الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَسورة النحل الآية رقم 31
"جَنَّات عَدْن" إقَامَة مُبْتَدَأ خَبَره "يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ" الْجَزَاء "يَجْزِي اللَّه الْمُتَّقِينَ"
الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَسورة النحل الآية رقم 32
"الَّذِينَ" نَعْت "تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَة طَيِّبِينَ" طَاهِرِينَ مِنْ الْكُفْر "يَقُولُونَ" لَهُمْ عِنْد الْمَوْت "سَلَام عَلَيْكُمْ" وَيُقَال لَهُمْ فِي الْآخِرَة "اُدْخُلُوا الْجَنَّة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَسورة النحل الآية رقم 33
"هَلْ" مَا "يَنْظُرُونَ" يَنْتَظِر الْكُفَّار "إلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "الْمَلَائِكَة" لِقَبْضِ أَرْوَاحهمْ "أَوْ يَأْتِيَ أَمْر رَبّك" الْعَذَاب أَوْ الْقِيَامَة الْمُشْتَمِلَة عَلَيْهِ "كَذَلِكَ" كَمَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ "فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" مِنْ الْأُمَم كَذَّبُوا رُسُلهمْ فَأُهْلِكُوا "وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّه" بِإِهْلَاكِهِمْ بِغَيْرِ ذَنْب "وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" بِالْكُفْرِ
فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَسورة النحل الآية رقم 34
"فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَات مَا عَمِلُوا" أَيْ جَزَاؤُهَا "وَحَاقَ" نَزَلَ "بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" أَيْ الْعَذَاب
وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُسورة النحل الآية رقم 35
"وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا" مِنْ أَهْل مَكَّة "لَوْ شَاءَ اللَّه مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونه مِنْ شَيْء نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونه مِنْ شَيْء" مِنْ الْبَحَائِر وَالسَّوَائِب فَإِشْرَاكنَا وَتَحْرِيمنَا بِمَشِيئَتِهِ فَهُوَ رَاضٍ بِهِ "كَذَلِك فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" أَيْ كَذَّبُوا رُسُلهمْ فِيمَا جَاءُوا بِهِ "فَهَلْ" فَمَا "عَلَى الرُّسُل إلَّا الْبَلَاغ الْمُبِين" إلَّا الْبَلَاغ الْبَيِّن وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ الْهِدَايَة
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَسورة النحل الآية رقم 36
"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمَّة رَسُولًا" كَمَا بَعَثْنَاك فِي هَؤُلَاءِ "أَنْ" أَيْ بِأَنْ "اُعْبُدُوا اللَّه" وَحِّدُوهُ "وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت" الْأَوْثَان أَنْ تَعْبُدُوهَا "فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّه" فَآمَنَ "وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ" وَجَبَتْ "عَلَيْهِ الضَّلَالَة" فِي عِلْم اللَّه فَلَمْ يُؤْمِن "فَسِيرُوا" يَا كُفَّار مَكَّة "فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُكَذِّبِينَ" رُسُلهمْ مِنْ الْهَلَاك
إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَسورة النحل الآية رقم 37
"إنْ تَحْرِص" يَا مُحَمَّد "عَلَى هُدَاهُمْ" وَقَدْ أَضَلَّهُمْ اللَّه لَا تَقْدِر عَلَى ذَلِكَ "فَإِنَّ اللَّه لَا يَهْدِي" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَلِلْفَاعِلِ "مَنْ يُضِلّ" مَنْ يُرِيد إضْلَاله "وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ" مَانِعِينَ مِنْ عَذَاب اللَّه
وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَسورة النحل الآية رقم 38
"وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ" أَيْ غَايَة اجْتِهَادهمْ فِيهَا قَالَ تَعَالَى "بَلَى" يَبْعَثهُمْ "وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا" مَصْدَرَانِ مُؤَكِّدَانِ مَنْصُوبَانِ بِفِعْلِهِمَا الْمُقَدَّر أَيْ وَعَدَ ذَلِكَ وَحَقَّهُ حَقًّا "وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "لَا يَعْلَمُونَ" ذَلِكَ
لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَسورة النحل الآية رقم 39
"لِيُبَيِّن" مُتَعَلِّق بِيَبْعَثهُمْ الْمُقَدَّر "لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ" مَعَ الْمُؤْمِنِينَ "فِيهِ" مِنْ أَمْر الدِّين بِتَعْذِيبِهِمْ وَإِثَابَة الْمُؤْمِنِينَ "وَلِيَعْلَم الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ" فِي إنْكَار الْبَعْث
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُسورة النحل الآية رقم 40
"إنَّمَا قَوْلنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ" أَيْ أَرَدْنَا إيجَاده وَقَوْلنَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ "أَنْ نَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون" أَيْ فَهُوَ يَكُون وَفِي قِرَاءَة بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى نَقُول وَالْآيَة لِتَقْرِيرِ الْقُدْرَة عَلَى الْبَعْث
وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَسورة النحل الآية رقم 41
"وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّه" لِإِقَامَةِ دِينه "مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا" بِالْأَذَى مِنْ أَهْل مَكَّة وَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه "لَنُبَوِّئَنَّهُمْ" نُنْزِلهُمْ "فِي الدُّنْيَا" دَارًا "حَسَنَة" هِيَ الْمَدِينَة "وَلَأَجْر الْآخِرَة" أَيْ الْجَنَّة "أَكْبَر" أَعْظَم "لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" أَيْ الْكُفَّار أَوْ الْمُتَخَلِّفُونَ عَنْ الْهِجْرَة مَا لِلْمُهَاجِرِينَ مِنْ الْكَرَامَة لَوَافَقُوهُمْ
الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَسورة النحل الآية رقم 42
هُمْ "الَّذِينَ صَبَرُوا" عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ وَالْهِجْرَة لِإِظْهَارِ الدِّين "وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ" فَيَرْزُقهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَسورة النحل الآية رقم 43
"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إلَّا رِجَالًا نُوحِي إلَيْهِمْ" لَا مَلَائِكَة "فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْر" الْعُلَمَاء بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل "إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَعْلَمُونَهُ وَأَنْتُمْ إلَى تَصْدِيقهمْ أَقْرَب مِنْ تَصْدِيق الْمُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَسورة النحل الآية رقم 44
"بِالْبَيِّنَاتِ" مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَرْسَلْنَاهُمْ بِالْحُجَجِ الْوَاضِحَة "وَالزُّبُر" الْكُتُب "وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْر" الْقُرْآن "لِتُبَيِّن لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ" فِيهِ مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام "وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" فِي ذَلِكَ فَيَعْتَبِرُونَ
أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَسورة النحل الآية رقم 45
"أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا" الْمُنْكَرَات "السَّيِّئَات" بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَار النَّدْوَة مِنْ تَقْيِيده أَوْ قَتْله أَوْ إخْرَاجه كَمَا ذُكِرَ فِي الْأَنْفَال "أَنْ يَخْسِف اللَّه بِهِمْ الْأَرْض" كَقَارُونَ "أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَاب مِنْ حَيْث لَا يَشْعُرُونَ" أَيْ مِنْ جِهَة لَا تَخْطِر بِبَالِهِمْ وَقَدْ أُهْلِكُوا بِبَدْرٍ وَلَمْ يَكُونُوا يُقَدِّرُونَ ذَلِكَ
أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَسورة النحل الآية رقم 46
"أَوْ يَأْخُذهُمْ فِي تَقَلُّبهمْ" فِي أَسْفَارهمْ لِلتِّجَارَةِ "فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ" بِفَائِتِي الْعَذَاب
أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌسورة النحل الآية رقم 47
"أَوْ يَأْخُذهُمْ عَلَى تَخَوُّف" تَنَقُّص شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَهْلِك الْجَمِيع حَال مِنْ الْفَاعِل أَوْ الْمَفْعُول "فَإِنَّ رَبّكُمْ لَرَءُوف رَحِيم" حَيْثُ لَمْ يُعَاجِلهُمْ بِالْعُقُوبَةِ
أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَسورة النحل الآية رقم 48
"أَوَلَمْ يَرَوْا إلَى مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ شَيْء" لَهُ ظِلّ كَشَجَرَةٍ وَجَبَل "يَتَفَيَّأ" تَتَمَيَّل "ظِلَاله عَنْ الْيَمِين وَالشَّمَائِل" جَمْع شِمَال أَيْ عَنْ جَانِبَيْهِمَا أَوَّل النَّهَار وَآخِره "سُجَّدًا لِلَّهِ" حَال أَيْ خَاضِعِينَ لَهُ بِمَا يُرَاد مِنْهُمْ "وَهُمْ" أَيْ الظِّلَال "دَاخِرُونَ" صَاغِرُونَ نُزِّلُوا مَنْزِلَة الْعُقَلَاء
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَسورة النحل الآية رقم 49
"وَلِلَّهِ يَسْجُد مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ دَابَّة" أَيْ نَسَمَة تَدِبّ عَلَيْهَا أَيْ تَخْضَع لَهُ بِمَا يُرَاد مِنْهَا وَغَلَبَ فِي الْإِتْيَان بِمَا لَا يَعْقِل لِكَثْرَتِهِ "وَالْمَلَائِكَة" خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ تَفْضِيلًا "وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" يَتَكَبَّرُونَ عَنْ عِبَادَته
يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَسورة النحل الآية رقم 50
"يَخَافُونَ" أَيْ الْمَلَائِكَة حَال مِنْ ضَمِير يَسْتَكْبِرُونَ "رَبّهمْ مِنْ فَوْقهمْ" حَال مِنْ هُمْ أَيْ عَالِيًا . عَلَيْهِمْ بِالْقَهْرِ "وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" بِهِ
وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِسورة النحل الآية رقم 51
"وَقَالَ اللَّه لَا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ" تَأْكِيد "إنَّمَا هُوَ إلَه وَاحِد" أَتَى بِهِ لِإِثْبَاتِ الْإِلَهِيَّة وَالْوَحْدَانِيَّة "فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ" خَافُونِ دُون غَيْرِي وَفِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغَيْبَة
وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَسورة النحل الآية رقم 52
"وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مِلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا "وَلَهُ الدِّين" الطَّاعَة "وَاصِبًا" دَائِمًا حَال مِنْ الدِّين وَالْعَامِل فِيهِ مَعْنَى الظَّرْف "أَفَغَيْر اللَّه تَتَّقُونَ" وَهُوَ الْإِلَه الْحَقّ وَلَا إلَه غَيْره وَالِاسْتِفْهَام لِلْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخ
وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَسورة النحل الآية رقم 53
"وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنْ اللَّه" لَا يَأْتِي بِهَا غَيْره وَمَا شَرْطِيَّة أَوْ مَوْصُولَة "ثُمَّ إذَا مَسَّكُمْ" أَصَابَكُمْ "الضُّرّ" الْفَقْر وَالْمَرَض "فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ" تَرْفَعُونَ أَصْوَاتكُمْ بِالِاسْتِغَاثَةِ وَالدُّعَاء وَلَا تَدْعُونَ غَيْره
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَسورة النحل الآية رقم 54
لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَسورة النحل الآية رقم 55
"لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ" مِنْ النِّعْمَة "فَتَمَتَّعُوا" بِاجْتِمَاعِكُمْ عَلَى عِبَادَة الْأَصْنَام أَمْر تَهْدِيد "فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" عَاقِبَة ذَلِكَ
وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَسورة النحل الآية رقم 56
"وَيَجْعَلُونَ" أَيْ الْمُشْرِكُونَ "لِمَا لَا يَعْلَمُونَ" أَنَّهَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَع وَهِيَ الْأَصْنَام "نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ" مِنْ الْحَرْث وَالْأَنْعَام بِقَوْلِهِمْ هَذَا لِلَّهِ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا "تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ" سُؤَال تَوْبِيخ وَفِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغَيْبَة "عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ" عَلَى اللَّه مِنْ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَسورة النحل الآية رقم 57
"وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَات" بِقَوْلِهِمْ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه "سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ عَمَّا زَعَمُوا "وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ" أَيْ الْبَنُونَ وَالْجُمْلَة فِي مَحَلّ رَفْع أَوْ نَصْب بِيَجْعَل الْمَعْنَى يَجْعَلُونَ لَهُ الْبَنَات الَّتِي يَكْرَهُونَهَا وَهُوَ مُنَزَّه عَنْ الْوَلَد وَيَجْعَلُونَ لَهُمْ الْأَبْنَاء الَّذِينَ يَخْتَارُونَهُمْ فَيَخْتَصُّونَ بِالْأَسْنَى كَقَوْلِهِ "فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّك الْبَنَات وَلَهُمْ الْبَنُونَ"
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌسورة النحل الآية رقم 58
"وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِالْأُنْثَى" تُولَد لَهُ "ظَلَّ" صَارَ "وَجْهه مُسْوَدًّا" مُتَغَيِّرًا تَغَيُّر مُغْتَمّ "وَهُوَ كَظِيم" مُمْتَلِئ غَمًّا فَكَيْفَ تُنْسَب الْبَنَات إلَيْهِ تَعَالَى
يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَسورة النحل الآية رقم 59
"يَتَوَارَى" يَخْتَفِي "مِنْ الْقَوْم" أَيْ قَوْمه "مِنْ سُوء مَا بُشِّرَ بِهِ" خَوْفًا مِنْ التَّعْيِير مُتَرَدِّدًا فِيمَا يَفْعَل بِهِ "أَيُمْسِكُهُ" يَتْرُكهُ بِلَا قَتْل "عَلَى هُون" هَوَان وَذُلّ "أَمْ يَدُسّهُ فِي التُّرَاب" بِأَنْ يَئِدهُ "أَلَا سَاءَ" بِئْسَ "مَا يَحْكُمُونَ" حُكْمهمْ هَذَا حَيْثُ نَسَبُوا لِخَالِقِهِمْ الْبَنَات اللَّاتِي هُنَّ عِنْدهمْ بِهَذَا الْمَحَلّ
لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُسورة النحل الآية رقم 60
"لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ" أَيْ الْكُفَّار "مَثَل السَّوْء" أَيْ الصِّفَة السُّوأَى بِمَعْنَى الْقَبِيحَة وَهِيَ وَأْدهمْ الْبَنَات مَعَ احْتِيَاجهمْ إلَيْهِنَّ لِلنِّكَاحِ "وَلِلَّهِ الْمَثَل الْأَعْلَى" الصِّفَة الْعُلْيَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا إلَه إلَّا هُوَ "وَهُوَ الْعَزِيز" فِي مُلْكه "الْحَكِيم" فِي خَلْقه
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5