الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4
إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَسورة الحجر الآية رقم 31
" إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ " وهذا أول عداوته لآدم وذريته.
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَسورة الحجر الآية رقم 32
قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍسورة الحجر الآية رقم 33
فاستكبر على أمر الله, وأبدى العداوة لآدم وذريته, وأعجب بعنصره وقال: أنا خير من آدم.
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌسورة الحجر الآية رقم 34
" قَالَ " الله - معاقبا له على كفره واستكباره - " فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ " .
أي: مطرود ومبعد من كل خير.
" وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ " أي: الذم, والعيب, والبعد عن رحمة الله " إِلَى يَوْمِ الدِّينِ " .
ففيها, وما أشبهها, دليل على أنه سيستمر على كفره, وبعده من الخير.
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِسورة الحجر الآية رقم 35
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَسورة الحجر الآية رقم 36
" قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي " أي: أمهلني " إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ " .
وليس إجابة الله لدعائه, كرامة في حقه, وإنما ذلك, امتحان وابتلاء من الله له وللعباد, ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه, ممن ليس كذلك.
ولذلك حذرنا منه, غاية التحذير, وشرح لنا, ما يريده منا.
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَسورة الحجر الآية رقم 37
إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِسورة الحجر الآية رقم 38
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَسورة الحجر الآية رقم 39
" قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ " أي: أزين لهم الدنيا, وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى, حتى يكونوا منقادين لكل معصية.
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَسورة الحجر الآية رقم 40
" وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ " أي: أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم.
" إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " أي: الذين أخلصتهم واجتبيتهم, لإخلاصهم, وإيمانهم, وتوكلهم.
قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌسورة الحجر الآية رقم 41
قال الله تعالى: " هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ " أي: معتدل موصل إلي, وإلى دار كرامتي.
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَسورة الحجر الآية رقم 42
" إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ " تميلهم به إلى ما تشاء من أنواع الضلالات, بسبب عبوديتهم لربهم, وانقيادهم لأوامره, أعانهم الله وعصمهم من الشيطان.
" إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ " فرضي بولايتك وطاعتك, بدلا من طاعة الرحمن.
" مِنَ الْغَاوِينَ " والغاوي: ضد الراشد, فهو: الذي عرف الحق وتركه.
والضال: الذي تركه من غير علم منه به.
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَسورة الحجر الآية رقم 43
أي: إبليس وجنوده.
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌسورة الحجر الآية رقم 44
" لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ " كل باب أسفل من الآخر.
" لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ " أي: من أتباع إبليس " جُزْءٌ مَقْسُومٌ " بحسب أعمالهم.
قال تعالى: " فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ " .
ولما ذكر تعالى ما أعد لأعدائه, أتباع إبليس, من النكال والعذاب الشديد, ذكر ما أعد لأوليائه من الفضل العظيم, والنعيم المقيم فقال: " إِنَّ الْمُتَّقِينَ " إلى " هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ " .
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍسورة الحجر الآية رقم 45
يقول تعالى: " إِنَّ الْمُتَّقِينَ " الذين اتقوا طاعة الشيطان, وما يدعوهم إليه, من جميع الذنوب والعصيان " فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ " قد احتوت على جميع الأشجار, وأينعت فيها جميع الثمار اللذيذة, في جميع الأوقات.
ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَسورة الحجر الآية رقم 46
ويقال لهم حال دخولها: " ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ " من الموت, والنوم والنصب, واللغوب, وانقطاع شيء من النعيم, الذي هم فيه أو نقصانه, ومن المرض, والحزن, والهم, وسائر المكدرات.
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَسورة الحجر الآية رقم 47
" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ " فتبقى قلوبهم سالمة, من كل غل, وحسد, متصافية متحابة " إخوانا على سرر متقابلين " .
دل ذلك على تزاورهم, واجتماعهم, وحسن أدبهم فيما بينهم, في كون كل منهم مقابلا للآخر, لا مستديرا له, متكئين على تلك السرر المزينة, بالفرش واللؤلؤ, وأنواع الجواهر.
لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَسورة الحجر الآية رقم 48
" لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ " لا ظاهر ولا باطن.
وذلك, لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة, لا تقبل شيئا من الآفات.
" وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ " على سائر الأوقات.
ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة, من مفعولات الله, من الجنة, والنار, ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال:
نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُسورة الحجر الآية رقم 49
" نَبِّئْ عِبَادِي " أي: أخبرهم خبرا جازما, مؤيدا بالأدلة.
" أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته ومغفرته, سعوا بالأسباب الموصلة لهم إلى رحمته, وأقلعوا عن الذنوب, وتابوا منها, لينالوا مغفرته.
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَسورة الحجر الآية رقم 50
ومع هذا, فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال.
فنبئهم " وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ " أي: لا عذاب في الحقيقة, إلا عذاب الله, الذي لا يقادر قدره, ولا يبلغ كنهه, نعوذ به من عذابه.
فإنهم إذا عرفوا أنه " لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد " حذروا, وبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب.
فالعبد, ينبغي أن يكون قلبه دائما, بين الخوف والرجاء, والرغبة والرهبة.
فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته, وجوده وإحسانه, أحدث له ذلك الرجاء والرغبة.
وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه, أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها.
وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَسورة الحجر الآية رقم 51
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ " .
أي: عن تلك القصة العجيبة, فإن في قصك عليهم أنباء الرسل, وما جرى لهم, ما يوجب لهم العبرة, والاقتداء بهم.
خصوصا, إبراهيم الخليل, الذي أمرنا الله أن نتبع ملته.
وضيفه هم: الملائكة الكرام, أكرمه الله بأن جعلهم أضيافه.
إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَسورة الحجر الآية رقم 52
" إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا " أي: سلموا عليه, فرد عليهم " قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ " أي: خائفون.
لأنه لما دخلوا عليه, وحسبهم ضيوفا, ذهب مسرعا إلى بيته, فأحضر لهم ضيافتهم, عجلا حنيذا فقدمه إليهم.
فلما رأى أيديهم لا تصل إليه, خاف منهم أن يكونوا لصوصا أو نحوهم.
قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍسورة الحجر الآية رقم 53
" قَالُوا " له: " لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ " وهو: إسحق عليه الصلاة والسلام.
تضمنت هذه البشارة, بأنه ذكر لا أنثى, عليم, أي: كثير العلم.
وفي الآية الأخرى " وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ " .
قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَسورة الحجر الآية رقم 54
قال لهم متعجبا من هذه البشارة: " أَبَشَّرْتُمُونِي " بالولد " عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ " وصار نوع إياس منه " فَبِمَ تُبَشِّرُونَ " أي: على أي وجه تبشرون وقد عدمت الأسباب؟
قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَسورة الحجر الآية رقم 55
" قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ " الذي لا شك فيه, لأن الله على كل شيء قدير, وأنتم بالخصوص - يا أهل هذا البيت - رحمة الله وبركاته عليكم, فلا يستغرب فضل الله وإحسانه إليكم.
" فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ " الذين يستبعدون وجود الخير, بل لا تزال راجيا لفضل الله وإحسانه, وبره وامتنانه.
فأجابهم إبراهيم بقوله:
قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَسورة الحجر الآية رقم 56
" وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ " الذين لا علم لهم بربهم, وكمال اقتداره.
وأما من أنعم الله عليه بالهداية والعلم العظيم, فلا سبيل إلى القنوط إليه, لأنه يعرف من كثرة الأسباب والوسائل والطرق, لرحمة الله, شيئا كثيرا.
ثم لما بشروه بهذه البشارة, عرف أنهم مرسلون لأمر مهم.
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَسورة الحجر الآية رقم 57
أي: " قَالَ " الخليل عليه السلام للملائكة " فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ " .
أي: ما شأنكم, ولأي شيء أرسلتم؟
قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَسورة الحجر الآية رقم 58
أي: كثر فسادهم, وعظم شرهم, لنعذبهم ونعاقبهم.
إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَسورة الحجر الآية رقم 59
أي: إلا لوطا, وأهله
إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَسورة الحجر الآية رقم 60
أي: الباقين بالعذاب.
وأما لوط, فلنخرجنه وأهله, وننجيهم منها: فجعل إبراهيم, يجادل الرسل في إهلاكهم, ويراجعهم.
فقيل له: " يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود " فذهبوا عنه.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4