لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَة } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّار مِنْ أَهْل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان { مُنْفَكِّينَ } يَقُول : مُنْتَهِينَ , حَتَّى يَأْتِيَهُمْ هَذَا الْقُرْآن. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29199 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { مُنْفَكِّينَ } قَالَ : لَمْ يَكُونُوا لِيَنْتَهُوا حَتَّى يَتَبَيَّن لَهُمْ الْحَقّ . 29200 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { مُنْفَكِّينَ } قَالَ : مُنْتَهِينَ عَمَّا هُمْ فِيهِ . 29201 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَة } أَيْ هَذَا الْقُرْآن . 29202 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ } قَالَ : لَمْ يَكُونُوا مُنْتَهِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ ; ذَلِكَ الْمُنْفَكّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْكِتَاب وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , لَمْ يَكُونُوا تَارِكِينَ صِفَة مُحَمَّد فِي كِتَابهمْ , حَتَّى بُعِثَ , فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِيهِ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَال : مَعْنَى ذَلِكَ : لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ مُفْتَرِقِينَ فِي أَمْر مُحَمَّد , حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَة , وَهِيَ إِرْسَال اللَّه إِيَّاهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقه , رَسُول مِنْ اللَّه . وَقَوْله . { مُنْفَكِّينَ } فِي هَذَا الْمَوْضِع عِنْدِي مِنْ اِنْفِكَاك الشَّيْئَيْنِ أَحَدهمَا مِنْ الْآخَر , وَلِذَلِكَ صَلُحَ بِغَيْرِ خَيْر , وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَى مَا زَالَ , اِحْتَاجَ إِلَى خَبَر يَكُون تَمَامًا لَهُ , وَاسْتُؤْنِفَ قَوْله { رَسُول مِنْ اللَّه } وَهِيَ نَكِرَة عَلَى الْبَيِّنَة , وَهِيَ مَعْرِفَة , كَمَا قِيلَ : { ذُو الْعَرْش الْمَجِيد فَعَّال } 85 15 : 16 فَقَالَ : حَتَّى يَأْتِيَهُمْ بَيَان أَمْر مُحَمَّد أَنَّهُ رَسُول اللَّه , بِبَعْثَةِ اللَّه إِيَّاهُ إِلَيْهِمْ , ثُمَّ تَرْجَمَ عَنْ الْبَيِّنَة , فَقَالَ : تِلْكَ الْبَيِّنَة
يَقُول : يَقْرَأ صُحُفًا مُطَهَّرَة مِنْ الْبَاطِل
يَقُول : فِي الصُّحُف الْمُطَهَّرَة كُتُب مِنْ اللَّه قَيِّمَة عَادِلَة مُسْتَقِيمَة , لَيْسَ فِيهَا خَطَأ , لِأَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 29203 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { رَسُول مِنْ اللَّه يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَة } يَذْكُر الْقُرْآن بِأَحْسَن الذِّكْر , وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِأَحْسَن الثَّنَاء.
وَقَوْله : { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب إِلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَة } يَقُول : وَمَا تَفَرَّقَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَذَّبُوا بِهِ , إِلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَة , يَعْنِي : مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْ هَؤُلَاءِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى { الْبَيِّنَة } , يَعْنِي . بَيَان أَمْر مُحَمَّد , أَنَّهُ رَسُول بِإِرْسَالِ اللَّه إِيَّاهُ إِلَى خَلْقه ; يَقُول : فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّه تَفَرَّقُوا فِيهِ , فَكَذَّبَ بِهِ بَعْضهمْ , وَآمَنَ بَعْضهمْ , وَقَدْ كَانُوا قَبْل أَنْ يُبْعَث غَيْر مُفْتَرِقِينَ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيّ .
وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَمَرَ اللَّه هَؤُلَاءِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ أَهْل الْكِتَاب إِلَّا أَنْ يَعْبُدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين ; يَقُول : مُفْرِدِينَ لَهُ الطَّاعَة , لَا يَخْلِطُونَ طَاعَتهمْ رَبّهمْ بِشِرْكٍ , فَأَشْرَكَتْ الْيَهُود بِرَبِّهَا بِقَوْلِهِمْ إِنَّ عُزَيْرًا اِبْن اللَّه , وَالنَّصَارَى بِقَوْلِهِمْ فِي الْمَسِيح مِثْل ذَلِكَ , وَجُحُودهمْ نُبُوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَوْله : { حُنَفَاء } قَدْ مَضَى بَيَاننَا فِي مَعْنَى الْحَنِيفِيَّة قَبْل , بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا , غَيْر أَنَّا نَذْكُر بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر قَبْل مِنْ الْأَخْبَار فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29204 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء } يَقُول : حُجَّاجًا مُسْلِمِينَ غَيْر مُشْرِكِينَ , يَقُول : { وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة } وَيَحُجُّوا { وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } . 29205 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء } وَالْحَنِيفِيَّة : الْخِتَان , وَتَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات وَالْعَمَّات , وَالْخَالَات , وَالْمَنَاسِك .
وَقَوْله : { وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة } يَقُول : وَلِيُقِيمُوا الصَّلَاة , وَلِيُؤْتُوا الزَّكَاة .
وَقَوْله : { وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } يَعْنِي أَنَّ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ أُمِرَ بِهِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ , هُوَ الدِّين الْقَيِّمَة , وَيَعْنِي بِالْقَيِّمَةِ : الْمُسْتَقِيمَة الْعَادِلَة , وَأُضِيفَ الدِّين إِلَى الْقَيِّمَة , وَالدِّين هُوَ الْقَيِّم , وَهُوَ مِنْ نَعْته لِاخْتِلَافِ لَفْظَيْهِمَا. وَهِيَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه فِيمَا أَرَى فِيمَا ذُكِرَ لَنَا : { وَذَلِكَ الدِّين الْقَيِّمَة } وَأُنِّثَتْ الْقَيِّمَة , لِأَنَّهَا جُعِلَتْ صِفَة لِلْمِلَّةِ , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَذَلِكَ الْمِلَّة الْقَيِّمَة , دُون الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29206- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } هُوَ الدِّين الَّذِي بَعَثَ اللَّه بِهِ رَسُوله , وَشَرَعَ لِنَفْسِهِ , وَرَضِيَ بِهِ . 29207 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كُتُب قَيِّمَة - وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } قَالَ : هُوَ وَاحِد ; قَيِّمَة : مُسْتَقِيمَة مُعْتَدِلَة .
وَقَوْله : { حُنَفَاء } قَدْ مَضَى بَيَاننَا فِي مَعْنَى الْحَنِيفِيَّة قَبْل , بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا , غَيْر أَنَّا نَذْكُر بَعْض مَا لَمْ نَذْكُر قَبْل مِنْ الْأَخْبَار فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29204 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء } يَقُول : حُجَّاجًا مُسْلِمِينَ غَيْر مُشْرِكِينَ , يَقُول : { وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة } وَيَحُجُّوا { وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } . 29205 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء } وَالْحَنِيفِيَّة : الْخِتَان , وَتَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات وَالْعَمَّات , وَالْخَالَات , وَالْمَنَاسِك .
وَقَوْله : { وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة } يَقُول : وَلِيُقِيمُوا الصَّلَاة , وَلِيُؤْتُوا الزَّكَاة .
وَقَوْله : { وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } يَعْنِي أَنَّ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ أُمِرَ بِهِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ , هُوَ الدِّين الْقَيِّمَة , وَيَعْنِي بِالْقَيِّمَةِ : الْمُسْتَقِيمَة الْعَادِلَة , وَأُضِيفَ الدِّين إِلَى الْقَيِّمَة , وَالدِّين هُوَ الْقَيِّم , وَهُوَ مِنْ نَعْته لِاخْتِلَافِ لَفْظَيْهِمَا. وَهِيَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه فِيمَا أَرَى فِيمَا ذُكِرَ لَنَا : { وَذَلِكَ الدِّين الْقَيِّمَة } وَأُنِّثَتْ الْقَيِّمَة , لِأَنَّهَا جُعِلَتْ صِفَة لِلْمِلَّةِ , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَذَلِكَ الْمِلَّة الْقَيِّمَة , دُون الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29206- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } هُوَ الدِّين الَّذِي بَعَثَ اللَّه بِهِ رَسُوله , وَشَرَعَ لِنَفْسِهِ , وَرَضِيَ بِهِ . 29207 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { كُتُب قَيِّمَة - وَذَلِكَ دِين الْقَيِّمَة } قَالَ : هُوَ وَاحِد ; قَيِّمَة : مُسْتَقِيمَة مُعْتَدِلَة .
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ↓
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَحَدُوا نُبُوَّته , مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ جَمِيعهمْ
يَقُول : مَاكِثِينَ , لَابِثِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا , وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ , هُمْ شَرّ مَنْ بَرَأَهُ اللَّه وَخَلَقَهُ ; وَالْعَرَب لَا تَهْمِز الْبَرِيَّة , وَبِتَرْكِ الْهَمْز فِيهَا قَرَأَتْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , غَيْر شَيْء يُذْكَر عَنْ نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم , فَإِنَّهُ حَكَى بَعْضهمْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَهْمِزهَا , وَذَهَبَ بِهَا إِلَى قَوْل اللَّه : { مِنْ قَبْل أَنْ نَبْرَأهَا } 57 22 وَأَنَّهَا فَعِيلَة مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَهْمِزُوهَا , فَإِنَّ لِتَرْكِهِمْ الْهَمْز فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُونُوا تَرَكُوا الْهَمْز فِيهَا , كَمَا تَرَكُوهُ مِنْ الْمَلَك , وَهُوَ مَفْعَل مِنْ أَلَك أَوْ لَأَك , وَمِنْ يَرَى , وَتَرَى , وَنَرَى , وَهُوَ يَفْعَل مِنْ رَأَيْت . وَالْآخَر : أَنْ يَكُونُوا وَجَّهُوهَا إِلَى أَنَّهَا فَعِيلَة مِنْ الْبَرَى وَهُوَ التُّرَاب . حُكِيَ عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا : بِفِيك الْبَرَى , يَعْنِي بِهِ : التُّرَاب .
يَقُول : مَاكِثِينَ , لَابِثِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا , وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ , هُمْ شَرّ مَنْ بَرَأَهُ اللَّه وَخَلَقَهُ ; وَالْعَرَب لَا تَهْمِز الْبَرِيَّة , وَبِتَرْكِ الْهَمْز فِيهَا قَرَأَتْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار , غَيْر شَيْء يُذْكَر عَنْ نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم , فَإِنَّهُ حَكَى بَعْضهمْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَهْمِزهَا , وَذَهَبَ بِهَا إِلَى قَوْل اللَّه : { مِنْ قَبْل أَنْ نَبْرَأهَا } 57 22 وَأَنَّهَا فَعِيلَة مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَهْمِزُوهَا , فَإِنَّ لِتَرْكِهِمْ الْهَمْز فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُونُوا تَرَكُوا الْهَمْز فِيهَا , كَمَا تَرَكُوهُ مِنْ الْمَلَك , وَهُوَ مَفْعَل مِنْ أَلَك أَوْ لَأَك , وَمِنْ يَرَى , وَتَرَى , وَنَرَى , وَهُوَ يَفْعَل مِنْ رَأَيْت . وَالْآخَر : أَنْ يَكُونُوا وَجَّهُوهَا إِلَى أَنَّهَا فَعِيلَة مِنْ الْبَرَى وَهُوَ التُّرَاب . حُكِيَ عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا : بِفِيك الْبَرَى , يَعْنِي بِهِ : التُّرَاب .
وَقَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله مُحَمَّد , وَعَبَدُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء , وَأَقَامُوا الصَّلَاة , وَآتَوْا الزَّكَاة , وَأَطَاعُوا اللَّه فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى .
يَقُول : مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ النَّاس فَهُمْ خَيْر الْبَرِيَّة . وَقَدْ : 29208 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن فَرْقَد , عَنْ أَبِي الْجَارُود , عَنْ مُحَمَّد بْن عَلِيّ { أُولَئِكَ هُمْ خَيْر الْبَرِيَّة } فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنْتَ يَا عَلِيّ وَشِيعَتك "
يَقُول : مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ النَّاس فَهُمْ خَيْر الْبَرِيَّة . وَقَدْ : 29208 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عِيسَى بْن فَرْقَد , عَنْ أَبِي الْجَارُود , عَنْ مُحَمَّد بْن عَلِيّ { أُولَئِكَ هُمْ خَيْر الْبَرِيَّة } فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنْتَ يَا عَلِيّ وَشِيعَتك "
جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ↑
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { جَزَاؤُهُمْ عِنْد رَبّهمْ جَنَّات عَدْن تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثَوَاب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات عِنْد رَبّهمْ يَوْم الْقِيَامَة { جَنَّات عَدْن } يَعْنِي بَسَاتِين إِقَامَة لَا ظَعْن فِيهَا , تَجْرِي مِنْ تَحْت أَشْجَارهَا الْأَنْهَار
يَقُول : مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا , لَا يُخْرَجُونَ عَنْهَا , وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا
بِمَا أَطَاعُوهُ فِي الدُّنْيَا , وَعَمِلُوا لِخَلَاصِهِمْ مِنْ عِقَابه فِي ذَلِكَ
بِمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ الثَّوَاب يَوْمئِذٍ , عَلَى طَاعَتهمْ رَبّهمْ فِي الدُّنْيَا , وَجَزَاهُمْ عَلَيْهَا مِنْ الْكَرَامَة .
وَقَوْله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْخَيْر الَّذِي وَصَفْته , وَوَعَدْته الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات يَوْم الْقِيَامَة , لِمَنْ خَشِيَ رَبّه ; يَقُول : لِمَنْ خَافَ اللَّه فِي الدُّنْيَا فِي سِرّه وَعَلَانِيَته , فَاتَّقَاهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق. آخِر تَفْسِير سُورَة لَمْ يَكُنْ .
يَقُول : مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا , لَا يُخْرَجُونَ عَنْهَا , وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا
بِمَا أَطَاعُوهُ فِي الدُّنْيَا , وَعَمِلُوا لِخَلَاصِهِمْ مِنْ عِقَابه فِي ذَلِكَ
بِمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ الثَّوَاب يَوْمئِذٍ , عَلَى طَاعَتهمْ رَبّهمْ فِي الدُّنْيَا , وَجَزَاهُمْ عَلَيْهَا مِنْ الْكَرَامَة .
وَقَوْله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْخَيْر الَّذِي وَصَفْته , وَوَعَدْته الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات يَوْم الْقِيَامَة , لِمَنْ خَشِيَ رَبّه ; يَقُول : لِمَنْ خَافَ اللَّه فِي الدُّنْيَا فِي سِرّه وَعَلَانِيَته , فَاتَّقَاهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق. آخِر تَفْسِير سُورَة لَمْ يَكُنْ .