"لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ" قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُمْ يَقُولُونَهُ
"أَذَلِكَ" الْمَذْكُور لَهُمْ "خَيْر نُزُلًا" وَهُوَ مَا يُعَدّ لِلنَّازِلِ مِنْ ضَيْف وَغَيْره "أَمْ شَجَرَة الزَّقُّوم" الْمُعَدَّة لِأَهْلِ النَّار وَهِيَ مِنْ أَخْبَث الشَّجَر الْمُرّ بِتُهَامَة يُنْبِتهَا اللَّه فِي الْجَحِيم كَمَا سَيَأْتِي
"إنَّا جَعَلْنَاهَا" بِذَلِكَ "فِتْنَة لِلظَّالِمِينَ" أَيْ الْكَافِرِينَ مِنْ أَهْل مَكَّة إذْ قَالُوا : النَّار تُحْرِق الشَّجَر فَكَيْفَ تُنْبِتهُ
"إنَّهَا شَجَرَة تَخْرُج فِي أَصْل الْجَحِيم" أَيْ قَعْر جَهَنَّم وَأَغْصَانهَا تَرْتَفِع إلَى دَرَكَاتهَا
"طَلْعهَا" الْمُشَبَّه بِطَلْعِ النَّخْل "كَأَنَّهُ رُءُوس الشَّيَاطِين" الْحَيَّات الْقَبِيحَة الْمَنْظَر
"فَإِنَّهُمْ" أَيْ الْكُفَّار "لَآكِلُونَ مِنْهَا" مَعَ قُبْحهَا لِشِدَّةِ جُوعهمْ
"ثُمَّ إنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيم" أَيْ مَاء حَارّ يَشْرَبُونَهُ فَيَخْتَلِط بِالْمَأْكُولِ مِنْهَا فَيَصِير شَوْبًا لَهُ
"ثُمَّ إنَّ مَرْجِعهمْ لَإِلَى الْجَحِيم" يُفِيد أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْهَا لِشُرْبِ الْحَمِيم وَأَنَّهُ خَارِجهَا
"إنَّهُمْ أَلْفَوْا" وَجَدُوا
"فَهُمْ عَلَى آثَارهمْ يُهْرَعُونَ" يُزْعَجُونَ إلَى اتِّبَاعهمْ فَيُسْرِعُونِ إلَيْهِ
"وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلهمْ أَكْثَر الْأَوَّلِينَ" مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة
"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ" مِنْ الرُّسُل مُخَوِّفِينَ
"فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذَرِينَ" الْكَافِرِينَ : أَيْ عَاقِبَتهمْ الْعَذَاب
"إلَّا عِبَاد اللَّه الْمُخْلَصِينَ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ نَجَوْا مِنْ الْعَذَاب لِإِخْلَاصِهِمْ فِي الْعِبَادَة أَوْ لِأَنَّ اللَّه أَخْلَصَهُمْ لَهَا عَلَى قِرَاءَة فَتْح اللَّام
"وَلَقَدْ نَادَانَا نُوح" بِقَوْلِهِ "رَبّ إنِّي مَغْلُوب فَانْتَصِرْ" "فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ" لَهُ نَحْنُ : أَيْ دَعَانَا عَلَى قَوْمه فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِالْغَرَقِ
"وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْله مِنَ الْكَرْب الْعَظِيم" أَيْ الْغَرَق
"وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّته هُمُ الْبَاقِينَ" فَالنَّاس كُلّهمْ مِنْ نَسْله عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة أَوْلَاد : سَام وَهُوَ أَبُو الْعَرَب وَالْفُرْس وَالرُّوم وَحَام وَهُوَ أَبُو السُّودَان ويافث وَهُوَ أَبُو التُّرْك وَالْخَزْر وَيَأْجُوج وَمَأْجُوج وَمَا هُنَالِكَ
"وَتَرَكْنَا" أَبْقَيْنَا "عَلَيْهِ" ثَنَاء حَسَنًا "فِي الْآخِرِينَ" مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم إلَى يَوْم الْقِيَامَة
"سَلَام" مِنَّا
"إنَّا كَذَلِكَ" كَمَا جَزَيْنَاهُمْ
"ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ" كُفَّار قَوْمه
"وَإِنَّ مِنْ شِيعَته" أَيْ مِمَّنْ تَابَعَهُ فِي أَصْل الدِّين "لِإِبْرَاهِيم" وَإِنْ طَالَ الزَّمَان بَيْنهمَا وَهُوَ أَلْفَانِ وَسِتّمِائَةِ وَأَرْبَعُونَ سَنَة وَكَانَ بَيْنهمَا هُود وَصَالِح
"إذْ جَاءَ رَبّه" أَيْ تَابَعَهُ وَقْت مَجِيئِهِ "بِقَلْبٍ سَلِيم" مِنْ الشَّكّ وَغَيْره
"إذْ قَالَ" فِي هَذِهِ الْحَالَة الْمُسْتَمِرَّة لَهُ "لِأَبِيهِ وَقَوْمه" قَالَ مُوَبِّخًا لِأَبِيهِ وَقَوْمه "مَاذَا" مَا الَّذِي
"أَإِفْكًا" فِي هَمْزَتَيْهِ مَا تَقَدَّمَ "آلِهَة دُون اللَّه تُرِيدُونَ" وَإِفْكًا مَفْعُول لَهُ وَآلِهَة مَفْعُول بِهِ لتُرِيدُونَ وَالْإِفْك : أَسْوَأ الْكَذِب أَيْ أَتَعْبُدُونَ غَيْر اللَّه؟
"فَمَا ظَنّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ" إذْ عَبَدْتُمْ غَيْره أَنَّهُ يَتْرُككُمْ بِلَا عِقَاب ؟ لَا وَكَانُوا نَجَّامِينَ فَخَرَجُوا إلَى عِيد لَهُمْ وَتَرَكُوا طَعَامهمْ عِنْد أَصْنَامهمْ زَعَمُوا التَّبَرُّك عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعُوا أَكَلُوهُ وَقَالُوا لِلسَّيِّدِ إبْرَاهِيم : اُخْرُجْ مَعَنَا
"فَنَظَرَ نَظْرَة فِي النُّجُوم" إيهَامًا لَهُمْ أَنَّهُ يَعْتَمِد عَلَيْهَا لِيَعْتَمِدُوهُ
"فَقَالَ إنِّي سَقِيم" عَلِيل أَيْ سَأَسْقَمُ
"فَتَوَلَّوْا عَنْهُ" إلَى عِيدهمْ