مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ↓
"مَا اتَّخَذَ اللَّه مِنْ وَلَد وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إلَه إذًا" أَيْ لَوْ كَانَ مَعَهُ إلَه "لَذَهَبَ كُلّ إلَه بِمَا خَلَقَ" انْفَرَدَ بِهِ وَمَنَعَ الْآخَر مِنْ الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ "وَلَعَلَا بَعْضهمْ عَلَى بَعْض" مُغَالَبَة كَفِعْلِ مُلُوك الدُّنْيَا "سُبْحَان اللَّه" تَنْزِيهًا لَهُ "عَمَّا يَصِفُونَ" ـهُ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ
"عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة" مَا غَابَ وَمَا شُوهِدَ بِالْجَرِّ صِفَة وَالرَّفْع خَبَر هُوَ مُقَدَّرًا "فَتَعَالَى" تَعَظَّمَ "عَمَّا يُشْرِكُونَ" ـهُ مَعَهُ
"قُلْ رَبّ إمَّا" فِيهِ إدْغَام نُون إنْ الشَّرْطِيَّة فِي مَا الزَّائِدَة "تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ" يُوعَدُونَهُ مِنْ الْعَذَاب هُوَ صَادِق بِالْقَتْلِ بِبَدْرٍ
"رَبّ فَلَا تَجْعَلنِي فِي الْقَوْم الظَّالِمِينَ" فَأَهْلِك بِإِهْلَاكِهِمْ
"ادْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن" أَيْ الْخَصْلَة مِنْ الصَّفْح وَالْإِعْرَاض عَنْهُمْ "السَّيِّئَة" أَذَاهُمْ إيَّاكَ وَهَذَا قَبْل الْأَمْر بِالْقِتَالِ "نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَصِفُونَ" يَكْذِبُونَ وَيَقُولُونَ فَنُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ
"وَقُلْ رَبّ أَعُوذ" أَعْتَصِم "بِك مِنْ هَمَزَات الشَّيَاطِين" نَزَعَاتهمْ بِمَا يُوَسْوِسُونَ بِهِ
"وَأَعُوذ بِك رَبّ أَنْ يَحْضُرُونِ" فِي أُمُورِي لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَحْضُرُونِ بِسُوءٍ
"حَتَّى" ابْتِدَائِيَّة "إذَا جَاءَ أَحَدهمْ الْمَوْت" وَرَأَى مَقْعَده مِنْ النَّار وَمَقْعَده مِنْ الْجَنَّة لَوْ آمَنَ "قَالَ رَبّ ارْجِعُونِ" الْجَمْع لِلتَّعْظِيمِ
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ↓
"لَعَلِّي أَعْمَل صَالِحًا" بِأَنْ أَشْهَد أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّه "فِيمَا تَرَكْت" ضَيَّعْت مِنْ عُمُرِي أَيْ فِي مُقَابَلَته "كَلَّا" أَيْ لَا رُجُوع "إنَّهَا" أَيْ رَبّ ارْجِعُونِ "كَلِمَة هُوَ قَائِلهَا" وَلَا فَائِدَة لَهُ فِيهَا "وَمِنْ وَرَائِهِمْ" أَمَامهمْ "بَرْزَخ" حَاجِز يَصُدّهُمْ عَنْ الرُّجُوع "إلَى يَوْم يُبْعَثُونَ" وَلَا رُجُوع بَعْده
"فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور" الْقَرْن النَّفْخَة الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَة "فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ" يَتَفَاخَرُونَ بِهَا "وَلَا يَتَسَاءَلُونَ" عَنْهَا خِلَاف حَالهمْ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَشْغَلهُمْ مِنْ عِظَم الْأَمْر عَنْ ذَلِكَ فِي بَعْض مَوَاطِن الْقِيَامَة وَفِي بَعْضهَا يُفِيقُونَ وَفِي آيَة "فَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ"
"فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه" بِالْحَسَنَاتِ "فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الْفَائِزُونَ
"وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه" بِالسَّيِّئَاتِ "فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ" فَهُمْ "فِي جَهَنَّم خَالِدُونَ"
"تَلْفَح وُجُوههمْ النَّار" تُحْرِقهَا "وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ" شَمَّرَتْ شِفَاههمْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى عَنْ أَسْنَانهمْ وَيُقَال لَهُمْ
"أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي" مِنْ الْقُرْآن "تُتْلَى عَلَيْكُمْ" تُخَوَّفُونَ بِهَا
"قَالُوا رَبّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتنَا" وَفِي قِرَاءَة شَقَاوَتنَا بِفَتْحِ أَوَّله وَأَلِف وَهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنَى "وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ" عَنْ الْهِدَايَة
"رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا" إلَى الْمُخَالَفَة
"قَالَ" لَهُمْ بِلِسَانِ مَالِك بَعْد قَدْر الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ "اخْسَئُوا فِيهَا" اُبْعُدُوا فِي النَّار أَذِلَّاء "وَلَا تُكَلِّمُونِ" فِي رَفْع الْعَذَاب عَنْكُمْ لِيَنْقَطِع رَجَاؤُهُمْ
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ↓
"إنَّهُ كَانَ فَرِيق مِنْ عِبَادِي" هُمْ الْمُهَاجِرُونَ
"فاتخذتموهم سُخْرِيًّا" بِضَمِّ السِّين وَكَسْرهَا مَصْدَر بِمَعْنَى الْهُزْء مِنْهُمْ : بِلَال وَصُهَيْب وَعَمَّار وَسَلْمَان "حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي" فَتَرَكْتُمُوهُ لِاشْتِغَالِكُمْ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ فَهُمْ سَبَب الْإِنْسَاء فَنُسِبَ إلَيْهِمْ
"إنِّي جَزَيْتهمْ الْيَوْم" النَّعِيم الْمُقِيم "بِمَا صَبَرُوا" عَلَى اسْتِهْزَائِكُمْ بِهِمْ وَأَذَاكُمْ إيَّاهُمْ "إنَّهُمْ" بِكَسْرِ الْهَمْزَة "هُمْ الْفَائِزُونَ" بِمَطْلُوبِهِمْ اسْتِئْنَاف وَبِفَتْحِهَا مَفْعُول ثَانٍ لِجَزَيْتُهُمْ
"قَالَ" تَعَالَى لَهُمْ بِلِسَانِ مَالِك وَفِي قِرَاءَة قُلْ "كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْض" فِي الدُّنْيَا وَفِي قُبُوركُمْ "عَدَد سِنِينَ" تَمْيِيز
"قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْض يَوْم" شَكُّوا فِي ذَلِكَ وَاسْتَقْصَرُوهُ لِعِظَمِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْعَذَاب "فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ" أَيْ الْمَلَائِكَة الْمُحْصِينَ أَعْمَال الْخَلْق
"قَالَ" تَعَالَى بِلِسَانِ مَالِك وَفِي قِرَاءَة قُلْ "إنْ" أَيْ مَا "لَبِثْتُمْ إلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" مِقْدَار لُبْثكُمْ مِنْ الطُّول كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى لُبْثكُمْ فِي النَّار
"أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا" لَا لِحِكْمَةٍ "وَأَنَّكُمْ إلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَلِلْمَفْعُولِ؟ لَا بَلْ لِنَتَعَبَّدكُمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي تُرْجَعُونَ إلَيْنَا وَنُجَازِي عَلَى ذَلِكَ
"فَتَعَالَى اللَّه" عَنْ الْعَبَث وَغَيْره مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ "الْمَلِك الْحَقّ لَا إلَه إلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْكَرِيم" الْكُرْسِيّ : وَهُوَ السَّرِير الْحَسَن
وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ↓
"وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّه إلَهًا آخَر لَا بُرْهَان لَهُ بِهِ" صِفَة كَاشِفَة لَا مَفْهُوم لَهَا "فَإِنَّمَا حِسَابه" جَزَاؤُهُ "عِنْد رَبّه إنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ" لَا يَسْعَدُونَ
"وَقُلْ رَبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ" الْمُؤْمِنِينَ فِي الرَّحْمَة زِيَادَة عَنْ الْمَغْفِرَة "وَأَنْتَ خَيْر الرَّاحِمِينَ" أَفْضَل رَاحِم