشجار "وفي أنفسهم" من لطيف الصنعة وبديع الحكمة "حتى يتبين لهم أنه" أي القرآن "الحق" المنزل من الله بالبعث والحساب والعقاب, فيعاقبون على كفرهم به وبالجائي به "أو لم يكف بربك" فاعل يكف "أنه على كل شيء شهيد" بدل منه , أي أو لم يكفهم في صدقك أن ربك لا يغيب عنه شيء ما
"ألا إنهم في مرية" شك "من لقاء ربهم" لإنكارهم البعث "ألا إنه" تعالى "بكل شيء محيط" علما وقدرة فيجازيهم بكفرهم