الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُقْسِمًا بِاللَّيْلِ إِذَا غَشَّى النَّهَار بِظُلْمَتِهِ , فَأَذْهَبَ ضَوْءَهُ , وَجَاءَتْ ظُلْمَته : { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى } النَّهَار
{ وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى } وَهَذَا أَيْضًا قَسَم , أَقْسَمَ بِالنَّهَارِ إِذَا هُوَ أَضَاءَ فَأَنَارَ , وَظَهَرَ لِلْأَبْصَارِ , مَا كَانَتْ ظُلْمَة اللَّيْل قَدْ حَالَتْ بَيْنهَا وَبَيْن رُؤْيَته وَإِتْيَانه إِيَّاهَا عِيَانًا . وَكَانَ قَتَادَة يَذْهَب فِيمَا أَقْسَمَ اللَّه بِهِ مِنْ الْأَشْيَاء أَنَّهُ إِنَّمَا أَقْسَمَ بِهِ لِعِظَمِ شَأْنه عِنْده , كَمَا : 28992 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى } قَالَ : آيَتَانِ عَظِيمَتَانِ يُكَوِّرهُمَا اللَّه عَلَى الْخَلَائِق .
وَقَوْله : { وَمَا خَلَقَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى } يَحْتَمِل الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفْت فِي قَوْله : { وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْض وَمَا طَحَاهَا } وَهُوَ أَنْ يُجْعَل " مَا " بِمَعْنَى " مَنْ " , فَيَكُون ذَلِكَ قَسَمًا مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِخَالِقِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى , وَهُوَ ذَلِكَ الْخَالِق , وَأَنْ تُجْعَل " مَا " مَعَ مَا بَعْدهَا بِمَعْنَى الْمَصْدَر , وَيَكُون قَسَمًا بِخَلْقِهِ الذَّكَر وَالْأُنْثَى . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَبِي الدَّرْدَاء : أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ ذَلِكَ " وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " وَيَأْثُرهُ أَبُو الدَّرْدَاء عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 28993 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ : فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : " وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " . 28994 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُزَنِيّ , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَة , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم يَقُول : أَتَى عَلْقَمَة الشَّام , فَقَعَدَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاء , فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْت : مِنْ أَهْل الْكُوفَة , فَقَالَ : كَيْف كَانَ عَبْد اللَّه يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى } فَقُلْت : " وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " قَالَ : فَمَا زَالَ هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يَسْتَضِلُّونَنِي وَقَدْ سَمِعْتهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا حَاتِم بْن وَرْدَان , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة قَالَ : أَتَيْنَا الشَّام , فَدَخَلْت عَلَى أَبِي الدَّرْدَاء , فَسَأَلَنِي فَقَالَ : كَيْف سَمِعْت اِبْن مَسْعُود يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى } قَالَ : قُلْت : " وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " قَالَ : كَفَاك , سَمِعْتهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة ; وَحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن شَاهِين الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه عَنْ دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : قَدِمْت الشَّام , فَلَقِيت أَبَا الدَّرْدَاء , فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ فَقُلْت مِنْ أَهْل الْعِرَاق ؟ قَالَ : مِنْ أَيّهَا ؟ قُلْت : مِنْ أَهْل الْكُوفَة , قَالَ : هَلْ تَقْرَأهُ قِرَاءَة اِبْن أُمّ عَبْد ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : اِقْرَأْ { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى } قَالَ : فَقَرَأْت : " وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " قَالَ : فَضَحِكَ , ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا سَمِعْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنِي عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنِي دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : قَدِمْت الشَّام , فَأَتَى أَبُو الدَّرْدَاء , فَقَالَ : فِيكُمْ أَحَد يَقْرَأ عَلَيَّ قِرَاءَة عَبْد اللَّه ؟ قَالَ : فَأَشَارُوا إِلَيَّ , قَالَ : قُلْت أَنَا , قَالَ : فَكَيْف سَمِعْت عَبْد اللَّه يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : " وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " قَالَ : وَأَنَا هَكَذَا سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : فَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونِي عَلَى أَنْ أَقْرَأ { وَمَا خَلَقَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى } فَلَا أَنَا أُتَابِعهُمْ . 28995 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَمَا خَلَقَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى } قَالَ : فِي بَعْض الْحُرُوف : " وَالذَّكَر وَالْأُنْثَى " . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 28996 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ هَارُون , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا { وَمَا خَلَقَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى } يَقُول : وَاَلَّذِي خَلَقَ الذَّكَر وَالْأُنْثَى ; قَالَ هَارُون قَالَ أَبُو عَمْرو : وَأَهْل مَكَّة يَقُولُونَ لِلرَّعْدِ : سُبْحَان مَا سَبَّحَتْ لَهُ . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ مِقْسَم الضَّبِّيّ , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد اِبْن أَبِي عِمْرَان , عَنْ عَلْقَمَة بْن قَيْس أَبِي شِبْل : أَنَّهُ أَتَى الشَّام , فَدَخَلَ الْمَسْجِد فَصَلَّى فِيهِ , ثُمَّ قَامَ إِلَى حَلْقَة فَجَلَسَ فِيهَا ; قَالَ : فَجَاءَ رَجُل إِلَيَّ , فَعَرَفْت فِيهِ تَحَوُّش , الْقَوْم وَهَيْبَتهمْ لَهُ , فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي , فَقُلْت : الْحَمْد لِلَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُون اللَّه قَدْ اِسْتَجَابَ دَعْوَتِي , فَإِذَا ذَلِكَ الرَّجُل أَبُو الدَّرْدَاء , قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ فَقَالَ عَلْقَمَة : دَعَوْت اللَّه أَنْ يَرْزُقنِي جَلِيسًا صَالِحًا , فَأَرْجُو أَنْ يَكُون أَنْتَ , قَالَ : مِنْ أَيْنَ أَنْتَ ؟ قُلْت : مِنْ الْكُوفَة , أَوَمِنْ أَهْل الْعِرَاق مِنْ الْكُوفَة . قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء : أَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِب النَّعْلَيْنِ وَالْوِسَاد وَالْمِطْهَرَة , يَعْنِي اِبْن مَسْعُود , أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ مَنْ أُجِيرَ عَلَى لِسَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم , يَعْنِي عَمَّار بْن يَاسِر , أَوَلَمْ يَكُنْ فِيكُمْ صَاحِب السِّرّ الَّذِي لَا يَعْلَمهُ غَيْره , أَوْ أَحَد غَيْره , يَعْنِي حُذَيْفَة بْن الْيَمَان , ثُمَّ قَالَ : أَيّكُمْ يَحْفَظ كَمَا كَانَ عَبْد اللَّه يَقْرَأ ؟ قَالَ : فَقُلْت : أَنَا , قَالَ : اِقْرَأْ : { وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَار إِذَا تَجَلَّى } قَالَ عَلْقَمَة : فَقَرَأْت : الذَّكَر وَالْأُنْثَى , فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء : وَاَلَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , كَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُوهُ إِلَى فِيَّ , فَمَا زَالَ هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يَرُدُّونَنِي عَنْهَا .
وَقَوْله : { إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } يَقُول : إِنَّ عَمَلكُمْ لَمُخْتَلِف أَيّهَا النَّاس , لِأَنَّ مِنْكُمْ الْكَافِر بِرَبِّهِ , وَالْعَاصِي لَهُ فِي أَمْره وَنَهْيه , وَالْمُؤْمِن بِهِ , وَالْمُطِيع لَهُ فِي أَمْره وَنَهْيه , كَمَا : 28997 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } يَقُول : لَمُخْتَلِف . وَقَوْله : { إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } جَوَاب الْقَسَم , وَالْكَلَام : وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى , وَكَذَا قَالَ أَهْل الْعِلْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28998 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : وَقَعَ الْقَسَم هَاهُنَا { إِنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى } .
وَقَوْله : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِي سَبِيل اللَّه , وَمَنْ أَمَرَهُ اللَّه بِإِعْطَائِهِ مِنْ مَاله , وَمَا وَهَبَ لَهُ مِنْ فَضْله , وَاتَّقَى اللَّه وَاجْتَنَبَ مَحَارِمه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28999 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } قَالَ : أَعْطَى مَا عِنْده وَاتَّقَى , قَالَ : اِتَّقَى رَبّه . * -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد اِبْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى } مِنْ الْفَضْل { وَاتَّقَى } : اِتَّقَى رَبّه . 29000 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى } حَقّ اللَّه { وَاتَّقَى } مَحَارِم اللَّه الَّتِي نَهَى عَنْهَا . * - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } يَقُول : مَنْ ذَكَرَ اللَّه , وَاتَّقَى اللَّه .
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَدَّقَ بِالْخَلَفِ مِنْ اللَّه , عَلَى إِعْطَائِهِ مَا أَعْطَى مِنْ مَاله فِيمَا أَعْطَى فِيهِ مِمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِإِعْطَائِهِ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29001 - حَدَّثَنِي حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : وَصَدَّقَ بِالْخَلَفِ مِنْ اللَّه . * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنِي عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } يَقُول : وَصَدَّقَ بِالْخَلَفِ مِنْ اللَّه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد اِبْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } بِالْخَلَفِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى السُّدِّيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا بِشْر بْن الْحَكَم الْأَحْمَسِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الصَّلْت , عَنْ إِسْمَاعِيل اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ . 29002 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ عِكْرِمَة { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِالْخَلَفِ . 29003 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ عِكْرِمَة { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِأَنَّ اللَّه سَيُخْلِفُ لَهُ . 29004 - قَالَ ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي هَاشِم الْمَكِّيّ , عَنْ مُجَاهِد { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ بِالْخَلَفِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ أَبِي بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِالْخَلَفِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ نَضْر بْن عَرَبِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : بِالْخَلَفِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَدَّقَ بِأَنَّ اللَّه وَاحِد لَا شَرِيك لَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29005 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ الْمُقَدِّمِيّ , قَالَ : ثَنَا أَشْعَث السِّجِسْتَانِيّ , قَالَ : ثَنَا مِسْعَر ; وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ مِسْعَر عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , مِثْله . 29006 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } : بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه . 29007 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } : يَقُول : صَدَّقَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَدَّقَ بِالْجَنَّةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29008 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِالْجَنَّةِ. * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد بْن مُحَبَّب , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : وَصَدَّقَ بِمَوْعُودِ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29009 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِمَوْعُودِ اللَّه عَلَى نَفْسه , فَعَمِلَ بِذَلِكَ الْمَوْعُود الَّذِي وَعَدَهُ اللَّه . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : صَدَّقَ الْمُؤْمِن بِمَوْعُودِ اللَّه الْحَسَن . وَأَشْبَه هَذِهِ الْأَقْوَال بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل , وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ عِنْدِي : قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ التَّصْدِيق بِالْخَلَفِ مِنْ اللَّه عَلَى نَفَقَته . وَإِنَّمَا قُلْت : ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه ذَكَرَ قَبْله مُنْفِقًا أَنْفَقَ طَالِبًا بِنَفَقَتِهِ الْخَلَف مِنْهَا , فَكَانَ أَوْلَى الْمَعَانِي بِهِ أَنْ يَكُون الَّذِي عَقِيبه الْخَبَر عَنْ تَصْدِيقه بِوَعْدِ اللَّه إِيَّاهُ بِالْخَلَفِ إِذْ كَانَتْ نَفَقَته عَلَى الْوَجْه الَّذِي يَرْضَاهُ , مَعَ أَنَّ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَرَدَ . ذِكْر الْخَبَر الْوَارِد بِذَلِكَ : 29010 -حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن سَلَمَة اِبْن أَبِي كَبْشَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد , عَنْ قَتَادَة قَالَ : ثَنِي خُلَيْد الْعَصْرِيّ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ يَوْم غَرَبَتْ فِيهِ شَمْسه إِلَّا وَبِجَنْبَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ , يَسْمَعهُ خَلْق اللَّه كُلّهمْ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا , وَأَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ الْقُرْآن { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } . .. إِلَى قَوْله { لِلْعُسْرَى } . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 29011 - حَدَّثَنِي هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن اِبْن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق , عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , قَالَ : كَانَ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق يُعْتِق عَلَى الْإِسْلَام بِمَكَّة , فَكَانَ يُعْتِق عَجَائِز وَنِسَاء إِذَا أَسْلَمْنَ , فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ : أَيْ بُنَيّ , أَرَاك تُعْتِق أُنَاسًا ضُعَفَاء , فَلَوْ أَنَّك أَعْتَقْت رِجَالًا جُلْدًا يَقُومُونَ مَعَك , وَيَمْنَعُونَك , وَيَدْفَعُونَ عَنْك , فَقَالَ : أَيْ أَبَتِ , إِنَّمَا أُرِيد " أَظُنّهُ قَالَ " : مَا عِنْد اللَّه , قَالَ : فَحَدَّثَنِي بَعْض أَهْل بَيْتِي , أَنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ فِيهِ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } .
وَقَوْله : { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } يَقُول : فَسَنُهَيِّئُهُ لِلْخَلَّةِ الْيُسْرَى , وَهِيَ الْعَمَل بِمَا يَرْضَاهُ اللَّه مِنْهُ فِي الدُّنْيَا , لِيُوجِب لَهُ بِهِ فِي الْآخِرَة الْجَنَّة .
وَقَوْله : { وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيل اللَّه , وَمَنَعَ مَا وَهَبَ اللَّه لَهُ مِنْ فَضْله , مِنْ صَرْفه فِي الْوُجُوه الَّتِي أَمَرَ اللَّه بِصَرْفِهِ فِيهَا , وَاسْتَغْنَى عَنْ رَبّه , فَلَمْ يَرْغَب إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ لَهُ بِطَاعَتِهِ , بِالزِّيَادَةِ فِيمَا خَوَّلَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29012- حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى } قَالَ : بَخِلَ بِمَا عِنْده , وَاسْتَغْنَى فِي نَفْسه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى } وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بِالْفَضْلِ , وَاسْتَغْنَى عَنْ رَبّه . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى } يَقُول : مَنْ أَغْنَاهُ اللَّه , فَبَخِلَ بِالزَّكَاةِ . 29013 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى } : وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بِحَقِّ اللَّه عَلَيْهِ , وَاسْتَغْنَى فِي نَفْسه عَنْ رَبّه .
وَأَمَّا قَوْله : { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله نَحْو اِخْتِلَافهمْ فِي قَوْله : { وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُول : مَعْنَاهُ : وَكَذَّبَ بِالْخَلَفِ , كَمَا : 29014 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } : وَكَذَّبَ بِالْخَلَفِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد اِبْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } بِالْخَلَفِ مِنْ اللَّه . 29015 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } وَكَذَّبَ بِمَوْعُودِ اللَّه الَّذِي وَعَدَ , قَالَ اللَّه : { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } وَكَذَّبَ الْكَافِر بِمَوْعُودِ اللَّه الْحَسَن . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : وَكَذَّبَ بِتَوْحِيدِ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29016 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } : وَكَذَّبَ بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه . 29017 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَكَذَّبَ بِالْجَنَّةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29018 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } قَالَ : بِالْجَنَّةِ.
وَقَوْله : { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَسَنُهَيِّئُهُ فِي الدُّنْيَا لِلْخَلَّةِ الْعُسْرَى , وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ يَسَّرْت غَنَم فُلَان : إِذَا وَلَدَتْ وَتَهَيَّأَتْ لِلْوِلَادَةِ , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمَانِ وَإِنَّمَا يَسُودَانِنَا أَنْ يَسَّرَتْ غَنَمَاهُمَا وَقِيلَ : { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } وَلَا تَيَسُّر فِي الْعُسْرَى لِلَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّل الْكَلَام مِنْ قَوْله : { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } وَاذَا جُمِعَ بَيْن كَلَامَيْنِ أَحَدهمَا ذِكْر الْخَيْر وَالْآخَر ذِكْر الشَّرّ , جَازَ ذَلِكَ بِالتَّيْسِيرِ فِيهِمَا جَمِيعًا ; وَالْعُسْرَى الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ يُيَسِّرهُ لَهَا : الْعَمَل بِمَا يَكْرَههُ وَلَا يَرْضَاهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَ الْأَثَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذِكْر الْخَبَر بِذَلِكَ : 29019 - حَدَّثَنِي وَاصِل بْن عَبْد الْأَعْلَى وَأَبُو كُرَيْب , قَالَا : ثَنَا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَكَتَ الْأَرْض , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسه فَقَالَ : " مَا مِنْكُمْ أَحَد إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَده مِنْ الْجَنَّة وَمَقْعَده مِنْ النَّار " . قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه أَفَلَا نَتَّكِل ؟ قَالَ : " لَا , اِعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر " , ثُمَّ قَرَأَ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } . * -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا زَائِدَة بْن قُدَامَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : كُنَّا فِي جِنَازَة فِي الْبَقِيع , فَأَتَانَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ , وَمَعَهُ عُود يَنْكُت فِي الْأَرْض , فَرَفَعَ رَأْسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَدْخَلهَا " , فَقَالَ الْقَوْم : يَا رَسُول اللَّه أَلَا نَتَّكِل عَلَى كِتَابنَا , فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل السَّعَادَة فَإِنَّهُ يَعْمَل لِلسَّعَادَةِ , وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الشَّقَاء فَإِنَّهُ يَعْمَل لِلشَّقَاءِ , فَقَالَ : " بَلْ اِعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر ; فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْل السَّعَادَة فَإِنَّهُ يُيَسَّر { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } " . * -حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . * -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور وَالْأَعْمَش : أَنَّهُمَا سَمِعَا سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَة , فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُت فِي الْأَرْض , فَقَالَ : " مَا مِنْ أَحَد إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَده مِنْ النَّار أَوْ مِنْ الْجَنَّة " , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه أَفَلَا نَتَّكِل ؟ قَالَ : " اِعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى } " . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور وَالْأَعْمَش , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَرْض بِيَدِهِ , فَقَالَ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد إِلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَده مِنْ الْجَنَّة وَالنَّار " قَالُوا : يَا نَبِيّ اللَّه , أَفَلَا نَتَّكِل ؟ قَالَ : " لَا اِعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ " , ثُمَّ قَرَأَ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى } . .. الْآيَتَيْنِ . 29020 -قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن سَمُرَة اِبْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ النَّزَّال بْن سَبْرَة , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ نَفْس مَنْفُوسَة إِلَّا قَدْ كَتَبَ اللَّه عَلَيْهَا مَا هِيَ لَاقِيَته " وَأَعْرَابِيّ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْتَاد , فَقَالَ الْأَعْرَابِيّ : فَمَا جَاءَ بِي أَضْرِب مِنْ وَادِي كَذَا وَكَذَا , إِنْ كَانَ قَدْ فُرِغَ مِنْ الْأَمْر ؟ ! فَنَكَتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْض , حَتَّى ظَنَّ الْقَوْم أَنَّهُ وَدَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْهُ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ , فَمَنْ يُرِدْ اللَّه بِهِ خَيْرًا يَسَّرَهُ لِسَبِيلِ الْخَيْر , وَمَنْ يُرِدْ بِهِ شَرًّا يَسَّرَهُ لِسَبِيلِ الشَّرّ " , فَلَقِيت عَمْرو بْن مُرَّة , فَعَرَضْت عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيث , فَقَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَزَادَ فِيهِ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } . 29021 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : ثَنَا حُصَيْن , عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّا كُلّ شَيْء خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } قَالَ رَجُل : يَا رَسُول اللَّه , فَفِيمَ الْعَمَل ؟ أَفِي شَيْء نَسْتَأْنِفهُ , أَوْ فِي شَيْء قَدْ فُرِغَ مِنْهُ ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر : سَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى , وَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى " . * - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْمَلِك الطَّائِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْدَة , قَالَ : ثَنَا الْجَرَّاح , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الْحَمِيد , عَنْ الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , عَنْ سُلَيْمَان الْأَعْمَش , رَفَعَ الْحَدِيث إِلَى عَلِيّ اِبْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات يَوْم جَالِسًا وَبِيَدِهِ عُود يَنْكُت بِهِ فِي الْأَرْض , فَرَفَعَ رَأْسه فَقَالَ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد وَلَا مِنْ النَّاس , إِلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَقْعَده مِنْ الْجَنَّة أَوْ النَّار " , قُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه أَفَلَا نَتَوَكَّل ؟ قَالَ لَهُمْ : " اِعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ " , ثُمَّ قَالَ : " أَمَا سَمِعْتُمْ اللَّه فِي كِتَابه يَقُول : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } " . 29022- حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنْ دَاوُد اِبْن أَبِي هِنْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } : لِلشَّرِّ مِنْ اللَّه . 29023 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه , أَنَعْمَلُ لِأَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ , أَوْ لِأَمْرٍ نَأْتَنِفُهُ ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلّ عَامِل مُيَسَّر لِعَمَلِهِ " . 29024 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ طَلْق بْن حَبِيب , عَنْ بَشِير بْن كَعْب , قَالَ : سَأَلَ غُلَامَانِ شَابَّانِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَا : يَا رَسُول اللَّه , أَنَعْمَلُ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَام , وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِير , أَوْ فِي شَيْء يُسْتَأْنَف ؟ فَقَالَ : " بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَام , وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِير " قَالَا : فَفِيمَ الْعَمَل إِذَنْ ؟ قَالَ : " اِعْمَلُوا , فَكُلّ عَامِل مُيَسَّر لِعَمَلِهِ الَّذِي خُلِقَ لَهُ " , قَالَا : فَالْآن نَجِدّ وَنَعْمَل .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَاله إِذَا تَرَدَّى } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَاله } : أَيّ شَيْء يَدْفَع عَنْ هَذَا الَّذِي بَخِلَ بِمَالِهِ , وَاسْتَغْنَى عَنْ رَبّه , مَاله يَوْم الْقِيَامَة { إِذَا } هُوَ { تَرَدَّى } ؟ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { إِذَا تَرَدَّى } فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : إِذَا تَرَدَّى فِي جَهَنَّم : أَيْ سَقَطَ فِيهَا فَهَوَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29025 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَاله إِذَا تَرَدَّى } قَالَ : فِي جَهَنَّم . قَالَ أَبُو كُرَيْب : قَدْ سَمِعَ الْأَشْجَعِيّ مِنْ إِسْمَاعِيل ذَلِكَ . 29026 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِذَا تَرَدَّى } قَالَ : إِذَا تَرَدَّى فِي النَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا مَاتَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29027 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَاله إِذَا تَرَدَّى } قَالَ : إِذَا مَاتَ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { إِذَا تَرَدَّى } قَالَ : إِذَا مَاتَ * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْأَشْجَعِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِذَا مَاتَ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِذَا تَرَدَّى فِي جَهَنَّم , لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ التَّرَدِّي ; فَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ مَعْنَى الْمَوْت , فَإِنَّهُ يُقَال : رَدِيَ فُلَان , وَقَلَّمَا يُقَال : تَرَدَّى .
وَقَوْله : { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ عَلَيْنَا لَبَيَان الْحَقّ مِنْ الْبَاطِل , وَالطَّاعَة مِنْ الْمَعْصِيَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29028- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى } يَقُول : عَلَى اللَّه الْبَيَان , بَيَان حَلَاله وَحَرَامه , وَطَاعَته وَمَعْصِيَته . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَتَأَوَّلهُ بِمَعْنَى : أَنَّهُ مَنْ سَلَكَ الْهُدَى فَعَلَى اللَّه سَبِيله , وَيَقُول وَهُوَ مِثْل قَوْله : { وَعَلَى اللَّه قَصْد السَّبِيل } وَيَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : مَنْ أَرَادَ اللَّه فَهُوَ عَلَى السَّبِيل الْقَاصِد , وَقَالَ : يُقَال مَعْنَاهُ : إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى وَالْإِضْلَال , كَمَا قَالَ : { سَرَابِيل تَقِيكُمْ الْحَرّ } وَهِيَ تَقِي الْحَرّ وَالْبَرْد .
وَقَوْله : { وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَة وَالْأُولَى } يَقُول : وَإِنَّ لَنَا مُلْك مَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , نُعْطِي مِنْهُمَا مَنْ أَرَدْنَا مِنْ خَلْقنَا , وَنُحْرِمهُ مَنْ شِئْنَا . وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ يُوَفِّق لِطَاعَتِهِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقه , فَيُكْرِمهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا , وَيُهَيِّئ لَهُ الْكَرَامَة وَالثَّوَاب فِي الْآخِرَة , وَيَخْذُل مَنْ يَشَاء خِذْلَانه مِنْ خَلْقه عَنْ طَاعَته , فَيُهِينهُ بِمَعْصِيَتِهِ فِي الدُّنْيَا , وَيُخْزِيه بِعُقُوبَتِهِ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة .
ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْذَرْتُكُمْ أَيّهَا النَّاس نَارًا تَتَوَهَّج , وَهِيَ نَار جَهَنَّم , يَقُول : اِحْذَرُوا أَنْ تَعْصُوا رَبّكُمْ فِي الدُّنْيَا , وَتَكْفُرُوا بِهِ , فَتَصْلَوْنَهَا فِي الْآخِرَة . وَقِيلَ : تَلَظَّى , وَإِنَّمَا هِيَ تَتَلَظَّى , وَهِيَ فِي مَوْضِع رَفْع , لِأَنَّهُ فِعْل مُسْتَقْبَل , وَلَوْ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا لَقِيلَ : فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّتْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29029 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { نَارًا تَلَظَّى } قَالَ : تَوَهَّج .
وَقَوْله : { لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا يَدْخُلهَا فَيَصْلَى بِسَعِيرِهَا إِلَّا الْأَشْقَى ,
{ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } يَقُول : الَّذِي كَذَّبَ بِآيَاتِ رَبّه , وَأَعْرَضَ عَنْهَا , وَلَمْ يُصَدِّق بِهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29030- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن الْغَاز , عَنْ مَكْحُول , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : لَتَدْخُلُنَّ الْجَنَّة إِلَّا مَنْ يَأْبَى , قَالُوا : يَا أَبَا هُرَيْرَة : وَمَنْ يَأْبَى أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة ؟ قَالَ : فَقَرَأَ : { الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى } . 29031 -حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن نَاضِح , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن حَبِيب وَمُعَاذ بْن مُعَاذ , قَالَا : ثَنَا الْأَشْعَث , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى } قَالَ مُعَاذ : الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى , وَلَمْ يَقُلْهُ الْحَسَن , قَالَ : الْمُشْرِك . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول : لَمْ يَكُنْ كَذَّبَ بِرَدٍّ ظَاهِر , وَلَكِنْ قَصَّرَ عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ الطَّاعَة , فَجُعِلَ تَكْذِيبًا , كَمَا تَقُول : لَقِيَ فُلَان الْعَدُوّ , فَكَذَبَ إِذَا نَكَلَ وَرَجَعَ. وَذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْض الْعَرَب يَقُول : لَيْسَ لِحَدِّهِمْ مَكْذُوبَة , بِمَعْنَى : أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوا صَدَقُوا الْقِتَال , وَلَمْ يَرْجِعُوا ; قَالَ : وَكَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَة }.
وَقَوْله : { وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى } يَقُول : وَسَيُوَقَّى صِلِيّ النَّار الَّتِي تَلَظَّى التَّقِيّ , وَوَضَعَ أَفْعَل مَوْضِع فَعِيل , كَمَا قَالَ طَرَفَة : تَمَنَّى رِجَال أَنْ أَمُوت وَإِنْ أَمُتْ فَتِلْكَ سَبِيل لَسْت فِيهَا بِأَوْحَد
وَقَوْله : { الَّذِي يُؤْتِي مَاله يَتَزَكَّى } يَقُول : الَّذِي يُعْطِي مَاله فِي الدُّنْيَا فِي حُقُوق اللَّه الَّتِي أَلْزَمَهُ إِيَّاهَا , { يَتَزَكَّى } : يَعْنِي : يَتَطَهَّر بِإِعْطَائِهِ ذَلِكَ مِنْ ذُنُوبه .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّه تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى : وَمَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْق اللَّه عِنْد هَذَا الَّذِي يُؤْتِي مَاله فِي سَبِيل اللَّه يَتَزَكَّى { مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } يَعْنِي : مِنْ يَد يُكَافِئهُ عَلَيْهَا , يَقُول : لَيْسَ يُنْفِق مَا يُنْفِق مِنْ ذَلِكَ , وَيُعْطِي مَا يُعْطِي , مُجَازَاة إِنْسَان يُجَازِيه عَلَى يَد لَهُ عِنْده , وَلَا مُكَافَأَة لَهُ عَلَى نِعْمَة سَلَفَتْ مِنْهُ إِلَيْهِ , أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ , وَلَكِنْ يُؤْتِيه فِي حُقُوق اللَّه اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه . قَالَ : وَإِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى لَكِنْ ; وَقَالَ : يَجُوز أَنْ يَكُون الْفِعْل فِي الْمُكَافَأَة مُسْتَقْبَلًا , فَيَكُون مَعْنَاهُ : وَلَمْ يُرِدْ بِمَا أَنْفَقَ مُكَافَأَة مِنْ أَحَد , وَيَكُون مَوْقِع اللَّام الَّتِي فِي أَحَد فِي الْهَاء الَّتِي خَفَضَتْهَا عِنْده , فَكَأَنَّك قُلْت : وَمَا لَهُ عِنْد أَحَد فِيمَا أَنْفَقَ مِنْ نِعْمَة يَلْتَمِس ثَوَابهَا , قَالَ : وَقَدْ تَضَع الْعَرَب الْحَرْف فِي غَيْر مَوْضِعه إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا , وَاسْتَشْهَدُوا لِذَلِكَ بِبَيْتِ النَّابِغَة : وَقَدْ خِفْت حَتَّى مَا تَزِيد مَخَافَتِي عَلَى وَعِل فِي ذِي الْمَطَارَة عَاقِل وَالْمَعْنَى : حَتَّى مَا تَزِيد مَخَافَة وَعِل عَلَى مَخَافَتِي وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الَّذِي حَكَيْنَا قَوْله مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة , وَزَعَمَ أَنَّهُ مِمَّا يَجُوز هُوَ الصَّحِيح الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْآثَار عَنْ أَهْل التَّأْوِيل وَقَالُوا : نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر بِعِتْقِهِ مَنْ أَعْتَقَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29032 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى } يَقُول : لَيْسَ بِهِ مَثَابَة النَّاس وَلَا مُجَازَاتهمْ , إِنَّمَا عَطِيَّته لِلَّهِ . 29033 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثَنَا هَارُون بْن مَعْرُوف . قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن السُّرِّيّ , قَالَ : ثَنَا مُصْعَب بْن ثَابِت , عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي بَكْر الصِّدِّيق : { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى } . 29034- حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر , أَعْتَقَ نَاسًا لَمْ يَلْتَمِس مِنْهُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا , سِتَّة أَوْ سَبْعَة , مِنْهُمْ بِلَال , وَعَامِر بْن فُهَيْرَة . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ , يَنْبَغِي أَنْ يَكُون قَوْله : { إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى } نَصْبًا عَلَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ مَعْنَى قَوْله : { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَمَا يُؤْتِي الَّذِي يُؤْتِي مِنْ مَاله مُلْتَمِسًا مِنْ أَحَد ثَوَابه , إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه . وَجَائِز أَنْ يَكُون نَصَبَهُ عَلَى مُخَالَفَة مَا بَعْد إِلَّا مَا قَبْلهَا , كَمَا قَالَ النَّابِغَة : . ....... . .... وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَد إِلَّا أَوَرِيّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنهَا .........
كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّه تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى : وَمَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْق اللَّه عِنْد هَذَا الَّذِي يُؤْتِي مَاله فِي سَبِيل اللَّه يَتَزَكَّى { مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } يَعْنِي : مِنْ يَد يُكَافِئهُ عَلَيْهَا , يَقُول : لَيْسَ يُنْفِق مَا يُنْفِق مِنْ ذَلِكَ , وَيُعْطِي مَا يُعْطِي , مُجَازَاة إِنْسَان يُجَازِيه عَلَى يَد لَهُ عِنْده , وَلَا مُكَافَأَة لَهُ عَلَى نِعْمَة سَلَفَتْ مِنْهُ إِلَيْهِ , أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ , وَلَكِنْ يُؤْتِيه فِي حُقُوق اللَّه اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه . قَالَ : وَإِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى لَكِنْ ; وَقَالَ : يَجُوز أَنْ يَكُون الْفِعْل فِي الْمُكَافَأَة مُسْتَقْبَلًا , فَيَكُون مَعْنَاهُ : وَلَمْ يُرِدْ بِمَا أَنْفَقَ مُكَافَأَة مِنْ أَحَد , وَيَكُون مَوْقِع اللَّام الَّتِي فِي أَحَد فِي الْهَاء الَّتِي خَفَضَتْهَا عِنْده , فَكَأَنَّك قُلْت : وَمَا لَهُ عِنْد أَحَد فِيمَا أَنْفَقَ مِنْ نِعْمَة يَلْتَمِس ثَوَابهَا , قَالَ : وَقَدْ تَضَع الْعَرَب الْحَرْف فِي غَيْر مَوْضِعه إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا , وَاسْتَشْهَدُوا لِذَلِكَ بِبَيْتِ النَّابِغَة : وَقَدْ خِفْت حَتَّى مَا تَزِيد مَخَافَتِي عَلَى وَعِل فِي ذِي الْمَطَارَة عَاقِل وَالْمَعْنَى : حَتَّى مَا تَزِيد مَخَافَة وَعِل عَلَى مَخَافَتِي وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الَّذِي حَكَيْنَا قَوْله مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة , وَزَعَمَ أَنَّهُ مِمَّا يَجُوز هُوَ الصَّحِيح الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْآثَار عَنْ أَهْل التَّأْوِيل وَقَالُوا : نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر بِعِتْقِهِ مَنْ أَعْتَقَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 29032 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى } يَقُول : لَيْسَ بِهِ مَثَابَة النَّاس وَلَا مُجَازَاتهمْ , إِنَّمَا عَطِيَّته لِلَّهِ . 29033 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثَنَا هَارُون بْن مَعْرُوف . قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن السُّرِّيّ , قَالَ : ثَنَا مُصْعَب بْن ثَابِت , عَنْ عَامِر بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي بَكْر الصِّدِّيق : { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى } . 29034 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر , أَعْتَقَ نَاسًا لَمْ يَلْتَمِس مِنْهُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا , سِتَّة أَوْ سَبْعَة , مِنْهُمْ بِلَال , وَعَامِر بْن فُهَيْرَة . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ , يَنْبَغِي أَنْ يَكُون قَوْله : { إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه الْأَعْلَى } نَصْبًا عَلَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ مَعْنَى قَوْله : { وَمَا لِأَحَدٍ عِنْده مِنْ نِعْمَة تُجْزَى } لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَمَا يُؤْتِي الَّذِي يُؤْتِي مِنْ مَاله مُلْتَمِسًا مِنْ أَحَد ثَوَابه , إِلَّا اِبْتِغَاء وَجْه رَبّه . وَجَائِز أَنْ يَكُون نَصَبَهُ عَلَى مُخَالَفَة مَا بَعْد إِلَّا مَا قَبْلهَا , كَمَا قَالَ النَّابِغَة : ........ . .... وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَد إِلَّا أَوَرِيّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنهَا . ........
وَقَوْله : { وَلَسَوْفَ يَرْضَى } يَقُول : وَلَسَوْفَ يَرْضَى هَذَا الْمُؤْتِي مَاله فِي حُقُوق اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , يَتَزَكَّى بِمَا يُثِيبهُ اللَّه فِي الْآخِرَة عِوَضًا مِمَّا أَتَى فِي الدُّنْيَا فِي سَبِيله , إِذَا لَقِيَ رَبّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . آخِر تَفْسِير سُورَة وَاللَّيْل إِذَا يَغْشَى