"تَبَارَكَ" تَعَاظَمَ "الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا" اثْنَيْ عَشَر : الْحَمَل وَالثَّوْر وَالْجَوْزَاء وَالسَّرَطَان وَالْأَسَد وَالسُّنْبُلَة وَالْمِيزَان وَالْعَقْرَب وَالْقَوْس وَالْجَدْي وَالدَّلْو وَالْحُوت وَهِيَ مَنَازِل الْكَوَاكِب السَّبْعَة السَّيَّارَة الْمِرِّيخ وَلَهُ الْحَمَل وَالْعَقْرَب وَالزُّهَرَة وَلَهَا الثَّوْر وَالْمِيزَان وَعُطَارِد وَلَهُ الْجَوْزَاء وَالسُّنْبُلَة وَالْقَمَر وَلَهُ السَّرَطَان وَالشَّمْس وَلَهَا الْأَسَد وَالْمُشْتَرِي وَلَهُ الْقَوْس وَالْحُوت وَزُحَل وَلَهُ الْجَدْي وَالدَّلْو "وَجَعَلَ فِيهَا" أَيْضًا "سِرَاجًا" هُوَ الشَّمْس "وَقَمَرًا مُنِيرًا" وَفِي قِرَاءَة سُرُجًا بِالْجَمْعِ : أَيْ نَيِّرَات وَخُصَّ الْقَمَر مِنْهَا بِالذِّكْرِ لِنَوْعِ فَضِيلَة
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ↓
"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة" أَيْ يَخْلُف كُلّ مِنْهُمَا الْآخَر "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف كَمَا تَقَدَّمَ : مَا فَاتَهُ فِي أَحَدهمَا مِنْ خَيْر فَيَفْعَلهُ فِي الْآخَر "أَوْ أَرَادَ شُكُورًا" أَيْ شُكْرًا لِنِعْمَةِ رَبّه عَلَيْهِ فِيهِمَا
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ↓
"وَعِبَاد الرَّحْمَن" مُبْتَدَأ وَمَا بَعْده صِفَات لَهُ إلَى أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ غَيْر الْمُعْتَرِض فِيهِ "الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْض هَوْنًا" أَيْ بِسَكِينَةٍ وَتَوَاضُع "وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ" بِمَا يَكْرَهُونَهُ "قَالُوا سَلَامًا" أَيْ قَوْلًا يَسْلَمُونَ فِيهِ مِنْ الْإِثْم
"وَاَلَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا" جَمْع سَاجِد "وَقِيَامًا" بِمَعْنَى قَائِمِينَ يُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ
وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَاب جَهَنَّم إنَّ عَذَابهَا كَانَ غَرَامًا" أَيْ لَازِمًا
"إنَّهَا سَاءَتْ" بِئْسَ "مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا" هِيَ : أَيْ مَوْضِع اسْتِقْرَار وَإِقَامَة
"وَاَلَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا" عَلَى عِيَالهمْ "لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا" بِفَتْحِ أَوَّله وَضَمّه : أَيْ يُضَيِّقُوا "وَكَانَ" إنْفَاقهمْ "بَيْن ذَلِكَ" الْإِسْرَاف وَالْإِقْتَار "قَوَامًا" وَسَطًا
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ↓
"وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه" قَتْلهَا "إلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ" أَيْ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَة "يَلْقَ أَثَامًا" أَيْ عُقُوبَة
"يُضَاعَف" وَفِي قِرَاءَة يُضَعَّف بِالتَّشْدِيدِ "لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة وَيُخَلَّد فِيهِ" بِجَزْمِ الْفِعْلَيْنِ بَدَلًا وَبِرَفْعِهِمَا اسْتِئْنَافًا "مُهَانًا" حَال
إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ↓
"إلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا" مِنْهُمْ "فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّه سَيِّئَاتهمْ" الْمَذْكُورَة "حَسَنَات" فِي الْآخِرَة "وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا" أَيْ لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ
"وَمَنْ تَابَ" مِنْ ذُنُوبه غَيْر مَنْ ذُكِرَ "وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوب إلَى اللَّه مَتَابًا" أَيْ يَرْجِع إلَيْهِ رُجُوعًا فَيُجَازِيه خَيْرًا
"وَاَلَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّور" أَيْ الْكَذِب وَالْبَاطِل "وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ" مِنْ الْكَلَام الْقَبِيح وَغَيْره "مَرُّوا كِرَامًا" مُعْرِضِينَ عَنْهُ
"وَاَلَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا" وُعِظُوا "بِآيَاتِ رَبّهمْ" أَيْ الْقُرْآن "لَمْ يَخِرُّوا" يَسْقُطُوا "عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا" بَلْ خَرُّوا سَامِعِينَ نَاظِرِينَ مُنْتَفِعِينَ
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ↓
"وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا" بِالْجَمْعِ وَالْإِفْرَاد "قُرَّة أَعْيُن" لَنَا بِأَنْ نَرَاهُمْ مُطِيعِينَ لَك "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَامًا" فِي الْخَيْر
"أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَة" الدَّرَجَة الْعُلْيَا فِي الْجَنَّة "بِمَا صَبَرُوا" عَلَى طَاعَة اللَّه "وَيُلَقَّوْنَ" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف مَعَ فَتْح الْيَاء "فِيهَا" فِي الْغُرْفَة "تَحِيَّة وَسَلَامًا" مِنْ الْمَلَائِكَة
"خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا" مَوْضِع إقَامَة لَهُمْ وَأُولَئِكَ وَمَا بَعْده خَبَر عِبَاد الرَّحْمَن الْمُبْتَدَأ
"قُلْ" يَا مُحَمَّد لِأَهْلِ مَكَّة "مَا" نَافِيَة "يَعْبَأ" يَكْتَرِث "بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ" إيَّاهُ فِي الشَّدَائِد فَيَكْشِفهَا "فَقَدْ" أَيْ فَكَيْفَ يَعْبَأ بِكُمْ وَقَدْ "كَذَّبْتُمْ" الرَّسُول وَالْقُرْآن "فَسَوْفَ يَكُون" الْعَذَاب "لِزَامًا" مُلَازِمًا لَكُمْ فِي الْآخِرَة بَعْد مَا يَحِلّ بِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَقُتِلَ مِنْهُمْ يَوْم بَدْر سَبْعُونَ وَجَوَاب لَوْلَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلهَا