الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : عَظِّمْ رَبّك الْأَعْلَى , لَا رَبّ أَعْلَى مِنْهُ وَأَعْظَم . وَكَانَ بَعْضهمْ إِذَا قَرَأَ ذَلِكَ قَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28633 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } قَالَ : وَهِيَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب كَذَلِكَ . 28634 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ عَبْد خَيْر , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَرَأَ : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } فَقَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . 28635 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ إِذَا قَرَأَ : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } يَقُول : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى , وَإِذَا قَرَأَ : { لَا أُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة } 75 1 فَأَتَى عَلَى آخِرهَا { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِي الْمَوْتَى } ؟ 75 40 يَقُول : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبَلَى . 28636 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ خَارِجَة , عَنْ دَاوُد , عَنْ زِيَاد بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقْرَأ فِي صَلَاة الْمَغْرِب { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : نَزِّهْ يَا مُحَمَّد اِسْم رَبّك الْأَعْلَى , أَنْ تُسَمِّي بِهِ شَيْئًا سِوَاهُ , يَنْهَاهُ بِذَلِكَ أَنْ يَفْعَل مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ , مِنْ تَسْمِيَتهمْ آلِهَتهمْ بَعْضهَا اللَّات وَبَعْضهَا الْعُزَّى . وَقَالَ غَيْرهمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : نَزِّهْ اللَّه عَمَّا يَقُول فِيهِ الْمُشْرِكُونَ كَمَا قَالَ : { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه فَيَسُبُّوا اللَّه عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم } 6 108 وَقَالُوا : مَعْنَى ذَلِكَ : سَبِّحْ رَبّك الْأَعْلَى ; قَالُوا : وَلَيْسَ الِاسْم مَعْنِيّ . وَقَالَ آخَرُونَ : نَزِّهْ تَسْمِيَتك يَا مُحَمَّد رَبّك الْأَعْلَى وَذِكْرك إِيَّاهُ , أَنْ تَذْكُرهُ إِلَّا وَأَنْتَ لَهُ خَاشِع مُتَذَلِّل ; قَالُوا وَإِنَّمَا عُنِيَ بِالِاسْمِ : التَّسْمِيَة , وَلَكِنْ وُضِعَ الِاسْم مَكَان الْمَصْدَر . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } : صَلِّ بِذِكْرِ رَبّك يَا مُحَمَّد , يَعْنِي بِذَلِكَ : صَلِّ وَأَنْتَ لَهُ ذَاكِر , وَمِنْهُ وَجِل خَائِف . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : نَزِّهْ اِسْم رَبّك أَنْ تَدْعُو بِهِ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان , لِمَا ذَكَرْت مِنْ الْأَخْبَار , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ الصَّحَابَة أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قَرَءُوا ذَلِكَ قَالُوا : سُبْحَان رَبِّي الْأَعْلَى , فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ عِنْدهمْ مَعْلُومًا : عَظِّمْ اِسْم رَبّك , وَنَزِّهْهُ .
وَقَوْله : { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } يَقُول : الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاء فَسَوَّى خَلْقهَا وَعَدَلَهَا ; وَالتَّسْوِيَة التَّعْدِيل .
وَقَوْله : { وَاَلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِي قَدَّرَ خَلْقه فَهَدَى . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فَهَدَى } , فَقَالَ بَعْضهمْ : هَدَى الْإِنْسَان لِسَبِيلِ الْخَيْر وَالشَّرّ , وَالْبَهَائِم لِلْمَرَاتِعِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { قَدَّرَ فَهَدَى } قَالَ : هَدَى الْإِنْسَان لِلشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَة , وَهَدَى الْإِنْسَان لِمَرَاتِعِهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : هَدَى الذُّكُور لِمَأْتَى الْإِنَاث . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : أَنَّ اللَّه عَمَّ بِقَوْلِهِ { فَهَدَى } الْخَبَر عَنْ هِدَايَته خَلْقه , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى دُون مَعْنًى , وَقَدْ هَدَاهُمْ لِسَبِيلِ الْخَيْر وَالشَّرّ , وَهَدَى الذُّكُور لِمَأْتَى الْإِنَاث , فَالْخَبَر عَلَى عُمُومه , حَتَّى يَأْتِي خَبَر تَقُوم بِهِ الْحُجَّة , دَالّ عَلَى خُصُوصه . وَاجْتَمَعَتْ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى تَشْدِيد الدَّال مِنْ قَدَّرَ , غَيْر الْكِسَائِيّ فَإِنَّهُ خَفَّفَهَا . وَالصَّوَاب فِي ذَلِكَ التَّشْدِيد , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَيْهِ .
وَقَوْله : { وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } يَقُول : وَاَلَّذِي أَخْرَجَ مِنْ الْأَرْض مَرْعَى الْأَنْعَام , مِنْ صُنُوف النَّبَات وَأَنْوَاع الْحَشِيش . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28638- حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن مُكْرَم , قَالَ ثَنَا الْحَفَرِيّ , قَالَ ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين { أَخْرَجَ الْمَرْعَى } قَالَ النَّبَات . 28639 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } . . . الْآيَة , نَبَتَ كَمَا رَأَيْتُمْ , بَيْن أَصْفَر وَأَحْمَر وَأَبْيَض .
وَقَوْله : { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَجَعَلَ ذَلِكَ الْمَرْعَى غُثَاء , وَهُوَ مَا جَفَّ مِنْ النَّبَات وَيَبِسَ , فَطَارَتْ بِهِ الرِّيح ; وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ هَاهُنَا أَنَّهُ جَعَلَهُ هَشِيمًا يَابِسًا مُتَغَيِّرًا إِلَى الْحُوَّة , وَهِيَ السَّوَاد , مِنْ الْبَيَاض أَوْ الْخُضْرَة , مِنْ شِدَّة الْيُبْس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28640 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { غُثَاء أَحْوَى } يَقُول : هَشِيمًا مُتَغَيِّرًا 28641 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { غُثَاء أَحْوَى } قَالَ : غُثَاء السَّيْل أَحْوَى , قَالَ : أَسْوَد . 28642 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { غُثَاء أَحْوَى } قَالَ : يَعُود يَبِسًا بَعْد خُضْرَة . 28643 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى } قَالَ : كَانَ بَقْلًا وَنَبَاتًا أَخْضَر , ثُمَّ هَاجَ فَيَبِسَ , فَصَارَ غُثَاء أَحْوَى , تَذْهَب بِهِ الرِّيَاح وَالسُّيُول . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب يَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى أَحْوَى : أَيْ أَخْضَر إِلَى السَّوَاد , فَجَعَلَهُ غُثَاء بَعْد ذَلِكَ , وَيَعْتَلّ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّة : حَوَّاء قَرْحَاء أَشْرَاطِيَّة وَكَفَتْ فِيهَا الذَّهَاب وَحَفَّتْهَا الْبَرَاعِيم وَهَذَا الْقَوْل وَإِنْ كَانَ غَيْر مَدْفُوع أَنْ يَكُون مَا اِشْتَدَّتْ خُضْرَته مِنْ النَّبَات , قَدْ تُسَمِّيه الْعَرَب أَسْوَد , غَيْر صَوَاب عِنْدِي بِخِلَافِهِ تَأْوِيل أَهْل التَّأْوِيل فِي أَنَّ الْحَرْف إِنَّمَا يُحْتَال لِمَعْنَاهُ الْمُخَرَّج بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِير إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْه مَفْهُوم إِلَّا بِتَقْدِيمِهِ عَنْ مَوْضِعه , أَوْ تَأْخِيره , فَإِمَّا وَلَهُ فِي مَوْضِعه وَجْه صَحِيح فَلَا وَجْه لِطَلَبِ الِاحْتِيَال لِمَعْنَاهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِير .
وَقَوْله : { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن فَلَا تَنْسَاهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذَا إِخْبَار مِنْ اللَّه نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّهُ يُعَلِّمهُ هَذَا الْقُرْآن , وَيَحْفَظهُ عَلَيْهِ , وَنَهْي مِنْهُ أَنْ يَعْجَل بِقِرَاءَتِهِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعه وَقُرْآنه }. 75 16 : 17 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28644- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } قَالَ : كَانَ يَتَذَكَّر الْقُرْآن فِي نَفْسه مَخَافَة أَنْ يَنْسَى . فَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة : مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع عَلَى النِّسْيَان , وَمَعْنَى الْكَلَام : فَلَا تَنْسَى , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَنْسَاهُ , وَلَا تَذْكُرهُ , قَالُوا : ذَلِكَ هُوَ مَا نَسَخَهُ اللَّه مِنْ الْقُرْآن , فَرَفَعَ حُكْمه وَتِلَاوَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28645 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْسَى شَيْئًا { إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى النِّسْيَان فِي هَذَا الْمَوْضِع : التَّرْك ; وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد فَلَا تَتْرُك الْعَمَل بِشَيْءٍ مِنْهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَتْرُك الْعَمَل بِهِ , مِمَّا نَنْسَخهُ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول فِي ذَلِكَ : لَمْ يَشَأْ اللَّه أَنْ تَنْسَى شَيْئًا , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } 11 107 وَلَا يَشَاء . قَالَ : وَأَنْتَ قَائِل فِي الْكَلَام : لَأُعْطِيَنَّك كُلّ مَا سَأَلْت إِلَّا مَا شِئْت , وَإِلَّا أَنْ أَشَاء أَنْ أَمْنَعك , وَالنِّيَّة أَنْ لَا تَمْنَعهُ , وَلَا تَشَاء شَيْئًا . قَالَ : وَعَلَى هَذَا مَجَارِي الْأَيْمَان , يَسْتَثْنِي فِيهَا , وَنِيَّة الْحَالِف : اللِّمَام . وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَنْسَى إِلَّا أَنْ نَشَاء نَحْنُ أَنْ نُنْسِيكَهُ بِنَسْخِهِ وَرَفْعه . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه .
وَقَوْله : { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن فَلَا تَنْسَاهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذَا إِخْبَار مِنْ اللَّه نَبِيّه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنَّهُ يُعَلِّمهُ هَذَا الْقُرْآن , وَيَحْفَظهُ عَلَيْهِ , وَنَهْي مِنْهُ أَنْ يَعْجَل بِقِرَاءَتِهِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَا تُحَرِّك بِهِ لِسَانك لِتَعْجَل بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعه وَقُرْآنه } . 75 16 : 17 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28644 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } قَالَ : كَانَ يَتَذَكَّر الْقُرْآن فِي نَفْسه مَخَافَة أَنْ يَنْسَى . فَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة : مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع عَلَى النِّسْيَان , وَمَعْنَى الْكَلَام : فَلَا تَنْسَى , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَنْسَاهُ , وَلَا تَذْكُرهُ , قَالُوا : ذَلِكَ هُوَ مَا نَسَخَهُ اللَّه مِنْ الْقُرْآن , فَرَفَعَ حُكْمه وَتِلَاوَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28645 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى } كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْسَى شَيْئًا { إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى النِّسْيَان فِي هَذَا الْمَوْضِع : التَّرْك ; وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : سَنُقْرِئُك يَا مُحَمَّد فَلَا تَتْرُك الْعَمَل بِشَيْءٍ مِنْهُ , إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَتْرُك الْعَمَل بِهِ , مِمَّا نَنْسَخهُ . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول فِي ذَلِكَ : لَمْ يَشَأْ اللَّه أَنْ تَنْسَى شَيْئًا , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } 11 107 وَلَا يَشَاء . قَالَ : وَأَنْتَ قَائِل فِي الْكَلَام : لَأُعْطِيَنَّك كُلّ مَا سَأَلْت إِلَّا مَا شِئْت , وَإِلَّا أَنْ أَشَاء أَنْ أَمْنَعك , وَالنِّيَّة أَنْ لَا تَمْنَعهُ , وَلَا تَشَاء شَيْئًا . قَالَ : وَعَلَى هَذَا مَجَارِي الْأَيْمَان , يَسْتَثْنِي فِيهَا , وَنِيَّة الْحَالِف : اللِّمَام . وَالْقَوْل الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ عِنْدِي , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا تَنْسَى إِلَّا أَنْ نَشَاء نَحْنُ أَنْ نُنْسِيكَهُ بِنَسْخِهِ وَرَفْعه . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه .
وَقَوْله { إِنَّهُ يَعْلَم الْجَهْر وَمَا يَخْفَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه يَعْلَم الْجَهْر يَا مُحَمَّد مِنْ عَمَلك , مَا أَظْهَرْته وَأَعْلَنْته { وَمَا يَخْفَى } يَقُول : وَمَا يَخْفَى مِنْهُ فَلَمْ تُظْهِرهُ , مِمَّا كَتَمْته , يَقُول : هُوَ يَعْلَم جَمِيع أَعْمَالك , سِرّهَا وَعَلَانِيَتهَا ; يَقُول : فَاحْذَرْهُ أَنْ يَطَّلِع عَلَيْك وَأَنْتَ عَامِل فِي حَال مِنْ أَحْوَالك بِغَيْرِ الَّذِي أَذِنَ لَك بِهِ .
وَقَوْله { إِنَّهُ يَعْلَم الْجَهْر وَمَا يَخْفَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه يَعْلَم الْجَهْر يَا مُحَمَّد مِنْ عَمَلك , مَا أَظْهَرْته وَأَعْلَنْته { وَمَا يَخْفَى } يَقُول : وَمَا يَخْفَى مِنْهُ فَلَمْ تُظْهِرهُ , مِمَّا كَتَمْته , يَقُول : هُوَ يَعْلَم جَمِيع أَعْمَالك , سِرّهَا وَعَلَانِيَتهَا ; يَقُول : فَاحْذَرْهُ أَنْ يَطَّلِع عَلَيْك وَأَنْتَ عَامِل فِي حَال مِنْ أَحْوَالك بِغَيْرِ الَّذِي أَذِنَ لَك بِهِ .
الْقَوْلِ فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنُيَسِّرُك لِلْيُسْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَنُسَهِّلك يَا مُحَمَّد لِعَمَلِ الْخَيْر , وَهُوَ الْيُسْرَى ; وَالْيُسْرَى : هُوَ الْفُعْلَى مِنْ الْيُسْر .
وَقَوْله : { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَذَكِّرْ عِبَاد اللَّه يَا مُحَمَّد عَظَمَته , وَعِظْهُمْ , وَحَذِّرْهُمْ عُقُوبَته { إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى } يَقُول : إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى الَّذِينَ قَدْ آيَسْتُك مِنْ إِيمَانهمْ , فَلَا تَنْفَعهُمْ الذِّكْرَى . وَقَوْله { فَذَكِّرْ } أَمْر مِنْ اللَّه لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَذْكِيرِ جَمِيع النَّاس , ثُمَّ قَالَ : إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ آيَسْتُك مِنْ إِيمَانهمْ .
وَقَوْله : { سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : سَيَذَّكَّرُ يَا مُحَمَّد إِذْ ذَكَّرْت الَّذِينَ أَمَرْتُك بِتَذْكِيرِهِمْ مَنْ يَخْشَى اللَّه , وَيَخَاف عِقَابه
{ وَيَتَجَنَّبهَا } يَقُول : وَيَتَجَنَّب الذِّكْرَى { الْأَشْقَى } يَعْنِي : أَشْقَى الْفَرِيقَيْنِ { الَّذِي يَصْلَى النَّار الْكُبْرَى } وَهُمْ الَّذِينَ لَمْ تَنْفَعهُمْ الذِّكْرَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28646 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى } فَاتَّقُوا اللَّه , مَا خَشِيَ اللَّه عَبْد قَطُّ إِلَّا ذَكَرَهُ { وَيَتَجَنَّبهَا الْأَشْقَى } فَلَا وَاَللَّه لَا يَتَنَكَّب عَبْد هَذَا الذِّكْر زُهْدًا فِيهِ وَبُغْضًا لِأَهْلِهِ , إِلَّا شَقِيّ بَيِّن الشَّقَاء .
وَقَوْله : { الَّذِي يَصْلَى النَّار الْكُبْرَى } يَقُول : الَّذِي يَرِد نَار جَهَنَّم , وَهِيَ النَّار الْكُبْرَى , وَيَعْنِي بِالْكُبْرَى لِشِدَّةِ الْحَرّ وَالْأَلَم .
وَقَوْله : { ثُمَّ لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يَحْيَا } يَقُول : ثُمَّ لَا يَمُوت فِي النَّار الْكُبْرَى وَلَا يَحْيَا , وَذَلِكَ أَنَّ نَفْس أَحَدهمْ تَصِير فِيهَا فِي حَلْقه , فَلَا تَخْرُج فَتُفَارِقهُ فَيَمُوت , وَلَا تَرْجِع إِلَى مَوْضِعهَا مِنْ الْجِسْم فَيَحْيَا . وَقِيلَ : لَا يَمُوت فِيهَا فَيَسْتَرِيح , وَلَا يَحْيَا حَيَاة تَنْفَعهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : قِيلَ ذَلِكَ , لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ إِذَا وَصَفَتْ الرَّجُل بِوُقُوعٍ فِي شِدَّة شَدِيدَة , قَالُوا : لَا هُوَ حَيّ , وَلَا هُوَ مَيِّت , فَخَاطَبَهُمْ اللَّه بِاَلَّذِي جَرَى بِهِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامهمْ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَدْ نَجَحَ وَأَدْرَكَ طِلْبَته مَنْ تَطَهَّرَ مِنْ الْكُفْر وَمَعَاصِي اللَّه , وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّه بِهِ , فَأَدَّى فَرَائِضه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28647 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } يَقُول : مَنْ تَزَكَّى مِنْ الشِّرْك . 28648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } قَالَ : مَنْ كَانَ عَمَله زَاكِيًا . 28649 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } قَالَ : يَعْمَل وَرِعًا . 28650 - حَدَّثَنِي سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } مَنْ قَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَدَّى زَكَاة مَاله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28651 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن الْأَقْمَر , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } قَالَ : مَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَرْضَخ فَلْيَفْعَلْ , ثُمَّ لْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة الرَّازِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن الْأَقْمَر , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } قَالَ : مَنْ رَضَخَ . 28652 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد بْن مُرَّة , قَالَ : ثَنَا زُهَيْر , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , قَالَ : إِذَا أَتَى أَحَدكُمْ سَائِل وَهُوَ يُرِيد الصَّلَاة , فَلْيُقَدِّمْ بَيْن يَدَيْ صَلَاته زَكَاته , فَإِنَّ اللَّه يَقُول : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى } فَمَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يُقَدِّم بَيْن يَدَيْ صَلَاته زَكَاة فَلْيَفْعَلْ . 28653 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى } تَزَكَّى رَجُل مِنْ مَاله , وَأَرْضَى خَالِقه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ زَكَاة الْفِطْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28654 - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمُلِيّ , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِي خَلْدَة , قَالَ : دَخَلْت عَلَى أَبِي الْعَالِيَة , فَقَالَ لِي : إِذَا غَدَوْت غَدًا إِلَى الْعِيد فَمُرَّ بِي , قَالَ : فَمَرَرْت بِهِ , فَقَالَ : هَلْ طَعِمْت شَيْئًا ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : أَفَضْت عَلَى نَفْسك مِنْ الْمَاء ؟ قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : فَأَخْبِرْنِي مَا فَعَلْت بِزَكَاتِك ؟ قُلْت : قَدْ وَجَّهْتهَا , قَالَ : إِنَّمَا أَرَدْتُك لِهَذَا , ثُمَّ قَرَأَ : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى } وَقَالَ : إِنَّ أَهْل الْمَدِينَة لَا يَرَوْنَ صَدَقَة أَفْضَل مِنْهَا , وَمِنْ سِقَايَة الْمَاء .
وَقَوْله : { وَذَكَرَ اِسْم رَبّه } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَحَّدَ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28655 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى } يَقُول : وَحَّدَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَذَكَرَ اللَّه وَدَعَاهُ وَرَغِبَ إِلَيْهِ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنْ يُقَال : وَذَكَرَ اللَّه فَوَحَّدَهُ , وَدَعَاهُ وَرَغِبَ إِلَيْهِ , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنْ ذِكْر اللَّه , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه تَعَالَى مِنْ ذِكْره نَوْعًا دُون نَوْع .
وَقَوْله : { فَصَلَّى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ : فَصَلَّى الصَّلَوَات الْخَمْس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28656 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَصَلَّى } يَقُول : صَلَّى الصَّلَوَات الْخَمْس . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ : صَلَاة الْعِيد يَوْم الْفِطْر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ : وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَدَعَا ; وَقَالُوا : الصَّلَاة هَاهُنَا : الدُّعَاء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل أَنْ يُقَال : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فَصَلَّى } : الصَّلَوَات , وَذَكَرَ اللَّه فِيهَا بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيد وَالدُّعَاء .
وَقَوْله : { فَصَلَّى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ : فَصَلَّى الصَّلَوَات الْخَمْس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28656 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَصَلَّى } يَقُول : صَلَّى الصَّلَوَات الْخَمْس . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ : صَلَاة الْعِيد يَوْم الْفِطْر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ : وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَدَعَا ; وَقَالُوا : الصَّلَاة هَاهُنَا : الدُّعَاء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل أَنْ يُقَال : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فَصَلَّى } : الصَّلَوَات , وَذَكَرَ اللَّه فِيهَا بِالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيد وَالدُّعَاء .
وَقَوْله : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول لِلنَّاسِ : بَلْ تُؤْثِرُونَ أَيّهَا النَّاس زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة وَالْآخِرَة خَيْر لَكُمْ وَأَبْقَى يَقُول : وَزِينَة الْآخِرَة خَيْر لَكُمْ أَيّهَا النَّاس وَأَبْقَى بَقَاء , لِأَنَّ الْحَيَاة الدُّنْيَا فَانِيَة , وَالْآخِرَة بَاقِيَة , لَا تَنْفَد وَلَا تَفْنَى. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28657 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَاخْتَارَ النَّاس الْعَاجِلَة إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّه . وَقَوْله : { وَالْآخِرَة خَيْر } فِي الْخَيْر { وَأَبْقَى } فِي الْبَقَاء . 28658 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَرْفَجَة الثَّقَفِيّ , قَالَ : اِسْتَقْرَأْت اِبْن مَسْعُود { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } , فَلَمَّا بَلَغَ : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } تَرَكَ الْقِرَاءَة , وَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابه , وَقَالَ : آثَرْنَا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة , فَسَكَتَ الْقَوْم , فَقَالَ : آثَرْنَا الدُّنْيَا لِأَنَّا رَأَيْنَا زِينَتهَا وَنِسَاءَهَا وَطَعَامهَا وَشَرَابهَا , وَزُوِيَتْ عَنَّا الْآخِرَة , فَاخْتَرْنَا هَذَا الْعَاجِل , وَتَرَكْنَا الْآجِل . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { بَلْ تُؤْثِرُونَ } بِالتَّاءِ , إِلَّا أَبَا عَمْرو , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ , وَقَالَ : يَعْنِي الْأَشْقِيَاء . وَاَلَّذِي لَا أُوثِر عَلَيْهِ فِي قِرَاءَة ذَلِكَ التَّاء , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : ( بَلْ أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ ) فَذَلِكَ أَيْضًا شَاهِد لِصِحَّةِ الْقِرَاءَة بِالتَّاءِ .
وَقَوْله : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول لِلنَّاسِ : بَلْ تُؤْثِرُونَ أَيّهَا النَّاس زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة وَالْآخِرَة خَيْر لَكُمْ وَأَبْقَى يَقُول : وَزِينَة الْآخِرَة خَيْر لَكُمْ أَيّهَا النَّاس وَأَبْقَى بَقَاء , لِأَنَّ الْحَيَاة الدُّنْيَا فَانِيَة , وَالْآخِرَة بَاقِيَة , لَا تَنْفَد وَلَا تَفْنَى. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28657- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَاخْتَارَ النَّاس الْعَاجِلَة إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّه . وَقَوْله : { وَالْآخِرَة خَيْر } فِي الْخَيْر { وَأَبْقَى } فِي الْبَقَاء . 28658 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَرْفَجَة الثَّقَفِيّ , قَالَ : اِسْتَقْرَأْت اِبْن مَسْعُود { سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى } , فَلَمَّا بَلَغَ : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } تَرَكَ الْقِرَاءَة , وَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابه , وَقَالَ : آثَرْنَا الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة , فَسَكَتَ الْقَوْم , فَقَالَ : آثَرْنَا الدُّنْيَا لِأَنَّا رَأَيْنَا زِينَتهَا وَنِسَاءَهَا وَطَعَامهَا وَشَرَابهَا , وَزُوِيَتْ عَنَّا الْآخِرَة , فَاخْتَرْنَا هَذَا الْعَاجِل , وَتَرَكْنَا الْآجِل . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { بَلْ تُؤْثِرُونَ } بِالتَّاءِ , إِلَّا أَبَا عَمْرو , فَإِنَّهُ قَرَأَهُ بِالْيَاءِ , وَقَالَ : يَعْنِي الْأَشْقِيَاء . وَاَلَّذِي لَا أُوثِر عَلَيْهِ فِي قِرَاءَة ذَلِكَ التَّاء , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : ( بَلْ أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ ) فَذَلِكَ أَيْضًا شَاهِد لِصِحَّةِ الْقِرَاءَة بِالتَّاءِ .
وَقَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُشِيرَ بِهِ إِلَى الْآيَات الَّتِي فِي " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28659 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } يَقُول : الْآيَات الَّتِي فِي سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى . وَقَالَ آخَرُونَ : قِصَّة هَذِهِ السُّورَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28660 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } قَالَ : قِصَّة هَذِهِ السُّورَة لَفِي الصُّحُف الْأُولَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ هَذَا الَّذِي قَصَّ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَة { لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28661 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } قَالَ : إِنَّ هَذَا الَّذِي قَصَّ اللَّه فِي هَذِهِ السُّورَة , لَفِي الصُّحُف الْأُولَى { صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ فِي قَوْله : { وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى } فِي الصُّحُف الْأُولَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28662 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } قَالَ : تَتَابَعَتْ كُتُب اللَّه كَمَا تَسْمَعُونَ , أَنَّ الْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى . 28663 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } قَالَ : فِي الصُّحُف الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّه عَلَى إِبْرَاهِيم وَمُوسَى : أَنَّ الْآخِرَة خَيْر مِنْ الْأُولَى . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ قَوْله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى } : لَفِي الصُّحُف الْأُولَى , صُحُف إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن , وَصُحُف مُوسَى بْن عِمْرَان . وَإِنَّمَا قُلْت : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْره , لِأَنَّ هَذَا إِشَارَة إِلَى حَاضِر , فَلَأَنْ يَكُون إِشَارَة إِلَى مَا قَرُبَ مِنْهَا , أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون إِشَارَة إِلَى غَيْره . وَأَمَّا الصُّحُف : فَإِنَّهَا جَمْع صَحِيفَة , وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهَا : كُتُب إِبْرَاهِيم وَمُوسَى . 28664 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخُلْد , قَالَ : نَزَلَتْ صُحُف إِبْرَاهِيم فِي أَوَّل لَيْلَة مِنْ رَمَضَان , وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاة لِسِتِّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَان , وَأُنْزِلَ الزَّبُور لِاثْنَتَيْ عَشْرَة لَيْلَة , وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيل لِثَمَانِي عَشْرَة , وَأُنْزِلَ الْفُرْقَان لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ .
وَقَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي أُشِيرَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُشِيرَ بِهِ إِلَى الْآيَات الَّتِي فِي " سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى " . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28659 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عِكْرِمَة { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } يَقُول : الْآيَات الَّتِي فِي سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى . وَقَالَ آخَرُونَ : قِصَّة هَذِهِ السُّورَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28660 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } قَالَ : قِصَّة هَذِهِ السُّورَة لَفِي الصُّحُف الْأُولَى . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ هَذَا الَّذِي قَصَّ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَة { لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28661 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } قَالَ : إِنَّ هَذَا الَّذِي قَصَّ اللَّه فِي هَذِهِ السُّورَة , لَفِي الصُّحُف الْأُولَى { صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ فِي قَوْله : { وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى } فِي الصُّحُف الْأُولَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28662 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُف الْأُولَى } قَالَ : تَتَابَعَتْ كُتُب اللَّه كَمَا تَسْمَعُونَ , أَنَّ الْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى . 28663 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصَّحَف الْأُولَى صُحُف إِبْرَاهِيم وَمُوسَى } قَالَ : فِي الصُّحُف الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّه عَلَى إِبْرَاهِيم وَمُوسَى : أَنَّ الْآخِرَة خَيْر مِنْ الْأُولَى . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ قَوْله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اِسْم رَبّه فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى } : لَفِي الصُّحُف الْأُولَى , صُحُف إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن , وَصُحُف مُوسَى بْن عِمْرَان . وَإِنَّمَا قُلْت : ذَلِكَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ غَيْره , لِأَنَّ هَذَا إِشَارَة إِلَى حَاضِر , فَلَأَنْ يَكُون إِشَارَة إِلَى مَا قَرُبَ مِنْهَا , أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُون إِشَارَة إِلَى غَيْره . وَأَمَّا الصُّحُف : فَإِنَّهَا جَمْع صَحِيفَة , وَإِنَّمَا عُنِيَ بِهَا : كُتُب إِبْرَاهِيم وَمُوسَى . 28664 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الْخُلْد , قَالَ : نَزَلَتْ صُحُف إِبْرَاهِيم فِي أَوَّل لَيْلَة مِنْ رَمَضَان , وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاة لِسِتِّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَان , وَأُنْزِلَ الزَّبُور لِاثْنَتَيْ عَشْرَة لَيْلَة , وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيل لِثَمَانِي عَشْرَة , وَأُنْزِلَ الْفُرْقَان لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ . آخِر تَفْسِير سُورَة سَبِّحْ اِسْم رَبّك الْأَعْلَى