"آلْآنَ" تُؤْمِن "وَقَدْ عَصَيْت قَبْل وَكُنْت مِنْ الْمُفْسِدِينَ" بِضَلَالِك وَإِضْلَالك عَنْ الْإِيمَان
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ
↓

"فَالْيَوْم نُنَجِّيك" نُخْرِجك مِنْ الْبَحْر "بِبَدَنِك" جَسَدك الَّذِي لَا رُوح فِيهِ "لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفك" بَعْدك "آيَة" عِبْرَة فَيَعْرِفُوا عُبُودِيَّتك وَلَا يَقْدَمُوا عَلَى مِثْل فِعْلك وَعَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّ بَعْض بَنِي إسْرَائِيل شَكُّوا فِي مَوْته فَأُخْرِجَ لَهُمْ لِيَرَوْهُ "وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "عَنْ آيَاتنَا لَغَافِلُونَ" لَا يَعْتَبِرُونَ بِهَا
وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
↓

"وَلَقَدْ بَوَّأْنَا" أَنْزَلْنَا "بَنِي إسْرَائِيل مُبَوَّأ صِدْق" مَنْزِل كَرَامَة وَهُوَ الشَّام وَمِصْر "وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات فَمَا اخْتَلَفُوا" بِأَنْ آمَنَ بَعْض وَكَفَرَ بَعْض "حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْم إنَّ رَبّك يَقْضِي بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين بِإِنْجَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعْذِيب الْكَافِرِينَ
فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
↓

"فَإِنْ كُنْت" يَا مُحَمَّد "فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إلَيْك" مِنْ الْقَصَص فَرْضًا "فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب" التَّوْرَاة "مِنْ قَبْلك" فَإِنَّهُ ثَابِت عِنْدهمْ يُخْبِرُوك بِصِدْقِهِ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لَا أَشُكّ وَلَا أَسْأَل" "لَقَدْ جَاءَك الْحَقّ مِنْ رَبّك فَلَا تَكُونَن مِنْ الْمُمْتَرِينَ" الشَّاكِّينَ فِيهِ
"إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ" وَجَبَتْ "عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك" بِالْعَذَابِ
"وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم" فَلَا يَنْفَعهُمْ حِينَئِذٍ
فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ
↓

"فَلَوْلَا" فَهَلَّا "كَانَتْ قَرْيَة" أُرِيدَ أَهْلهَا "آمَنَتْ" قَبْل نُزُول الْعَذَاب بِهَا "فَنَفَعَهَا إيمَانهَا إلَّا" لَكِنْ "قَوْم يُونُس لَمَّا آمَنُوا" عِنْد رُؤْيَة أَمَارَة الْعَذَاب وَلَمْ يُؤَخَّرُوا إلَى حُلُوله "كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَاب الْخِزْي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إلَى حِين" انْقِضَاء آجَالهمْ
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ
↓

"وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْض كُلّهمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِه النَّاس" بِمَا لَمْ يَشَأْهُ اللَّه مِنْهُمْ "حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" لَا
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
↓

"وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِن إلَّا بِإِذْنِ اللَّه" بِإِرَادَتِهِ "وَيَجْعَل الرِّجْس" الْعَذَاب "عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ" يَتَدَبَّرُونَ آيَات اللَّه
قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
↓

"قُلْ" لِكُفَّارِ مَكَّة "اُنْظُرُوا مَاذَا" أَيْ الَّذِي "فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيَّة اللَّه تَعَالَى "وَمَا تُغْنِي الْآيَات وَالنُّذُر" جَمْع نَذِير أَيْ الرُّسُل "عَنْ قَوْم لَا يُؤْمِنُونَ" فِي عِلْم اللَّه أَيْ مَا تَنْفَعهُمْ
فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ
↓

"فَهَلْ" فَمَا "يَنْتَظِرُونَ" بِتَكْذِيبِك "إلَّا مِثْل أَيَّام الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ" مِنْ الْأُمَم أَيْ مِثْل وَقَائِعهمْ مِنْ الْعَذَاب "قُلْ فَانْتَظِرُوا" ذَلِكَ
"ثُمَّ نُنَجِّي" الْمُضَارِع لِحِكَايَةِ الْحَال الْمَاضِي "رُسُلنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا" مِنْ الْعَذَاب "كَذَلِكَ" الْإِنْجَاء "حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ" النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه حِين تَعْذِيب الْمُشْرِكِينَ
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
↑

"قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "إنْ كُنْتُمْ فِي شَكّ مِنْ دِينِي" أَنَّهُ حَقّ "فَلَا أَعْبُد الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره وَهُوَ الْأَصْنَام لِشَكِّكُمْ فِيهِ "وَلَكِنْ أَعْبُد اللَّه الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ" يَقْبِض أَرْوَاحكُمْ "وَأُمِرْت أَنْ" أَيْ بِأَنْ
"و" قِيلَ لِي "أَنْ أَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا" مَائِلًا إلَيْهِ
وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ
↓

"وَلَا تَدْعُ" تَعْبُد "مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَنْفَعك" إنْ عَبَدْته "وَلَا يَضُرّك" إنْ لَمْ تَعْبُدهُ "فَإِنْ فَعَلْت" ذَلِكَ فَرْضًا
وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
↓

"وَإِنْ يَمْسَسْك" يُصِبْك "اللَّه بِضُرٍّ" كَفَقْرٍ وَمَرَض "فَلَا كَاشِف" رَافِع "لَهُ إلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْك بِخَيْرٍ فَلَا رَادّ" دَافِع "لِفَضْلِهِ" الَّذِي أَرَادَك بِهِ "يُصِيب بِهِ" أَيْ بِالْخَيْرِ
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ
↓

"قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس" أَيْ أَهْل مَكَّة "قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقّ مِنْ رَبّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ" لِأَنَّ ثَوَاب اهْتِدَائِهِ لَهُ "وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا" لِأَنَّ وَبَال ضَلَاله عَلَيْهَا "وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ" فَأُجْبِركُمْ عَلَى الْهُدَى
"وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إلَيْك" مِنْ رَبّك "وَاصْبِرْ" عَلَى الدَّعْوَة وَأَذَاهُمْ "حَتَّى يَحْكُم اللَّه" فِيهِمْ بِأَمْرِهِ "وَهُوَ خَيْر الْحَاكِمِينَ" أَعْدَلهمْ وَقَدْ صَبَرَ حَتَّى حُكِمَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْقِتَالِ وَأَهْل الْكِتَاب بِالْجِزْيَةِ